متطلّبات التعليم من أجل المواطنة في المجتمع

image_pdf

” رؤية تأصيليَّة”

مقدمة:

يمرُّ المجتمع العربي بجملة من التغيرات، التي أثّرت وبشكل ملحوظ في إحداث تحولات جذرية على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، فالانفتاح الكبير الذي شهده العالم في ظل سيادة العولمة كقضيـة عالمية وما تبعها من قضايا معاصرة، كان له أثره الواضح في انفلات حلقات الترابط بين أصالة المجتمع العربي وبين المعـاصرة؛ بما تحمله من قضايا ومستجدات، ولـهذا برزت على الساحة الفلسطينية، الكثير من المشكلات والقضايا التي أسهمت في خلخلة الكيان المجتمعي، ليشكل كل ذلك عائقا يحول دون التقدم والازدهار.

وعلى ذلك فإن شبكة العلاقات المعاصرة بين التربية والسياسة، تحتل التربية للمواطنة مكانة متميزة. فهي جزء رئيس من القطاع التربوي الذي يسمى التربية السياسية، وهي في الوقت نفسه جزء من السياسة التربوية التي تعتمدها الدولة المعاصرة وتاريخها هو تاريخ فكرة المواطنة والاهتمام المنظم بتحقيقها في الحياة السياسية. وأنه لمن المعروف أن هذه الفكرة ليست من الأفكار التي عرفتها الحياة السياسية في جميع المجتمعات والعصور، وعليه إذ صح القول بأن كل دولة تعتمد تربية سياسية ما، فإنه لا يصح القول بأن كل دولة تعتمد تربية مواطنية صالحة.

فلقد مضى القرن العشرين ويمر القرن الحادي والعشرين تاركاً وراءه حالة من التوتر وعدم الاستقرار، يعيشها العالم، أفرزتها أحداثه وقضاياه المروّعة، فكانت بمثابة المصدر لظهور العديد من التحديات التي كانت لها آثارها الواضحة على حياة الفرد ومواطنته العربية، وقد تميزت بطابع التغير والتبدل، فتنوعت التحديات بتنوع مجالات الحياة البشرية.

ونتيجة لذلك يرى علماء التربية ضرورة التصدي لمثل هذه القضايا، من خلال تنمية المواطنة الحقيقية لدى المواطنين، غير أن هناك جملة من التحديات التي تقف حائلاً دون تحقيق المواطنة وتنميتها، عرفت بالتحديات المعاصرة للمواطنة، وهي في حقيقتها تحديات يجب دراستها والاهتمام بها، لكونها نابعة من الواقع ومرتبطة به، كما أنها تحديات تمتلك القدرة على التأثير في حياة المواطنين الاجتماعية، وما يرتبط بها من انعكاسات مجتمعية.(المعمري، :2006 43).

إن بناء الهوية الوطنية للناشئة تحديداً، ولجميع الأفراد بشكل عام ، يعمق من الضبط الاجتماعي ويرفع من سقف الأمن القومي ويدفع جميع فئات المجتمع في اتجاه تكوين كيان مترابط يفوت الفرصة على المتصيدين في الماء العكر بقصد المساس بوحدة الوطن وسلامته، ومن جانب آخر فإن أصول التربية السياسية تسعى إلى أن ترتقي بالوسط المدرسي والأسري عبر ثلاثة منافذ وهي: تنمية الفكر، وتهذيب الوجدان، وإكساب المهارات (فن الاستماع، التواصل، الثقة بالنفس) مما يزيد من تماسك وتجانس جميع مؤسسات المجتمع المدني لما فيه مصلحة الفرد والجماعة معا . ( الكندري، 2007: 12)

فالمواطنة من القضايا القديمة المتجددة التي ما تلبث أن تفرض نفسها عند معالجة أي بُعد من أبعاد التنمية بالمفهوم الإنساني الشامل بصفة عامة، ومشاريع الإصلاح والتطوير بصفة خاصة، ويفسر ذلك ما نالته المواطنة من اهتمام على جميع المسارات التالية:

تشريعياً: حيث تتضمن الدساتير في جميع دول العالم تقنيناً لحقوق المواطنين وواجباتهم.

-تربوياً: حيث تنظم التنشئة التي تسعى إلى تكريس وعي المواطنة قيماً وممارسات لدى النشء من أجل تحقيق الاندماج الوطني.

-سياسياً: في صورة بنى وآليات مؤسساتية تستوعب مشاركة أفراد المجتمع في بنية الدولة الوطنية الديمقراطية.

فقد أكدت الدراسات الأجنبية على أهمية المؤسسات التربوية في نشر ثقافة المواطنة والتربية الوطنية التي تسهم في إعداد المواطنين لممارسة دور فاعل في مجتمعاتهم، وفي تحمل المسئوليات الوطنية المترتبة على كل فرد منهم، والتي تعزز وجود مجتمع ديمقراطي يساهم في بناء نظرياته وممارساته. (Vrkas, 2003: 50)

وعلى اعتبار أن المواطنة تكمن في قلب الحياة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي وكي يتمكن الأفراد في المجتمع وضمن حياتهم اليومية من ممارسة السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل ديمقراطي في مجتمعاتهم، فإن عليهم بالأساس أن يكونوا على دراية ووعي كاف بمعنى المواطنة وأبعادها ومرتكزاتها، ومن ثم تكون لديهم القدرة على ممارسة مبادئ الديمقراطية في حياتهم اليومية بحيث تكون الديمقراطية جزءاً من الثقافة المجتمعية السائدة بين الحين والآخر. ( الشمري، 2001: 17)

في ضوء ما سبق أصبح تحديد ماهية المواطنة ودور التعليم الرسمي في بناء ثقافة المواطنة مسألة هامة ليس فقط لدى الحكومات وصناع القرار ولكن ايضا للمجتمع بصفة عامة. وأصبحت التربية للمواطنة من العناصر الأساسية التي تستخدمها النظم التربوية لمساعدة أبنائها على تطوير طاقاتهم لأقصى مدى ممكن ليكونوا مواطنين صالحين في المجتمع، منتجين ومساهمين ومسئولين ومهتمين بشئون مجتمعهم وقضاياه وحاجاته وهمومه.

المشكلة:

إن بناء الإنسان المواطن الذي تقع عليه أعباء التنمية وبناء الوطن يعد من أهم الأهداف التي يجب أن يعمل على تحقيقها كل مجتمع فلا بد من اضطلاع المؤسسات التربوية بدورها الصحيح في تربية الشباب بطريقة خلاقة تمكنهم من تحمل مسئولياتهم حيث ان غياب ثقافة المواطنة يضعف من عاطفة الانتماء، ويحبط من عزمهم على النهوض بقدرات مجتمعهم، ويشيع بينهم الظواهر السلبية كالأنانية وتقديم الصالح الشخصي، والاعتزاز بالانتماء للحزب، والنزعات الخاصة.

ورغم الاهتمام بالتربية للمواطنة في الدول العربية، إلا أن الواقع والدراسات تشير إلى أن هذا المجال من التربية مازال يعاني من القصور حيث يعتمد على المعارف ولا يقابل حاجات المجتمع.

تعاني المجتمعات العربية بشكل عام من ضعف ولاء الأفراد وانتمائهم للوطن، والانسحاب بهذا الانتماء للحزب، فالمواطنة في فلسطين مرتبطة ارتباطا كاملا، وبشكل أساسي بتطورات ومستجدات الأحداث على الساحة والاحتلال الإسرائيلي المستمر لأراضيها.

وعلى الرغم من أن الموقف التربوي كان واضحا ومنصفا في موضوع المواطنة ومستندا الى القيم الأخوية والإنسانية، ، إلا أن معاناة الوطنية لم تنتهي، وقد يعود ذلك إلى عدة أمور أهمها:

 (1) عدم وضوح مفهوم المواطنة لدى الأفراد، وبالتالي ينشأ الطفل في أسرة لا يتضح لديها مفهوم المواطنة، وتغيب عنها منظومة القيم التي تجعل من الفرد مواطنا صالحا منتجا نافعا لنفسه ومجتمعه.

(2) بالإضافة إلى فهم الأفراد الخاطئ لقيم العدالة والمساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ما يخلق حالة من الصراع، مما يشعر الفرد بالاغتراب في وطنه الذي ولد فيه وعاش وربي بين أحضانه.

(3) ضعف المناهج الدراسية في نشر وغرس ثقافة المواطنة لدى الطلبة منذ نعومة أظفارهم، وحثهم على العمل التطوعي وخدمة المجتمعات المحلية التي يعيشون فيها.

أولا: مفهوم المواطنة:

تُعدّ المواطنة مفهوماً عاماً وشاملاً ينطوي على مجموعة من المفاهيم المتلازمة والمتسقة فيما بينها، لتوجه سلوك الأفراد وتحدد تصرفاتهم في ميادين العمل الوطني، وتشير المواطنة الصالحة إلى موقف الفرد من السلطة الممثلة بالدستور وما جاء فيه من حقوق وواجبات، وما ينبثق عنه من أنظمة وتعليمات، كما تشير المواطنة الصالحة إلى ما يبطنه الفرد من ولاء وانتماء واعتزاز بوطنه وشعبه ونظامه، وما يترجمه من مشاركة عملية في كل ما يهدف إلى مصلحة الوطن(المعمري: 2006: 33).وعلى اعتبار أن المواطنة تكمن في قلب الحياة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، وكي يتمكن الأفراد في المجتمع وضمن حياتهم اليومية من ممارسة السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل ديمقراطي في مجتمعاتهم، فإن عليهم بالأساس أن يكونوا على دراية ووعي كافيين بمعنى المواطنة وأبعادها ومرتكزاتها، ومن ثم تكون لديهم القدرة على ممارسة مبادئ الديمقراطية في حياتهم اليومية بحيث تكون الديمقراطية جزءاً من الثقافة المجتمعية السائدة بين الحين والآخر ( الشمري: 2001: 17).

وهذا يبرز أهمية دور التنشئة والتعليم التي تقوم بها بعض مؤسسات المجتمع على اختلاف أنواعها رسمية وغير الرسمية، لتعزيز المواطنة ومبدأ الديمقراطية وغرس مفاهيمها في نفوس المواطنين.

مجالات المواطنة

يرى كلا من (Hebert & Sears,2003) أن هناك أربعة مجالات وأبعاد رئيسية للمواطنة هي: ( الأبعاد المدنية، والسياسية، والاجتماعية الاقتصادية، والثقافية الجماعية )، وتتمتع تلك المجالات والأبعاد الأربع الحالية بدرجة كبيرة من الدينامية والترابط الوثيق في ظل علاقة قائمة على دعائم التفاعلات المعقدة في إطار السياق الراهن للعولمة كما يلي:

1- المجال المدني للمواطنة:

ويشير إلى أسلوب الحياة الذي يمكن المواطنين من خلاله السعي نحو تحقيق مجموعة من الأهداف المشتركة الوثيقة الصلة بالمبادئ والأسس الديمقراطية للمجتمع، وتتضمن مجموعة القيم الأساسية والقيود المفروضة على قدرة الحكومة على صنع واتخاذ القرارات المتعلقة بالمواطنين، وحقوق الجماعات والهيئات والمؤسسات ذات المصالح الخاصة في المجتمع. كما يتضمن – أيضا- حرية التعبير عن الرأي والمساواة أمام القانون، بالإضافة إلى حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات والوصول إلى المعلومات والبيانات المطلوبة.

2- المجال السياسي للمواطنة:

ويتضمن تمتع الفرد بالحق في التصويت في الانتخابات والمشاركة السياسية. وفي هذا الإطار يمكننا الإشارة إلى أن الانتخابات الحرة والنزيهة تعد بمثابة الركيزة الأساسية لهذا البعد للمواطنة، كما هو الحال في حقوق الأفراد في التمتع بالحرية في السعي نحو تولي المناصب السياسية في المجتمع. وبمعنى آخر، فإن المواطنة السياسية تشير في جوهرها إلى مجموعة الحقوق والواجبات السياسية الوثيقة الصلة بالنظام السياسي القائم في المجتمع.

3- المجال الاجتماعي الاقتصادي للمواطنة:

ويشير إلى تلك العلاقة التي تربط مابين أفراد المجتمع في سياق مجتمعي معين, بالإضافة إلى حقوقهم في المشاركة في جوانبه ومجالاته السياسية المختلفة، ويتضمن تعريف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للأفراد تمتعهم بحقوق الرفاهية والكفاية الاقتصادية، مثل: تمتعهم بالحق في الشعور بالأمن الاجتماعي، والحصول على العمل، وعلى الحد الأدنى من وسائل المعيشة وكسب الرزق، والعيش في بيئة آمنة.

ويشير مفهوم المواطنة الاجتماعية بدوره إلى مجموعة العلاقات التي تربط مابين الأفراد في المجتمع، وتتطلب ضرورة تمتعهم بالولاء والانتماء والتضامن الاجتماعي، أما مفهوم المواطنة الاقتصادية فيشير بدوره إلى العلاقات التي تربط مابين الفرد وسوق العمل والاستهلاك في المجتمع، ويتضمن ضرورة تمتع الفرد بشكل ضمني بالحق في العمل والحصول على الحد الأدنى المطلوب من وسائل المعيشة وكسب الرزق.

4- المجال الثقافي الجماعي للمواطنة:

ويشير إلى الطريقة التي تأخذ المجتمعات المختلفة من خلالها في الاعتبار جوانب وأبعاد التنوع الثقافي المتزايد بها، والتي تعود بالأساس إلى تمتعها بدرجات أكبر من الانفتاح على الثقافات الأخرى، وبروز الهجرة الدولية، وزيادة قدرة الأفراد على السفر والانتقال إلى الخارج. ويشير مفهوم المواطنة الثقافية هنا إلى مدى الوعي بالتراث الثقافي المشترك للمجتمع، وتتضمن سعي الأفراد إلى الحصول على اعتراف المجتمعات بالحقوق الجماعية لأفراد الأقليات بها، وترتكز العلاقة التي تربط مابين الثقافة والدولة بالأساس على دعائم حقوق الإنسان التي تقر بالأبعاد الإنسانية (ذات الطابع الأنثربولوجي) للفرد، والتي تتضمن توافر تصور مفاهيمي محدد عن البشر، وشعورهم بالعزة والكرامة، وتأكيد مبدأ المساواة القانونية وحماية الفرد من كافة صور وأشكال التمييز التي تظهر بسبب عضويته في مجموعة أو فئة أو شريحة معينة في المجتمع. مع منح جميع الأفراد ولاءهم السياسي للدولة والنظام الحاكم.

ويترتب على تلك المجالات والأبعاد الأربع السابقة الذكر العديد من التطبيقات العملية بالنسبة لعملية المواطنة، فالمجال السياسي للمواطنة يتطلب ضرورة معرفة الأفراد بطبيعة النظام السياسي في الدولة، والاتجاهات الديمقراطية، والمهارات التشاركية في المجتمع. ويتطلب المجال (الاجتماعي الاقتصادي ) للمواطنة ضرورة معرفة الفرد بالعلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع واحترامها، وبالمهارات الاجتماعية، بالإضافة إلى المهارات الاقتصادية مثل: برامج التدريب المهني الوثيقة الصلة بمجالات عملهم فضلا عن الأنشطة الاقتصادية الأخرى.

ثانيا/ العلاقة بين التعليم والمواطنة وبين التغير الاجتماعي في المجتمع

يشير “شنايدر” (Schneider, 2007:145-146)،إلى أن أبرز الجهود النظرية الفعالة التي قدمت من قبل لتحديد طبيعة العلاقة التي تربط مابين كلا من التعليم والمواطنة والتغير الاجتماعي في المجتمع قد برزت بالأساس في مجال التربية النقدية. فمدرسة التربية النقدية عادة ما تشير إلى وجود هدفين رئيسيين للتعليم من أجل المواطنة هما:

(1) الاهتمام بإرساء دعائم أسس فعالة للتقاليد الفكرية للتعليم.

(2) الاهتمام بصياغة مناهج دراسية مضادة للهيمنة تعمل على إضفاء الطابع الديمقراطي على أنشطة الفصول الدراسية وتمكين الطلاب.

أهداف التربية على المواطنة

تسعى التربية على المواطنة إلى تحقيق أهداف تتجلى في تثبيت قيم اجتماعية وأخرى فردية، فالقيم الاجتماعية تتمثل في المجموعة من المبادئ لابد من ترسيخها، ويأتي في مقدمتها الإحساس بالهوية الفلسطينية الإسلامية والحضارية، والاعتزاز بها والتضحية من أجلها، مع الانفتاح في الوقت نفسه، على الثقافات الأخرى والتفاعل معها في جو من الانسجام والموضوعية، والتسامح، والحوار المبني على احترام ومحبة الآخر. ومن يتمتع بهذا الإحساس تتعزز لديه ثقافة أداء الواجبات قبل أخذ الحقوق، وتترسخ في عاداته قيم احترام القوانين والأعراف المعمول بها محليا ودوليا .

أما بالنسبة الى الاحتياجات الفردية للمواطن، فإن أهداف التربية على المواطنة تتمثل في تدعيم مجموعة من المبادئ منها: ( جاب الله، 2005: 51)

  • احترام مقدسات الوطن والتعامل مع قضاياه بقيم الإيجابية والمسؤولية في كامل الثقة بالنفس.
  • الاندماج مع الجماعة بروح من التضامن والإخاء .
  • التحلي بالسلوك الديمقراطي وقبول التعددية .
  • حب العمل والتفاني فيه أملا في رفع مردودية المجتمع وإنتاجيته الاقتصادية والثقافية، حتى يرتقي في العيش إلى أعلى مراتب التنافسية العالمية .

وتدور عملية التربية للمواطنة حول محاور عديدة تتفاوت في درجة أهميتها من مجتمع إلى آخر، وان كان الهدف من كل المحاور هو تقوية الانتماء والولاء للوطن وغرس القيم والاتجاهات الايجابية لدى الفرد من المؤسسات التربوية المختلفة التي تؤثر في أفراد المجتمع ويمكن تحديد أهم المحاور التي تركز عليها التربية الوطنية فيما يلي:

  1. إكساب الفرد الشعور بالولاء والانتماء للوطن وارتباطه بجماعة سياسية تتمثل في الافتخار بالانتساب إلى تلك الجماعة.
  2. وجود سلطة فلا يصبح المجتمع سياسياً منظماً إلا بوجود سلطة ترعى مصالح الوطن، وتحافظ على حقوق الأفراد فيما بينهم.
  3. القيم السياسية العليا وتلعب المواطنة دوراً هاماً في تقوية علاقة الفرد بالنظام السياسي وتحديد الأولويات الاجتماعية والسياسية التي تهدف إلى ترسيخ واستقرار الأمن الوطني.
  4. إكساب الفرد الثقة في النظام السياسي الذي يحكمه، وذلك طبقاً للعقد الاجتماعي المبرم بينهم، صحيح أن العقد ليس مادياً، لكنه معنوياً يدور حول تنازل المواطنين عن بعض حقوقهم للسلطة السياسية لتمثيلهم في القضايا العامة وتسييس شئون حياتهم.
  5. غرس القيم التي ينتج عنها الحفاظ على الممتلكات العامة والمصلحة العامة.
  6. الأعداء والأصدقاء فالمواطنة تهدف إلى تبصير الأفراد بمن هو عدو الدولة ومن هو صديق لها، وهذا المحور ليس ثابتاً فهو متغير يختلف باختلاف الظروف السياسية المحيطة بالدولة والمواطنين.
  7. التفاني والإخلاص ويتمثل في خلق روح الإيثار في خدمة الوطن، والإخلاص في العمل والحفاظ على الموارد التي ينتفع منها الجميع.
  8. تنمية الروح القومية التي ينتمي إليها الوطن، وشرح أهم القضايا القومية التي تدور حول السياسة الخارجية للبلاد، لخلق وعي عام للدفاع عنها إذا أصابها مكروه

كما تتوخى التربية على المواطنة بلوغ أهداف على المستوى العملي، وكذا على المستوى الوجداني أي بناء موقف .فعل المستوى اعملي، ينتظر القيام بأعمال ملموسة ولو كانت بسيطة، تكرس قيم المواطنة الفاعلة .أما على المستوى الوجداني، فالمبتغى هو التشبع بقيم المواطنة بشقيها المتمثلين في الحقوق والواجبات كوجهين لعملة واحدة، وكذا تكوين مواقف إيجابية تخدم المواطنة النشيطة التي من شأنها تخطي التجاوزات  الأخلاقية التي يشهدها المجتمع، والتي تكون لها تجليات شتى، أهمها الاستهتار بالمرفق العام، والتنصل من الواجبات، وتضخيم مطلب الحق على حساب أداء الواجب.

ثالثا/ المشكلات التي تواجه المواطنة، وكيف يمكن مواجهتها:

تتطلب المواطنة من أجل كمالها سلوكاً حضارياً، وبمعنى أدق توافق آراء تشكل أساس السلوك الحضاري بمعنى أن تكون متحضراً، مؤدباً، محترماً، راكزاً، كابحاً للغضب تجاه الآخرين. (بانفيلد، 2002: 79)

ولكن مهما كانت الجهود المبذولة لنشر ثقافة المواطنة إلا أن هناك مجموعة من الأزمات والمشكلات التي تواجه المواطنة، والجدول التالي يبين أهم هذه المشكلات وسبل حلها.

أزمات ومشكلات المواطنةصورها وتجلياتها المختلفةسبل حلها ومواجهتها عمليا
الجهل بالمعرفة والعمليات المدنيةالعزوف عن المشاركة في الممارسات السياسية الرسمية (مثل: التصويت في الانتخابات، والانضمام إلى الأحزاب السياسية)، وذلك لسبب فقد الأمل في جودة أداء عمل الأحزاب السياسية، أو الحكومات.تفعيل مشاركة أفراد المجتمع في العمليات السياسية المختلفة، والمطالبة بتفعيل دور الأفراد في العمل السياسي.
الاغتراب عن مجال السياسة والمجتمع المدنيالعزوف عن المشاركة في الجمعيات والهيئات التطوعية غير الرسمية (مثل: مؤسسات العمل التطوعي، ومؤسسات المجتمع المدني)، نتيجة لضعف أداء عمل هذه المؤسسات في خدمة المجتمع الفلسطيني.تفعيل المشاركة النشطة لأفراد المجتمع في هيئات ومؤسسات المجتمع المدني، من خلال المطالبة بتشكيل اللجان المشتركة لدعم مشاريع هذه المؤسسات.
اللامبالاة بقيم الديمقراطية والمواطنة* تنامي النزعة نحو التطرف السياسي والاجتماعي (مثل: الانضمام إلى جماعات حزبية، بالإضافة إلى التمتع بتعبيرات عنيفة عن الأصولية والتعصب الديني ((الإرهاب)). * زيادة الأنماط العنيفة/الهدامة. * تقديم مصلحة الحزب على مصلحة الوطن.  الانخراط في أنشطة سياسية تتمتع بالاحترام وعدم اللجوء إلى استخدام العنف في التعبير عن الرأي.

احتياجات ومتطلبات التعليم من أجل المواطنة :

تشير”ماكينون” (Mackinnon,2007:64-66)، إلى أن نقطة الانطلاق الرئيسية لمناقشة موضوع التعليم من أجل المواطنة بشكل جاد على المستوى الوطني يجب أن تتمثل بالأساس في تقديم تفسير متكامل لطبيعة مفهوم التنور المدني (أو السياسي).

ويشير الباحث هنا إلى أن بمقدورنا تعريف مفهوم التنور المدني على أنه يمثل رغبة وقدرة الأفراد على المشاركة في الحوارات والنقاشات العامة، وتقويم أداء أصحاب المناصب السياسية في المجتمع؛ وبالتالي فإن إضفاء الطابع الإجرائي على هذين البعدين من المواطنة باعتبارهما من بين الجوانب والأبعاد القابلة للقياس العملي من التنور المدني يتضمن إبراز أفراد المجتمع لأنماط معرفتهم السياسية، والتزامهم ورغبتهم في المشاركة السياسية. كما يبرز الباحث – أيضا- أن مفهوم ” التنور السياسي ” يعد أكثر شمولا وتكاملا إلى حد ما من مثيله الخاص بالتنور المدني؛ على أساس أنه يتضمن كافة المعرفة والمهارات والاتجاهات اللازمة لجعل الفرد مرتبطا على نحو وثيق بمجال السياسة، وقادرا على المشاركة في الحياة العامة والجماعات المختلفة في المجتمع- سواء كانت ذات صبغة مهنية/وظيفية أو تطوعية، بالإضافة إلى التعرف على قيم التسامح مع كافة جوانب التنوع والتباين في القيم السياسية والاجتماعية السائدة في المجتمع.

ويرتبط بتعريف مفهوم التنور المدني قضية أخرى على درجة كبيرة من الأهمية تتعلق بتحديد: ما هو نموذج أو نماذج المواطنة التي نرغب من مدارسنا في الارتقاء بها عمليا على أرض الواقع؟ وما هي نماذج المواطنة التي يمكنها المساهمة على نحو فعال في إرساء دعائم مواطنين يتحلون بالقدرة على تحمل المسئولية الشخصية والمشاركة المجتمعية والالتزام بقيم العدالة الاجتماعية؟ ويمكننا القول هنا إن هذه القضية الحالية لا تعد ذات طابع مجرد على الإطلاق، ولكن يترتب عليها العديد من النتائج الحقيقية بالنسبة للحياة الديمقراطية. فالنماذج المختلفة للمواطنة تؤكد أو تبرز أهمية الخصائص والسمات المختلفة، في الوقت نفسه الذي تتمتع فيه بتطبيقات عملية مختلفة لتوقعات المواطنين وميولهم وسلوكياتهم العامة.

وإضافة إلى ما سبق، نجد أنه من الأهمية بمكان هنا طرح التساؤل حول كيف يتم حاليا تعليم المواطنة للطلاب؟ والأكثر أهمية من ذلك هو أن نسأل أنفسنا عن كيف يتوجب علينا تدريسها من أجل إعداد الشباب لمواجهة تعقيدات المواطنة في القرن الحادي والعشرين؟.

وهنا يبرز التساؤل حول: ما هي طبيعة المهارات اللازمة لهؤلاء الشباب لكي يصبحوا مواطنين نشطين في المستقبل؟ ونجد هنا أن الأدبيات البحثية السابقة في هذا المجال قد تناولت على نحو مستفيض العديد من المداخل التدريسية الفعالة التي يمكنها المساهمة في تفعيل المواطنة ( مثل: التعلم القائم على دعائم المشروعات التعليمية، والتعلم عن طريق خدمة المجتمع – العمل التطوعي –  ونماذج لعب أدوار السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، وتكوين مجتمعات قائمة على دعائم تنمية الممارسات المدنية، ودراسة القضايا الاجتماعية التي يثور حولها الجدل والخلاف حاليا).

ومع ذلك؛ فإننا نجد في الوقت نفسه أن لدينا نقصا كبيرا في الدراسات العلمية التجريبية التي تتناول كيفية تدريس وصقل مهارات التربية الوطنية، وتحديد ماهية نماذج المواطنة القادرة على الارتقاء بها أو الحد منها في المدارس في الوقت الراهن، بما في ذلك: تناول كيفية التحديد الدقيق لسبل التغلب على المعوقات التي تقف في طريق التطبيق العملي للمداخل الفعالة منها على الأرض. كما نجد هنا- أيضا- أنه عندما نفكر في كيف يمكن لنا أن نرتقي على أفضل نحو ممكن ببرامج التربية والمشاركة المدنية ووضعها على رأس أولويات أجندة عمل المدارس والحكومات المختلفة؛ فإنه يتوجب علينا العمل على مراجعتها وربطها على نحو وثيق بخبرات دول العالم الأخرى التي نجحت في هذا التحدي وتمكنت بالفعل من تفعيل دور التعليم من أجل المواطنة.

مبادرات تطبيق برامج التعليم من أجل المواطنة :

يشير كلا من”هيوز وسيرز”(Hughes & Sears, 2006:6-10)، إلى أن العقدين الماضيين من الزمن قد شهدا اهتماما كبيرا من جانب بلدان العالم والهيئات والمؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها بالمشاركة في تطبيق العديد من مبادرات تفعيل برامج التعليم من أجل المواطنة تمثلت في أربعة مجالات رئيسية هي:

1- بلورة معالم مجموعة من الأهداف المتسقة والواضحة المعالم والمقبولة على نطاق واسع لوضع أطر العمل وصياغة المعايير المطلوبة لتفعيل التعليم من أجل المواطنة.

2- توفير و/أو تصميم مواد للمناهج والمقررات الدراسية يمكن أن تدعم عمليات التدريس والتعلم المستخدمة في برامج التعليم من أجل المواطنة.

3- تطبيق برامج فعالة ومتطورة للتنمية المهنية للمعلمين، في مستويي ما قبل وأثناء الخدمة.

4- تمويل مشروعات البحث والتطوير الهادفة إلى تدعيم وضع السياسات والبرامج العملية المناسبة للتطبيق العملي فضلا عن تلك المرتبطة بعمليات التدريس والتعلم المستخدمة في برامج التعليم من أجل المواطنة.

رابعا:  سبل تطوير برامج التعليم من أجل المواطنة :    

تشير”الرابطة الأمريكية للعمل والتعليم التقني “(Association for career & Technical Education,2008:7-8)، إلى أن التعليم يمثل في جوهره عملية لإعداد الطلاب للمشاركة في المجتمع، وبصرف النظر عن الموضوعات التي يتم تدريسها للطلاب، فإنه يتم تزويدهم بمجموعة من المهارات والمعرفة المحددة اللازمة للتعامل مع العالم المعاصر المحيط بهم.

ويعمل مجال الإعداد للعمل والتعليم الفني جاهدا على تحقيق تلك الأهداف المنشودة من خلال تمكين الطلاب من صقل معرفتهم ومهاراتهم اللازمة للنجاح في مرحلة التعليم ما بعد الثانوي وفي مجال العمل.

ولكن يبرز التساؤل هنا حول: كيف يمكن للمعلم تضمين مفهوم المواطنة في إطار مناهج دراسية تتمتع بالجودة يتم تقديمها للطلاب؟

ونجد هنا أنه من الأهمية بمكان العمل على الارتقاء بمفهوم وبرامج التعليم من أجل المواطنة قدر الإمكان، على أساس أن هناك حاجة ماسة إلى أن يتبنى المواطنون الصالحون قيم ومبادئ مجتمعهم. كما تتضمن بعض خصائص وسمات المواطنة الجيدة: المشاركة في العملية السياسية، والرغبة في الالتزام بمساعدة الآخرين من خلال القيام بأعمال مناسبة، مثل: المشاركة في العمل التطوعي وخدمة المجتمعات المحلية.

ومن هنا؛ نجد أن التفعيل والارتقاء ببرامج التعليم من أجل المواطنة يجب أن يتجاوز بشكل كبير مجرد الاقتصار على البيئة المدرسية للطلاب من أجل التركيز على المجتمع المعاصر ككل (تحقيقا لمقولة مدارس بلا أسوار) أي منفتحة على مجتمعاتها المحلية، وذلك لتقوية العلاقة بين الطلبة ومجتمعاتهم المحلية. فالمهارات التي تقدم للطلاب داخل الفصول الدراسية تعد بالضرورة قابلة للتطبيق العملي على نطاق واسع، حيث إنها تهدف بالأساس إلى تزويد الطلاب بالقدرة على تحمل المسؤولية والمشاركة في مدارسهم نفسها بما يمكن من زيادة مشاركتهم في الجمعيات والمؤسسات المدنية والمجتمعية المختلفة فضلا عن الحياة السياسية نفسها في المجتمع.

وبذلك، نجد أن الأفراد المؤهلين لدخول حلبة المنافسة في سوق العمل يعدون بالضرورة مستفيدين من تلك المزايا السابقة، ولكن قيم وممارسات المواطنة الجيدة التي يتعامل معها كلا من المعلمين والطلاب أنفسهم- في إطار جهودهم الهادفة إلى صقل مهاراتها وقيمها لدى الطلاب- هي التي تنجح فعليا في إعدادهم للاضطلاع بالأدوار الهامة المرسومة لهم في المجتمع الذي ينخرطون فيه بعد تخرجهم من المؤسسات التعليمية المختلفة.

التوصيات:

في ضوء ما سبق يمكن أن يوصي الباحث بما يلي:

  1. إعادة النظر في الفلسفة التعليمية للإعلاء من قيمة العمل التطوعي، وتقديره كهدف تربوي وثقافي ذو قيمة.
  2. تحديث المؤسسات التعليمية تحديثا من شأنه أن يواجه بقوة اتجاهات التغريب والعولمة من جهة واتجاهات التفرقة الوطنية والبعد عن الانقسام من جهة أخرى، وتحديث المؤسسات لأجل ربط المؤسسات بالمجتمع.
  3. الدفع في اتجاه بلورة المبادرات المتميزة للشركات لتبني مشروعات تدعم التعليم من أجل المواطنة.تشجيع المنظمات والمؤسسات الأهلية لدعم حقوق المواطنة وتشجيع إصدار صحف أو مجلات توعي المجتمع بالمسئولية الاجتماعية.
  4. التاكيد على العلاقة الطردية التي تربط بين التربية والتعليم والمواطنة في المقررات التربوية سعيا لتنمية المفاهيم من خلال:
  5. توضيح مبدأ المواطنة بأبعادها المختلفة.
  6. تبني مشاريع ريادية من قبل وزارة التربية والتعليم ( دورات تثقيفية- مشاريع تدريبية- مجموعات بؤرية)

قائمة المراجع:

  1. الشمري، عبدالرحمن سليم (2001)، المواطنة والديمقراطية في البلدان العربية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
  2. الكواري، علي) ٢٠٠١: ( المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية.
  3. المعمري، سيف بن ناصر (2006): تربية المواطنة: توجهات وتجارب عالمية في إعداد المواطن الصالح، ط1، مسقط، الجيل الواعد.
  4. جاب الله، عبدالحميد صبري(2005)، ” تطوير التربية للمواطنة في العالم العربي في ضوء الاتجاهات العالمية “، مجلة التربية، قطر، السنة 34، العدد152.
  5. غيث، محمد عاطف ( 1995) : قاموس علم الاجتماع ، دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية .
  6. عبدالرحمن سليم الشمري، المواطنة والديمقراطية في البلدان العربية، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2001م). ص17.
  7. علي ، عزة فتحي (2003): نموذج مستقبلي لمنهج التربية المدنية في المدرسة الثانوية: المحتوى، الأنشطة، وسائل  التقويم، طرق التدريس، مكتبة كلية التربية، الكويت.
  8. لطيفة حسين الكندري، نحو بناء هوية وطنية للناشئة، (الكويت: المركز الإقليمي للطفولة والأمومة، 2007م)، ص 12.
  9. هلال، فتحي ، وآخرون( 2000) :  تنمية المواطنة لدى طلبة المرحلة الثانوية بدولة الكويت، (الكويت: وزارة التربية، مركز البحوث التربوية والمناهج.

المراجع الأجنبية:

  1. Association for Career & Technical(2008), Education . Promoting Citizenship in the Classroom. Alexandria: May. Vol. 83, Iss. 5
  2. Hughes, A. &  Sears, A.( 2006): Citizenship Education: CANADA DABBLES WHILE THE WORLD PLAYS ON Education Canada. Toronto: Fall. Vol. 46, Iss. 4
  3. Hebert, Y., & SEARS, A. (2003) Citizenship education. The Canadian Education Association, retrieved from Available at http://www.cea-ace.ca/media/en/Citizenship_Education.pdf.
  4. Spajic,Vrkas,V.Visions. Provision & Reality: Political Changes and Education for Democratic Citizenship in Croatia. In Cambridge Journal of Education. Volume 33, Number 1, March 2003.UK: Carfax Publishing. P. 50.
  5. Simpson, David.(2002): Citizenship education, post-16 students and pedagogy: A case study Ph.D., Queen’s University of Belfast (United Kingdom).
  6. MacKinnon, M.( 2007): Talking politics, practicing citizenship. Toronto: Winter. Vol. 48, Iss. 1.
وسوم:

التعليقات:

  1. بناء هوية وطنية للشباب بشكل خاص ولجميع الأفراد بشكل عام، يعمق الرقابة الاجتماعية، ويرفع سقف الأمن القومي، ويدفع جميع شرائح المجتمع نحو تشكيل كيان متماسك يفوت فرصة المتصيدون في المياه المنكوبة. بقصد تقويض وحدة الوطن وأمنه، ومن ناحية أخرى، تسعى مبادئ التربية السياسية إلى تحسين البيئة المدرسية والأسرية من خلال ثلاثة محاور: تنمية التفكير، وصقل الوعي، ونقل المهارات مما يزيد من تماسك وانسجام جميع مؤسسات المجتمع المدني لصالح الفرد والجماعة معًا.
    إن التعليم أساس نجاح الأمم، ولا توجد تربية سياسية بدون تعليم لأن الإنسان هو جوهر العملية السياسية، والتعليم والتربية أساس بناء الإنسان وفق نظام مرتبط بالتربية السياسية لتحقيق الأهداف التعليمية التي تخضع لإشراف الدولة من خلال تطوير السياسات العامة، بما في ذلك السياسات التعليمية أي أن السياسات التربوية مشتقة من السياسات العامة للدولة.الهدف من التعليم هو تحقيق السياسة العامة وهذا ما يشير إليه الهدف العام للتعليم.
    تتمحور عملية التربية على المواطنة حول عدة محاور تتفاوت في درجة أهميتها من مجتمع إلى آخر، وإن كان الهدف من جميع المحاور تعزيز الانتماء والولاء للوطن وغرس القيم الإيجابية الفردية والمواقف من المجتمع. المؤسسات التعليمية المختلفة التي تؤثر على أفراد المجتمع من أهمها إعطاء الفرد شعوراً بالولاء والانتماء للوطن وارتباطه بجماعة سياسية تتمثل في فخر انتمائه لتلك الجماعة.

  2. أهمية المؤسسات التربوية في نشر ثقافة المواطنة والتربية الوطنية ، مما يساهم في إعداد المواطنين للقيام بدور فاعل في مجتمعاتهم ، وتحمل المسؤوليات الوطنية التي يدعمها كل منهم ، مما يحسن من وجود مجتمع ديمقراطي يساهم لبناء النظريات والممارسات.
    بناء الإنسان ، المواطن الذي يتحمل أعباء تنمية وبناء الوطن ، من أهم الأهداف التي يجب على كل مجتمع السعي لتحقيقها ، ويجب على المؤسسات التعليمية أن تلعب دورها الصحيح في تربية الشباب في إبداع يتيح لهم ذلك. يتحملون مسؤولياتهم.
    التأكيد على العلاقة المباشرة بين التربية والمواطنة في المناهج التربوية سعياً لتنمية أفراد المجتمعات العربية.

  3. التعليم هو عامل مهم جداً في تنمية المواطنية الفعالة والمسؤولة في المجتمع. وبالنظر إلى دور التعليم في تحقيق هذه الغاية، فإن هناك عدداً من المتطلبات التي يجب تلبيتها في النظام التعليمي لتحقيق هذه الهدف، ومن هذه المتطلبات:

    1. تعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي: يجب تعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي لدى الطلاب، وذلك من خلال توفير المعرفة اللازمة حول القضايا الاجتماعية والسياسية المهمة، وتشجيع النقاشات والحوارات الهادفة حول هذه القضايا.

    2. تعزيز القيم الإيجابية: يجب تعزيز القيم الإيجابية مثل العدالة والمساواة والاحترام والتسامح، وذلك لتشجيع الطلاب على العمل بشكل مسؤول وفعال في المجتمع.

    3. تطوير المهارات الحياتية: يجب تطوير المهارات الحياتية لدى الطلاب، وذلك من خلال تعليمهم المهارات اللازمة للتواصل والتعاون وحل المشكلات واتخاذ القرارات الصائبة.

    تلك هي بعض المتطلبات الأساسية التي يجب تلبيتها في النظام التعليمي لتحقيق المواطنة الفعالة والمسؤولة في المجتمع. ويجب أن يعمل المعلمون والمؤسسات التعليمية بشكل مستمر على تحسين النظام التعليمي وتوفير الفرص المناسبة للطلاب لتطوير مهاراتهم ومعرفتهم فيما يتعلق بالمواطنية والعمل الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية.

  4. من خلال أداء المؤسسات التعليمية توجد طريقتان أساسيتان لتعليم المواطنة هما:
    أولاً: إعداد المواطن الصالح، وهذه الطريقة كانت واسعة الانتشار ومازالت سائدة في المناطق التي تولي التقاليد أهمية كبيرة، وتعطي تركيزاً لسيطرة المعرفة من أجل خلق الولاء للقيم التقليدية، ولا تشجع التحليل النقدي ولا تحتاج إلى إيضاح القيم.
    ثانياً: المسؤولية النقدية، وتعتمد هذه الطريقة على تركيز التربية الاجتماعية على الاستعلام وحل المشكلات، وتضع الكثير من الاعتبار للتحليل التركيبي وتحليل القيم، وتتضمن تعليمات عن العملية الدستورية وقيم النظام السياسي، والاختلاف بين الطريقتين هو في نوعية الافتراضات التي تضعها كل منهم، وإذا كان تعليم السلام يختص أساساً بالتغيير فإن الطريقة الثانية تكون أكثر اتساقاً مع أهدافه.

Comments are closed.

جديدنا