آليَّة بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها في الجمهوريَّة اليمنيَّة

image_pdf

تتطلَّب عمليَّة بناء المناهج التعليميَّة للجمهوريَّة اليمنيَّة وتطويرها توفّر جملة من الشروط والمتطلّبات وإنجاز مجموعة من العمليات والنشاطات والمهام المحدّدة في إطار تنظيمي يتَّسم بالكفاءة والفعاليَّة والشمول.

وسوف نتناول في هذه الورقة مجموعة من القضايا ذات العلاقة ببناء وتطوير المناهج التعليميَّة بما يلبي حاجات المجتمع اليمني ومتطلّبات نموّه وتقدّمه.

1- مفهوم المنهج: 

إنَّ تحديد مفهوم المنهج ووضوحه في أذهان التربويين على مختلف مستوياتهم وتخصّصاتهم ومجالات عملهم يعد من الشروط الأساسيَّة التي يتوقف عليها نجاح العمليَّة التعليميَّة وقدرتها على تحقيق أهدافها.

فوحدة المفهوم ووضوحه ينعكس بصورة مباشرة على وحدة الموقف ووضوح الممارسة ودقّتها، كما يساعد على منع ظهور التعارضات والاختلالات سواءً على مستوى الأفراد أو الأجهزة التي عادة ما تعيق العمل وتؤدِّي به إلى الانحراف عن أهدافه.

فاضطراب مفهوم المنهج وعد وضوحه في الأوساط التربويَّة والتعليميَّة في بلادنا يمثِّل عاملاً من عوامل تشوه المناهج التعليميَّة القائمة بشكل خاص ونظامنا التعليمي بشكل عام.

فمفهوم المنهج الذي ساد حتى بداية الستينات، والقائم على أساس النظرة إلى المنهج في أضيق حدوده باعتباره ليس أكثر من مجرد المقرَّر الدراسي أو الكتاب أو المادَّة الدراسيَّة لا يزال يسيطر على أذهان الكثيرين حتى اليوم، فالممارسات الإداريَّة القائمة التي تقيم الحواجز بين مختلف الأجهزة التربويَّة وتعطي الحقّ لبعض تلك الأجهزة أن تمارس مهام واختصاصات غيرها من الأجهزة، وتخلق حالة من الإرباك والاختلال في العمل ما هي إلا نتيجة من نتائج ضيق المفهوم المنهج واضطرابه في الأذهان ( المخلافي، 1989 م ).

أنَّ الحاجة للوقوف أمام الأوضاع التربويَّة القائمة أصبحت ماسَّة وملحَّة، حتى نتمكَّن من إجراء عمليَّة إصلاح شاملة تستهدف النهوض بمستوى االنظام التعليمي ورفع كفاءته وفاعليته، وأوَّل ما تتطلّبه هذه الوقفة، القيام بمراجعة شاملة للمفاهيم التربويَّة والاتِّفاق على معاني ودلالات وأبعاد تلك المفاهيم.

وفيما يتعلَّق بتعريف المنهج، فمن المعروف أنَّ مفهوم المنهج قد تعرَّض لعمليَّة تطوّر طويلة، إلا أن التعريف الذي يلقى قبولاً لدى الكثير من التربويّين، ولدى الأنظمة التعليميَّة في معظم البلدان ومنها تلك البلدان التي تتشابه ظروفها مع ظروفنا، هو ذلك المفهوم الذي يعرِّف المنهج بأنه  مجموعة المعلومات والحقائق والمفاهيم والمبادئ والتعميمات والنظريات والقوانين وغير ذلك من اتّجاهات وقيم ومهارت ونشاطات تعليميَّة أخرى مخطّطة ومنظّمة، يتعلَّمها التلميذ تحت أشراف المدرسة،  بغرض تنميَة شخصيته بجوانبها المتعدِّدة، بما يتَّفق وتحقيق الأهداف التربويَّة المقصودة ( الخوالدة، و أبو صالح، 1991 ).

وفي إطار هذا المفهوم فإنه ينظر إلى مكونات المنهج باعتبارها لا تقتصر على المقرّرات الدراسيَّة أو الكتاب المدرسي، وإنما تتَّسع لتشمل الأهداف والمحتوى واستراتيجيات التدريس وأساليبه والوسائل التعليميَّة والأنشطة التعليميَّة والمدرسيَّة وعمليَّة التقويم مع تأكيده على أهميَّة العلاقات بين هذه المكونات وإدراك التداخل والتشابك والتفاعل فيما بين تلك المكونات. ( لبيب ومنيا وشمٍس الدين، 1984 ).

 

عناصر المنهج ومكوّناته:

في ضوء المفهوم السابق للمنهج، فإن المنهج يشتمل على أربعة عناصر رئيسيَّة تتكامل فيما بينها وترتبط ارتباطا عضوياً وهي:

  • الأهداف.
  • المحتوى.
  • الطرق والأنشطة والوسائل.
  • التقويم ( عبد الموجود، يونس، الناقة، 1981 م ).

 

1- الأهداف:

تكتسب الأهداف كعنصر من عناصر المنهج أهميَّة بالغة، وذلك لأن نجاح العمليَّة التعليميَّة بكافة مستوياتها  يتوقَّف على وضوح الأهداف وتطابقها مع واقع المجتمع وتطلّعاته وبتحديد أهداف المنهج تتحدَّد طبيعة وشكل ومضمون عناصر المنهج ومكوناته الأخرى.

والأهداف بمثابة صمَّام الأمان باعتبارها أولى مدخلات العمليَّة التعليميَّة، والهدف هو وصف لتغيير متوقّع حدوثه في سلوك المتعلّم نتيجة لتزويده بالخبرات التعليميَّة.

وتنبع أهميَّة الأهداف من طبيعتها التوجيهيَّة لمختلف الأنشطة والعمليات والمواد التعليميَّة أولاً، ومن كونها تمثِّل المعيار أو المحك الذي يتم في ضوئه تقييم تلك الأنشطة والعمليّات والمواد والحكم على مدى نجاحها ثانياً، ومصدر من مصادر تحسين وتطوير العمليَّة التعليميَّة بأوجهها وجوانبها المختلفة.

وتصاغ الأهداف في مستويات مختلفة، ولها تقنياتها وأساليبها وشروطها الخاصَّة، وفي العادة فإن الأهداف تصاغ في ثلاثة مستويات هي:

  • أهداف عامَّة: وهي أهداف عريضة تساعد على تخطيط الإطار العام للمادَّة والموضوعات التي يمكن أن تدرس.
  • أهداف خاصَّة: تتضمَّن تحليلاً للأهداف العامَّة المجرَّدة، وتساعد على رسم وتحديد الإطار الخاص للوحدة الدراسيَّة.
  • أهداف إجرائيَّة ( سلوكيَّة ): وهي تجسيد إجرائي يساعد مخطِّط المنهج على تحليل المادة العلميَّة بالتفصيل ( أبراهيم، الكلزة، 1988 م ).

 

وتوجد عدَّة معايير وأسس ينبغي الاعتماد عليه وعدم تجاهلها عند تحديد الأهداف وصياغتها فمن الأهميَّة بمكان أن ترتبط الأهداف بفلسفة المجتمع وحاجاته، وأن تراعى طبيعة المتعلِّم، وأن تتَّسم بالواقعيَّة، وإمكانيَّة التحقّق كما ينبغي أن تتَّصل بالشموليَّة والتوازن  من حيث تغطيتها لكل أنواع السلوك في المجالات المختلفة، المعرفيَّة والوجدانيَّة والمهاريَّة، بالإضافة إلى ضرورة مسايرتها لروح العصر ومتطلبات التقدّم العلمي والتكنولوجي وأن يتم إشراك المعنيِّين في تحديدها.

2– المحتوى:

ويقصد بالمحتوى كافة الخبرات التعليميَّة التي تحقق النمو الشامل والمتكامل للفرد، وتصنيف الخبرات التعليميَّة إلى خبرات معرفيَّة ووجدانيَّة (انفعاليَّة) ومهاريَّة (نفسحركيَّة) وقد يوصف المحتوى بأنه المعرفة أو المهارات والاتجاهات، أو القيم التي يتعلمها الفرد.

وللخبرات التعليميَّة مميزات وخصائص مهمَّة، فالخبرة التعليميَّة هي التي تنمِّي لدى المتعلِّم مهارة التفكير العلمي وتساعده على اكتساب المعلومات وتنمية الميول والاتجاهات الإيجابيَّة.

من المبادئ التي ينبغي عند اختيار وتحديد المحتوى اعتبار المحتوى أداة لتحقيق الأهداف، بحيث يترجم المحتوى أهداف المنهج، وأن يتلاءم مع واقع الحياة ومشكلاتها وتحقق الوحدة والانسجام والتكامل بين موضوعاته ووحداته، كما ينبغي أن يكون على درجة من التنوّع والمرونة ليتناسب  مع حاجات المتعلمين وميولهم، وأن يؤكِّد على المفاهيم والمبادئ الرئيسيَّة وأساليب التفكير وطرق البحث، وأن تحقّق فيه درجة من التكامل والتوازن بين مختلف الجوانب النظريَّة والتطبيقيَّة….. الـخ ( فرحان، مرعي، بلقيس، 1984 ).

ويمكن القول أن المحتوى يمثِّل مضمون المنهج وعموده الفقري، كما أن عمليَّة تحديد المحتوى تعد من العمليات الأساسيَّة والهامّة التي تكتنفها جملة من الصعوبات ويرتبط بها العديد من العمليات الأخرى مما يستلزم إعطاء هذا الجانب حقّه من العنايَة والاهتمام.

3- الطرق والأنشطة والوسائل: 

هناك من يحاول الفصل بين المناهج وطرق التدريس، وهو في الحقيقة فصل مصطنع، فالعلاقة فيما بين الطريقة وعناصر المنهج الأخرى علاقة وثيقة، وتتوقَّف عمليَّة تحديد واختيار الطريقة المناسبة في التدريس على وضوح العلاقة بينها وبين كافة عناصر المنهج الأخرى، فالمنهج وحدة متكاملة البناء ذات أجزاء ومكونات مختلفة ترتبط فيما بينها بعلاقات وثيقة وذات تأثير متبادل ( عبد الموجود، يونس، الناقة، مذكور، 1981م ).

كما أن الأنشطة والوسائل التعليميَّة هي الأخرى أصبحت تحظى بعناية والاهتمام وذلك لما لها من دور وأهميَّة في نجاح العمليَّة التعليميَّة، وتتكامل الأنشطة والوسائل التعليميَّة مع طرق التدريس في معالجة محتوى المنهج، كما أنها تعمل على تدعيم طرق التدريس وترفع من فعاليَّة التدريس وكفاءته.

وهكذا ترتبط طرق التدريس والأنشطة والوسائل التعليميَّة ارتباطاً قوياً بالمنهج وهي من الناحية الفعليَّة جزء لا ينفصل عنه وينبغي أن تستخدم هذه الأساليب والوسائل في ضوء علاقتها الوطيدة لعمليات التعليم باعتبارها عمليات متكاملة، وهي ليست أهداف في حدِّ ذاتها، وإنما هي وسائل لتحقيق أهداف وغايات معينة القصد منها تحسين العمليَّة التعليميَّة ورفع كفاءتها في تحقيق النتائج المراد تحقيقها ( إبراهيم و الكزة، 1983 م ).

4- التقويم:

التقويم عنصر أساسي من عناصر المنهج، ومكوّن هام من مكوناته، ويقصد به تلك العمليَّة المتدرجة الناميَة المستمرَّة التي تستخدمها المدرسة والعاملون فيها للتحقّق من مدى مناسبة المحتوى، وفعاليَّة الطرق والأنشطة والوسائل المستخدمة في عمليَّة التعليم، في تحقيق الأهداف، ومعرفة مدى تحقق تلك الأهداف، ويشكل التقويم هذا الإطار عنصر الديناميَّة في تطوير المنهج ( فرحان، مرعي، بلقيس، 1984م ).

ومفهوم التقويم كمفهوم المنهج، قد تعرض لعمليَّة تطور طويلة حيث ظل المفهوم السائد للتقويم لفترة طويلة مقتصراً على الاختبارات المدرسيَّة التي يضعها المدرس لمعرفة قدرة طلابه على حفظ المعلومات ولا يزال هذا المفهوم للتقويم هو المفهوم السائد في بلادنا حتى يومنا هذا.

وقد أصبح للتقويم أسسه ومعاييره وخصائصه ومجالاته وأنواعه وتحوَّل التقويم التربوي إلى علم واسع ومجال من مجالات الدراسة والتخصّص العلمي الدقيق في مجال التربية.

ولا بد من أن ترتبط عمليَّة التقويم ارتباطاً صحيحاً وثيقاً بعناصر المنهج الأخرى، وبالتالي فإن أي محاولة لبناء المناهج الجديدة في بلادنا سيكون مصيرها الفشل الذريع إذا لم تنطلق تلك المحاولات من مفهوم شامل للمنهج باعتباره وحدة متماسكة الأجزاء والعناصر لا انفصام بينها ولا يمكن النظر إلى كل عنصر من عناصره بمعزل عن العناصر الأخـرى.

ويوضح المخطط رقم ( 1 ) العناصر المكونة للمنهج بترابطها الوثيق والعلاقات المتبادلة بين كل عنصر والعناصر الأخرى

 

الأهداف

 

المحتوى                                                  التقويم

 

الطرق

والأنشطة

والوسائل

 

2- علاقة المنهج بالنظام التعليمي:

النظام التعليمي عبارة عن بناء متكامل، يتكون من عناصر فرعيَّة مختلفة يتم تنظيمها في هيئة أجهزة ووحدات وأطر إداريَّة متعدّدة المستويات في ضوء ما يسند لها من مهام واختصاصات.ويكون النظام التعليمي بأجزائه ومكوناته وحدة متماسكة الأجزاء مرتبطة الوحدات ويقوم بتنفيذ العديد من العمليات والأنشطة والفعاليات بما يخدم تحقيق أهدافه وأغراضه.

وتتجسَّد تلك الأهداف والأغراض بدرجة أو بأخرى على هيئة خبـرات ومواقف تعليميَّة منظَّمة في إطار معين يعرف بالمنهج، باعتباره يمثِّل جـوهـر النظـام التعليمي ومحتواه الأساسي.

وبمعنى آخر يمكن القول أن النظام التعليمي بمكوناته المختلفة هو في نهاية المطاف قد وجد ليؤدِّي دوره الذي يتحدَّد بصورة أو بأخرى من خلال تنفيذ المنهج وتحقيق أغراضه بالمستوى الذي تسمح به قدرته وإمكانياته.

وعلى هذا الأساس فإن المنهج يحتل داخل النظام التعليمي منطقة المركز ويمكـن تمثيله بالمحور الذي تدور حوله وتنتظم على أساسه كافة الأنشطة والعمليات والممارسات المختلفة التي تؤدّيها مختلف الوحدات و الأجهزة المكونة للنظام التعليمي وهـو أمـر من الصـعب تحقيقه على أرض الواقع لا يخلق شبكة من قنوات التواصل وعلاقات التنسيق بين مختلف الوحدات والأجهزة المكونة لهذا النظام والمنهج والمتمثِّل بالجهـة المختصَّـة بالمناهـج والمسؤولة عن بناء المنهج وتطويره وتقويمه والإشراف على تنفيذه.

وفي ضوء ذلك يمكن توضيح علاقة العناصر المختلفة المكوّنة للنظام التعليمي بالمنهج متمثّلاً بجهة الاختصاص من خلال المخطط رقم ( 2 ) وهو يبيِّن ويوضح الموقع الذي ينبغي أن يحتلّه المنهج داخل النظام التعليمي وتمثّل الأسهم ذات الاتجاهين العلاقة المتبادلة المفترضة بين كل عنصر من عناصر النظام التعليمي سواءً تلك الذي ظهرت فيه أو العناصر الأخرى التي لم تظهر فيه، وسنحاول فيما يلي التعرّض بإيجاز علاقة المنهج بكل عنصر من العناصر التي يوضحها المخطط.

 

الهيئات المختصة

الإدارة التعليميَّة                         برسم السياسة                  التمويل

والمدرسة والتوجيه                 التعليميَّة  واتخاذ القرار              المالي

التربوي

التخطيط                                   المنهج

التربوي                                                               المبنى

المدرسي

وتجهيزاته

 

 

برامج أعداد                          البحث

المعلمين وتدريبهم                      التربوي

 

 

1-  الهيئات المختصَّة برسم السياسة التعليميَّة واتِّخاذ القرار:

ضماناً لاستقرار العمليَّة التعليميَّة وتطورها تشكل هيئات ومجالس ولجان عليا دائمة تختصّ برسم السياسة التعليميَّة واتّخاذ القرارات المتّصلة بالعمليَّة التعليميَّة في مختلف مجالاتها، ولأن المناهج التعليميَّة هي الأداة الأساسيَّة لتجسيد السياسة التعليميَّة، ونتيجة لارتباط تلك القرارات وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الجوانب التعليميَّة بجوانبها وعناصرها المختلفة، فمن الضروري أن تكون هناك علاقة تنسيق وتواصل وثيقة بين تلك الهيئات والمجالس واللجان المختلفة.

ويتحقَّق التواصل والتنسيق بين تلك الهيئات والجهة المختصَّة بالمناهج يمكن تفادي الآثار السلبيَّة المترتّبة على بعض القرارات في حالة غياب الجهة المختصَّة وعدم تمثيلها في تلك الهيئات، كما يمكن ضمان رفع كفاءة المناهج وتحسين فاعليتها باتخاذ القرارات المناسبة لتجاوز الصعوبات والعوائق التي تعيق تنفيذ المنهج بفاعليَّة أكبر.

 

2- الإدارة التعليميَّة والمدرسيَّة والتوجيه التربوي:

ينبغي أن ترتبط كافة الممارسات الإداريَّة والإشرافيَّة داخل النظام التعليمي  بأجهزته المتعدّدة وعلى مختلف المستويات بالمنهج وأن تتّجه بالاتجاه الذي يؤدِّي إلى رفع فاعليته وكفاءته. بما يساعد على خلق الظروف المناسبة لبناء مناهج جديدة وتنفيذها بطريقة سليمة.

ولـن يتحقـق ذلك إلا  بخـلـق علاقات وثيقة بين كل تلك الجهات والجهة المختصَّة بالمناهج.

 

3- التخطيط التربوي:

إنَّ التخطيط التربوي الجيد والسليم هو ذلك النوع من التخطيط الشامل لمختلف جوانب التعليم الكميَّة والكيفيَّة الهادف إلى زيادة مردود التعليم وتحقيق أفضل النتائج الممكنة بأقل ما يمكن من النفقات بتحسين محتوى التعليم انطلاقاً من حاجات المجتمع ومطالب التنمية.

والتخطيط التربوي سوف يصبح عديم الفائدة إذا لم يلبي التعليم حاجات المجتمع والتنمية في حالة انعدام العلاقة بين أجهزة التخطيط وجهاز المناهج سيكون من الصعب تحقيق ذلك. فالمناهج التعليميَّة لابد وأن تعمل على توجيه الطلاب إلى المجالات والتخصّصات والمهن التي تتطلبها عمليَّة التنمية كما أن المناهج التعليميَّة ينبغي أن يتم تطويرها بالاستناد إلى حاجات المجتمع ومشكلاته ومتطلّبات نموّه وتقدّمه.

كما أن العلاقة بين أجهزة التخطيط وجهاز المناهج سوف يساعد على خفض النفقات وتقليص الهدر في الأموال التي تنفق على المناهج  التعليميَّة.

4- برامج إعداد المعلمين وتدريبهم:

من الضروري أن يرافق عمليات بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها إدخال تعديلات مناسبة على برامج إعداد المعلمين وتدريبهم، وليس هذا فحسب بل ينبغي أن ترتكز تلك البرامج على متطلبات تنفيذ المناهج وأن تتَّفق مع خصائص تلك المناهج وهذا يتطلب تحقيق درجة عالية من علاقة التنسيق والتواصل بين مناهج التعليم العام وبرامج إعداد المعلمين وتدريبهم والمتمثلة بالجهات المختصَّة/ ضماناً لتحقيق أفضل النتائج.

 

5- البحث التربوي:  

إن تحسين العمليَّة التعليميَّة وتطويرها وضمان تحقيق أفضل مردود للمناهج التعليميَّة يستلزم أن يكون البحث التربوي جزءًا أساسياً في صلب عمليَّة بناء المناهج وتطويرها.

فالبحوث التربويَّة والتجارب التعليميَّة هي الأسلوب الأمثل لتجديد التعليم وتطوير المناهج التعليميَّة، وللتأكّد من أن المناهج التعليميَّة المقترحة ستؤدي إلى ما يتوقّع منها من نتائج وفوائد. ممَّا يستوجب الاعتماد بشكل أساسي على البحث التربوي في بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها.

6- المبنى المدرسي وتجهيزاته:

تلعب المرافق والمباني والمعدات دوراً أساسياً في تهيئة المناخ المناسب أمام التلاميذ لكي يتعلَّموا أو تنمو شخصياتهم ( سـرحـان، 1988 م ).

ولذلك فمن المفترض أن يتم تخطيط المبنى المدرسي وتجهيزه بما يلبي احتياجات المناهج التعليميَّة بتوفير غرف الدراسة اللازمة والمناسبة لعدد الطلبة وأن يحتوي التي تتطلبها تلك المناهج ويحقق أهدافها. مما يستدعي  المشاركة والتنسيق بين الجهات المختصة ذات العلاقة في تحديد المعايير والمواصفات الخاصة بالمبنى المدرسي وتجهيزاته بما يساعد على خلق أفضل الظروف لتنفيذ المنهج وبما يلبي احتياجاته.

7- التمويـل :

تقوم الدولة برصد الأموال اللازمة لتغطية نفقات التعليم وتخصص له نسبة كبيرة من الميزانيَّة العامة، والوضع الأمثل لاستغلال تلك الأموال يفترض فيه توظيف الميزانيَّة بما يلبي احتياجات المناهج التعليميَّة ويساعد على تنفيذها بأفضل وجه وتحقيق أعلى مردود منها.

ويتطلب ذلك التنسيق بين الجهات المختصة عن وضع الميزانيَّة والجهة المختصة بالمناهج.

3- متطلبات بناء المناهج وتطويرها:

إن عمليَّة إعداد المناهج  وتطويرها ينبغي أن تكون في ذاتها عمليَّة منظمة، بعيدة عن الاجتهادات الشخصيَّة والمبادرات الفرديَّة القائمة على أساس من العشوائيَّة والارتجال. فقد اصبحت عمليَّة بناء المناهج وتطويرها علماً له أصوله ومبادئه، كما أصبح العمل في هذا المجال عملاً كبيراً ومعقداً يحتاج إلى الوضوح والدقة، والعمق والشمول في النظر إلى هذه العمليَّة وفي إدارتها وتنفيذها، كما تستلزم عمليَّة إعداد المناهج وتطويرها جملة من الشروط والمتطلبات كما هي موضحة في المخطط رقم ( 3 )

رؤية

واضحة

 المنهج

 

 

 

تنظيم

متكامل                            المنهج                           إمكانيات

وإدارة فعالة                                                            ماديَّة كافيَّة

 

 

كادر

بشري

مؤهل

 

1- الرؤية الواضحة:

إن نجاح أيَّة محاولة لبناء المناهج التعليميَّة وتطويرها لا بد وأن تستند إلى رؤية واضحة المعالم محددة الأبعاد، تتسم بالدقة والعمق والشمول، وتقوم على أساس الدراسة العلميَّة المتأنية للواقع، والنظرة الموضوعيَّة الفاحصة والمدققة لجميع جوانبه وأبعاده، لإخراجه من أزمته الراهنة، والوصول إلى حلول لمشكلاته المزمنة.

ولعل الفشل الذي أصاب الكثير من المشروعات المتخصصة ببناء المناهج وتطويرها في كثير من البلدان، يرجع إلى أن تلك المشروعات لم تستند إلى فلسفة محددة، ورؤيَّة واضحة، ولجؤها إلى التوفيقيَّة بين الأفكار المتبانيَّة ( كما يحدث عن وعي أو غير وعي في اللجان التي تشكل لبناء المناهج وتطويرها ) (لبيب ومنيا وشمس الدين، 1984م).

ومن هنا فإن توفير قدر من وحدة الفكر ووضوح الرؤية يعد شرطاً من أهم الشروط ومطلباً من أكثر المطالب إلحاحاً لنجاح المشاريع المتخصصة ببناء المناهج وتطويرها.

وبالقدر الذي تتطلبه عمليَّة بناء المناهج وتطويرها من وضوح وتحديد للأسس والمنطلقات الفلسفيَّة والفكريَّة اللازمة لصياغة وتحديد الأسس والمرتكزات والأهداف لبناء المناهج وتطويرها، فمن الضروري أيضا توفر قدر من الوضوح فيما يتعلق بعمليَّة بناء المناهج وتطويرها نفسها، من حيث طبيعة العمليَّة وأساليب ووسائل تنفيذها، ونوعيَّة الكادر والخبرات الفنيَّة والإمكانات الماديَّة اللازمة، بالإضافة إلى تحديد مسار العمليَّة بمراحلها وخطواتها المختلفة.

وإذا تساءلنا عن مدى توفر مثل هذا الشرط في ظل ظروفنا وأوضاعنا الحاليَّة، وهل بالإمكان بلورة معالم وأبعاد مثل هذه الرؤيَّة لتكون بمثابة الدليل الذي يوجه الجهود ويوحد المواقف والممارسات في مجال بناء المناهج وتطويرها.

وعند محاولة الإجابة على مثل هذه التساؤلات، يمكن القول ببساطة أننا مازلنا بعيدين عن امتلاك مثل هذه الرؤية والدليل على ذلك، أن التباين مكوم بعوامل ذاتيَّة، فالأصل في كل ما يدور من مناقشات ومداولات لا يزال مبنياً على التباين في وجهات النظر السياسيَّة والفكريَّة، أكثر من احتكامه إلى دراسة الواقع وفهم مشكلاته وحاجاته ومتطلبات نموه وتقدمه.

والجدل الذي يدور منذ فترة طويلة حول قانون التعليم دليل واضح على صحة ما نقول، وهناك عوائق وصعوبات كثيرة تقف أمام بلورة مثل هذه الرؤيَّة، من أهمها غياب وعدم اهتمام الجهات المؤسسيَّة في تنظيم وتوجيه الجهود الهادفة إلى بلورة مثل هذه الرؤية.

وفي حالة التأصيل العلمي لدراسة الواقع بمختلف جوانبه للتعرف على خصائصه وحاجاته ومشكلاته، وعندما تبدأ المؤسسات ذات العلاقة بتحمل مسؤولياتها لتنظيم وتوجيه مثل تلك الجهود، فإنه سيكون بإمكاننا القول أن التوجه نحو بلورة رؤية واضحة تستند إليها عمليَّة بناء المناهج وتطويرها قد بدأ وأنه يتجه في الاتجاه الصحيح.

3- التنظيم المتكامل والإدارة الفعالة:  

تعدّ العمليَّة التنظيميَّة والإداريَّة من العمليات الهامَّة في العمليَّة التربويَّة، لأنها تساعد على تنظيم جميع عناصر العمليَّة التربويَّة ومكوّناتها وتوجيهها بغاية تحقيق الأهداف المنشودة للعمليَّة التربويَّة وتؤدّي إلى تحسين نوعيَّة التعليم والرفع من مستواه.

ويقصد بالإدارة مجموعة العمليات المتكاملة والمخططة الهادفة من أجل قيادة وتوجيه جميع الجهود والقوى والعناصر نحو تحقيق الأهداف المنشودة للعمليَّة التربويَّة من خلال تهيئة وتوفير جميع التسهيلات والظروف الممكنة واللازمة لها ( جرادات، أبو غزالة،عبد اللطيف، 1983 م ).

ولأن عمليَّة بناء المناهج وتطويرها عمليَّة معقَّدة ومتعدّدة الجوانب، فإنها تكون أكثر حاجة للتنظيم الجيد والإدارة الفعالة، وإلا ستصبح عرضة للتعثّر والفشل.

ونجاح إدارة عمليَّة بناء المناهج وتطويرها لا يرتبط بقدرتها فقط على بناء نظام متكامل العناصر، وإنما يرتبط أيضاً على كفاءتها في تشغيل هذا النظام بكفاءة عالية.

وفي مثل هذا الوضع تصبح الحاجة إلى قيادات واعية بأهميَّة الجوانب التنظيميَّة بأبعادها المختلفة، ولديها استعداد كامل ورغبة أكيدة لاتخاذ  التدابير اللازمة لتشغيل النظام بجميع عناصره ومكوناته بنجاح حتى إذا استلزم الأمر بعض التضحيات الشخصيَّة.

وليس من السهل أن يتحقَّق ذلك إلا من خلال اعتماد مجموعة من المعايير وتطبيقها بصرامة بالغة عند اختيار القيادات الإداريَّة، بحيث لا يقتصر التركيز على الخصائص الشخصيَّة فقط، وإنما ينبغي توفر خصائص أخرى ضروريَّة مثل الاتجاهات الإيجابيَّة نحو الآخرين والاستعداد لتطوير القدرات الذاتيَّة وتنميتها بصورة مستمرة والاعتراف بأهميَّة المشاركة في صنع القرار، والاستعداد لتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصيَّة ( رفاعي، 1984 م ).

ولإضافة إلى القيادة الماهرة التي تتطلبها عمليَّة بناء المناهج وتطويرها، فإنها أيضاً تتطلَّب توزيعاً للأدوار بين العناصر القياديَّة وإسناد المهمات فيما بينها في كل جزء من أجزاء العمل وفي كل مجال من مجالاته.

ومن المسائل ذات الأهميَّة في هذا الجانب توفر بعض المهارات في القيادة، حتى تتمكَّن إدارة العمليَّة بنجاح، وأن تكون على وعي بكافة النتائج التي ستترتَّب على اتِّخاذ قرار ما أو إحداث تغيير معين وهذه الصفات وغيرها من الصفات الضروريَّة الأخرى لا تتوفَّر إلا في قيادة ملهمة ذات بصيرة نافذة وقوة تخيل، وإذا ما توفرت مثل هذه الشروط سيزول واحداً من أهم أسباب فشل عمليَّة بناء المناهج وتطويرها ( عبد الموجود، يونس، الناقة، مذكور، 1981 م ).

 

3- الكادر البشري المؤهَّل: 

إنَّ توفير الكادر المؤهَّل القدر على تحمّل الأعباء والمسؤوليات وإنجاز المهام المطلوبة بدقّة وإتقان في مختلف مراحل وخطوات العمل، يعد من المتطلبات ذات الأهميَّة البالغة، التي ينبغي أن تولي أهتماماً كبيراً وعناية خاصة.

وذلك لما يرتبط بهذه المسالة من أموار على درجة كبيرة من الأهميَّة تتوقَّف عليها كافة النتائج ويتحدَّد في ضوئها مستوى الإنجاز كفاءة المناهج ونوعيتها.

ويقتضي ذلك وضع خطة متكاملة لاجتذاب أفضل الكفاءات والكوادر المؤهلة في مختلف التخصّصات، والاعتماد على معايير موضوعيَّة في اختيار العناصر التي ستشارك في هذه العمليَّة  كما ينبغي الاهتمام بتأهيل الكادر وتدريبه بصورة مستمرة وفق خطة منبثقة من واقع العمليَّة نفسها ومتطلباتها.

4- الإمكانيات الماديَّة الكافية:  

من الطبيعي أن تتوفَّر الإمكانيات المطلوبة لإنجاز عمليَّة بناء المناهج وتطويرها وبدون توفير الإمكانيات اللازمة، ورصد الأموال المطلوبة لتغطية نفقات ومتطلبات العمل يكون من الصعب حتى مجرد التفكير بالشروع بالعمليَّة.

وفي كثير من الإحيان تتحول الإمكانيات الماديَّة وعدم توفرها إلى ذريعة أو حجّة عرقلة المشاريع الخاصَّة ببناء المناهج أو تطويرها، وفي غياب التخطيط والحرص على المال العام وتنظيم الإنفاق وترشيده في ضوء الإمكانات المتاحة، فإنه من الصعب بل ومن المستحيل نجاح مثل هذه المشاريع حتى لو توفرت إمكانيات تفوق الحاجة اللازمة لتغطيَّة النفقات المطلوبة.

وتمول الكثير من المشاريع المتخصصة ببناء المناهج وتطويرها في بعض البلدان النامية بواسطة المساعدات أو القروض الخارجيَّة ونادراً ما تستفيد مثل هذه البلدان من هذا الدعم وتستغلّه الاستغلال الأمثل.

والأوضاع القائمة في بلادنا هي أكبر دليل على ذلك، فقد تمَّ إنشاء مشروعين مستقلين عن بعضهما وعن الجهة المختصَّة بالمناهج والمتمثّلة بدائرة المناهج بمركز البحوث والتطوير التربوي الأول مختص بمناهج المرحلة الإبتدائيَّة وتموله وكالة التنمية الأمريكيَّة كمساعدة للحكومة اليمنيَّة، والثاني مختص بمناهج معاهد المعلمين والمعلمات ومموَّل من القروض المقدَّمة لبلادنا من البنك الدولي.

وما زالت الفرصة سانحة لإعادة النظر في أوضاع المشروعين  والعمل على دمج المشروعين، لاستغلال الإمكانيات المتاحة للمشروعين في ضوء المتطلبات الراهنة والمستقبليَّة ولتوفير ضمانات لنجاح المشروعين.

ومن أبرز الانتقادات التي يمكن تسجيلها على مثل هذه المشاريع أنها قامت على أساس النظر إلى عمليَّة بناء المناهج وتطويرها كعمليَّة مؤقتة، يمكن إنجازها بالاعتماد على اللجان المؤقتة المشكلة وفقاً لمتطلبات وظروف الوضع الراهن، دون النظر إلى متطلبات التطوير المستمر للمناهج في المستقبل، أو إلى المتطلبات الخاصة بتطوير المناهج في ضوء ما تعانيه الجهة المختصة من مشكلات وعوائق، فالمطلوب من تلك المشاريع أن تسهم بتطوير الأجهزة والهياكل والكوادر والجهات المختصة والعمل معها بما يساعد على توطيد دعائم تلك المؤسسات واستقرارها من خلال العمل على حل المشكلات وتلبية متطلباتها وإسناد المهمَّة بكاملها إليها.

 

4- مراحل بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها:

كانت عمليات بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها في الماضي تتم بطريقة عشوائيَّة مرتجلة، ولا تقوم على أسس علميَّة صحيحة تعتمد على الدراسة الموضوعيَّة والتخطيط العلمي السليم.

وضماناً لنجاح عمليَّة بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها فلا بد أن تتم وفق أهداف واضحة ومحدَّدة، وتخطيط علمي وتجريب ميداني وتقويم شامل، يحدِّد مشكلاتها ومواطن القوة والضعف فيها ويمهِّد للمزيد من تحسينها وتطويرها.

ولذلك ينبغي النظر إلى عمليَّة بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها كعمليَّة شاملة، واسعة الأرجاء، مترامية الأطراف، ومتعدّدة الجوانب ترتبط بالثقافة وتغيّراتها السريعة المتلاحقة، وبالتلميذ والمعلِّم والمدرسة، والمجتمع، والبيئة والعصر والحياة وتهدف إلى إعداد المجتمع وتطويره ليتمكَّن من مواجهة كافة التحدّيات التي تستهدف وجوده واستمراره.

وتمرّ عمليَّة بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها بعدد من المراحل المتتابعة وفق خطوات محدّدة وأسس علميَّة ووسائل متعدّدة وأساليب متنوّعة، وسنحاول فيما يلي تناول تلك المراحل بنوع من الإيجاز ويوضح المخطَّط رقم ( 4 ) المراحل التي نرى أهميَّة الالتزام بها عند بناء المناهج التعليميَّة وتطويرها:

 

بناء

المنهج

تجريب                                                            تحسين المنهج

المنهج

المنهج                                                             وتطويره

 

تنفيذ المنهج                                                 تقويم

وتعميمه                                                   المنهج

أولاً بناء المناهج:

يستخدم مصطلح ( بناء ) ومصطلح ( تطوير ) المناهج كمصطلحين مختلفين احياناً  وكمترادفين احياناً أخرى وتمشياً مع متطلبات الوضع الذي نحن فيه الذي يتطلَّب التمييز فيما بينهما، فضلنا استخدامهما كمصطلحين مختلفين.

 

خطوات بناء المنهج:

إنَّ عمليَّة بناء المناهج تستلزم العديد من الخطوات والإجراءات التي قد يتطلّب كلا منها إجراء العديد من الدراسات ولكننا سوف نشير بنوع من الإيجاز إلى أهم تلك الخطوات:

1- تحليل الوضع الراهن ودراسته: 

وتهدف هذه العمليَّة إلى التعرّف على المحيط الذي سوف يستخدم فيه المنهج، وهي عمليَّة منطقيَّة لضمان أن يكون المنهج وثيق الصلة بالمجتمع والعصر والحياة.

ويتطلب ذلك تحليل نشاطات المجتمع المجالات والتعرّف على فلسفته، وحاجاته، ومشكلاته، وتطلعاته وآماله، ودراسة البيئة بقصد التعرف على مواردها وأساليب حمايتها والمحافظة عليها، بالإضافة إلى دراسة التلميذ للتعرّف على حاجاته وتحديد مشكلاته، وميوله وقدراته واستعداداته . وكذا تحليل ودراسة الاتجاهات العالميَّة للتعرّف على خصائص العصر والعوامل المؤثّرة فيه، ولجوانب التجديد التربوي والتطور العلمي والتكنولوجي.

ومن الأهميَّة بمكان دراسة وتحليل النظام التعليمي بجوانبه المختلفة وعناصره المتعدِّدة، لتحديد أهم المشكلات التي تعيق تطوره وإمكانيَّة النهوض به والرفع من كفاءته وتحسين مستواه.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أهميَّة تقويم التجربتين التربويتين ( للشطرين قبل الوحدة ) وذلك للخروج بجملة من العبر والدروس المستفادة منهما، في ضوء التعرف على خصائص كل تجربة منهما، وتحديد مواطن القوة والضعف فيهما. والتركيز على تحليل المناهج الحاليَّة وتقييمها بموضوعيَّة وأمانة وعمق.

كل ذلك لكي يتمكن المختصون في بناء المناهج وتطويرها، أن يضعوا كل تلك المسائل في اعتبارهم في الخطوات التاليَة لهذه الخطوة.

2- صياغة الأهداف وتحديدها:

وتتم صياغة الأهداف في ضوء فلسفة المجتمع وطبيعة المتعلم والمعرفة الإنسانيَّة وغير ذلك من الأسس، وتصاغ الأهداف في مستويات عديدة ليتم في ضوءها تحديد المحتوى والطرق وأساليب التقويم وغير ذلك.

 

3- تحديد المحتوى واختيار الخبرات التعليميَّة:  

يتم اختيار الخبرات التعليميَّة فـي ضـوء الأهداف المحـددة سابقاً، وهناك العديد من المعايير والضوابط التـي ينبغي مراعـاتها عند اختيار الخبرات التعليميَّة الـلازمة لتنمية شخصيَّة المتعلـّم تنمية متكاملة ومتوازنة تشمـل جميع الجوانب والمجـالات المعـرفيَّة، والوجدانيَّة، والمهاريَّة.

 

4- تنظيم المحتوى:

يتمّ اختيار التنظيم المناسب للخبرات التعليميَّة، لتسهيل عمليَّة التعلم واكتساب الخبرات التعليميَّة المناسبة لمستوى نضج المتعلم وبما يتلاءم مع ميوله وحاجاته.

 

5- تحديد الطرق واختيار الأنشطة والوسائل التعليميَّة:

وتتمّ عمليَّة تحديد الطرق واختيار الأنشطة والوسائل التعليميَّة فـي ضوء الأهداف وبما يتناسب مـع المحتوى، ويساعد التلميذ علـى التعلـم واكتساب الخبرات التعليميَّة بسهولة ويسر، ويراعـى في ذلك الإمكانيات المتاحـة والممكنة، خصوصـاً الوسائل المتوفّرة في البيئة.

 

6- تحديد واختيار أساليب التقويم:

التقويم عنصر أساسي من عناصر المنهج التي تشمل الأهداف والطرق والأنشطة والوسائل، والغرض من التقويم التعرف على درجة تحقق الأهداف، وينبغي أن لا يقتصر التقويم على قياس مستويات الحفظ والتذكر، بل يجب أن تشمل المستويات الأخرى، كالفهم، والتحليل، والتركيب والتطبيق، كما ينبغي أن تشمل الجوانب المعرفيَّة والوجدانيَّة والمهاريَّة، وذلك باستخدام أساليب تقويم متنوعة كالاختبارات وأدوات الملاحظة وغيرها. وهناك جملة من المعايير التي ينبغي مراعاتها في عمليَّة القياس والتقويم، كالموضوعيَّة، والشمول، والاتزان، والتنوع بالإضافة إلى الخصائص الأخرى الخاصة كالصدق والثبات ودرجة التمييز ومستوى السهولة والصعوبة.

 

7- إعداد الكتب المدرسيَّة والمراشد والمواد التعليميَّة بصورتها الأوليَّة:  

ويتم إعداد الكتب المدرسيَّة، والمراشد وبقيَّة المواد التعليميَّة بصورتها الأوليَّة وفقاً لمعايير ومواصفات معينة، وذلك استعداداً لتجريبها والتأكّد من صلاحيتها.

 

ثانياً: تجريب المنهج: 

تهدف عمليَّة تجريب المنهج إلى وضع المنهج موضع التطبيق للتأكد من مدى صلاحيته و اختباره، للتعرف على نواحي القوة والضعف في المنهج المقترح، والمشكلات التي قد تنشأ عند التطبيق.

ويتم تجريب المنهج على عينة مختارة من المدارس ويرافق ذلك مجموعة من الإجراءات مثل تدريب المعلمين و مد راء المدارس وإعداد أدوات التقويم، وتنظيم عمليَّة جمع البيانات من خلال الزيارات والمناقشات والاجتماعات ولا يقتصر التجريب على تقويم جانب معين أو عنصر معين، بل ينبغي أن يشمل جميع عناصر المنهج ومكوناته بما في ذلك الكتاب المدرسي ومرشد المعلم والمواد التعليميَّة الأخرى.

ثالثاً: تنفيذ المنهج وتعميمه:

وينبغي أن يرافق هذه العمليَّة بعض الاستعدادات اللازمة لتعميم المنهج، مثل إنتاج الكتب المدرسيَّة ومراشد المعلمين والمواد التعليميَّة الأخرى، بالإضافة إلى توفير القوى البشريَّة المطلوبة وتدريبها من معلمين ومد راء مدارس و موجهين .

ويستلزم تعميم المنهج توفير كافة التسهيلات والتجهيزات وغير ذلك من الأمور والمتطلبات اللازمة للمنهج الجديد.

ويتم إدخال المنهج الجديد في العادة وفق خطة زمنيَّة محددة.

رابعاً: تقويم المنهج:

لا بد أن يرافق تنفيذ المنهج عمليَّة متابعة وتقويم مستمر وذلك تطبيق الأساليب العلميَّة وباستخدام أساليب التقويم المختلفة، وينبغي أن يشمل التقويم جميع الجوانب بما في ذلك التلميذ  والمعلم وغيره، وذلك للتمهيد لمزيد من التطوير .

خامساً: تحسين المنهج وتطويره:

وتهدف عمليَّة تحسين المنهج وتطويره إلى سد الثغرات وتلافي جوانب النقص والقصور التي تظهر على المنهج في أي جانب من جوانبه أو أي عنصـر من عناصره بالإضافة إلى إدخـال التعديـلات المناسبة علـى المنهج وتكيّفه مـع المتغيرات التي قد تنشأ في الواقع   المحيط.

المراجع:

  • إبراهيم، فوزي طه والكلزة، رجب احمد. ( 1983 ). المناهج المعاصرة – مطابع الفن .
  • الخوالدة، محمد وأبو صالح، محمد. ( 1991 ). تطوير مناهج التعليم الجامعي في الوطن العربي. مجلة أبحاث اليرموك – سلسة العلوم الاجتماعيَّة – المجلد السابع، العدد الثاني. جامعة اليرموك. الأردن.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 1991 ). المتطلبات الأساسيَّة لتـوحـيد المناهج التعليميَّة فـي الجمهوريَّة اليمنيَّة. ورقـة مقـدمة لنـدوة واقـع التعليم ومشكلاته. المنعقدة بمركز الدراسات والبحوث اليمني في الفترة من 18 – 20 نوفمبر – صنعاء.
  • جرادات، عزت و أبو غزالة، هيفاء وعبد اللطيف، خيري. ( 1983 ). مدخل إلى التربيَّة . المطبعة الأردنيَّة – عمان.
  • رفاعي، رفاعي محمد . ( 1984 ). فلسفة الإدارة اليابانيَّة في إدارة الموارد الإنسانيَّة . ما الذي يمكن أن تتعلمه الإدارة العربيَّة منها ؟. مجلة العلوم الاجتماعيَّة، المجلد الثاني عشر العدد الرابع – جامعة الكويت.
  • سرحان، الدمرداش عبد المجيد. ( 1988 ). المناهج المعاصرة . دار النهضة العربيَّة.
  • عبد الموجود، محمد عزت ويونس، فتحي علي و الناقة، محمود كامل ومذكور، علي احمد. ( 1981 ). اساسيات المنهج وتنظيماته . دار الثقافة للطباعة والنشر – القاهرة.
  • فرحان، اسحاق احمد ومرعي، توفيق وبلقيس، احمد. ( 1984 ). المنهاج التربوي بين الأصالة والمعاصرة. دار الفرقان ودار البشير – عمان.
  • لبيب، رشدي ومينا، فايز مراد شمس الدين، فيصل. ( 1984 ). المنهج منظومة لمحتوى التعليم. دار الثقافة للطباعة والنشر – القاهرة.

10- المخلافي، محمد سرحان . ( 1989 ). مقترح مشروع تحسين وتطوير المناهج

مع التقديرات الأوليَّة للتكلفة – مركز البحوث والتطوير التربوي – صنعاء.

 

______________
*الأستاذ الدكتور عبد الوارث عبده سيف الرازحي

 

جديدنا