واقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرسي العلوم بالجامعات اليمنية

image_pdf

يكتسب التقويم التربوي أهمية كبيرة في العملية التربوية؛ وذلك بحكم الدور الذي يلعبه فيها؛ باعتباره يمثل الأداة أو الوسيلة التي يمكن من خلالها التحقق من نتائج الجهود والممارسات والنشاطات التي تنفذ من قبل المدرسين والعاملين في إطار المدارس والمؤسسات التعليمية والتربوية؛ وتقدير مردود تلك الجهود والممارسات وتحديد أثرها في تحقيق الأهداف التربوية المنشودة.

فعلى مستوى الأهداف التعليمية يسهم التقويم التربوي في تقدير ما تحقق منها؛ وبالنسبة للمتعلمين فإنه يقدم الأدلة والمؤشرات التي تكشف عن طبيعة التغيرات في سلوكهم واتجاهات نموهم؛ والتعرف على مدى تقدمهم؛ والصعوبات التي تعيق تعلمهم؛ كما أنه يزود المدرس بتغذية راجعة عن أدائه ومدى فاعليته في عملية التدريس؛ ويهيئ  الفرص المناسبة للقائمين على تطوير المناهج والبرامج الدراسية للحصول على البيانات والمعلومات التي يحتاجون إليها لتشخيص أوضاع المناهج والبرامج الدراسية وتحديد مواطن القوة والضعف فيها بغرض اتخاذ القرارات المناسبة لتطويرها (الرازحي؛ 2005).

فالتقويم التربوي هو أداة المربين للانتقال بالعملية التعليمية مما هو قائم إلى ما ينبغي أن يكون؛ باعتباره يمثل الأسلوب العلمي والعملي الذي يمكن الاعتماد عليه في تشخيص الواقع التربوي؛  والاستفادة من نتائجه في تعديل المسار التربوي وتحسين الممارسات التربوية وتوجيهها باتجاه تحقيق الأهداف التربوية.

في ضوء ذلك يتسم التقويم بدور بالغ  الأهمية في إصلاح شؤون التعليم؛ فمن خلاله وعلى أساس نتائجه يعاد النظر في كل عنصر من عناصر المنظومة التعليمية؛ المتصلة بالأهداف والمناهج الدراسية وبرامج إعداد المعلمين وتأهيلهم؛ وتدريبهم قبل وأثناء الخدمة؛ وذلك في ضوء تحديد مدى صلاحيتها؛ وما تتطلبه من عمليات التحسين والتطوير بما يتفق وأهداف المجتمع وحاجاته ومتطلبات تنميته وتحديثه والارتقاء به إلى مستوى القدرة على مواكبة التطورات العلمية السريعة والمستحدثات التكنولوجية المرافقة لها؛ والتفاعل معها بكفاءة وفاعليه واقتدار.

إن تزايد أهمية القياس والتقدير الكمي في المجالات العلمية والتكنولوجية وتنوع الأساليب المستخدمة في القياس وتطورها ونجاحها في تحقيق مستويات عالية من الدقة والكفاءة؛ قد أسهم في تزايد الاهتمام بتطوير أساليب القياس والتقويم التربوي وانتشار استخداماتها وإدراك أهميتها البالغة في تحسين العملية التربوية وتطويرها؛ وأدى إلى اكتساب التقويم التربوي مكانة متميزة؛ في الوقت ذاته؛ فانه ليس من الصعب أن يكتشف المرء بان التقدم العلمي الذي تحقق في العلوم  والتكنولوجيا؛ اعتمد في درجة أساسية على التطور الذي تحقق في أدوات القياس  المستخدمة في تلك المجالات؛ وعلى مدى دقتها وكفاءتها في قياس خصائص كل مجال والمتغيرات المتصلة به؛ إما في مجال التربية فإن التقدم الذي تحقق في أدوات القياس كان بطيئا؛ ولم تظهر أدوات القياس إلا في بداية القرن العشرين حيث بدا تطوير بعض المقاييس مثل مقاييس الذكاء البينية ((Binet   ومقياس الكتابة لثورندايك؛ ويرجع السبب في ذلك إلى تعقد الظواهر والمشكلات التربوية ( عودة وملكاوي،1987 وCronbach and Shapiro، 1982).

في ضوء ما تقدم تأتي الدراسة الحالية تلبية للحاجة لدراسة واقع التقويم في برامج إعداد مدرسي العلوم في الجامعات اليمنية؛ وتشخيصه من خلال تحديد  مواطن القوة والضعف ومدى اتساق الأساليب والوسائل المتبعة في إطار البرامج القائمة مع خصائص التقويم الجيد وشروطه ومستلزماته؛ بغرض الخروج بتصور متكامل ورؤية شامله لتطوير واقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرسي العلوم بغرض إرساء منهجية علمية تقوم على أساس اعتماد آليات وأساليب تقويمية يمكن الاستفادة منها في إجراء تقويم شامل للبرامج القائمة بكافة عناصرها ومكوناتها.

 مشكله الدراسة وهدفها:

تشير الكثير من الدلائل والمؤشرات إلى أن برامج إعداد مدرس العلوم في الجامعات اليمنية تعاني الكثير من المشكلات والصعوبات التي تحد من كفاءة هذه البرامج وتضعف من قدرتها في تحقيق أهدافها؛ وتؤكد الدلائل والمؤشرات المستمدة من نتائج الدراسات التي أجريت في مجال الإصلاح والتطوير الجامعي بعض الحقائق المقلقة التي تدل على أن قابلية الجامعات وبرامجها الدراسية للتغير والتطوير محدودة؛ فالجامعات من أكثر المؤسسات الاجتماعية محافظة ومقاومة للإصلاح والتغيير والتطوير؛ فالمعروف أن معظم البرامج والمناهج الدراسية في الجامعات العربية عموما قد مضى عليها عقود كثيرة تصل إلى خمسة عقود أن لم يكن أكثر من ذلك؛ بل أن بعض تلك البرامج والمناهج قد تزامن اعتمادها وإقرارها مع إنشاء تلك الجامعات أو الكليات؛ دون أن تمسها محاولات التغير والتطوير، ويرى القبيسي   1999أن البرامج الدراسية في جامعات الوطن العربي تتسم باحتوائها على مقررات دراسية تقليديه رتيبة، وتركيزها على الجوانب النظرية، وضعف ارتباطها بمتطلبات التنمية، وعدم خضوعها للتقويم المستمر الفعال. ولذلك فإن حالة الجمود المرافقة للبرامج الدراسية القائمة ترجع في الأساس إلى غياب التقويم التربوي الفعال وإلى ضعف القدرة في إرساء منهجية علمية متكاملة تهدف إلى تقويم البرامج الدراسية بكافة مكوناتها وعناصرها  والاستفادة من نتائج التقويم في إجراء تطوير شامل لعناصر تلك لبرامج ومكوناتها ( المنظمة العربية، 1981).

فالتقويم وظيفة ضرورية لكل نظام ينشد التطوير والسعي نحو الأفضل، فلا يمكن لأي نظام التقدم والسير في مساره الصحيح إذا ما استبعد عملية التقويم المستمر لفعاليات مكوناته. والتقويم في برامج إعداد مدرسي العلوم يمثل عنصرا أساسيا وعملية جوهرية لتطوير تلك البرامج، بحكم أن التقويم يمثل المدخل الأساسي للتطوير، وتهدف الدراسة الحالية إلى الوقوف على واقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرسي العلوم وتناول أوضاعه وتحديد المشكلات والصعوبات التي تواجه التقويم التربوي وتحول دون تفعيله وتعزيز دوره في إصلاح  البرامج الدراسية لإعداد مدارس العلوم وتطويرها (صباريني والرازحي، 1991).

 

هدف الدراسة:

1-الوقوف على واقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرسي العلوم في الجامعات اليمنية.

2-إلقاء الضوء على المشكلات والصعوبات التي تعيق التقويم التربوي وتحول دون إرساء منهجية علميه متكاملة لتقويم برامج إعداد مدرسي العلوم.

3- الخروج بالتوصيات والمقترحات المناسبة للنهوض بأوضاع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرسي العلوم وتعزيز دوره في إصلاح العملية التعليمية وتطويرها.

أولا: واقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرسي العلوم في الجامعات اليمنية:

إذا ما حاولنا الوقوف على واقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرس العلوم بالجامعات اليمنية، فإننا نستطيع الجزم بأن واقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرس العلوم بالجامعات اليمنية لا يخرج بمجمله عن الأساليب والممارسات التقويمية المتبعة في البرامج الدراسية القائمة في الجامعات اليمنية وفي غيرها من الجامعات العربية، فالتقويم التربوي في البرامج الدراسية على مستوى الجامعات العربية لا يزال أسير المفهوم التقليدي للتقويم التربوي بمعناه الضيق السائد في مراحل التعليم العام، الذي يقتصر على الامتحانات المدرسية (الرازحي، 2005 ا).

أن نظام التقويم والاختبارات يكاد يقتصر على الطالب وعلي قياس نتاجات التعلم المعرفي لديه، والتحقق من قدرة التلميذ على تذكر ما تعلمه من حقائق ومعلومات  والتقويم في معظمه لا يزال مقصورا على الامتحانات التي تنفذ في نهاية الفصل أو نهاية العام الدراسي، ولذلك فإن الامتحانات تمثل المرادف الحقيقي لمفهوم التقويم التربوي، الذي يختزل في مجموعة من الأسئلة التي تدور حول وحدة أو فصل من الكتاب المقرر، وفي أحسن الأحوال فإنها لا تغطي 50% من وحدات أو فصول الكتاب. وبصرف النظر عن المستوى العلمي للطالب أو حالته النفسية أو الصحية، فإن مصيره يتوقف على هذه الفرصة الوحيدة التي عادة ما تخضع للصدفة، مما يضعف مكانة الامتحان ومن درجة الثقة بنتائجه، وبما يصدر على أساسه من أحكام تتصل بنجاح الطالب وبتحديد مستواه.

وبالرغم من العيوب والمشكلات المتصلة بالاختبارات وما يرافقها من نتائج وآثار سلبية، فإن الاختبارات التحصيلية إذا ما لقيت الاهتمام اللازم والعناية الكافية لتحسينها والتخلص من العيوب المرافقة لها، وجرى الالتزام والتقيد بالقواعد والإجراءات المتعارف عليها في إعدادها وتنفيذها فإنه يمكن الاعتماد عليها باعتبارها تمثل وسيلة من الوسائل المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها للوقوف على مدى تحقق أهداف التعليم، وتقويم نواتج التعلم في المجال المعرفي، ويمكن الاستفادة من نتائجها في أداء وظائف تشخيصية وعلاجية ووقائية.

والمعروف أنَّ صياغة فقرات الاختبار وأسئلته تعد من الخطوات الأساسية ذات الأهمية في بناء الاختبار وإعداده، وتقتضي من المدرس أن يقضي وقتا طويلا في إعدادها، فالحصول على فقرات نوعية أمرا ليس بالسهل، فصياغة فقرات جيدة مهمة شاقة ومرهقة لدرجة أن الكثير من المربين يعز عليهم التخلي عن الفقرات  بعد استخدامها مرة واحدة، وعلاوة على ذلك فإن صياغة فقرات جيدة لا تعد مهمة شاقة ومرهقة فحسب بل إنها تتطلب مهارة عالية، ومعرفة واسعة، ومن الصعب أن يتقنها إلا المدرس الذي حصل على التدريب اللازم ولديه خبرة وخلفية علمية، ونظرية وعملية كافية في إعداد فقرات بدرجة مقبولة من الكفاءة ( دوران، 1985والرازحي، 2005 ب).

وبهذا الخصوص يقول ساوين ( لا يمكن حتى للمحترفين في وضع الاختبارات العاملين في دور النشر المتخصصة بإعداد الاختبارات أن يضعوا اختبارات ذات نوعية جيدة بشكل سريع، ويمكن لمثل هؤلاء أن يضعوا في يوم عمل من ثمان ساعات حوالي عشرين فقرة تقيس الحقائق. وقد يقضون طيلة فترة بعد الظهر على فقرة واحدة تقيس مهارة من مستوى عالي).

وبحكم أهمية عملية بناء الاختبار التحصيلي وإعداده وصياغة فقراته، وأثر ذلك في تحديد قدرته على تحقيق أغراضه وأداء وظائفه، وفي تحديد مستوى كفاءته، فإنه من واجب المدرس الإلمام بعملية بناء الاختبار التحصيلي وفهم ما يتصل بها من أسس وقواعد وإجراءات، وتحسين مستوى أدائه، وتقع عليه مسؤولية السعي من أجل تنمية خبراته وتطوير قدراته  على إتقان المهارات الأساسية وإنجاز المهام المتصلة بإعداد الاختبارات التحصيلية وتنفيذها وتقويمها وتطويرها، وتحقيق مستوى مرض من الكفاءة والاقتدار في إنجاز مثل تلك المهام.

في الوقت ذاته، تشترك الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في تحمل مسؤولية وأعباء تهيئة الفرص والمواقف المناسبة لتحسين أداء هيئاتها التدريسية وتطوير قدراتها على إتقان الكفايات والمهارات العلمية والمهنية، وتقديم المساعدة اللازمة لهم لتنمية معارفهم وتطوير خبراتهم وقدراتهم في إعداد الاختبارات وغيرها من وسائل التقويم الأخرى، من خلال تنظيم الدورات والبرامج التدريبية المناسبة، كما يتحتم على الجامعات ومؤسسات التعليم العالي إعادة النظر في برامج تأهيل المدرسين عموما، وتأهيل مدرسي العلوم خصوصا في مجال التقويم والتدريس بما يلبي متطلبات تنمية قدراتهم وخبراتهم المتصلة بممارسة مهنة التدريس، وبما يتفق مع طبيعة كل فرع من فروع المعرفة ومتطلباته (الرازحي، 2003).

ضمن هذا السياق، أكدت الدراسات التي أجريت في مجال تدريس العلوم على أهمية المهارات المرتبطة بصياغة الاسئله وإعداد الاختبارات بالنسبة لمدرس العلوم وضرورة إتقانه لها، وأوضحت أن تقويم المتعلمين بما تشمله من قدرة في صياغة الأسئلة وإعداد الاختبارات تمثل واحدة من أهم الكفايات التي ينبغي أن يكتسبها مدرس العلوم وأن يسعى لإتقانها، وعلى المعاهد وكليات التربية تقع مسؤولية تأهيل المدرسين وتدريبهم على إعداد الاختبارات وأدوات التقويم الأخرى  (okey and capie، 1980، cornbach and shpiro، 1982)

كما أظهرت النتائج التي توصل إليها شابيتا وكوليت، أن قدرة مدرس العلوم على استخدام التقنيات المتنوعة لتقويم  الطالب والحكم على مدى تقدمه ونجاحه تقع ضمن الأربع المهارات الأولى من بين (15) مهارة من المهارات الاساسية التي احتلت موقع الصدارة، وأكد مشرفو العلوم على أهميتها لمدرس العلوم وضرورة إتقانه لها لنجاح عملية التدريس (chiappetta and collette، 1978)

إما هيرمان وويلنجز فقد توصلا إلى أن تنمية مهارات مدرسي العلوم وإتقانهم لأساليب التقويم وتقنياته، كانت من بين الأهداف التي حازت على الأولوية من بين قائمة الأهداف اللازمة لتطوير برامج تأهيل مدرسي العلوم. (Herman and willings، 1980).

في الوقت ذاته، أتت مهارة صياغة الأسئلة وإعداد الاختبارات وتفسير نتائجها على رأس قائمة الحاجات التي أكدوا على أهميتها بالنسبة لهم، ويشعرون أنهم بحاجة إلى تنمية قدراتهم وكفاءتهم فيها  (Rubba، 1981). فضلا عن ذلك، أكدت نتائج الكثير من الدراسات والبحوث التي أجريت في مجالات التربية العلمية وتدريس العلوم على أهمية التقويم كعملية من العمليات التي لا يمكن الاستغناء عنها في عمليتى التعلم والتعليم وكان موضوع التقويم أكثر الموضوعات التي استقطبت اهتمام الباحثين، واحتلت البحوث والدراسات التي تناولت موضوع التقويم في تدريس العلوم المركز الأول من بين البحوث والدراسات التي شملها المسح الذي أجراه جابل وكاغان وشروود (Gabel، kagan and Sherwood، 1980)..

أن أهميه مهارات صياغة الأسئلة وإعداد الاختبارات والتقنيات التقويمية الأخرى، وتنفيذها وتفسير نتائجها، لا تقتصر على مرحلة التعليم العام (ما قبل الجامعي) وحدها، فهي في التعليم الجامعي لا تقل في الأهمية عن أهميتها في مراحل التعليم الأخرى، لأنها تشكل إلى جانب الكفايات التدريسية المتطلبات الأساسية التي يحتاجها المدرس الجامعي، ويتوقف نجاحه في ممارسته لمهنة التدريس على مدى اكتسابه الكفايات المهنية والتربوية الأساسية وعلى مدى إتقانه للمهارات التعليمية والتقويمية المرتبطة بها ( السويدي وحيدر 1998والعمايرة 1999 والقبيسي 1999).

وإذا كانت الأنظمة التعليمية في الدول والبلدان المختلفة، قد أدركت منذ وقت مبكر أهميه تأهيل المدرس في التعليم ما قبل الجامعي وضرورة حصوله على الإعداد والتدريب المناسب قبل التحاقه بمهنة التدريس وفي أثناء ممارسته لها، فإن الجامعات ومؤسسات التعليم العالي قلما اهتمت بتهيئة المواقف والفرص المناسبة لتأهيل أعضاء هيئاتها التدريسية في المجال المهني والتربوي بقصد تطوير كفاءتهم في انجاز المهام التدريسية والتقويمية، فقد ظل اهتمام الجامعات مقتصرا ومحصورا على الإعداد العلمي لأعضاء هيئاتها التدريسية، والاكتفاء بحصولهم على درجة الماجستير والدكتوراه في مجال التخصص العلمي، كشرط أساسي لالتحاقهم بمهنة التدريس في الجامعات (خلف، 1993، السعيد 1994، والرازحي، 2001).

بهذا الخصوص، يشير العمايرة إلى ما ذكره goldschmid  بأن أساتذة الجامعات ظلوا إلى ما قبل سنوات قليله يمثلون المهنيين الوحيدين الذي يبدأون عملهم في التدريس الجامعي، بدون أن يحصلوا على تدريب سابق أو تأهيل لممارسة المهنة وإتقان المهارات المتصلة بها. فإذا كان 50% من عمل عضو هيئة التدريس متصل بشكل مباشر بالتدريس، فان دلك يعني إن المهام التدريسية يجب أن تحتل موقع الصدارة، وأن تأتي في مقدمة مهام المدرس الجامعي، وعلى هذا الأساس يصبح من اللازم أن يمتلك الخبرات والكفايات التدريسية إلى جانب إلمامه بمادة تخصصه (العمايرة، 1999).

أن الاتجاه السائد الذي ظل يستحوذ على اهتمام الجامعات في إعداد هيئاتها التدريسية، يقوم على أساس التركيز على الإعداد الأكاديمي لعضو هيئة التدريس في مجال التخصص، وتأهيله علميا في فرع من فروع المعرفة وحصوله على درجة الدكتوراه في ذلك الفرع، أما الإعداد المهني والتربوي لعضو هيئة التدريس فإنه يندرج ضمن التوجهات والمفاهيم الإيجابية التي ظهرت حديثا، وأسهمت في ظهور مفهوم النمو المهني لأعضاء هيئات التدريس الذي أصبح بعد دلك يستخدم على نطاق واسع كمرادف للتأهيل والتدريب في المجال المهني والتربوي   (Dussa and El. Sabagh، 1980).

أما على صعيد الجامعات العربية فقد بدأت الجامعات المصرية باتخاذ سلسلة من الخطوات الهادفة إلى رفع كفاءة أعضاء هيئاتها التدريسية في جوانب العملية التعليمية المختلفة، كان من بينها صدور تشريع جامعي عام 1971 يشترط مشاركة المتقدم لشغل وظيفة أكاديمية بإحدى الدورات التدريبية في مجال التعليم الجامعي، وبعد ذلك بدأت بعض الجامعات بتهيئة الفرص التدريبية لأعضاء هيئاتها التدريسية عن طريق تنظيم البرامج والدورات التدريبية، وجاءت عملية إنشاء مركز إعداد المدرس الجامعي كتتويج لتلك الجهود. وانتقلت آثار التجربة المصرية ونتائجها فيما بعد إلى العديد من الجامعات العربية في الأقطار الأخرى (السعيد، 1994، والعمايرة، 1999).

إلا أنه فيما يتصل بالجامعات اليمنية، فإن الاهتمام برفع كفاءة عضو هيئة التدريس، وتنمية قدرته على أداء المهارات التعليمية والتقويمية لا يزال ضعيفا، كما أن الجهود المبذولة في هذا المجال ما زالت محدودة وغير مؤثرة، وتشير الدلائل إلى أن كفاءة المدرس الجامعي وخبرته في إنجاز المهام المتصلة بعملية تدريس الطلاب وتقويمهم ما تزال دون المستوى المطلوب. وبهذا الصدد يشير القبيسي (1999) إلى أن هناك الكثير من الظواهر السلبية في الوسط الجامعي كتسرب الطلبة، وارتفاع ظاهرة الرسوب والشكوى المتزايدة من ضعف مستوى الخريجين التي تعزى بدرجة أساسية إلى عدة عوامل من أهمها ضعف كفاءة التأهيل التربوي والمهني لعضو هيئة التدريس.

كما أن نتائج العديد من الدراسات والبحوث التي اهتمت بتقويم تعلم الطالب الجامعي تشير إلى أن العيوب والاختلالات التي غالبا ما ترافق عملية تقويم تعلم الطالب والمرتبطة بالعمليات المختلفة ذات الصلة بإعداد الاختبار وطباعته وتجهيزه وتطبيقه وتصحيحه وإعلان نتائجه تنشأ في العادة عن أحد سببين أو عن كليهما، السبب الأول يرجع إلى ضعف خبرة المدرس الجامعي في إعداد اختبارات التحصيل، وعدم حصوله على الفرص المناسبة لتأهيله وتنمية قدراته على إتقان المهارات المتصلة بصياغة الأسئلة وإعداد الاختبارات والتقنيات والوسائل التقويمية الأخرى.

في حين يرتبط السبب الثاني بالمركزية الإدراية في تنفيذ الاختبارات وما يرافقها من إجراءات كطباعة الأسئلة وتقدير الدرجات ورصد النتائج وإعلانها وبما يرتبط بها من ترتيبات لتوزيع الطلبة على لجان الاختبارات والقاعات واختيار الملاحظين وتوزيعهم وغير ذلك من الإجراءات التي قد تؤدي في معظم الأحيان إلى ظهور جملة من التعقيدات والاختلالات.

وفي إطار دراستنا لواقع التقويم التربوي في برامج إعداد مدرس العلوم، فإنه لا بد من التأكيد على أهمية التوجهات الحديثة في تدريس العلوم التي تنطلق من النظر إلى طبيعة العلم نظرة شمولية متكاملة، ترى إن العلم عبارة عن بناء معرفي ومنهج للتفكير وطريقة للبحث والاستقصاء، وتؤكد على ضرورة أن تكتسب العمليات العلمية دورا مركزيا في تدريس العلوم، ليس كوسيلة يتبعها المدرس لتوكيد المفاهيم العلمية، بل كمحور لاستقطاب الجهود المبذولة لتعزيز هذه النظرة وتجسيدها عبر المناهج والكتب الدراسية وفي التدريس الصيفي وبرامج إعداد المعلمين وتدريبهم، من خلال إتاحة الفرص للطلاب للقيام بنشاطات استكشافية تمكنهم من التوصل إلى معارف جديدة وتساعدهم على تنمية قدراتهم على استخدام أسلوب التفكير العلمي في مواجهة مشكلاتهم وحلها بصورة خلاقة(NSTA ،1980،Wellech and pella 1968) ،

إن فهم مدرس العلوم لطبيعة العلم  أمرا ضروريا وهاما لمساعدة طلابه على استيعاب النظرة الشمولية للعلم وعلى فهم طبيعة العلم بصورة سليمة، بما يتفق مع نتائج الدراسات التي توصلت إلى أنه كلما زاد فهم مدرس العلوم لطبيعة العلم، تأثر سلوكه التعليمي إيجابيا في استخدام الطرق التي تؤكد روح العلم وطرقه وعملياته، وتتأثر نوعية أساليب التقويم والأسئلة التي يوجهها لطلابه كما تتحسن قدرته على استخدام أساليب وتقنيات تقويميه تشمل الجوانب ذات العلاقة بتدريس العلوم، كافة، وكذا في صياغة أسئلة تعكس مستويات التفكير العليا في ضوء فهمه لطبيعة العلم (ماجدة سليمان، 1992).

يتفق هذا المنحنى مع اتجاهات تدريس العلوم التي بدأت بالانتشار منذ الستينات، وتميزت با لتركيز على العمليات العلمية، والتأكيد على اكتساب المهارات العقلية العليا (shulmanand Tamir، 1980) وبحسب جانيه (gange، 1968) تمثل عمليات العلم إشكال تقديم المعلومات، وهي مصطلحات رسمية للأنشطة التي يقوم بها العالم من أجل حصوله على المعرفة العلمية كالملاحظة والتصنيف والقياس.

فالعلم يتكون من عنصرين أساسيين يحددهما أتكن بمحتوى العلم وعملياته، فالعلم من وجهة نظره لا يكون مفهوما إلا إذا  أدركنا أنه يمثل  محاولة لفهم العالم بأكمله، إلى جانب كونه يمثل إحدى النشاطات التي يمارسها الإنسان ويستخدم فيها حواسه لتفسير الظواهر حينما يقوم بالملاحظة والقياس وغيرها من العمليات (atkin، 1968).

وبالنظر في متطلبات التحديث والتطوير لبرامج إعداد مدرسي العلوم والمناهج وأساليب تدريس العلوم، فإنه يلزم التأكيد على شمول عمليات التحديث والتطوير في مجال التقويم وضرورة ارتباط الأساليب المتبعة في التقويم وانسجامها مع متطلبات التحديث والتطوير في المجالات الأخرى، فمن الضروري أن تكون أساليب التقويم في العلوم متطابقة مع متطلبات التحديث والتطوير لمناهج العلوم وأساليب تدريسها، وأن تتفاعل عناصر العملية التربوية ومكوناتها في المجالات المختلفة بدرجة من التناسق والترابط والتكامل والشمول، وذلك باستخدام أساليب تقويمية تهدف إلى التحقق من قدرات الطالب في استخدام الطريقة العلمية في البحث والاستقصاء والتفكير في الحصول على المعرفة العلمية بنفسه، والتعرف على الآثار والنتائج الإيجابية من دراسته للعلوم في تعميق مشاعر التقدير للعلم والعلماء، وتنمية روح الاقتداء بالعلماء وإقباله على طلب العلم والرغبة في دراسته والاشتغال به مستقبلا (الخليلي ورفقاه، 1996).

وإذا كانت الاتجاهات الحديثة في تدريس العلوم تؤكد على أهمية تدريس العلوم بصورة وظيفية وربطها بحياة الطالب ومشكلاته اليومية، فمن الضروري أن تنسجم أساليب التقويم المتبعة مع روح هذه الاتجاهات لمعرفة ما يتمتع به الطالب من قدرة على الاستفادة من المعرفة العلمية في حياته اليومية، ومدى قدرته في ربط تلك المعرفة بواقع الحياة واستخدامها في تفسير ظواهر الحياة وفي معالجة المشكلات التي يواجهها في مجالات الحياة المختلفة، وتقدير مدى استفادته مما اكتسبه من خبرة ومما تعلمه من معارف في مواقف سابقه واستخدامها في المواقف التعليمية الجديدة.

أن الدراسة في مجال العلوم الطبيعية تتميز عن الدراسة في مجال الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية بالعمل المخبري والنشاطات العملية الميدانية. وإذا ما أهمل هذا الجانب فان العلوم تفقد ما يميزها، وتتحول إلى مادة نظرية ثقيلة، وفي مثل هذه الحالة فإن برامج إعداد مدرس العلوم تتولى إعداد مدرسين عن العلوم أو مدرسين في تاريخ العلوم ولا تعد مدرسين للعلوم. فالعمل المخبري بماله من مكانة وأهمية يتيح للمتعلم التعلم من خلال الخبرة الحسية والتعامل المباشر مع الأشياء من المواد والأدوات مما يسهم في أن تتكون لدى المتعلم  المفاهيم  العلمية بشكل سليم وتكون ذات معنى بالنسبة إليه، وتبعده عن الفهم الخاطئ أو الفهم غير السليم لهذه المفاهيم. والمعمل يتيح للمتعلم إمكانية التحقق من صحة الحقائق والقواعد والمبادئ والقوانين، ويساعده على اكتشاف المعرفة العلمية والوصول إليها بنفسه، إلى جانب انه ينمي قدرات المتعلم ومهاراته المتصلة بالعمليات العلمية كالملاحظة والقياس والتصنيف، والعمليات العلمية الأخرى التي تعني تدريس العلوم بالاهتمام بها وتنميتها، وغيرها من المهارات ذات الصلة باستخدام الأجهزة العلمية والتعامل معها كالميكروسكوب، وأدوات التشريح وحفظ المواد وتوصيل المواد الكهربائية وغيرها. والعمل المخبري يسهم في تنمية الاتجاهات العلمية الإيجابية، كحب الاستطلاع، والتريث في إصدار الإحكام، والصبر والمثابرة والتقبل الإيجابي للفشل، والأمانة العلمية والموضوعية، وإثارة التساؤلات وتنمية روح الاستقصاء والبحث عن إجابات شافية لمثل تلك التساؤلات وغير ذلك من الصفات والخصائص التي يتمتع بها العلماء.

أن الأساليب المتبعة في تقويم نواتج التعلم في برامج إعداد مدرسي العلوم بالجامعات اليمنية تعاني من حالة ضعف وقصور وتفتقر للعديد من الخصائص التي تميز التقويم الجيد وتتمحور حول الأساليب المستخدمة للتأكد من قدرة الطالب على الحفظ والتذكر، ولا تسع لتشمل الأساليب المتبعة لتقويم مجالات  العمل المخبري، وتهمل استخدام أساليب وأدوات متنوعة لتقويم ما اكتسبه الطالب من قدرات ومهارات في استخدام الأجهزة والتعامل معها وإجراء التجارب والتطبيقات العملية، وغيرها من الأساليب التي يمكن أن تستخدم للتأكد من مدى قدرته على الالتزام باتباع الإجراءات اللازمة لتنفيذ المهام العملية بصورة صحيحة، ومدى تقيده بقواعد السلامة والأمان في استخدام الأجهزة والتعامل معها وفي إجراء التجارب، وتطبيق التعليمات المتبعة في استخدام المعمل وفي خزن المواد وحفظها والتخلص منها وفقا لشروط وقواعد السلامة والأمان.

كما أن العمل الميداني في تدريس العلوم لا يقل أهمية عن العمل المخبري، فالعمل الميداني يعد من المصادر العلمية المستخدمة لدراسة مشاكل معينة تتصل بالمنهاج، والوصول إلى حلول لتلك المشكلات، كما يستخدم لتأكيد العلاقة التي تربط بين المعرفة العلمية وتطبيقاتها العملية، لذلك فإن العمل الميداني يتطلب البحث عن الوسائل والأدوات المناسبة التي تستخدم في الغالب لتقويم نواتج التعلم في المجال المهاري، ويلجأ البعض إلى استخدام اختبارات الورقة والقلم، إذا ما تطلب الهدف معرفة لفظية أو استجابة رمزية من نوع معين كما في حالة تقويم نواتج التعلم في المجال المعرفي.  أما عندما يكون مضمون الهدف تقويم الأفعال والحركات، والجوانب المتصلة بالأداء والجوانب العملية والتطبيقية، والتأكيد من القدرة على إتقان المهارات وإنجاز المهام فإنه يكون من المناسب استخدام وسائل التقويم التي تعكس جوهر الهدف وحقيقته. وقد تكون الوسيلة المناسبة لتقويم المهارات والمهام المتصلة بالعمل المخبري والعمل الميداني هي الأداء والتنفيذ الفعلي للمهارة أو للمهمة، عن طريق المشاركة والتطبيق للموقف المتضمن أداء المهارة وممارستها. وفي بعض الحالات فإن قيام الطالب بأداء نشاطات التعلم وتنفيذها تمثل  الناتج النهائي الذي يمكن من خلاله التأكد من تحقق الهدف، ويمثل الفرصة أو الموقف المناسب لتقويم الطالب والتأكد من مدى قدرته على أداء المهمة وتنفيذ النشاط (احمد، 2002،الرازحي، 2005).

وبحكم الارتباط الوثيق بين النشاطات والمهام التعليمية وبين النشاطات والمهام التقويمية، فمن الضروري أن يرتبط مضمون نشاطات التقويم ومهامه بمحتوى النشاطات والمهام التعليمية في مناهج العلوم وبرامج إعداد مدرس العلوم، ولا بد أن تتكامل عمليات التحديث والتجديد التي شهدتها مناهج العلوم وبرامجها خلال العقود القليلة الماضية مع عمليات التحديث والتجديد لأساليب ووسائل التقويم، مما يقتضي أن تستوعب عملية التقويم مضامين وتوجهات حركة العلم والتكونولوجيا والمجتمع التي وجهت عمليات التحديث والتطوير لمناهج العلوم وبرامج  إعداد مدرس العلوم، واستهدفت تجسير الفجوة بين العلم والتكنولوجيا من ناحية والمجتمع من ناحية أخرى.

وبهذا الصدد فإن نتائج التحليل والمقارنة لمناهج العلوم بالمرحلة الثانوية في الجمهورية اليمنية ومحتوى مقررات برامج إعداد مدرس العلوم في ثلاث جامعات يمنية هي الحديدة وذمار وصنعاء، التي جرت حديثا خلال العام الماضي (2005) في إطار مشروع ماستري لإصلاح برامج إعداد مدرس العلوم والرياضيات، قد كشفت أن مناهج العلوم في المرحلة الثانوية أكثر تقدما وحداثة من المقررات الدراسية المعتمدة في إطار برامج إعداد مدرس العلوم، وأن الفجوة قائمة بين مناهج الثانوية والبرامج الدراسية في الجامعات، كما بينت النتائج أن برامج أعداد مدرس العلوم لا تلبي احتياجات تأهيل المدرس ومتطلبات التدريس، كما أنها معزولة عن التقدم العلمي والتكنولوجي وبعيدة عما شهدته البرامج المماثلة من مقتضيات التجديد والتطوير، وفضلاً على ذلك فإنها لا تواكب واقع الحياة المعاصرة.

وفي إطار التطوير المهني والتربوي لبرامج إعداد مدرس العلوم، أكدت نتائج البحوث والدراسات على أهمية مهارات الأداء المهني والتربوي للمدرس، وإن مثل هذه المهارات يمكن للمدرسين أن يكتسبوها وأن يستخدموها، كما أنها قد تكون من بين العوامل الأكثر أهمية وحتما في تحديد فاعلية المدرس (جابر، 2002) فقد شكلت المهارات المهنية ذات الصلة بعملية التدريس مرتكزا هاما من المرتكزات التي قامت على أساسها حركة الإصلاح والتطوير التربوي لبرامج تأهيل المدرسين وتدريبهم القائمة على الكفايات التي تفترض أن المهارات المرتبطة بمهنة التدريس يمكن تعريفها وتحديدها وتعلمها وتطبيقها وتقويمها، وتقويم نتائج استخدامها في التعليم الصفي (okey and capie، 1980 والرازحي، 2004).

إن فعالية الإعداد المهني لمدرس العلوم تعتمد على تهيئة الفرص الناسبة التي يحتاجها لتطوير خبراته ومهاراته اللازمة لرفع كفاءته المهنية وتحسين أدائه في عمله. ويشير كل من اوكي وكابي (1980) إلى الدور الذي ينبغي أن تقوم به المؤسسات والكليات الجامعية في التطوير المهني لمدرس العلوم، التي تقع على عاتقها مسؤولية تهيئة الفرص والمواقف المناسبة  لتطوير مهارات الأداء المهني لمدرس العلوم ضمن البرامج التي تقدمها لتأهيل مدرس العلوم وتدريبه.

وفيما يتصل بالعلاقة الوثيقة التي تربط بين عمليتي التطوير والتقويم، بجدر الإشارة إلى أن التطوير المهني لبرامج أعداد مدرس العلوم يقتضي استخدام أدوات علمية دقيقة لتقويم مهارات الأداء المهني للمدرسين عموما ومدرس العلوم بوجه خاص، وبناء عليه فإن مهمة تطوير أدوات علمية دقيقة يمكن الاعتماد عليها والوثوق بنتائجها لتقويم مهارات الأداء المهني للمدرس تعد من الواجبات الأساسية الملقاة على عاتق الباحثين والمتخصصين التربويين، نظرا لأهميتها وتأثيرها في إرساء أسس علمية سليمة في تطوير برامج أعداد مدرس العلوم، خصوصا وأن الحاجة إليها قائمة وملحة، وتخدم أغراض تقويم التربية العملية والتدريب الميداني التي تشكل مكونا أساسيا وهاما من مكونات برامج إعداد  المدرس، فضلا عن أهمية تلك الأدوات والحاجة إليها  لخدمة أغراض ومجالات عديدة. (perrine، 1968 and Tullouch، 1986  والرازحي 2004).

وتبرز الحاجة هنا للتأكيد على أهمية تبني نظرة شاملة للتقويم، وإرساء منهجية علمية متكاملة تتجاوز النظرة التقليدية للتقويم وما يتصل بها من مفاهيم ووسائل وإجراءات، والاستفادة منها وتوظيفها لخدمة التطوير الشامل لبرامج إعداد مدرس العلوم في الجامعات اليمنية، بما تتضمنه من عناصر ومكونات وبما تقتضيه من إجراءات وعمليات دورية ومستمرة، بغرض تعزيز علاقة تلك البرامج خاصة والنظام التربوي عامة بالتقويم، ويصبح التقويم جزءًا عضويا من النظام التربوي عموما ومن برامج إعداد مدرس العلوم بوجه خاص.

ثانيا: مشكلات التقويم في برامج أعداد مدرسي العلوم بالجامعات اليمنية:

في ضوء استعراضنا لواقع التقويم التربوي في برامج أعداد مدرس العلوم، يتبين لنا أن أوضاع التقويم التربوي في تلك البرامج بوجه خاص وفي برامج التعليم الجامعي بوجه عام يعاني الكثير من جوانب الضعف والقصور التي تحول دون الاستفادة من نتائجها في خدمة أغراض التشخيص والتقويم والتطوير لتلك البرامج، وفي هذا السياق يمكن رصد مشكلات التقويم في برامج إعداد مدرسي العلوم بالجامعات اليمنية  وإجمالها  فيما يأتي:

لا يزال التقويم أسير المفهوم التقليدي الضيق الذي يتجلى على نحو واضح عبر الامتحانات التقليدية السائدة في المدارس وفي الجامعات، التي تقتصر على الطالب وتنحصر على قياس نتاجات التعلم المعرفي لديه، والتحقق من قدرته على الحفظ والتذكر، واسترجاع المعلومات والمعارف المخزونة في ذاكرته عند الحاجة.

ورقة الامتحانات تحتوي على عدد قليل من الأسئلة ولا يمكن أن تتناول جميع موضوعات المنهج (أو عينة معقولة منها). لذلك قد يصادف الحظ طالبا في امتحان ما فتأتي الاسئلة مما يتقنه، وقد يعاكسه في امتحان آخر فتاتي الأسئلة مما لا يعرفه.

الامتحان مقياس ذاتي، تتأثر نتائجه بالشخص الذي يضعه ويقوم بتصحيحه وتقدير درجاته، كما قد تتأثر تلك النتائج بالعوامل الذاتية للمصحح فالحالة النفسية والتعب والمزاج والنظرة الشخصية والتقدير الذاتي للأمور. وتتجلى الذاتية في جميع خطوات الامتحان كاختيار الأسئلة والحكم على مدى ملاءمتها لمستوى التلاميذ وتحديد درجة صعوبتها. وقد أثبتت نتائج الدراسات العلمية اختلاف المصححين  اختلافا بينا في تقدير الدرجة التي تعطى  للإجابة إذا عرضت على المصحح الواحد عدة مرات تفصل ما بينها فترات طويلة أو قصيرة من الزمن.  أي أن الامتحان يفتقر للموضوعية والثبات ( زيتون والبناء، 2001). يقتصر الامتحان على قيا س أهداف محدودة للغاية، وتنحصر أسئلته في المجال المعرفي وعلى المستويات الدنيا منه المتمثلة بالتذكر أو الفهم في أحسن الأحوال، في حين يهمل الامتحان تقويم المستويات العليا، وكما يهمل تقويم المهارات التي تتصل بالمجال النفس حركي وكذا الاتجاهات والقيم وغيرها من الجوانب المتصلة بالمجال الانفعالي ( جامعة صنعاء، 2006).

تركيز الامتحان على الحقائق العادية والمألوفة وعلى المعارف النظريه المجردة، والتأكد من قدرة الطالب على حفظها واسترجاعها، دون وضعها موضع التمحيص والتحليل والمقارنة، ودون الاهتمام بتقويم الطالب في استخدام الطرق العلمية، واكتشاف قدراته فيما يتصل باستخدام اساليب التفكير العلمي، وغيرها من القدرات الإبداعية الأخرى ( خليل، 2002).

غموض فقرات الامتحان وافتقارها للوضوح والتحديد، وصياغتها  صياغة عمومية غير دقيقة، مما يفسح المجال لظهور تفسيرات متباينة لمضمون الفقرة، ويؤدي إلى سوء فهمها وإثارة اللبس حولها، مما قد يغري الطالب باللجوء إلى التخمين والاحتمال، ويصبح عرضة للوقوع في الأخطاء والابتعاد عن الإجابة الصحيحة ( الشربيني وحجازي، 2002).

ضعف ارتباط الامتحان بأهداف المنهاج، فإذا لم يرتبط الامتحان بأهداف واضحة ومحدودة، فإنه يفقد قدرته في تقويم الأهداف والحكم على مدى تحققها، ويفقد اتجاهه وقيمته التشخيصية، وتضعف الثقة بنتائجه، ويعجز في الوصول إلى أحكام سليمة وحلول مناسبة، فيضعب الحصول على مستويات مقبولة بصدق الامتحان، فتكون نتائجه بعيدة عما ينبغي قياسه، ويدل ذلك على ضعف مستوى صدق الامتحان.

يتركز اهتمام الامتحان حول الحكم على مستوى أداء التلميذ من حيث النجاح والرسوب، ففقدت عملية التقويم وظيفتها الأساسية المتمثلة بمتابعة سير العملية التعليمة، والاستفادة من نتائجها في تصحيح الأخطاء ومعالجة نواحي الضعف وتدعيم نواحي القوة، فيما يتصل بالطلاب أو بأساليب التعلم والتعليم والمنهج المدرسي وغير ذلك، مما أدى إلى توجيه العملية التعليمية لخدمة الامتحانات، فتحولت الامتحانات إلى غاية في ذاتها، وأسهمت بانتشار ظاهرة الغش بين الطلاب لكي يحصل الطالب على أعلى الدرجات بطرق غير مشروعة، التي تدل على تدهور المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع، ويعد ذلك مؤشراً هاماً لظهور أثار ونتائج خطيرة لظهور آثار ونتائج خطيرة.

الاقتصار على الامتحانات التي تؤدى في منتصف أو نهاية الفصل أو العام الدراسي وانتشار ظاهرة اعتكاف الطلاب، وتركهم للدراسة في الجامعة قبل الامتحانات بمدة بغرض التفرغ للمطالعة والاستذكار، والاستخفاف بالحضور وعدم  الاهتمام والحرص على متابعة الدوام والمشاركة الايجابية في النشاطات التعليمية والفعاليات  التربوية.

التأكيد على مقارنة الطالب بغيره وإهمال متابعة التقدم الذي يحرزه الطالب وعدم الاستفادة من نتائج التقويم والمتابعة في تلافي العيوب والأخطاء التي قد تعيق تقدم الطالب، وتهيئة الفرص والإمكانات التي يمكن أن تسهم في مساعدته على التعلم بالسرعة التي تناسب قدرته، حتى لا تتحول نتائج الامتحان إلى عبء ثقيل، يثير خوف الطالب وفزعه، ويزيد معدل القلق لديه، الذي قد يكون سببا في التعرض لأمراض نفسية وعضوية خطيرة، وما يصاحبها من مشاعر الإحباط  وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين.

أصبحت إجراءات الامتحانات تمثل عبئا ثقيلا على العملية التعليمية، فالخطوات والإجراءات المتبعة في  مجال إدارة الامتحانات وتنفيذها تجري وفق الأساليب الإدراية المركزية، وذلك بإخضاع العمليات والإجراءات المرتبطة بطباعة أسئلة الامتحان وتوزيع الطلبة في اللجان والقاعات، واختيار الملاحظين وتوزيعهم، والإجراءات المتصلة برصد النتائج وإعلانها للإشراف والتوجيه المركزي، وغالبا ما ينشأ عن اتباع مثل تلك الأساليب الكثير من العيوب والاختلالات والظواهر السلبية  المرافقة لها، التي تستهلك الكثير من الجهد والوقت والنفقات، وتسهم في انتشار الغش وضعف الثقة بعضو هيئة  التدريس، ونقل مسؤولية تقويم الطالب منه وإشراك جهات وأطراف أخرى في تحمل مسؤولية التقويم.

ضعف اهتمام الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في تحمل مسؤولية وأعباء تهيئة الفرص والمواقف المناسبة لتحسين أداء  أعضاء هيئاتها التدريسية وتطوير قدراتهم لإتقان مهاراتهم المهنية والتربوية، خصوصا وإنهم بحاجة للحصول على المساعدة اللازمة لهم لتنمية معارفهم وتطوير خبراتهم وقدراتهم في إعداد الاختبارات وغيرها من وسائل التقويم الأخرى، نظرا لأن اهتمام الجامعات ومؤسسات التعليم العالي ظل مقتصرا ومحصورا على الإعداد العلمي لأعضاء هيئاتها التدريسية، والاكتفاء بحصولهم على درجة الماجستير والدكتوراه في مجال التخصص العلمي، كشرط أساسي لالتحاقهم بمهنة التدريس في الجامعات.  فأساتذة الجامعات يمثلون المهنيين الوحيدين الذين يبدأون عملهم في التدريس الجامعي بدون أن يحصلوا على تدريب سابق أو تأهيل لممارسة المهنة وإتقان المهارات المتصلة بها. فإذا كان 50% من عمل عضو هيئة التدريس يتصل بشكل مباشر بالتدريس، فان ذلك يعني أن المهام المرتبطة بممارسة مهنة التدريس يجب أن تمثل موقع الصدارة، وأن تأتي في مقدمة مهام المدرس الجامعي، ويصبح من اللازم أن يمتلك الخبرات والكفايات المهنية والتدريسية إلى جانب إلمامه بمادة تخصصه.

أن الأساليب المتبعة في تقويم نواتج التعلم في برامج إعداد مدرس العلوم بالجامعات اليمنية، تعاني من حالة ضعف وقصور، وتفتقر للعديد من الخصائص التي تميز التقويم الجيد، ولا تتسع لتشمل الأساليب المتبعة لتقويم مجالات العمل المخبري والعمل الميداني، وتهمل استخدام الأساليب والأدوات المناسبة لتقويم ما اكتسبه الطالب من قدرات ومهارات وما أنجزه من نشاطات ومهام، كتقويم المهارات المتصلة باستخدام الأجهزة والتعامل معها إوجراء التجارب والتطبيقات العملية، والتأكد من مدى التزامه وتقيده بقواعد السلامة والأمان في إجراء التجارب وفي استخدام الاجهزه والتعامل معها، وغير ذلك من الأساليب المستخدمة في تقويم قدرة الطالب على إنجاز المهام وتنفيذ النشاطات المتصلة بالعمل الميداني.

تتميز الأساليب المتبعة في تقويم النشاطات والمهام التعليمية المتضمنة في برامج إعداد مدرس العلوم بالجامعات اليمنية بالعمومية، وغير قادرة على استيعاب عمليات التحديث والتجديد التي شهدتها مناهج العلوم وأساليب وبرامج تدريسها، ومن السهل أن نلاحظ أن الأساليب والوسائل والأدوات المستخدمة في التقويم لا تعكس مضامين وتوجهات حركة العلم والتكنولوجيا والمجتمع التي وجهت عمليات التحديث والتطوير لمناهج العلوم وبرامج إعداد مدرس العلوم، واستهدفت تجسير الفجوة بين العلم والتكنولوجيا من ناحية والمجتمع من ناحية ثانية.

تشير الدلائل والمؤشرات إلى أن الجهود القائمة في إطار برامج إعداد مدرس العلوم بالجامعات اليمنية المرتبطة بالتربية العملية والتدريب الميداني للطلاب الملتحقين بهذه البرامج لا تزال ضعيفة ولا تحقق النتائج المرجوة منها، فالجهود القائمة في هذا المجال أقرب ما يكون للجهود العشوائية التي لا تقوم على أساس من التخطيط والارتباط بالأهداف إلى جانب أن الاهتمام بتقويم المهام والمهارات المرتبطة بها ضعيف ومحدود ولا يرتقي إلى المستوى المقبول، خصوصا وأن هناك ندرة للأدوات المناسبة لتقويم مهارات الأداء المهني، فالحاجة لتطوير أدوات علمية ودقيقة قائمة وملحة، وتستوجب بذل المزيد من الجهود وإعطاء هذا الجانب المزيد من العناية والاهتمام.

 

ثالثاً: التوصيات والمقترحات:

في ضوء النتائج التي أسفرت عنها الدراسة، وإدراكاً لأهمية التقويم التربوي ودوره في تطوير التعليم الجامعي عموماً، وبرامج إعداد مدرسي العلوم بوجه الخصوص، ونظراً للحاجة القائمة والملحة لإرساء منهجية علمية لتقويم مناهج التعليم الجامعي وخططه وبرامجه الدراسية بما يتفق مع أهداف التعليم الجامعي ووظائفه، وتحقيق التنوع والتكامل والشمول في أساليب التقويم وإجراءاته ووسائله، خلصت الدراسة لاستخلاص التوصيات والمقترحات الآتية:

  • العمل على إرساء منهجية علمية شاملة لتقويم التعليم الجامعي عموماً وبرامج إعداد مدرسي العلوم بوجه خاص، وأن يستند التقويم إلى خطة شاملة ودقيقة يضعها أساتذة القسم لتشمل أهداف التقويم ومجالاته وأساليبه وإجراءاته، ومراحله ومواعيد تنفيذه، وعلى أن تجري مناقشتها وإقرارها بالتنسيق والتشاور مع الأقسام الأخرى ذات العلاقة. وأن يقوم كل عضو من أعضاء هيئة التدريس بوضع خطة التقويم الخاصة به في ضوء الخطة  العامة وعلى أساسها وأن يقوم بمناقشتها مع طلابه في بداية العام الدراسي.
  • النظر إلى عملية التقويم بكاملها على أنها جزء لا يتجزأ من العملية التربوية ككل، والتأكيد على أهمية الارتباط العضوي الوثيق والتأثير الدينامي بين التقويم وبين عناصر العمل التربوي، سواء في أهداف التعليم ونظمه أو في مناهجه وأساليبه والقائمين عليه، وبناءً عليه فإن إصلاح نظام التقويم التربوي لا بد أن يستند على فلسفة تربوية شاملة، تحكم عناصر العملية التربوية ومكوناتها كافة، تفيد في وضع استراتيجية كاملة لتطوير التعليم الجامعي وتحسينه ( الرازحي، 2001).
  • الاهتمام بتقويم العملية التعليمية بجميع عناصرها ومكوناتها، وبمجالاتها وجوانبها كافة، بمستوياتها النظرية والعملية، والتأكيد على أن تكون عملية تقويم تعلم الطالب شاملة تتناول تقويم نتاجات التعلم المتحققة في جميع الجوانب المعرفية والوجدانية والمهارية دون الاقتصار على تقويم نتاجات التعلم في المجال المعرفي.
  • إعادة النظر في أساليب التقويم المتبعة، والعمل على تطويرها في إطار رؤية جديدة تقوم على أساس النظرة الشاملة والمتكاملة والمتوازنة لطبيعة العلم وطرقه وعملياته، تسهم في الارتقاء بأساليب التقويم القائمة في إطار برامج إعداد مدرسي العلوم وتطويرها بما يتفق مع الاتجاهات الحديثة للتربية العلمية وإضفاء وظائف وأدوار جديدة للتقويم والأساليب المستخدمة فيه، وتوجيهها لتحفيز الطلاب وتشجيعهم للسعي والاقبال على اكتساب أساليب التفكير العلمي وتمثل مهاراته وعملياته بما يلبي حاجات الفرد وطموحات المجتمع لمواجهة متغيرات الحياة المعاصرة والمشاركة فيها بدرجة عالية من الايجابية والكفاءة والمسئولية.
  • الارتقاء بمستوى الإعداد الفني لوسائل التقويم وأدواته، والتقيد في تطبيق الأسس والقواعد العلمية المتبعة في بنائها، والاهتمام بصياغة فقراتها صياغة علمية سليمة تتسم بالتحديد والدقة والوضوح، واتباع الخطوات والإجراءات والأسس العلمية في إعداد وبناء وسائل التقويم وأدواته المتنوعة، التي يمكن الاعتماد عليها لتقويم الأهداف المتنوعة التي تتناول نمو شخصية الطالب من جميع جوانبها، لأن توفر وسائل التقويم الملائمة تسهم في وضع برنامج متكامل للتقويم التربوي، ويمنح التقويم قدراً أكبر من الدقة والكفاءة والثقة في نتائجه ( القرشي، 1986).
  • إعادة النظر في الأساليب المتبعة لتقويم مهارات العمل المخبري والعمل الميداني والمهام المتصلة بهما، وإعطاء المزيد من الاهتمام لتقويم النشاطات والمهارات والمهام المتصلة بإجراء التجارب وبالعمل المخبري والعمل الميداني، واستخدام أساليب وادوات متنوعة لتقويم ما اكتسبه الطالب من قدرات ومهارات في استخدام الأجهزة والتعامل معها وفي إجراء التجارب والتطبيقات العملية، وتقدير أهمية النشاطات والمهام المتصلة بالعمل المخبري والعمل الميداني في تدريس العلوم باعتبارها من المجالات الأساسية التي تميز العلوم عن فروع المعرفة الأخرى.
  • تحقيق درجة من التفاعل والترابط والتكامل والانسجام بين النشاطات التعليمية والنشاطات التقويمية، والتأكيد على شمول عمليات التحديث والتطوير التي تستهدف مناهج العلوم وبرامجها وضرورة ارتباط الأساليب المتبعة في التقويم وانسجامها مع متطلبات التطوير في المجالات الأخرى، واستخدام أساليب تقويمية متنوعة في التحقق من قدرات الطالب في استخدام الطريقة العلمية في البحث والاستقصاء والتفكير والأساليب العلمية المتبعة في الحصول على المعرفة العلمية، والتعرف على الآثار والنتائج الإيجابية لدراسة العلوم وما يرتبط بها من مشاعر التقدير للعلم والعلماء، وتنمية روح الاقتداء بالعلماء، والإقبال على طلب العلم والرغبة في دراسته والاشتغال به مستقبلاً ( الرازحي، 2004 ب).
  • توجيه الجهود لتنمية قدرات أعضاء الهيئات التدريسية العاملين في إطار برامج إعداد مدرسي العلوم بالجامعات اليمنية وتطوير خبراتهم ومهاراتهم في إعداد الاختبارات ووسائل التقويم الأخرى، والعمل على تنظيم الدورات والبرامج التدريبية الهادفة إلى الارتقاء بمستوى عضو هيئة التدريس في مجال الأداء المهني والتربوي واكتساب مهارات صياغة الأسئلة وإعداد الاختبارت والتقنيات التقويمية الأخرى، إلى جانب الكفايات التدريسية الأخرى التي لا يمكن للمدرس الجامعي أن يستغني عنها، نظراً لأنها تشكل حجر الزاوية لنجاحه في ممارسة مهنة التدريس وتحسين أدائه وكفاءته في إنجاز المهام المتصلة بها،  وبهذا الصدد فإن الجامعات اليمنية معنية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعديل التشريعات القائمة، بما يحقق ربط عملية شغل الوظائف الأكاديمية لأعضاء الهيئات التدريسية كافة بالحصول على الإعداد والتدريب  اللازم والتأهيل المهني والتربوي في مجال التدريس، قبل التحاقه بمهنة التدريس، وتتحمل الجامعات مسؤولية العمل على تهيئة المواقف والفرص المناسبة لتأهيل أعضاء هيئاتها التدريسية في المجال المهني والتربوي بقصد الارتقاء بمستوى  ادائهم وكفاءاتهم في إنجاز المهام التعليمية والتقويمية ( الرازحي، 2004 جـ ).
  • إعداد أدلة للتقويم التربوي تهدف إلى الارتقاء بمستوى أداء أعضاء هيئات التدريس العاملين في إطار برامج أعداد مدرسي العلوم في إعداد الاختبارات والوسائل التقويمة الأخرى، وتتضمن أمثلة لنماذج وإجراءات وأساليب ونشاطات تتقويمية متنوعة لاستخدامها والاستفادة منها في تنفيذ عمليات التقويم في المجالات المختلفة، وغير ذلك من المفاهيم والقضايا والإرشادات التي يحتاجها عضو هيئة التدريس لتنمية خبراته النظرية ومهاراته العملية في تقويم نتاجات التعلم المختلفة، وكذا في تقويم عناصر البرنامج ومكوناته المختلفة، وفي تقويم أدائه باستخدام أساليب التقويم الذاتي وغيرها.
  • تصميم برنامج دراسي متكامل في مجال تقويم تدريس العلوم، يهدف إلى تهيئة الفرص والمواقف المناسبة لتأهيل الطلاب الملتحقين ببرامج إعداد مدرسي العلوم في مجال التقويم التربوي وتقديم المساعدة اللازمة لهم لتنمية معارفهم وخبراتهم النظرية وتطوير قدراتهم ومهاراتهم في صياغة الأسئلة وإعداد الاختبارات والتقنيات التقويمية المختلفة الهادفة إلى تقويم نتاجات التعلم في المجالات المعرفية والمهارية والانفعالية. والعمل على إقراره واعتماده ضمن الخطط الدراسية المقررة لبرامج إعداد مدرس العلوم في الجامعات اليمنية كمتطلب إجباري من متطلبات الإعداد والتأهيل المهني والتربوي لمدرسي العلوم، وإفراد المساحة والوزن المناسب له في الخطة بما يعكس أهميته في عملية التأهيل والإعداد لمدرسي العلوم وبما يتفق مع دور مدرسي العلوم ومكانته في تنمية المجتمع وتقدمه.
  • توجيه المزيد من الاهتمام للتربية العلمية والتدريب الميداني في المدارس، ووضع الخطوات والإجراءات المناسبة لتقويم مهارات الأداء المهني والتربوي المرتبطة بعمليتي التدريس والتقويم، والعمل على تشجيع الجهود العلمية من قبل الباحثين والمهتمين لتطوير أدوات علمية دقيقة يمكن الاعتماد عليها واستخدامها لتقويم مهارات الأداء المهني، نظراً لأهميتها وتأثيها في إرساء أسس علمية سليمة لتطوير برامج إعداد مدرسي العلوم، خصوصاً وأن الحاجة إليها قائمة وملحة، وتخدم أغراض تقويم التربية العملية والتدريب الميداني للتدريس في المدارس، إلى جانب أهميتها ودورها في خدمة أغراض ومجالات أخرى عديدة.
  • الابتعاد عن الشكلية والمركزية في إدارة الاختبارات وتنفيذها والتخلي عن الخطوات والإجراءات القائمة في مجال إدارة الاختبارات وتنفيذها والهادفة إلى تكريس الأساليب المركزية المرتبطة بطباعة الاختبار وتوزيع الطلبة في اللجان وفي القاعات واختيار الملاحظين وتوزيعهم والإجراءات الأخرى المرتبطة بمراجعة النتائج ورصدها وإعلانها. وفي ضوء ذلك فإن الحاجة تدعو إلى إعادة النظر في النظام الحالي المتبع في إدارة الاختبارات واتخاذ الخطوات والإجراءات الكفيلة بإصلاح أوضاع الاختبارات، والتخلص من كافة العيوب والاختلالات والظواهر السلبية المرافقة لها كانتشار الغش وضياع الوقت وإهدار الإمكانيات وفقدان الثقة بعضو هيئة التدريس وغير ذلك من الظواهر السلبية. والعمل على نقل كافة المهام والمسؤوليات ذات الصلة بالاختبارات من بدايتها إلى نهايتها إلى عضو هيئة التدريس، بحيث تنتهي مهمته بإعلان النتائج وتعليق كشف بنتائج الطلاب يتضمن رقم الطالب ونتيجته على باب مكتبه لمدة محددة، وإرسالها بعد ذلك إلى الوحدة الإدارية المختصة، بعد أن يسلم المدرس لطلابه دفاتر إجاباتهم ويستقبل ملاحظاتهم واعتراضاتهم على النتيجة قبل اعتمادها بالصورة النهائية ( الرازحي، 2005 ب).

المراجع العربية:

  • احمد، شكري سيد. ( 2002). تقويم المهارات العملية. المؤتمر العلمي الرابع عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس ( المجلد الثاني). جامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • جابر، جابر عبد الحميد. ( 2002). اتجاهات وتجارب معاصرة في تقويم أداء التلميذ والمدرس. دار الفكر العربي. القاهرة.
  • جامعة صنعاء. ( 2006) دراسة تحليلية لمدى مراعاة أعضاء هيئة التدريس في كليات جامعة صنعاء للمعايير العلمية لإعداد الاختبارات التحصيلية النهائية. نيابة شؤون الطلاب بجامعة صنعاء ـ صنعاء.
  • خلف، يحي عطية. ( 1993).دراسة تقويمية لبرامج تدريب معلمي التاريخ لفصول الفايقين بالمرحلة الثانوية، دراسات في المناهج وطرق التدريس (21).
  • خليل، محمد أبو الفتوح حامد محمد.(2002). أثر استخدام ملف أعمال الطالب كأداة للتقويم على تحقيق أهداف تدريس العلوم لتلاميذ الصف الثاني إعدادي. المؤتمر العلمي الرابع عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس ( المجلد الثاني). جامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • الخليلي، خليل يوسف وصباريني، محمد سعيد، والحدابي، داوود عبد الملك وملكاوي، فتحي حسين وشمسان، احمد. ( 1996). مفاهيم العلوم العامة والصحة في الصفوف الأربعة الأولى. برنامج معلم الصفوف الأربعة الأولى من التعليم الأساسي. وزارة التربية والتعليم ـ صنعاء.
  • دوران، رودني. ( 1985). أساسيات القياس والتقويم في تدريس العلوم. دار الأمل: أربد ـ الأردن.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 2001). تطوير نموذج معياري لتقويم كفاءة نظام الاختبارات العامة. المؤتمر العربي الأول للامتحانات والتقويم التربوي. المركز القومي  للامتحانات والتقويم التربوي ـ القاهرة.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 2003). منهجية التساؤل في كتب العلوم بالمدرسة الأساسية اليمنية ودورها في الإعداد للحياة المعاصرة. المؤتمر العلمي الخامس عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس . جامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 2004 ا).  تطوير أداة لتقويم مهارات الأداء المهني لمعلم العلوم بالمدرسة الأساسية. المؤتمر العلمي الثامن للجمعية المصرية للتربية العلمية. جامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 2004 ب). متطلبات تطوير البحث العلمي بجامعة الحديدة في ضوء المدخل المنظومي. المؤتمر العربي الأول حول المدخل المنظومي في التدريس والتعلم. مركز تطوير تدريس العلوم بجامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 2004 جـ). البحث التربوي بجامعة الحديدة ودورة  في تطوير العملية التعليمية. المؤتمر العلمي السادس عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس . جامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. (  2005 ا) الاتجاهات المعاصرة في التقويم التربوي. جامعة الحديدة ـ الحديدة ـ الجمهورية اليمنية.
  • الرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 2005 ب). معايير تقويم كفاءة نظام إعداد الاختبارات التحصيلية بجامعة صنعاء. المؤتمر العلمي السابع  عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس . جامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • زيتون، كمال عبد الحميد والبناء، عادل سعيد. ( 2001). سجلات الأداء خرائط المفاهيم: أدوات بديلة في التقويم الحقيقي من منظور الفكر البنائي. المؤتمر العربي الأول للامتحانات والتقويم التربوي. المركز القومي  للامتحانات والتقويم التربوي ـ القاهرة.
  • السعيد، سعيد محمد. ( 1994). برنامج تاهيل تربوي للعاملين بمعهد الفالوجا للتمريض، دراسات في المناهج وطرق التدريس ( 25).
  • السويدي، خليفة وحيدر، عبد اللطيف حسين. (1998). أساليب رفع كفاءة الأداء لدى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة. دراسات في المناهج وطرق التدريس. (48).
  • سليمان، ماجدة حبشي محمد. ( 1992). أثر فهم معلمي العلوم البيولوجية لطبيعة العلم على نوعية الأسئلة التي يستخدمونها في دروس البيولوجي للصف الثاني الثانوي: دراسات في المناهج وطرق التدريس. (17).
  • الشربيني، احلام الباز وحجازي، رضا السيد. ( 2002). تقويم تحصيل تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي في العلوم باستخدام نظرية السمات الكامنة. المؤتمر العلمي السادس للجمعية المصرية للتربية العلمية ( المجلد الثاني). جامعة عين شمس ـ القاهرة.
  • صباريني، محمد سعيد والرازحي، عبد الوارث عبده سيف. ( 1991). واقع البحث التربوي في مجال التربية العلمية بالجامعات الاردنية. مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية، 13 (1).
  • العمايرة، محمد حسن. ( 1999). أثر التخصص العلمي لأعضاء هيئة التدريس في كلية العلوم التربوية على طرق التدريس التي يستخدمونها. المجلة العربية للتربية، 19 (2).
  • عودة، أحمد وملكاوي، فتحي .(1987). أساسيات البحث العلمي في التربية والعلوم الإنسانية . مكتبة المنار ـ الزرقاء ـ الأردن.
  • المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. ( 1981). تقويم البرامج التربوية في الوطن العربي. المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج ـ الكويت.
  • القبيسي، محمد حسن. (1999). التعليم العالي بدول الخليج: المشاكل وآفاق المستقبل. دراسات في المناهج وطرق التدريس (21).
  • القرشي، عبد الفتاح. ( 1986). اتجاهات جديدة في أساليب تقويم الطلاب. رسالة الخليج العربي، 6 ( 18).

 

المراجع الاجنبية:

  1. Atkin ; J. M.(1968).” Process ” In Science Education. National Science teachers Associations. Waoling Tou، C.
  2. Chiappetta ; E. L. and Collette ; A. T. ( 1978). Science teacher Skills Identified by Science Supervisores. Science Education. 62 (1).
  3. Cronbach ; L. J. and Shapiro ; K.. L ( 1982). Designing Evaluation & Education Social Program، Jossey، Bass Publishes، Sanfrancisco، Washington،
  4. Durra، Abdul Bari and EL- Sabagh، (1990). Training of Top and Middle Managers In Commercial Banks In Jordan: An Empirical Study. Abhath AL-Yarmouk 6 (3).
  5. Gabel ; D.L.، Kagan ; M. H. and Sherwood ; R. D..         ( 1980). Asumary of Research in science Education،  Science . Education  65 (3).
  6. Gange ; R. M. ( 1968). ” Process ” In Science for the Elementary grades. NSTA.، Washington، C.
  7. Herman، D. and Willings R. ( 1980). Evaluation of Science teacher Education Program Science Education، 64(2).
  8. ( 1980). Conditions for good Science Teaching in  Secondary Schools، Washington،  D. C.
  9. Okey ; J. R. and Cappie ; w. ( 1980). Assessing The Competence of  Teacher Science Education. 64 (3).
  10. Perrine ; W. G. ( 1984). Teacher and Supervisory Perceptions  of Elementary Science Supervisores. Science Education، 68(1).
  11. Rubba ; P. A. ( 1981). A survey of Illinois Secondary  Schools Science teacher Needs. Science Education. 65 (3).
  12. Tullouch ; B. r. ( 1986). Afactor Analytics Study of Secondary Science teacher Competence Within which Growlt is Percieveat As  importancy  BY Science Teacher، Supervisore and Teacher
  13. Wellech ; W. and Pella ; M. o. ( 1968). Development of an instiument for Inventorying Knowledge OF the Process of Science. J. Res. in Sc. Teaching، 5 (1)

 

______

أ.د. عبد الوارث عبده سيف الرازحي.                                                                                                               

 

 

 

 

 

 

 

 

جديدنا