مقترح رقمنة المجالس الشعبيَّة الولائيَّة في الجزائر

image_pdf

ثبت من لقاءات وملتقيات دوليَّة، أنَّ الجزائر لا تزال غير قادرة على التحكُّم في التكنولوجيات الحديثة في ظلِّ التحوُّل الرقمي الذي يشهده العالم وهو يعيش زمن الروبوتات والذكاء الاصطناعي، ليس من جهة كونه حلقة من حلقات تطوُّر العلم، وإنما من حيث التجاوب مع التطوُّر التكنولوجي ومواجهة العولمة، ولذا على المسؤولين المحليِّين إدراك أهميَّة الرقمنة خاصَّة في إدارة الموارد البشريَّة حيث أصبحت أمرًا حتميًّا وضروريًّا لإعطاء مؤسَّسات الدولة نظام معلومات فعَّال ودقيق من أجل التأقلم والتفاعل مع كل التحوُّلات.

فالرقمنة ليست توفير أجهزة إعلام آلي وزرع شبكة الإنترنت فيها، ولو أنَّ هذه خطوة كبيرة تخطوها الجزائر في عالم التطوُّر التقني، لكنها لا تزال بعيدة عن الرقمنة، والدليل عدم تحكُّمها في التكنولوجيات الحديثة في الملتقيات الدوليَّة لما نقف على تقاطع صوت المشاركين عبر تقنية التحاضر عن بعد، ويتعذَّر على المشاركين متابعة المداخلات التي يقدِّمها الأساتذة عن بعد، هي واحدة من المُعَوِّقات التي يعاني منها منظِّمو هذه اللقاءات والملتقيات الدوليَّة، الأمر إلى حد الآن يبدو عاديًّا، لأنَّ هذه الملتقيات الدوليَّة لا تنظَّم إلا في وجود مناسبة، أو للضرورة عندما يتعلَّق الأمر بتسليط الضوء على إشكاليَّة تشترك فيها الأمة، كالإشكاليات التي تعالج قضايا الأمم والشعوب في إطار حوار الثقافات والأديان، أو قضايا مرتبطة بالثورات والحروب ومصائر الشعوب، لكن أن تعالج ملفَّات بطريقة كلاسيكيَّة على مستوى المجالس الشعبيَّة الولائيَّة في الجزائر فهذا يطرح كثيرًا من الأسئلة عن سبب تأخُّر الجزائر في مواكبة الرقمنة، خاصَّة بالنسبة للمدن الكبرى كمدينة قسنطينة ( كعينة) التي تعتبر قطبا صناعيَّا بامتياز، ما يدفعها نحو التكيُّف مع كل أنواع الرقمنة في مختلف القطاعات ذات الأهميَّة كقطاع الصناعة والزراعة وغير ذلك..، فعلى غرار المجالس الشعبيَّة الولائيَّة الأخرى بالجزائر، لا يزال المجلس الشعبي الولائي بعاصمة الشرق يعالج ملفات مشاريع الولاية بطريقة كلاسيكيَّة جدا، باستعمال الورق، فإن كان كل ملف يحتوي على 40 ورقة أو أكثر، يمكن أن نتصور، كم عدد الأوراق في حالة معالجة 03 ملفات أو أكثر لعدة قطاعات في دورة واحدة، يعني وزن الأوراق قد يصل وزنها إلى 05 كلغ، ثم ماذا يعني إعادة قراءة ما هو مطبوع من التقارير وكل منتخب بحوزته ملف؟ أليس هذا هدر للوقت؟  خاصة وأن قراءة كل ملف قد تستغرق ساعة كاملة أو أكثر، ما نلاحظه كذلك هو غياب الانضباط أثناء الدورة، فأثناء قراءة التقارير نجد جل المنتخبين خارج القاعة، وفي الكواليس وكأن مشاكل المواطن لا تعني لهم شيئًا.

 

هذه ملاحظات عابرة فقط، وبدون خلفيَّات، السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هو كالتالي: هل يصعب على السلطات الولائيَّة بدءًا من الوالي إلى رئيس المجلس الشعبي الولائي أن يتجاوز الطريقة الكلاسيكيَّة في معالجة ملفاته ويطرق باب العصرنة؟ كان عليه أن يتفادى الميزانيَّة الخاصة للورق كل سنة، أمام ارتفاع أسعار الورق، لاسيما ودور النشر غالبا ما تشتكي من أزمة ورق وارتفاع أسعارها، كان على المسؤولين المحليين أن يرقمنوا مصالحهم الإداريَّة، ليس صعب إذن على مسؤول سامي في الولاية أن يخصِّص جهاز إعلامي لكل منتخب بالمجلس الشعبي الولائي لمعالجة مشاريع الولاية طيلة العهدة، ويمكنه عن طريق هذه الأجهزة (بعد تزويدها بشبكة الإنترنت)، استعمال تقنيات الاتصال الرقمي وتكون المعالجة (على الأقل) عن طريق الـ: “بي دي أف” PDF، وهذا من شأنه الاستثمار في الوقت وتجنب فاتورة الورق كل سنة وما يرافقها من تبذير في حالة وجود أخطاء، من جهة، ومن جهة أخرى القضاء على البيروقراطيَّة، كذلك خلق أرشيف رقمي دون التخلص من الأرشيف الورقي، على أن تظل هذه الأجهزة ملكا للمجلس الشعبي الولائي وتكون تحت تصرف منتخبين في العهدات الجديدة.

ولذا فإنَّه على المسؤولين المحليين إدراك أهميَّة الرقمنة خاصة في إدارة الموارد البشريَّة حيث أصبحت أمرا حتميًّا وضروريَّا، لإعطاء مؤسَّسات الدولة نظام معلوماتيا فعالا ودقيقا من أجل التأقلم والتفاعل مع كل التحولات، للولوج إلى الحكومة الإلكترونيَّة. الملاحظة التي نقف عليها في كل دورة عاديَّة للمجلس الشعبي الولائي أنَّ الملفات تسلَّم للمنتخبين في اليوم الذي تعقد فيه الدورة، ولذلك يتعذَّر عليهم الاطلاع على محتوى الملفات،كان من المفروض أن تسلَّم الملفات للمنتخبين بيومين قبل انعقاد الدورة حتى يتمكَّنوا من مراجعتها وتحديد النقاط التي يمكن مناقشتها في الدورة، لكن ذلك لن يحدث منذ عهدات عديدة.​

__
*
علجيَّة عيش

جديدنا