العادات غير الصحيَّة لدى الأطفال اليمنيِّين من وجهة نظر أمّهاتهم

image_pdf

خلفيَّة الدراسة ومشكلتها:

إنَّ تمتُّع الأطفال بأعلى مستوى من الصحَّة يمكن الوصول إليه، يُعدّ حقاً من حقوقهم الأساسيَّة (بحري، 1991م)، فمن واجب الدولة والمجتمع توفير كافة الظروف والوسائل المناسبة  ليصبح هذا الحق متيسراً، ومكفولاً لجميع الأطفال دون استثناء، وذلك بالعمل على حماية الأطفال ورعايتهم صحياً ونفسياً، وتلبية حاجاتهم، ومتطلباتهم المختلفة، ومساعدتهم على النمو الشامل المتوازن.

فإذا كان التعليم حقاً من حقوق المواطنة تكفله دول العالم المختلفة، وتقره في دساتيرها  وقوانينها، فإن الصحة والعناية بها تعد حقاً آخر من الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها كل مواطن  من واجب الدولة أن تكفله، وأن تبدل كل ما في وسعها لتحقيقه والوفاء به لجميع المـــــــواطنين (Irwin and My shark،  1964).

إن صحة الفرد تمثل واحداً من أبرز اهتمامات الحكومات في مختلف أنحاء العالم، وتؤمن منظمة الصحة العالميَّة بأن صحة الفرد هي مدار الاهتمام (دغلس، 1992). فالصحة من الأمور التي تحظى بالاهتمام والعناية من الحكومات، والمنظمات الدوليَّة، والإقليميَّة، ويتخذ هذا الاهتمام أشكالاً مختلفة، وتعد برامج التربية الصحيَّة واحداً من الأشكال المعبرة عن اهتمام الحكومات لتحسين الأوضاع الصحيَّة لشعوبها بهدف حماية الأطفال، وتوفير المناخ الصحي لنموهم البدني والنفسي والاجتماعي (بستان، 1983).

إن اهتمام المربين بالتربية الصحيَّة يتركز على المدرسة الأساسيَّة، نظراً لأن الأطفال في في سن الدراسة بالمرحلة الأساسيَّة يشكلون في معظم بلدان العالم وبخاصة الناميَّة منها نسبة كبيرة من عدد السكان، وهناك نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال مسجلون في التعليم النظامي. ولأن الغالبيَّة العظمى من أطفال المدارس في بلدان كثيرة لا تتلقى الرعاية الصحيَّة الكافيَّة، بسبب بعض العوائق مثل النقص في الكوادر البشريَّة المؤهلة صحياً، وشحة  الموارد الماليَّة (منظمة الصحة العالميَّة، 1988).

ومن الأمور ذات الأهميَّة المشجعة في هذا الجانب أن الطبيعة الخاصة للطفل في سن التعليم الأساسي  تجعل إمكانيَّة التأثير عليه سهلة وميسرة، بحكم ما يتمتع به الطفل من خصائص مميزة بوصفه كائناً متفتحاً ومتشوقاً للمعرفة، والأطفال عامة يمثلون طاقة كامنة لنقل الرسائل الصحيَّة والبيئيَّة إلى المنزل.

كما أن الطفل في هذه المرحلة  يتمتع بقابليَّة عالية لاكتساب العادات، والاتجاهات الصحيَّة، وتتجلى هذه القابليَّة  بما يبديه الطفل في هذا السن من نزوع قوي لتقليد الآخرين ومحاكاتهم. فيقلد الطفل معلمه، ووالديه، وغيرهم من الأشخاص المحيطين به، والمؤثرين عليه، ولهذا فإن للقدوة الحسنة أثرها البالغ في تكوين عادات الطفل، واتجاهاته الصحيَّة السليمة (مقابلة، 1996).

يتفق ذلك مع ما أبدته منظمة الصحة العالميَّة من تأكيد على ضرورة تهيئة الفرص التي تساعد الأطفال على ممارسة العادات الصحيَّة من خلال التعليم عن طريق العمل والممارسة، وكذا التعليم عن طريق القدوة باعتبارها من الطرق الفعالة في تعليم الأطفال وتعلمهم. فضلاً عن تأكيدها على ضرورة بذل كل ما من شأنه أن يعزز شعور الأطفال بالحاجة لاكتساب العادات الصحيَّة، وتقدير فائدتها ومردودها على نمو شخصياتهم، وذواتهم، مما يستدعي تضافر الجهود لنشر الوعي  في البيت والمدرسة والمجتمع، ومساعدة الأسرة على القيام بدور داعم ومعزز لكل ما يتم تعلمه في المدرسة، وتشجيع المجتمع  على المشاركة الإيجابيَّة لمساندة المدرسة والأسرة  من أجل الوصول للمستوى الصحي الأمثل، وترسيخ السلوك الصحي لدى الفرد، وشعوره بالمسؤليه للعنايَّة بصحته الشخصيَّة، والمساهمة في حماية صحة الآخرين ( سيد، 2000).

إن التعليم يوفر واحداً من القنوات المفتوحة للتغلب على المشكلات الصحيَّة التي تسهم في تدني مستوى الصحة العامة للمجتمع. ففي الهند مثلت مشكلة سوء التغذية واحدة من المشكلات الصحيَّة الماثلة التي تنتشر بشكل واسع بين الأطفال والحوامل والمرضعات، فضلاً عن مشكلة تدني صحة البيئة التي تسود فــــي المـــناطق الريفـيَّة غـــير المـتطورة المــزدحمــة بالســــــكان

(Wanchoo, 1980).

من تجربة هذا البلد تبين أن الخبرات التي تقدم للمتعلمين في هذا الموضوع  تتيح لهم فرصة تعلم السلوك الصحي، واكتساب العادات، والممارسات الصحيَّة السليمة  فينتقل أثر تعلمهم إلى أسرهم، وبيئاتهم. لذلك فإن تعزيز دور المدرسة، واهتمامها بالصحة، وما تقدمه من برامج خاصة بالتربية الصحيَّة  تعد برامج توعية صحيَّة للمجتمعات المحليَّة أيضاً (منظمة الصحة العالميَّة، 1988).

بهذا الصدد، تؤكد تيرنر وراندال وسمث (1970) على ضرورة أن تقوم عمليَّة تطوير برامج التربية الصحيَّة المدرسيَّةعلى أساس الإلمام بالمشكلات الصحيَّة القائمة، ومعرفة الحاجات الصحيَّة والغذائيَّة للتلاميذ، والعمل على تقديم معالجة واقعيَّة وعلميَّة لما يحيط بأوضاعهم الصحيَّة والغذائيَّة من مشكلات وحاجات.

وفضلاً عن الدور الذي تقوم به المدرسة الأساسيَّة في تنشئة الأطفال فأنهم يخضعون للعديد من مراكز التأثير التي تساعد  في تكوين اتجاهاتهم وتشكيل سلوكهم، ويأتي على رأس مراكز التأثير تلك الأم والأب وسائر أفراد الأسرة، والآخرين، ووسائل الإعلام، وأفراد المجتمع، وغير ذلك من مؤسسات التنشئة الاجتماعيَّة غير النظاميَّة (Hage,1968).

لذلك فان مؤسسات التنشئة الاجتماعيَّة غير النظاميَّة تلعب دوراً بالغ الأهميَّة في تنشئة الطفل. إذ أن تأثيرها على الطفل سابق لدور المدرسة فتأثير الأم خصوصاً، وباقي أفراد الأسرة عموماً  يبدأ منذ الولادة، ويستمر حتى بعد بلوغه سن التعليم، والتحاقه بالمدرسة، التي يأتي دورها لا حقاً، ويكون في الغالب مكملاً لدور الأسرة، ومعززاً لـه، إلا أنه يأتي  بعد أن تكون الأسرة قد قطعت شوطاً مهماً ومؤثراً  في تحديد ملامح شخصيَّة الطفل، وغرس القيم الإيجابيَّة في تفكيره لتقوم المدرسة بعد ذلك بمساعدته، والأخذ بيده للمضي قدماً لاكتساب العادات الصحيَّة الإيجابيَّة، وتجنب الغير صحي من العادات الضارة بصحته، وبصحة غيره من الأفراد المحيطين به، أو بصحَّة البيئة التي يعيش فيها (الرازحي، 2002).

ومن المفيد التأكيد هنا، على أن مردود الجهود المبذولة من أجل رعاية الطفل والاهتمام بصحته  لا يمكن أن تؤثر بصورة إيجابيَّة في تحسين الأوضاع الصحيَّة، ورفع مستوى الصحة العامة للفرد والمجتمع، إلا إذا جاء دور المدرسة متسقاً مع دور مؤسسات التنشئة الاجتماعيَّة الأخرى، ومتكاملاً معه، ومعززاً للجهود التي تبذلها  تلك المؤسسات.

وعلى  أساس ذلك  ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن تحسين الأوضاع الصحيَّة للناس، ورفع مستوى الصحة العامة للفرد والمجتمع  سيظل هدفاً بعيد المنال، إذا لم تتكامل كافة الجهود، وتوجه باتجاه تنميَّة الوعي الصحي لأنه من غير الممكن التفكير برفع مستوى صحة الفرد بمعزل عن وعيه ومعرفته بالمعلومات والقواعد الصحيَّة الأساسيَّة، فمعرفة الفرد المعلومات والقواعد الصحيَّة تمثِّل الأساس لتشكيل سلوكه، واكتسابه للعادات الصحيَّة وممارستها (  Buchers,1967و الرازحي1999).

واليمن كدولة من دول العالم، تسعى إلى الاهتمام بالصحة، وتحسين الحالة الصحيَّة للفرد والمجتمع، حيث تعمل المؤسسات والجهات المختلفة على التغلب على المشكلات الصحيَّة القائمة، وتبذل في سبيل ذلك كل ما في وسعها من الجهود. إلا أنه بالرغم من كل الجهود المبذولة في المجال الصحي، فإن المواطن اليمني ما يزال يعاني من نقص في الخدمات، ومن تدنٍ واضح في المستوى الصحي فما أنجز في هذا المجال ما يزال متواضعاً لا يلبي حاجات السكان (الشرجبي وآخرون، 1991).

فالمؤشرات الإحصائيَّة المتاحة تدل على أن الجمهوريَّة اليمنيَّة من الدول التي تعاني من معدلات وفيات عاليَّة، وبخاصة بين الرضع والأطفال والأمهات. كما أنها تعاني من انتشار الأمراض المعديَّة والمتوطنة، وأمراض سوء التغذية  بالإضافة إلى ما يعانيه المجتمع اليمني من التأثيرات الناجمة من تلوث البيئة، وسوء الأحوال المعيشيَّة وقصور التغطية الصحيَّة (الجهاز المركزي للإحصاء، 1992).

كما أن غالبيَّة السكان تعاني من نقص في التغذية، ومن سوء فيها، وتكمن معاناة المواطن اليمني في الغالب في عدم كفايَّة الغذاء، وفقر الفيتامينات من الناحيتين الكميَّة والنوعيَّة  واليمني بسبب سوء الأحوال الغذائيَّة يصبح عرضة للضعف الجسماني، وضعف نمو العضلات  وعدم التناسب بين وزنه وطول قامته وعمره (السعدي، 1986).

فضلاً عن ذلك، هناك عوامل أخرى مؤثرة في سوء الأوضاع الصحيَّة في الجمهوريَّة اليمنيَّة، كالضغوط السكانيَّة المتزايدة على الموارد البيئيَّة فإلى جانب محدوديَّة هذه الموارد فقد شهدت الأوضاع البيئيَّة في اليمن تدهوراً ملحوظاً فارتفعت معدلات التلوث البيئي بسبب التزايد المتسارع لأعداد السكان وأنشطتهم التنمويَّة المختلفة.

أما الأمراض الشائعة والمتوطنة فإنها تنتشر بشكل واسع في اليمن، وتشكل سمة أساسيَّة من السمات التي تضفي على الوضع القائم أعباء جديدة، ومسؤوليات إضافيَّة تزيد من المعاناة اليوميَّة التي تثقل كاهل المواطن، وتضعف قدرة الدولة في مواجهة المشكلات الصحيَّة القائمة، وتقف عائقاً أمام إنجاز المهام الماثلة لتحسين الأوضاع الصحيَّة، والارتقاء بها إلى المستوى الأفضل.

نستخلص مما سبق، أن الأوضاع الصحيَّة في الجمهوريَّة اليمنيَّة بحاجة إلى مزيد من العناية والاهتمام وبذل المزيد من الجهود الهادفة لتحسين الوضع الصحي للسكان, ورفع مستوى صحة الفرد والمجتمع. خصوصاً وأن الدور الذي تلعبه المدرسة الأساسيَّة في الجمهوريَّة اليمنيَّة  في تنميَّة الوعي الصحي للتلاميذ ما يزال محدوداً فقد أظهرت الدراسة التي أجريت للوقوف على مستوى الوعي الصحي للتلاميذ في نهايَّة مرحلة التعليم الأساسي أن مستوى الوعي الصحي لديهم كان متدنياً، وأقل بكثير من المستوى المقبول تربوياً (الرازحي 1999).

كما أتت نتائج الدراسة التي أجريت لمعرفة المحتوى الصحي في كتب العلوم بمرحلة التعليم الأساسي لتكشف عن ضعف المحتوى الصحي. فقد بينت تلك النتائج أن المفاهيم والقضايا الصحيَّة التي وردت في تلك الكتب شكلت نسبة ضئيلة للغايَّة من بين قائمة المفاهيم والقضايا الصحيَّة التي يفترض أن تتضمنها تلك الكتب فهي من حيث الوزن لا تعبرعن المكانة الحقيقيَّة للصحة، ولا تعكس الأهميَّة التي تمثلها بالنسبة لحياة الفرد والمجتمع. كما أنها لا ترتبط بأوضاع المجتمع الصحيَّة، ولا تعالج المشكلات الصحيَّة القائمة، وفي ذات الوقت فإنها لا تعكس حاجات التلاميذ ولا تلبي متطلبات نموهم(الرازحي 2002).

انطلاقا من كل ذلك، وإدراكاً لأهميَّة الالتزام بالقواعد الصحيَّة، وممارسة العادات الصحيَّة وما يترتب عن ذلك من تأثير على صحة الفرد والمجتمع، تأتي هذه الدراسة للوقوف على مظاهر السلوك غير الصحي السائد بين الأطفال اليمنيين، والتعرف على ما اكتسبوه من عادات خاطئة، وممارسات مضرة بصحتهم، قد تكون سبباً في تعرضهم للإصابة بالأمراض، وترتيب العادات غير الصحيَّة  بحسب درجة ممارستها واقتراح التوصيات المناسبة في ضوء نتائج الدراسة، والنظر في إمكانيَّة الاستفادة منها  في تنميَّة الوعي الصحي للأطفال، ومساعدتهم على اكتساب العادات الصحيَّة والالتزام بقواعد الصحة العامة.

لذلك يمكن أن نستخلص بعض الدلائل المتصلة بأهميَّة الدراسة الحاليَّة، المتمثلة  باهتمامها بدراسة العادات الصحيَّة، التي ينظر إليها كأداءات سلوكيَّة نمطيَّة يكتسبها الطفل ويتعود عليها ويستمر في ممارستها حتى بعد التحاقه بالمدرسة باعتبار أنها قد تكون  عاملاً من عوامل الوقاية من الأمراض، وحماية الفرد والمجتمع من الإصابة بها  ومنع انتشارها، أو أنها قد تكون سبباً من أسباب الإصابة بالأمراض ومصدراً من مصادر انتقالها, وتفشيها في المجتمع.

كما تتبدى أهميَّة الدراسة، فيما أولته من الاهتمام والتركيز على الأطفال من الفئة العمريَّة الممتدة من سن أربع سنوات إلى عشر سنوات كونها تمثل واحدة من أكثر الفئات العمريَّة أهميَّة  نظراً لكثرتها العدديَّة فهي تشكل نسبة كبيرة من السكان، وتحتل قاعدة الهرم السكاني، كما أنها ترتبط بالفترة الحرجة التي تبدأ فيها شخصيَّة الطفل بالتشكل، وتبدأ فيها محاولاته الأولى للانفصال عن أمه والميل للاعتماد على نفسه، والتعامل المستقل مع ما يحيط به، وما يرافق ذلك من ظهورالأنماط السلوكيَّة المتميزة لديه، واكتسابه للعادات الشخصيَّة.

وفي ضوء ذلك، يمكن لنا أن نقرِّر أن دراسة العادات غير الصحيَّة السائدة بين الأطفال والبحث في الأساليب والمعالجات الهادفة إلى تعديل غير الصحيَّة منها، وإحلال العادات السليمة محلها، ووضع تلك الأساليب والمعالجات موضع التنفيذ يمثل تحدياً حقيقياً يواجه المدرسة، والأسرة معاً، ويستحق أن يدرج ضمن قائمة التحديات والمهام ذات الأولويَّة (الرازحي، 2002)

هـــدف الـدراســــــة:

تهدف الدراسة الحاليَّة إلى الكشف عن العادات غير الصحيَّة التي يمارسها الأطفال اليمنيون وتحديدها، وترتيبها حسب درجة ممارستها  وتقديم التوصيات المناسبة لتعديلها وبصورة أكثر تحديدا ً. فإن الدراسة الحاليَّة تهدف للإجابة عن الأسئلة الآتية:

ما العادات غير الصحيَّة التي يتوقَّع أن يمارسها الأطفال، ويمكن أن يترتب من جراء ممـــارستهم لها آثار سيئة، تضر بصحتهم وبصحة مجتمعهم؟

ما أبرز العادات غير الصحيَّة السائدة بين صفوف الأطفال اليمنيين، وما ترتيبها بحسب درجة ممارستها؟

مصطلحات الدراسة:

تحددت مصطلحات الدراسة التي اقتضت الحاجة لتعريفها بما يأتي:

العادة: نمط سلوكي يميل الفرد إلى ممارسته، وتكرار أدائه بصورة ثابتة، ويكون من الصعب عليه التخلي عنه، أو تعديله.

الصحة: حالة من الرفاه واكتمال المعافاة والسلامة البدنيَّة والعقليَّة والاجتماعيَّة وليست فقط مجرد خلو الجسم من العلل والأمراض والعاهات والعجز (منظمة الصحة العالميَّة، 1988).

الطفل: بحسب تعريف الأمم المتحدة يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة (الأمم المتحدة 1991 )  ولأغراض الدراسة فقد حددت الفئة المستهدفة بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سن الرابعة والعاشرة.

إجراءات الدراسة:

هدفت الإجراءات التي اتبعت في هذه الدراسة إلى إعداد الأداة المناسبة لدراسة لعادات غير الصحيَّة السائدة بين الأطفال وتقيمها وتطبيق تلك الأداة على عينة محددة بغرض الحصول على مؤشرات تساعد على معرفة العادات غير الصحيَّة السائدة، وترتيبها بحسب درجة ممارستها ونفذت إجراءات الدراسة في إطار سلسلة من الخطوات المنهجيَّة الموضحة فيما يأتي:

مراجعة الأدب السابق: أجرى الباحث مراجعة واسعة للأدب النظري السابق كان الهدف منها إجراء عمليَّة مسح للجهود العلميَّة من البحوث والدراسات، التي أنجزت من قبل الباحثين، والمتخصصين في المجالات المتصلة بموضوع الدراسة، والإطلاع على تلك الجهود ودراستها، ومعرفة طبيعتها واتجاهاتها والموضوعات والقضايا التي استأثرت باهتمام الباحثين للنظر في إمكانيَّة الاستفادة منها في إعداد الدراسة الحاليَّة. وقد خلص الباحث ‘إلى أن عدد البحوث والدراسات المنجزة في مجال التربية الصحيَّة عموماً كان محدوداً مما يدل على أن الاهتمام بهذا المجال ما يزال ضعيفاً ولم يرق بعد إلى مستوى أهميَّة التربية الصحيَّة وحيويتها. أما فيما يتصل بموضوع العادات الصحيَّة فقد تمكن الباحث من رصد ثلاث دراسات فقط أجريت خلال الفترة الممتدة من (1989- 1996) نفذت منها دراستان في العراق أجريت الأولى من قبل الدراجي وزملائها ( 1989) ودراسة بحري (1991)، أجريت الدراسة الثالثة في الأردن ( مقابلة,1996). وقدأطلع الباحث على الدراسات الثلاث وقام بدراستها وتحليلها بغرض الاستفادة منها في إنجاز الدراسة الحاليَّة.

أداة الدراسة: قام الباحث بإعداد الأداة المناسبة التي تفي بأغراض الدراسة المتمثلة بقائمة العادات غير الصحيَّة, واتبع في ذلك الخطوات التالية:

أ- تحديد مجالات الأداة وأبعادها الرئيسيَّة حيث تحددت المجالات الرئيسيَّة للأداة بثلاثة مجالات.

ب- صياغة فقرات الأداة  حيث عبرت كل فقرة  عن عادة من العادات غير الصحيَّة التي يتوقع أن يمارسها الطفل، ويمكن أن تترتب عن ممارسته لها آثار قد تضر بصحـــته و بصحة الآخرين التي قد تكون مباشرة أو غير مباشرة. وبعد ذلك صنفت الفقرات بحسب المجالات والأبعاد الرئيسيَّة  للقائمة، وبذلك تكونت الصورة الأوليَّة للقائمة التي أخضعت بعد ذلك لمزيد من التنقيح  والتعديل وبلغ عدد فقرات الصورة الأوليَّة للقائمة قبل عرضها على المحكمين أكثر من (100) فقرة.

جـ- التحقق من صدق القائمة وثباتها: عرضت القائمة بصورتها الأوليَّة على مجموعة من الخبراء والمحكمين من ذوي الاختصاص من أساتذة الجامعات، والموجهين والمدرسين العاملين في حقل التعليم بغرض الحصول على تغذيَّة راجعة حول صلاحيَّة الفقرة، وانتمائها للمجال وسلامة الصياغة، وكذا حول شمول المجالات للاستفادة منها في تعديل الأداة، وتحسينها.

أما فيما يتصل بالثبات فقد تم استخراج قيمة معامل ألفا (كرونباخ)، وكانت قيمة ألفا للقائمة ككل (0.89) في حين كانت قيمها للمجالات الأول والثاني والثالث (0.76) (0.80) (0.75) على التوالي.

عينة الدراسة:  تكونت عينة الدراسة من(114) أما من أمهات الأطفال تتراوح أعمارهم بين ( 4-10) سنوات، وقد اختيرت العينة من بين المدرسات العاملات في المدارس الحكوميَّة بمدينة الحديدة. القائمة نوعين من البيانات الشخصيَّة كانت الأولى بيانات تخص الطفل. أما الثانيَّة فكانت بيانات تخص الأم، وخصصت كل نسخة من نسخ القائمة لطفل واحد، وأرفقت فقرات القائمة بميزان تقدير ثلاثي، مكون من ثلاث درجات (دائماً، أحياناً، لا يمارسها)، لتحديد درجة ممارسة الطفل للعادة وطلب من الأم عند الإجابة على فقرات القائمة اختيار البديل المناسب الذي يعبر عن درجة ممارسة طفلها للعادة وبعد تصحيح النسخ المستردة استبعدت أربع نسخ من القائمة لنقص البيانات كنتيجة لعدم تقيد المستجيبات بالتعليمات، أو لعدم الاهتمام بالإجابة على جميع الفقرات، وكان إجمالي عدد النسخ التي أخضعت بياناتها للتحليل الإحصائي (114) نسخة.  

التحليل الإحصائي  للبيانات: حللت البيانات التي جمعت من أفراد العينة، بوساطة الحاسوب باستخدام الرزم الإحصائيَّة للعلوم الاجتماعيَّة (SPSS)  بغرض معالجتها والحصول على نتائج وقيم الإحصائيات المطلوبة حيث استخرجت  المتوسطات الحسابيَّة والانحرافات المعياريَّة لكل عادة من العادات التي شملتها القائمة التي اعتمدت كمؤشرات إحصائيَّة  لتحديد درجة ممارسة العادة، ورتبت العادات على أساسها.

نتائــــج الدراسة:

للإجابة عن السؤال الأول المتعلق بمعرفة العادات غير الصحيَّة  التي يتوقع أن يمارسها الأطفال، ويمكن أن يترتب عن ممارستهم لها آثار سيئة  قد تضر بصحتهم، وبصحة مجتمعهم فقد تمثلت النتائج التي توصلت إليها الدراسة المتعلقة بالإجابة عن هذا السؤال  بإعداد قائمة العادات غير الصحيَّة التي تضمنت حصراً شاملاً لتلك العادات، وتكونت الصورة النهائيَّة للقائمة من (90) فقرة عبرت كل فقرة من فقرات القائمة عن عادة غير صحيَّة محددة، و توزعت على ثلاثة مجالات أو أبعاد رئيسيَّة تحددت على النحو التالي:

المجال الأول: مجال العادات غير الصحيَّة الشخصيَّة (المجال الشخصي).

المجال الثاني: مجال العادات غير الصحيَّة الاجتماعيَّة (المجال الاجتماعي).

المجال الثالث: مجال العادات غير الصحيَّة الغذائيَّة (المجال الغذائي).

وتوزعت فقرات القائمة على المجالات الثلاثة، بواقع (32) عادة على المجال الأول (الشخصي) و(31) فقرة على المجال الثاني (الاجتماعي) و(27) فقرة على المجال الثالث الغذائي.

ومثلت فقرات القائمة حصيلة جهد طويل و متابعة مستمرة  لجمع الفقرات ورصدها وتسجيلها امتدت لعدة سنوات، وشملت مصادر متعددة  من بينها الدراسات والبحوث ذات الصلة بموضوع الدراسة، والملاحظات والمشاهدات اليوميَّة للعادات الخاطئة المضرة بالصحة التي جمعها الباحث، وتابع رصدها وتسجيلها أولاً بأول،  وكذا ا لمقابلات التي أجراها الباحث مع المهتمين والمتخصصين، وأفاد منها الباحث في استخلاص بعض العادات غير الصحيَّة. كما شملت أيضاًَ نتائج تحليل المحتوى التي أجراها الباحث لكتب العلوم والصحة المقررة بمرحلة التعليم الأساسي.

وفيما يتعلق بالإجابة عن السؤال الثاني المتعلق بتحديد أبرز العادات غير الصحيَّة، وترتبيها بحسب أولويتها في ضوء درجة ممارستها  تحددت نتائج الدراسة ذات الصلة بهذا الشأن   با لعادات العشر الأولى التي حازت على أعلى المتوسطات المعروضة، والمرتبة تنازلياً  على النحو الموضح في جدول رقم (1).

جدول رقم (1)

أبرز العادات غيرا لصحيَّة السائدة بين الأطفال مرتبة تنازلياً بحسب درجة الممارسة

مالعـــــــــــــــــــــــــــــــــــادةمتوسطها الحسابيالمرتبة التي احتلتهاالمجال الذي تنتمي إليه
         1يترك فراشه عندما يستيقظ من النوم بدون ترتيب2.31الأولىالشخصي
         2يرفض أن يغطي جسمه أثناء النوم2.14الثانيَّةالشخصي
         3يشرب الماء بعد الوجبات مباشرة2.11الثالثةالغذائي
         4يكثر من تناول الحلويات2.11الثالثةالغذائي
         5يستخدم يديه عند تناول الأطعمة والمأكولات المختلفة2.02الرابعةالغذائي
         6لا يتخذ وضع الاعتدال عند القراءة والكتابة1.99الخامسةالشخصي
         7يترك الأطباق والأواني على المائدة بعد الأكل1.96السادسةالغذائي
         8لا ينام في مواعيد محددة1.94السابعةالشخصي
         9يشاهد التلفزيون عن قرب شديد1.91الثامنةالشخصي
         10لا يجفف يديه بعد غسلها1.91الثامنةالشخصي

يوضح الجدول رقم(1) العادات العشر الأولى التي حازت على المراتب الأولى، وترتيبها تنازلياً بحسب قيم المتوسطات الحسابيَّة التي حصلت عليها تلك العادات. وقد تراوحت المتوسطات الحسابيَّة للعادات العشر الأولى ما بين (2.31) و (1.91) وعلى أساس ذلك يتبين أنه من بين العادات التي تضمنتها القائمة  جاءت الفقرة (يترك فراشه عندما يستيقظ من النوم بدون ترتيب) في المرتبة الأولى، وتشير هذه النتيجة عن طبيعة المناخ الاجتماعي القائم  الذي قد يساعد على تفشي بعض الظواهر التي يمكن أن تشجع على تفشي الإهمال واللامبالاة عند الأطفال.

كما أن هذه النتيجة قد تعكس في جانب من جوانبها بعض مظاهر قصور التنشئة الاجتماعيَّة  وعدم الاهتمام ببعض العادات التي قد يصعب إدراك  خطورتها، وآثارها الضارة بالصحة مع أنها في الحقيقة تجلب أضراراً لا يقتصر تأثيرها على الصحة وحدها بل أن تأثيرها يؤثر على تنشئة الفرد على الشعور بالمسئوليَّة، وعلى اكتسابه لبعض الخصائص المهمة كاعتماده على نفسه في إدارة شئون حياته، وغيرها من المظاهر السلوكيَّة الإيجابيَّة التي لا يكتسبها الفرد إلا إذا حصل على المساعدة والتشجيع المناسب لكي يتخلص  من المظاهر السلبيَّة  كالإهمال، واللامبالاة، وغير ذلك من العادات والقيم والاتجاهات المتصلة بتشكيل شخصيَّة الطفل، وتحديد خصائصها وسماتها، وتتفق هذه النتيجة مع ما توصل إليه كل من بحــــــــــــري (1991 )ومقابلة (1996).

كما يبين الجدول رقم(1)  أن الفقرة التي تنص على رفض الطفل أن يغطي جسمه أثناء النوم قد انفردت كسابقتها باحتلال المرتبة الثانيَّة في حين اشتركت الفقرة التي تشير الىالعادةالمتصلة بشرب الماء بعد الوجبات مباشرة والفقرة الدالة على عادة الإكثار من تناول الحلويات باحتلال المرتبة الثالثة.

يلاحظ أن عادة ترك الفراش بدون ترتيب التي جاءت في المرتبة الأولى، وكذاعادة رفض الطفل لتغطيَّة جسمه أثناء النوم التي جاءت في المرتبة الثانيَّة تنتميان إلى المجال الشخصي. في حين أن عادة شرب الماء بعد الوجبات مباشرة التي اشتركت مع عادة الإكثار من تناول الحلويات في احتلال المرتبة الأولى تنتميان إلى المجال الغذائي. والمعروف أن العادات ذات الصلة بالجوانب الشخصيَّة والغذائيَّة للطفل من العادات التي ترتبط بصحة الطفل ارتباطاً وثيقاً وتؤثر عليها تأثيراً مباشرا، ويدل ذلك على حاجة الأطفال للمساعدة والتوجيه وحثهم على العناية، والاهتمام بترتيب فرشهم حال الاستيقاظ من النوم، وارتداء الملابس المخصصة للنوم والحرص على حماية أجسامهم من التعرض للفحات البرد الناجمة عن تغيرات الطقس والعوامل المناخيَّة التي قد تؤثر على صحتهم، وقد تكون سبباً في تعرضهم للإصابة بالأمراض.                                                                                                          

كما تدل على حاجتهم للتوجيه والمساعدة على تجنب شرب الماء بعد تناول الوجبات مباشرة لما لذلك من آثر على عمليَّة هضم الطعام وما ينشأ عن ذلك من تخفيف للعصارة المعديَّة  وما تسببه من عسر في الهضم، وإرهاق للمعدة. مما يستلزم الاعتدال في تناول الحلويات، والمحافظة على صحة الجهاز الهضمي بالحرص على اتباع القواعد الصحيَّة السليمة.

كما احتلت عادة استخدام اليدين في تناول الأطعمة والمأكولات المرتبة الرابعة وهي تنتمي للمجال الغذائي أيضاً، وكما هو معروف فإن هذه العادة تندرج ضمن العادات المتصلة بطبائع الشعوب، والمجتمعات، بحكم ما تتسم به من طبيعة تعكس الثقافة السائدة في المجتمع وترتبط بها، وتندرج مثل هذه العادات ضمن القضايا التي تتطلب بذل المزيد من الجهد والدراسة  للخروج برأي واضح، ومحدد بشأنها لحسم ما يثار حولها من جدل. خصوصاً وأنها تمس الجانب الديني، وبصرف النظر عما قد يثار من جدل حول هذه المسألة فلا بد من التأكيد على أن طريقة تناول الطعام تمثل واحداً من أكثر الأسباب والمصادر لتسرب الميكروبات والجراثيم إلى الجسم، وانتقال العدوى، والإصابة بالمرض، وانتشار الأوبئة.

أما العادة التي احتلت المرتبة الخامسة فتتصل بالوضع غير الصحي الذي يتخذه الطفل عند القراءة، والكتابة، وعدم اعتداله في الجلوس في مثل هذه الحالات وهي من العادات المنتميَّة  للمجال الشخصي التي قد تترك آثاراً سلبيَّة سيئة على استقامة الجسم، وسلامة العمود الفقري والجهاز الهيكلي.لأن الإ ستمرا ر في اتخاذ أوضاع غير صحيَّة، والجلوس عند القراءة أوالكتابة بوضع غيرمعتدل قد يصيب  الجهاز الهيكلي، والعمود الفقري بالكثير من التشوهات, ويؤدي إلى ضعف العضلات والإصابة بأمراض قد يصعب علاجها مستقبلا، الأمر الذي يتطلب من الأسرة إعطاء اهتمام خاص لتوجيه الطفل ومساعدته على اتخاذ الأوضاع السليمة عند جلوسه للقراءة والكتابة وتأمين المتطلبات اللازمة لتهيئة الوضع المناسب للطفل عند جلوسه للقراءة والكتابة.

وكانت المرتبة السادسة من نصيب العادة المتصلة بإهمال الطفل للأطباق والأواني وتركها على المائدة بعد الأكل، وهي تعكس حالة من إهمال الطفل لواجباته، وضعف اهتمامه في تدبير شئون حياته ، وقد يفسر ذلك بأن مثل هذه العادة كما يراها البعض قد تعبر عن حالات القصور في التنشئة الاجتماعيَّة، وما يكتنفها من ضعف وإهمال لبعض المسائل المتصلة بتنميَّة المسئوليَّة الشخصيَّة والاجتماعيَّة عند الطفل، كالاعتماد على النفس، وتقدير الواجب، والشعور بأهميَّة مشاركة الأسرة والمساهمة في انجازالمهام المناطة به والقيام بالأعمال الموكلة إليه ، حتى يسهم كل فرد في تحمل نصيبه من الأعباء والمهام المتصلة بمعيشته، وبمعيشة أسرته.

كما احتلت عادة النوم في أوقات غير منتظمة المرتبة السابعة  وترتبط هذه العادة في جانب من جوانبها بغياب القدوة الحسنة للطفل، وعدم حرص الأبوين على التقيد بالذهاب إلى الفراش في أوقات محددة، وعدم التزامهما بتطبيق نظام صارم للنوم في مواعيد منتظمة والتساهل مع الطفل عند ما يسهر، خصوصاً في الحالات التي يرتبط فيها السهر برغبة الطفل في مشاهدة التلفزيون، ومتابعة برامجة، مما يستوجب على الأبوين  تقدير الآثار والنتائج السلبيَّة السيئة التي قد تنجم عن عدم تقيد الطفل بالذهاب للفراش يومياً في الموعد المحدد، وضرورة اهتمامهما بمساعدة الطفل على اكتساب عادة النوم في مواعيد محدده، والحرص على الانتظام في مواعيد النوم، والذهاب للفراش في الوقت المحدد، نظراً لما تكتسبه هذه العادة من أهميَّة، ولما يرتبط بها من تأثير على حياة الطفل، ولما لها من انعكاسات كثيرة ومتعددة على جوانب حياته المختلفة، وعلى صحته حاضراً ومستقبلاً.

وأما المرتبة الثامنة فقد اشتركت في احتلا لها كل من عادة مشاهدة التلفزيون عن قرب شديد، وعادة إهمال الطفل تجفيف يديه بعد غسلهما، وكلاهما، تنتميان للمجال الشخصي، وتعد عادة مشاهدة التلفزيون عن قرب شديد من العادات الشائعة بين الأطفال, نظراً لارتباطها بجهاز التلفزيون الذي يتميز بجاذبيَّة فريدةتغري الطفل بقضاء أوقات طويلة في مشاهدته. وبحكم أهميَّة البرامج المعدة للأطفال والمكرسة لتحقيق أهداف تربويَّة متصلة بتوجيههم ومساعدتهم على تنميَّة قدراتهم، واستعداداتهم، وتوسيع مداركهم في مختلف المجالات المعرفيَّة والانفعاليَّة والمهاريَّة فإن الطفل في مثل هذه الحالة يكون بأمس الحاجة للمساعدة والتوجيه على أن يتخذ الأوضاع الصحيَّة الملائمة لمتابعة البرامج المقدمة والجلوس باعتدال على بعد معين، وترك مسافة مناسبة بينه وبين موقع الجهاز ليؤمن لنفسه الراحة والاستمتاع والحماية من التعرض لأي أثار صحيَّة سيئة عند متابعته للبرامج التلفزيونيَّة المعروضة.

وتجدر الإشارة هنا إلىالدورالذي  يمكن أن تلعبه البرامج التلفزيونيَّة في نشر الوعي الصحي في صفوف الأطفال، و بهذا الصدد يمكن الاستفادة من نتائج الدراسة الحاليَّة ، وغيرها من الدراسات ذات الصلة بالمجالات الصحيَّة والتربويَّة، وتضمين تلك البرامج القضايا والعادات والاتجاهات التي تتوصل إليها مثل تلك الدراسات والبحوث العلميَّة. خصوصاً وأن معظم  العادات غير الصحيَّة تنتشر بسبب عدم الإدراك لآثارها الصحيَّة الضارة كعادة ترك اليدين بدون تجفيف بعد غسلهما أو العادات الأخرى المشار إليها في هذه الدراسة.

 يلاحظ من الجدول رقم (1) أن غالبيَّة العادات العشر التي حازت على الأولويَّة تنتمي لكل من المجالين الشخصي والغذائي فقد بلغ عدد العادات المنتميَّة للمجال الشخصي ست عادات وبلغ عدد العادات المنتميَّة للمجال الغذائي اربع عادات. أماالمجال الاجتماعي فقد غابت فقراته تماما من بين العادات العشرالأولى التي تمثل أبرزالعادات غير الصحيَّة السائدة، ولم تتهيأ لفقرات المجال الاجتماعي أي فرصة للظهور، ومنافسة فقرات المجالين الآخرين على المراتب العشر الأولى، وقد يعكس ذلك ترتيب المجالات من حيث أهميتها ودرجة تأثيرها على صحة الفرد. كما قد يرجع السبب إلى خصوصيَّة العادات المنتميَّة للمجال الاجتماعي، لصعوبة ملاحظتها من قبل الأم كونها من العادات التي لا تتسنى للطفل فرص ممارستها الا نادراً لأنها محصورة في حدود دائرة العلاقات الاجتماعيَّة للطفل التي تكون في الغالب محدودة.

ولتكوين فكرة حول توزيع عادات المجالات الرئيسيَّة الثلاثة للقائمة على المراتب المختلفة عملنا على بيان ذلك وتوضيحه في جدول مستقل، فالجدول رقم (2) يبين ترتيب القائمة على مستوى كل مجال من المجالات تنازلياً بحسب المتوسط الحسابي لكل عادة،  

جدول رقم (2)

توزيع الفقرات على المراتب التي احتلتها على مستوى مجالات القائمة الثلاثة

الــــمـــــــجــالعدد الفقراتالمراتب التي احتلتها فقرات المجالالمــــــــــــــــــــدى
المتوسط الأعلىالمتوسط الأدنى
 العادات غير الصحيَّة الشخصيَّة321, 2, 7,5, 8، 8، 9, 14, 15, 16 20, 25, 27, 28, 31, 33, 34, 34 34, 36, 37, 38, 38، 40، 46, 46, 46, 46, 47, 48, 52, 532.311.11
 العادات غير الصحيَّة الاجتماعيَّة3110, 11, 12, 13, 13, 17, 18, 19 21, 22, 23, 24, 29, 30, 36, 36 38, 38, 40, 41, 42, 42, 43 45, 46, 48, 48, 50, 50, 51, 541.871.05
العادات غير الصحيَّة الغذائيَّة273, 3, 4, 6, 14, 16, 16, 16, 17, 17, 17, 20, 21, 21, 26, 30, 32 34, 35, 35, 36, 36, 39, 42, 44 45, 492.111.22

يوضح الجدول رقم(2) توزيع فقرات كل مجال من المجالات الثلاثة على المراتب المختلفة فعلى مستوى المجال الأول يتبين أن فقراته البالغة (32 ) فقرة  احتلت ( 32) مرتبة تراوحت بين المرتبة الأولى والمرتبة الثالثة والخمسون وكانت قيم متوسطاتها تتراوح  بين (31, 2) و (11, 1).

في حين احتلت فقرات المجال الاجتماعي البالغة (31) فقرة عدداً مماثلاً لها من المراتب بدءًا من المرتبة العاشرة وانتهاء بالمرتبة الرابعة والخمسون، وبالمثل احتلت فقرات المجال الغذائي البالغة (27) فقرة عددا مماثلا من المراتب التي  تراوحت ما بين المرتبة الثالثة والمرتبة التاسعة والأربعين. أما مدى المتوسطات فقد تراوح مدى قيم متوسطات المجال الاجتماعي ما بين (1.87) و (1.05). في حين تراوح مدى قيم متوسطات المجال الغذائي ما بين (2.11) و (1.22).

توصـــيات الــدراســــة:

في ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة خلص الباحث للتوصية بما يأتي:

1- الاهتمام بتطوير أداة الدراسة، بالاعتماد على نتائج تطبيقها وعلى ما أبداه أفراد العينة من أراء وملاحظات، والاستفادة منها في إدخال التعديلات المناسبة عليها، والعمل على إخضاع الأداة لمزيد من عمليات التنقيح والتحسين والتطوير ووضعها في متناول المعلمين والمهتمين في القطاعات التربويَّة والإعلاميَّة لاستخدامها والاستفادة منها. وكذاالحرص على نشرها ووضعها في متناول الجميع إسهاماً في سد النقص القائم للاستعانة بها  في دراسة العادات غير الصحيَّة وتقييمها باعتبار أن الدراسة والتقييم يمثلان المدخل السليم لتصحيح الممارسات الخاطئة وتعديل العادات غير الصحيَّة.

2- الاستفادة من نتائج الدراسة الحاليَّة ووضعها موضع التطبيق العملي خصوصاً في المجالات المتصله بتطوير المناهج الدراسيَّة وفي إعداد برامج تأهيل المعلمين وتدريبهم والبرامج الإعلاميَّة وفي غيرها من البرامج المعنيَّة بالتربية الصحيَّة والتنميَّة البشريَّة والاجتماعيَّة الهادفة إلى نشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع. والعمل على إعطاء المزيد من الاهتمام للبحث العلمي والتربوي والاعتماد على نتائج الدراسات والبحوث العلميَّة في تشخيص المشكلات وتحديدالحاجات الاجتماعيَّة القائمة، وخلق علاقة أوثق بين توجهات البحث التربوي واهتماماته وبين العمليَّة التعليميَّة والتربويَّة لتعزيز دورها في عمليَّة التنميَّة الشاملة (صباريني والرازحي 1991).

3- إعطاء المزيد من الاهتمام لدراسة العادات والممارسات والمعتقدات السائدة ذات العلاقة بالوضع الصحي والغذائي على مستوى المجتمعات المحليَّة والاستفادة من ذلك  في تحديد الحاجات الصحيَّة والغذائيَّة للفرد والمجتمع ومعالجتها في إطارها المناسب بما يساعد على تطوير وعي الفرد  وممارسته للسلوك الصحي، وتهيئة الفرص المتاحة للمدرسة لتقوم بدور إيجابي وفاعل للارتقاء بمستوى الصحة العامــــة للفرد والمجتمع والعمل علـــى تحسينه باستمــــرار ( الرازحي 2002 ).

مـراجــــع الــدراســـــــة:

-الأمم المتحدة.(1991) اتفاقيَّة حقوق الطفل، منشورات الأمم المتحدة نيويورك.

-بحري، منى يوسف. (1991). العادات غير الصحيَّة عند الأطفال العراقيين من وجهة نظر الأمهات. -مجلة العلوم التربويَّة والنفسيَّة، العدد الثامن عشر بغداد.

-بستان محمود. (1983). مناهج وطرق تدريس التربية الصحيَّة والسلامة للمرحلة الابتدائيَّة         مؤسسة البستان للطباعة والنشر- الكويت.

-الجهاز المركزي للإحصاء. (1992).خطة العمل السكاني في الجمهوريَّة اليمنيَّة. الجهاز المركزي للإحصاء – صنعاء.

-الدراجي، سعاد ومهدي، عباس عبد وصقر, عتاب ومخلص، مولود.(1989)
العادات الصحيَّة لتلاميذ الصفوف السادسة الابتدائيَّة في مدينة بغداد.المجلة العلميَّة للتمريض (عدد خاص).

-دغلس، عائشة سليم. (1992). مدى فهم معلمي الصفوف الثلاثة الأولى للمفاهيم الأساسيَّة في التربية الصحيَّة ومستوى اتجاهاتهم فيها. رسالة ما جستير غير منشورة الجامعة الأردنيَّة عمان.

-الرازحي، عبدالوارث عبده سيف.(1999).الوعي الصحي لدى طلبة مرحلة التعليم الأساسي في الجمهوريَّة اليمنيَّة.المجلة العربيَّة للتربيَّة. (2- 19)  تونس.

-الرازحي، عبدالوارث عبده سيف. (2002أ) تطوير أداة لتقييم العادات غير الصحيَّة لدى تلاميذ المرحلة  الأساسيَّة. المؤتمر العلمي الرابع عشر للجمعيَّة المصريَّة. للمناهج وطرق التدريس (مناهج التعليم في ضوء مفهوم الأداء) – القاهرة.

-الرازحي, عبدالوارث عبده سيف.(2002ب).دور كتب العلوم بمرحلة التعليم الأساسي ففي تنميَّة الوعي الصحي لطلبة. دراسات في المناهج وطرق التدريس، العدد الثامن والسبعون

السعدي، عباس فاضل. (1986). التحليل الجغرافي لمشكلة الغذاء في اليمن. دراسات يمنيَّة (23/24) مركز الدراسات والبحوث اليمني صنعاء.

-سيد نبيل السيد حسن.(2000). التنشئة الصحيَّة وعلاقتها ببعض متغيرات الشخصيَّة والإنجاز لدى عينه من تلاميذ المدارس الابتدائيَّة (حكوميَّة – أهليَّة ) بمكة المكرمة المجلة المصريَّة للدراسات النفسيَّة. 52(10).

-الشرجبي، قائد أحمد وشكري، جازم علي، وعبدالمغني.عبد الكافي وعلامة، عبدالخالق يحي.(1991). سكان اليمن الماضي والحاضر والمستقبل.المؤتمر الوطني الأول للسياسات السكانيَّة. الجهاز المركزي للإحصاء – صنعاء.

-صباريني، محمد سعيد والرازحي، عبدالوارث عبده سيف. (1991).واقع البحث التربوي في مجال التربية العلميَّة بالجامعات الأردنيَّة. مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلميَّة، 13(1).

-مقابلة نصر يوسف.(1996). العادات غير الصحيَّة لدى الأطفال الأردنيين من وجهة نظر أمهاتهم وعلاقتها ببعض المتغيرات. المجلة العربيَّة للتربيَّة 2(16) تونس.

-منظمة الصحة العالميَّة.(1988)،  نموذج المنهج المدرسي الصحي ذي المردود العملي المكتب الإقليمي لشرق المتوسط – الاسكندريَّة.

  • Bucher  ;  C. A. (1967). Administration of school, college health and physical Education Programs   The C.V Mosby Company، saint Louis.
  • Hage ; J. H. (1968). School health program. Revised Education. Oxtord and BH publishing co. Calcuta.
  • Irwin ; L.W. and Myshark ; C. (1964). Health Education in Secondary school. The C.V Mosby Company saint Louis.
  • Turner ; C. B، Randal ; H. B. and Smith ; s. (1970). school health and health education. the C.V Mosby Company، Saint Louis
  • Wanchoo ; V. N. (1980). Nutrition، Environmental Saintation andHealth Education in Primary schools in India ( Apilot Project ) in
  •  

 Mcfadden ; C. P.  World Trends in science Edueation. Atlantic Institute of Education Halifax. Nova scotia، Canada.
__________
*أ.د. عبد الوارث عبده سيف الرازحي.

جديدنا