أدب العالم والمتعلِّم؛ قراءة في محاضرة الشيخ إبراهيم المريخي

image_pdf

*استعراض د. محمد الزكري القضاعي

هذه المقالة تحمل على كتفيها مهمة تفريغ محاضرة “أدب العالم والمتعلم”، والتي ألقاها (عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية البحريني) فضيلة د. الشيخ إبراهيم بن الشيخ راشد المريخي المالكي في الزاوية البلقايدية العلمية الدينية الجزائرية ([1]) وذلك في 19 أغسطس 2014 ([2]) .

لماذا تقوم هذه المقالة بتفريغ هذه المحاضرة تحديدا؟ لأننا بحاجة إلى التعرف على مشروع فضيلة الشيخ إبراهيم. فهو عالم نشط يذهب في مقاصده إلى أبعد من تسجيل حضور فريد لفقيه وعالم دين خليجي في هذه الزاوية العالمية. فمشروعه يتمثّل نهج المطارحات التي تؤطّر لبث فوائد يستمدها الآخرون منها. من ناحية تؤكد هذه المقالة أن حالة القيم والأخلاق الراهنة تتطلب تضافر الجهود والتعاون إلى فتح موضوع الأخلاق من خلال حلقة الأدب لما فيه من فوائد إحيائية للقيم. ولكنها، أيضا، تؤكد أن المحاضرة مثل ما أنها صنعت أشياء في أذهاننا، فهي أيضا كشفت شكلا وصبغة لحقيقة ذات الشيخ الفكرية. عليه فإن هذا البحث يفتتح باكورة الدراسات التي ترصد مساهمات فضيلة الشيخ د. إبراهيم المريخي وتسجل أول الملاحظات حول انخراط الشيخ في مباحث الفقه المالكي والذوق التصوفي الراهن.

التمهيد

ما هي طبيعة الحياة التي نعيش فيها، وما هي مكونات بنائها العام؟ أهناك عنصر في تركيبة البناء المجتمعي يعد ضروريًّا لإقامة صَالحِه العام؟ أليست هناك مسائل مشتركة بين مكونات أتباع الدين الإسلامي مرتبطة بمكارم الأخلاق وآدابها؟ فقضية نشر الأخلاق ضرورية لصناعة “التسامح”، وهي الشرط الجوهري لتماسك متنوعات المجتمع الدينية والثقافية، وهي حيوية لتمكين استدامة تعدداته، ولتمدد مناحي المجتمع المختلفة بنجاح وسلام. مع ذلك، تتصاعد الحاجة إلى تشييد قيم أخلاقية بشكل متزايد عندما تنهار مباني القيم الثقافية، وتنتكس سوامق العادات، وتتبدد معها الآداب الفطرية والثقافية والدينية. الدين الإسلامي منذ تدشينه كان مشروعًا لنشر مكارم الأخلاق ([3])، فلا نجاح لأمتنا إلا معه. وصدق الشاعر الكبير أحمد شوقي (ت. 1932) عندما قال “وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا”. وما نوع السلوك الذي يتفق وهذا المجتمع العربي الذي نشغله؟ حتما لا يكون إلا بتوسم إسلام يَزْهَر بمكارم الأخلاق. ماذا لو كانت سمة العصر هي التراجع عن قيم الأخلاق؟ بالتأكيد، هذا التراجع ليس له مجرد تأثير على جانب واحد من المنظومة الأخلاقية، بل يمتد إلى كافة مكوناتها، ومنها جزئية الآداب التي تعد من أهم مكوناتها. الآداب ليست مجرد سلوكيات تقليدية، بل تمثل عمقًا أخلاقيًا في تعاملنا مع بعضنا البعض. انهيار الأخلاق يعني أننا نعيش في ثقافة تفتقد إلى حلقة الآداب التي تربط بين الأفراد وتحافظ على تلاحم المجتمع.

رسم الحدود للمصطلحات الجوهرية

رسم الحدود للمصطلحات الجوهرية جهد بادٍ من قبل الشيخ إبراهيم المريخي في كافة مشاريعه خصوصا في محاضرته قيد البحث. فلشدة أهمية “الآداب” كان مهما توضيح مفهومها، مع توضيح  كل المصطلحات التي تتداخل وتحتك معها من “الأخلاق”، إلى “العالم” وهو حامل رايتها، إلى متلقيها وهو “المتعلم”، إلى “العلم” وهو الذي تقع ميادين الآداب تحت نفوذه، إلى فهم “آلايات العلم” لإجادة تشغيله ومن ثم تشغيل آلية تحصيل الآداب علما وذوقا وسلوكا، كل هذه المكونات ترد إلينا بتألق بياني مبين.

وضع الشيخ إبراهيم كافة المفردات المحورية في إطار معرفي مُقَيّد بغايات واضحة. المحاضرة شرحت كل مصطلح بشكل دقيق مبدية فيه كيف يستقل المفهوم بخصوصيات مكوناته، وكيف يتشابك مفهوم ما مع مفاهيم مجاورة له عبر التقاطع معها، لتنتهي بتشكيل منظومة فكرية مركبة ومتعاضدة. “تحقيق سلاسة في عملية الفهم والتعلم” غاية اجتهد فيها الشيخ إبراهيم ببراعة التَّخلُّص ([4]) لضمان انتقال فهم صحيح وشامل للمفاهيم المطروحة إلى ذهن المتلقي. بفضل هذا الجهد، يتسنى للمتلقي بناء قاعدة معرفية مركبة تحشد الأخلاق مع الآداب مع العالم والمتعلم والعلم وآلاياته. منظومة تفتح الطريق لتحقيق تطور فكري وتعليمي وأخلاقي.

تعريف الأخلاق

أطّر الشيخ إبراهيم المريخي تعريفا “للأخلاق”، وهو المكون الأساسي لقيم المجتمع، مستعينا بكتاب التعريفات للجرجاني، علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (ت ٨١٦هـ).

عَرَّف الجُرجانيُّ الخُلُقَ بأنَّه: (عِبارةٌ عن هَيئةٍ للنَّفسِ راسِخةٍ تَصدُرُ عنها الأفعالُ بسُهولةٍ ويُسرٍ من غَيرِ حاجةٍ إلى فِكرٍ ورَويَّةٍ، فإن كان الصَّادِرُ عنها الأفعالَ الحَسَنةَ كانتِ الهَيئةُ خُلُقًا حَسَنًا، وإن كان الصَّادِرُ منها الأفعالَ القَبيحةَ سُمِّيَتِ الهَيئةُ التي هي مَصدَرُ ذلك خُلُقًا سَيِّئًا).

تعريف الأدب

الأدب هو السلوك الحسن والتصرف اللائق، حيث يُقال إن فلان القوم يأدبهم إذا جمعهم وهو من المأدبة، يقال: أدب فلان القوم يأدبهم، إذا جمعهم، وهو من المأدبة. ومأدبة، فمن قال مأدبة أراد به الصنيع يصنعه الرجل، فيدعو إليه الناس، يقال منه: أدبت على القوم آدب أدبا، ورجل آدب. قال أبو عبيد: وتأويل الحديث أنه شبه القرآن بصنيع صنعه الله للناس لهم فيه خير ومنافع ثم دعاهم إليه، ومن قال مأدبة: جعله مفعلة من الأدب.

(لسان العرب – ابن منظور – ج 1 – الصفحة 207)

وقال الشاعر :

“وكيف قتالي معشراً يأدبونكم    على الحق إلا تأشبوه بباطل”

يُعرف الأدب على لسان الشاعر بأنه القتال مع الناس في سبيل الحق والعدل، وعدم الانحياز إلى الباطل.  (غريب الحديث – ابن قتيبة – ج 2 – الصفحة 194)

وقد ورد في تعريف آخر للأدب من أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الخزرجي الأنصاري البصري (122-215 هـ) أن: الأَدبُ يَقَع على كل رِيَاضَةٍ مَحْمُودَةٍ يَتَخَرَّجُ بها الإِنسانُ في فَضِيلةٍ من الفَضَائِلِ. فعند أبو زيد الأنصاري يشتمل الأدب على كل نشاط جيد يُظهر فضيلة من الفضائل، ويُعتبر هذا التعريف موجزًا يشمل مختلف جوانب السلوك الحسن والسمات الفاضلة التي يتحلى بها الإنسان.  (تاج العروس – الزبيدي – ج 1 – الصفحة 296).

تعريف العالم

العالم مشتق من العلم. فالعالم متصف بالعلم، إذ من له العلم يجب أن يكون عالما بحكم الإشتقاق. كما أن كل من كان عالم يجب أن يكون عنده علم بحكم التلازم. لذ كان العالم من أسماء الله الحسنى، فإن الله تعالى له العلم التام، العام، المحيط، بجميع الجزئيات والكليات، والموجودات والمعدومات، والواجبات والجائزات والمستحيلات. وهو تعالى العالم حقيقة. ويكون أيضا وصفا للعبد بما رزق من العلم وإن لم يكن محيطا.

 وقد أثبت الله تعالى لعباده العلم قال تعالى:

 شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ (آل عمران 18 )

وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (العنكبوت 43)

وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (الإسراء 85 )

ففيه الإثبات للبعض وهو المدّعى.

وقد ورد تعريف العالم في كتاب ” القانون في أحكام العلم والعالم والمتعلم ” لنور الدين اليوسي، أبو علي الحسن بن مسعود بن محمد ، فقيه مالكي، أديب، صوفي، يُنعت بغزالي عصره، من بني يوسي بالمغرب الأقصى(ت 1102 هـ ).

تعريف المتعلم

يعرف المتعلم على أنه مطاوع. يقال علمته فتعلم. فالمُعلم والمتعلم متقابلان، تقابل الفعل والإنفعال. ومن وصْف الأول العلم، ومن وصْف الثاني الجهل. لذلك قالوا: التعليم يكون لمن ليس بعالم في غير معلوم، ومن ليس بعالم بعلم سابق، إنما يستعمل في الغالب في الأخذ مع الإحتياج إلى الفهم. لأن ذلك مصب حقيقة العلم.

فإن كان الأخذ لمجرد السماع للنقل والحكاية، قيل راو. وهو إصطلاح المحدثين، ومقابله محدث. وإن إزداد الاحتياج إلى التهذيب والتأديب، قيل مريد. وهو إصطلاح الصوفية، ومقابله شيخ.

والمعلم يسمى أيضا شيخا، ويسمى كل من المتعلم والمريد تلميذا وصاحبا، وقد يقال في إصطلاح أهل اللغة للتلميذ فتا وغلام لكونه في الغالب حديث العمر.

وقد ورد تعريف المتعلم في كتاب ” القانون في أحكام العلم والعالم والمتعلم ” لنور الدين اليوسي.

آلات العلم أربعة

آلات العلم الأربعة، كما وردت في قول أحمد بن زروق المالكي ت 899 هـ، تمثل الأسس الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الشخص ليكون قادرًا على اكتساب وتثبيت معارف الأخلاق من خلال حلقة الآداب. هذه الآلات تسهم في تشغيل “مصنع” إنتاج الأخلاق بفعالية ونجاح. إليك تفصيل هذه الآلات:

عقل رجّاح: يشير إلى القدرة على التفكير بوعي وتمحيص الأمور بحكمة، واتخاذ القرارات الصائبة بناءً على استنتاجات مدروسة.

شيخ فتّاح: يمثل الاستعانة بالمرشدين والعلماء الذين يمتلكون الخبرة والعلم في مجال الأخلاق، والتعلم منهم والاستفادة من توجيهاتهم.

كتب صحاح: تشير إلى الاطلاع على الكتب الصحيحة والموثوقة في مجال الأخلاق واستيعاب مضامينها وتعاليمها.

مداومة وإلحاح: يشير إلى الاستمرارية في السعي والمثابرة على تحقيق الأهداف الأخلاقية المرسومة، مع الإصرار والتكرار في العمل على تحسين النفس وتطوير الأخلاق.

باستخدام هذه الآلات الأربعة، يمكن للشخص أن يحقق تقدمًا مستمرًا في رحلته نحو تطوير الأخلاق وتعزيزها، وبناء قدراته على فهم وتطبيق الأخلاق بشكل أفضل في حياته اليومية.

جذور الآداب في القران والسنة

جذور الأدب في القرآن والسنة تمثل أصالة تعاليم الإسلام وقيمه الأساسية التي تحث على السلوك الحسن والتصرف اللائق في جميع الأوقات والظروف. يمكن العثور على العديد من الشواهد في القرآن الكريم والسنة النبوية التي تبرز أهمية الأدب وتوجيهاته. من جذور الأدب في السنة النبوية الكريمة إنتخب الشيخ إبراهيم بعض الأمثلة التي تؤكد على أدب المجالس وحال الجالس واحترام العالم. ([5])

  1. أدب الجلوس في مجلس الصالحين

ورد هذا في حديث رواه مسلم جاء فيه” حتى جلس (جبريل ع.) إلى النَّبيِّ، صلى الله عليه وسلم، فأسنَد ركبتيْه إلى ركبتيْه، ووضع كفَّيه على فخذيْه”. فنحن أمام حديث أن جبريل عليه السلام من خلال سلوكه يرشدنا إلى أدب الجلوس في مجلس الأنبياء وورثتهم من العلماء ([6]) . جبريل عليه السلام يعكس احترامه وتقديره بوضع ركبتيه إلى ركبتي النبي، صلى الله عليه وسلم، ووضع كفيه على فخذيه، مما يظهر اعتزازه بمجالسة النبي، صلى الله عليه وسلم، واحترامه له. هذا السلوك يعكس الأدب والاحترام الذي ينبغي للجميع أن يظهروه في مجالسهم. هذا الحديث يقدم درسًا في أهمية الأدب والاحترام في التعامل مع الآخرين، خاصة في المجالس العلمية والدينية. إن التواضع والاحترام في الجلوس مع الصالحين يعكس القيم الإسلامية العظيمة ويساهم في بناء جو من الود والتقارب بين الناس.

  • حال أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم، عند مجالستهم إياه

وقد ورد في أكثر من حديث وصفا لأصحاب الرسول ، صلى الله عليه وسلم. ينعتهم “كأن على رؤوسهم الطير”. ([7]) . ذلك كناية عن إطراقهم رؤوسهم وسكوتهم وعدم التفاتهم يمينًا وشمالاً- أي على رأس كل واحد الطير (وكأنه) يريد صيدها، ولا يتحرك، وهذه كانت صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير.

  •  و يعرفْ لعالِمِنَا حقَّهُ

وفي رواية جاءت بتقدير واحترام العلماء، قال -صلى الله عليه وسلم -: (ليسَ منَّا منْ لمْ يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا ! و يعرفْ لعالِمِنَا حقَّهُ). ( رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن عبادة بن الصامت ، الصفحة أو الرقم:7675 ، صحيح.) في هذا الحديث، يحث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على احترام وتقدير العلماء، مشيرًا إلى أنه ليس من أتباعه من لا يُجلّ كبار العلماء ويُرحم صغارهم. يبرز هذا الحديث أهمية الاحترام والتقدير للعلماء في المجتمع الإسلامي، ويدعو إلى التعامل معهم بحقهم وتقدير مساهماتهم في نشر المعرفة والحكمة.

جذور الآداب في كتابات العلماء

توافرت في جعبة الشيخ إبراهيم المريخي موازنة معرفية جراء تراكم تحصيله القرائي الذي تمدد ليشمل ما سمق في سماء علوم الآداب من نجوم أفذاذ وعلماء نجباء أنتخب منها الشيخ المريخي

المشارقي الخطيب البغدادي؛ أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، أبو بكر، المعروف بالخطيب (ت 462 هـ). عبر كتابيه: “الفقيه والمتفق” وكتاب “الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع”.

وانتخب المغاربي أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّمِرِيُّ المعروف بِٱبْنِ عَبْدِ البَرِّ (ت 462 هـ).

آداب العالم

لما كان العالم هو مظهر التّأسي، ومنه تُكتَسَب الأخلاق الحميدة، لا سيما أنه الموجه الأول بالنسبة للطالب والمتعلم، لذا أصبح لزاما عليه أن يكون متحليا بلآداب. وحينما نسوق آداب العالم فإننا سنجدن أنفسنا لا محالة واقفين أمام أعتاب علماء وصفهم الحق تعالى بقوله:

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (فاطر 28). قال الإمام شهاب الدين القرافي المصري المالكي (ت 684هـ) قوله تعالى على وجه الحصر، فيكون كل من يخشى الله فهو عالم وهو المطلوب.

ثم قسم الشيخ إبراهيم آداب العالم إلى قسمين:

آداب العالم في نفسه

آداب العالم في درسه

وقسَّم آداب المتعلم إلى قسمين:

آداب المتعلم في نفسه

آداب المتعلم مع شيخه

آداب العالم في نفسه

في فقرة “آداب العالم في نفسه”، يسلط الشيخ الضوء على كيفية تشكيل العالم لشخصيته قبل أن يساهم في تشكيلها بين تلامذته ومجتمعه من خلال اعتماد آداب محددة. يبدأ الشيخ بتسليط الضوء على أهمية السعي نحو العلم بنية صافية، مؤكدًا على ضرورة أن يكون هذا السعي موجهًا نحو اقتراب الإنسان من الله وخدمة الدين، وليس لأهداف دنيوية محددة. ويشدد على أهمية الإخلاص في العمل والعبادة، وضرورة مراقبة الإنسان لله في جميع الأحوال، ويؤكد على حفظ العلم وتقديره، وعدم التدنيس أو الانحراف عن أهدافه النبيلة. وبعد ذلك، يسلط الضوء على أهمية إقامة شعائر الإسلام وحرص العالم على الوفاء بالواجبات الشرعية، والمحافظة على المندوبات القرآنية والسنة النبوية. وفي الختام، يؤكد الشيخ على إظهار الاحترام والتقدير للنبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ الصلة القوية مع سنته كمصدر للهدى والرشاد في حياة العالم المسلم. يتضح هنا أن آداب العالم في نفسه تلعب دورًا حيويًا في تشكيل شخصيته وسلوكه، مما يؤثر بدوره على المجتمع وتلامذته بشكل إيجابي.

أولا) أن يحصل العالم بعلمه وجه الله تعالى، ولا يقصد به توصل إلى غرض دنيوي، لتحصيل مال أو وجاه أو سمعة أو تميز على الأقران. قال سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الكوفي (ت. 198 هـ) الـذي كان يعـد من حكماء أصحاب الحديث، “قد كنت أوتيت فهم القرآن.. فلما قبلت “الصرة” من أبي جعفر المنصور العباسي سلبته”.

وقد صح عن الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المُطَّلِبِيّ القُرَشِيّ (ت. 204 هـ ) على أنه قال وددت أن هذا الخلق تعلموا هذا العلم على أن لا ينسب إلى حرف منه.

وقال الشافعي رحمه الله ” ما ناظرت أحد قط على الغلبة، وودت إذا ناظرت أحد أن يظهر الحق على يديه”.

قال أبو يوسف رحمه الله ([8]) : يا قوم أريدوا بعلم الله ، فإني لم أجلس مجلساً قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم ، ولم أجلس مجلساً قط أنوي فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى أفتضح.

قال الفقيه المالكي الصوفي ابن عطاء الله السكندري (ت. 709 هـ) في كتابه “لطائف المنن”

“فشاهد العلم الذي هو مطلوب اللّه تعالى من عباده الخشية للّه ، وشاهد الخشية موافقة الأمر ، أما علم تكون معه الرغبة في الدنيا ، والتملق لأربابها ، وصرف الهمة لاكتسابها ، والجمع والادخار ، والمباهاة والاستكبار ، وطول الأمل ونسيان الآخرة ، فما أبعد من هذا علمه من أن يكون من ورثة الأنبياء عليهم السلام ، وهل ينتقل الشيء الموروث إلى الوارث إلا بالصفة التي كان بها عند الموروث ؟”

ثانيا) دوام المراقبة لله تعالى في السّر والعلن، والمحافظة على خوفه من الله في جميع حركاته وسكناته وأوقواله وأفعاله فإنه أمين على ما أستورع من العلوم وما منح من الحواس والفهوم قال تعالى: “…بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ…” (المائدة 34). وروى عن الإمام مالك بن أنس (179 هـ) أنه قال لتلميذه عبد الله بن نافع الصائغ (ت. 206 هـ)  إذكر نفسك في غمرات الموت وكربه وما هو نازل بك منه وما أنت موقوف عليه بعد الموت.

ثالثا) أن يصون العلم كما صانه علماء السلف. وأن يقوم له بما جعله الله تعالى له من العز والشرف.  وأن لا يدنسه بالأطماع ولا يذله بذهابه بمشيه إلى غيره من أبناء الدنيا من غير ضروره ولا حاجة. قال ابن شهاب الزهري (ت. 123 هـ) : هوان بالعلم أن يحمله العالم إلى بيت المتعلم. وقال مالك بن أنس للمهدي وقد استدعاه لولديه يعلمهما: العلم أولى أن يوقر ويؤتى، وفي رواية: العلم يزار ولا يزور ويؤتى ولا يأتي.

رابعا ) إقامة شعائر الإسلام وأحياء ظواهر الأحكام. وأن يحافظ على المندوبات الشرعية والقولية، كإقامة الصلوات في مساجد الجماعات، و إفشاء السلام للخواص والعوام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى بسبب ذلك.  

خامسا ) أن يحافظ على إجلال صاحب الشريعة النبوية المصفطوية، وتعظيمه واتباعه وإكثار  من الصلاة عليه لأن محبته وتوقيره واجب. والأدب عند سماع إسمه وسنته مطلوب وسنة.

وقال مصعب بن عبد الله : كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه . فقيل له يوما في ذلك فقال : لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون. ولقد كنت أرى محمد بن المنكدر – وكان سيد القراء – لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه .ولقد كنت أرى جعفر بن محمد ع. – وكان كثير الدعابة والتبسم – فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفر لونه وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة . ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال : إما مصليًا وإما صامتًا وإما يقرأ القرءان، ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان مِن العلماء العباد الذين يخشون الله عز وجل.

سادسا) دوام الحرص على الإزدياد وملازمة الجد والإجتهاد

وهو أن يشتغل بالعلم قراءة  وإقراءا ومطالعة وفكرا وتعليقا وحفظا وتصنيفا وبحثا

قال الإمام الفخر الرازي خلال كلامه عن سورة العصر: أقسم الله تعالى بالعصر الذي هو الزمن لما فيه من الأعاجيب لأنه يحصل فيه السراء والضراء  والصحة والسقم الغنى والفقر وأن العمر لا يقوم بشيء نفاسة وغلاء .قال الربيع لم أرى الشافعي آكلا في نهار ولا نائما بليل لإشتغاله في التصنيف. مع هذا ما كان يحمل نفسه فوق طاقتها لكي لا تسأم وتمل، فربما نفرت نفرة لا يمكنه تداركها. وكل إنسان أبصر بنفسه.

 سابعا ) أن يطهر باطنه وظاهره من الأخلاق الرذيلة وأن يعامل الناس بمكارم الأخلاق. وأن يتنزه عن دنيء المكاسب ورذائلها.

آداب العالم في درسه

أولا) التطهر من الحدث والخبث والتنظف والتطيب إذا عزم على مجلس الدرس والتدريس. وقد تلقوا هذا الأدب عن الإمام مالك.

وقد كتب الأندلسي القاضي عياض (ت. 544 هـ) ([9]) في كتابه ” ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك ” سير مختصرة تعكس لنا حجم ذهول العلماء قديما واستغراقهم وفنائهم في العلم! منها ما ترجمة عن الفقيه المالكي المحدث الإمام محمد بن سحنون القيرواني (ت. 256 هـ) رحمه الله تعالى، كتب ما يلي: ” كانت لمحمد بن سحنون سرية – أي جارية مملوكة – يقال لها: أم مُدَام، فكان عندها يوما، وقد شغل في تأليف كتاب إلى الليل، فحضر الطعام، فاستأذنته فقال لها: أنا مشغول الساعة. فلما طال عليها – الانتظار – جعلت تلقمه الطعام حتى أتى عليه، وتمادى هو على ما هو فيه، إلى أن أذن لصلاة الصبح، فقال شغلنا عنك الليلة يا أم مدام! هات من عندك، فقالت: قد – والله يا سيدى – ألقمته لك، فقال: ما شعرت بذلك!”.

ثانيا ) أن ينوي نشر العلم وتعليمه، وبث الفوائد الشرعية التي أؤتمن عليها، وتبليغ أحكام الله تعالى التي أؤتمن عليها.

كان السلف يعملون أعمال البر ويخافون أن لا تقبل منهم ويحافظون على استدامة إخلاص النية. قال الشريف الامام نور الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد بن علي الحسني السمهودي ، (844هـ ـ 911هـ)،:  كان شيخنا شيخ الإسلام فقيه العصر الشرف محمد عبد الرؤوف المناوي ([10]) إذا أخرج إلى دهليزه ذاهبا للدرس يقف حتى يخلص النية ويستحضرها خوفا من الرياء ثم يخرج وكان كثيرا ما ينشد:

لئن كان هذا الدمع يجري صبابة. . . على غير ليلى فهو دمع مُضَيّع

ثم يبكي بكاء شديدا.

ثالثا ) أن يجلس بارزا لجميع الحضور.

رابعا ) أن يصون مجلسه من اللغط. قال الواقدي (130 هـ – 207 هـ) كان مالك بن أنس رجل مهابا نبيلا، ليس في مجلسه شيء من المراء أو اللغط.

خامسا) أن يزجر من تعدى في بحثه، أو يظهر منه لدد  في سؤاله، أو سوء أدب في مقاله.

وقد ذكر أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (ت 373هـ) في كتابه ” بحر العلوم” قال عبدالله بن وهب ([11]) أن رجلا دخل على مالك بن أنس فسأله عن قوله ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى العَرَشِ اسْتَوَى﴾ فقال: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهول والكَيْفِيَّةُ غيرُ معقولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا ضالا، فأخرجوه.

سادسا) أن يلازم الإنصاف في بحثه وخطابه. وأن لا يخجل من قول لا أعلم إذا هو لم يعلم. لأن المتمكن لا يضره عدم معرفة بعض المسائل، بل يرفعه قول لا أدري، لأنه دليل على عظيم محله، وقوة دينة، وتقوى ربه، وطهارة قلبة.  أخرج أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّمِرِيُّ المعروف بِٱبْنِ عَبْدِ البَرِّ (ت 462 هـ) في كتابه “الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء” عن مالك قال: جنة العالم ” لا أدري ” فإذا أغفلها أصيبت مقاتله.

سابعا ) أن لا ينتصب للدرس والتدريس إلا إذا كان أهلا له. قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم،  “المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور”. رواه البخاري. قال مالك بن أنس: ما أفتيتُ حتى شهِد لي سبعون أني أهل لذلك؛ (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ 6 صـ: 316)

آداب المتعلم في نفسه

الأول) أن يطهر قلبه من كل دنية كغش، ودنس، وغل، وحسد.

قال الله تعالى: وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (البقرة:282)

ثانيا ) حسن النية في طلب العلم

قال أبو العباس أحمد بن عبد العزيز السجلماسي الهلالي (ت1175هـ).

والزم طلاب العلم بالإخلاص *** لكي ترى مناهج الخلاص

فالعلم نور،والجهل حلك *** ومن سرى في ظلمة الجهل هلك

ثالثا ) أن يبادر شبابه وأوقات عمره فيصرفها في التحصيل.

قصة إبن أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة (132 هـ – 191 هـ )

صاحب الإمام مالك عشرون عاما، ثم أتى الحجاج من مصر يسألون عن ابن القاسم فأتى معهم شاب يقبل بن القاسم، فإذا هو عبدالله إبنه الذي لم يره منذ 20 عاما.

في ختام هذه المقالة، نجد أنفسنا معرضين لتحديات كبيرة في بناء مجتمع مترابط يستند إلى قيم الأخلاق والآداب. من خلال استعراض محاضرة الشيخ إبراهيم المريخي وتحليل مضامينها، ندرك أن الأدب الديني ليس مجرد تقليدية، بل هو أساس حضاري يعكس قيمنا ومعتقداتنا ويشكل هويتنا كمجتمع. يجب علينا أن نعمل جميعًا على نشر قيم الأدب والأخلاق في حياتنا اليومية، وأن نعكس هذه القيم في تعاملاتنا مع الآخرين وفي سلوكنا اليومي. إن الالتزام بالآداب الدينية يعزز التسامح والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع، ويسهم في بناء مجتمع مترابط يتسم بالسلام والازدهار. لذا، دعونا نعمل بجدية على تعزيز قيم الأدب والأخلاق في حياتنا، ونكون قدوة للآخرين في اتباع الطريق الصواب والتمسك بالقيم الدينية التي تسهم في بناء مجتمع أفضل.

بحمد الله، تمت كتابة المقالة في مساء الأحد، الموافق 7 رمضان 1445هـ

الهامش


[1] )  الزاوية الهبرية البلقايدية من أهم الزوايا في الجزائر وتحمل هذه الزاوية العلمية الواقعة بوهران اسم علم من أعلام التصوف الجزائري ألا وهو سيدي محمد بلقايد الذي أخذ الطريقة من سيدي محمد الهبري العزاوي الزروالي. وتنتسب الزاوية البلقايدية التي يقع مقرها بضاحية سيدي معروف إلى الطريقة الهبرية الدرقاوية الجزولية المنبثقة عن الغصن الشاذلي الذي يرفع إلى الغوث أبي مدين الإشبيلي حسب ما يؤكده مدير الأبحاث في علوم الإنسان والأديان المختص في التصوف الدكتور زعيم خنشلاوي. و تحمل هذه الزاوية العامرة التي تعلوها قبة خضراء امتنانا وتبركا بالقبة النبوية الشريفة في المدينة المنورة اسم سيدي محمد بلقايد المولود عام 1911 من عائلة تلمسانية شريفة مشهورة بخدمة الأولياء ورجال الله يضيف الدكتور في حديث ل (وأج) بمناسبة الملتقى الدولي الرابع لسلسلة «الدروس المحمدية» التي تنظمه الزاوية ابتداء من يوم الخميس. و أوضح الدكتور خنشلاوي أن الشيخ بلقايد قد أخذ الطريقة بعد أن أجيز في علوم الشريعة من سيدي محمد الهبري العزاوي الزروالي نسبة إلى بني زروال وهو عرش من عروش قبيلة مجاهر الضاربة بجدورها في مستغانم كاملة وما جاورها. وعرفت الهبرية التي صارت تنسب لمجددها بالبلقايدية انتشارا «هائلا» مع بداية السبعينيات من القرن المنصرم خاصة في المناطق الغربية للوطن كتلمسان وسعيدة ومعسكر وغليزان وتيارت وحتى الجزائر العاصمة ومنطقة القبائل.

[2] )  للإستماع إلى المحاضرة بإمكانك نقر الرابط التالي: (https://www.youtube.com/watch?v=xCfFfXpWork&t=453s)

[3] ) روى أحمد بن حنبل في مسنده حديث ” إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ و في روايةٍ ( صالحَ ) الأخلاقِ”، كانتِ العربُ تَتخلَّقُ ببعضٍ مِن محاسنِ الأخلاقِ بما بقِيَ عندهم مِن شريعةِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، ولكنْ كانوا قد ضلُّوا بالكُفرِ عن كثيرٍ منها؛ فبُعِثَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُتمِّمَ محاسنَ الأخلاقِ، كما يُؤكِّدُ هذا الحديثُ؛ حيث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “إنَّما بُعِثْتُ”، أي: أُرْسِلْتُ للخلْقِ، “لأُتَمِّمَ”، أي: أُكمِّلَ ما انتقَصَ، “مكارمَ الأخلاقِ”، أي: الأخلاقَ الحَسنةَ والأفعالَ المُستحسَنةَ الَّتي جبَلَ اللهُ عليها عِبادَه؛ مِن الوفاءِ والمُروءةِ، والحياءِ والعِفَّةِ، فيَجعَلُ حَسَنَها أحسَنَ، ويُضيِّقُ على سيِّئِها ويَمنَعُه.

وفي الحديثِ: الحثُّ على مكارمِ الأخلاقِ.وفيه: بيانُ أهمِّيَّةِ الأخلاقِ الحَسَنةِ في شَريعةِ الإسلامِ وأنَّها مِن أولويَّاتِه.

[4] ) تعريف و معنى براعة التخلص في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي:

  1. بَراعَة التَّخلُّص: (بلاغة) أن ينتقل الكاتب أو المتحدث مما بدأ به موضوعه إلى الغرض الذي يرمي إليه ببراعة وعدم تكلّف. (مصطلحات بلاغة)
  2. براعة التّخلّص: انتقال الشاعر مما بدأ به قصيدته إلى الغرض منها ببراعة وعدم تكلُّف، الانتقال من موضوع إلى آخر من غير انقطاع محسوس. (مصطلحات لغوية)

[5] )  عن عمر رضي الله عنه قال: “بينما نحن جلوسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طَلَعَ علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سَواد الشعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر ولا يعرفه منَّا أحدٌ، حتى جلس إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فأسنَد ركبتيْه إلى ركبتيْه، ووضع كفَّيه على فخذيْه، وقال: يا محمد أخبرْني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإسلامُ أن تشهدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتُؤتيَ الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً، قال: صدقتَ، فعَجِبْنا له يَسأله ويُصدِّقه، قال: فأخبرْني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمنَ بالله وملائكته وكُتبه ورسُله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدَر خيره وشرِّه، قال: صدقتَ، فأخبرْني عن الإحسان؟ قال: أن تعبدَ الله كأنَّك تراه، فإن لَم تكن تراه فإنَّه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلمَ مِن السائل، قال: فأخبرني عن أمَاراتِها؟ قال: أنْ تلِدَ الأَمَةُ ربَّتَها، وأنْ تَرَى الحُفاةَ العُراة العَالَة رِعاءَ الشاءِ يَتَطاوَلون في البُنيان، ثمَّ انطلق فَلَبِثَ مليًّا ثم قال: يا عمر أتدري مَن السائل؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: فإنَّه جبريلُ أتاكم يعلِّمُكم دينَكم”. [رواه مسلم].

[6] ) روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ضمن حديث طويل:” إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر.

[7] )  ورد التعبير في حديث نبوي – في (سنن ابن ماجه، ج1، ص 111- رقم 1549 ، وكذلك في كتاب ابن الأثير- النهاية في غريب الحديث والأثر، ج3، ص 175).

[8] ) أبو يوسف (113 هـ-182 هـ/ 731 798 م) يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المشهور بـأبي يوسف وهو من تلاميذ الإمام أبي حنيفة النعمان. القاضي أبو يوسف هو الإمام المجتهد العلامة المحدث قاضي القضاة، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد بن بجير بن معاوية الأنصاري الكوفي .ولد أبو يوسف سنة ثلاث عشرة ومائة (113هـ)، تفقه على أبي حنيفة، وأخذ الحديث، وتولى القضاء، ومنح لقب قاضي القضاة، توفي في عصر هارون الرشيد سنة 182 هـ.

[9] ) أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض السبتي اليحصبي (476 هـ – 544 هـ / 1083م – 1149م). القاضي المالكي. والعلامة والفقيه والمؤرخ العارف بعلوم عصره.

[10] ) المُناوي (952 – 1031 هـ) هو محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المُناوي القاهري، زين الدين. المشهور بالمُناوي. ولد سنة 952هـ وتوفى سنة 1031 هـ. عاش في القاهرة، وتوفي بها. من كبار العلماء بالدين والفنون. انزوى للبحث والتصنيف، وكان قليل الطعام كثير السهر، فمرض وضعفت أطرافه، فجعل ولده تاج الدين محمد يستملي منه تآليفه. له تآليف كثيرة، منها: شرح على تائية ابن الفارض، شرح المشاهد لابن عربي، حاشية على شرح المنهاج للجلال المحلي، شرح على الأزهرية، والجواهر المضيئة في الاحكام السلطانية. وأشهر كتبه هو: (فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير). وهو شرح مطول على كتاب الجامع الصغير للإمام السيوطي حيث شرحه شرحا وافيا متعرضا للألفاظ ووجوه الإعراب، وضبط الكلمات ومفسرا للأحاديث بالاستناد إلى أحاديث أخرى وآيات كريمة، ومستخرجا الأحكام المتضمنة لها والمسائل الواردة فيها مورداً أقوال العلماء في ذلك.

 [11] ) هو أبو محمد الفهري مولاهم عبد الله بن وهب بن مسلم الفقيه المالكي من العهد العباسي، وكان يسكن مصر وهو المولود في الفسطاط سنة 125 هـ، لزم الإمام مالكاً أكثر من عشرين سنة، وقضى حياته في طلب العلم.

جديدنا