العلوم الإنسانيَّة في التراث العربي الإسلامي؛ مرجعيَّاتها ومستنداتها

image_pdf

 

إشكال أوَّلي

لا نشكّ بحضور الدراسات والبحوث والممارسات النفسيَّة المتعلِّقة بالظواهر النفسيَّة والسلوكات الإنسانيَّة والاجتماعيَّة في التراث العربي الإسلامي، إذ تبدو البحوث النفسيَّة  والاجتماعيَّة  والإنسانيَّة بشكل عام حاضرة في هذا التراث، وهو ما  يتجسَّد بشكل واضح  وبحضور متميِّز وبموقع واسع وبظهور قوي  بين علماء الإسلام وفلاسفته ومفكّريه الذين قاربوا الإنسان في   أبعاده  المتعدِّدة  والمشكلة لشخصيّته، وهو ما ينكشف  من خلال النظر والمتابعة في حجم الدراسات والبحوث والكتب المخصصة والمصنفة في هذا الموضوع .

ورغم هذا الاعتراف المبدئي بهذا الحضور أي حضور الممارسات النفسيَّة و التربويَّة  والاجتماعيَّة في التراث الإسلامي بشكل كبير، فإن  النقاش بين الباحثين ما زال مستمرّا، وأحيانا حادّا ومفتوحا حول القيمة العلميَّة لهذه البحوث التربويَّة  والنفسيَّة والاجتماعيَّة،لا سيما في الشقّ المتعلِّق  بقدرات هذه العلوم على المستوى  المعرفي و العلمي والمنهجي، وكذا على  إمكانياتها  المعرفيَّة  من حيث التفاعل  مع المستجدّات،  والاستجابة  مع الطوارئ التي تقع  وتحدث في الميدان النفسي والاجتماعي والتربوي المتَّصل مباشرة بالإنسان وبشخصيّته،وهو الميدان الذي يعرف مجموعة من المتغيّرات والمستجدّات السريعة  التي يشهدها الدرس والبحث في العلوم النفسيَّة والتربويَّة والاجتماعيَّة في الفترة المعاصرة.

والغاية من هذه المناقشة ومن أهدافها هو الخروج بهذا التوجيه، والعمل على  التأكيد  وإظهار ممارسة  علماء الإسلام  لهذا العلم المتعلِّق موضوعه  بالإنسانيّات بصفة عامَّة.

 

العلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة ودعوى النفي والغياب

هناك من الدارسين من ينفي هذا الحضور العلمي المتَّصل  بالعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة في التراث العربي الإسلامي، بدعوى أنَّ هناك إحساسا عامًّا، وشعورا قويًّا  ورغبة  أكيدة  لدى الباحثين  والمتدخّلين في العلوم الإنسانيَّة  في كون  العالم النفسي والعقلي والوجداني والاجتماعي للإنسان ما يزال في بداية الاستكشاف والمعرفة والتجلِّي،وقد حان الوقت في أكثر من أي وقت مضى للتوجه نحو العناية بهذه الجهة  بشكلٍ أكثر، وهي  الجهة التي ظلَّت غائبة بشكل خاصّ في المباحث التراثيَّة،  مع التركيز بشكلٍ مستمرّ على المعرفة العلميَّة الدقيقة والإجرائيَّة التي تخصّ العالم النفسي والوجداني والاجتماعي  والتربوي  والقيمي  لهذا الإنسان في شخصيّته بجميع أبعادها وعناصرها، والابتعاد  والانفصال  بشكل  نهائي عن الدراسات والبحوث  النظريَّة  والفلسفيَّة..[1].

ومن السياقات الجديدة التي حدث  في العلوم الإنسانيَّة و كانت  المحفّزة على البحث في الإنسان،   هو أنَّ هذه البحوث  اختارت الوجهة العمليَّة الإجرائيَّة أي التوجّه  إلى  ما هو تطبيقي إجرائي عملي  في مقاربتها للظواهر الإنسانيَّة والاجتماعيَّة، لأنَّ أكبر طفرة تحقَّقت في  العلوم الإنسانيَّة هو انتقال هذه العلوم من العهد النظري من حيث  العناية  والاشتغال  بالمعرفة الإنسانيَّة في بعدها الفلسفي و  النظري إلى العناية بالمعرفة الإنسانيَّة في بعدها الإجرائي والعملي والتطبيقي والنفعي.

والقول بحضور العلوم  وتزامنها مع الثورة المعرفيَّة الحديثة  هو من اختيار كثير من الدارسين والباحثين في الابستمولوجيا الجديدة،فميلاد البحث العلمي في الظواهر الإنسانيَّة جاء متزامنا مع ميلاد المجتمع الصناعي، وتطوّر نمط الإنتاج الرأسمالي، كما واكب هذا الحضور التغيّرات التي عرفها الغرب الأوروبي في سياق تطوّر المجتمع، وتطوّر علاقات الإنسان بالطبيعة وبالتاريخ وبالفضاء الجديد، وسعيه لمعرفة مظاهر السلوك الإنساني في مختلف أبعادها، فإنَّ النتيجة  لكل هذا هو المعرفة  بالظواهر الإنسانيَّة في مستوياتها المتعدِّدة:الاقتصاديَّة، المجتمعيَّة، النفسيَّة، وجميع الظواهر ذات الصلة بالإنسان.

فالمؤشِّر الذي ساهم في هذه العلوم من حيث النشأة والامتداد لا  يفسّر إلا  بإزالة الأزمات الفكريَّة التي أخذت تعيشها البشريَّة،والبحث عن موارد جديدة لتلبيَة حاجياتها المتزايدة والمستمرَّة،وهذا لا يتيسَّر إلا  بإعادة  بناء و تركيب  للمعرفة الإنسانيَّة  تركيبا علميًّا وإجرائيًّا، ومقاربة الإنسان في  أبعاده المتعدِّدة مقاربة وضعيَّة  علميَّة من خلال إحداث قطيعة كليَّة ونهائيَّة  مع الأفكار والآراء والنظريَّات  الفلسفيَّة التي تشكَّلت في التاريخ حول  شخصيَّة الإنسان.[2]

 

تعريف العلوم الإنسانيَّة

إنَّ أكبر إشكال ابستمولوجي في العلوم الإنسانيَّة يكمن أساسا في إشكاليَّة التعريف والتحديد للمفاهيم التي تنتمي إلى  معجم هذه العلوم المسمَّاة  الإنسانيَّة، ومن أبرز هذه المفاهيم التي تحمل إشكالا في الدلالة و المفهوم مفهوم العلوم الإنسانيَّة.

وهذا الإشكال يعود إلى تعدُّد المدارس العلوم الإنسانيَّة ،وإلى امتدادها التاريخي البعيد  قبيل الانفصال والاستقلال  عن الفلسفة،والاستقلال بموضوعها وبمناهجها وبلغتها المفاهيميَّة والمصطلحيَّة.

العلوم الإنسانيَّة: هي  تلك العلوم  التي تشتغل على الإنسان في أحد زواياه المركَّبة لشخصيته،أو هي  تلك العلوم التي تدرس الإنسان من حيث  هو ذات متواجدة  في مجتمع يتميَّز بالحركيَّة والتفاعل.

وبعبارة أخرى إنَّ العلوم الإنسانيَّة هى تلك العلوم التي تتناول بالدراسة الأشكال المختلفة من النشاط البشري، ودوافع تلك الأنشطة البشريَّة وخصائصها وكيفيَّة الارتقاء بها نحو الأفضل.

فالعلوم الإنسانيَّة  بعبارة أكثر اختصارًا وتعبيرًا هي  تلك العلوم التي تدرس الإنسان،  وكل ما يصدر عن الإنسان من أنواع السلوك، سواء كفرد مستقل بذاته أو كعضو فاعل ومتفاعل في المجتمع الذي يتواجد فيه.

فرغم أنَّ الإنسان عبر التاريخ راكم  معارف كثيرة  متعدِّدة ومتنوّعة تخصّ معرفة الإنسان،لكن الغالب على تلك المعرفة هو المنحى الفلسفي  والتأمّلي  والوجودي.

ومن أبرز ما تفرَّعت عنه  العلوم الإنسانيَّة  فرع العلوم الاجتماعيَّة التي تتَّجه إلى دراسة المجتمع   ورصد وتتبّع  الظواهر والتغييرات الاجتماعيَّة، ومدى تأثيرها على الإنسان في راهنيته ومستقبله،وعادة ما تعرف  العلوم الاجتماعيَّة وتحدّد  بأنھا مجموعة من  “المعارف المتعلّقة بدراسة الفرد والمجتمع، وعلاقة الفرد بالمجتمع ومؤسّساته وعلاقات الأفراد بعضھم مع بعض في تفاعلهم اليومي تواصلهم  المستمر، ومن أھم  هذه  العلوم  الإنسانيَّة  علم الاجتماع، وعلم النفس، والاقتصاد  و علم التاریخ”[3].

 

سياق العلوم الإنسانيَّة

من المألوف الخطاب بين الباحثين والدارسين  أن يتمّ تحديد ظهور العلوم الإنسانيَّة في سياق زمني خاص وهو  تزامن هذه  العلوم مع تنامي واتِّساع  الوعي الذي أخذ يتَّسع حول قيمة العلوم الإنسانيَّة والنفسيَّة والتربويَّة والاجتماعيَّة في فهم  الإنسان و مؤسَّسات المجتمع، وفي تزايد الحاجة إلى معرفة شخصيَّة الإنسان  في جميع أبعادها من أجل  خدمة هذا الإنسان   في راهنيته ومستقبله.

فاكبر ما تحقَّق للعلوم الإنسانيَّة في مسارها التاريخي البعيد،  هو  تحقيقها  لقطيعة معرفيَّة مع الفكر الفلسفي، وهذه الاستقلاليَّة،تعدّ من تجليات الطفرة العلميَّة  التي تحقَّقت في  مسار المعرفة  المتَّصلة بالمجال الإنساني.[4]

أقسام العلوم الإنسانيَّة

من العادة المترسِّخة  والحاضرة  بين الباحثين و المشتغلين على  البحوث  والدراسات الإنسانيَّة أن  يتمّ تقسيم هذه  العلوم  وتفريعها إلى فروع عديدة منها علم النفس الذي  يهتمّ بدراسة  السلوك والأنشطة العقليَّة والوجدانيَّة للنفس البشريَّة لفهمها وتفسيرها، والبحث عن علاجات لأمراضها، و تقويمات لمشاكلها.

أمَّا علم الاجتماع فهو دراسة الإنسان وسلوكاته في المجتمع الذي يتواجد ويعيش فيه،فهو العلم الذي يهتمّ بدراسة العلاقات الرابطة بين الأفراد، وعلاقتهم وتواصلهم بعضهم   البعض،وتفاعلهم المباشر والمستمرّ بالمؤسَّسات التي يتواجدون فيها، وكيفيَّة تفسير تلك  السلوكات علمياً  من أجل الارتقاء بها نحو الأفضل.

أمَّا علم التاريخ فهو العلم الذي يتناول دراسات الماضي الإنساني في كافة مجالاته، ومدى تأثيرات ذلك الماضي في حاضر الإنسان،وكيفيَّة الاستفادة من دروس وأحداث الماضي  في بناء الحاضر و المستقبل.[5]

وهذه العلوم المسمَّاة بالإنسانيَّة حديثة العهد في نشأتها مقارنة مع العلوم الأخرى، وهذا التأخّر في النشأة  له ما يبرِّره في أكثر من مستوى،فهو يرجع بالدرجة الأولى إلى طبيعة موضوع هذه العلوم المرتبطة بشخصيَّة الإنسان التي عادة ما تتَّصف هذه الشخصيَّة  بالتركيب  المتعدِّد، وبالتحول والتغيّر السريع، وفي بعض الأحيان بشكل كبير مفاجئ[6].

 

العلوم الإنسانيَّة وسؤال الغياب

يزعم البعض ويدَّعي بدون سند علمي أو مرجع  معرفي أنّ العلوم الإنسانيَّة التي تشتغل على الإنسان وعلى شخصيته في عدد من أبعادها ومستوياتها  ومكوّناتها ظلَّت غائبة  في التراث العربي الإسلامي، وفي كتابات ومدوّنات علماء الإسلام، وطال غيابها ليغطّي هذا الغياب أمدًا بعيدًا ويستغرق مدة زمنيَّة طويَّة تحت دعوى أنَّ الاستحواذ والقوَّة والهيمنة والغلبة في علوم التراث العربي الإسلامي كانت  للعلوم الدينيَّة  والفقهيَّة والبيانيَّة  والمعجميَّة التي تنزع  نحو البيان، وتنحو نحو التفسير، وتأخذ بالتأويل أكثر من نزوعها  نحو الاشتغال  على الإنسان، وعلى شخصيّته بأبعادها المتعدِّدة، وعلى  إكراهاته في المجتمع الذي يعيش ويحيى فيه.

والمستند في هذا الادّعاء أن ما يجمع العلوم  في التراث العربي الإسلامي هو تغليبها المنزع اللغوي و البياني  والتأويلي في هذا الاشتغال، والاهتمام بهذا الجانب   أكثر من العناية إلى البحث في الإنسان ومقاربة شخصيّته من زاوية إجرائيَّة.

فأغلب  العلوم  التراثيَّة اختارت العناية بتفهّم وفقه  النصوص الشرعيَّة لضبط معناها وتلقّي دلالاتها وتحصيل مقاصدها، أعني تعلّقها بفهم وفقه وتلقّي النصّ الشرعي على حساب الاشتغال على القضايا المرتبطة بمشاكل الإنسان بأبعادها المتعدِّدة وبقضاياه المختلفة،  وبالأخصّ  ما اتَّصل بالبعد النفسي والاجتماعي، وصلة هذا البعد  بحاضر هذا الإنسان وبشخصيّته وبمستقبله.

ولقد بيَّن الدكتور مهدي فضل الله أنَّ العلوم التفسيريَّة والبيانيَّة  والتأويليَّة ظهرت استجابة للمشاكل التشريعيَّة والقضايا التأويليَّة التي مرَّ منها  المجتمع الإسلامي في مساره التاريخي الطويل، وفي سياق احتكاكه وتفاعله  المباشر مع الحضارات والثقافات الأخرى.[7]

يعني هذا الخطاب الصريح والبيِّن أن العلوم التي نشأت في أحضان التراث العربي الإسلامي، ورغم ما تتميَّز به من التعدّد،وما تحظى به من التنوّع وما تأخذه من الاختلاف في البناء، فإنها قد نشأت انطلاقا واعتبارا من التعامل المباشر مع الوحي والنصّ  الذي يشكِّل مدار الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة.

بحيث نتج عن هذا التعامل المباشر مع النصّ الشرعي أن قامت شبكة متكاملة ومتداخلة  من العلوم تتداخل فيه العلوم اللغويَّة مع العلوم الشرعيَّة، والتي من أبرزها علم اللغة والمعجم وعلم الدلالة والتصريف،وعلم أصول الفقه وعلم أصول التفسير، وعلم القراءات، لتشرك هذه العلوم  وتلتحم جميعا في هدف واحد مشترك  وغاية جامعة ، وهي استمداد  وتلقّي المعنى من النصّ وتحصيل القصد المحمول في هذا النص.[8]

فلا بد من أيَّة مدارسة للتراث العربي الإسلامي من استحضار قبلي لهذا الإشكال الابستمولوجي المتعلِّق بغلبة  علوم الآلة والفهم في علوم التراث العربي الإسلامي.

وهذا  الإقرار والاعتراف أخذ به كثير من الباحثين والدارسين الذين اشتغلوا على النسق والبناء المشكّل للعلوم الإسلاميَّة في التراث العربي الإسلامي.[9]

إذ بيّنوا وفصلوا بتصدّر العلوم البيانيَّة في سلَّم العلوم  الحاضرة في الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة، فلقد كانت العناية   بتفسير القرآن الكريم،لغاية استمداد معانيه والوصول إلى مقاصده، والنظر في ألفاظه ومتابعة دلالة هذه الألفاظ تبعا للسياق والمقتضيات التي ترد فيها، وإفراد وتخصيص معاجم قطاعيَّة  خاصَّة للمفردة القرآنيَّة في أصلها المعجمي والاستعمالي  وتحوّلها  عن الوضع واصطلاح التخاطب،وهذا  من أبرز الحقول المعرفيَّة والعلميَّة التي اشتغل عليها علماء الإسلام،وتعاطاها علماء القرآن والتفسير على مرِّ العصور والأزمان.

فلمَّا كانت الحاجة إلى الفهم والبيان فإنَّ الحاجة اتَّجهت إلى العناية بالعلوم اللغويَّة والبيانيَّة أكثر من العناية بالعلوم الأخرى [10].

 

البناء والنسق في العلوم   التراثيَّة 

ممَّا يتأكَّد للمتابع والدارس وهو  يتصفَّح النسق المشيّد  للعلوم الإسلاميَّة في بنائها وتركيبها ومرجعياتها وأهدافها، وكذا في التصنيف  الذي  اختاره علماء الإسلام  لهذه العلوم، هو أنَّه يقف على   العادة الراسخة والحاضرة  بين المتَّقدين من علماء الإسلام   في تقديم  الأولويَّة ومنح  الأفضليَّة والصدارة  لعلوم البيانيَّة و المنقولة على حساب العلوم  المعقولة، والعلوم الشريفة على حساب العلوم الوضيعة، وعلوم الأديان  على حساب علوم الأبدان، والعلوم النقليَّة على حساب العلوم العقليَّة، وبل من التصنيفات من رفعت من شأن  علوم الآلة، وسمتها بالعلوم المسدّدة للفهم والتفسير والتلقّي.

كل هذا يعني وبشكل صريح أنَّ السيادة والقوَّة  والهيمنة كانت دائما  لعلوم الفهم والتفسير والبيان في التراث العربي الإسلامي، وهو ما يحضر  في  كثير من العلوم  التي تصدَّرت العناية والاشتغال والاهتمام  بين علماء الإسلام، ومن أبرز هذه  العلوم الإسلاميَّة: علم أصول التفسير، وعلم أصول الفقه، وعلوم اللغة العربيَّة،وعلم المعجم،وعلم الدلالة….[11].

لأن المرجع الجامع لهذه العلوم هو وجهتها نحو  خدمة النصّ المؤسِّس لها، والمحدّد في القرآن الكريم والسنة النبويَّة واجتهادات علماء الإسلام الذي تفاعلوا وتواصلوا   بقوَّة مع هذا النصّ  المؤسّس في جميع امتداداته الزمانيَّة والمكانيَّة.

فمركزيَّة النص  القرآني ومداره  الواسع بين العلوم، وحضوره القوي في الثقافة الإسلاميَّة،كان من نتائجه  وآثاره هو وحدة المعرفة المتَّجهة والخادمة  لعلوم الشريعة.

يعني  هذا أنَّ العلوم التي نشأت في أحضان التراث العربي الإسلامي، ورغم ما تتميَّز به من التعدّد، وما تحظى به من التنوّع والاختلاف، فإنّها قد نشأت انطلاقًا واعتبارًا من التعامل المباشر مع الوحي وهو النص.

بحيث نتج عن هذا التعامل المباشر مع النصّ الشرعي أن قامت شبكة متكاملة من العلوم تتداخل فيه العلوم اللغويَّة مع العلوم الشرعيَّة، والتي من أبرزها علم اللغة والمعجم وعلم الدلالة والتصريف،وعلم أصول الفقه وعلم أصول التفسير، وعلم القراءات لتشرك هذه العلوم جميعا في هدف واحد مشترك، وهو استمداد  وتلقّي المعنى من النص.

وعليه فإنّ الناظر لبنية  العلوم الإسلاميَّة  ومرجعياتها وأطرها التي تستند إليها، يدرك ويقف على   ثروة علميَّة مباركة، واسعة وشاسعة من المعارف والعلوم، ترجمت في إنتاج  مجموعة من  العلوم  المتخصِّصة في  المنهجيَّة الخادمة والمسدّدة  لتفسير النصّ القرآني ولفهمه وتلقّيه والوصول إلى مقاصده.

ويأتي علم أصول الفقه في صدارة العلوم التي اشتغلت على فقه النص،فهو من العلوم الضروريَّة في الفهم،وأحد المداخل  الأساسيَّة في صناعة المعنى وتحصيل هذا المعنى من النصّ ليكون مقدّمة في استنباط الأحكام الشرعيَّة[12].

فإن علم أصول الفقه يشكِّل منهجا في الاستدلال يجمع  بين النقل والعقل، وبين الرأي والنص، يستمدّ مكوّناته ومرجعيّاته من مجموعة من العلوم التي تشاركه الموضوع “ذلك أنَّ علم أصول الفقه الذي يظهر بمظهر نسق من العلوم لم تدخل فيه شعب العلوم الإسلاميَّة وحدها؛ بل دخلت فيه أيضا العلوم العقليَّة المنقولة من الثقافات والحضارات الأخرى، والتي لها قرابة معرفيَّة أو منهجيَّة معه….[13].

وهذا الحضور الواسع لعلوم الفهم والبيان والتفسير في التراث الإسلامي  كان دافعا لأن يصرح الدكتور علي سامي النشار في رسالته الجامعيَّة، بأن العقليَّة الفلسفيَّة الإسلاميَّة تحضر بشكل جلي في علم أصول الفقه[14]،الذي يعدّ من مفاخر العلوم في الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة.

وهو الاختيار الذي ارتضاه وأكَّده الدكتور محمد عابد الجابري، إذ بيَّن أنَّ  السلطة الغالبة  والمهيمنة  في التراث هي سلطة فهم النص وبيانه، ممَّا جعل البحث في اللغة وعلومها  يكاد يكون مهيمنًا على أغلب العلوم الإسلاميَّة ما منحها هذه التسمية  “العلوم البيانيَّة”[15].

ولم يخرج عن هذا الاختيار المفكِّر الفيلسوف طه عبد الرحمان، فهو الآخر اعتبر المنحى البياني من أكثر الجهات حضورًا في الثقافة الإسلاميَّة التي نحت منحىً بيانيًّا ممَّا جعل المادَّة اللغويَّة هي  المادَّة الغالبة في  هذه العلوم.[16]

من أبرز آثار وتداعيات هذه المركزيَّة التي نالها النصّ في بنية العلوم الإسلاميَّة  هو انتقال المفاهيم من حقولها المعرفيَّة وانتقالها إلى تخصّصات أخرى غير تخصّصاتها ،بحيث ينبغي الإشارة  إلى هذا العبور والانتقال للمفاهيم في كل مدارسة للتراث العربي الإسلامي.

فالعبور والانتقال للمفاهيم والمصطلحات بين العلوم من أبرز ما اتَّصفت به العلوم في التراث العربي، لأنَّ الجامع لهذه العلوم هو النص.

ما يعني يؤلّفها عدَّة قواسم مشتركة في مجموعة من القضايا المعرفيَّة، والمسائل النظريَّة  المشتركة،خاصَّة ما كان من قبيل المرجعيات، والمفاهيم، والمصطلحات التي انتقلت من حقولها المعرفيَّة الأصليَّة،التي نشأت ، وتأسَّست فيها  إلى حقول  معرفيَّة أخرى وافدة عليها، ومستقبلة لها، وبهذا الانتقال، والعبور بين التخصّصات، فقد اكتسبت  هذه  المفاهيم   معانٍ مستحدثة، ودلالات جديدة. غير معهودة في أصولها الأولى.

العلوم الإنسانيَّة: المرحلة الفلسفيَّة

تعدّ المرحلة الفلسفيَّة من أهمّ المراحل التي قطعتها ومرَّت منها العلوم الإنسانيَّة، وقبل هذه المرحلة كانت الممارسات ذات البعد المعرفي  بالعالم النفسي والإنساني وحتى التربوي، تمارس بشكل تلقائي وعفوي من حيث الممارسة والفعل والحضور؛ لأنَّ المعارف التي يتلقَّاها أو يحصل عليها الإنسان اتِّجاه ذاته ونفسه،أو في احتكاكه وتواصله مع الغير، أو في اتِّجاه تفاعله مع  المحيط والمجال الذي يعيش فيه ويتفاعل معه باستمرار، عادة ما تكون معارف تلقائيَّة وبسيطة وعفويَّة، يحصل عليها الإنسان تلقائيًّا عن طريق الاحتكاك العفوي، أو عبر العمل والتواصل والممارسة التلقائيَّة  التي يكتسبها من معيشته اليوميَّة  .[17]

وهو  ما يدلّ بأنَّ البدايات الأوليَّة للممارسات البحثيَّة  في العلوم الإنسانيَّة كان  هو الاشتغال  على الإنسانيَّات، وكانت  بداياته ومقدّماته هو الاحتضان والمعايشة مع الفلسفة، ففي البحوث الفلسفيَّة اليونانيَّة  استحضر فلاسفة اليونان المسائل التربويَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة، فمنهم من اشتغل  على مهام التربية ووظائفها، وأدوارها في المجتمع، و قد اتَّجه معظم فلاسفة اليونان  بشكلٍ خاصّ إلى دور التربية والتنشئة في صناعة وإعداد الإنسان المثالي الحامل للقيم العليا التي ترضي الآلهة [18].

هذا الحضور الواسع للتربية والمباحث النفسيَّة والاجتماعيَّة  في الممارسات والأنشطة  الفلسفيَّة ترسِّخ  بشكل قوي و بشكل فعلي وواضح  بين أغلب فلاسفة اليونان بما في ذلك الفلاسفة الرواد الذين اختزلوا التربية في القيم العليا التي ينبغي أن يتحلَّى بها الإنسان المثالي ويحملها في سلوكه وينقلها إلى غيره من أفراد المجتمع الذي يعيشون معه.

ومن الإشارات والأفكار التربويَّة  والنفسيَّة في الفلسفة اليونانيَّة إشارة الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي ذكر أن التربية ملازمة ومرافقة مع الإنسان منذ ولادته ،بل هي ممتدة ومتعايشة ومستمرة  معه ،بحيث  تكاد تغطي التربية  جميع حياته، ومما قاله افلاطون في هذا الموضوع:إننا نحتاج  لصناعة رجل خمسين عاما

l faut cinquante ans pour faire un homme.[19]

 

ومن أعمال أفلاطون في المجال التربوي  تأسيسه “الأكاديميَّة” وهي مؤسَّسة تعليميَّة أنشاها أفلاطون للتدريس وللتعليم، وأطلق عليها هذا اسم[20]، وكان علم الرياضيات هو العلم المهيمن على   مناهجها وبرامجها، وهو أمر غير مستغرب ما دام مدخل  الأكاديميَّة يحمل شعارًا في  لا فتة كبيرة كتب ونحت عليها “…يمنع الولوج إلى  -“الأكاديميَّة ”  من لا يحسن الرياضيات، وكانت الفترة التي يستغرقها التعليم تمتدّ إلى عشر سنوات، يتلقَّى الطالب الحساب والهندسة الرياضيات…..[21].

وبالعودة إلى تاريخ الفلسفة بشكل عام نجد أنّ أفلاطون قد جعل من  النشاط العلمي والرياضي   النشاط الوحيد المشخص، والمبرز والمجلي للذكاء الإنساني، فالإنسان الذكي والمتفوّق عند أفلاطون هو العارف والمتمكِّن من علم الرياضيات والمتمرِّس بخبايا هذا العلم، وبغياب الذكاء الرياضي  والتقصير أو الجهل في حلِّ المعادلات الرياضيَّة  يغيب نشاط الذكاء عند الإنسان بشكل عام وفق الرؤية الأفلاطونيَّة.[22]

في هذا السياق قدَّم أفلاطون على أستاذه سقراط في محاورة الجمهوريَّة نظريته حول القدرات العقليَّة للإنسان، وتقوم هذه النظريَّة  انه يمكن تقسيم البشر إلى ثلاثة  أقسام:القسم الأول هم الفلاسفة، وهو  أعلى  سلّم القدرات العقليَّة،يليه  القادة العسكريون، ويأتي العمَّال والفلاحون،أما العوام فهم  في الرتبة الثالثة، و في أدنى السلم.[23]

فالذكاء بهذا الفهم  الفلسفي الأفلاطوني  يرجع إلى ما هو وراثي وأبدي أكثر  ما يرجع إلى الاستعدادات والمؤهّلات التي يكتسبها الفرد من بيئته،إذ يتحدَّد  الذكاء بشكلٍ حتمي مع  ميلاد الإنسان، وهو غير قابل للتحويل أو للتغيير،فطبيعته الذكاء  كطبيعة المعادن [24].

لكن البحث في الإنسان بهذا المفهوم والمعنى، أعني البعد التلقائي العفوي لم يدم أو يستمرّ طويلا،لأن ينتقل هذا البحث  إلى مرحلة أكثر نضجا وتقدّما،وفيها سيتحقَّق للعلوم الإنسانيَّة الاستقلال الفعلي عن الفكر الفلسفي.

وأكبر ما تحقَّق في العلوم الإنسانيَّة في مسارها التاريخي الطويل هو طلاقها وانفصالها  بشكل نهائي عن الفلسفة، وتوجّهها نحو الاختصاص والاستقلال والتميّز بموضوعها ومناهجها الخاصَّة   بها.[25]

هذه الاعتبارات تملي علينا القول والتأكيد بأنَّ العلوم الإنسانيَّة جاءت في سياق الفوضى العارمة التي عرفها المجتمع الغربي بعد الثورة الصناعيَّة وما أحدثته هذه الثورة من تبعات  مسَّت أساسًا  مؤسَّسات  وفضاء المجتمع ومن أبرزها  الفضاء الفكري.

إضافة إلى هذه الاعتبارات المشار إليها، فإنَّ العلوم الإنسانيَّة في بعدها الابستمولوجي والمعرفي، لا تدَّعي لنفسها الوصول أو الحصول على  المعرفة  والحقيقة اليقينيَّة  بشكل مطلق ونهائي، وإنّما كانت دائما تأخذ بهذا المبدأ  والاعتبار الحامل لخطاب  النسبيَّة في  النتائج المتوصّل إليها عبر  المقاربات التطبيقيَّة والميدانيَّة للظواهر الإنسانيَّة، وهذا من أحد  أسرار قوّتها، ومن   تجلّيات حضورها  واستمراريتها بين العلوم المعاصرة.

ورغم التحوّلات الكبيرة  والسريعة التي طرأت على المسار الابستمولوجي والمعرفي في هذه  العلوم، فإنَّ النموذج الذي ظلَّ المتحكِّم والمهيمن  في العلوم الإنسانيَّة، هو النموذج الغربي مع روّاده الأوائل وهم: أوجست كونت Auguste Comte،وسان سيمون  Saint-Simon،و واميل دركايم Émile Durkheim،وهربرت سبنسر، Herbert Spencer بيربورديو Pierre Bourdieu،وهذه الأسماء  كان له دور طلائعي  ومشاركة بارزة ورائدة  في إرساء  أسس   ودعائم  علم الاجتماع.

ولقد ظلَّ النموذج الغربي هو المصدر الغالب والأساس  المرجعي  في المعرفة الإنسانيَّة والاجتماعيَّة، وهو النموذج الذي ما زال سائدًا ومهيمنًا لحدّ الآن، ومتحكّمًا في العلوم الانسانيَّة في بنيتها ومرجعياتها، وكذا في مداخلها وأدواتها.

 

أدلَّة القائلين بغياب العلوم الإنسانيَّة

لقد سبق الذكر أنَّ أكبر ما تحقَّق في العلوم الإنسانيَّة في مسارها التاريخي هو طلاقها وانفصالها بشكل نهائي عن الفلسفة، وتوجّهها نحو الاختصاص والاستقلال والتميُّز بموضوعها الخاصّ  بها.[26]

إضافة إلى هذه الاعتبارات المشار إليها، فإنَّ العلوم الإنسانيَّة في بعدها الابستمولوجي والمعرفي، لا تدَّعي لنفسها الوصول والحصول على  المعرفة  والحقيقة اليقينيَّة  بشكل مطلق ونهائي، وإنَّما كانت دائما تأخذ بهذا المبدأ  والاعتبار الحامل لخطاب  النسبيَّة في  النتائج المتوصّل إليها عبر المقاربات التطبيقيَّة والميدانيَّة، وهذا من أحد  أسرار قوّتها، ومن أحد تجلّيات حضورها  واستمراريّتها بين العلوم المعاصرة.

 

إضافة إلى هذه الاختيارات فقد  أخذ المناصرون لهذه الدعوى  بهذا التوجيه واستندوا إلى شواهد و نصوص ونقول فكريَّة و فلسفيَّة مأخوذة ومقتطعة من كتب اشتغلت على تاريخ العلم، وهو أنَّ الإنسان عبر التاريخ راكم معارف كثيرة تخصّ معرفة العالم المادّي والطبيعي لهذا الكون بتجلياته وبتنوّعاته وبتعقيداته، ونجح وتفوّق  بشكل كبير في فهم  وتفسير الظواهر الطبيعيَّة، ووقف على قوانينها وسننها و نواميسها  المسيرة لهذه الظواهر، وحلَّ كثيرا من المعضلات التي ترتبط بالعالم المادِّي للإنسان،وانتهى المطاف بهذا الإنسان إلى النجاح في امتلاك  كثير من النظريات الكثيرة والعديدة حول أصل الكون وأصل الحياة.

لكن بالمقابل هناك إحساسًا عامًا، وشعورا قويًّا لدى العلماء أنَّ العالم النفسي والعقلي والوجداني للإنسان ما يزال في بداية الاستكشاف والمعرفة،وقد حان الوقت في أكثر من أي وقت مضى للتوجه نحو العناية بهذه الجهة،  والتركيز على المعرفة العلميَّة الدقيقة  التي تخصّ العالم النفسي والوجداني لهذا الإنسان ولشخصيّته في جميع أبعادها..[27].

ومن مستندات هذا الاتِّجاه   في مناصرة خطاب الغياب للعلوم الإنسانيَّة في التراث الإسلامي،  قولهم إنّ الحقل المعرفي الإسلامي  في بدايته،،كان همّه هو الاشتغال على النصّ  توثيقًا وتحقيقًا وبيانًا واستمدادًا، وذلك بتثبيت مجموعة من المعارف  والعلوم الموصولة  والموجّهة مباشرة  إلى  خدمة النصّ القرآني…[28]

هذه الاعتبارات المنهجيَّة المشار إليها، الحاملة   لخطاب التنكّر والغياب  للممارسة والبحث في  العلوم الإنسانيَّة أملت علينا مناقشة هذه الاتّجاهات  والاختيارات التي يجمعها النفي لحضور العلوم الإنسانيَّة والتربويَّة والاجتماعيَّة  في التراث العربي الإسلامي،   وكان القصد هو الخروج بهذا التوجيه، وهو العمل على التأكيد  على حضور العلوم  الإنسانيَّة وإثباتها في التراث   العربي الإسلامي حضورًا وممارسة وبحثا، من خلال إظهار مشاركة  ومساهمة علماء الإسلام في هذا العلوم ومنهم  بشكلٍ لخَّص العلامة ابن خلدون  الذي قدَّم الكثير من الاجتهادات التي تخصّ العلوم الإنسانيَّة. [29]

 

استنتاج

  إن هذا الإشكال  هو إشكال مركَّب،وانطلاقًا  من الاعتبارات السابقة  قمنا  بمناقشة هذه الاتّجاهات التي تنفي حضور العلوم الإنسانيَّة والتربويَّة  والنفسيَّة والاجتماعيَّة من التراث العربي الإسلامي، و هذه المناقشة كان  هدفها الخروج بهذا التوجيه،وهو العمل على  التأكيد  وإظهار مدى  حضور وممارسة هذه العلوم في التراث  العربي الإسلامي بإظهار حضورها بين علماء الإسلام،من ذلك ما أنتجه  ابن خلدون في  علم الاجتماع عند ابن خلدون . [30]

فرغم أنَّ السيادة والقوَّة كانت لعلوم الفهم والتفسير والبيان في التراث العربي الإسلامي، وهو ما يحضر  في  كثير من العلوم  التي تصدَّرت العناية والاشتغال والاهتمام بين علماء الإسلام، ومنها : علم أصول التفسير، وعلم أصول الفقه، وعلوم اللغة العربيَّة، وعلم المعجم،وعلم الدلالة….[31].

مع ذلك نقول إنَّ النقاش بين الباحثين ما زال مستمرًّا،وأحيانا حادًّا ومفتوحًا حول القيمة العلميَّة للتراث الإنساني والنفسي والتربوي والاجتماعي في التراث العربي  الإسلامي من حيث تفاعل  العلوم الإنسانيَّة في  التراث مع القضايا الجديدة.

___________________

[1] -حكمة الغرب للفيلسوف   بتراندل راسل ترجمة فؤاد زكريا تقديم المترجم إصدار سلسلة عالم المعرفة –  يوليو 365 السنة: 2009ص  :2/5 .

[2] –الابستملوجيا الوضعيَّة عند اغست كونت لمحمد وقيدي مجلة عالم الفكر-المجلد13العدد-1-السنة1982. ص:181

 

[3] – ، نحو تكامل العلوم الاجتماعیة والعلوم الشرعیة، لمصطفى عشوي مجلة التجدید، العدد الثاني، 1418ھـ/ 1997م، ص58.

[4] نحن والعلم للدكتور سالم يفوت: 41

[5] الخطاب التاريخي عند ابن خلدون:دراسة لمنهجيَّة ابن خلدون لعلي امليل المركز الثقافي العربي ص:17

[6]Les grands penseurs des sciences humaines:Nicolas Journet:78

[7] – العقل والشريعة للدكتور مهدي فضل الله:13

[8] علوم الفهم في التراث العربي الإسلامي لممد بنعمر: 16

[9]حفريات المعرفة العربيَّة الإسلاميَّة للدكتور سالم يفوت:  ص: 66

 

[10] الفارابي ونسق العلوم في الثقافة الإسلاميَّة للدكتور محمد وقيدي. مجلة دعوة الحق المغربيَّة العدد:364.السنة:2002.ص/

[11] -علوم الفهم في التراث العربي الإسلامي للدكتور محمد بنعمر بحث  منشورات  أوراق نماء منشور بموقع نماء: السنة: f . 2020

[12] الحوار أفقا لفكر للدكتور طه عبد الرحمان:164

[13] -تجديد المنهج في تقويم التراث لطه عبد الرحمان:125

[14] نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام الدكتورعلي سامي النشار الطبعة السابعة، دار المعارف، القاهرة، 1977م ج1، ص: 36.

[15] حوار في قضايا الدين والفكر مع  الدكتور محمد عابد الجابري مجلة مقدمات المغربيَّة العدد:التاسع السنة:1997

[16]  الحوار أفقا للفكر  للدكتور طه عبد الرحمان: 69

[17] -التربية مقاربة تاريخيَّة لمحمد بنعمر بحث على موقع جريدة الأستاذ profpress.ma السنة النشر: 2016.

[18] – الأصول الفلسفيَّة للتربيَّة  لعفيفي محمد عبد الهادي 59دار وهدان  للطباعة مصر  السنة:1978.

[19] – Platon – Premier théoricien de l’éducation: Georges Minois:- 131-

بحث نشر بمجلة  العلوم الإنسانيَّة-  Sciences Humaines –  الفرنسيَّة  العدد45السنة2016-2017

  • -[19] – “Éducation et formation “: La Grèce ancienne.”. Sienkewicz, Joseph, éd.:2007  . : Salem Press, Inc. P:

 

[20] – L’Académie est l’école philosophique fondée dans Athènes par Platon vers 387 av. J.-C.-

 

[21] -حكمة الغرب تأليف بترندراسل  ترجمة فؤاد زكريا: سلسلة عالم المعرفة الجزء:-1-ص10- العدد:364 ط:2-السنة:2009.

[22] – Platon – Premier théoricien de l’éducation:155

[23] -أرسطو عند العرب لعبد الرحمان بدوي:164

[24] -الذكاء  الإنساني:اتجاهات معاصرة وقضايا  تقديم الدكتور  محمد طه:15  إصدار عالم المعرفة  العدد: 330السنة:2006.

[25]-ما هي العلوم الإنسانيَّة لمحمد وقيدي ص:11

[26]-ما هي العلوم الإنسانيَّة لمحمد وقيدي ص:11

[27]-حكمة الغرب للفيلسوف بتراندل راسل ترجمة فؤاد زكريا تقديم المترجم: إصدار سلسلة عالم المعرفة – يوليو 365 عام 20092/5

[28] -تأريخ المنطق عند العرب.للكتور محمد مرسلي.ضمن كتال: كيف نؤرخ للعلم.العدد:58.السنة:1996.

[29] علم النفس في التراث الإسلامي للدكتور شقي إبراهيم عبد الحميد دار السلام السنة:  2008 ص:_ 99

[30] -العلوم الإنسانيَّة في الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة لمحمد بنعمرموقع: https://islamanar.com/تاريخ النشر: 7 juin 2020.

[31]-علوم الفهم في التراث العربي الإسلامي للدكتور محمد بنعمر منشورات  أوراق نماء  : السنة:. 2020

_____
*محمد بنعمر

أكاديمي من المغرب

جديدنا