الإرهاب المقدَّس: المظاهر الاستلابيَّة للعنف الديني

image_pdf

” قبض الفاشيون أنصار الطاغية فرانكو على فلاح إسباني بريء  بتهمة الخيانة العظمى ، وعندما كان الجنود يسوقونه إلى منصة الإعدام  برفقة  كاهن القرية ، نادى الفلاح المسكين الخوري يطلب منه أن يتدخل ويفهمهم  أنه بريء لأن الخوري يعرفه جيدًا.  ولكن الصدمة كانت أشد وقعا عندها التفت  الخوري إلى الفلاح قائلا له بلهجته الدينية الوقورة:  ” كان المسيح أكثر براءة منك وصُلب! “  – خوان رامون سيندر” في رائعته الروائية (مرثية من أجل فلاح إسباني)

” جاء الأوروبيون يحملون الكتاب المقدس لا يملكون سواه، ونحن كنا نملك الأرض، فقالوا لنا: أغمضوا أعينكم لنصلي للإله، فأغمضنا أعيننا وصلينا، وعندما فتحناها وجدنا أننا امتلكنا الكتاب المقدس وأن الأوروبيين قد امتلكوا الأرض”  – راهب إفريقي .

مقدمة :

يوظف العنف المقدس بأشكاله الدينية والأيديولوجية اليوم في مختلف أشكال  الصراعات السياسية والثقافية والاجتماعية  المعاصرة ،  ويشكل اليوم واحدا من أكثر المصادر قدرة على إثارة الرعب والخوف نفوس البشر. وقد حظيت ظاهرة  العنف المقدس على اهتمام الباحثين الذين ما فتئوا يكرسون جهودهم العلمية للكشف عن أبعاد هذه الظاهرة وتقصي معالمها. فالإرهاب يكتسح العالم ويشد الرحال إلى مختلف أصقاع الأرض ليخطف شبابها وشيبها في دورة دموية رعناء لا تعرف حدودا لبطشها ونقمتها يُقدم فيها الأبرياء قرابين على مذابح المقدس استرضاء للإله وطلبا لطاعته في زمن يُعتقد فيه أن الإنسانية قد تجاوزت عهودها البربرية وهجرت محطاتها الهمجية مرة واحدة إلى الأبد.

وفي دورة التأمل المنهجي في جوانب هذه الإشكالية يطرح الباحثون أسئلتهم المشروعة حول العلاقة بين العنف والدين والرمز والأسطورة. لقد أدرك كثير منهم وجود ديناميات متضافرة بين المقدس والأسطورة والرمز التي تفعل فعلها في توليد العنف الديني في أكثر صوره تطرفا. فالعنف الديني يجد في المقدس والأسطوري الرمزي أطراف معادلته الأساسية التي تزوده بالطاقة والقوة والمشروعية. ومما لا شك فيه أن التطرف الديني المعاصر ينطلق من هذه المتغيرات الدينامية ليكّون معادلته الرهيبة ويشكل أداة القهر التي تقض مضاجع البشر فتهدد أمنهم وتجرح كرامتهم.

وإذا كانت هذه العلاقة بين العنف الديني وبين الرمزي والمقدس والأسطوري تشكل موضوع هذه المقالة، فإن السؤال الأساسي الذي يشكل عقدتها ومسار منهجها يأخذ هذه الصورة: كيف يوظف المقدس والرمز والدين والأساطير في توليد العنف الديني والتطرف الراديكالي المعاصر؟ وليس خفيا على العارفين ما ينطوي عليه هذا السؤال الكبير من تضاريس معقدة ومداخل شائكة حيث لا يتجاوز طموح مقالتنا هذه حدود الملامسة التأملية لموضوع سياسي اجتماعي خطير يحتاج إلى أنساق كبرى من الجهود والفعاليات الفكرية والسوسيولوجية التي يمكنها في نهاية المطاف أن ترسم حدود وأبعاد وديناميات هذه القضية الشائكة عبر دراسات علمية بعيدة المدى عميقة الأغوار، وذلك هو الحال حيث ما زال الباحثون يجدّون ويكدّون في البحث عن الكيفيات التي يتحول فيها المقدس الديني مذبحا دمويا طهريا يقدم فيها البشر قرابين لتروي التعطش الدموي لعتاة البشر من المتطرفين.

العنف والدين

هل يمكن للدين أن يُؤسس على العنف؟ وهل يمكن للعنف أن يشكل مطلبا للدين؟ هل يكون الدين عنيفا بطبيعته؟ أم هل يكون العنف من طبيعية دينية؟ أم هل يمكن للدين أن يكون عنيفا بطبيعته وأن يكون العنف في أصل الدين؟ أسئلة فلسفية وجيهة تطرح نفسها وباحثون كثر يحاولون تقديم الإجابة. ومهما يكن الأمر فالدين كما يعتقد أغلب البشر وكما توحي النصوص الكامنة في الكتب المقدسة يقوم على التسامح والسلام والمحبة. وإذا كانت تلك هي الحقيقية التي يدركها بسطاء الناس وتلك هي الحقيقة التي تفيض بها الكتب المقدسة فإن سؤالا وجيها يبقى يدور له عقل البشر لماذا يكون الدين عنيفا ولماذا يكون العنف دينيا؟ وما هي الكيفيات التي تفرض نفسها في عملية تشكل العنف الديني وانتشاره في العالم المعاصر[1].

لقد شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر مفصلا تاريخيا من مفاصل العنف الديني والعنف السياسي المضاد في حياة المجتمعات الإنسانية؛ فعلى أثر التفجيرات الدامية الرهيبة التي شهدها العالم في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، عكف عدد كبير من الباحثين وعلماء الاجتماع على تناول ظاهرة العنف الديني بالدراسة والتحليل والتنظير. ومع أهمية الحضور المكثف للعنف في الظاهرة الدينية فإن كثيرا من الباحثين يرفضون الإقرار بأن العنف كامن في جوهر الدين أو أن الدين عنيف بطبيعته، ومع ذلك فإن العنف الذي يمارس باسم الدين يترك انطباعات سلبية راسخة في تصورات وقناعات الصحفيين والسياسيين في الغرب والشرق، ومما لا ريب فيه أن هذا الانطباع السلبي يَرْسُخ بقوة في عقول وقلوب الملايين من البشر[2].

وهنا وانطلاقا من هذا المشهد الإنساني للعنف الديني يجرؤ تساؤل على أن ينطلق من عقاله: هل يعبر هذا التصور السلبي للعنف الديني عن ضخ إعلامية وهيمنة أيديولوجية؟ أم هو نتاج لحقيقة واقعية ملموسة؟ وبعبارة أخرى هل هناك من علاقة فعلية وجوهرية بين الدين في جوهره وبين العنف الديني الذي تمارسه الجماعات الدينية المتطرفة وتمارسه؟ أو هل يمكن للعلاقة بين الدين والعنف أن تكون مجرد إسقاطات إعلامية وفكرية ساذجة وغير موضوعية؟ والإجابة عن هذه الأسئلة ليست سهلة إن لم تكن معقدة أو شديدة التعقيد.

نمو الجماعات الدينية:

ومن أجل مقاربة هذه المسائل يجب علينا أن نلقي نظرة معاصرة في طبيعة الظاهرة الدينية، فالظاهرة الدينية سيجد أنها تأخذ مسارات تطورية جديدة، حيث يشكل الدين يشكل ظاهرة اجتماعية ترتبط بالحياة وتعبر عن أكثر معاني الكينونة والوجود أنسنة وتساميا، ومع ذلك فإن التدين يتطور تدريجيا متجاوزا طبيعته الجمعية آخذا صورة فردنة شخصية، فلم يعد الدين مجرد تصورات تفرضها الكنيسة أو المؤسسات الدينية بل هو آخذ في التحول إلى تدين من طبيعة فردية على صورة موقف شخصي ورؤية ذاتية للفرد من الدين وإزاءه كما تبين كثير من الدراسات الجارية في هذا الميدان ولاسيما في المجتمعات الغربية المعاصرة.

ومهما يكن فكل فرد (في الغرب على الأقل)  يمتلك اليوم رأيا خاصا وموقفا شخصيا من الدين والظاهرة الدينية، وبالتالي فإن علاقة الفرد بالمؤسسات الدينية تأخذ طابعا يتسم بالغموض والضبابية. فالكنائس الكبرى التقليدية تشهد تراجعا كبيرا في هيمنتها وسلطتها الدينية حيث يكون الولاء اليوم وبدرجة أكبر ولاءً أنويا (نسبة إلى الأنا) تفرضه معايير الحداثة المتقدمة ومقتضيات العيش في رحابها. ومع غياب التيارات الدينية الكبرى تشهد الساحة العصر ولادة جماعات دينية صغيرة متماسكة، كما يشهد العصر أيضا ولادة جماعات دينية كبرى على صورة حركات اجتماعية بروابط اجتماعية أقل تصلبا وتماسكا. ولكن السمة الغالبة لهذه الجماعات الدينية أنها اتخذت من العنف الديني والطائفي منهجا وطريقة ومذهبا[3].

فالجماعات الدينية الصغرى التي تتوالد بمتواليات هندسية لا تمثل الاتجاهات الكبرى للأديان الأساسية إن لم تناقضها، بل تطرح أفكارا وأيديولوجيات وتصورات ذات طبيعة سياسية واجتماعية، وهي أشبه في تكوينها واستراتيجياتها بالأحزاب السياسية التي تأخذ طابعا دينيا. ولكن هذه الجماعات أينما كانت تتميز بخصائص وسمات مشتركة من حيث ديناميات التكوين والأهداف والاستراتيجيات والمبادئ، وربما أكثر ما يجمع هذه الجماعات ويشكل القاسم المشترك بينها يكون في تبنيها للعنف أداة ومنهجا ووسيلة، ومن هنا وتأسيسا على هذه النزعة المشتركة غالبا ما يطلق على هذه الجماعات المتطرفة وأحيانا الجماعات الإرهابية أو غير ذلك من التسميات المخضبة بطابع التمرد والعنف.

 ضد العلمانية:

تتميز الجماعات الدينية المغلقة برغبتها الكبيرة في مقاومة المجتمع العلماني، ومع ذلك فإن هذه الجماعات الدينية المتزمتة ليست واحدة متجانسة الهوية والتكوين، بل تتنوع في اتجاهاتها وتتناقض في أيديولوجياتها وأهدافها وغاياتها، وعلى الرغم من هذا التباين فإنها تتفق في أمر واحد هو إعلان الحرب ضد النزعة الإنسانية العلمانية بكل ما تنضوي عليه من قيم ديمقراطية وإنسانية. وتحت تأثير هذه العداوة المشتركة للعلمانية، فإن الجماعات المتزمتة والمتصلبة تتحالف فيما بينها وتعمل على تكوين شبكات قادرة على ممارسة التأثير السياسي والاجتماعي في داخل المجتمعات التي تتواجد فيها، وإعلان الحرب ضد مختلف التجليات المدنية والعلمانية والديمقراطية القائمة في هذه المجتمعات. وهي في سياق هذا الصراع ضد العلمانية تقوم بممارسة العنف وتأجيج الصراع، وتعمل على تحقيق استمرارية الصراع والعداء ضد المجتمع المدني وذلك من أجل بناء وتشكيل الهويات الدينية الأصولية[4].

وهذا يعني أن العنف الديني لا يشكل مجرد ممارسة بالنسبة لهذه الجماعات فحسب بل يشكل الأوكسجين الذي يجعلها قادرة على الحياة والوجود والاستمرار، فمن غير العنف تفقد هذه الجماعات مشروعية حضورها ووجودها، ومن هذا المنطلق يمكن القول أن العنف يشكل منطلق وجود هذه الجماعات ويشكل المناخ الذي فيه تحيا وتستمر لتواصل دورة وجودها واستمرار خصوبتها[5].

هناك من يعتقد اليوم مثل جيرجنسميير Juergensmeyer بأن العنف الإرهابي لا ينجم عن أيديولوجيا أصولية بقدر ما يكون تعبيرا عن تضافر عوامل جيوبولتيكية. فالشعور الديني لدى المتطرفين هو نوع من الأيديولوجيا المتمردة الناجمة عن غياب العدالة الاجتماعية؛ ويتضح اليوم تنامي أعداد الجماعات الدينية المتطرفة فعدد الجماعات الإرهابية الدينية قد تضاعف من 26 جماعة في عام 1994 إلى 49 جماعة بعد مرور عام واحد فقط أي في عام 1995، وهذا يؤشر على تنامي كبير للعنف المؤسس على الدين، ويرى جيرجنسميير -في سياق تحليله للعنف الديني – بأن هذا العنف ناجم عن إخفاق مظفر للحركات اليسارية والماركسية في العالم، كما يأتي ردة فعل واسعة ضد الاحتلال الأمريكي الذي يأخذ صورة جديدة للحروب الصليبية ضد المسلمين والإسلام. وقد أدى التركيز المعاصر على العنف الإسلامي إلى تغطية الصعود الكبير للأصولية الدينية في الولايات المتحدة الأمريكية والتقليل من شأنه وتبريره في الوقت نفسه حيث يعتقد كثير من الأمريكيين بأن حربهم ضد الأصوليات الإسلامية عادلة بالمعنى الديني والحضاري للكلمة، وقد أسس هذا التصور للعنف السياسي المضاد الذي تمارسه الدولة الاستبدادية والدول الديمقراطية حيث يمكن الإشارة في هذا الخصوص إلى السجون الأمريكية عبر العالم والقرصنة السياسية كما هو الحال في سجن أبو غريب وسجن غوانتانامو Guantanamo أو إلى عمليات التضييق على الحريات المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي المقابل الإسلامي نجد رؤية وتصورا مضادا وعنفا مضادا أيضا، فغالبية المسلمين في العالم ترى بأن الاحتلال الأمريكي ما هو إلا صورة جديدة للحروب الصليبية ضد المسلمين والإسلام. وهذا الموقف الإسلامي المعرض للعنف والاحتلال الأمريكي يغذي الصعود الكبير للأصولية الدينية في الولايات المتحدة الأمريكية.

الإرهاب المقدس:

 كان بعض الكهنة في الصين القديمة في طقوس القربان يقومون بذبح فتاة عذراء في رأس السنة ، ثم يشربون دمها ويوزعون لحمها على الفقراء.  ورغم اختفاء هذه العادة المقدسة  تكررت أحداث هذه التقديم القرباني المقدس  حديثا جدا ، ففي عام 2009  قام الكهنة مجددا بذبح فتاة  عذراء في رأس السنة ، وشربوا دمها ووزعوا لحمها على الفقراء. وقد شاع كثيرا في الصين وغيرها أن دماء العذراوات  يعطي روح الشباب ويزيد من عمر الإنسان  وطقوس القربان لها تاريخ رهيب مخيف في مختلف الأديان ولاسيما الوثنية منها.    

لقد ساد في الآونة الأخيرة نوع من الإرهاب الفكري الديني الذي يفسر بشكل واسع بأسباب جيوبوليتيكية، ولكن هناك من يعتقد بأن العنف الديني يأخذ طابعا رمزيا أكثر منه عسكريا[6]. ومن الواضح هنا بأن الإرهاب يعمل على نشر الخوف وبث الرعب وبناء أجواء هستيرية مخيفة في وسط الناس والعامة، وهذا الخوف الذي تثيره الجماعات الإرهابية يقوم على أساس من التهديد الرمزي بالدرجة الأولى، وفي هذا الخصوص يعلن كثير من الباحثين والمفكرين أن الجماعات الإرهابية الدينية لا تملك إمكانيات كافية من أجل مواصلة حروب واسعة أو شاملة بالمعنى العسكري، ولذلك فإنها تلجأ إلى حروبها الرمزية فتعمل على تدمير الرموز المعادية وتقوم بتصفيتها، حيث يتم استهداف المساجد والمباني والكنائس والمراكز الرمزية من أي نوع كانت. ومن الواضح أيضا أن العنف الرمزي الديني يباشر تأثيره الكبير في عملية الضبط الاجتماعي للأفراد والجماعات وأنه لا يمكن التقليل من أهميته أو الاستهانة به ولاسيما عندما يكون هذا العنف دينيا.

ومن المهم في هذا الصدد الإشارة إلى أعمال عالم الاجتماع الأمريكي سكوت Scott. الذي يقدم رؤية أكثر وضوحا للعنف الأصولي والديني. ووفقا لسكوت فإن المقدس يكون محايدا ولكن تفسير المقدس ليس كذلك في جوهر الأمر. إن تجاوب الفرد إزاء المقدس لا يمكن أن يكون إلا على نحو تناقضي. فالمجتمعات الدينية غالبا ما تلجأ إلى الدين لتفسير وقائع الحياة والتجارب الإنسانية التي تعيشها، وهي في سياق تجاربها تعتمد ثنائية السلام والعنف وتجسدهما في آن واحد[7]. والكاتب في هذا الاتجاه يفند رؤية جيرجنسميير الذي يفسر العنف الديني بعوامل جغرافية سياسية (جيوبوليتيكية). فقدرة الدين على تحقيق النشوة الدينية، وإخراج المؤمن من ضغط الحياة اليومية وإكراهاتها يشكل منطلق كل عنف ديني. ففي مختلف الأديان يقود التدين الزهدي إلى نشوة التضحية بالنفس أو بالآخر وهذه سمة كارزمية مشتركة بين جميع الأديان تقريبا، ويمكن القول في هذا السياق بأن تجربة المقدس الدينية تجد نفسها في دائرة التناقض بين أمرين: بين التطرف من جهة والسلام من جهة أخرى. فالتطرف يقوم على استخدام العنف وهدفه تدمير العدو المفترض، وبالمقابل فإن السلام الديني يقوم على توظيف العنف في حلة رمزية وروحية: تقديم القربان.

وعندما يقوم الدين بإضفاء طابع القدسية على عملية النضال من أجل الاستقلال السياسي -أي عندما يريد أن يحقق استقلالا سياسيا على أساس المعتقد الديني – فإن الحركات العرقية والقومية تجد مبررها لتمارس العنف بدورها ضد الجماعات العرقية والقومية الأخرى. وهنا أيضا يمكن الكشف عن الطبيعة الثنائية للمقدس في طريقة الاستجابة الإنسانية، فالهوية الدينية يمكنها أن تقوم بممارسة وتوسيع دائرة الكراهية والأحقاد العرقية والقبلية في بعض المناطق، أو يمكنها أن تتحول إلى أداة لتجاوز هذه الوضعية إلى وضعية التكامل والتضامن.

فالمتطرفون يقومون بتوظيف الدين من أجل تبرير العنف وتقديسه، ومن أجل توليد التمييز بين الجماعات العرقية كما بين الإثنيات الثقافية واللغوية المختلفة. ولكن كيف يمكن تفسير لجوء بعض الأفراد الذين يتسمون بالطابع الأخلاقي إلى العنف؟ في سياق الإجابة عن هذا التساؤل يرى أبليبي Appleby بأن الأمية الدينية تشكل عاملا حيويا وبنيويا في عملية تنامي وتصاعد العنف الاجتماعي، ولاسيما في وضعيات الضغط والتأزم، وما يميز هذه الأمية أنها نتاج مستمر لانخفاض كبير في مستوى التفكير الذاتي الأخلاقي وانخفاض مستوى الثقافة الدينية نفسها. وهذا هو الأمر الذي دفع الحكومات الأوروبية إلى التدخل في عملية إعداد وتأهيل رجال الدين. وفي هذا السياق يبين أبليبي الدور الكبير للدين في تشكيل الهوية الفردية، ومع ذلك فهو يرفض أن يلصق صفة التطرف على مختلف التيارات الأصولية الأمريكية حيث يعتقد بأن هذه الجماعات الأصولية منفتحة على التكوينات الاجتماعية والثقافية للمجتمعات الغربية. ومع ذلك فإن الأصوليين يمكنهم دائما استخدام العنف اللفظي والرمزي والنفسي والسياسي ضد المجتمع العلماني ويمكن لهذا العنف أن يكون مؤثرا جدا كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية[8].

ويبدو لنا هنا أن أبليبي لا يأخذ بعين الاعتبار التعريف الذي يحدد الأصولية بوصفها عنفا ضد المجتمع العلماني، وبموجب هذا التعريف فإن هذه الحركات الأصولية الغربية متطرفة أيضا. ومهما يكن أمر العنف الفيزيائي فإن الجماعات الأصولية تشكل منطلقا حيويا لمختلف الاتجاهات الراديكالية المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها كما تشكل في الوقت نفسه موّلدا حيويا للجماعات الطائفية المتطرفة.

لقد عرفت الإنسانية جماعات وحركات أصولية سلفية حاولت أن تترجم وجودها الاصطفائي الطهري (صفاء الأصل) بطريقة أيتوبية. ولكن وفي سياق العولمة الطاغية ليس في وسع أية ثقافة أو حضارة أن تبقى في أبراجها العاجية أو أن تكون خارج نطاق التأثير بالحضارات الإنسانية القائمة. فالصفاء العرقي أو الديني أو الحضاري ليس ممكنا أبدا ولم يكن عبر التاريخ، بل كان التفاعل والتواصل بين الكيانات الثقافية قائما وحتميا في رحاب الزمن. ومع ذلك يجب أن نلحظ أهمية المحافظة على معالم الهويات العرقية والثقافية دون الذوبان والتلاشي، إذ لم تستطع الثقافة الأمريكية أن تذّوب الثقافات الإثنية والعرقية في بوتقة واحدة. لقد قاومت بعض الجماعات العرقية إكراهات التذويب الثقافي والحضاري وحافظت على معالم وجودها وهوياتها المميزة، وتلك هي حالة الجماعات المكسيكية التي حافظت على كاثوليكيتها ولغتها وأصولها الإسبانية.

 الإرهاب الرمزي:

مهما يكن العنف الديني ومهما تكن الصيغة التي يرتسم فيها فإنه منطلقاته الأولى تأخذ طابعا اجتماعيا-رمزيا . لقد بين كل من ويلمان Wellman وتوكينو Tokuno بأن تدمير الحواجز الرمزية يشكل منطلق الصراع بين الأفراد والجماعات[9]. ويبين الباحثان في هذا المجال أنه من الطبيعي بالنسبة لجماعة دينية ما أن تشكل هويتها عبر الصراع والنزاع مع الجماعات الأخرى ومع المجتمع العلماني ذاته. ويرى الباحثان أيضا أن نجاح هذه الجماعات يعتمد على عملية تفجير هذا الصراع وإدارته والمحافظة على حضور التوتر واستمراره ضد الجماعات الأخرى والمجتمع المدني ككل، وهم يؤكدون بالتالي على أن العنف الديني ليس ظاهرة معاصرة بل هو واقع تاريخي يمتد عبر الزمن. وهذا الاتجاه الفكري يأخذ أهميته لكونه يركز على الدين بوصفه مشكلا للهوية الاجتماعية والفردية، ومن ثم فهو لا يقلل من أهمية الدور الذي يمارسه العنف الرمزي في عمق العنف الديني. وهذا الاتجاه يجد تعزيزا له في رأي كونيسا الذي يذهب إلى ما هو أبعد في التأكيد على مركزية العنف الرمزي في التكوين الأساسي للإرهاب الديني[10].

وهو نوع من العنف يأخذ فيه الرمز أهمية أكبر من الهدف الاستراتيجي للعنف: فالعنف هنا يمارس بوصفه نوعا من التطهير، حيث يصعب تدمير العدو كليا في حرب شاملة، فتكون الحرب الإرهابية نوعا من العدوانية الرمزية الخالصة، وهدفها لا يكون مهما جدا من الناحية العسكرية. فالممارسة الإرهابية تمارس نوعا من الحرب الأخلاقية (الفوقية الروحية لمناضليها) والنفسية (تبين ضعف العدو وجبنه) ودينية (وعد بالجنة والعالم الآخر) ويلاحظ في هذا السياق أن الزمن الذي تمارس فيه هذه الحركات نشاطها الإرهابي غالبا ما يتم اختياره وفقا لمعايير رمزية تتوافق مع أجندات دينية وتواريخ مشبعة بالرموز الدينية الإستراتيجية [11].

فالعنف الرمزي يشكل جوهر العنف الديني الذي يأخذ طابعا طهريا تضحويا ولاسيما في الوقت الذي لا يمكن فيه التغلب على الخصوم الأقوياء بطريقة فيزيائية وهنا تبرز أهمية الحرب الرمزية التي تدور في عالم الرموز والدلالات والمعاني والإشارات. وتأسيسا على هذا المنطق فإن الإرهاب الديني لا يأخذ طابعا حربيا بالمعنى الدقيق للكلمة بل يتجلى في رمزية طهرية تضحوية تهدف إلى إضعاف الخصم وتدميره على نحو رمزي. فعلى سبيل المثال عندما تقوم جماعة دينية أصولية إسلامية بعمل تفجيري يذهب ضحيته بعض الأمريكيين وأعداد هائلة من المسلمين فإن الناس كثير من الناس يأخذون الحدث بطابعه الرمزي ويتملكهم شعور مزهو بالانتصار أو بالخوف، لأن سقوط جندي واحد أمريكي يرمز إلى سقوط أمريكا نفسها حتى وإن كانت مئات الضحايا من المسلمين الأبرياء، وهذا ما لاحظناه مع سقوط الأبراج الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر حيث كان ذلك رمزا لسقوط أمريكا والرأسمالية العالمية بالنسبة لملايين المقهورين في العالم العربي والإسلامي.

ولا يخفى اليوم على العارفين بأن العودة إلى عقيدة التضحية بالذات من أجل التطهير القدسي كان وما زال مظهرا من مظاهر الحياة الدينية وطقسا من أهم طقوسها في كثير من الأديان القديمة، وهذه التضحية تتم غالبا تحت متطلبات الضرورة الدينية التي تفرض الانخراط في حرب كونية مزعومة بين الشر والخير، بين الأنا والآخر، بين الدين والدنيا، بين الله والشيطان دون توقف حتى النهاية. وهذا يشكل اليوم جانبا جديدا من العنف الديني الذي يعزى إلى ثقافات دينية في سياق عولمة التبادل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.

فالهدف في العمليات التفجيرية والانتحارية ليس له أهمية عسكرية على الإطلاق بل تكمن هذه الأهمية في الجانب الرمزي والأخلاقي حيث يسعى العمل التدميري إلى استظهار التفوق الروحي بطابعه الرمزي ضد الخصوم والأعداء. ووفقا لهذا التصور يمكن النظر إلى عملية تدمير تماثيل بوذا في أفغانستان من قبل طالبان حيث لم يكن للهدف أية قيمة عسكرية إذ لم تكن هناك أية حرب مسلحة بين الإسلام والبوذية والعملية برمتها كانت نوعا من الحرب الرمزية ضد المقدسات البوذية وهي حرب مجانية لا طائل منها وكان هدفها كما ألمحنا نوعا من الاستعراض الرمزي للقوة والتفوق والهيمنة كما كان تعبيرا عن الهيمنة الطالبانية في المنطقة. وجلّ ما كانت الطالبانية تريد قوله أننا هنا ونحن نمتلك القوة وأننا لسنا ضعفاء بل أقويا وحاضرون وفاعلون[12].

قرابين بشرية:

تعيدنا صورة القربان إلى مفهوم التضحية التي تأخذ صورة طهرية في مختلف الأنظمة العقائدية الدينية، وهي ترمز إلى الصراع الكوني الأشمل بين الخير والشر بين الأسود والأبيض بين النور والظلام، كما ترمز جوهريا إلى الصراع بين الأنا (الخير النور المحبة والسلام) من جهة وبين الآخر (الشر والظلام والفساد والأسود) من جهة أخرى. وهذا كله يدور في فلك من العنف الديني المقدس الذي ينجم عن الاحتكاك بين الثقافات والأديان في سياق تاريخي.

يميز كونيسا Conesa بين ثلاثة أشكال من العنف الديني: الانتحار الجماعي ، والعمليات الانتحارية، ثم الإرهاب الديني. ولكن هذه الصيغة الثلاثية للعنف الديني تتكشف عن صيغ أدق من العنف المضمر أو الخفي (النفسي، والجنسي والشفوي، والاقتصادي) التي يمكنها أن تمارس ضد الأفراد والجماعات. وهذه الأنماط من العنف تشكل وضعية تمهيدية للعنف الفيزيائي وهو العنف الذي يشكل موضوعا مركزيا للتعريفات الكلاسيكية للعنف نفسه أو للإرهاب الديني ذاته. وهذا الصيغ الخفية من العنف تمارس في البداية على صورة ضبط اجتماعي رمزي للأفراد في المجتمع الديني المتصلب وهنا يؤكد كونيسا بأن هذه الجماعات الدينية والحركات المتزمتة تعتنق تصورات دينية تيولوجية مؤسسة على الأساطير خارج دائرة الكنيسة والمؤسسات الدينية القائمة. لقد وجدت الجماعات المتطرفة في الأساطير القديمة ما يؤسس لممارساتها التدميرية على نحو رمزي وقد عملت هذه الجماعات على إعادة تفسير هذه المنازع الأسطورية على نحو جديد واستطاعت أن تدمجها في النبضة الوجدانية للعقيدة الدينية وأن توظفها في إيقاظ العنف وفي تأجيج جمرته والاستناد إلى معطياتها في التأصيل للجماعات الأصولية المتطرفة. وهذا ما يعيدنا إلى سلوك المتطرفين الأصوليين حيث كان أبو مصعب الزرقاوي وغيره من المتطرفين يضحون بالجنود الأمريكيين بالطريقة نفسها التي تقدم فيها القرابين إلى السماء كما توحي الأساطير القديمة حيث يطاح برؤوسهم في المواسم والأعياد الدينية عبادة وتقربا وتطهرا. فالدين الإسلامي براء من هذه الأفكار الأسطورية للتضحية وهي مشاهد قربانية أصلها أساطير طهرية قديمة يقدم فيها البشر قرابين للآلهة حرقا وغرقا وقتلا وقطعا للرقاب. ومن المهم الإشارة إلى أن عددا كبيرا من الجماعات الدينية الإرهابية المتضاربة والمختلفة فيما بينها عقائديا وفكريا تتبنى هذه الأساطير وتقدرها وتسير على نهجها التطهيري. وهنا تقع أساطير الجماعات الدينية اليهودية المتطرفة التي تسيطر على مختلف القوى الاقتصادية في العالم وهي الأساطير نفسها التي تتبناها الجماعات الأصولية المتطرفة الكاثوليكية والإسلامية كما هو حال بعض الجماعات البروتستانتية.

 المؤامرة:

ويضاف إلى هذه الصورة الأسطورية للعنف الطهري المقدس أن الجماعات المتطرفة تتبنى نسقا من المقولات التي توقد العنف وترسمه منهجا مقدسا ومنها نظرية المؤامرة (Théorie du complot) التي تستطيع أن تؤجج الحقد والكراهية ضد الآخر وأن تفعل فعلها السيكولوجي في التحريض على ممارسة العنف والإرهاب.

وهذه النظرية (نظرية المؤامرة) نجدها لدى الأصوليين الكاثوليك في الكوبك بكندا لدى تنظيم القبعات البيضاء Bérets Blancs كما نجدها لدى الجماعات الدينية الأمريكية المسيحية المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية. ومهما يكن الأمر سواء بالنسبة إلى المؤمنين أو المتصلبين أو الملحدين أو الإنسانين العلمانيين أو بالنسبة للشيوعيين، فإن العنف هنا يصدر تحت عنوان الدفاع عن الهوية الدينية المهددة.

فالآخر كما ترسخ هذه النظرية يبدو دائما متآمرا يسعى إلى القتل والإبادة أما “نحن” فمستهدفون أبرياء معرضون للفناء والموت لأن الآخر يريد موتنا وقهرنا وإبادتنا. وقد لعبت هذه الفكرة الأيديولوجية دورا لا يمكن تصور خطورته في تأجيج العنف وتأليب الجماعات على تبني العنف المقدس في مواجهة الخطر الموهوم الداهم. وهذه النظرية “نظرية المؤامرة” تأخذ طابعا رمزيا يولد طاقة عنف رمزية تستهدف الآخر وتعمل على تدمير معانيه ورموزه. وهذه الصورة تسود في الثقافة الطائفية في البلدان العربية حيث دائما ما يقدم الآخر الطائفي على أنه عدو كامن خطر متلبس ينتظر لحظة ضعفنا وهو مستعد للانقضاض والقتل والتدمير في أية لحظة. وهنا يبدو الطابع الرمزي لهذه الرؤية التي تولد حالة من الهياج النفسي الجامح والخطر بين الأفراد والجماعات. فالقتل، قتل الآخر وتدميره، كراهية الآخر والتربص به يأخذ هنا طابع الدفاع عن النفس والوجود والكينونة ويصبح العنف مبررا ومشروعا ومقدسا ضد الآخر. وقد تكون هذه النظرية من أكثر نظرية العنف الإنساني خطورة وقدرة على الفتك والتدمير. فهذه النظرية تثير رهابا وتدفع إلى الإرهاب والقتل باسم الدين والمقدس. فالآخر وفقا لهذه النظرية شيطان يجب أن يقدم على المذابح قربانا للآلهة التي تمنحنا الرضا والهدوء والسكينة.

وهذه النظرية ” نظرية المؤامرة ” نجدها عند أغلب الجماعات الدينية المتطرفة التي تتبناها في نسق من الفعاليات التي تحشد للعنف والكراهية ولغة الموت في أية فرصة سانحة. نجد هذه النظرية لدى الجماعات المتطرفة الكاثوليكية واليهودية والإسلامية وغيرها من الجماعات التي تأخذ صبغة دينية متطرفة. ومهما يكن العدو المفترض لهذه الجماعات (الزنادقة والشيوعيون والعلمانيون والمتنورون وأبناء الأديان المشركون) فإن هذه الجماعات الدينية المتطرفة ترتدي شعار الهوية الدينية المهددة وتتبنى أيديولوجية العنف المقدس للحفاظ على الوجود والهوية. والسؤال هنا لماذا تشعر الجماعات الدينية كما هو حال الجماعات الدينية المتطرفة بأن الزواج المثلي (الهوموسيكسويل) يهدد هويتهم على حدّ سواء؟ وهنا يبرز الطابع الرمزي لهذا السؤال الجوهري، فالجماعات المثلية (الهوموسيكسويل) لا تعير المؤسسات الدينية أو هذه المعنية بالزواج أية أهمية، ومع أن ذلك لا يهدد الجماعات الدينية ولا يقوض وجودها. وهنا تأخذ المسألة طابعا رمزيا فالصراع بين هذه الجماعات المنحرفة والجماعات الدينية صراع رمزي تريد عبره الجماعات الدينية أن تفرض حضورها وهيمنتها ووجودها وهويتها.

دفاعات الهوية:

فالوقائع تشير إلى نمو وتعاظم الجماعات الدينية المتطرفة وهذا بذاته يشكل تحديا إنسانيا وحضاريا يواجه الإنسانية جمعاء، وليس أدل على ذلك من تنامي العنف والإرهاب في مختلف أرجاء المعمورة. وفي هذا السياق يرى كثير من الباحثين أن تنامي العنف الديني ونهضة الجماعات الدينية المتطرفة ناجم عن أوضاع اجتماعية تفقد فيها بعض الجماعات والفئات الاجتماعية حضورها وهويتها وتعاني من ضياع مصالحها ومن تعرضها للظلم الاجتماعي والقهر الاقتصادي، ويؤكد بعض الباحثين أن العنف الديني كان عبر التاريخ صورة من صور الدفاع عن الهوية وصيغة من صيغ المقاومة هدفها الحضور المظفر في دورة الحياة الإنسانية والاجتماعية .

فالعنف الديني يشكل نوعا من النزعة إلى السيطرة والهيمنة حيث يكون تأكيد الهوية بالعنف والسيطرة والقوة. وبالتالي فإن هذه المقاومة وهذا التسلط الاجتماعي يأخذ طابعا رمزيا في مختلف الأزمنة والأمكنة. وهنا يجب علينا أن نحتسب بأن هذا العنف الرمزي يمتلك طاقة هائلة وأنه يتجلى على صورة وقائع وأحداث دامية، فالرمزية الدينية النازعة إلى العنف تدمي وتفتك وتدمر وترهب وتقض المضاجع، وليس أدل على ذلك من الرعب الكبير الذي تشهده مختلف الشعوب الإنسانية، وتكفي نظرة في دهاليز المطارات وأروقتها أن تعطيك صورة هذا الرعب الكبير والخوف المستطير الذي تزرعه هذه الجماعات في القلوب والنفوس والأفئدة.

وقد لا ندرك اليوم طابع الحرب الخفية على الإرهاب الذي تعلنه الولايات المتحدة الأمريكية إلا عندما نبحث في المضامين الخفية لهذه الحرب إنها باختصار حرب الرموز حرب الدلالات والمعاني وقد تكون هي الحرب الأشد والأدهى التي تخوضها الإنسانية. فأنت لا تعرف أين وكيف ومتى تكون – أنت نفسك في أي زمان وأي مكان- وقودا لهذه الحرب التي تثير الرعب الذي يدمر القلوب ويدمي النفوس؛ إنها حرب رمزية متخفية مضمرة غابت شواهدها المادية في أغلب الأحيان وعندما تحضر تكون كارثية كالزلازل والبراكين التي نراها يوميا في العراق وباكستان والتي شاهدنا فصولها في كل مكان تقريبا. وليس أدل على هذا الطابع الرمزي لهذه الحرب الغير مرئية الشاملة من المعاني والدلالات والمفاهيم والتصورات التي تغذي نفوس المحاربين والمتطرفين الذي يدمرون ويدمرون دون توقف لأنهم في عطش دائم إلى الموت والقتل والفتك والتدمير. فالرموز الدينية توظف اليوم وقودا للنار والدم وتشكل قوة ما فوق طبيعية أو قوة روحية كونية تدفع أنصارها وضحاياهم إلى جحيم مستطير لا يبقي ولا يذر.

فهذه الرموز تشكل ضغطا نفسيا قاهرا يدفع مريديها إلى أعمال القتل والتدمير للتطهر والتحرر وإرضاء الله بدفق من الدماء على المذابح الأسطورية المقدسة للإنسانية المعاصرة. ومهما يكن فإن العنف الديني كان دائما رهيبا مروعا في مختلف المراحل التاريخية وليس خافيا أنه قد حصد ملايين البشر في حروب مجنونة جرت أحداثها في مختلف أصقاع العالم في أوروبا وآسيا وأمريكيا باسم الدين والله والمقدس، حيث أخذت هذه الحروب صورة حروب مقدسة كالحروب الصليبية في الشرق العربي، وحروبا أهلية كالحرب الأهلية الدامية المرعبة والفتاكة التي دارت رحاها بين الكاثوليك والبروتستانت في القرن السادس عشر في أوروبا الغربية، أو حروبا طائفية، كالحرب القذرة التي دارت رحاها في لبنان وما زالت تدق طبولها في العراق وتشاد والنيجر.

الخطر الإعلامي:

وهنا علينا أن ننتبه إلى الخطر الذي يمارسه الإعلام في مثل هذه الحروب الأصولية حيث تلعب وسائل الإعلام دور مستطيرا في هشيم الصراع الطائفي والديني. ومثال ذلك عندما أقدم بعض الجنود الأمريكيين في سجن غوانتنامو على تدنيس القرآن الكريم فإن وسائل الإعلام سرعان ما وجدت في هذا الحدث سبقا إعلاميا فبدأت بثا إعلاميا مدمرا ألهب مشاعر المسلمين في مختلف أنحاء الدنيا وأثارت نقمة وعدوانية كبيرة بين المسلمين والمسيحيين، وأثار موجة من النقمة والضغط النفسي لدى المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وهذا الأمر ينسحب على مسألة الإساءة بالرسوم إلى النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) في الدانمارك، وقضية ” الآيات الشيطانية” التي أساء فيها سلمان رشدي إلى الرموز الإسلامية في بريطانيا.

وفي كل هذه الأحداث وغيرها لعبت وسائل الإعلام دورا خطيرا في الترويج السيكولوجي والرمزي للعنف الديني. وكل هذه الوقائع المحزنة كانت تمثل نوعا من التغذية الرمزية الراجعة إعلاميا للعنف والعدوان والإرهاب الديني. ومن المنظور السيكولوجي لا أحد يعلم كيف أثرت هذه الأحداث وغيرها في نفوس الشباب. ونحن على ثقة بأن مثل هذه الأحداث تجيش عاجلا أو آجلا للعنف لدى الأجيال والأطفال ونحن لا نستطيع أن ندرك مختلف الكيفيات والنتائج التي تولها هذا الطابع الإعلامي لانتهاك الرموز الدينية. ففي الحياة هناك ما لا يحصى من الأحداث المحزنة التي تجري ضد الدين ورموزه ولكن تبقى هذه الفعاليات هامشية لا قيمة لها طالما بقيت في الظل بعيدة عن وسائل الإعلام، ولكنها تصبح خطرة ورمزية عندما يتبناها الإعلام ويروجها في أنحاء الدنيا. وإنه لمن الواضح تماما أن المتطرفين وحدهم يستفيدون من هذه الأحداث ويشبعونها بالرمزية الدينية، ومن ثم يوظفونها في استقطاب المتطوعين ويضحون بهم على مذابح المقدس الديني للإطاحة بأمن البشر وتفتيت أجسادهم. وإننا لعلى يقين بأن تنظيمات القاعدة تبتهج دائما لأي حدث رمزي من هذا النوع لاستقطاب المزيد من الأنصار والمؤيدين لزجهم في معارك مقدسة رمزية ضد العدو الحقيقي أو المفترض ومن ثم العمل على بث أوجاع الخوف والقلق والتأسيس لثقافة الموت ودورته الدامية التي لا ترحم.

ويمكن الإشارة في هذا المضمار إلى ثلاثة من ردود الأفعال التي تمارسها الجماعات الدينية المتشددة في مواجهة العالم العلماني: يمكن الانسحاب من الحياة الاجتماعية وقطع العلاقات كليا مع المجتمع العلماني ويأخذ هذا الشكل صورة (الجماعات الصوفية الدينية )، أو يمكن التغلغل في مختلف المراكز الاجتماعية من أجل الوصول إلى مواقع السلطة والنفوذ فيه من أجل تغيير الواقع والتأثير فيه مثل التحالف المسيحي اليميني في الولايات المتحدة الأمريكية Christian Coalition aux USA، أو يمكن مهاجمة المجتمع مباشرة والتركيز على الأصول والمرتكزات العلمانية للمجتمع المدني (تنظيم القاعدة ).

خاتمة:

لقد أضاءت معالجتنا لمسألة العنف الديني في سياق الحداثة المتقدمة والعولمة الزاحفة صورة تصاعد الجماعات الإرهابية الدينية في العالم، وتصاعد هائل في ممارسة العنف، وقد تبين عبر هذا التداول للمسألة أن العنف الديني كان دائما وما زال موجودا وقائما وسيكون، وقد اتضح لنا أيضا بأن هذا العنف يأخذ اليوم صورة الدفاع عن الهوية الدينية وصونها، ومن البيّن أيضا أن هذا العنف يتشح بالطابع الرمزي في أكثر صوره فعالية وتأثيرا. لقد تمّ توظيف الرمز والأسطورة كقوة ما فوق طبيعية للتأثير في عقائد واتجاهات المنتسبين إلى هذه الجماعات الدينية لدفعهم إلى ممارسة العنف ضد الآخر بمختلف الصيغ والأدوات الممكنة، ومن الواضح بأن السلوك الديني المتشدد يمكنه أن يجري وفقا لصيغ متعددة من العنف الرمزي والسيكولوجي والاقتصادي والسياسي والفيزيائي. فالعنف كان موجودا دائما ولكننا اليوم على موعد مع عولمة العنف أو عنف العولمة حيث تلعب وسائل الميديا والاتصال دورا كبيرا في تدوير العنف وتعزيز حضوره. ومن الواضح هنا أن الأصوليين والمتطرفين يستفيدون بشكل جيد من وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلوماتية ويوظفون أدوات العولمة ذاتها في بث العنف ونشر ثقافة الخوف والموت في مختلف أنحاء المعمورة.

ويمكننا في النهاية القول بأن العنف الديني المعاصر يأخذ صورة معادلة معقدة أطرافها المقدس والأسطوري والرمزي والديني والسياسي، وبعبارة أخرى يشكل العنف الديني المقدس صورة لوحة إنسانية دامية مخيفة تتدفق فيها ألوان المقدس ويتعانق فيها الأسطوري بالرمزي لتشكل صورة مذبح إنساني ملطخ بدماء الأبرياء يقدم عليه البشر قرابين استرضاء للآلهة وهديا على الصراط المستقيم !!!!

مراجع المقالة وهوامشها :


[1] -انظر: بير فيو، العنف والوضع الإنساني، في كتاب المجتمع والعنف: مجموعة من الاختصاصين، ترجمة الياس زحلاوي، المؤسسة الجامعية للنشر، بيروت، 1985.

[2] – علي أسعد وطفة، عقلنة العنف قراءة فلسفية في البعد الأخلاقي، مجلة بناة الأجيال العددان 70-71، الفصلان الأول والثاني 2009.

[3] – علي أسعد وطفة، الهويات الأصولية في زمن العولمة، المعرفة السورية، العـدد 557 السنة 48 – شباط / فبراير، 2010، صص (35-55).

[4] – Geoffroy Martin “Le nouveau paradigme de la violence religieuse comme forme de résistance et de contrôle social dans le contexte de la modernité avancée”, revue Religiologiques, no. 31, Printemps 2005, Montréal, UQÀM, 27-36.

[5] – علي أسعد وطفة، الهويات الأصولية في زمن العولمة، مرجع سابق .

[6] – JUERGENSNEYER, M., 2000, Terror in the Mind of God. The Global Rise of Religious Violence, Los Angeles, University of California Press, 316 p.

[7]APPLEBY, RS., 2000, The Ambivalence of the Sacred. Religion, Violence and Reconciliation, New York, Rowan and Littlefield.

[8] – علي أسعد وطفة، الهويات الأصولية في زمن العولمة، مرجع سابق .

[9] – Wellman Jr., K.J. & K. Kukono, 2004, « Is Religious Violence Inevitable ? », Journal for the Scientific Study of Religion, vol. 43, no 3, p. 291-296.

[10] – أنظر : ناصر الزهراني ، حصاد الإرهاب ، الرياض ،  العبيكان ، 2004,

[11] – Conesa, P., 2005, « La violence au nom de Dieu », La Revue internationale et stratégique, no 57, Printemps, p. 73-81.

[12] – أدونيس العكرة ، الإرهاب السياسي ، بحث في أصول الظاهرة وأبعادها الإنسانية ، الطليعة ، بيروت ، 1993.
__________
*أ.د. علي أسعد وطفة/ جامعة الكويت – كلية التربية

وسوم:

التعليقات:

  1. الاسم :عليا عايد العازمي
    أرى أنه لم يعد الدين مجرد تصورات تفرضها الكنيسة أو المؤسسات الدينية بل هو آخذ في التحول إلى تدين من طبيعة فردية على صورة موقف شخصي ورؤية ذاتية للفرد من الدين وإزاءه كما تبين كثير من الدراسات الجارية في هذا الميدان ولاسيما في المجتمعات الغربية المعاصرة.
    فالكنائس الكبرى التقليدية تشهد تراجعا كبيرا في هيمنتها وسلطتها الدينية حيث يكون الولاء اليوم وبدرجة أكبر ولاءً أنويا (نسبة إلى الأنا) تفرضه معايير الحداثة المتقدمة ومقتضيات العيش في رحابها.وأرى أن الجماعات الدينية المتزمتة ليست واحدة متجانسة الهوية والتكوين،
    وعلى الرغم من هذا التباين فإنها تتفق في أمر واحد هو إعلان الحرب ضد النزعة الإنسانية العلمانية بكل ما تنضوي عليه من قيم ديمقراطية وإنسانية.و أن العنف الديني لا يشكل مجرد ممارسة بالنسبة لهذه الجماعات فحسب بل يشكل الأوكسجين الذي يجعلها قادرة على الحياة والوجود والاستمرار.
    وإن أن الإرهاب يعمل على نشر الخوف وبث الرعب وبناء أجواء هستيرية مخيفة في وسط الناس والعامة، وهذا الخوف الذي تثيره الجماعات الإرهابية يقوم على أساس من التهديد الرمزي بالدرجة الأولى

  2. الاسم :عليا عايد العازمي
    أرى أن غوفمان شبه الحياة الاجتماعية وما يدور فيها بمسرح كبير يؤدي فيه كل فرد أدواراً متنوّعة تتناسب مع معطيات المواقف التي يعيشها أو يواجهها، ففي هذه العلاقة يبدأ الفعل الاجتماعي بالنمو والتشكل. ومثل هذه العلاقة تمثّل الذرة الأولى في الحياة الاجتماعية والإنسانية. وبتفاعل هذه الذرة ضمن تشابكات الحياة الاجتماعية يولد النسيج الاجتماعي. وتولد الحياة الاجتماعية في مختلف مظاهرها وتجلياتها وتفاعلاتها الإنسانيّة.
    وأنه تتمثّل الأطروحة المركزيّة في نظريّة غوفمان في
    استجلاء الكيفيّة التي يتشكل فيها هذا التّفاعل الإنساني الدّرامي، وفي دوالية التّفاعل الدرامي بين الجمهور والممثّلين وفي هذا التناول المسرحيّ يحاول غوفمان استكشاف مختلف معادلات التوازن والخلل والتّكامل التي تقوم بين الحياة الشّخصية الخاصّة الخفيّة والحياة العامة الجماعية العلنية. وفي منهجية تناوله لهذه التّفاعلات التي تقوم بين الناس، ولا سيما في مجال الميديا والإعلان ووسائل التواصل الاجتماعي ويرى أنّ سلوك الفرد (أيّ فرد في أيّ موقف تفاعلي) هو صيغة أداء مسرحيّ يعرض فيه ذاته أمام الآخرين، ويسعى الفرد أثناء تأديته الدّورَ أن يقدم انطباعاً محدداً عن ذاته للآخرين يتناسب مع الدّور ومع الأهداف التي يضعها نصب عينيه.كما هو من الواضح أنه
    يستخدم مختلف مفردات الدراما المسرحية لوصف الفعالية السّلوكية التي يؤديها الفرد ويُعدّ مفهوم إدارة الانطباع (Impression Management) أحد المفاهيم المركزية في نظرية غوفمان الدّرامية، ويفيد هذا المفهوم بأنّ الأفراد يستخدمون مختلف الوسائل التعبيريّة الممكنة لتوليد أفضل الانطباعات عن أنفسهم عندما يتفاعلون ويقدمون أنفسهم للآخرين على مسرح الحياة الاجتماعية،

  3. الاسم :عليا عايد العازمي
    أرى أنه تنص الأديان في ديابيجها على مفهوم الصراع الذي بدأ مع بداية خلق الكون ويتجلى هذا الصراع في رفض قطعي أعلنه إبليس جهارا رافضا السجود لآدم .وأن الله قد أوجد الصراع بين الخير والشر وقدر مساره على نحو أبدي فيما بين الناس.وارى أن الحياة وفق الإسلام تأخذ وضعية صراع دائم ومستمر ضد النفس وفي ممانعة لهمسات الشيطان ويأخذ هذا الصراع صورة حية للصراع النفسي الداخلي ما بين الهوى ومطالب العقل والدين.كما أنه ويتجلى هذا التوجه الصراعي في مختلف الأديان في البوذية والمسيحية والمزدكية وفي سائر الأديان فالحياة الإنسانية لا تعدو أن تكون صراع بين الخير والشر بين العقل والغريزة بين الروح والجسد بين الخير والشر بين الهوى والدين.
    فالبوذية تقرّ هذا الصراع الأبدي في رحلة لا تتوقف من الصراع بين الخير والشر في الإنسان في رحلة قد تنتهي إلى النرفانا أو إلى الجحيم.ولا يختلف الحال في الزرادشتية التي تقول بوجود إلهين متصارعين أحدهما إله للخير ويرمز له بإله النور والآخر إله الشر ويرمز له بإله “الظلام”، وبين الإلهين تدور الدوائر في حالة صراع أبدية لا تنتهي إلا بنهاية الزمان.ويعد هيرقليطس أقدم الفلاسفة القائلين بوجود الصراع في الكون الإنساني بوصفه قانونا كليا. ومن أبرز المفكرين الاجتماعيين في مجال نظرية الصراع يشار إلى كارل ماركس وماكس فيبر ودارندورف وكوزر وعدد آخر من علماء الاجتماع الذين قدموا نظريات متماسكة وفعالة في الكشف عن المتاهات السوسيولوجية لمفهوم الصراع وتجلياته الاجتماعية.

  4. الاسم : عليا عايد العازمي
    أرى أن كانط لا يستطيع كانط أن يتناول المسألة الجنسية خارج إطارها الفلسفي الأخلاقي حيث أنه يحاول وضع هذه العلاقات في موقعها ضمن التصميم الأخلاقي لفلسفته، ويسعى إلى أن يحدد القيم الأخلاقية التي يجب أن تحكم العلاقة الجنسية بين الجنسين.يضع كانط الغريزة الجنسية اللذوية في رتبة وضيعة، بوصفها غريزة طبيعية تهدف فقط إلى المحافظة على النوع الإنساني، وهي بطبيعتها اللذوية تتعارض مع المبدأ الأخلاقي.وقد بالغ كانط إلى حدّ كبير في الاعتقاد أن أي ممارسة جنسية لا تقوم على أساس قانون الحفظ البشري ستكون ممارسة ضد الأخلاق والقانون
    الأخلاقي.وكما يبدو، فإن وظيفة العلاقة الجنسية عند كانط هي الإنجاب تحديدا ولا تكمن قيمة الجنس في متعته بل في وظيفته الحيوية وأختلف معه في نظرته هذه حيث لا يمكن أبدا أن تكون تلك العلاقة وظيفتها فقط الانجاب كما يرى هو لأن هذا يتناقض مع القانون الأخلاقي والقيمة الأخلاقية الغائية للإنسان والله ركّب الغريزة الجنسية في الإنسان، وكان تحصيل المتعة جزءا طبيعيّا من هذه الغريزة.
    كما عرف عن كانط هجومه الشديد على العادة الجنسية السرية، وقد وصفها بأنها أبشع ما يمكن للإنسان أن يقترفه إطلاقا، ويرى أن ممارستها تجعل الإنسان أكثر بهيميّة ودونية من الحيوان.

  5. الاسم :عليا عايد العازمي
    أرى أن العالم المعاصر تأخذ العلاقة بين الإنسان والمقدس مكان القلب والصدارة.فالدين في نسق أوضاعنا المعاصرة يمثل صرخة احتجاج ضد الظلم والقهر وزهو في هذا المسار يجسد أمل الناس في العدالة والحرية والقيم السامية.
    كما أن الأديان في جوهرها ترفض العنف وتدفع إلى التسامح والسلام.كما أن الجماعات الدينية التي تتعرض
    للاضطهاد يمكنها أن تلجأ إلى ممارسة العنف ضد العنف الذي تواجهه، وقد ينفجر العنف عندما يتم الخلط بين الدين والسياسة.كما بزغت الحركات الأصولية في العالم في القرن التاسع عشر في كل أمريكا والبلدان العربية والشرق آسيوية. ولم تنشأ هذه الحركات الأصولية على صورة ثورة أو تمرد تقليدي أو على صورة رجعية، بل نشأت كردة فعل ضد الدولة الاستعمارية في البداية ثم ضد حكومات الظل الاستعمارية ثم لاحقا ضد الدولة القومية أو العلمانية وأرى أن
    الأصولية وفقا لهذا التصور ولدت تحت تأثير الأزمات السياسية والاجتماعية في مختلف البلدان.
    كما يشهد الشرق الإسلامي اليوم تناميا مستمرا للأصوليات
    الإسلامية والحركات الإسلامية الأصولية متعددة في بناها واستراتيجياتها ومواقفها من الدولة والعولمة والسياسة، فهناك الحركة الوهابية، والإخوان المسلمون، والسلفيون.

  6. الاسم :عليا عايد العازمي
    أرى أنه دائما ما ينزع البشر في سلوكهم وفي أوجه نشاطهم إلى بناء حقل آمن يوفر لهم أعلى درجة من درجات الأمن الوجودي، ويتضمن هذا الأمن بناء مسافة فاصلة بين حدود الخطر وحدود السلام.لذلك تتسع دائرة المقدس في حقل
    الاعتقاد والممارسة الإنسانية.كما أنه يمكن القول إن المؤمنين ومن باب الإيمان المطلق بالرسالة والعقيدة بدؤوا يضفون طابع القدسية على مختلف المجالات التي أحاطت
    بالنبي عليه الصلاة والسلام، وبدأت هذه الدائرة تتسع لتشمل الصحابة رضي الله عنهم جميعا ومن ثم المحدثين والأئمة ورجال الدين.ولم يقف زحف هذا المقدس عند هذا الحد بل امتد أيضا ليشمل الحكام والقادة والزعماء.
    وإن ظهور الدين الإسلامي، في ظرف تاريخي ولغوي واجتماعي معين، أشاع القداسة الخاصة به على ما حوله
    مشكلة المقدس الديني في أنه شكّل وما زال يشكّل مصدرا يضفي طابع القدسية على ما حوله من مظاهر الحياة والكون الذي يحيط بنا. فالمقدس الديني لا يقبل التداول أو النقد أو المعالجة ولا يمكنه أن يكون موضعا للشك والجدل والمناقشة.

  7. نعم العنف الديني من اكثر المواضيع الذي يجب ان تدرس اسبابه خاصه وان الدين بعموميته يدعو الى السلام فكيف ياتي هذا العنف ومن المسئول عنه وكيف نساعد بلدننا من تقليل مخاطره وسلبياته.
    أمينه علي العازمي

  8. هذا الاقتباس يشير إلى تجربة التعرض للاستعمار التي تعرضت لها العديد من الدول الإفريقية من قبل القوى الأوروبية خلال العصر الاستعماري. ويعكس هذا الاقتباس كيف تم استغلال الدين والإيمان الديني لتحقيق أهداف سياسية واستعمارية.

    ففي العديد من الأحيان، استخدم الأوروبيون الدين لتبرير غزوهم واحتلالهم للأراضي الإفريقية، ولإقناع السكان المحليين بأن الغزو يتم لأغراض دينية. ومن خلال هذه الخدعة تمكنوا من الاستيلاء على الأراضي وثرواتها ومواردها بطريقة غير شرعية، وبدون احترام لحقوق السكان الأصليين.

    ولكن يجب الإشارة إلى أن هذا الاقتباس يعبر عن وجهة نظر محددة، ولا يمكن الجزم بأنه يعكس الواقع بالضرورة في جميع الأحيان. ومع ذلك، فإنه يعكس تجربة مؤلمة للعديد من الشعوب الإفريقية وغيرها التي تعرضت للاستعمار والظلم والاستغلال.

  9. إن تناولنا لقضية العنف الديني في سياق الحداثة المتقدمة والعولمة الزاحفة قد أضاء لنا صورة تصعيد الجماعات الإرهابية الدينية حول العالم وتصعيدًا هائلاً في ممارسة العنف.
    يتخذ العنف الديني اليوم شكل الدفاع عن الهوية الدينية والحفاظ عليها ، وهو العنف الذي هو أيضًا رمزي في أكثر أشكاله فعالية وتأثيراً. تم استخدام الرمز والأسطورة كقوة خارقة للطبيعة للتأثير على معتقدات ومواقف المنتسبين لهذه الجماعات الدينية لحملهم على ممارسة العنف ضد بعضهم البعض بمختلف الأشكال والوسائل الممكنة. ومن الواضح أن السلوك الديني متشدد يمكن أن يحدث وفقًا لأشكال متعددة من العنف الرمزي والنفسي والاقتصادي والسياسي والجسدي. لطالما كان العنف موجودًا ، لكننا اليوم على موعد مع عولمة العنف أو عنف العولمة ، حيث تلعب وسائل الإعلام والاتصال دورًا مهمًا في إعادة تدوير العنف وتقدير وجوده. يتضح هنا أن الأصوليين والمتطرفين يستفيدون بشكل جيد من وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات ويستخدمون نفس أدوات العولمة لنشر العنف ونشر ثقافة الخوف والموت في أنحاء مختلفة من العالم. يتخذ العنف الديني شكل معادلة معقدة جوانبها مقدسة وأسطورية ورمزية ودينية وسياسية.

  10. يتخذ العنف الديني اليوم شكل الدفاع عن الهوية الدينية والحفاظ عليها كمؤثر على انفعالات الشعوب ، باعتبار أنه أقرب ما يكون إلى الاتهام السلبي ضد أي طرف آخر ، وهو أيضًا عنف رمزي في أكثر أشكاله تأثيرًا وتأثيرًا ، وإعلامًا. والتواصل يلعب دورًا مهمًا في إعادة تدوير العنف وتقدير وجوده وفقًا للاتجاهات السائدة في المجتمعات والقوة القوية أو الرمز الأسطوري السائد في المجتمعات وأول من يتم التضحية بهم في هذا الجانب هم أشخاص أبرياء ليس لديهم علاقة مباشرة بتكشف الأحداث المختلفة. يتضح هنا أن الأصوليين والمتطرفين يستفيدون بشكل جيد من وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات ويستخدمون أدوات العولمة ذاتها لنشر العنف ونشر ثقافة الخوف والموت في أنحاء مختلفة من العالم. يتخذ العنف الديني شكل معادلة معقدة جوانبها مقدسة وأسطورية ورمزية ودينية وسياسية.

  11. ارى انه الدين لم يعد مجرد تصورات تفرضها المؤسسات الدينية بل هي تدين من طبيعة الفرد الشخصي

  12. ديننا الإسلامي ليس دين ضعف بل دين قوة وعزة ورفعه
    والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وعرف منذ قديم الزمان بان أعداء الدين والإنسانية يسعون إلى تدمير وحدة المسلمين باي طريقه ووسيله وكثر في هذا الزمان ايضاً المسلمين المنافقين اصحاب المصالح الشخصيه فهم شكلياً مسلمين ووحقيقتهم غير ذلك

  13. فالمجتمعات الدينية غالبا ما تلجأ إلى الدين لتفسير وقائع الحياة والتجارب الإنسانية التي تعيشها، فقدرة الدين على تحقيق النشوة الدينية
    بارك الله في جهودك دكتورنا العزيز

  14. عليا عايد العازمي
    أرى أنه لم يعد الدين مجرد تصورات تفرضها الكنيسة أو المؤسسات الدينية بل هو آخذ في التحول إلى تدين من طبيعة فردية على صورة موقف شخصي ورؤية ذاتية للفرد من الدين وإزاءه كما تبين كثير من الدراسات الجارية في هذا الميدان ولاسيما في المجتمعات الغربية المعاصرة.

    فالكنائس الكبرى التقليدية تشهد تراجعا كبيرا في هيمنتها وسلطتها الدينية حيث يكون الولاء اليوم وبدرجة أكبر ولاءً أنويا (نسبة إلى الأنا) تفرضه معايير الحداثة المتقدمة ومقتضيات العيش في رحابها.وأرى أن الجماعات الدينية المتزمتة ليست واحدة متجانسة الهوية والتكوين،

    وعلى الرغم من هذا التباين فإنها تتفق في أمر واحد هو إعلان الحرب ضد النزعة الإنسانية العلمانية بكل ما تنضوي عليه من قيم ديمقراطية وإنسانية.و أن العنف الديني لا يشكل مجرد ممارسة بالنسبة لهذه الجماعات فحسب بل يشكل الأوكسجين الذي يجعلها قادرة على الحياة والوجود والاستمرار.

  15. هذا المقالة توضح موضوع خطير في وقتنا الحالي . تتناول هذا المقالة ظاهرة العنف الديني وتفسر كيف يتم تشجيعه وتبريره من خلال تحييد أو تحريف القيم الدينية. لذلك فإن هذا النوع من العنف قد يصبح خطرًا كبيرا على السلم المجتمعي والاستقرار في العالم. كما توضح المقالة في تسليط الضوء على التأثيرات السلبية للإرهاب المقدس على المجتمعات والأفراد. فبدلاً من أن يكون الدين مصدرًا للسلام والتآخي، يُستخدم في بعض الأحيان كذريعة لارتكاب أعمال عنف وإشاعة التكفير والكراهية. وتبين المقالة أن العنف الديني لا يتأتى من للدين نفسه ، بل يتم استثماره من قبل فئة ضيقة من الأفراد المتشددين أو المتطرفين الذين يطبقون تأويلات حرفية ومتطرفة للنصوص الدينية بهدف تحقيق أجندات سياسية أو اجتماعية معينة. كما تسلط المقالة الضوء على أهمية التفسير الصحيح للنصوص الدينية وتحفر في أشكال التحديد الضيقة وتحريف المفاهيم الدينية التي يستخدمها الإرهابيون للترويج لأعمالهم العنيفة. كما تضيف المقالة العنصر الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في فهم ظاهرة العنف الديني، حيث يتم استغلال الظروف الاجتماعية الصعبة والعدم المساواة والاضطهاد لتجنيد المتشددين والترويج لأفكار الكراهية والتطرف الديني. وتبين المقالة الخطر الاعلامي الذي تمارسه هذا الجماعات في الصراع الطائفي والديني وتوضيح ما يسببه الإعلام من خطر وترويج في هذا الإرهاب وهذا ما يجب علينا الحذر منه.
    ميعاد عوده

  16. شكرا لك دكتوري علئ هذا التنوير الذي تبين لنا ان وسائل الميديا والاتصال لعبت دورا كبيرا في تدوير العنف وتعزيز حضوره. ومن الواضح هنا أن الأصوليين والمتطرفين يستفيدون بشكل جيد من وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلوماتية ويوظفون أدوات العولمة ذاتها في بث العنف ونشر ثقافة الخوف والموت في مختلف الانحاء وايضا صورة تصاعد الجماعات الإرهابية الدينية في العالم، وتصاعد هائل في ممارسة العنف وبذلك نقول بان العنف كان ولازال موجوداً

  17. الصفاء العرقي أو الديني أو الحضاري ليس ممكنا أبدا ولم يكن عبر التاريخ،لابد من اختلافات وصراعات دينيه وعرقيه

  18. يعطيك العافيه دكتور
    العنف الديني آخذة في الرواج في العالم العربي بصورة أكثر اختزالاً وتشوّهاً وتسييساًفحتى العنف الديني إن صحّ استعمال هذا التعبيرأصبح محصوراً في توصيف الجهاديّة السنّية بأطيافها👍🏻

  19. من وجهة نظري أن الدين ليس له علاقه بالعنف ! إنما العوامل الايديولوجية هي التي تشكل العنف و ارى ان العنف على حسب طبيعة الشخص و تربيته و ان كان يعيش وسط مجتمع يمارسون العنف على جميع أشكاله لا بد إن يتأثر لكن يستطيع ان يكون مختلف عنهم و ان لا يمارس العنف أيًا كان وسطه الذي يعيش فيه ، و الحروب ضد النزعة الإنسانية اتفق و بقوه لانه لا تنتج الا الكراهيه و العنف الجسدي و النفسي و التشتت ، و ممكن ان يكون الشيطان يوسوس للإنسان للعنف و لكن اذا كان إيمان الشخص قوي قادر ان يسيطر على هذا الشعور و ان يبتعد عن العنف

  20. على المسلم والمؤمن والمتدين أن يتقرب لله بغير هدر دماء الناس وأن يكون مثالاً لدينه في الدفاع عنه

  21. إن المقال يقدم تحليلا شاملا لمفهوم العنف الديني ومظاهر الاستلابية له، ويساعد على فهم العلاقة بين الدين والعنف والتطرف. ويمكن استخدام هذا التحليل في تصميم استراتيجيات لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني. ومحاولة فهم العوامل التي تدفع بعض الأفراد إلى ارتكاب أعمال عنف ديني، بما في ذلك العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية وإلى أن العنف الديني لا يقتصر على ديانة معينة، بل يمكن أن يظهر في جميع الأديان. كما أنه يمكن استخدام الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية، وهو ما يعرف بالدين السياسي.

  22. يعتبر العنف بالزمن الحالي من أخطر ما يمكن ان يتعرض له المجتمع ويشكل من اكثر المصادر قدره على اثاره الرعب في نفوس البشر

  23. العنف المقدس احد اكثر الامور رعباً و رهبه كذلك و عرفته من هذه المقالة ان اكثر ما يجمع الجماعات الدينية هو تبنيها للعنف و هو اكسجين بالنسبه لها و هي تتميز بمقاومتها للمجتمع العلماني و الشعور المتبنى لديهم هو بسبب التمرد الناجم عن غياب العدالة الاجتماعية وتعرفت من خلال هذه المقالة كذلك على سكوت الذي قدم رؤية اكثر وضوحاً للعنف الديني الذي ذكر ان المجتمعات الدينية غالباً ما تلجأ الى الدين لتفسير وقائع التجربة والحياة التي يعيشونها

  24. ان استخدام الدين بدافع الارهاب للاسف الشديد اصبح شيء رائج و منتشر في زمننا هذا ، فهناك من يسفك الدماء ويقتل الناس و يرمي باللوم على الدين ، وهذا الشيء يجعل المجتمعات تاخذ صوره خاطئه عن الدين و تنمي الخوف و الكراهيه ضد المجتمعات الدينيه .
    الجماعات الارهابيه غالبا لا تكون من اهل الدين بل من المتطرفين الذين لديهم فكر مخالف للدين . هذا الارهاب لم يبدا بيوم وليله ولكن موجود من قديم الزمان.
    مقاله رائعه و ركزت على كل جانب بشكل دقيق ، اشكر الدكتور علي على كتابته المميزه .

  25. العنف المقدس اليوم باشكاله الدينية و الايديولوجية يشكل صراعات
    من اكثر المصادر التي ترعب البشر

  26. الإرهاب والعنف الديني يشكلان خطرًا على المجتمعات والأفراد، ويتعين علينا جميعًا العمل معًا لمحاربة هذه الظاهرة يمكن للمجتمعات تحقيق ذلك من خلال تعزيز القيم الإنسانية والسلام، والتعليم على الدين بما يتوافق مع القيم الإنسانية والسلام. يتعين علينا جميعًا العمل معًا لمكافحة الإرهاب والعنف الديني، والتأكد من أن الأفراد والمجتمعات يعيشون في بيئة آمنة ومستقرة

  27. يصنف العنف المقدس بأشكاله الدينية والأيدلوجية في مختلف أشكال الصراعات السياسية والثقافية والاجتماعية المعاصرة ، وهو أكثر المصادر قدرة على إثارة الرعب والخوف في نفوس البشر، وأن يوجد عنف ديني وهو يشكل صورة لوحة إنسانية دامية

  28. مقاله محزنه وجميله وفيها اثار وعبر جميله وسعيده لقراءتها وفيها معلومات مليئه ومطلحات

  29. المهم استغلال الإعلام لمعالجة القضايا الاجتماعية، أو الحد منها كالحد من العنف أو القضاء على أشكال التمييز بين أفراد المجتمع كالعنصرية، وتسهيل عملية الحوار بشأن قضايا الساعة. كما أن وسائل الاعلام تتمتع بقدرات هائلة على تدريب وتثقيف الجماعات بسهولة، وبالتالي تعمل كمحور لنشر المعرفة والتعليم

    مقاله رائعه وتحمل الكثير من المعلومات المهمه والمفيده

  30. كنت أعتقد بأن العنف موجود بطبيعة البشر ويأتي الدين ك عذر وللتبرير وربما لازلت أظن ذلك، استمتعت بقراءة الاراء والافكار شكرا لجهودك.

  31. ٤-” الإرهاب المقدَّس: المظاهر الاستلابيَّة للعنف الديني”

    يتعين على المجتمع الدولي تعزيز التعاون والتنسيق في مكافحة الإرهاب المقدَّس، وتبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة التطرف والتشدد الديني و يجب أن يكون هناك التزام قوي بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وتقديم الفرص الاقتصادية والتعليمية لمنع انتشار التطرف والإرهاب.يجب أن ندرك أن الدين في أصله يدعو إلى السلام والرحمة والتسامح، وأن التطرف والعنف الديني ليسوا سوى انحراف عن تعاليمه الحقيقية.

  32. موضوعا حساسا ومهما يتعلق بالعنف الديني ومظاهره المتعددة وتأثيراتها على المجتمعات والدول. ويقدم المقال تحليلًا نقديًا للعنف الديني ويبين كيف أن العنف الديني يمكن أن يتحوّل إلى “إرهاب مقدّس” وأن العنف يمثّل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار العام.
    إن المقال يحتوي على تحليل شامل ومعمّق للعنف الديني، ويقوم بتسليط الضوء على مظاهر الاستلابية التي يمكن أن يتبناها العنف الديني.

  33. لقد كان هناك جدالاً واختلافاً في وجهات النظر لدى الباحثين حول علاقة العنف بالدين ، ومع غياب التيارات الدينية الكبرى تشهد ساحة العصر ولادة جماعات دينية صغيرة متماسكة وجماعات كبيرة على صورة حركات اجتماعية بروابط اجتماعية أقل تماسكاً ، وكما تبين أن السمك الغالبة لكلتا الجماعتين أنها اتخذت من العنف الديني منهجاً ومذهباً ، ومن غير العنف تفقد هذه الجماعات قوة حضورها ووجودها، أيضاً كان لوسائل الاعلام دوراً خطيراً في الترويج السيكولوجي والرمزي للعنف الديني.

  34. من وجهة نظري العنف الديني عبارة عن أعمال ارهابية تكون من اختصاص ممثل لهذه الأفعال العنيفة يختبأ خلف مصطلح الدين لكي يحمي نفسه و يحمي أفعاله و انا أوافق ماثيو رولي عندما قال أن العنف بإسم الدين ظاهرة معقدة و قد تؤدي الى الخطر كما لاحظ ايضاً بأن الروايات العلمانية مبالغ فيها و أن معتقداتهم و تفكيرهم معقد .

  35. تناولت المعالجة قضية العنف الديني في ظل التقدم الحضاري والعولمة المستمرة، وأشارت إلى تزايد الجماعات الإرهابية الدينية وارتفاع مستوى العنف، أظهرت الدراسة أن العنف الديني كان وما زال حاضرًا وسيظل، وأنه يتم الآن تبريره كدفاع عن الهوية الدينية، يلاحظ أيضًا أن العنف الديني يتخذ شكلًا رمزيًا فعّالًا وذو تأثير قوي.
    تم استخدام الرموز والأساطير كقوة خارقة للتأثير في معتقدات وتوجهات أتباع تلك الجماعات الدينية، محرضة إياهم على ممارسة العنف بأشكال وأدوات متنوعة، يمكن أن يتم التصرف الديني المتشدد بأشكال متعددة من العنف الرمزي والنفسي والاقتصادي والسياسي والجسدي، يشهد العالم اليوم ظاهرة “عولمة العنف” أو انتشار العنف في ظل التواصل العالمي ووسائل الإعلام

  36. عندما يتحدث الكاتب عن تطور الدين وانتقاله من الصوره الجمعيه الى صوره الفردنه فأنه ضمناً يقول لنا ان ما قد يصدر عن الافراد من مظاهر العنف ليست بالضروره تعبيراً عن الدين ، وأن هذا العنف ليس من جوهر الدين .

  37. عندما يتحدث الكاتب عن تطور الدين وانتقاله من الصوره الجمعيه الى صوره الفردنه فأنه ضمناً يقول لنا ان ما قد يصدر عن الافراد من مظاهر العنف ليست بالضروره تعبيراً عن الدين ، وأن هذا العنف ليس من جوهر الدين .

  38. أعتقد بأن العنف المولد في الدين أو بما يسمى العنف الديني ليس هو الدين في أساسه
    الدين في أساسه فعلاً دين سلام و تسامح
    ولكن من ينقل هذا الدين و يمارسه “البشر ” هو من يجعل صورة الدين بجوهره كـ عنف ..
    مثل الارهاب المقدس ، يقومون بذبح فتاة عذراء ويشربون دمائها و يوزعون لحمها على الفقراء ظناً منهم انها تعطي روح الشباب و يزيد من عمر الانسان و قربان !! ، اذا من شوّه الدين هنا و من جعل فيه العنف هم الكهنه ليس الدين بنفسه او بجوهره .

  39. كالعادة يادكتور مقالة رائعة
    وانا أعتقد أهم العوامل المساعدة لمنع هذا الطوفان الإرهابي الحالي والقادم هي تعزيز العدالة الاجتماعية.

  40. الإرهاب المقدس : قراءة في المظاهر الاستلابية للعنف الديني
    النص يتناول موضوع العنف الديني وعلاقته بالرمز والمقدس والأسطورة وفي مقدمة النص يتساءل المؤلف عما إذا كان الدين يمكن أن يؤسس على العنف وإذا ما كان العنف يشكل مطلبًا للدين، يشير المؤلف كذلك إشارة هامة أيضًا إلى أن العنف الديني يثير انطباعات سلبية وتصورات سلبية للصحفيين والسياسيين في الغرب والشرق ويعتبر التفجيرات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 نقطة تحول في دراسة العنف الديني، حيث أصبح هناك اهتمام كبير بفهم ظاهرة العنف الديني وتحليله، كما يشير النص إلى أن الدين يتطور وأن العلاقة بين الفرد والمؤسسات الدينية تصبح أكثر غموضًا وضبابية.
    المؤلف بعد ذلك انتقل في مهارة ليستعرض أيضًا تكاثر الجماعات الدينية وتغير طبيعتها في العصر الحديث، يشير إلى أن الكنائس التقليدية التي تفقد سلطتها الدينية وتشهد تراجعًا في التأثير، في حين تظهر جماعات دينية صغيرة تتمتع بتماسك أكبر وتعتمد على العنف الديني والطائفي و يشير المؤلف إلى أن هذه الجماعات الدينية الصغيرة تطرح أفكارًا سياسية واجتماعية وتتبنى العنف كوسيلة وأداة لتحقيق أهدافها، ويصف هذه الجماعات بأنها متطرفة وتعتبرها بعض الأحيان جماعات إرهابية.
    يعرض المؤلف كثير وكثير من التساؤلات الفلسفية حول طبيعة العنف الديني وعلاقته بالدين ويستدل على أن الدين والظواهر الدينية يشتملان على التسامح والسلام والمحبة، ومع ذلك، يبقى السؤال حول سبب وجود العنف الديني وكيفية تشكله وانتشاره في العالم المعاصر.
    يتضمن النص أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بسهولة، مما يعكس تعقيد الموضوع وصعوبة فهم العلاقة بين الدين والعنف. يشير النص إلى أن هناك حاجة لدراسات علمية عميقة لفهم حدود وأبعاد هذه المسألة المعقدة.
    يركز على العنف الديني كظاهرة اجتماعية تتصاعد في العصر الحديث، ويشدد على تبني بعض الجماعات الدينية العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها. يشير النص إلى أن هذه الجماعات المتطرفة تشكل تحديًا وتنطوي على طابع سياسي واجتماعي، وتعتبر أداة للعنف والإرهاب.
    وبشكل عام تعد المقالة من المقالات الرائعة التي تتسم بالترابط بين جزيئاتها و يستخدم النص لغة قوية ومثيرة للتأمل وللتعبير عن خطورة وتعقيد العنف الديني وعلاقته بالرمز والمقدس والأسطورة.

Comments are closed.

جديدنا