تحدي التكفير: سؤال العيش المشترك؟

image_pdf

 

مدخل:

يمكن للمرء، في نطاق خصوصيّاته، أن يُعيِّن شيئاً ذاتياً يسعى إليه دون أن يكون في حاجة إلى تعريف كيف يتمّ تحقيق ذلك بموضوعيَّة. ولكن، في حالة العيش المشترك، فإنَّ المواضعات الاجتماعيَّة تُلزِمهُ بالتواضع وفقاً لمترتّباتها، فإذا صيغت المفاهيم بلغة غير مألوفة للمتساكنين ستُحْدث اضطراباً وتقود إلى توتُّر محتمل، لأنها قد تكون مُعَادِلة وظيفياً لأحكام التكفير؛ من مثل الحديث عن الاعتقاد الخاصّ بلغة الإطلاق وعبارات التطرُّف والغلو، والاقتناع بأنَّ الخلاص، أو النجاة، هو ممكن فقط لمن يلتزمون بنمط تفكير مقرَّر من جماعة تحتكر الحقيقة الدينيَّة المطلقة. وذلك قد يبدو مقبولاً لأولئك الذين ينخرطون في هذه الجماعة، أو ينتهجون الممارسات المنافية لطبائع الاجتماع البشري، ولا يتشاركون مع الأغلبيَّة القناعات، أو جملة المفاهيم الناظمة لعلاقات الناس في المجتمع.  وغالباً ما تكون لديهم فكرة خاطئة عن الظروف الدقيقة التي تشكِّل قيمة العيش المشترك.

ورغم أن الثقافة حُكماً ومعنىً؛ لغة واصطلاحاً، تتناقض وتتعارض مع كلمة التكفير، إلا إن استكشاف التوتُّر الواضح في وجهة نظر معينة هو الذي يُهيِّئنا لمعرفة ما يُمكِن أن يطلق عليه البعض مجازاً “ثقافة التكفير”، التي تتطلَّب دائماً عنصراً شخصياً ومدخلاً ضيقاً لتعريف حقيقة الفكرة الدينيَّة وغيرها من الأيديولوجيات، حيث أن المعرفة الشخصيَّة المبتثرة والمنحصرة للحقيقة لا تحمي الإنسان من آثار التكفير، لأن هذه المعرفة غير مرتبطة بالحقيقة الموضوعيَّة، التي لا تكون عادة متاحة بشكل صحيح لكثير من الأشخاص في المجتمع. وإذا لم يستطع الأشخاص المواءمة، بين موجبات التدين ومتطلّبات العيش المشترك، فإنَّ الخلاص من عقابيل التكفير لن يكون هو الآخر متاحاً للجميع.

 

العيش المشترك:

يُعَرَّف العيش بأنه حالة تتعامل فيها مجموعتان، أو أكثر معاً، مع احترام الخلافات وحل الصراعات  بينهما، أو بينهم، بالحوار  ومن دون عنف. وعلى الرغم من أن فكرة العيش ليست جديدة، إلا أن هذا المصطلح قد شاع استعماله خلال الحرب الباردة. وقد تم استخدام سياسة “التعايش السلمي” في سياق العلاقات بين الولايات المتَّحدة والاتّحاد السوفياتي. وفي البداية، كان غطاءً للعدوان، ولكن بعد ذلك وُضِعَ كأداة لإعادة صياغة العلاقة بين القوتين العظميين. وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي، شملت سياسة العيش السلمي مبادئ مثل “عدم الاعتداء، واحترام السيادة، والاستقلال الوطني، وعدم التدخُّل في الشؤون الداخليَّة”.

وقد عُرِّفَ العيش المشترك أيضاً بطرق عديدة، منها: المساكنة والوجود معاً – في الزمان، أو المكان – والعيش في تسامح متبادل؛ وتَعَلُّم كيفيَّة التَعَرُّف على الاختلافات والعيش معها؛ وأن تتأسَّس العلاقة بين الأشخاص، أو المجموعات، بالتراضي، الذي لا يلجأ فيه أياً من الأطراف لمحاولة تدمير الآخر؛ والتفاعل الإيجابي، مع الالتزام بالتسامح، والاحترام المتبادل، والاتِّفاق على تسوية النزاعات دون اللجوء إلى العنف. لذا، فإن التنوّع الديني والثقافي والإثني ليس مجرد قناعة فكريَّة، أو حاجة ثقافيَّة، أو  زينة فلكلوريَّة، وإنما هو ضرورة وجوديَّة، وفريضة إيمانيَّة وأخلاقيَّة، تؤكدها الأديان، وكريم المعتقدات، وسنن التاريخ، وقوانين الطبيعة.

ولا يقتصر التعايش، في معناه العميق، على صيغ توفيقيَّة ظرفيَّة تهدف فقط إلى الحدّ من الصراع، أو تسكينه في الجسد الاجتماعي، وإنما يتجاوز ذلك إلى بناء أنموذج للقيم الإنسانيَّة التي تقدِّس الاحترام والتواضع، وتعلي من شأن العدل والإخاء. إذ يقع في صلب فكرة العيش الوعي بأن الأفراد والجماعات في البلد الواحد يختلفون في العديد من الأوصاف والتصنيفات، أو دوائر الانتماء والهويات الفرعيَّة، بما في ذلك الطبقة، والعرق، والقبيلة، والعشيرة، والدين، والمذهب، واللغة، والثقافة، والجنس، والمنطقة، والجهة، والميل السياسي. وقد تكون هذه المجموعة من الهويات الفرعيَّة مدعاة للتضامن والتعاون والإغناء؛ إذا أُدِيرت بالشكل الصحيح، أو سبباً في النزاعات، أو المساهمة في أسباب النزاعات، أو قد يتمّ تعزيزها في حال تطوّر الصراعات وتصعيدها، إذا تخلَّفت الحكمة والعقلانيَّة. ومع ذلك، فإن الملاحظ أن سياسة العيش المترابط تقلِّل حتماً من احتمال أن تتصاعد اختلافات مجموعات الهويّات الفرعيَّة إلى صراع مدمِّر، أو مستعصٍ على الحل.

لهذا، فإن التعايش، أو بعبارةٍ أدقّ العيش المشترك،الذي نتحدَّث عنه، ينبع من الذات وقناعاتها الحرَّة، ويقوم على الفهم والتفاهم واحترام الخصوصيات جميعاً؛ الموضوعيَّة والميتافيزيقيَّة، أو الدينيَّة والدنيويَّة. إذن، لا بد للحفاظ على العيش المشترك من تأسيس قواسم مشتركة مبنيَّة على مصالح جماعيَّة، والسعي القاصد للتعاون والتآزر، والحرص على الانتقال من حالة الصراع إلى وضع التضامن، وجعل هذه الهويّات الفرعيَّة تتكامل بلوغاً إلى ما يمكن أن نُطلق عليه الهويَّة الإنسانيَّة الجامعة.

 

 لا بد للحفاظ على العيش المشترك من تأسيس قواسم مشتركة مبنيَّة على مصالح جماعيَّة، والسعي القاصد للتعاون والتآزر، والحرص على الانتقال من حالة الصراع إلى وضع التضامن، وجعل هذه الهويّات الفرعيَّة تتكامل بلوغاً إلى ما يمكن أن نُطلق عليه الهويَّة الإنسانيَّة الجامعة.

عَقْدُ التعايش:

كان الافتراض الأساسي أن الدول المستقلَّة حديثاً من تجربة الاستعمار  ستكون قادرة على وضع نهج جديدة للعيش المشترك أكثر مبدئيَّة؛ يتأسَّس عليه عقد اجتماعي تتناغم به العلاقات الاجتماعيَّة بين مكوّناتها المختلفة. وقد جرى تأكيد الكثير من المبادئ الداعيَّة إلى هذا الهدف من قبل القوى الوطنيَّة، التي أنجزت الاستقلال، على رأسها ضمانات هذا العقد الاجتماعي فيما يتعلَّق بالتعايش السلمي؛ ومنها الاحترام المتبادل، والمساواة والتضامن والتعاون من أجل المنفعة المتبادلة، والتي تنشأ على أساسها العلاقات بين مكوّنات المجتمعات المستقلَّة. كما تمَّ الاعتراف بتساوي الواجبات والحقوق في المعاملات المتبادلة بين جميع السكان، وهذا هو مقصد ثقافة السلام، التي تكاد تمنع في الواقع أن تكون هناك أي نزاعات وصراعات، وبالتأكيد تُستبعد بحسن مراعاتها وعدالة تطبيقها، الحروب وويلاتها.

وقد أُدْرِجَتْ الكثير من المبادئ المُؤسِّسَة للعقد الاجتماعي، في أوقات لاحقة لفترات الاستقلال الوطني، التي أكَّدت على أن فكرة دولة ما بعد الاستعمار هي دولة المواطنين، غير أن تجارب عديدة فشلت في أن تكون كذلك. وأوجدت التمايزات، التي تولَّدت عن سوء الإدارة السياسيَّة للشأن العام، والتطبيق الإجرائي غير العادل، حالة رفض متصاعدة لما انحرف عما اُقترِحَ من المبادئ الضامنة للعيش المشترك، وتطورت في أكثر من مجتمع مظاهر تباينات وتمايزات مختلفة، عُدَّت انحرافاً عن هذه المبادئ، ولم تكن مشجِّعة على الإطلاق لاستمرار حالة العيش المشترك. وكثيراً ما نكصت دول ومجتمعات عن الالتزام بما أقرَّته على نفسها، وتراجعت علاقات مكوّناتها الاجتماعيَّة إلى الخلف بدلاً من أن تتقدَّم إلى الأمام، ففقدت القدرة على العيش السلمي، مما أوجد التشدُّد في المواقف المتعارضة، وشجَّع على التطرُّف في الممارسات، وأجَّج الخلافات والنزاعات والصراعات، وأشعل الحروب، وأشاع الدمار، وروَّج لثقافة التكفير والإقصاء.

 

مراوحة الأزمة:

إنَّ ثقافة الكفير غدت سمة مميَّزة لتصرفات جماعات نافذة ويتوَّفر لها دعم معنوي ومادّي كبير. ومن المؤسف أنه حتى بعض الدول العربيَّة، التي ظلَّت لسنوات طويلة تعيش كنموذج للاستقرار والهدوء، أصبحت متورِّطة في صراعات تحت لافتات سياسيَّة مختلفة، أو على أسس عرقيَّة ومذهبيَّة ودينيَّة، وتتجاذب بعضها نزعات ونزاعات انفصاليَّة، ولَّدت حروباً أهليَّة لا تزال مستمرَّة. لقد تغيَّر  شعور كثير من المجتمعات من الهدوء إلى الهياج السياسي والثورات العدميَّة، التي لا يزال من غير الواضح الدافع المحدّد لكثير منها، ولا النتائج المتحصِّلة منها، ولا المستقبل المرجو من تكاثف احتقاناتها الاجتماعيَّة. ولكن يبدو أنها حالة فقدان للثقة في المساكنة الجامعة، وعجز للعقل المُدَبِر، وبطلان للمنطق المُوَحِّد، الذي يأخذنا الإعتقاد أنه يرتبط بحالة عامَّة من التعصُّب الفئوي والجهوي والتعنصُر العرقي والأصوليّات الدينيَّة والمذهبيَّة المتطرِّفة، وتصاعد القلق المشوب بالخوف من المستقبل.

في العهود السابقة، كان التديُّن، إلى حدٍّ كبير، وسيلة لتحديد الهويَّة العرقيَّة، وكان له شيء من الطابع الشعبوي المتسامح، وظلَّ الحال كذلك لِعهود طويلة دون أن نشهد تكفيراً واضطرابات وثورات اجتماعيَّة، أو انفصال ثقافي وانعزال مكاني لجماعات وتميّزها على أساس الخيريَّة المطلقة، بزعم أن النصّ المقدَّس أراد لها أن تكون كذلك. ومثلما فعلت الحركة الصهيونيَّة، التي نشأت في أوربا في نهايات القرن التاسع عشر، بإعادة إحياء نزعة الإنكفاء والعزلة والخيريَّة لدى معتنقيها من اليهود، وربطت ربطاً محكماً بين الدين والعرق، وإفراغ الدين اليهودي من كثير من مضامينه الروحيَّة والإنسانيَّة، كما يقول قادة طائفة ناطوري كارتا، وعزَّزت نظرة الاستعلاء العنصريَّة، التي مارستها إسرائيل قولاً وفعلاً بعد قيامها واستيلائها على الأراضي العربيَّة في فلسطين، يفعل مسلمون ومسيحيون ويستخدمون منطق الخيريَّة، وادِّعاء امتلاك الحقيقة والعقيدة الصحيحة، وأنهم هم الفرقة الناجية، التي لا تتَّسع للآخرين، وتُضَيِّق رحمة الله الواسعة.

وكردَّة فعل مضادَّة للاحتلال والاستيطان وتدنيس المقدَّسات، وما اتَّسم به الضعف العربي الرسمي طوال ستين عاماً، أو تزيد، تعالت الكثير من أصوات الاحتجاج، وتنامت الكثير من الحركات القوميَّة والدينيَّة المتمرِّدة على الأنظمة العربيَّة، والرافضة لحالة الخنوع والانكسار. وفي السنوات الأخيرة، أحكمت جماعات متطرِّفة قبضتها على المنابر العامَّة مستخدمة شعارات التهييج العاطفي والتكفير، وسخَّرت فهمها الضيِّق للدين والعرق، ووجهت تفسيرات النصوص المقدَّسة حسب أهوائها ومطامعها، وحقَّقت بذلك نموّاً مضطرداً في مجتمعات كثيرة، واكتسبت أتباعاً في جميع أنحاء العالم، خاصَّة بين فئات الشباب. وصار انتشارها يُقاس بمدى انتشار التفسيرات الخلافيَّة للحقوق والواجبات، وللمقدَّس وغير المقدَّس. وكلما تشدَّدت هذه التفسيرات، تطرَّفت المواقف أكثر، واضطربت المجتمعات، وزادت الصراعات.

والمثير للقلق، مع ذلك، هو عدم استجابة مؤسَّسات التوجيه المعروفة لما يهدِّد سلامة المجتمعات وقيم العيش المشترك فيها، وبطئها في العمل على نشر قيم الوسطيَّة والاعتدال لمواجهة حركات التشدُّد الغلو والتطرُّف؛ عنصريَّة سياسيَّة أو  دينيَّة كانت، التي تنحدر بمجتمعاتنا إلى ثقافة التكفير والعنف الفوضوي والتفتت والتجزئة والخراب الشامل. وهذا يلقي على كاهل كل العقلاء والحكماء مسؤوليَّة المساهمة الإيجابيَّة في كبح جماح كل ما يتَّصل بالتوجّهات المعادية للعقلانيَّة، والفهم الصحيح لمنطق العيش مع الاختلاف، ولجمال الوحدة مع التنوُّع، ولرسالة الأديان الداعية للسلام والمحبَّة بين الناس؛ جميع الناس.

وهنا، يتردَّد علينا السؤال الذي ظلَّ يشغل عقول الكثيرين ردحاً من الزمان؛ كيف يمكن أن نخطِّط للتأكد من أن جراحات المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة لا تستمرّ  أكثر مما كانت، وأن لا تكون حالة الفوضى مسألة مفتوحة؟ وقد لا تتسنَّى لنا الإجابة بكامل متطلباتها الآن، إلا إننا مضطرون، عاجلاً أو آجلاً، إلى الدخول في حوار عقلاني وموضوعي جاد مع أنفسنا، ومع الآخر المتفلِّت والمتمرِّد والمغالي والمتطرِّف لأخذهم بالحسنى إلى جادة الصواب، مع التأكُّد من أن العدالة والمساواة هي الالتزام السائد، وهي ديدن الحكم الرشيد في مجتمعاتنا. رغم أن الحوار ليس أداة من أدوات المتطرف المعتادة، الأمر الذي يُوجب الصبر والأناة، وعلى مؤسَّسات الدولة والمجتمع التعامل المقنع؛ سِعَةً واستيعاباً، مع القوى المُشَارِكة، حتى لا يكون التضييق والإقصاء سبباً آخر في زيادة وتائر التوتُّر وتفاقم حِدَّة الحساسيات السلبيَّة.

 

إننا مضطرون، عاجلاً أو آجلاً، إلى الدخول في حوار عقلاني وموضوعي جاد مع أنفسنا، ومع الآخر المتفلِّت والمتمرِّد والمغالي والمتطرِّف لأخذهم بالحسنى إلى جادة الصواب، مع التأكُّد من أن العدالة والمساواة هي الالتزام السائد، وهي ديدن الحكم الرشيد في مجتمعاتنا. رغم أن الحوار ليس أداة من أدوات المتطرف المعتادة، الأمر الذي يُوجب الصبر والأناة، وعلى مؤسَّسات الدولة والمجتمع التعامل المقنع؛ سِعَةً واستيعاباً، مع القوى المُشَارِكة، حتى لا يكون التضييق والإقصاء سبباً آخر في زيادة وتائر التوتُّر وتفاقم حِدَّة الحساسيات السلبيَّة.

 

نُذر الصراع:

إنَّ التعاطي السياسي النفعي مع مسألة التنوُّع  المذهبي والديني والعرقي، أو الطائفي و الإثني، جعلنا  نعيش اليوم حالةً من التكفير والصراع والتجييش العاطفي، الذي يستنزف الطاقات العربيَّة والإسلاميَّة، ويشيع البغضاء والإقصاء في امتداد فصولنا الأربعة. حيث أصبح الصراع مستعراً في كل مكان؛ السودان؛ سوريا؛ العراق؛ اليمن؛ ليبيا؛ البحرين؛ لبنان، وغيرها من ديار العرب، مثلما هو في أفغانستان، وباكستان، ومالي، ونيجيريا، وغيرها من بلاد المسلمين. ونجده يحدث على مستوى الأفراد والمجتمعات، والمؤسَّسات، كما هو على المستوى الوطني، وعلى المستوى القومي والإسلامي. ورغم أن هناك العديد من الصراعات محليَّة الطابع، إلا أنه يتمّ التعبير عنها بطرق متعدّية للحدود والقيود، وهي في كثير من الحالات مانعة لإحداث التغيير الاجتماعي المطلوب، لأن التعبير عنها ينزع للتطرّف في المطالب، ويسعى لإبْدال الضحايا بضحايا آخرين؛ هُم الطرف المنعوت بالعدو، أو الطرف الآخر المُخالِف. ومع ذلك، فإن الصراع الذي تزايدت وتائره خلال العقود الأخيرة، و ويُعَبَّر عنه بعنف يحدث على نطاق واسع الآن، الأمر الذي يدعونا إلى دراسة الأسباب الجذريَّة، وتحليل نظريات الأزمة وإدارتها بمزيد من التفصيل. رغم أن ما تعارف عليه الناس يقول إنَّ أوقات العيش لا يُسْتَبْعَدُ فيها الصراع، إلا أنه لا يمكن تَصُّور ما يحدُث فيها من عنف على نطاق واسع.

لقد أسهم ضعف المؤسَّسات الوطنيَّة والدينيَّة في فتح المجال أمام توظيف النعرات العرقيَّة، واستغلال الدين بشعارات تعصُّبٍ بعيدة عن الغاية العظمى التي أرادها الله له بأن يكون رحمةً ومحبّةً للعالمين، مما أوجد البغضاء والشحناء بين المتساكنين، وأحدث حالة اللاتعايش السلبيَّة، الذي تسود فيها الجفوة وتتمايز  الروابط الاجتماعيَّة بعدم المساواة في علاقات القوَّة ، وبالقليل من الاتِّصال بين الجماعات، والقليل من الإنصاف. وباختصار، فإن مبادئ العدالة الاجتماعيَّة تُصبِح غير واضحة في مثل هذا المناخ. ورغم أن هذا النوع من العيش قد يوجد في بيئة لا تتَّصِفُ بالعنف، إلا أن استمرار العلاقات غير المتكافئة فيها من غير المرجَّح أن يؤدِّي إلى حلّ الاحتقان المُفْضِي إلى الصراع، لأن المؤسَّسات في مثل هذه البيئة ليست مصمَّمة لدعم المساواة، مما يُمَكِّن من الحفاظ على الهياكل الجائرة والظالمة. غير أن هذه الهياكل غالباً ما نمو المجتمع وتُعطِّل عمليات السلام، وتمنع تطوير الديمقراطيَّة. وبما أن الصراع بين الجماعات في هذه الحالة ليس على نطاق واسع، فإن هناك فرصة لهذه الجماعات العيش من دون عنف، ولكن من دون فاعليَّة حقيقيَّة.

بيد إن العيش النشط يُنظر إليه بإيجابيَّة أكثر لأن العلاقات فيه تتميَّز بالاعتراف بالتعدُّد والاحترام للتنوّع والاحتضان النشط للاختلافات، والتكافؤ في الحصول على الموارد والفرص، والمساواة في جميع جوانب الحياة. وهذا النوع من العيش يعزِّز السلام والتماسك الاجتماعي القائم على العدل، والمساواة، والإدماج، والإنصاف. بالإضافة إلى ذلك، يتمّ تصميم المؤسَّسات في هذه البيئة لضمان النزاهة الكاملة والحكم الرشيد.

واليقين الراسخ هو أن الصراع؛ عرقياً كان، أو دينياً؛ مذهبياً، أو طائفياً، ليس قدراً محتوماً، ولا حتميَّة تاريخيَّة في مجتمعاتنا العربيَّة والإسلاميَّة ولا المجتمعات الإنسانيَّة. إذ إن الإرادة الواعيَّة، والعقل الناقد الحصيف قادر على معرفة القضايا الكبرى، التي تتخفى وراء ضلال التكفير والتجييش العاطفي للمشاعر المنحرفة. ولكن، مع ذلك، لا بد من المراجعة والتقييم، واللذان يعدّان من الضروريات الأساسيَّة للمراجعات والقرارات الصائبة المطلوبة لكل مجتمع يبحث عن السلم والاستقرار. ومن أهم تلك المراجعات إعادة النظر في المناهج الدراسيَّة في مدارسنا وجامعاتنا، ومدى اتِّساقها مع التنوُّع الديني والعرقي والثقافي الراهن في مجتمعاتنا العربيَّة والإسلاميَّة، وعلاقتها بوجودنا الجمعي ضمن الأسرة الإنسانيَّة.

لهذا، لا بد من الحثّ المستمرّ على فكرة التعايش، لأن الاختلافات بين الناس ظلَّت موجودة قبل كل صراع وبعده، ولم يكن حال الناس ساكناً عند حدث معين. ومثل كل البيئات الاجتماعيَّة، فإن بيئتنا العربيَّة والإسلاميَّة شهدت وتشهد تقلبات بين الفينة والأخرى، ولكنها دائماً ما تجدِّد حياتها بمستوى التفاعل الاجتماعي بين مكوّناتها. لأن العيش المشترك يوجد في الحالات التي يكون فيها الأفراد والمجتمعات على استعداد نشط لقبول التنوّع واحتضانه، أو ما يسمَّى بالتعايش النشط، وحيث يكون تقبّل الأفراد والجماعات ليس مجرد تسامح مع المجموعات الأخرى، بل ضرورة حياة. ويمكن خلق المجتمعات التي لا تعاني من الصراع في أي مكان داخل هذا النطاق القيمي الإيجابي.

وبهذا الفهم، فإن هناك دعوة راجحة لمواصلة العيش الحميم بين الجميع، لمصلحة الجميع. ويتكامل ذلك بتأكيد جدوى العمل معاً، والتفكير معاً، من أجل أهداف جامعة نبتغيها جميعاً، ومن أجل مصالحة حقيقيَّة مع الذات ومع الآخر قائمة على القبول غير المشروط، إلا بقيم الحقّ والعدالة والإنصاف، ومن أجل سلم اجتماعي دائم يحميه التنوع ويعضده التعدُّد، وتحوطه وحدة الأهداف الكليَّة الجامعة. إذ إن العيش المشترك بين ألوان النسيج الاجتماعي في عالمنا العربي ليس خياراً سياسياً، ولا مرحلة انتقاليَّة، لكنه امتداد لإرادة غلابة تأبى إلا أن تعيش بتنوّعها وتعدّدها بسلام وأمان.

وفي ذلك أيضاً تأكيد على قيمة التعايش، لأن إيجاد السلام في خِضم الصراع وزخم الحرب هو مهمَّة صعبة، ومستحيلة في بعض الأحيان، لأن استمرار عمليات القتل التي تصاحب الصراعات والحروب تميل إلى تكريس الأحقاد وتحفيز الروح الانتقاميَّة. وبالتالي، فإن مثل هذه المشاعر لا تعيق فقط الجهود الراميَّة إلى تسويَّة الصراع، وإنما تؤدي إلى تأجيج استمرار ه، وتساعد في إنتاج الظروف التي تجعل من تجدُّد الحرب أكثر احتمالاً.

 

طريق السلامة:

العمل من أجل العيش المشترك هو الذي يجمع الأفراد والمجتمعات، أو الدول، بعيداً عن العنف، ويدفع نحو التماسك الاجتماعي. وهذا يشمل الجهود التي تهدف إلى معالجة أخطاء الماضي، والبحث عن المصالحة والعدالة والتسامح، وبناء، أو إعادة بناء، المجتمعات، واستكشاف السبل المُهَيئة لبناء هياكل وأنظمة مجتمعيَّة تُجسِّد النزاهة والعدالة والإنصاف، التي تُمَثِّلُ قيماً لم تَعُد المفاضلة بينها ممكنة، أو تأخير استحقاقاتها أمراً مقبولاً تحت أي ظرف، أو مسوغات.

ونحن نمضي قدماً في القرن الحادي والعشرين مع نظام عولمة يزداد تعقيداً، وحقل استقطاب متعدِّد الأوجه من أصحاب المصلحة في السياسة الدوليَّة، يجب أن تتكيف لغتنا ومفاهيمنا مع حقائق العصر، لا مع ما نشهده بين ظهرانينا من صراع وعنف وقتال. إذ إن جهود تعميم مفهوم العيش المشترك في كل حقل من حقول بناء السلام ،وحلّ النزاعات، والتفاعل في الحياة اليوميَّة، هو الأولويَّة الملحَّة بالنسبة لنا، وينبغي أن يظل كذلك في كل أنشطتنا الفاعلة القاصدة لمستقبل أرحب وأفضل.

ومعروف أن كل جهود العيش تهدف إلى منع العنف وخفضه، ومن ثم القضاء عليه؛ لتحفيز المجتمعات نحو زيادة التكامل. بالإضافة إلى تمكين مؤسَّسات المجتمع المختلفة من وظيفتها كآليّات تأطير غايتها الإدماج، لا الصهر والتذويب، لكي يصبح استخدام مصطلح العيش المشترك مقبولاً ومطلوباً ومقنعاً، وبحيث يمكن معه مناقشة أي نوع من أنواع العمل من أجل السلام. لأن هذا الاستخدام سيُشجع، ضمنياً، نهجاً متعدِّد الجوانب لمنع الصراعات وحلّها؛ نهجاً لا يَنْظُر في حقل واحد للتوصل إلى حل، ولكن يعترف بالحاجة لللنظر في عدَّة جوانب؛ مثل التعليم والتنمية البشريَّة، والتنمية الاقتصاديَّة، والصحَّة العامَّة، ومن خلال مستويات متعددة تستوعب جهود القاعدة الشعبيَّة للسياسة. وهذا النهج الواسع والشامل أمر أساسي في عمليَّة الانتقال من الحرب إلى العيش السلبي، ثم إلى العيش النشط، ومن بعد التطوير المقصود لممارسة العيش المشترك، وخلق السلام المستدام.

إنَّ زيادة القناعة بالتعايش في ظلّ التنوُّع تعرض علينا فرص ثراء الحياة، وإمكانيَّة استقرارها، وانخفاض العنف، واحتضان التعدُّد النشط، والتعاون داخل المجالات المختلفة للحياة وعبرها، وهي زيادة في القيمة والأهميَّة في جميع أنحاء العالم، وفي مجتمعاتنا العربيَّة والإسلاميَّة خاصة. ورغم أنّ التنوُّع والتعدُّد قديم، فهو كذلك دائم بدوام الحياة. والوعد الذي يقدِّمه لنا العيش المشترك هو أنه يوفِّر الوقفة المطلوبة من التكفير والصراع والعنف لمصلحة الاستقرار والتنمية، ويمثِّل نقطة انطلاق لعلاقات أقوى وأكثر احتراماً بين الجماعات.

 

 

إنَّ زيادة القناعة بالتعايش في ظلّ التنوُّع تعرض علينا فرص ثراء الحياة، وإمكانيَّة استقرارها، وانخفاض العنف، واحتضان التعدُّد النشط، والتعاون داخل المجالات المختلفة للحياة وعبرها، وهي زيادة في القيمة والأهميَّة في جميع أنحاء العالم، وفي مجتمعاتنا العربيَّة والإسلاميَّة خاصة. ورغم أنّ التنوُّع والتعدُّد قديم، فهو كذلك دائم بدوام الحياة. والوعد الذي يقدِّمه لنا العيش المشترك هو أنه يوفِّر الوقفة المطلوبة من التكفير والصراع والعنف لمصلحة الاستقرار والتنمية، ويمثِّل نقطة انطلاق لعلاقات أقوى وأكثر احتراماً بين الجماعات.

المستقبل المأمول: 

إن كثيراً من الألقاب التي يُعَرَّفُ بها سكان بلد من البلدان هي، في جزئها الأكبر، موضوع تكييف إجرائي مرتبط بالعمليات المتعلِّقة بالثقافة القانونيَّة. فقد أنشأت الدول نظاماً دقيقاً وتفصيلياً من القواعد والعادات الاجتماعيَّة، التي تمَّ تكييفها لغايات العيش المشترك بين أفراد الشعب، والتي وفَّرت نظاماً اجتماعياً مستقرّاً في مجتمع حرّ بشكل ملحوظ، وحفظت تماسكه من تقلّبات الأهواء الشخصيَّة، أو طغيان النفوذ.  وبهذا المعنى، فإن مفهوم التمييز العرقي؛ مثلاً، قد يبدو غريباً لمعظم الأطراف المشاركة في عمليَّة ملكيَّة الأرض، بما في ذلك من يُسمّون بالشعوب الأصليَّة، أو من يُنعتون بصفات لا يقرّونها. رغم أن الكثير من التسميات التي تتوزَّع بها مكونات المجتمعات في تنوّعاتها المختلفة لم تأت من فراغ، بل هي نتاج لعمليَّة تاريخيَّة، ولكن ليس بالضرورة نتاج حتمي للتاريخ.

ورغم أن أزماتنا في العالم العربي والإسلامي ليست محصورة ببعد واحد، إلا أن إجماعنا على مقتضيات “المواطنة” المتكافئة” يُحيلنا إلى مستوى أرفع من التماسك الاجتماعي. كما أن لقب “مواطن” لديه القدرة على أن يكون “فرصة”، ليس فقط للسكان الأصليين لأي منطقة، ولكن لجميع المتساكنين في بقعة قانونيَّة وإداريَّة وسياديَّة واحدة؛ تُسمّى دولة. ولقب مواطنين لا ينبغي أن يكون، من وجهة نظري، فقط في الفصل في الحقوق والواجبات، ولكن حول الإعداد الجمعي للعيش المشترك، ومن أجل الفرصة التي يجب اغتنامها لمصلحة الجميع. ومع ذلك، فإنّ الوطن، مثل أي دولة أخرى، يجب أن تحكمه مجموعة من الاعتبارات المميّزة له داخل كيان جغرافي معترف به. وهناك حاجة ملحَّة لتعزيز تنمية مواطنيَّة قابلة للحياة تُمكِّن لكل الأطراف المكوّنة للمجتمع المشاركة على قدم المساواة. وبعبارة أخرى، يمكن للأطراف المتساكنة أن تُصرّ على التركيز على التنمية، وما يلي الواجب، بدلاً من التركيز فقط على الحقوق كأداة تعريف للمواطنة.

وإذا جاز لنا ان نسأل؛ ماذا لو كانت صفة مواطن لا قيمة لها لمن يحتفظ بها، وما هي الحقوق والمصالح المتأتيَّة منها، وكيف أن هذه الحقوق والمصالح تتفاعل مع حقوق الآخرين، وإين هي مسألة التنمية؟ والسؤال بطبيعته هذه مركب، وقد يكون طرحه بَنَّاءً، خاصَّة الآن، ونحن في معرض الحديث عن حاضر يأخذنا بشكل مضطرب ومتسارع نحو مستقبل مجهول. فما الذي يمكن أن يحقِّق أفضل النتائج لجميع الأطراف المعنيَّة؟ أو يُمكن تأطير هذا السؤال على النحو التالي: ماذا ستناقش الحكومات والمجموعات المطالبة بلقب المواطن إذا كان الهدف المتَّفق عليها لعمليَّة لقب مواطن إعمال حقّ الجماعة في التنمية المستدامة؟

إننا نقترح فكرة الحوار الدائم والتواصل الذي يقوّي الوشائج الاجتماعيَّة والوطنيَّة، كإجابة عمليَّة لكل هذه الأسئلة، لأن نهج الحوار والتواصل يحقّقان امتياز السلام على الصراع. رغم أن فكرة الحوار الإيجابي تحتاج إلى تفكيك لاستخراج معادلاتها ومدلولاتها.  لذلك، هناك مسألتان لا بدّ من التوقّف عندهما هنا: هما نوع السؤال المطروح في الحوار، وطريقة توجيه هذا السؤال لعمليَّة صنع القرار السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، أو استيعابه لِجِماع الصالح العام، الذي يُعطي المعنى للتواصل، وبالتالي التعايش. وهنا، قد يزيد معنى العيش المشترك على معنى الحوار مع الآخر، أو القبول به، كثيراً. فـ”نحن” لا ينبغي أن نرى في غيرنا “آخر” بقدر ما نرى فيه الأخ والجار والشريك في الهدف والمصير. وفي ذلك تجاوز لمجرَّد الاعتراف بوجوده إلى ما هو أبعد وأعمق، فوجوده هو جزء من وجود الذات، وهويّته هي امتداد للهويَّة الجامعة. وهذا ما يُمكن تسميته بـ”تعظيم الجوامع واحترام الفوارق”، التي تعني أن العيش المشرك ليس قبولاً بالأقليَّة من الأكثريَّة، لكنه الحياة المشتركة، والحقوق المتساوية بين الإخوة المواطنين في الوطن الواحد.

 

الخاتمة:

لقد كُتب الكثير عن تاريخ العيش والتنوُّع في المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة، لكن يبدو أننا توقّفنا في الوقت الحاضر قليلاً عن محاولة تصحيح الأخطاء التي تقع أمام ناظرينا، وكأنما ما نقرأه في أدبيّات عيشنا المشترك هو من الماضي، وفي الماضي، الذي نستند في رؤيتنا وروايتنا له على غير الحقيقة الكاملة حيناً، وعلى ما يُشبه الأساطير أحياناً أخرى. وقد أصبح الحديث عن الموضوع، في السنوات الأخيرة، ضرباً من التخمين حول ما كان من آليّات هذا العيش المشترك، ولا جهد يُبذل في تَبَيُّن مآلاته. وما تحويه الكثير من الكتب المدرسيَّة والجامعيَّة عنه، قد عفا عليه الزمن منذ وقت طويل، وهو على أيَّة حال ليس موضوع تركيز كبير، أو اهتمام عام.

إن أطروحة الحاضر حول العيش المشترك تختصر المواضيع الحسَّاسة من واقع الترقب الحذر لاحتمالات المستقبل، وكأنها جميعاً من المحظورات، أو المسكوت عنها، باستثناء بعض المحاولات الخجولة، خلال العقود الماضية، التي استطاعت فيها بعض المجتمعات صياغة مواثيق حاولت التأسيس لعمليات الحوار الدائم، وتعمدت ترسيخ مبدأ الاحترام المتبادل، وارتكزت على فكرة قبول الآخر المختلف عرقياً، ودينيّاً، أو مذهبيّاً، أو ثقافيّاً، وطائفياً، وعلى تقدير قناعات وخصوصيَّة شعائر وشرائع كلّ طرفٍ في المجتمع، والتأكيد على متطلّبات المواطنة المتكافئة، وكل ما يتعلَّق بالممارسات السويَّة للعيش المشترك.

وهنا، وحتى نستعيد جدّيَّة الحوار حول موضوع العيش المشترك، ونُجيب من خلاله على سؤال المستقبل، ينبغي أن نُجدِّد الدعوة إلى ممارسة هذا الحوار كأداة لبناء الثقة ولإقامة علاقات الصداقة والمودّة، مع احترام حدود المغايرة والاختلاف، واعتماد اللغة الهادئة والخطاب العقلاني الحصيف الرصين، الذي ينبذ العنف ويرفض التطرف ويُدين الإقصاء وكل أشكال التمييز، باعتباره المعيار الفصل للممارسة الديموقراطيَّة السليمة. كما يحدونا الأمل في أن يعكف العلماء والمفكّرون على تصويب الاجتهاد، ليؤكّدوا من خلاله أهميَّة تجديد الخطاب الديني، والانتقال به من تخويف الإنسان إلى تطمينه، ومن استعباده إلى تحريره، ومن احتقار العقل إلى تكريمه واستنفار طاقاته، ومن قداسة المباني إلى جلال المعاني، ومن شكليَّة الطقوس وسلطة النصوص إلى روح الإشراق والاجتهاد والتنوير، تحقيقاً لكرامة الإنسان ومبدأ العيش المشترك.

 

عمان 5/11/2014

جديدنا