مقدِّمة كتاب: تمظهرات السلوك الإنساني في المجتمع المعاصر

حسام الدين فياض

تهدف مقالات الكتاب إلى رصد تمظهرات السلوك الإنساني في مختلف المواقف الحياتية، والتي تعبّر بالضرورة عن مدى توافق الفرد مع نفسه والآخرين. فقد أثبتت معظم دراسات علم النفس الاجتماعي أن التوافق الشخصي للفرد يتجسد بطبيعة الحال عندما يكون الفرد راضياً عن نفسه، وتخلو حياته الاجتماعية من الصراعات النفسية والتوتر، التي ترتبط بمشاعر الذنب، والقلق، والقهر، والنقص، وهذا يعني أن لدى الفرد القدرة على التوفيق بين دوافعه المتعددة وأدواره الاجتماعية المتصارعة مع هذه الدوافع لتحقيق الرضا لنفسه والاستقرار، وإزالة القلق والتوتر، والشعور بالسعادة. بينما يشير مفهوم التوافق الاجتماعي إلى انسجام الفرد في علاقته مع محيطه الاجتماعي وتكوين علاقات اجتماعية مثمرة، ومتوازنة، وممتعة قادرة على بناء جسور التعايش والتسامح وتقبّل الآخرين، والتحرر من الميول المضادة للمجتمع.

النظريَّة النقديَّة المعاصرة؛ مدرسة فرانكفورت نموذجًا

حسام الدين فياض

ترفض النظرية النقدية ربط الحرية بأي تنظيم مؤسسي أو منظومة فكريَّة محدَّدة، إنها تبحث في الافتراضات والأغراض الخفيَّة للنظريَّات المتضاربة وأشكال التطبيق القائمة. وليست هذه النظرية بحاجة إلى توظيف ما يعرف ﺑ”الفلسفة الدائمة “، إذ تصرّ على أنَّ التفكير يجب أن يستجيب للمشكلات الجديدة والاحتمالات الجديدة للتحرُّر التي تنبثق عن تغيُّر الظروف التاريخيَّة. كانت النظريَّة النقديَّة – التي تتَّسم بأنَّها متعدِّدة التخصُّصات، وتجريبية في جوهرها على نحو فريد، ومتشكِّكة على نحو عميق في التقاليد والمزاعم المطلقة كافة – مهتمَّة دائماً، ليس فقط بالكيفية التي عليها الأمور بالفعل، وإنَّما أيضاً بالكيفيَّة التي يمكن أن تكون الأمور عليها أو يجب أن تكون عليها. وقد دفع هذا الالتزام الأخلاقي مفكِّريها الكبار لتطوير مجموعة من الموضوعات والمحاور ومنهج نقدي جديد غيَّر وجه فهمنا للمجتمع.