قراءة في إصلاح التعليم التونسي لعامي 1958 و1991

image_pdf

مقدِّمة

شهدت البلاد التونسيَّة منذ استقلالها الوطني ثلاث تجارب إصلاحيَّة في مجال التعليم ولا زالت الرابعة في طور الإنجاز. وقد وردت كلُّ تجربةٍ في إطارٍ تاريخي معيَّن وخاصّ بها. فإصلاح سنة 1958 تمَّ اعتباره إحدى أوجه بناء مؤسَّسات الدولة الوطنيَّة سواء بالإحداث أو التونسة. أمَّا إصلاح سنة 1991 فقد جاء نتيجة المتغيِّرات الوطنيَّة والدوليَّة وحالة الارتباك والتخبُّط التي شهدتها تونس منذ نهاية حقبة السبعينات في المجال التربوي. أمَّا إصلاح سنة 2002، فهو المشروع التربوي للنظام القائم آنذاك.

وسيقتصر هذا العمل على إصلاحي 1958 و1991 ولن يكون مجرَّد سرد للأحداث بل محاولة في قراءةٍ نقدية تنزّل المشروعين في إطارهما التاريخي وإبراز بعض النقاط الغامضة حول تلك التي تواصل الجدل بشأنها. فهناك من يعتبر أنَّ إصلاح 1958 من إعداد الفرنسيّين ولم يقم التونسيّون سوى بتطبيقه وهناك من يرى العكس. وكذلك الأمر بالنسبة إلى إصلاح 1991 فهناك من ينسبه بكل علاّته إلى محمّد الشرفي.

وإضافة إلى تقسيم العمل إلى عنصرين يخصُّ كل عنصر إصلاحا بذاته، وقع تقسيم كل عنصر إلى قسمين، يهتمُّ الأوَّل بحيثيّات الإصلاح ومحاولة تحليل الظروف العامَّة التي ألمَّت به وتنزيله في إطاره التاريخي ويخصُّ الثاني تقديم ملامح الإصلاح.

  1. إصلاح التعليم لسنة 1958

رغم مرور حوالي 60 سنة على الإصلاح التربوي لسنة 1958 فإنّه لا زال يثير الجدل بين المهتمِّين بالشأن التربوي وذلك لعدَّة أسباب، لعلّ من أهمّها ارتباط ذلك الإصلاح بحدث الاستقلال من ناحية، باعتباره إحدى دعائم الدولة الوطنيَّة، ومحاولته فكّ الارتباط مع النظام التعليم الفرنسي الموجود في البلاد التونسيَّة منذ سنة 1883، من ناحيةٍ أخرى.

  1. إصلاح 1958: خيار وطني أم أمر واقع فرنسي

لقد ظلَّ التساؤلقائما طويلا حول إصلاح 1958 بين السيادة الوطنيَّة والتدخُّل الخارجي، لكن هل الإصلاح هو ما نتج عن أعمال اللجان التي اشتغلت لبضع الأشهر، أم تتويجا لمسارٍ إصلاحي انطلق بعد الحرب العالميَّة الثانية وتدخَّل فيه أكثر من طرف؟

تذهب القراءات إلى أنَّ إصلاح 1958 ليس سوى استنساخ لمشروعٍ فرنسي قدَّمهُ الفرنسي “دوبياس” J. Debisse[1]الذي أعدَّ تصوّرا لإصلاح التعليم سنة 1943، لكنَّهُ لم يحظَ برضا الفرنسيِّين أو التونسيِّين على حدٍّ سواء وهو مشروع يمتدُّ على خمس سنوات، وقد نصَّ على تقسيم التعليم الابتدائي إلىمرحلتين، تمتدُّ الأولى على ثلاث سنوات من الأولى إلى الثالثة، وفيها تكون العربيَّة لغة تدريس إضافة إلى تعليم اللغة الفرنسيَّة كلغة ثانية، انطلاقا من السنة الثالثة في حين تمتدّ المرحلة على الثلاث سنوات الموالية من الرابعة إلى السادسة وفيها تصبح الأولويَّة للغة الفرنسيَّة[2]. ورغم أنَّ المشروع كان موجَّها أساسا إلى التلاميذ التونسيِّين دون غيرهم، فإنَّهُ قوبل برفضٍ مزدوج: رفضته إدارة التعليم العمومي وغلاة الاستعمار بتعلّة الخطر الذي قد يسبّبه للوجود الفرنسي ذاته، ولم يكن محلَّ قبولٍ من زعماء الحركة الوطنيَّة؛ لأنَّه لا يستجيب للمطالب الوطنيَّة في مجال التعليم في حدودها الدنيا[3]. ورغم فشل بعض التجارب الإصلاحيّة فإنَّ المحاولات لم تتوقَّف، ومن ذلك مشروعين تمَّ تطبيق بعض مكوّناتهما في نهاية الاربعينات وبداية الخمسينات.

ومن بين محاولات الإصلاح في مجال التعليم، خلال الأربعينات، يمكن الإشارة إلى بعض الإجراءات الاستباقيَّة التي أمر بها الجنرال “ماست”[4] خلال تولِّيه الإقامة العامَّة (1943- 1947)، وصدرت سنة 1944 ومن أهمّها تخصيص حيِّز زمني إضافي للغة العربيَّة بالنسبة إلى السنة أولى من التعليم الابتدائي دون أن يمسَّ ذلك من مكانة اللغة الفرنسيَّة. ولتفادي إرهاق التلميذ تمَّ العمل على التخفيف من البرامج الرسميَّة. كما تمَّ إحداث باكالوريا باللغة العربيَّة بالخلدونيَّة غير أنَّها لم تحظَ بإشعاع كبير بين التونسيين بما أنّها لم يكن لها آفاق مهمَّة بالنسبة إلى الراغبين في مواصلة التعليم العالي[5]، وذلك رغم تأسيس معهد الدراسات العليا، كفرع من جامعة باريس، وتخصيص واحدة من إجازاته الأربع للغة العربيَّة[6].

وفي إطار النفس الإصلاحي الذي انتشرَ بشكلٍ واسع إثر الحرب العالميَّة الثانية سواء من قبل الفرنسيِّين الراغبين في الحدِّ من التوتّر بمستعمراتهم أو من قبل التونسيّين الذين لاحظوا أنَّ الفرصة مناسبة لتحقيق أكثر ما يمكن من مطالبهم. برز دور الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال الجامعة العامَّة للتعليم ومن رموزها محمود المسعدي الذي سيتولَّى الإشراف على قطاع التعليم لاحقا. ومن أبرز ملامح مشروع الاتِّحاد التعريب الكلِّي للسنة الأولى ابتدائي وتعريب جزئي في بقيَّة السنوات، من خلال تخصيص 14 ساعة للغة العربيَّة في السنتين الثانية والثالثة، و9 ساعات بالنسبة إلى بقيَّة السنوات. وخلال سنة 1949 اقترحت الجامعة العامَّة للتعليم مشروعا لإصلاح التعليم وقع القبول به بعد عرضه على مجلس التعليم العمومي وتعديله في 22 سبتمبر 1949 ومن بين أهمّ توجّهاته دعم حضور اللغة العربيَّة وخاصَّة كلغة تدريس بالعديد من المستويات الدراسيَّة إضافة إلى مراجعة نظام التعليم الثانوي والتقني في إطار مزيد دعم حظوظ الأطفال التونسيّين مقارنة بنظرائهم من بقيَّة الجنسيَّات[7]، وهي إجراءات سنجد لها صدىً في إصلاح 1958[8].

 ومخافة خروج قطاع التعليم من يدها عملت إدارة التعليم العمومي على إعداد مشروع مشابه بهدف النهوض بالتَّمَدْرُس. ويمتدُّ هذا البرنامج على عشرين سنة تراعي التطوُّر السريع لعدد السكَّان وبالتالي التطوُّر السريع لعدد الأطفال في سن التمدرس خلال الفترة الممتدَّة من 1949 إلى[9]1969، فقد كانَ عدد التونسيين سنة 1936 في حدود 2608310 نسمة وارتفع إلى 3230952 سنة 1946 ومن المتوقَّع  أن يبلغ عددهم 4500000 سنة 1966 وينطبق نفس التطوُّر على عددِ الأطفال في سنِّ التمدرس (من 5 إلى 14 سنة) فقد كان سنة 1946 في حدود 957619 ومن المرجَّح أن يصلَ إلى 980000 سنة 1966، ويتطلب ذلك التطورّ رصد اعتمادات إضافيَّة وخطَّة استثنائيَّة لنشر التعليم[10].

تمثَّلت الفكرة الشائعة حول الإصلاح التربوي لسنة 1958 في انعقاد لجان مشتركة بين الحكومة والاتِّحاد العام التونسي للشغل لصياغة المشروع الذي صدرَ في شَكلِ قانون، إضافة تشكيل لجان لصياغة البرامج التونسيَّة الجديدة ومحاولة إنتاج كتب مدرسيَّة كذلك. وللإشارة فقد شهدت الفترة الانتقاليَّة بين 1955 و1958 بروز مشروعين لإصلاح المنظومة التربويَّة[11] حيث تلقَّى الرئيس الحبيب بورقيبة مشروعين اثنين.يُنسَب المشروع الأول إلىالعابد مزالي ويُعتبَر أقرب إلى الأمين الشابي من محمود المسعدي. وتغلب على هذا المشروع النزعة النخبويَّة. وهو مشروع حذِر يراعي محدوديَّة إمكانيَّات البلاد التونسيَّة. يفضَّل التقدُّم ببطء وبهدوء، دون تسرُّع إلى حين توفر الإمكانيَّات (الماديَّة والبشريَّة) والتجهيزات التي تسمح بنشر التعليم بين الأغلبيَّة. ومشروع ثانٍ لمحمود المسعدي، ومن ورائه المنظَّمة الشغيلة وقد أُعتبر المسعدي أنّه كان أكثر استعدادا لتقديم مشروع وتنفيذه من خلال رصيده في الاتِّحاد العامّ التونسي للشغل حيث كان رئيس الجامعة القوميَّة للتعليم. ومشروع المسعدي هو توظيف لمشروعٍ سابق بلوره المرحوم أحمد عبد السلام في بداية الخمسينات ضمن نشاطه بالاتّحاد العامّ التونسي للشغل[12]. وقد اعتبر عبد القادر المهيري أنّه بالنسبة إلى تلك المرحلة كان الرجلان مهيئين لتقديم مشروع، وهو مشروع ربما يستجيب أكثر للمطالب الوطنية لفتح أبواب التعليم أمام التونسيين. ومشروع المسعدي هو الذي قبله بورقيبة. (مشروع له منطقه الداخلي المتمثِّل في قانون 1958) ونفَّذته كتابة الدولة للتربية القومية والشباب والرياضة بداية من سنة 1958. وصدر كتاب “نظامنا التربوي” لمحمود المسعدي ويقدِّم حصيلة تجربته على رأس الوزارة. ولعل اعتبار إصلاح 1958 إنجازا فرنسيا صرفا يتميَّز بالكثير من المغالاة أمَّا التأثيرات الفرنسية فلا يمكن إنكارها لا سيّما وأن البرامج قد تمَّ مواصلة العمل بها مثل الخاصَّة منها بالفرنسيَّة، بالمقابل تمَّ إحداث لجان لإعداد برامج جديدة بإشراف أحمد عبد السلام[13].

  • الملامح العامَّة وصعوبات التنفيذ

أصدرت كتابة الدولة للتربية القوميَّة كتاب “انبعاثنا التربوي منذ الاستقلال[14]” وهو تفصيل لمشروع إصلاح التعليم الذي شُرِعَ في تطبيقه سنة 1958 وقد نصَّ في مبادئه العامَّة على مبدأ المساواة بين الجنسين في إطار تكافؤ الفرص، لاسيّما أنَّ تعليم الفتيات مثَّل قضيَّة أساسيَّة زمن الاستعمار بين مؤيِّدٍ ورافض فأصبحت “أبواب التربية والتعليم مفتوحة في وجوه جميع الأطفال ابتداءً من سن السادسة”[15] لكن دون أن يرتقي ذلك إلى مستوى الإجباريَّة التي ظهرت في قانون 1991. ويحدِّد الفصل الرابع درجات التعليم ويقسمها إلى أربع وهي: التعليم الابتدائي ومدَّته ستّ سنوات، والتعليم الإعدادي وهو ثلاث سنوات (عامّ وتجاري وصناعي)، والتعليم الثانوي ومدّته ستّ سنوات (مقسَّمة على مرحلتين) والتعليم العالي.

وكان لتقسيم المؤسَّسات التعليمية بين وزارة التربية القومية والبعثة الثقافية الفرنسية، أثر بالغ على حسن سير الكثير منهافبعض المدارس كانت فرنسيّة صرفة، رغم أنّ التونسيين يمثِّلون غالبيَّة تلاميذها، وهو ما طرح إشكاليَّات بيداغوجيَّة ظهرت للعيان بمجرَّد فكِّ الارتباط، فالمدرسة الفرنسيَّة قنطرة بنزرت، هجرها تلاميذها إبّان افتتاح السنة الدراسيَّة التي تمَّت يوم 3 أكتوبر 1955، دون حضور أيّ تلميذ، وإثر تدخّلات من إدارة المدرسة قدَّم 7 فقط لكنَّهم تغيَّبوا مجدّدا يوم 5 أكتوبر. وأمام تعنُّت الأولياء طلب المعلّم تدخَّل رئيس مصلحة التعليم الابتدائي الذي حوَّل صبغة المدرسة من فرنسيَّة إلى فرنكو-عربية، فقد تبيَّن أنَّ عدم قدوم التلاميذ يعود إلى غياب اللغة العربيَّة في التدريس والاكتفاء باللغة الفرنسيَّة فكان الغياب نوعا من الاحتجاج من قبل الأهالي على نوعيّة التعليم الذّي يتلقاه منظوريهم. وبفضل انتداب معلِّم مزدوج اللسان ارتفعت نسبة التسجيل ليصل عدد التلاميذ إلى 30 مسجِّلا يوم 11أكتوبر 1955، قبل أن يستقرَّ في حدود 40 مسجِّلا بعد أسبوعٍ واحد فقط، مع إشارة مدير المدرسة إلى تواصل طلبات التسجيل بعد ذلك[16]. وبتحوُّل إدارة المدرسة إلى تونس مطلع السنة الدراسية 1956-1956 تزايدت طلبات التسجيل وبادر المدير بالاتِّصال بالأولياء متسائلا عن سبب غياب الفتيات عن المدرسة وبعد حوارات سجَّلت مدرسة قنطرة ولأوّل مرَّة منذ تأسيسها، أي حوالي 50 سنة حضور فتاة بين المُسَجَّلين بالمدرسة[17].وليكن ذلك في الواقع سواء امتداد لتنامي الوعي الوطني بأهمّيّة تعليم الأطفال عامَّة سواء من الذكور والإناث على حدٍّ سواء. وقد ارتفع عدد التلاميذ إجمالا 49 تلميذا.وتواصل ارتفاع التلاميذ في السنة الموالية وخاصَّة بين الفتيات اللواتي وصلت أعدادهن إلى 8 تلميذات[18]. ولم تكن الصعوبات حِكرا على المدارس التونسيَّة بل شملت مدارس البعثة الثقافيَّة الفرنسيَّة ومن ذلك مدرسة الهند (حوش سابق) حسب شهادة المتفقدة المشرفة عليها وخاصَّة من ناحية ضعف التجهيز[19].

ومقابل الصعوبات البيداغوجيّة تعاملت بعض المدارس بالكثير من الطرافة مع التغيّيرات في الإشراف من إدارة التعليم العمومي إلى كل من وزارة التربية القوميَّة التونسيَّة والبعثة الثقافيَّة الفرنسيَّة ومن ذلك مدرسة الفتيات بباب الجديد بتونس وهي من المدارس العريقة تأسيسا بمدينة تونس فقد وقع تأسيسها في بداية القرن العشرين [20]. فقد استبقت إدارة هذه المدرسة اتفاقيَّات الحكم الذاتي وما أفضت إليه من نتائج وقامت بإحداث 4 أقسام جديدة فرنسيَّة عربيَّة وذلك منذ 15 أكتوبر 1955، وإثر اتفاقيَّات الحكم الذاتي أصبحت تحت إشراف وزارة التربية القوميَّة، لكن ذلك لم يؤدِ إلى تغييرٍ سريع ومؤثِّر على الحياة المدرسيَّة فقد واصل 20 قسما العمل باللغة الفرنسيَّة، رغم أنَّ غالبيَّة التلميذات هُنَّ من التونسيَّات 921 تلميذة من مجموع 1135، مقابل 198 فرنسيَّة فقط بتاريخ 30 جوان 1956[21].وتوصَّلت التغييرات  بشكلٍ سلس خلال السنة الدراسيَّة الموالية؛ فقد تطوَّر عدد الأقسام الفرنسيَّة العربيَّة ليصل إلى 15 قسما مقابل 4 فقط في السنة السابقة، وتراجُعِ الأقسام الفرنسيَّة من 20 إلى 12 فقط خلال السنة الدراسيَّة 1956- 1957[22]. أمَّا خلال السنة الدراسيَّة 1957 – 1958 فقد شمل التنظيم البيداغوجي للمدرسة 26 قسما فرنسيّا عربيّا في الجملة و6 أقسام فرنسيَّة فقط[23].

وقد مثَّلت مسألة الموارد البشريَّة أحد أهمّ الصعوبات التي واجهت المدارس التونسيَّة إثر  الانفصال عن المدارس الفرنسيَّة، فقد  فقدت الكثير من المدارس العديد من مدرِّسيها الفرنسيين الذي التحق بعضهم بالبعثة الثقافيَّة الفرنسيَّة، وخيّر آخرون العودة مباشرة إلى فرنسا، فالمدرسة الفركو-عربية بنهج المرّ (تونس) شهدت مطلع السنة الدراسيَّة 1958- 1958مغادرة كلّ المعلِّمات الفرنسيّات[24]، وقد انتقلت اثنتان منهن للعمل بفرنسا، ومن نتائج ذلك صعوبة إيجاد بدائل بين الإطار التربوي التونسي وهو ما سينتج ضرورة، تراجع مستوى التلاميذ. وقد وجد العديد من مديري المدارس صعوبات جمَّة في إرساء التنظيمات البيداغوجيَّة نتيجة نقص المعلِّمين من ناحية وضعف البنية التحتيَّة، أي قلَّة القاعات مقارنة بالأقسام، وهو ما حصل بالمدرسة الابتدائيّة بوشتاتة (باجة) وذلك مطلع السنة الدراسيَّة 1959- 1960[25] فالعدد الإجمالي للمعلِّمين كان سنة 1957 في حدود 6000 بينما تترفَّع الحاجيَّات الحقيقيَّة إلى حوالي 14 ألف معلِّم[26].

ومن الإشكاليَّات الأساسيَّة التي واجهت تطبيق إصلاح 1958 مسألة البنية التحتيَّة التي كانت محدودة رغم بعض الإجراءات الاستثنائيَّة مثل تأميم المدارس القرآنيَّة العصريَّة تأميم المدارس القرآنيَّة العصريَّة (تأميم 213 مدرسة ضمَّت 1038 قسما بداية من 1 أكتوبر 1956)  (الأمر العلي المؤرخ في 22 نوفمبر 1956) وبموجبه تصبح هذه المؤسَّسات مدارس ابتدائيَّة عموميَّة[27].وتمَّ الاشتغال على البرامج الرسميَّة فبداية  من مارس 1957 الى مطلع  السنة الدراسيَّة الموالية كانت كلّ البرامج  جاهزة وتمَّت طباعتها في كتيبات صغيرة ( صفراء) رغم قلَّة الإمكانيَّات. أمّا بالنسبةإلى وضع البرامج بالنسبة إلى الفرنسيَّة، فقد تمَّ الاستلهام من البرامج الفرنسيَّة وبالنسبة إلى العربيَّة اعتماد برامج المعهد الصادقي (الاستيحاء من هذه البرامج). ثمَّبدأ التفكير في إنجاز الكتب المدرسيَّة (محمد فيالة من واضعي كتب الرياضيات). وكتاب النحومن قبل مجموعة من المؤلِّفين منهم عبد القادر المهيري والتهامي نقرة. وعملا ضمن متعادلة فيها الزيتونيين والمدرسيين: متكوّنة من : التهامي نقرة- عبد الوهاب باكير – عبد القادر المهيري و طلب منهم تقييم هذا الكتاب ووقع  الاتفاق على إعداد دروس نحو قبل النظر في الكتاب.

وبعد حوالي 10 سنوات تمَّ عزل المسعدي في 1 جويلية 1968، كان ذلك  نتيجة ما دار في لجنة الدراسات الاشتراكيَّة(التي تتبع الحزب) من نقاشات ( بإشراف أحمد بن صالح)، وخصَّصت حصصا كثيرة لموضوع التعليم. وكان العديد من المشاركين من الزيتونيّين من الذين لم يرق لهم (ربما) مشروع المسعدي، وقد طُلب منه المجيء والدفاع عن مشروعه وهو ما تمَّ فعلا. ثم دعيت لجنة الدراسات الاشتراكيَّة للاجتماع مجدّدا في قصر قرطاج ووجَّه الرئيس بورقيبة  خطابا عنيفا إلى محمود المسعدي (الخطاب في الظاهر كان موجّها إلى حميدة باكير غير أنَّ الحقيقة عكس ذلك)، وبعد ذلك تمَّإنهاء مهامّ المسعدي.

ورغم خروج محمود المسعدي من وزارة التربية، فإنّ الاتِّحاد العامّ التونسي للشغل واصل حضوره القوي على رأسها من خلال شخصيّة أحمد بن صالح. وقد قضى هذا الأخير فترة قصيرة نسبيّا بكتابة الدولة للتربية القوميَّة، قام خلالها بإدخال بعض الإجراءات المحدودة في مستوى التعليم كالتوجيه لشعب الاقتصاد من السنة الثانية ثانوي وتدريس اللغة الفرنسيَّة (كلغة ثانية) في الابتدائي من السنة الأولى.

ففي مستوى التعليم الابتدائي تمَّت منذ سنة 1968 تونسة كافة الإطار التربوي والإداري بالاستغناء عن كافة المديرين والمعلِّمين الأجانب[28]، وقد تمَّ ذلك في ظروف بيداغوجيّة صعبة، فقد وقع انتداب المئات من المدرِّبين من الصنف الثاني وبصفة ارتجاليَّة ممَّا أثَّر على نوعيَّة التعليم[29]. ولتفادي النقص الحاصل في تكوين المعلِّمين والمدربين الذين وقع انتدابهم خارج مدارس الترشيح على أن يكتسبوا تكوينا سريعا قبل مباشرة عملهم وأن يستمر تكوينهم حتى بعد ذلك[30]. أمَّا في مستوى التعليم الثانوي تمَّ إطلاق تجربة توحيد التعليم الابتدائي والثانوي منذ السنة الدراسيَّة 1968- 1969[31]، وهي تجربة لم تعمِّر طويلا. وسجَّلت السنة الدراسيّة 1968- 1969 أعلى نسبة نجاح في الباكالوريا حيث وصلت إلى 62.2%قبل أن تتراجع إلى 41.2% بالنسبة إلى السنة الدراسيَّة 1970- 1971 نتيجة المقاييس الجديدة في النجاح مثل الترفيع في المعدَّل الأدنى المطلوب للإسعاف في الباكالوريا من 8 إلى 9/20. فقد أدَّت ظاهرة التسامح المفرط في امتحانات ختم الدراسات الثانويَّة إلى حدود 1970 إلى انحطاط مستوى التعليم بصفةٍ قطعيَّة وتدهوّر في وسائل التعبير عند المحرزين على الباكالوريا الذين يتقدَّمون إلى الجامعة بعددٍ متزايد ولكن بدون أيَّة مؤهِّلات حقيقيَّة وقد نتج عن ذلك ارتفاع نسب الرسوب في السنة الأولى من التعليم العالي[32]. كماوقع منذ سنة 1969 إقرار تجربة أقسام التدارك (ضمَّت أكثر من 7000 تلميذ من كبار السن وكثيري الرسوب…) وفي مطلع السنة الدراسيَّة 1971 – 1972 تمَّ إرجاع ما يقارب 28.000 تلميذ أو السَّماح لهم، استثنائيا، بالاستمرار في السنواتالنهائيَّة، غير أنَّ التجربة فشلت حسب شهادة الأساتذة الذين عُهِدت إليهم تلك الأقسام. وجود أقسام كاملة متكوِّنة من التلاميذ المستمرّين والذين اتَّصفوا بعدم الانضباط وسوء السلوك وقد ظهر ذلك بالخصوص أثناء الحوادث التي جدَّت في شهر فيفري 1972[33]. ولم تتوقَّف بعد ذلك القرارات والتغييرات النسبيَّة والشاملة بالنسبة إلى النظام التربوي التونسي، سواء خلال عشريَّة السبعينات وخاصَّة الثمانينات.

II-إصلاح التعليم لسنة 1991

كان التعليم من أبرز مشاغل التونسيّين خلال القرن العشرين، حيث كان مطلبا ملِّحا من فئات كبيرة ومثَّل إحدى نقاط الصِّراع مع الاستعمار الفرنسي. ووعيا بهذه الأهمّيَّة عملت إدارة التعليم، ومن خلفها إدارة الحماية، على إظهار اهتمامها به، ولم يختلف الأمر مع مختلف حكومات الاستقلال. حتى اختلط التربوي بالسياسي، فقد سارع الحبيب بورقيبة بإعلان إصلاح سنة 1958، غير أنَّه لم يتوقَّف ساعتها، فقد عملت مختلف الحكومات اللاحقة على الإدلاء بدلوها في هذا القطاع حتى أنَّنا بصدد إصلاحات وليس إصلاحا فقط.  وبالتزامن مع بروز ظاهرة المدرسة الأساسيَّة بالعالم بدأ صداها بالبروز بالبلاد التونسيَّة.

1-ضرورة وطنيَّة أم إملاءات خارجيَّة

اعتبر الحبيب بورقيبة أنَّ الإصلاح التربوي إحدى لبنات بناء الدولة الوطنيَّة المستقِلَّة[34]، غير أنّه لا بدّ من التنسيب، فالكلفة العالية للإصلاح التربوي من ناحية والحاجة إلى الاعتمادات الأجنبيَّة من ناحية والأجندات الخاصَّة بالقوى المستعمرات في مستعمراتها القديمة، كلّها عوامل قد تضيِّق على القرار الوطني وتحدُّ من هامش التحرُّك في أيّ مسار إصلاح للتعليم. ورغم التسويق الذي تمَّ للتعليم الأساسي من مختلف المستويات، فإن خيطا فاصلا فقط كان بين الاختيار الوطني والضرورة الخارجيَّة.

وككل نظام سياسي، سعت الحكومة المنبثقة عن انقلاب 1987 إلى تبنِّي الإصلاح التربوي وجعله من أولى ثمرات عملها الإصلاحي، وهو ما أكَّده الخطاب الذي ألقاه زيد العابدين بن علي بمجلس النوّاب يوم 7 نوفمبر 1988 وذكّر به زير التربية محمّد الهادي خليل[35] في بيانه بمجلس النوَّاب بمناسبة مناقشة ميزانيَّة الوزارة لسنة 1989، في جلسة 27 ديسمبر [36]1988، وقد أشرف على الاستشارة التي امتدَّت على سنتين وقدَّم نتائجها بالمناسبة. ومن ثمَّ سيرتكز الإصلاح في نظره على أربعة محاور كبرى تتمثَّلترسيخ”ديمقراطيَّة التربية والتكوين” و”تجذير الأجيال الصاعدة في الهويَّة العربيَّة الإسلاميَّة” و”القيم الحضاريَّة التي حدَّدها بيان السابع من نوفمبر 1987″ و”الأخذ بأوفر ما يمكن من أسباب النموّ والتقدُّم وخاصَّة منها العلوم والتكنولوجيا”[37]. كما أكَّدت الاستشارة على الإجماع على التعليم الأساسي فـ “القاعدة المتينة للإصلاح هي المدرسة الأساسيَّة” وهو ما أقرَّه المخطَّط السادس للتربية. كما أكَّد الهادي خليل أنّ تجربة المدرسة الأساسيَّة هي استنساخ لتجارب دول أخرى مع بعض التغيير مثل عدّ إبقاء التلميذ في نفس المؤسَّسة مدَّة تسع سنوات أو الارتقاء الآلي.

ومقابل هذا الخطاب الطويل الذي ألقاء الوزير  أمام النوَّاب محاولا إقناعهم بالتعليم الأساسي والانخراط التامّ في السياسة الجديدة التي رسمها النظام السياسي الجديد، يصرِّح الشخص نفسه مباشرة بعد الثورة التونسيَّة بين نهاية سنة 2010 وبداية 2011 بجريدة “الشروق التونسيَّة” بتاريخ 19 مارس 2011 تصريحا للسيد الهادي خليل وزير التربية وعضو مجلس النواب سابقامن 11 أفريل 1988 إلى 11أفريل 1989 عنوانه: «هكذا خطَّط نظام بن علي للقضاء على مجانيَّة وإجباريَّة التعليم” وذلك من خلال تحوير المشروع الذّي أُعدّ من قبل لجان تولى الهادي خليل الذّي سبق محمّد الشرفي على رأس وزارة التربية الإشراف عليها[38]. وقد تزامن عرض مشروع الإصلاح التربوي لسنة 1991 على مجلس النواّبمع ترأس الهادي خليل رئاسة لجنة التربية والثقافة والإعلام والشباب بمجلس النواب إثر انتخابات 1989. غير ان المتتبِّع للسيرورة التاريخيَّة منذ مطلع الثمانينات، يستنتج أنَّ الأمر لا يخرج عادة قديمة في الحكم، فالنظام الديكتاتوري يتولَّى أولا التخلُّص من مؤسِّسيه، وبالتالي مع ذكره الوزير الأسبق لا يخرج عن خانة ردِّ الفعل، خاصَّة وأن التصريح تأخَّر لأكثر من ثلاثين سنة.

وللإشارة فقد ظهر مصطلح التعليم الأساسي منذ ثلاثينات القرن الماضي وممَّن تداول في شأنه المفكِّر الهندي “غاندي” الذي عدّ التعليم الأساسي “تربية أساسيَّة تتضمَّن تعليمه عملا يدويّا نافعا يجعله منذ بداية تعلّمه عضوا نافعا في المجتمع[39]” وقد اهتمَّت به المنظَّمات الأمميَّة المختصَّة تعريفا وتخطيطا ومساعدة في التنفيذ. وقد تزامن النقاش حول إصلاح التعليم الذي بدأ في البلاد التونسيَّة منذ سنوات الثمانينات الأولى وتسارعت وتيرته في منتصفها مع البرنامج الموحَّد بين منظمتي اليونسكو واليونسيف الذي انتظمَ في الكويت سنة 1984 وتمَّ بالمناسبة اعتباره “مرحلة التعليم الأولى بالمدرسة التي تكفل للطفل التمدرس على طرق التفكير السليم تؤمِّن له حدّا أدنى من المعارف والخبرات والمهارات التي تسمح له بالتهيّؤ للحياة وممارسة أدواره كمواطن صالح منتج”[40]. وبدا واضحا، في تلك الفترة، رغبة السلط التونسيَّة في الاستفادة من التجارب الأجنبيَّة وذلك للفائدة العلميَّة والمادّيَّة التي يمكن أن تجنيها، لاسيّما مع الصعوبات الداخليَّة التي قد تجعل من الصعب تحمُّل الاقتصاد الوطني كلفة إصلاح تربوي شامل.

 وفي تقريرها للندوة العالميَّة للتربية في دورتها التاسعة المنعقدة بجوناف سنة 1984، أعلنت الحكومة التونسيَّة في تقريرها أنَّ “تونس تعمل حاليّا في نطاق إنجاز المخطَّط السادس على إصلاح النظام التربوي وذلك للملائمة أكثر بين متطلّبات التكوين وسوق الشغل ووقع التفكير في إحداث مدرسة أساسيَّة بتسع سنوات يليها تعليم ثانوي عامّ وفني وتقني”[41]. كما أقرَّت وزارة التربية، في ذات التقرير، بأنّها “تعمل على تشريك المنظَّمات الدوليَّة المخطَّطات القوميَّة للتنمية في مجال التربية والتعليم الابتدائي بالخصوص وفي تكوين الإطارات[42]” وتتدخَّل الأطراف الخارجيَّة من خلال المساعدة في تنظيم الملتقيات العلميَّة وتوفير تربّصات للإطار التونسي في الخارج إضافة إلى جلب الخبراء الأجانب[43]. كما تتدخَّل بالتمويل سوى عن طريق الهبات أو القروض. فالميزانيَّة المرصودة  لوزارة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، وتحديدا قسم التربية للاستثمار، ضمن المخطَّط (1987- 1991) كانت 164 مليون دينار، منها 24 مليون مصدرها قروض خارجيَّة، وذلك للإحداثات الجديدة في مستوى المدارس والمعاهد، ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة إلى التعليم العالي، فمن 106 مليون  دينار مخصصة للتجهيز منها 26 مليون متأتية من قروض أجنبيّة[44].

سياسيّا، تدخَّلت الحكومة التونسيَّة منتصف الثمانينات خلال فترة وزير التربية محمّد فرج الشاذلي[45] وشكَّلت لجان للعمل على إعداد إصلاح للتعليم[46]، وقد كان لذلك صدى في مجلس نوَّاب الشعب خلال مناقشة ميزانيَّة وزارة التربية خلال جلسة 20 ديسمبر 1986، وقد طالب بعض النوَّاب بإشراكهم في أعمال لجان الإصلاح، كما طالب آخرون بالنقاش حول الإصلاح المزمع إحداثه في أوساط الحزب الاشتراكي الدستوري[47]. وتواصل التداول لاحقا وأصبح الإصلاح مرتبطا بالنظام التونسي المنبثق بعد 7 نوفمبر 1987، حيث اجتمعت البرلمانيَّة يوم 25 نوفمبر 1987 ومثَّل الإصلاح أحد المحاور التي تداولت بشأنه ولإعداد “التوجُّهات الجديدة للسياسة التعليميَّة انطلاقا من المخطَّط السابع وبناء على التحوُّل التاريخي”[48]. وقد كانت اللجنة حذرة في تناول موضوع التعليم الأساسي، فقد أكَّدت أنَّ “قيامها على النحو المطلوب يبقى مرتبطا بالإمكانيَّات الماديَّة والبشريَّة والإجراءات المتَّخذة”، غير أنَّ التمشي الفعلي تمَّ عكس ما هو مخطَّط له، فبدل الشروع التكوين في الموارد البشريَّة قبل تنفيذ أيّ إصلاحات تمَّ انتداب 2600 معلّم من المتحصّلين على شهادة الباكالوريا عبر المحادثة الشفويَّة فقط[49].

ومثَّل الإصلاح التربوي الخاصّ بإحداث المدرسة الأساسيَّة أحد الأحداث البارزة في تاريخ تونس في العشريَّة الأخيرة من القرن العشرين وقد تمَّ خلال ثلاث فترات أساسيّة، فترة أولى للتخطيط من لجان التفكير تداخلت أعمالها بين الخيارات محدوديَّة الخيرات الوطنيَّة والإملاءات الأجنبيَّة ومن محمّد فرج الشاذلي، ثمَّ فترة إعداد المخطَّطات والتصوّرات خلال تولي محمّد الهادي خليل وزارة التربية والفترة الثالثة وهي فترة التنفيذ زمن تولي محمّد الشرفي لوزارة التربية. فقد تبيَّن أنَّ نسبة الإصلاح إلى محمّد الشرفي فيه الكثير من المغالاة، رغم أنَّ هو من  تولَّى الإشراف على التنفيذ كما هامش التحرُّك الوطني إجمالا كان محدودا، فإحداث المدرسة الأساسيَّة في تونس كان ضمن توجُّهٍ عربي وأممي أعمّ عبر منظمتي اليونسيف واليونسكو. لكن لابدّ من التأكيد أن لمحمّد الشرفي رؤية إصلاحيَّة أوردها في كتابه الإسلام والحرّيّة: سوء التفاهم التاريخي[50]، الصادر ست سنوات بعد إصلاح 1997.هذه إجمالا بعض الإضاءات حول الإصلاح التربوي لسنة 1991. فماذا عن ملامحه وبعض مخرجاته.

  1. ملامح مخرجات إصلاح سنة 1991

تمَّ الشروع في تطبيق الإصلاح التربوي خلال السنة الدراسيَّة 1989-1990 بحذف التعليم المهني وإقرار الجذع المشترك وإقرار المدرسة الأساسيَّة[51]. ففي كلمة له أمام مجلس النوّاب أكَّد وزير التربية محمد  الهادي خليل أنّ اختيار المدرسة الأساسيَّة كان منذ المخطّط السادس، وهي ليست مجرّد جمع بين التعليم الابتدائي والمرحلة الأولى من التعليم الثانوي، بل نتيجة تقييم لتجربة التعليم بتونس منذ سنة 1958. كما أكَّد أنّها مستلهمة من تجارب أجنبيَّة[52]. ومن أهداف المدرسة الأساسيَّة أيضا ضمان حدّ أدنى من التمدرسقدره 9 سنوات، يُبعد عن الطفل شبح الأميّة ويمكّنه من الضروريّات الدنيا التي بها يصبح مواطنا فاعلا في مجتمعه، وهو ما يتأكّد من الفصل الأوَّل من القانون عدد65 لسنة 1991 مؤرّخ في 22 جويلية 1991 المتعلِّق بالنظام التربوي وخاصَّة النقطة العاشرة منه والتي تؤكِّد على “تهيئة الشباب من مختلف المراحل التربويَّة لمواجهة المستقبل وإعداده إعدادا يمكنه من أن يساير – بعد الدراسة النظاميَّة – التغيّرات السريعة التي يشهدها العصر الحديث ومن الإسهام الإيجابي فيها”.

ومن النقاط الأخرى التي أثارت جدلا بين الكثير التونسيين مسألة التعريب، فقد نادى البعض وأصبحت شعارا سياسيا لدى البعض الأخرى حتى تمَّ تعريب بعض المواد بشكل أضرّ بها، وقد أكّد قانون 91 على جعل اللغة العربيَّة لغة تدريس.من خلال النقطة الرابعة من الفصل الأول وتمكين المتعلِّمين من إتقان اللغة العربيَّة، بصفتها اللغة الوطنيَّة، إتقانا يمكّنهم من استعمالها – تحصيلا وإنتاجا- في مختلف مجالات المعرفة، الإنساني منها والطبيعي والتكنولوجي. منذ السنة الدراسيَّة 1976 – 1977 أصبحت اللغة العربيَّة في مستوى السنوات الأربع الأولى من المرحلة الابتدائيَّة، اللغة الوحيدة المستعملة في دراسة جميع المواد من اشغال يدويَّة وعلوم ورياضيات وتاريخ وجغرافيا وغيرها[53]، ومنذ سنة 1978 أصبحت اللغة العربيَّة، في مستوى التعليم الابتدائي، لغة التدريس بكل المواد (اللغة القاطرة) (الأشغال اليدويّة والتاريخ والجغرافيا والرياضيات وهو ما كان محلّ ترحيب من البعض ونقد من البعض الآخر مثل محمّد الشرفي، الذي أكَّد أن التعريب متسرّعا، ومن ذلك أن مواد التاريخ والجغرافيا والفلسفة كانت تدرس من قبل متعاونين ثمّ عرَّبت وتمَّ تعويض المتعاونين بتونسيّين من عديمي الخبرة في التعريب، من المتحصّلين على الباكالوريا أو الزيتونيّين القدامى وهو ما سيضرُّ حتما بر الشرفي أن التعريب عمل مشروعا لو تمّ في أطر أكاديميَّة مثل  الجامعة التونسيَّة لكن ذلك لم يتمّ[54]كما لم يتوقَّف النقاش حول الموضوع. وإضافة إلى التعريب شهدت اللغات تراجعا في المحتويات وخاصَّة الفرنسيَّة والإنكليزيَّة، وأفرغت التربية المدنيَّة من محتواها وغاب الفكر الإصلاحي عن التربية الإسلاميَّة وهو ما أدَّى في النهاية إلى تقهقرٍ شامل للمنظومة التربية الوطنيَّة[55].

هذا وقد اعتبرت الحكومة التونسيَّة، أنّ الإصلاح التربوي يعتبر جزءا من إصلاح شامل وارتبطت إجباريَّة التعليم وتعميمه والحدّ من الانقطاع مع خطَّة شاملة تهدف إلى تحسين القدرة الشرائيَّة للعائلات التونسيَّة حتى تتمكَّن من مجابهة التغييرات المحدثة[56].  ولمّا كان الإصلاح موجَّها إلى مختلف مستويات التعليم خصَّص حيّزا مهمّا للتعليم العالي في إطار العمل على توفير الإطارات العليا القادرة على تنفيذ الإصلاحات المزمع تنفيذها بالبلاد التونسيَّة في المجالات التكنولوجيَّة الجديدة، فحظيت الدراسات الهندسيَّة بأهمّيّةٍ خاصَّة. كما أن التفتُّح على المؤسَّسات الخاصَّة وتوفير حاجاتها من الإطارات الوسطى عجَّل بإحداث المعاهد العليا للدراسات التكنولوجيَّة منذ سنة 1995[57].

وضبطت الحكومة التونسيَّة ملامح النظام التربوي من خلال القانون عدد 65 لسنة 1991 المؤرّخ في 29 جويلية1991، من أبرز ملامحه دعم الهويَّة الوطنيَّة وتنمية الشعور بالانتماء إلى المحيط المغاربي والعربي والإسلامي والانفتاح على الحضارة الانسانيَّة. وبالإضافة إلى ذلك نشر قيم التسامح والقبول بالآخر بعيدا عن مختلف أشكال التفرقة العنصريَّة. كما تمَّ الاعتناء بموضوع اللغات سواء باللغة العربيَّة التي أصبحت لها مكانة أكبر خلال كامل المرحلة الأساسيَّة أو اللغات الأجنبيَّة، أمَّا بقيَّة البرامج فقد تمَّ العمل على إحداث نوع من التوازن بينها سواء الطبيعيَّات أو الانسانيَّات أو التقنيات أو مواد التنشئة الاجتماعيَّة، ودون إهمال الأنشطة البدنيَّة والفكريَّة والفنيَّة التي تصقل شخصيّة المتعلِّم وتنمِّي مهاراته. وفي إطار النهوض بالمستوى العام للفرد تمَّ العمل على إنماء روح المبادرة والقدرة على التكيُّف والتشبُّع بمبادئ التلازم بين بعدي “الحرِّيَّة والمسؤوليَّة”[58].

ويبدو أنّ بعض الإجراءات المتّخذة وخاصَّة سهولة الارتقاء وحذف مناظرة ختم التعليم الابتدائي، قد غيَّرت بعض المؤشِّرات نحو التراجع ومنها معدَّلات الانقطاع بالنسبة إلى السادسة أساسي من 17 % خلال السنة الدراسيّة 1991 – 1992 إلى 16.7% في السنة التي تلتها إلى 15.7% سنة 1994- 1995، أي بمعدَّل نقطة واحدة سنويّا. كما تراجعت نفس النسبة بالنسبة إلى تلاميذ المرحلة الثانية من التعليم الأساسي والتعليم الثانوي من 10.1% سنة 1991- 1992 إلى 9.3 % سنة 1993 – 1994 إلى 8.7% سنة 1994- 1995[59].كما  شهدت نسب الرسوب تراجعا طفيفا في المستوى الابتدائي، مثل السنة الثالثة التي تراجع معدَّل الرسوب الخاصّ بها من 19% سنة 1991- 1992 إلى 16.6 ْ% سنة 1993- 1994 لتحافظ على نفس النسبة في السنة الموالية[60].  أمَّا نسب الارتقاء من السنة السادسة إلى السنة السابعة فقد ارتفعت خلال السنوات المذكورة من 57 إلى 58 إلى 59 % تقريبا.

ورغم التحسُّن النسبي لبعض المؤشّرات فإنها ظلَّت دون الطموحات التي رُسِمت لها رغم الإجراءات العديدة التي وقع إقرارها ومنها إعادة تنظيم المعاهد العليا لتكوين المعلمينبموجب قانون عدد 108 لسنة 1990 مؤرَّخ في 26 نوفمبر1990 وضبط الأحكام الخاصَّة بتأليف الكتب المدرسيَّة والوسائل التعليميَّة ونشرهابموجب أمـر عـدد 1188 لسنة 1992 مؤرَّخ في 22 جوان 1992 وضبط نظام التقييم والارتقاء بالتعليم الأساسيبقـرارمن وزيـر التربيـة والعلوم مُؤرَّخ في 26 ماي 1992.زيادة على ذلك تمّ ضبط تراتيب امتحـان شهادة ختم التعليم الأسـاسي بمقتضىأمـر عـدد 1181 لسنة 1992 مؤرَّخ في 22 جوان ضبط عـدد وأنواع شعب المرحلة الثانية من التعليم الثانوي وأنواع شهادة الباكالوريا بموجب أمـر عـدد 1182 لسنة 1992 مؤرخ في 22 جوان 1992. زيادة على ذلك تمَّ ضبط نظام المعاهـد النموذجيَّـة بالتعليم الثانويبالأمـر عـدد 1184 لسنة 1992 مؤرخ في 22 جوان 1992. وتحديد نظام امتحان شهادة الباكالوريابقـرارمن وزيـر التربية والعلوم مؤرَّخ في 24 جوان 1992. إضافة إلى ذلك وضع برامج التعليم الأساسي والتعليم الثّانويإثر صدور الأمر عـدد670 لسنة 1993 المؤرَّخ في 29 مارس 1993 بمقتضاه ستصدر المحتويات البيداغوجيَّة المطابقة للتعليم الأساسي. وبالتوازي مع العمل التشريعي قامت وزارة التربية بالتعاون مع منظمة اليونسيف على إعداد برنامج الكفايات الأساسيَّة (أو القدرات المستوجبة لمواصلة التعلُّم في المستوى الموالي) قصد الحدّ من الإخفاق في التعليم الأساسي  وذلك بتغيير طرق التدريس والتقييم باعتماد التقييمات القبلية لمعرفة مستوى التلاميذ قبل الشروع في العمل وإعداد مراكز انطلاقا من الكفايات الأساسيَّة. كما وقع في شأن تكوين المعلِّمين إلى بيداغوجيَّة الدعم بالتعليم الأساسي وإعداد مشروع لقياس مستويات التحصيل وغيرها من الإجراءات[61].

        وبعد سنوات قليلة من تطبيق إصلاح 1996 يبدو أن النتائج لم تكن بحجم الطموحات فتمَّ الشروع في تأهيل وزارة التربية بضبط مخطّط في الغرض، صدر في شكل قرار بتاريخ 15 ماي 1996 خلال فترة تولّي حاتم بن عثمان وزارة التربية من نوفمبر 1994 إلى نوفمبر 1997[62]. كما صدرت نصوص قانونية في البرامج الرسميَّة مثل الأمر عدد 680لسنة 1996 المؤرَّخ في 15 أفريل 1996، وأمـر عـدد 2147 لسنة 1996 مؤرخ في 6 نوفمبر 1996 وأمـر عـدد 1204 لسنة 1997 مؤرخ في 23 جوان 1997. كما تمَّ في 16 جويلية 1995 في استشارة هدفت إلى إعداد تصوُّر للتعليم في القرن 21 وهو ما تمَّ بموجب إصلاح 2002،فهل إقرار بتجربة 1991 أم أنَّ النظام قام فقط ببعض العمليَّات التجميليَّة للإصلاح السابق ليكون القانون التوجيهي للتربية والتعليم سنة 2002 من إنجازاته الصرفة عكس الإصلاح السابق؟

خاتمة

        عملت الحكومات التونسيَّة على الاهتمام بموضوع التعليم لأهمّيَّة الموارد البشريَّة في عمليّات التطوير والارتقاء رغم الصعوبات التي جابهتها. فإصلاح سنة 1958 تزامنَ مع خروج تونس من فترةٍ استعماريَّة؛ لكنَّه لم يأخذ منحى أيديولوجي بالقطع مع الفرنسيّين، بل حاول الاستفادة ممَّا هو متاح. وفتح المجال التربوي للمساعدة الداخليَّة (المجهود الشعبي) والخارجيَّة (المنظّمة والدول الصديقة). ولعلَّ كثرة المتدخِّلين جعلت النظام التربوي نظاما متحرِّكا يتفاعل سريعا مع المتغيِّرات الدوليَّة بالانفتاح غربا وشرقا حسب المصالح وموازين القوى، ولم يتغيَّر الأمر كثيرا مع إصلاح 1991.


[1] (الزيدي) علي: مشروع دوبياس ولغة تدريس العلوم بتونس، المجلَّة التاريخية المغاربية، جويلية 1991، عدد 63- 64، ص 203.

[2]Ayachi (Mokhtar):Ecoles et société en Tunisie 1930-1958, Thèse  pour le Doctorat d’Etat en Histoire,(Dir. Ali Mahjoubi), Tunis, Univesrité de Tunis 1, 1997. P 97.

[3]Mission, 17 Novembre 1948.

[4]بوحوش (الهادي) و(العكروت) المنجي: تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الثالث : الإصلاحات التّعليميّة بعد ماشويل وحتّى الاستقلال، المدونة البيداغوجيّة، 28 سبتمبر 2014

[5]طرشونة (محمود): إشكالية التربية في تفكير المسعدي ونشاطه، الشعب يوم 03 – 09 – 2011.

[6]نفس المرجع.

[7]Sraieb (Nourddine):L’idéologie de l’école en Tunisie colonial, In  Revue du monde musulman et de la méditerranée, 1993, 68, p 252.

[8] بوحوش (الهادي) و(العكروت) المنجي: تاريخ الإصلاحات…، مرجع سابق.

[9]Sraieb (Nourddine):Colonisation DécolinsationEnseignment l’Exemple Tunisien, Tunis, l’Institu National des Sciences de l’Education, 1974, p 31.

[10]Idem, p32.

[11] المهيري (عبد القادر): إصلاح التعليم لسنة 1958. بمناسبة ندوة حول خمسينية الإصلاح التربوي سنة 2008، متحف التربية بتونس، 4 نوفمبر 2008.

[12]المهيري (عبد القادر): إصلاح التعليم…، مصدر سابق.

[13]المهيري (عبد القادر): إصلاح التعليم…، مصدر سابق.

[14]كتابة الدولة للتربية القوميّة: انبعاثنا التربوي منذ الاستقلال، تونس: الديوان التربوي، 1963.

[15] الفصل الثاني من قانون التعليم الصادر يوم 4 نوفمبر 1958.

[16]المدرسة الفرنسيّة قنطرة بنزرت: السجل التاريخي عدد 1، 1906- 1963-   السنة الدراسيّة 1955- 1956.

[17]نفس المصدر، السنة الدراسيّة 1956- 1957.

[18]نفس المصدر 1957- 1958.

[19]المدرسة الفرنسيّة نهج الهند (نهج حوش سابقا): السجل التاريخي عدد،5 1953- 1963، السنة الدراسيّة 1955- 1956.

[20]المدرسة الفرنسيّة للفتيات بباب جديد (تونس) السجلّ التاريخي عدد 1، 1905-1932،

[21]نفس المصدر:  السجلّ التاريخي عدد 4، 1951- 1956، السنة الدراسيّة 1955- 1956.

[22]نفس المصدر: السجلّ التاريخي عدد 5، 1956- 1965، السنة الدراسية 1956 – 1957.

[23]نفس المصدر، السنة الدراسيّة 1957- 1958.

[24]المدرسة الفرنكو-عربيّة نهج المرّ (تونس): السجل التاريخي عدد 2، 1949- 1959،  السنة الدراسيّة 1958- 1959.

[25]المدرسة الابتدائيّة وشتاتة (باجة): السجل التاريخي عدد 2، 1958- 1967، السنة الدراسيّة 1959- 1960.

[26]كتابة الدولة للتربية القوميّة: انبعاثنا التربوي منذ الاستلال، تونس، منشورات الديوان التربوي، 1963، ص 38.

[27]Rapport 1956- 1957. –  p p 430 -434

[28]وزارة التربية القوميّة: التعليم الابتدائي، ما أنجز منذ الاستقلال: المشاكل القائمة، المفاهيم الواجب إثرائها، تونس، جانفي 1982، ص 2.

[29] وزارة التربية القوميّة: الخطوط الرئيسيّة للإصلاح هياكل التعليم الابتدائي ونظامه، تقرير تأليفي، تونس، المدرسة الثانويّة المهنيّة بباب العلوج، جوان 1972، ص 3.

[30] نفس المرجع، ص 4.

[31] Ministère de l’Education National :Schéma directeur pour une réforme des structures et de l’organisation de l’enseignement secondaire, rapport de synthèse, juin 1972, p 2.

[32] وزارة التربية القوميّة: الخطوط الرئيسيّة للإصلاح هياكل التعليم الثانوي ونظامه، تقرير تأليفي، تونس، المدرسة الثانويّة المهنيّة بباب العلوج، جوان، ص ص 8 -9.

[33] وزارة التربية القوميّة. – الخطوط الرئيسيّة للإصلاح هياكل التعليم الثانوي ونظامه، تقرير تأليفي .–تونس : المدرسة الثانويّة المهنيّة بباب العلوج، جوان . – ص 7.

[34] كتابة الدولة للتربية القوميّة،انبعاثنا…، مصدر سابق،  ص 22

[35]وُلد محمّد الهادي خليل يوم 5 ديسمبر 1936 بقربة، تحصّل على الإجازة في الرياضيات وعلى شهادة دار المعلمين العليا بتونس في جوان 1961. وتدرّج خلال عشرين سنة (1968 ـ 1988) قبل تسميته وزيرا للتربية عدّة وظائف ضمن وزارة التربية ومنها أستاذ التعليم الثانوي (1961 – 1968) ومدير جهوي للتعليم بنابل (1968 – 1970) ثمّ مدير التعليم الثانوي والتقني (- سبتمبر 1981 ـ ديسمبر 1983) فمدير إدارة الامتحانات (1983 – 1984) ورئيس مدير عام للديوان القومي للتكوين والترقية المهنيّة (ديسمبر1984 – أفريل 1988). وبعد ذلك عُيّن وزيرا للتربية والتعليم والبحث العلمي (أفريل 1988 – أفريل 1989) وأصبح بعد ذلك نائبا لرئيس مجلس النوّاب ورئيس للجنة التربية فيه. انظر:

وكالة إفريقيا للأنباء: الملف الصحفي لمحمّد الهادي خليل، ملف غير مرقّم.

[36]الرائد الرسمي التونسي: عدد 16، 21 ديسمبر 1988، بيانات وزير التربية القوميّة

[37]الرائد الرسمي التونسي: عدد 16، 21 ديسمبر 1988، بيانات وزير التربية القوميّة

[38]جريدة الشروق (التونسية) العدد 19 مارس 2011، “هكذا خطّط بن علي للقضاء على مجانية وإجباريّة التعليم” للهادي خليل

[39](الجربوعي) فاطمة، المدرسة ومسيرة إصلاح التعليم في تونس 1958- 2002، تأطير محمّد الطاهر البربري، أطروحة الدكتوراه، كليّة العلوم والانسانيّة بتونس: 2009- 2010، ص 231.

[40] (أحمد) محمّد عبد القادر، استراتيجيّة التربية العربيّة لنشر التعليم الأساسي في الدول العربية، القاهرة، مكتبة النهضة: 1990، ص 41.

[41] وزارة التربية القوميّة، تقرير عن التطوّر التربوي بتونس 1981- 1984، أعدّ للندوة العالمية للتربية في دورتها التاسعة والثلاثين، جنافي: أكتوبر 1984، ص 53.

[42] نفس المصدر، ص 57.

[43] نفس المصدر والصفحة.

[44] الرائد الرسمي التونسي، العدد 14، يوم 21 ديسمبر 1987، عرض ومناقشة ميزانية وزارة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي تجهيزا وتصرّفا.

[45]وُلد محمّد فرج الشّاذلي بالقيروان يوم 09 ماي 1927. تحصّل على شهادة مدرسة ترشيح المعلمين بتونس والإجازة في اللّغة العربيّة ثم انخرط في سلك التعليم بكل من قمّرت وسيدي بوسعيد ورفراف ليتولّى منذ سنة 1957 إدارة كلّ من المؤسسات التالية : المعهد الثّانوي بباجة (1957 -1961) المعهد الثانوي بمنزل جميل (1961- 1964) ثم المعهد الثّانوي بقرنبالية (1964 – 1968).تولّى محمّد فرج الشّاذلي إدارة التعليم الابتدائي بوزارة التربية سنة 1968 وعيّن بعد ذلك بثلاث سنوات رئيسا لديوان وزيرها واضطلع في نفس الوقت بمهام أمين عام اللجنة القوميّة لليونسكو حتّى سنة 1973 تاريخ تعيينه رئيسا لديوان وزير الشؤون الثّقافيّة إلى سنة 1976.  ثم التحق بديوان وزارة التربية إلى حين تسميتهوزيرا للتربية القومية خلفا للسيد محمد مزالي (الذي عيّن وزيرا أوّلا) في 25 أفريل 1980 وبقي بهذا المنصب إلى غاية 05 ماي 1986:

انظر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء، الملف الصحفي لمحمّد فرج الشاذلي، ملف غير مرقّم

[46] Ministère de l’Education nationale, Commission nationale tunisienne pour l’éducation, la science et la culture, Développement de l’Education en Tunisie 1884- 1986, Rapport présenté à la 40ème session de la conférence internationale de l’Education :  Genève, Décembre 1986, Tunis M imp. Carthage, 1986, p 14

[47] الرائد السمي التونسي: العدد 13، 20 ديسمبر1986، مداولات مجلس النوّاب، مناقشة مشروع ميزانية وزارة التربية.

[48]الرائد الرسمي التونسي، عدد 14، 21 ديسمبر 1987، مداولات مجلس النوّاب، عرض ومناقشة ميزانية وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي

[49] نفس المصدر.

[50] (الشرفي محمّد)، الاسلام والحريّة: سوء التفاهم التاريخي، دمشق: دار بترا للنشر، 2008،

[51]الرائد الرسمي التونسي، عدد 16، 21 ديسمبر 1988، مداولات مجلس النوّاب، كلمة وزير التربية محمّد الهادي خليل، أثناء مناقشة ميزانية وزارة التربية.

[52] نفس المصدر.

[53] وزارة التربية القوميّة، تقرير عن النظام التربوي بتونس (1976- 1978) أُعدّ للندوة العالميّة للتربية في دورتها السابعة والثلاثين، جوناف: جويلية 1979، ص 16.

[54](الشرفي محمّد)، الإسلام…، مرجع سابق ص 194.

[55]نفس المرجع، ص 195.

[56]وزارة التربية، اللجنة الوطنيّة للتربية والعلم والثقافة، التطوّر التربوي في تونس 1994- 1996، أعدّ للمؤتمر الدولي للتربية في دورته الخامسة الأربعين، جناف 30 سبتمبر (5 أكتوبر 1996): تونس 1996، ص 12.

[57] نفس المصدر، ص 13.

[58] الرائد الرسمي التونسي، القانون عدد 65 لسنة 1991 المؤرّخ في 29 جويلية 1991

[59]التطوّر التربوي في تونس 1994- 1996، مصدر سابق، ص 48.

[60]نفس المصدر والصفحة.

[61]التطوّر التربوي في تونس 1994- 1996، مصدر سابق، ص 102.

[62] وكالة تونس افريقيا للأنباء، الملفّ الصحفي لحاتم بن عثمان، ملفّ غير مرقَّم.

جديدنا