البعد الثيولوجي في مقالة اللام من “ما بعد الطبيعة لأرسطو”

image_pdf

تقديم:

توصف مقالة اللام من ميتافيزيقيا أرسطو على أنها تتمة لقوله في الجوهر الذي بدأه في مقالة الزاي، فمقالة اللام تعتبر بشكل شائع بأنها أطروحة أرسطو حول الثيولوجيا، وهو بالضبط ما يدعي أنها تقصي عام للمبادئ وأسباب للجواهر. ينطوي مثل هذا المشروع على وضع في نفس الحركة لنظرية سببية واسعة النطاق، والتي توضح المستويات المختلفة الحق(الحقيقة) المحسوس وغير المتحرك. وهذا يعني أيضًا مطابقة هذه النظرية السببية مع مطلب ثلاثي، يمكن من خلاله اختزال جميع التطورات في المقالة: ضمان أسبقية المبادئ، وضمان فعاليتها، وتحديد أنماط الوحدة التي تحترم نظام ومعقولية العالم، مثل التنوع غير القابل للاختزال للموجودات. تقدم مقالة اللام (لامدا) نفسها على أنه أطروحة ميتافيزيقية كاملة، تحقق الجانب الثيولوجي الذي يعبر عنه أرسطو دائمًا بالعلم الميتافيزيقي والذي يلبي العديد من توقعات هذا العلم، سواء تم تصنيفه على أنه حكمة أو علم الوجود بما موجود(أنطولوجيا) أو علم الجوهر (أوسيولوجيا).

إن ما نرغب في هذه القراءة البسيطة هو تقديم النقط الرئيسية التي تطرق إليها أرسطو فيها اللامبدا، قصد استنتاج تطور المشروع الميتافيزيقي الذي دافع عنه أرسطو في هذه المقالة (اللام).

ينطلق الفصل الأول من هذا هذه المقالة بالوقوف عند تعريف وتحديد مفهوم الجوهر. إن الجوهر حسب أرسطو يشتمل على مختلف المبادئ والعلل، وهو ركن العالم والكون وهو سبب في وجود جميع أضرب الموجودات.

 كما أن اتحاد العالم والترابط المتناسق بين عناصره المكونة له والدائمة والزائلة-الفاسدة- يعود ضرورة إلى وجود جوهر أولي أزلي ثابت، فهو ثابت ويتصف بالكونية، في حين أن باقي الاشياء هي بمثابة أعراض تنضاف اليه وتحمل عليه.

يوجد الجوهر حسب أرسطو وفق ثلاث إمكانيات، جوهر محسوس وهو ينقسم بدوره إلى ضربين ولهما أزلي والثاني متغير فاسد، والأخر جوهر أزلي دائم يصفه أرسطو بكونه مفارق.

  1. أولا: جوهر ازلي مرتبط بالأفلاك وهو الجوهر المحسوس.
  2. ثانيا: جوهر متغير فاسد مرتبط بالوجود مثل الأشياء المتعينة حسيا والقابلة للمعرفة المباشرة.
  3. ثالثا: جوهر أزلي دائم، مفارق وغير قابل للحس أو القياس.  يقول ديكاري حول هذا النوع الثالث:” لكن الآخر غير متحرك ويقال إنه مفارق[1]

 وهذا الأخير-الجوهر المفارق- هو موضوع الميتافيزيقا في حين يبقى الجوهر المحسوس المرتبط بالأفلاك والجوهر الفاسد المرتبط بالموجود هو موضوع للعلم الطبيعي la physique. يقول ديكاري:” هذان الجوهران الأولان يوجدان إذن ضمن الطبيعيات؛ لأنهما يتضمنان الحركة. أما الآخرالجوهر المفارقفهو موضوع لعلم مختلف إذ ليس لديهم مبدأ مشترك[2]

يضيف ديكاري أنه صار بإمكاننا أن نميز الآن بين علمين اثنين للجوهر بحسب نوعيهما، يقول في هذا الصدد:” هناك إذن علمان للجوهر وفقا لنوعيهما، الطبيعيات تدرس الجوهر الطبيعي، وعلم أخر يتعامل مع الجوهر غير المتحرك وغير المادي(العلم الذي سيكون متقدم على العلوم الأخرى، لأن كل العلوم الباقية ستعتمد على موضوعه)”[3].

يشير ديكاري أن باقي الكتاب هو خارج اهتماماته الحالية. ويذكرنا أن الجزء من المقالة-مقالة اللام- يدرس الجوهر المادي، وأن الموجود والواحد ليسا من العموميات قبل المقولات، وأنهما لا يشكلان عناصر الواقع. أما الجزء الثاني من المقالة يثبن وجود الجوهر غير المادي ويحدد طبيعته وطريقة عمله. ويحدد كم هو عدد هذا الجوهر ويدرس هذا الجزء الثاني من المقالة “طبيعة وعمل العقل الإلهي، وكذلك الصيغة التي يوجد عليها الخير”[4].

أما فيا الفصل الأخير سيقر أرسطو بأن الحكمة la sagesse أي العلم الأكثر نبلا (الأشرف) تهتم الموجود الأول. يستنتج ديكاري هنا أن هذه المقالة تنتمي إلى وقت لم يقدم فيه أرسطو تقسيم العلوم وفقا للجوانب المختلفة لنفس الحقيقة (بالنسبة للطبيعيات والفلسفة الأولى).

في الفصل الثاني يصل أرسطو إلى أن الجوهر الموجود والمحسوس أي موضوعات العلم الطبيعي تبقى وتستمر في الوجود في حين تنتفي أضدادها.

حيث ينضاف على الوجود وضده شيء وعنصر ثالث هو: المادة الأولى او الهيولي.

إن هذا الوجود المحسوس أو  هذا الجوهر الطبيعي تشوبه الحركة التي هي أربع أنواع[5]:

  • الحركة في الهوية، وتحصل من خلال كون الشيء وفساده أي تغير في الهوية أي ما يكون عليه الشيء أصلا لا عرضا.
  • الحركة في الكم، وتحصل بالزيادة والنقصان أي التغيير في كمية الشيء ومداه وحجم الحيز الذي يشغله.
  • الحركة في الكيف، وتحصل من خلال مبدأ التحول وتغير الشيء.
  • الحركة في المكان، وتحصل من خلاله الانتقال في المكان بين الاعلى والاسفل واليمين واليسار والأمام والخلف ومن مختلف الأبعاد وهو تغيير في مكان الشيء.

 ان هذه الحركة وهذا التغير يستلزم تأقلم الهيولي معه، حيث أن هذه الحركة بمختلف أنواعها وأبعادها ومداها يخرج الجوهر من القوة إلى الفعل.

 مثلا من الشجرة كطاولة بالقوة إلى طاولة محسوسة وموجودة بفعل. وهو ما يستلزم العلل الجوهرية.

 بعد الوجود يكون العدم. حيث ان العدم هو ضد الماهية، والصورة والهيولي توحدهم.

ما هو المبدأ المشترك بين مختلف علل الوجود؟ هذا هو السؤال الأساسي الذي يجيب عنه أرسطو في الفصل الثالث من المقالة. فالباعث على هذا السؤال هو الاختلاف والأجناس في الجواهر التي تحتمل عددا من المحمولات مثل البرودة والسخونة والبياض والسواد إلى آخره…

 فيمكن للجوهر ان يحمل صورة الحار ويحمل كذلك مبدأ البارد الذي هو عدم الحار فالأشياء بهذا المعنى مع أرسطو تحمل مبادئ وعناصر متماثلة ومتباينة ومختلفة كالحار؛ والبارد؛ والرطب؛ واليابس.

حيث ان المقولات ليست مواضيع قائمة بذاتها إنما هي محمولات لجوهرها.

 يعود أرسطو إلى الحركة ويضيف أن الحركة محركها هو المبدأ أو الجوهر فضرورة وجود الجوهر والمبدأ الذي هو علة الحركة.

حيث تكون الحركة مرتبطة بأحد العلل الموجودة كصحة والمرض يقول أرسطو:” فعندما يكون الإنسان يتمتع بصحة جيدة، فإن الصحة موجودة أيضا”[6].

بمعنى أن لكل معلول علة ولكل حركة محرك وصول إلى العلة التي لا علة لها أو الجوهر الأول البسيط.

يحاول أرسطو في الفصل السادس أن يدافع على الأطروحة التالية “ضرورة وجود محرك أول أزلي”.

إن الجوهر المفارق غير محايث وثابت وهو متقدم على سائر الموجودات ذو طبيعة بسيطة وهو علة الحركة.

فالجواهر إذا كانت كلها فاسدة زائلة والموجودة كلها فاسده عكس الحركة التي لا يشوبها الفساد مبدئيا لأنها دائمة ومتصلة كالزمن الدائري.

إضافة إلى ضرورة ربط هذه الحركة بالعلة الفاعلة رمز الوجود والتعيين والاستمرار.

يقول أرسطو:” ولكن، إذا كان هناك علة محركة أو فعالة ، إذا لم يتم المرور بهذه الحركة إلى الفعل فلن يكون هناك حركة، لأنه قد يكون أن ما له قوة لا ينتقل إلى فعل”[7]. يؤخذ من قوله هذا أن الانتقال من القوة للفعل شرط لحدوث الحركة.

طبيعة المحرك الأولالله من حيث فعله المحض؛ هذا هو مضمون الفصل السابع الذي حصصه أرسطو لمشكلة الحركة. فقد شكلت الحركة مع أرسطو إشكالية كبرى، في قضية تحديد الجوهر والنظر إلى قضية الوجود، حيث يرى أن الأشياء المتحركة تحرك ضرورة باقي الاشياء لكنها لا تتحرك وهذا ضمن مبدأ الشوق او العشق او ما يسمى بالحركة الشوقية للأفلاك.

 والموجودات وهي علة الحركة حيث أن هناك حركة شوق بين الموجودات إلى المحرك الأول أو العلة الأولى. والحركة هنا حركة في المكان في الكيف في الكم لا في الجوهر.

 ويبقى الجوهر ثابت لا تشوبه الحركة، مثل العقل الأول الذي لا يعقل إلا ذاته ويصير بذلك عقلا فاضلا، كالبدر او القمر فهو يحتاج إلى جوهر كامل يتقدم.

 ويحيل هذا الاستنتاج إلى وجود جوهر أزلي غير متحرك مفارق للمحسوس في حركته وفي وجوده، ولا يحتاج غيره ليكون فهو موجود ضرورة. يقول أرسطو:” لذلك، يجب أن تكون السماء الأولى أبدية.  لذلك ، هناك أيضًا شيء يحركها ؛  وبما أن ما هو متحرك ومحرك، ليس سوى حد  وسيط ، يجب أن نفترض أن الأقصى هو المحرك دون أن يكون متحركًا، وهو كائن أبدي وجوهر وفعل خالص.”[8]

 يسترسل أرسطو قوله حول الجوهر، من خلال صياغة استشكال هو كالتالي: لكن هل يجب أن نعتبر هذا الجوهر موحدًا أم متعددًا؟ وفي هذه الحالة، ما هو العدد الذي ينبغي أن نتخذه؟ هذه هي مسألة لا يمكن تجاهلها. وعلينا أن نذكر أيضًا ما قاله الفلاسفة الآخرون: بالنسبة لعدد الجواهر، لم يقدم أحد منهم تفسيرًا واضحًا بدون شوائب. فعلى سبيل المثال، نظرية المثل الأفلاطونية التي ينتقدها أرسطو لا تتضمن رؤية محددة في هذا السياق. ويتطرق أيضا إلى الفيتاغوريين وذلك من خلال رده عليهم :       ” أولئك الذين يؤمنون بوجود الأفكار يقولون إن المثل هي أعداد، ولكنها أعداد قد تكون أحيانًا لا متناهية وأحيانًا محدودة بالعشرية.”[9]

ووفقًا لأرسطو، فإن مبدأ الأشياء، هو الكائن الأول، وهو غير متحرك. ومن الضروري لهذا المبدأ أن يكون ثابتًا في ذاته وأيضًا بالصدفة par accident.  أما بخصوص الحركة التي ينتجها هذا الموجود الأول فهي الحركة الأولية (الأولى)، ويلزم عن ذلك أن تكون هذه الحركة أبدية éternelle؛ وهذه الحركة أيضا فريدة (غير متنوعة أو غير متكثرة). بشكل ضروري، يتحرك المتحرك بواسطة شيء، ويجب أن يكون الموجود المحرك الأول ثابتًا في ذاته. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن أن تُنتج الحركة الأبدية إلا بواسطة محرك أبدي ذاته[10]، ويمكن أن تُنتج الحركة الفريدة بواسطة محرك فريد أيضًا.

إن قول أرسطو في هذا فهو واضح فيما يلي؛ المبدأ الأول للمجودات هو موجود ثابت وغير متحرك، لا في ذاته ولا بالعرض، فهذا المبدأ إذن هو المحرك الأول للحركة الأزلية. وجميع الحركة في العالم هي نتيجة لمحرك أول، وهذا المحرك الذي لا يتحرك هو المبدأ الأساسي والأولي وهو علة للحركة. وهذا المحرك الثابت غير المتحرك هو المسؤول عن الحركة، الأول وأن الحركة أما بسيطة مرتبطة بالموجودات الطبيعية، التي يحركها المحرك الأول فهي توجد ضمن عالم ما تحت القمر.

 أما الحركة الاخرى فهي حركة أزلية مرتبطة بالأفلاك ذات الحركة الدائرية المستمرة، والتي تشكل عالم ما فوق القمر.

في الفصل التاسع مع أرسطو من خلال مقاله اللام، يصل إلى مسالة العقلنة.

يرى أرسطو أن طبيعة العقل الإلهي تطرح إشكالا كبيرا بحيث يبدوا أن هذا التعقل هو أكثر الأشياء إلهية كون المبدأ الاول إذا كان عقلا فهو لا يعقل.  ولأجل حل هذا المشكل يتساءل أرسطو كيف يجب أن تكون طبيعة وجود هذا العقل الإلهي؟

أو إن صح القول، فإنه لا يفكر في شيء: ولكن ماذا يحدث لكرامته في هذه الحالة؟ إنه في حالة تشبه النوم. أو بالإمكان، فإنها تفكر، ولكن إذا كان تعقله يتوقف على مبدأ آخر (نظرًا لأن ما يشكل جوهره ليس فعل الفكر، بل هي قوة بسيطة)، فإنه لا يمكن أن يكون الجوهر العلوي.

يضيف أرسطو حول هذا العقل الإلهي في أن كرامته تكمن في الفكر. بالإضافة إلى ذلك، سواء كانت جوهره عقلي أو كانت فعل الفكر ذاته، فما الذي يفكر فيه؟ يتساءل أرسطو، إما أنه يعقل نفسه، أو أنه يعقل شيئا آخر.

 وإذا كان يفكر في شيء آخر، فإما أنه يفكر (يعقل) دائما في نفس الشيء، أو أحيانًا في شيء وأحيانًا في شيء آخر. فهل يهم أو لا يهم أن يكون محتوى فكره هو الخير أو أي شيء آخر؟

رغم كل ما قيل يبقى مع أرسطو الإشكال قائما، كيف إذن يوجد في الطبيعة مبدأ الكل الخير والفضيلة؟ وهل كل واحد منهما منفصل لا علاقة له بالآخر أو أن هناك اتصالا وتكاملا بينهم؟ هذا السؤال يجيب عنه أرسطو في الفصل العاشر من المقالة.

 في الإجابة عن هذا السؤال ينطلق أرسطو من نظرية الكوسموس أو الوجود المنتظم، وليس من نظرية الكاووس أي نظرية الفوضى والعبثية. بمعنى، أن الوجود منتظم ومتناسق وفق قانون ثابتين وكل جوهر او جسم او صورة أو عرض فهو في المكان الذي حدد له ويقوم بدوره كاملا غير ناقص بقدر معين بدرجة محددة، ضمن كل واحد حيث أن “الطبيعة تخشى الفراغ” يعني أن هناك صراعا بين الوجود والعدم فالوجود يسعى أن يكون ويسود وهو يوجد وفق قانون مترابط وهذا راجع إلى المحرك الأول الذي هو علة كل الأشياء، حيث أن التدبير الذي تتشارك فيه موجدا عدة يكون سيئا، يقول أرسطو “إن قيادة الكثيرين ليست جيدة، فليس هناك سوى قائد واحد[11] كما ان العدم يسعى إلى نفي الوجود وبالتالي أن يسود .

إن العلة الأولى واحدة ومنظمة للوجود، وبهذا يكون قصد أرسطو بفكرته هذه الصانع الأول.

خاتمة:

لعلنا  سنجد أنفسنا ونحن نتقصى مقالة اللام  بدون شك أمام طرح ثيولوجي محض، بما تقدمه بعض فصول مقالة اللام من قول فلسفي حول المحرك الأول بما هو محرك لا يتحرك أزلي وفعله هو فعل محض، هذا الطرح حول إثبات المحرك الأول الذي يمكن الاستنتاج من خلال القول الميتافيزيقي الأرسطي أنه علة غائية لباقي الموجودات ، فهذه الأخيرة تتشوق للوصول إلية ، إنه غاية إذن لها، هذا  ما جعل الفلاسفة المسلمون في العصر الوسيط يولون اهتماما بالغ لميتافيزيقا أرسطو ، ولمقالة اللام على سبيل التخصيص، لما تحمله من معاني الوجود حول الجوهر بما  هو صورة محضة ، وبفعله المحض.

الفصل السادس من مقالة اللام ” ضرورة وجود محرك لا يتحرك “؛ هذا الفصل من المقالة يلخص لنا الحضور الجلي للبعد الثيولوجي  في ميتافيزيقا أرسطو في هذه المقالة وفي مقالات أخرى كمقالة الزاي، بعدما تم التطرق إلى الجانب الانطولوجي في مقالة الجيم، التلى جاءت صريحة منذ الفقرة الأولى بأن الوجود بما وجود هو الموضوع العام الذي تحتضنه الفلسفة الأولى. إن الموجود الأول، والمحرك الذي لا يتحرك، والجوهر بما هو صورة محضة، هي مفاتيح مقالة اللام.


[1] Vianney Décarie, L’objet de la métaphysique selon Aristote.1962. P166.

[2] Ibid.p166-167.

[3] Ibid.p16.7

[4] Ibid.p16.7

[5] Aristote Métaphysique Traduction (éd. de 1953) de J. Tricot (1893-1963) .p238.

[6] Ibid.p .239

[7] Ibid.p .243

[8] Ibid.p .245

[9] Ibid.p .247

[10] Ibid.p .248

[11] Ibid.p 255
_________
*البوبكري نور الدين: طالب بسلك الماستر- الفلسفة – كلية الآداب ضهر المهراز- فاس. المغرب.

جديدنا