الإدمان على الألعاب الإلكترونية وعلاقته بظاهرة التنمُّر والعنف الإلكتروني

image_pdf

مقدمة:

تعد الأمريكية(1995) Kimberly young  أول من استعمل مصطلح الإدمان على الانترنت، حيث عرفته أنه :”ذلك الاستخدام الذي يتجاوز 38 ساعة أسبوعياً.

انتبهت منظمة الصحة العالمية في عام 2018م إلى ما خلفه الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، وصنفت رسمياً الإدمان على الألعاب الالكترونية ضمن ما أسمته (الاضطراب الناجم عن اللعب) Gaming disorder وعرفته كنمط من سلوكيات اللعب التي تتميز بضعف التحكم في ممارسة اللعب وزيادة الأولوية التي تعطي للعب على حساب الأنشطة الأخرى. وينطوي على إدمان الانترنت عدة خصائص، تميزه عن غيره من أنواع الإدمان الأخرى، تتمثل في:

  • البروز salience: بحيث يصبح النشاط أكثر الأنشطة أهمية في حياة الفرد.
  • تعديل المزاج Mood Modification: شعور بالنشاط العالي أو شعور بالتخدر.
  • التحمل Tolerance: زيادة كمية المادة المخدرة أو النشاط الذي يحتاجه معظم الوقت لإنتاج نفس تأثير الابتهاج.
  • أعراض الانسحابwithdraw : حالات الشعور غير السارة التي تحصل عند انتهاء النشاط أو اللعبة الالكترونية أو وجود سبب يحول دون الاستمرار فيها.
  • الانتكاس Relapse: الميل إلى تكرار العودة إلى نمط الاستخدام المرضي المبكر والأنماط الأكثر تطرفاً من الاستعمال التي تعود بسرعة بعد العديد من سنوات السيطرة أو الامتناع.

ويحدد مركز الإدمان أون لاينThe center for online addiction  بعض أشكال من الإدمان الالكتروني، مثل:

  • إدمان الجنس الافتراضي من خلال حجرات المناقشة، ومشاهدة المواد الإباحية باستمرار والاحتفاظ بها.
  • الإدمان على العلاقات الافتراضية من خلال نسج علاقات افتراضية عبر الانترنت لتصبح أهم من العلاقات الواقعية.
  • الإرهاق المعلوماتي للفرد، نتيجة للكم المعلوماتي الهائل الذي توفره المواقع الالكترونية وقواعد البيانات وغيرها.
  • الاستعمال والاستهلاك المكثفين لألعاب الفيديو المتاحة على الشبكة، خاصة متعددة اللاعبين.

ويمكن تعريف الإدمان على الألعاب الالكترونية على أنه: “شكل من أشكال التعلق الشديد باللعبة الالكترونية المتاحة على الانترنت أو في تطبيقات الهاتف الذكي إلى درجة العزوف عن الأكل والشرب والعمل والدراسة وأحياناً النوم، فتصبح اللعبة المحور الأساس لحياة الفرد، وطريقة مثلى لسد اشباعاته النفسية، الأمر الذي يسبب انغماس في عالم الخيال واغتراب اجتماعي وأسري”.

كان لتفشي جائحة كورونا في مختلف دول العالم أثر في تزايد الإقبال على وسائل الترفيه وأكثرها ألعاب الفيديو والانترنت لا سيما من طرف الأطفال في فترة الحجر المنزلي لدرجة أن أصبح عدد منهم مدمناً على هذه الألعاب، وقد يعزى السبب في ذلك إلى غياب برامج المواكبة والدعم لأنشطة بديلة، واعتبار أفراد الأسرة فترة الحجر فترة لا تختلف عن باقي الأيام العادية، غافلين مسألة مهمة هي أن الطفل في الظروف العادية يمارس اللعب بشتى أنواعه ولا تنحصر اهتماماته في اللعب الالكتروني.

أعراض الإدمان الالكتروني على الألعاب:

من بين الأعراض التي يتم وفقاً لمؤشراتها اعتبار الفرد مدمن على الألعاب الالكترونية، ما يلي:

  • عدم إعطاء أهمية للوقت بالبقاء في مكان اللعب لفترة طويلة بسبب ضعف القدرة على التحكم في الوقت المخصص للعب.
  • عدم النوم الكافي لبقاء ذهن اللاعب(المدمن) متعلق بصور وتأثيرات اللعبة الالكترونية لساعات طويلة.
  • انعكاسات على مردودية العمل، ونتائج الدراسة بسبب قلة التركيز والتشتيت الذهني.
  • تناول أكل غير صحي (مشروبات غازية، وجبات سريعة،..) وذلك للحفاظ على ديمومة اللعب.
  • ظهور أعراض التعب، والإرهاق النفسي، والميل إلى العزلة والابتعاد عن العلاقات الاجتماعية.

وعطفاً على ما تقدم، وكما أسلفنا أن أهم الآثار الوجدانية للألعاب الالكترونية هو تسليع القيم، بحيث تصبح حياة الفرد سوقاً تجارية، وتصبح كل ثانية من عمر الإنسان سلعة يمكن الاتجار بها، فإن الأمر يفتح المجال واسعاً أمام التنمر الالكتروني.

التنمر الالكتروني:

يعرف التنمر الالكتروني بأنه: ” عدوانية الفعل أو السلوك التي تتم باستخدام وسيط الكتروني أو تطبيق على الانترنت من خلال (الهواتف المحمولة، الحاسوب، كاميرات الفيديو، البريد الالكتروني) وذلك من قبل فرد أو جماعة بشكل متكرر ضد شخص معين لا يستطيع الدفاع عن نفسه بسهولة الأمر الذي يلحق به الضرر”

وتتعدد أشكال التنمر الالكتروني كصور من العنف، سواء على مستوى السلوك أو التفكير في الفعل، فمنها ما يعبر عن الغضب الالكتروني أو التحرش خاصة الجنسي منه، أو التحقير الالكتروني والتنكر، والفضح وانتهاك الخصوصية، والإقصاء كأن يطرد المتنمر الضحية من جماعة (أون لاين) أو خدمة من مواقع التواصل الاجتماعي، أو لعبة جماعية، وكذلك القرصنة، وهو ما يمثل حالة من حالات انتهاك الخصوصية.

ويعد التنمر الالكتروني أكثر خطورة من أشكال التنمر التقليدية الأخرى لأسباب عديدة، أهمها: أن التنمر الالكتروني يعتمد على الخبرة التكنولوجية، والتخفي الرقمي، كما أنه يصعب الهروب منه فهو يتخطى الحدود المكانية والزمانية وعدد المتنمر عليهم بأقل جهد، ويتفرد عن غيره من أشكال التنمر في أنه يقلل من مستوى المسؤولية والمحاسبة للمتنمر حيث يتوفر عنصر المواجهة وجهاً لوجه، إضافة إلى أنه أكثر انتشاراً في حياة الضحية.

وللتنمر الالكتروني آثار جلية على المتنمر والمتنمر عليه بحد سواء، حيث يسبب كثيراً من الأمراض النفسية، مثل: الشعور بالعدائية تجاه الآخر والرغبة في الانتقام والشعور بالقلق وضعف الثقة بالنفس، وهم غالباً ما يكونوا أقل مهارة اجتماعياً، ولديهم مستويات منخفضة من تقديرات الذات، ومستويات عالية من الضغوط الانفعالية.

وبهذا الصدد تكاثفت الجهود الدولية للحد من هذه الظاهرة، حيث قامت منظمة (دعم تنمية الشباب) في رومانيا، ومنظمة IFALL  في السويد ومنظمة (السير معاً) في بلغاريا و(جمعية المستقبل الرقمي) في إيطاليا، ومنظمة (الأخوة المغامرين) في استونيا بالتعاون مع الشبكة الدولية للحقوق والتنمية لتنظيم ورش العمل وحملات توعوية من أجل رفع مستوى الوعي بين مجموعات من قادة الشباب الأوروبي بخصوص التنمر الالكتروني، خاصة بعدما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF بتاريخ 28/8/2019 نتائج استطلاع لرأي أشار فيه 170000 شاباً من(30) دولة حول العالم ومن الأعمار (13-24) سنة، والذي أظهرت نتائجه أن 30% من أفراد العينة قد تعرضوا للتنمر الالكتروني، وأن 20% منهم ترك التعليم لأجل هذا السبب، وأن 25% مارس التنمر على غيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأن 60% منهم  لا يعرفون آليات التعامل مع خطر التنمر الالكتروني.

وتجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من أن الانترنت يزخر بالابتزاز بجميع أشكاله سواء التحايل المادي أو التحرش الجنسي وغيرها، فإن لفظ (التنمر الالكتروني)لا يطلق إلا على الابتزاز الذي يكون فيه كلا الطرفين أو أحدهما على الأقل طفلاً أو مراهقاً، بمعنى أن الابتزاز الالكتروني أو التحرش بالنسبة للبالغين يدخل في نطاق مصطلح (الجريمة الالكترونية) تبعاً لتصنيفها، ويسمى بالتحرش عبر الانترنت Cyber-harassment لذا، يوجد للتنمر الالكتروني سبعة أشكال مختلفة، هي:

  1. الغضب الالكتروني: ويشير إلى إرسال رسائل الكترونية غاضبة وخارجة عن شخص الضحية إلى جماعة ما (أون لاين) أو شخص الضحية نفسه عبر البريد الالكتروني أو تطبيق واتس أب غيره من التطبيقات التي يمكن إرساله عبره.
  2. التحرش الالكتروني: ويشير إلى إرسال رسائل مهينة بشكل متكرر عبر البريد الالكتروني أو الفيس بوك إلى شخص آخر.
  3. الحوار الالكتروني الحاد: وهو الذي يشير إلى التهديد بالأذى، أو الإفراط في الاهانة والقذف من خلال المحادثات الافتراضية.
  4. التحقير الالكتروني: وهو إرسال عبارات مهينة ومؤذية غير حقيقية أو ظالمة عن شخص الضحية إلى الآخرين أو إنشاء منشورات (بوستات) على مواقع التواصل الاجتماعي من مثل هذه المادة.
  5. التنكر: وهو تظاهر المتنمر بأنه شخص آخر ويقوم بإرسال رسائل أو منشورات تجعل الآخر يبدو سيئاً.
  6. الفضح أو انتهاك الخصوصية: وذلك من خلال إرسال منشورات تشتمل على معلومات خاصة أو صورة بالشخص أو سرقة الحسابات الخاصة باستخدام (الهكر) للاستيلاء على معلومات تخص الضحية، ومثال ذلك في الألعاب الالكترونية سرقة حسابات اللعبة.
  7. الإقصاء: وهو قيام المتنمر بكل المحاولات الممكنة طرد الضحية من جماعة (الأون لاين) أو حذفه من لعبة مشتركة أو خطره من صفحة الفيس بوك، وحث الآخرين على ذلك دون وجود مبرر مقنع سوى ممارسة القوة والتنكيد على الضحية.

ولإظهار العلاقة الطردية بين الإدمان على الألعاب الكترونية وممارسة والعنف والتنمر الالكتروني حذر الكثير من الخبراء من الآثار المترتب على ممارسة الألعاب الالكترونية التي تسهم في نشر الكراهية والسلوك العدواني مثل لعبة PUBG التي تثير شهية الممارسين إلى استخدام سلاح اللعبة في الحياة الطبيعية، وتوهمهم بأن العنف هو الوسيلة الحقيقية للوصول إلى الهدف المنشود أوحل النزاعات والخلافات الحياتية، ومن الألعاب الخطيرة أيضاً التي تثير النزعة الشيطانية لدى الأطفال والمراهقين لعبة (الحوت الأزرق) وهي لعبة تتكون من مجموعة من التحديات تمتد إلى (50) يوماً، وفي التحدي النهائي يطلب منها من اللاعب قتل نفسه بطريقة بشعة.

خلاصة المشهد:

لقد شهدت مبيعات الألعاب الالكترونية خلال الأشهر الماضية ارتفاعاً واضحاً بجانب ارتفاع معدلات استخدام هذه الألعاب، وذلك بسبب تداعيات جائحة كورونا الصحية، حيث كشف تقرير منصة  Games Industry أن مبيعات 16 شركة منتجة للألعاب الالكترونية ارتفعت بنسبة كبيرة في حوالي 50 دولة، وأن 4.3 مليون لعبة جرى تحميلها خلال الربع الأخير من العام 2020م. كما كشف تقرير Hollywood reporter ارتفاعاً في نسب استخدام الألعاب الالكترونية بمتوسط نسب تصل إلى 75% عن النسب المعتادة، بنسبة تزيد عن 60% وألمانيا بنسبة 64%، والدول العربية مجتمعة بمتوسط نسبي مقداره 84%.

الحقيقة التي يصعب إنكارها أنه لم يعد غريباً أن ينجذب أبناء الجيل الجديد نحو الألعاب الالكترونية على حساب الألعاب التقليدية، بعد انتشار ألعاب الفيديو والانترنت في السنوات الأخيرة حتى باتوا يفضلونها، واعتادوا ممارستها لتطغى وتفرض نفسها عليهم وتصبح جزءاً من نمط حياتهم اليومية لما تتضمنه من مجموعة كبيرة من العوامل الجاذبة ومعززات اشباع الرغبة وتفريغ للطاقة (السلبية، الإيجابية) بحسب نوع اللعبة وطبيعتها وما تحويه من مضامين، كما أنها سهلة ومتوفرة في أي وقت وبخيارات متعددة.

تعد الألعاب الالكترونية سلاحاً ذو حدين، فبرغم السلبيات التي أجمعت عليها الدراسات إلا أنها لا تخلو من الإيجابيات، فهناك نوع من الألعاب الالكترونية التربوية التي تشجع على نمو المنطق واكتساب المهارات والمعرفة بطريقة ممتعة، حيث تشكل مصدراً يدفع المتعلمين إلى محاولة تطوير معلوماتهم ومعارفهم بوضعها على المحك العملي إضافة إلى أنهم يتعلمون أموراً لا يعرفونها.

لكن على مستوى تحليل التأثيرات السلبية التي تحتاج إلى تدقيق كبير، فقد تكون هذه التأثيرات أقوى تأثيراً على حياة الأجيال الناشئة الجسمية والنفسية والاجتماعية والدراسية. فعلى المستوى المعرفي، قد يضعف إدمان هذه الالعاب الطلاقة اللغوية لدى الطفل، حيث يعتمد التواصل اللغوي الرائج في الألعاب الإلكترونية على استعمال مجموعة من الأوامر والأفعال المحدودة، وعلى استعمال لغة بسيطة وإن كانت علمية، كما أنها تسرب عبارات والفاظ غريبة أو تراكيب غير سليمة، كما أنها تكرس لدى الطفل ثقافة الفسيفساء من خلال تسطيح المعرفة وتركيزها على المشاعر والرغبات أكثر من العقل والمنطق، وهو ما يقلل من إدراكه لواقعه وللحقائق المحيطة به،  كما تقدم الألعاب الإلكترونية سيلاً من المعلومات الذي يمكن أن يصيب الطفل بما سميته بـ (تخمة المعلومات) التي تمنعه من الاقبال على الدراسة أو المطالعة، كما تضعف لديه ملكة التخيل والابتكار والقدرة على التجريد، كما أن اقتحام  الشاشات لأوقات فراغ الطفل تغرقه في أحلام اليقظة التي تشكل قصفاً عشوائياً لعواطفه ومشاعره مما يؤثر على شخصيته وقدراته الخيالية.

وعلى المستوى القيَمي والوجداني، فإن الافراط في ممارسة الألعاب الإلكترونية يضعف المناعة الفكرية التي تحدد سلوكه مع مثيرات العالم الخارجي، وتجعله يستنفر المقاومة الذاتية المكتسبة عن طريق التنشئة الاجتماعية، حيث تعتمد هذه الألعاب في تسويقها على الترويج للعنف وللجنس والمتعة تصريحاً او ضميناً، وفي هذا الجانب أثبتت العديد من دراسات الاتصال أن من التأثيرات السلبية للألعاب الإلكترونية بروز أشكال التقمص الوجداني وتقليد الصفات السلبية كتعلم مهارات الغش والسرقة والتلصص، ولعل الأخطر من هذا كله على المستوى الوجداني هو صناعة الطفل المغترب، حيث تبدأ صناعة الاغتراب في الألعاب الإلكترونية بداية بتحييد قيم حياة الفرد والجماعة (إبعادها كعوامل مؤثرة) واعتماد القيم في المحتوى الترفيهي إلى ما يسوق الجمهور حسب رغباته، الأمر الذي يحقق متعة لحظية ذات آثار كارثية قائمة على تسليع القيم في عالم تسود فيه ثقافة تسليع التجارب الثقافية والروحية لعالم الليبرالية المتوحشة أو عصر الوصول.

وعلى المستوى السلوكي والاجتماعي، فحدث ولا حرج حول تضييق دوائر الانتماء نحو العزلة الاجتماعية، وإضعاف التواصل الفردي والحراك الاجتماعي، فيتقلص الزمن الاجتماعي، ويتضخم زمن اللعب الإلكتروني، إضافة إلى التماهي السلوكي مع صور الالعاب الإلكترونية وشخصياتها وتطبيع السلوك العنيف والمنحرف، فبحسب نتائج الدراسات العلمية، تبدو الصورة العنيفة حقيقية للصغار الأطفال (دون سن 8 سنوات) لأنهم لا يستطيعون بسهولة التمييز بين الحياة الواقعية والخيال.

وعطفاً على ما تقدم، وإضافة إلى رزمة الأضرار النفسية والوجدانية فإن الإدمان على هذه الألعاب قد يتسبب في مشكلات صحية بالغة الخطورة كإصابات الرقبة وتقوس الظهر وتشبُّح الأطراف، والتهاب المفاصل، واضطرابات في الجهاز العضلي، الأمر الذي لا يستبعد أن تتسبب في إعاقة دائمة للجهاز البصري.

وبعيداً عن هذا كله، وإن كان انتباه الوالدين لهذه المخاطر شارداً أو وارداً في حدود أنه فرصة للإلهاء، فإن غياب التربية الوالدية قد ترك فراغاً كبيراً أمام وسائل الترفيه، والألعاب الإلكترونية التي تفتقر في الغالب إلى المصداقية والموثوقية لتعيث فسادا في منظومة القيم الاجتماعية والمهارات الشخصية للأطفال، إلى الحد الذي انعدم لدى الغالبية منهم مفهوم الوقت الاجتماعي. وعليه، فإن المسؤولية الأخلاقية والتربوية والقانونية تقتضي عاجلاً على الآباء والأمهات وعياً جذرياً متعدد الأوجه والمستويات لمخاطر هذه الظاهرة التي ستظهر تداعياتها في المستقبل القريب، وتمتد هذه المسؤولية إلى أمانة التاريخ والحضارة والانسانية من خلال سطوة آثار هذه الألعاب على المعنى الحقيقي للإنسانية والهوية واللغة، وعلى النسيج الاجتماعي.

إن الأمر جد خطير ويستلزم تدخلاً تربوياً قائماً على التوعية وفهم الفضاء السيبراني الذي أصبحنا جميعاً نبحر فيه مُسيَّرين لا مُخيَّرين، مُتعالين يوماً بعد يوم عن الفضاء الزماني والمكاني الواقعي الذي نعيشه، فاقدين ملامح تشكل المواطنة الرقمية التي تمثل نظام حماية لجميع الأفراد عند استخدام الوسائط الرقمية وأجهزة الحاسب المحمولة، وشبكة الانترنت بصورة إيجابية، وتسعى إلى إيجاد الشخصية المتكاملة للمواطن الرقمي من خلال:

  • الممارسة الآمنة والاستخدام المسؤول (القانوني- الأخلاقي) للمعلومات والتكنولوجيا.
  • اكتساب السلوك الإيجابي، والذي يتميز بالتعاون والتعلم الإيجابي والإنتاجية.
  • تحمل المسؤولية الشخصية للتعلم أو الترفيه في إطار من الاتيكيت واللياقة الرقمية.

إن التوجه الحقيقي نحو المسؤولية في هذا الجانب يتطلب اقتحام مجال صناعة الألعاب الإلكترونية التربوية، وتشجيع المبادرات ذات الصلة على تضمين القيم والخصوصيات الحضارية في مضامينها، وكذلك دعوة الآباء والأمهات إلى التركيز على مدى ومستوى التحكم في أوقات ونوعية ألعاب الأبناء، وتكثيف التوعية لديهم بالتعاون مع من يحبون، وفي وجود بدائل تحقق المتعة القائمة على الاختيار، وليس الارغام.

التوصيات:

على ضوء ما تم عرضه، وقناعاتنا بأن الألعاب الالكترونية من أخطر أدوات تعميق الاغتراب وأكثر الوسائل الدافعة إلى العزلة والانطواء نوصي بما يأتي:

  1. أن تقوم الأسرة بدورها في الإحاطة والتحذير من الإفراط في استخدام الألعاب الالكترونية المناسبة.
  2. إنشاء مركز وطني لإجراء البحوث ذات العلاقة بالألعاب الالكترونية مهامه: (الدعم النفسي للمتأثرين سلباً بالألعاب الالكترونية، إنتاج ألعاب الكترونية تتوافق مع عادات وتقاليد المجتمعات العربية والإسلامية).
  3. إيجاد نظام تصنيف للألعاب الالكترونية على غرار مجلس تصنيف البرمجيات الترفيهية Entertainment software Rating Board ليكون مرجعاً لتصنيف الألعاب حسب الأعمار، ومختص بتوضيح محتوى كل لعبة.
  4. تبني وزارة التربية والتعليم برنامجاً توعوياً للطلبة في المرحلة الأساسية، وكذلك اعتماد بعض الألعاب الالكترونية التي لها أثر إيجابي كنشاط مصاحب للتعليم في المدارس.

المراجع:

ابتسام، رايس (2020). إدمان اللعب الالكتروني واضطرابات النوم، المؤتمر الدولي (الألعاب الالكترونية وتأثيرها على الطفل في ظل جائحة كورونا)، المركز الديمقراطي العربي-برلين، ص166.

العمار، أمل (2016). التنمر الالكتروني وعلاقته بإدمان الانترنت في ضوء بعض المتغيرات الديموغرافية، مجلة البحث العلمي في التربية، 17(1)، 224-251.

عمارة، نائلة (2005). استخدامات الانترنت والتفاعل الاجتماعي لدى الشباب الجامعي، مؤتمر صحافة الانترنت في العالم العربي، الشارقة، 22-23 نوفمبر، ص 437-381.

مليكة، جاسي وحياة، شرارة (2020). التنمر الالكتروني: دراسة نظرية في الأبعاد والممارسات، مجلة الإعلام والمجتمع، 4(1)، ص77.

محمد، ثناء. (2019). واقع ظاهرة التنمر الالكتروني لدى طلاب المرحلة الثانوية في محافظة الفيوم وسبل مواجهتها، مجلة جامعة الفيوم للعلوم التربوية والنفسية، 12(2)، 180- 247.

الجبور، سامح (2020). التنمر الالكتروني في البيئة المدرسية ومخاطره التربوية النفسية وسبل الحماية، المجلة الأكاديمية المفتوحة للعلوم التطبيقية والإنسانية، 1(1)، 14-42.

المكانين، هشام ويونس، نجاتي والحياري غالب (2017). التنمر الالكتروني لدى عينة من الطلبة المضطربين نفسياً وانفعالياً في مدينة الزرقاء، مجلة الدراسات التربوية والنفسية، جامعة السلطان قابوس، 12(1)، ص181.

[1]قويدر، مصطفى (2020). الألعاب الالكترونية وعلاقتها بالتنمر الالكتروني لدى الأطفال، مؤتمر (الألعاب الالكترونية وتأثيرها على الطفل في ظل جائحة كورونا)، المركز الديمقراطي العربي، برلين، 7-8/يونيو، ص81.

رحيل، دعاء (2020). ألعاب الكترونية تثير الذعر داخل الأسر المصرية، متاح على الرابط www.sfahi.com

كفافي، اسلام (2020). نمو كبير في سوق الألعاب الالكترونية بسبب كورونا، مجلة مباشر بلس، متاح بتاريخ (27/5/2021) على الرابط  www.pulse.mubasher.info/news/coronavirus/14388

الأنصاري، رفيدة (2020). الألعاب الالكترونية ومدى تأثيرها في تكوين ثقافة الطفل، مجلة مركز بابل للدراسات الإنسانية، 10(1)، 301- 333.

Bojikaba, E.(2014).Assessing the prevalence of Gaming computer Addiction at Younger Teenagers, Vestnik Mininskogo universiteta Journal, 3(1), 1-6.
_________

*د.محمود عبد المجيد عساف / وزارة التربية والتعليم – فلسطين.

جديدنا