غايات التربية لدى أوليفيي روبول

image_pdf

مهاد إشكالي:

 عندما نتأمل ونفكر في غايات التربية والتعليم -حسب روبول- آنذاك نكون بصدد التفلسف، أو نقوم بمهمة فيلسوف التربية، وذلك لأن غايات التربية والتعليم مسألة جد مهمة وحاسمة، وغالبا ما تتجنبها العلوم المختصة بالتربية، لأنه بكل بساطة لا يمكن إنتاج نظريات علمية صارمة حولها، فتبقى الغائية خصيصة التفكير الفلسفي بامتياز، لكن عندما نتحدث عن هذه الغائيات فهي تختلف كثيراً من مجتمع لآخر، إن لم نقل أنها تختلف كذلك من ثقافة لأخرى داخل المجتمع الواحد، ونؤكد اختلافها أيضاً بين أفراد النوع الواحد، فلكل منا غاية يتوخاها من التربية والتعليم، بمعنى أن هناك غرضًا في نهاية المطاف ينتظره من التربية، أو هناك مرمى أساسيّ يريد الخلوص له وبلوغه بعد عملية التربية المعقدة، هذا ما سنستشفه في هذا المقال، وذلك بعد طرح مجموعة من الأسئلة الإشكالية الموجهة نحو التحليل والمناقشة وهي كالآتي:

كيف يعرف روبول التربية؟

هل هناك غايات في التربية؟

ما هي غايات التربية في الأنماط الخمسة للخطاب البيداغوجي؟

من أجل الإجابة عن الأسئلة أعلاه، نشير أولاً إلى سؤال ما التربية؟ يجيبنا روبول عن هذا السؤال المتعلق بماهية التربية وحقيقتها الثابتة بتعريفين مختزلين هما كالتالي:

«التربية هي العمل الذي يخول كائنا إنسانيا أن ينمي استعداداته الجسدية والفكرية، كما ينمي مشاعره الإجتماعية والجمالية والأخلاقية في سبيل إنجاز مهمته كإنسان، ما إستطاع إلى ذلك سبيلا، وهي أيضاً نتيجة ذلك العمل» [1] (1973).

«ينبغي أن نفهم من التربية التكوين الشامل للإنسان، والذي لا يعتبر التكوين المختص والتعليم ذاته سوى أجزاء منه. فالتربية هي مجموع السيرورات التي تسمح للطفل البشري بالوصول إلى حالة الثقافة، الثقافة باعتبارها ما يميز الإنسان عن الحيوان» [2] (1984).

وهذا التعريف الأخير سيصبح هو التعريف الأكثر اعتمادا واستعمالا لدى روبول، الذي سيعترف به سنة 1998 حيث يقول: «التربية هي مجموع السيرورات والطرق التي تسمح لكل طفل بشري بأن يقترب تدريجيا من الثقافة، الاقتراب من الثقافة باعتباره ما يميز الإنسان عن الحيوان» [3].

إذن من غايات التربية لدى روبول ليس خلق ذلك المواطن الصالح والطيع لأوامر الدولة، ولا إلى إدماج الطفل في الحياة الإجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الدينية، إلخ، بل هدفها وغايتها الأساسية هي تكوين الإنسانية في الإنسان، أو جعل الإنسان إنسانا، وذلك أن الإنسان لا يولد إنسانا بالفطرة، كما لا يصبح الإنسان إنسانا من خلال التربية السلبية الطبيعية كما لدى روسو، أو من خلال الترويض المصطنع كما هو الحال مع النظرية السلوكية والجشطلت في التربية، إنما يصبح الإنسان إنسانا بوساطة التربية، إذن سيخبرنا روبول بأنه لا وجود لطبيعة إنسانية بالفطرة، بل ما يجعل من الإنسان إنسانا هو التربية، هذه النزعة الكانطية لدى روبول ستضم التربية أيضاً، وذلك من خلال جعل الإنسان محور كل عملية تربوية وتعليمية، بل الغرض في نهاية المطاف هو الرقي والتقدم بالإنسان نحو الكمال.

لذلك سيعمل على نقد تصور إيميل دركهايم الذي يدعو إلى تربية الإنسان من أجل دمجه داخل خندق المجتمع، وتربية الطفل من أجل ذلك الطفل والتي نجدها لدى روسو، فلماذا لا نربي الإنسان من أجل الإنسان ذاته، أي الإنسانية، هكذا يعلن صراحة روبول «إننا لا نربي الطفل من أجل أن يبقى كذلك. كما أننا لا نربيه من أجل أن نجعل منه عاملا ومواطنا، إننا نربيه من أجل أن نجعل منه إنسانا؛ يعني كائنا قادرا على أن يتواصل ويتحد مع الآثار والبشر» [4] ، يضيف «هكذا يبدو لنا أن غاية التربية هي السماح لكل واحد بتحقيق طبيعته في حضن ثقافة ينبغي أن تكون إنسانية حقاً » [5].

إن الغاية الأولى والأخيرة من التربية هي تربية الإنسان من أجل الإنسان، أي تربية الإنسان من أجل الإنسان ذاته وبذاته ولذاته وفقط، وذلك لغاية يمكن أن يربي الطفل  نفسه بنفسه لنفسه بدون الاستناد على الآخرين، ومعنى كل هذا أن التربية غاية في ذاتها، أي ونحن نتأمل غايات التربية، نجد أن غاياتها تكمن في ذاته ليس لغرض عارض عنها، فلا يمكن فردنة التربية، وجعل التربية تتوجه نحو فرد معين، كما لا يمكن تحديد العديد من الأهداف وجعلها غايات للتربية، كما هو الأمر مع بيداغوجيا الأهداف، لذلك يجب علينا العمل على أنسنة التربية، أو جعلها إنسانية، وتكون إحدى غاياتها الكبرى هي الإنسانية، لا غير، كما هو الأمر مع كانط، و آلآن أو إيميل شاترييه وباشلار وأوبير وغيرهم، فالتربية -دائما حسب روبول- ليس غرضها تكوين راشدين وبالغين وناضجين تبعا لنموذج معين؛ بل هي تهدف بالأساس إلى تحرير الإنسان من كل المثبطات التي تمنعه من تحقيق ذاته، والانسجام معها، هذا النموذج المعين في التربية يجب التخلي عنه بتاتا، لأنه يوقعنا في مضادات التربية والتعليم، وذلك عندما يضفي على ذلك النموذج نوعاً من التقديس، لا وجود لنموذج معين في التربية ولا يمكن أن يوجد، لأن من مخاطر التربية النموذجية أنها قد تجعل من البشر آليين، أو تركز على جعل الإنسان آلة، لا يستطيع من خلالها أن يفكر، أو يفهم ما الذي يفعله ولماذا يفعل كل ذلك، إن النموذجية تقيد وتقتل الإبداعية التي تميز الإنسان.

يمكن أن نراهن على عمليات التفكير والفهم والتعقل، لأنهما يمكننا من القدرة على توظيف ما تعلمناه في أوضاع جديدة ومبتكرة، الفهم عملية مهمة جداً في التربية، فهو ما يجعل من الإنسان إنسانا، باعتباره كائنا قادرا على موضعة ذاته، والإحاطة بكل الوضعيات وإدراكها والتكيف معها.

 بعد ذلك يخبرنا روبول إن غايات التربية هي كالآتي:

  1. مرمى التربية هو تكوين الإنسان الكامل.
  2. غاية التربية هي الانفتاح الحر للفرد.
  3. ينبغي على التربية تكوين الطبع مع امتثالية فكرية.
  4. ينبغي على التربية أن تطمح إلى إثارة التفكير وتكوين الحس النقدي.

سيميز روبول بين المرمى والغاية والوسائل، ذلك أن « مفهوم الغاية، بدوره، مفهوم غير مستقل عن مفهوم الوسائل.» [6]، و يضيف أيضاً «سأميز، عن طريق السهولة، من الآن فصاعدا، بين الغاية والمرمى، فمرمى نشاط ما هو فكرة نتيجة خارجة عنه. أما غاية نشاط ما فهي على العكس داخلية، […]، فالغاية مجانسة للوسائل.» [7].

هناك العديد من الوسائل التربوية المتنوعة، مما يجعلنا نجعل من هذه الوسائل غايات تربوية في نفس الوقت، وهي كالآتي:

  1. يجعل السيكولوجيون الحنان الأمومي وسيلة ضرورية للتفتح النفسي والجسدي للطفل، الحنان هنا وسيلة وغاية في نفس الوقت.
  2. الموضوعية واحترام الحجة والاستدلال غايات العقل العملي
  3. المنهج التوليدي السقراطي وسيلة لإثارة التذكر، إن التوليد غاية في ذاته.
  4. دينامية الجماعة وتنشيط التواصل، أيضاً ليس وسيلة لتكوين الطفل من أجل العمل، بل هو غاية في ذاته أيضاً، يجعل من الطفل يشعر بقيمة التعاون والعمل داخل الجماعة.
  5. يخبرنا أرسطو أنه بممارستنا لأفعال الشجاعة نصير شجعان، وبممارستنا لأفعال الشرف نصير شرفاء، إذن بممارستنا لأفعال أخلاقية نصير أخلاقيين وهذه هي غاية التربية الأخلاقية.

يكتب جون ديوي: «غاية التربية هي السماح لكل فرد بمتابعة تربيته» (الديمقراطية والتربية 1944 ص: 100)، إذن تصبح هذه الغاية هنا هي أن يصبح كل فرد من أفراد المجتمع قادرا على تربية نفسه بنفسه لنفسه، بوساطة التعليم والتربية الذاتية.

إذن يجعل روبول من غايات التربية أولا صعوبة الوصول إليها، ثانياً الوسائل التي تستخدمها هي ذاتها تربوية، ثالثاً أن تكون غايتها هي ذاتها وسيلة لمتابعة التربية [8].

لذلك لا يمكن جعل التربية رهينة بالترويض أو السيطرة والتلاعب، أو حتى المذهبة، فالتربية لا تفرض ذلك النوع من القيود والحتمية والإكراه، لا بد للتربية من احترام الحرية، باعتبارها نهاية وغاية في الآن نفسه.

كما نجد لدى روبول التأكيد على التربية الأخلاقية؛ «فالتربية التي هي جديرة وحدها بهذه التسمية هي تلك التي لا تكتفي بترسيخ تصرفات سليمة، وإنما تطور المسؤولية والإستقلال.» [9]، فغاية التربية الأخلاقية إذن ليس ذلك الترسيخ لمبادئ أخلاقية صرفة، بل العكس تماماً هو تطوير قيم تحمل المسؤولية والاستقلالية الحرة للإرادة لدى الطفل، فالتربية الحقيقية هي تلك التي تركز على الحس النقدي، «بعبارة أخرى إنه لا يتقدم -التعليم الحقيقي- دون المجازفة بكون تلاميذنا سينتهون إلى التفكير بطريقة مخالفة لنا.» [10]

يختصر لنا روبول كل ذلك ويقول «إن تربية تتخذ من الحرية غاية لها، هي تلك التربية التي تعطي للمربين القدرة على الاستغناء عن المدرسين، والقدرة على متابعة تربيتهم الخاصة بأنفسهم، القدرة على اكتساب معارف جديدة بأنفسهم والعثور على معاييرهم الخاصة.» [11]

هنا نجده يركز كثيراً على ملكة الحرية التي يتميز بها كل طفل منذ حداثة سنه، إنها تلك التلقائية التطورية، حيث ينظر الطفل إلى ما وراء ذاته، يكتشف العالم، ويحاول أن يشكل تصورا حوله، إنها تمثل حيوية إنسانية حسب جان شاطو، هذه الأخيرة تجعل من الطفل خصيصة للتعلم، أي له قابلية مثيرة جداً لتعلم كل شيء، لا يجب علينا تقييد وتفويض هذه الحيوية والنشاط اللذان يميزانه عن باقي الموجودات، تتمثل هذه الحرية في اختيارات الطفل، هذه الحرية ليس لها من معنى غير الاستقلال الذاتي والحر للإرادة، إذن فالطفل قادر على تعليم ذاته بذاته ولذاته، كما يضع تعليمات تخصه هو لنفسه، هذه التعليمات هي ما تعبر عن التربية والتعليم الذاتي.

يجب علينا تربية الطفل بواسطة الحرية (بوصفها وسيلة) ومن أجل الحرية (بوصفها غاية في ذاتها)، إذن غاية التربية هو الأخذ بمخاطرة الحرية، ذلك أن هذه الأخيرة، هي ما تميز الإنسان، إن لم نقل ما تجعل منه إنسانا، فهي حاضرة فيه منذ فجر الحياة، وهي ما تجعلنا نميز كل الوسائل التعليمية التعلمية القائمة على الترويض المصطنع والجمود والمذهبة.

يعبر عنها روبول بالقول «إن التربية ليس لها من غاية سوى ذاتها، وإننا لا نربي الأطفال من أجل مرمى خارجي، مثل التكيف الاجتماعي أو الإنتاج الاقتصادي «وإنما من أجل تربيتهم»، يعني من أجلهم.» [12]، هذه التربية الغائية في ذاتها وليست وسيلة هي ما سيميز فلسفة روبول التربوية، لذلك سيعمل على الرد حتى على الانتقادات التي يمكن أن توجه عليه بالقول « سوف يرد علي بكون هذه النتائج نخبوية، بكونها نتائج المجتمعات التي تحتفظ بالتربية الحقة لطبقة قليلة من الأرستقراطيين وتكرس أطفال الشعب لترويض وتعلم موجهين لجعلهم عاملين بالنظام الإقطاعي، مفيدين وطيعيين، […]، إلا أن هذا الامتياز الممنوح للأرستقراطية يمكن وينبغي، الآن، أن يصير حقاً لجميع الأطفال. وبعبارة أخرى حقاً لكل البشر.» [13].

هذه الفقرة الأخيرة من الكتاب التي هي بمثابة خاتمة الكتاب، جد مهمة، بل هي ذلك الرهان أو البعد المبتغى من تأليف الكتاب، رغم أنه اعتبرها ذلك الرد أو النقد الذي سيوجه إليه، بعد تصدير الكتاب، خاصة بكون النتائج التي توصل إليها جد نخبوية، وذلك بكونها نتائج موجهة لصالح الطبقة المثقفة والواعية التي لها حظها من وسائل الإنتاج والتي تركز كثيراً على التربية وتثقيف أولادها عن طريق تلك الحرية ولغرض الحرية ذاتها التي يدعوا لها روبول، وتكرس أطفال لترويض وتعليم موجهين وذلك بغرض إدماجهم في العمل بالمصانع والمعامل التي يمتلكونها في الأصل ويرغبون في تطويرها، ويحددون مسبقا المناصب الشاغرة ومواصفات من يرغبون في الاشتغال بها، ويعملون على تطويع التربية والتعليم لخدمة هذه المصالح!، يريدون إنسانا خدوما ومطيعا ومفيدا، أو آلة لا تفكر، يفكر فيما يريد، لكن يطيع!، هنا سيجيب روبول، بأن له رغبة في أن يجعل هذا الامتياز الممنوح الطبقة الأرستقراطية إمتيازا عموميا وحقا لجميع الأطفال وبعبارة أخرى كما قالها هو حقاً لكل البشر، أو حقاً إنسانيا كونيا وشموليا ومطلقا.

سننتقل الآن إلى غايات التربية من خلال تلخيص الأنماط الخمسة للخطاب البيداغوجي الذي عده أوليفيي روبول.

 أولاً: الخطاب الرافض، أو الفوضوي، ذلك أنه يرفض المدرسة، نشير هنا إلى مجتمع بلا مدارس لصاحبه إيڨان إيليتش، حيث أنه يرفض بشكل كلي المدرسة، ضد بيداغوجي، لعل من غايات التربية لديه هو تحقيق مجتمع بدون طبقة، كما يتميز بالطابع الماركسي والتحرري والنفسي التحليلي، ينحدر كذلك من العدمية!

ثانياً: الخطاب المجدد أو التجديدي، ينطلق من الطفل، أو من المتعلم بصفة عامة، منفتح على الحياة، أو يضع المدرسة في موضع الانفتاح على الحياة، مستمر ومتواصل، متنوع البيداغوجيا، من غاياته التفتح الفردي والتعاون من خلال بيداغوجيا تعاونية، يدعو إلى دمقرطة التعليم، فيه الكثير من الإبداع، ذو نزعة فلسفية روسوية جديدة، لا توجيهي، يستند كذلك إلى نظرية التحليل النفسي، فيه العديد من الغموض الفكري.

ثالثاً: الخطاب الوظيفي، يسعى هذا الخطاب إلى الدقة والموضوعية والفعالية، يستند على البيداغوجيا العلمية، من غاياته سيطرة الإنسان على الطبيعة، وإدماج الفرد داخل المجتمع، يحدد الأهداف بدقة، يركز على السلوك الإجرائي القابل للقياس، يقوم على علم النفس السلوكي، وذي بعد اقتصادي، علموي.

رابعاً: الخطاب الإنساني أو الإنسانوية، يتميز بتركيزه على الثقافة الاتباعية، أولية المحتويات والمضامين، يرتكز على بيداغوجيا القطيعة، من غاياته نجد استقلال الحكم؛ التمسك بالتراث الثقافي دائماً، علموي أيضاً، من اليسار، من اليمين، مسيحي، ملحد، نخبوي، نتلمس فيه المحافظية البيداغوجية.

خامسا: الخطاب الرسمي، دائماً متفائل، وإصلاحي، تلفيقية، من غاياته الإجماع الوطني، يهتم بالتكوين المهني الأفضل، معد من طرف الحكومة، تنظيم دولي، متفق عليه من طرف الجميع، ينحدر من اللفظية والإرادوية، يستعمل أفعالا مبنية للمجهول، «خصوصا» و«غير أن»، «وذلك من خلال»، إلخ.

رغم أننا في حقيقة الأمر، نلحظ لدى روبول العديد من الانتقادات الموجهة لكل هذه الخطابات خاصة الخطاب الإنساني، إلا أن المترجم عمر أوگان رأى أن روبول «يلتقي مع هذا الخطاب في التأكيد على تربية الإنسان عن طريق الثقافة؛ إلا أنه يختلف معه في نقطة أساسية تتمثل في جعل هذه الثقافة حكرا على نخبة معينة، بل حكرا على جميع الأطفال، أو بعبارة أخرى جعلها حقاً لكل البشر.» [14]

ويؤكد على ذلك في هوامش الخاتمة فيقول «شخصيا أضع خطاب روبول ضمن الخطاب الإنساني.» [15].

 ختاما، نقول إن الغرض من هذا المقال كان هو كما عنوناه بـ “غايات التربية لدى أوليفيي روبول” هذه الغايات التي خلصنا لها معه، في كون التربية غائية في ذاتها، وبالتالي لا غاية لها ولا غرض أو مرمى أو حتى مقصد من غير كونها هي غاية في ذاتها، حيث حتى عندما نضع وسيلة من وسائل التربية، يكون الغرض منها في النهاية هو بلوغ مقصد معين، يجب علينا التفكير في تلك الوسائل التربوية، ونجعل منها غاية في ذاتها، لذلك يتحدث عن التربية من أجل الحرية أو بواسطة الحرية، حيث تصبح هنا التربية غاية من خلال لفظة «من أجل»، ثم وسيلة من خلال لفظة «بواسطة»، هذه الفكرة مهمة جداً لدى روبول لفهم الغاية وتمييزها عن الوسيلة، إضافة إلى فكرة تربية الأطفال من أجل تربيتهم، يعني من أجلهم، هذا يعني أن غرض التربية وغايتها هو لأجلها وفقط، كما نلحظ أيضاً لدى روبول نزعة فلسفية إنسانية مستقاة من كانط وألآن، كما لحظها المترجم، زد على ذلك أن روبول كان يسعى إلى جعل الامتياز الممنوح للطبقة الأرستقراطية أن يصير امتيازا أو حقاً لجميع الأطفال، أو كما أعلنها هو حقاً لكل البشر، هذا دليل قاطع آخر على نزعته الإنسانية الكونية والشمولية.
_________

مسرد المراجع والمصادر المعتمدة:

[1] – أوليفيي روبول، فلسفة التربية، الصادر سنة 1989، ترجمة عبد الكبير معروفي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1994، ص 14.

[2] – Oliver Reboul, Le langage de l’Éducation , Presses Universitaires de France , p 61.

[3] – Oliver Reboul, La philosophie de l’éducation, p 25.

[4] – [5] – Ibid p 24-25.

[6] – [7] –[8] – [9] – [10] – [11] – أوليفيي روبول، لغة التربية تحليل الخطاب البيداغوجي، ترجمة عمر أوگان، أفريقيا الشرق، 2002، ص ص 187-188-192-195.

[12] – [13] – المرجع نفسه، ص 196.

[14] – المرجع نفسه، ص 32.

[15] – المرجع نفسه، ص 206.

___________

*محمد فراح: طالب في المدرسة العليا للأساتذة بالرباط، سلك الإجازة في التربية تخصص التعليم الثانوي التأهيلي -الفلسفة، السنة الثالثة.

جديدنا