جون ستيوارت مل؛ روح عصره وسيرة حياته

image_pdf

من هو جون ستيوارت مل:

جون ستيوارت مل (1806-1873) هو فيلسوف واقتصادي وسياسي إنجليزي، يعدّ من أبرز الشخصيات في القرن التاسع عشر، قدم “مل” العديد من الإسهامات في مجموعة متنوعة من المجالات كالفلسفة، الاقتصاد، والسياسية والإصلاح الاجتماعي. آمن “مل” بالحرية الفردية وحرية التعبير، كما كان مدافعا عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وأيَّد فكرة الحكومة التمثيلية والتدخل الحكومي المحدود في الشؤون الاقتصادية والفردية. ولقد ألهمت أفكاره العديد من الفلاسفة والعلماء والاقتصاديين ولا تزال تدرَّس وتناقش حتى يومنا هذا.

  1. 1-   روح عصره:

شهدت انجلترا في القرن التاسع عشر تحولات فكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية، نجمت عن الثورة الصناعية التي انطلقت في منتصف القرن الثامن عشر، حيث أصبحت الآلات تحل محل العمال، الأمر الذي أدى إلى الزيادة في الإنتاج، خاصة مع ظهور الآلة البخارية التي شكلت مصدر طاقة لانهاية له بالنسبة للمصانع الجديدة التي ظهرت في معظم أنحاء انجلترا. كما لعبت حركة التسييج Enclosure التي بلغت ذروتها في انجلترا خلال القرن الثامن عشر دور مهم في خضم هذه التحولات، حيث أدى استيلاء كبار الملاك على الأراضي المشاعة Common Land إلى نزوح الفلاحين نحو المدن بحثا عن مورد رزق، فشكلوا بذلك اليد العاملة للمصانع الجديدة، وفي ظل الظروف القاسية التي كان يعاني منها العمال جراء الاستغلال وانخفاض الأجور كانوا يقطنون في أفقر الأحياء، مشكلين بذلك أولى المستوطنات العشوائية Slums التي انتشرت في انجلترا خلال القرن التاسع عشر[1].

ولقد أدى استعمال الآلات في عملية الإنتاج إلى موجة سخط عارمة بين صفوف العمال، حيث اعتقدوا أن انتشار الآلات سيؤدي إلى قطع أرزاقهم وتدنى مستوى معيشتهم، لكن على عكس هذه الرؤية التشاؤمية،عرفت انجلترا في القرن التاسع عصر ازدهار لا مثيل له حيث (( أخذت ثروتها ورخاؤها يرتفعان بالتدريج على جميع المستويات))[2]، ومع ذلك ينبغي الاعتراف بأن هذا الانقلاب الصناعي تسبب في ظهور عدة مشاكل، لم يسبق لبلد ما أن شهدها من قبل، حيث اشتدت المنافسة بين ملاك المصانع وتعالت أصوات العمال بسبب تدنى الأجور وقسوة ظروف العمل، بالتالي أدت هذه الأوضاع المتأزمة إلى اندلاع الثورات التي تكللت بإصلاح النظم النيابية، وتحسين أوضاع العمال داخل المصانع، وتوفير التعليم لأبناء الفقراء، و(( إدخال قيم أخلاقية لا عهد لها بالمجتمع الإنجليزي من قبل ))[3]، هكذا فإن الازدهار الاقتصادي التي شهدته إنجلترا بسبب الثورة الصناعية كان له دور كبير في تطوير النظام السياسي في إنجلترا وتجديد مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي جعلها تصبح نموذجا يحتذى به بالنسبة لباقي بلدان القارة الأوروبية.

ولقد لعب العلم دورا كبير في خدمة الثورة الصناعية، حيث أصبحت النظريات العلمية تطبق في تصميم الآلات الصناعية، كما تميز العلم في تلك الفترة، بتخصص العلماء في مختلف فروع العلم، وانكبابهم على البحث العلمي، وتطرق الصحف لدراساتهم، إلى جانب الدعم الحكومي لأبحاثهم، بالإضافة إلى أنهم كانوا يحظون بتقدير عالي من طرف الطبقة البورجوازية التي شرعت في احتضانهم وساهمت في تطور العلوم التي كانت تخدم الصناعات التي يقومون بها[4].

أما في المجال الاقتصادي فقد ساهمت الثورة الصناعية في ظهور علم جديد أطلق عليه اسم “الاقتصاد السياسي” (Political Economy)، وهو علم يعنى بدراسة العلاقات بين الأفراد والمجتمع، والأسواق والدولة، كما أن الاقتصاد السياسي يدين بظهوره إلى أعمال آدم سميث (Adam Smith) خاصة كتابه المشهور “ثورة الأمم” (( ففي هذا الكتاب بذلت لأول مرة محاولة لدراسة مختلف القوى التي تؤثر في الحياة الاقتصادية لبلد ما))[5]، وعلى الرغم من أن رواد “مدرسة الطبيعة” (Physiocrat) الفرنسية خلال عصر التنوير قد اهتموا بدراسة المشكلات الاقتصادية، إلا أن أعمالهم لم تحقق نفس النجاح الذي حققه كتاب آدم سميث، الذي أصبح يعتبر إنجيل الاقتصاد الكلاسيكي، (( وكان الإسهام المهم التالي في هذا الميدان هو نظرية ريكاردو Ricardo في القيمة المبنية على العمل))[6] والتي قد تبناها كارل ماركس فيما بعد.

وكان من البديهي في مثل هذا العصر ذي الظروف المادية أن يشتد الصراع بين المذاهب الفلسفية، (( فكان منها ما اتصل ببئته وساير تياراتها، وعبر عن روح عصره وساعد على إذكائها، فكانت النزعة الحسية واتجاهاتها المادية الخالصة، وكان من هذه المذاهب ما أنكر هذا الاتجاه، واستعان بفلسفة الألمان على إقرار مثالية روحية معارضة))[7]، ومن أهم رواد النزعة الحسية نجد كل من جيريمي بنثام (Jeremy Bentham) وجيمس مل(James Mill)  الذين دافعوا عن الحرية الفردية، وجعلوا مذهب المنفعة Utilitarianism أساس التشريع و الأخلاق، وقد أخد كل من ليسلي ستيفن (Leslie Stephen) وهربرت سبنسر (Herbert Spencer) بهذا المبدأ النفعي وأضافوا عليه بعض التعديلات التي استلهموها من نظرية التطور، كما ذهب في تيار المادية الحسية  الكسندر بين (Alexander Bain) وتوماس هكسلي (Thomas Huxley) فتأكد على يد هؤلاء الاتجاه التجريبي الواقعي، وعليه أضحت النزعة المادية هي السائدة في هذا العصر.

ولقد أدى هذا الاهتمام الكبير بالمادية إلى ظهور معارضة شديدة لهذا التيار تزعمها تلة من الفلاسفة والشعراء والمفكرين، الذين استلهموا من الفلاسفة الألمان الآليات المنطقية التي مكنتهم من الدخول في هذا الصراع الفكري المحتدم، فنشأت على يد هؤلاء مدارس فلسفية أنكرت كل ما هو مادي، فكان (( “كولريدج” و “كارلايل” ممن بشروا بالاتجاه الرومانتي وإنكار النزعة الحسية المادية، وكانت المدرسة الأسكتلندية التي تزعمها في ذلك الوقت “السير وليم هاملتون” بنزعته الحدسية ومذهبه النقدي، وسار في ركبه تلميذه “منسل” وغيره…))[8].

لكن هذه المذاهب ذات النزعة المثالية والرومانتيكية، لم تحقق نتائج باهرة مقارنة بما حققته المذاهب التجريبية الحسية، فمذهب المنفعة Utilitarianism على سبيل المثال، من حيث هو حركة تستهدف الإصلاح (( قد حقق قطعا أكثر مما حققته الفلسفات المثالية مجتمعة، وقد فعل ذلك من دون ضجة كبيرة ))[9].

في ظل هذا الفضاء الذي يعج بالحركات والمذاهب الفلسفية والأفكار التنويرية، عاش الفيلسوف التجريبي ونبي اللبيرالية “جون ستيوارت مل” عملاقا بين مفكري وقادة الحركات الإصلاحية في عصره، لقد ترعرع وسط هذا المناخ الفكري وساهم من خلال كتاباته ونقاشاته وسجلاته داخل قبة البرلمان في تجديد الفكر والدفع بعجلة الإصلاح الاجتماعي في إنجلترا.

  •  سيرة حياته:

ولد جون ستيوارت مل (John Stuart Mill) في لندن عام 1806، وهو الابن البكر للفيلسوف والاقتصادي والمؤرخ جيمس مل (James Mill) (1836 – 1773) صاحب كتاب “تاريخ الهند البريطانية” (History of British India) والقوة الدافعة وراء حركة الراديكاليون الفلسفيون Philosophical Radicals التي كان يتزعمها صديقه جيريمي بنثام (Jeremy Bentham) (1832 – 1748)، ولقد اشتهر أعضاء هذه الحركة بتبنيهم المطلق للمذهب النفعي في الأخلاق والسياسة، بالإضافة إلى اهتمامهم بالاقتصاد السياسي وتأييدهم لأراء ديفيد هارتلي (David artley) ونظرية توماس مالتوس (Thomas Malthus) حول السكان، واهتمامهم بالإصلاح الاجتماعي والتعليم، (( وكانوا معارضين بوجه عام لسلطة الكنيسة وللامتيازات التي تحتكرها الطبقة الحاكمة في المجتمع ))[10].   

لقد تلقى “مل” تعليما خاصا في المنزل من قبل والده، وذلك قصد تجهيزه لقيادة الجيل اللاحق من حركة “الراديكاليون الفلسفيون”، حيث تعلم اللغة اليونانية في سن الثالثة واللاتينية في سن الثامنة، وعندما بلغ سن الثانية عشر من عمره كان قد اطلع على قدر كبير من الأعمال الأدبية اليونانية واللاتينية، بالإضافة إلى دراسته للرياضيات والتاريخ، كما أنه شرع في دراسة المنطق المدرسي Scholastic logic واطلع على أورغانون أرسطو، و (( في عام 1819 درس مقررا كاملا في الاقتصاد السياسي، قرأ أثناءه “آدم سميث” و “ريكاردو” ))[11].     

وفي سن الخامسة عشرة من عمره، بعد عودته من رحلة دامت عام في فرنسا اكتسب فيها خبرات عدة، شرع في دراسة كوندياك (Condillac) ودرس القانون الروماني مع جون أوستن (John Austin)،(( وقرأ “لوك” J. Locke وهلفتيوس Helvetius وهارتلى وباركلي Berkley وهيوم Hume إلى جانب ريد Ried ودوجالد ستورت  Dugald Stewart وغيرهم كثيرون من المفكرين المعروفين ))[12]، وبعد أن قام بدراسة دقيقة لأعمال بنثام واطلع على كتاب دومونت رسالة التشريع (Traité de Législation) تمكن “ميل” من استيعاب المذهب النفعي بشكل كامل وأصبح مؤمنا بكل تعاليمه، وفي شتاء 1822-1823 أسس رفقة أصدقائه الذين يحملون نفس النزعة “الجمعية النفعية” وسعوا من خلالها إلى التبشير بهذا المذهب.

وفي عام 1823، تمكن “مل” من الحصول على وظيفة في شركة الهند الشرقية، حيث تم تعينه في البداية أسفل سلم الموظفين وصار يترقى مع مرور الوقت حتى أصبح رئيسا للمكتب عام 1856.

وعندما بلغ “مل” العشرين من عمره، عاني من أزمة عقلية عنيفة، أحس على إثرها أنه محاصر، إما بسبب الآراء التي ورثها أو بسبب الأشخاص الذين ورث عنهم هذه الآراء، وكان لهذه الأزمة أثر بليغ على حياة “مل” فيما بعد، حيث فقدت التعاليم التي تشربها عن طريق ولده وبنثام سحرها بالنسبة له، لكنه رغم ذلك لم يتخلى عنها، ولقد توصل بسبب هذه الأزمة إلي نتيجتين (( الأولى لا تتحقق السعادة عن طريق البحث عنها مباشرة. إذ إن المرء يجدها عن طريق تعقب هدف ما أو مثال ما غير سعادته الخاصة أو لذته. والثانية، يحتاج التفكير التحليلي إلى أن يكمله تهذيب المشاعر، وهو جانب من الطبيعة البشرية لم يثق فيه بنثام ))[13].وهذا يعني أن”مل” فطن إلى أهمية كل من الشعر والفن في تأثيرهما على ثقافة الفرد، وأدرك الحاجة إلى تنمية العواطف والرقى بالخيال، ويرجع الفضل وراء اكتشافه لهذا العالم الجديد الذي كان يجهله من قبل إلى إطلاعه على أعمال ورد زويرث (Wordsworth).

ولقد تحصل على الإلهام من مصادر أخرى، منها إطلاعه على شعر الألماني جوته (Goethe)، وتعرفه على كولريدج (Coleridge)، وذلك عن طريق قراءته لأعماله من جهة، ومن جهة ثانية عن طريق صداقته بنصيري كولريدج: جون ستيرلينغ (John Sterling) و فريدريك دينيسون موريس (Frederick D. Maurice)، بالإضافة إلى أنه وجد ميزة في أعمال توماس كارلايل (Thomas Carlyle) لم يجدها عند والده، كما اتصلت فلسفة “مل” لاحقا (حوالي 1840م) بمدرسة أخرى هي الوضعية الفرنسية لسان سيمون وتلميذه أوغست كونت، إذ كانت تتناسب مع طريقة “مل” في التفكير، لذلك فهمها واستوعبها بسرعة، كما (( أدت علاقاته بكونت، التي اتخذت شكلا شخصيا عن طريق تبادل الرسائل، إلى وحدة وثيقة للمذهبين، ومن هذه الوحدة نشأ ارتباط فلسفي مبني على تشابه الهدف والتقارب الباطن بين الآراء، وهكذا انسابت التجريبية الإنجليزية والوضعية الفرنسية، عند مل، في مجرى متسع واحد ))[14]، ومع ذلك فإن “مل” قد ابتعد محبطا من المرحلة الأخيرة من فكر أوغست كونت، حيث رأى أن حرية البحث الفلسفي معرضة للخطر من جمودها شبه الديني، وشعر بأنه مضطر لرفضها.

وينبغي عدم المبالغة في أثر هذه الأزمة النفسية على “مل” (( فقد ظل نفعيا، ولم ينحز، على الرغم من تعديل مذهب بنتام بطرق مهمة، إلى العكس المضاد ))[15]، فهو لم ينخرط في ردة الفعل الحادة على القرن الثامن عشر، التي قادها في بريطانيا كل من كولريدج وكارلايل، بل ظل مؤيدا لأفكار القرن الثامن عشر – التي أخدها عن جيريمي بنثام وورثها من والده – ولم يتخلى عنها رغم تأثره العميق بفكر كولريدج.

بدأ “مل” محاولة تطوير “الراديكالية الفلسفية” من خلال التفاعل مع أنماط فكرية أخرى، بالإضافة إلى تحريره لمجلة لندن وستمينستر (London & Westminster review). وبعد وفاة والده “جيمس مل” في عام 1836م ورحيل أستاذه “بنثام” عام 1832م، أصبحت لدى “مل” مساحة حرية أكبر لمناقشة وعرض أرائه الفكرية، ولقد وظف “مل” تلك الحرية لتشكيل راديكالية فلسفية جديدة تضم أفكار مفكرين مثل كولريدج وكارليل، ويبدو هذا جليا عند قراءة سيرته الذاتية، حيث ورد في سيرته الذاتية أن من بين أهدافه الرئيسية كان (( تحرير الراديكالية الفلسفية من تهمة ((البنثامية الحزبية)). فمع محافظتي على دقة التعبير وتحديد المعنى، وعلى ازدراء العبارات التقريرية والتعميمات الغامضة (وهو ما كان مزية مشرفة في كتابات بنثام وأبي)، أردت إعطاء التأمل الفكري الراديكالي قاعدة أكثر اتساعا وشخصية أكثر حرية واعتدالا. وذلك حتى أبين أن ثمة فلسفة راديكالية أفضل من فلسفة بنثام وأكثر اكتمالا، إلى جانب الاعتراف بكل ما هو مستمر القيمة لدى بنثام ثم إدراجه ضمن هذه الفلسفة. لقد نجحت في ما يخص هذا المسعى الأول، بعض النجاح ))[16]، يتضح إذن من خلال الفقرة السابقة أن “مل” حاول تبيان أن هناك فلسفة راديكالية أفضل وأكثر اكتمالا من فلسفة بنثام، مع تقديره وتضمينه لكل ما هو دائم القيمة في هذه الفلسفة.

ولقد ظهر هذا بوضوح في مقالات “مل” عن بنثام وكولريدج، والتي نشرت في عامي 1838 و 1840م في مجلة لندن وستمينستر، إذ رأى “مل” أن بنثام و كولريدج كانا ((عقليتين خلاقتين في إنكلترا، أو عظيمتين في زمنهما))[17]، واستخدم كل مقال لإظهار نقاط قوتهما وضعفهما، مما يعنى أن هناك موقفا فلسفيا أكثر اكتمالا لا يزال مفتوحا للتعبير، وسيقضي “مل” مسيرته المهنية في محاولة إنجاز ذلك.

كما ساعدت هارييت تايلور(Harriet Taylor)  الصديقة والمستشارة والزوجة في أخر المطاف “مل” في هذا المشروع. التقى “مل” في عام 1830م بهارييت زوجة رجل الأعمال جون تايلور، استمر الاثنان في علاقة صداقة حميمة، وتزوجها في عام 1851م بعد وفاة زوجها، ولقد كان لهارييت تأثير كبير على “مل” حيث كانت تقوم بدور المحررة والناقدة لأفكاره، وعندما توفيت في عام 1858م في أفينيون دخل “مل” في حالة من الأسى والحزن، وأصبح فيما بعد يمضى ستة أشهر من كل سنة في فرنسا لكي يكون بالقرب من قبرها في أفينيون. 

كان هناك جدل كبير حول طبيعة ومدى تأثير هارييت تايلور على “مل”، لكن ما لا يمكن الشك فيه هو أن “مل” وجد في هارييت شريكة حياته، صديقته، والشخص الذي يقدم له الدعم إذ (( دائما ما أقر ميل بفضل هاريت عليه، معتبرا إياها أعظم رفيق فكري، وخير عون له في تقويم مذهب بنتام ))[18]، وعليه فمن المحتمل أن يكون “مل” قد تأثر بها بشكل أكبر في المجال السياسي والأخلاقي والاجتماعي، ولكن بشكل أقل في مجال المنطق والاقتصاد السياسي مع استثناء محتمل لآرائه حول الاشتراكية.

وبعد تقاعده من شركة الهند الشرقية، تفرغ “مل” للعمل السياسي حيث أصبح عضو في مجلس العموم، ورغم أنه لم يكن فعالا بشكل كبير خلال فترة ولايته الوحيدة كعضو في مجلس العموم، إلا أنه شارك في ثلاثة أحداث مثيرة:

– حاول “مل” تعديل قانون الإصلاح 1867م، بحيث طالب بحق التصويت للمرأة، وعلى الرغم من فشله، إلا أنه أحدث زخما لحقوق التصويت للنساء.

– ترأس “مل” اللجنة الجامايكية، التي ضغطت – بدون نجاح – لمحاكمة حاكم جامايكا الذي تعامل بوحشية بعد انتفاضة الفلاحين السود الذين كانوا يحتجون ضد الفقر وحرمانهم من أبسط حقوقهم.

– استخدم “مل” نفوذه مع قادة الطبقات العاملة لتفكيك مواجهة خطيرة محتملة بين قوات الحكومة والعمال (( الذين نظموا مظاهرة في حديقة “هايد بارك”  Hyde Parkبلندن أقضت مضجع الحكومة))[19].

بعد انتهاء ولايته وفشله في الفوز بولاية ثانية، أصبح “مل” يمضي معظم وقته في فرنسا، حيث كتب وتنزه وعاش إلى جانب ابنة زوجته، هيلين تايلور (Helen Taylor)، توفي “مل” في عام 1873 في أفينيون ودفن بجوار زوجته هارييت تايلور مل، ورغم وفاته إلا أن كتاباته في الأخلاق والفلسفة السياسية لا تزال تقرأ حتى الآن، فالعديد من كتاباته خاصة كتاب “عن الحرية” وكتاب “النفعية” و “استعباد النساء” لا تزال تطبع وتدرس في معظم جامعات العالم.

  •  أهم أعماله:
  • ·        1843 A System of Logic.
  • ·        1848 Principles of Political Economy.
  • ·        1859 On Liberty.
  • ·        1861 Utilitarianism.
  • ·        1961 Considerations on Representative Government.
  • ·        1865 Examination of  Sir William Hamilton’s Philosophy.
  • ·        1965 Aguste Comte and Positivism.
  • ·        1969 The Subjection of  Women.
  • ·        1873 Autobiography.
  • ·        1874 Three Essays on religion.

[1] – برتراند راسل، حكمة الغرب، ترجمة فؤاد زكريا، ج2، عالم المعرفة، ط.2، الكويت، يوليو 2009، ص.177-178.

[2] – المرجع نفسه، ص.178-179.                

[3] – توفيق الطويل، جون ستيوارت مل، دار المعارف، د ط، مصر، ص.9.

[4] – توفيق الطويل، جون ستيوارت مل، مرجع سابق، ص.11.

[5] – برتراند راسل، حكمة الغرب، ج2، مرجع سابق، ص.180.

[6] – المرجع نفسه، ص.181.

[7] – توفيق الطويل، جون ستيوارت مل، مرجع سابق، ص.10.

 [8]- المرجع نفسه، ص11.

 [9]- برتراند راسل، حكمة الغرب، ج2، مرجع سابق، ص.184.

[10] – المرجع نفسه، ص.183.

[11]  فردريك كوبلستون، تاريخ الفلسفة (المجلد الثامن) من بنتام إلى رسل، ترجمة محمود سيد أحمد، مراجعة وتقديم إمام عبد الفتاح إمام، المركز القومي للترجمة، ط1، القاهرة، 2009، ص.53.

[12] –  توفيق الطويل، جون ستيوارت مل، مرجع سابق، ص.23.

[13] – فردريك كوبلستون، تاريخ الفلسفة (المجلد الثامن) من بنتام إلى رسل، مرجع سابق، ص.54-55.

[14] – رودلف متس، الفلسفة الإنجليزية في مئة عام، ترجمة فؤاد زكريا، ج1، مؤسسة هنداوي، 2022، ص.56. 

[15] – فردريك كوبلستون، تاريخ الفلسفة (المجلد الثامن) من بنتام إلى رسل، مرجع سابق، ص.55.

[16]– جون ستيوارت مل، سيرة ذاتية، ترجمة الحارث النبهان، دار التنوير للطباعة والنشر، ط.1، بيروت، 2015، ص.166-167.

[17]– فريدريك روزن، مل، ترجمة عاطف يوسف سليمان، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط.1، بيروت، 2017، ص.97.

[18] – مايكل ج. ساندل، العدالة ما الجدير أن يعمل به؟، ترجمة مروان الرشيد، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، بيروت، ط.1، 2015، ص.63.

[19] – توفيق الطويل، جون ستيوارت مل، مرجع سابق، ص.56.
_________
**أسامة بوخالد، طالب من المغرب حاصل على شهادة الإجازة الأساسية في شعبة الفلسفة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس.

جديدنا