البرامج الفعَّالة لتحسين مستوى المصابين بالتوحُّد في المدارس الابتدائيَّة التونسيَّة

image_pdf

بقلم: وصال همادي ومحمد سماح الجملي والدكتورة سناء العيسي.

 دراسة أساليب وطرق علاجيَّة

الملخص:

يعرض هذا المقال العلمي فهمًا شاملاً للاضطرابات التي تشكل طيف التوحد، ويوضح الأسس العلمية لهذا الاضطراب العصبي النمائي والتحديات السريرية التي يواجهها الأشخاص المصابون به. كما يتناول المقال طرق العلاج المختلفة المتاحة لمعالجة الأعراض المصاحبة للتوحد وتحسين جودة حياتهم. وتشير الدراسات المعروضة في المقال إلى أهمية الاهتمام بالأطفال المصابين بطيف التوحد وتقديم الدعم والعلاج اللازمين لهم، حيث يمكن لهذا الاهتمام أن يُحدث تحسنًا ملحوظًا في نموهم الشخصي والأكاديمي. وبشكل عام، يهدف المقال إلى توعية القراء حول أهمية التعرف على اضطراب طيف التوحد وتقديم العلاج والرعاية المناسبين للأشخاص المصابين به.

يتيح هذا المقال الفرصة للتعرف على طيف التوحد مبرزا أهم الطرق والأساليب العلاجية المتبعة ليتخطى الطفل هذا الاضطراب وليتمتع بحياة اجتماعية وبتعليم كغيره من الأطفال الطبيعيين .

الكلمات الرئيسية:

– طيف التوحد، الطرق العلاجية، البرامج التعليمية، أهمية العناية بأطفال طيف التوحد.

المقدمة:

يعد الأطفال المصابون بالتوحد من بين الفئات الأكثر عرضة للتحديات في الحياة، فهم يواجهون صعوبة في تطوير مهاراتهم الاجتماعية والاتصالية والسلوكية، وبالتالي يحتاجون إلى دعم خاص من مربيهم وأهلهم والمجتمع. يُعرف التوحد باعتباره اضطرابًا طيفيًا في النمو، يؤثر على قدرات الأطفال في التواصل والتفاعل الاجتماعي واللغة والمراقبة والأنماط السلوكية المتكررة حيث أن الأطفال المصابون بهذا الاضطراب ينغلقون على أنفسهم وينطوون عليها فلا يقيمون علاقات مع الآخرين ولا تكون لهم دافعية نحو التفاعل مع محيطهم بل ولا نجد لديهم اي اهمية او رغبة لذلك.

1. اضطراب التوحد: تعريفه وتأثيره على النمو العصبي والتواصل الاجتماعي:

و تعدُّ اضطرابات التوحد أحد أكثر الاضطرابات شيوعًا في فئة اضطرابات النمو عند الأطفال. كما عرفت منظمة الصحة العالمية طيف التوحد، في مقال تحت عنوان ’’التوحد‘‘ في 30 مارس 2022، بأنه مجموعة من الاختلالات ولاعتلالات المتنوعة والمرتبطة بنمو الدماغ والتي تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال الانطواء على الذات وعدم القدرة على إنشاء علاقات مع الآخرين وصعوبة الانتقال من نشاط إلى آخر(أنظر المرجع عدد1). يؤثر على ما يقرب من 1 من كل 100 طفل، مما يجعلها ثاني أكثر الأمراض العصبية النمائية انتشارا (أنظر المرجع عدد2)، وهذا ما نلاحظه اليوم من تزايد لعدد المصابين بطيف التوحد مما استوجب أن نولي الأهمية لهؤلاء الأطفال. ومن حيث الجنس، فنجد خمسة فتيان مقابل فتاة واحد، أي انها تهدد الذكور أكثر من الإناث.من خلال الرسم التوضيحي التالي الذي يبين الفرق بين دماغ طفل طبيعي وطفل يعاني من اضطراب التوحد، نلاحظ أن القنوات العصبية ( ذات اللون الأحمر ) في دماغ الطفل الطبيعي كثيرة، فعالة ومنشطة مقارنة بدماغ طفل التوحد، والذي كما تبينه الصورة، يعاني من اضطراب نمو في مستوى الخلايا أو القنوات العصبية ويختلف الوضع بين ذوي اضطراب التوحد، وربما يعود ذلك لاضطراب (نقص أو  زيادة) في كمية مادة GABA في الدماغ ويمكن إصلاح ذلك بتجويد تغذية الطفل ويكون ذلك بعد تشخيص طبي. اذا نلاحظ أن دماغ الطفل المتوحد يعاني من نقص في نمو القنوات العصبية فتكون غير مكتملة، مما يعود سلبا على فاعليتها، فبعضهم لديهم تضخم بالهيبوكامبوس مما يؤثر على الذاكرة وتكوينها، ويعانون من قلة الأنسجة المخية وضعفها الشيء الذي يؤثر على الجانب المعرفي والتواصل الاجتماعي بالإضافة إلى سماكة القشرة الخارجية للمخ.(أنظر المرجع عدد3)

صورة رقم 1: صورة توضيحية لمقارنة دماغ طفل سليم (اليسار) بدماغ طفل التوحد (اليمين).³

2. الطرق والأساليب العلاجية :

و من أجل تحسين جودة الحياة لهؤلاء الأطفال وتمكينهم من الحصول على الرعاية اللازمة، فإنه من المهم توفير الدعم اللازم والتعليم المناسب لهم.

 تعتمد طرق التدخل المختلفة في التعامل مع هذا الاضطراب على عدة عوامل، من بينها سن الطفل، ومدى خطورة حالته، ونوع الأعراض التي يعاني منها. وسنتطرق في هذا المقال إلى تحديد بعض الطرق العلاجية. من بين أفضل الطرق العلاجية لهذا الاضطراب، نجد التحليل النفسي، العلاج السلوكي، طريقة تحليل السلوك التطبيقي، العلاج التعليمي ( طريقة البرنامج التعليمي الفردي، طريقة TEACCH، طريقة فاست ورد وطريقة الثابتة )، العلاج الطبي بالعقاقير، التدريب على التكامل السمعي، التواصل الميسر، العلاج بالتكامل الحسي، العلاج بالموسيقى، تطوير علاقات الصداقة ومهارات التواصل، العلاج بالحمية الغذائية: (أنظر المرجع عدد7)

1. طريقة التحليل النفسي:

كان استخدام جلسات التحليل النفسي احد الأساليب العلاجية السائدة حتى السبعينات من هذا القرن وتهدف أساسا هذه الطريقة إلى إقامة علاقة ودية مع نموذج يمثل الأم المتساهلة المحبة وهي علاقة تنطلق من افتراض مؤداه أن لطفل التوحد لم تستطع تزويده بها، وتطبق هذه العلاقة على المدى الطويل فقد تحتاج إلى سنوات عدة حتى تتطور خلال عملية التحليل النفسي .

 تنجز هذه العملية على مرحلتين :

 الأولى، يقوم المعالج بتزويد الطفل بأكبر قدر ممكن من التدعيم وتقديم الإشباع وتجنب الإحباط مع التفهم والثبات الانفعالي من قبل المعالج. أما الثانية، فيركز المعالج النفسي على تطوير المهارات الاجتماعية كما تتضمن هذه المرحلة التدريب على تأجيل وأرجاء الإشباع والإرضاء.

2.طريقة العلاج السلوكي:

 تهتم هذه الطريقة بالتعديل السلوكي في علاج إعاقة التوحد.

دواعي اختيار هذه الطريقة : يقدم هذا العلاج المنهج التطبيقي للبحوث التي تركز على الحاجات التربوية لذوي اضطراب التوحد ويعتمد على أساسيات التعلم ويعمل أطفال التوحد نماذج من السلوك التكيفي  وأهم السلوكيات التي تعلمها لذوي طيف التوحد: مهارات تعلم اللغة والكلام، السلوك الاجتماعي الملائم، مهارات متنوعة من العناية الذاتية، اللعب بالألعاب الملائمة، المزاوجة والقراءة، المهارات المعقدة غير اللفظية من خلال التقليد العام.

 ترتكز طريقة تعديل السلوك على مكافأة (اثابة) السلوك الجيد أو المطلوب بشكل منتظم مع تجاهل مظاهر السلوك الأخرى غير المناسبة تماما وذلك في محاولة للسيطرة على السلوك الفوضوي لدى الطفل. تتم هذه الطريقة على مراحل :

– أولا، تحديد الهدف:

 يتم تحديد السلوك المرغوب في تكوينه بشكل محدد وواضح.

– ثانيا، سهولة التعليمات ومناسبتها للطفل :

 يجب على المعلم السلوكي أن يستخدم تعليمات سهلة الفهم لدى الطفل بالإضافة إلى ضرورة اختيار أوقات توجيه الحديث إليه، كذلك يجب الانتباه إلى حجم التعليمة فلا يجب أن يكون مطولا.

– ثالثا، حث الطفل على الاستجابة :

 يجب أن يكون المطلوب تأديته ملائما مع خبرات الطفل الحاضرة لأنه قد لا يستجيب أن كانت الإجابة ليست حاضرة لديه.

– رابعا، مراعاة أن تتم عملية تشكيل السلوك :

يقسم الهدف إلى وحدات صغيرة متتالية ويجب مكافأة الخطوات الصغيرة جميعها إلى أن يتحقق الهدف. مثلا، عندما تريد من الطفل أن ينطق كلمة ’’باب ‘‘ ولكنه نطقها على مرحلتين، في الأولى قال ’’با‘‘ وفي المرة الثانية قال ’’ب‘‘، يجب أن يكافأ على كل خطوة في حينها وأن اخطأ في أحداهما لا يكافأ فيها.

– خامسا ، نوعية المكافأة :

 يجب اختيار المكافأة بعناية لتكون ذات تأثير على الطفل. وليس من الضروري أن تكون في شكل أطعمة أو هدية مادية.. ولكن يمكن أن تكون معنوية كحضنه أو تقبيله أو تشجيعه.

3. طريقة تحليل السلوك التطبيقي:

 وهي عبارة عن دروس تعليمية مجزأة إلى عدة عناصر ويمكن تعليمها من خلال اعادة المحاولة مع الطفل عند وجود مثير من قبيل اعمل هذا، المس ذلك، انظر لي.. حيث تكافأ الاستجابة الصحيحة من خلال المعززات الايجابية ويمكن إهمال الاستجابة الغير صحيحة .

 4. طريقة العلاج التعليمي:

 وهي الطريقة الأفضل وأكثر نجاحا بل ويعتبر الأمل الوحيد أمام أطفال التوحد، لأنها تعمل على تنمية مهاراتهم التواصلية-اللغوية والغير لفظية والنمو الاجتماعي والانفعالي ومعالجة سلوكياتهم الشاذة وتدريبهم على العناية بأنفسهم ورعايتها..

و تبدأ برامج التدخل العلاجي التعليمي مبكرا في حياة الطفل المصاب وذلك وفق الطرق التالية:

أ. طريقة البرنامج التعليمي الفردي :

و هو برنامج تعليمي خاص مبني إعداده على مبدأ أن لكل طفل توحدي احتياجاته التعليمية الخاصة به، فيكون له شخصيته الخاصة مما يستوجب بناءا على قياس وتقييم دقيق لتلك القدرات المتباينة ويقوم بإجرائه ثلة من الأخصائيين النفسيين والتربويين مما اوجد تخطيطا لبرنامج تعليمي فردي للطفل. ويجب ان يتضمن التقييم حصرا توصيفا دقيقا للسلوكيات النمطية لهذا الطفل التوحدي.

ب. طريقة      :TAECCH

و هي طريقة تعليمية شاملة لا تتعامل مع جانب واحد كاللغة أو السلوك، بل تقدم تأهيلا متكاملا للطفل عن طريق هذا البرنامج حيث أن العلاج مصمم بشكل فردي على حسب احتياجات كل طفل حيث يكون عدد الأطفال في القسم ما بين 5 و7 أطفال مقابل معلمة واحدة ومساعدة للمعلمة.

ج. طريقة فاست فورورد :

 وهي تتمثل في برنامج اليكتروني يعمل بالحاسوب ويعمل على تحسين المستوى اللغوي للطفل التوحدي. تقوم فكرة البرنامج على وضع سماعات على أذني الطفل بينما هو يجلس أمام شاشة الحاسوب، يلعب ويستمع للأصوات الصادرة من هذه اللعب.

 يهتم البرنامج خاصة بعدة جوانب لعل أهمها اللغة والاستماع والانتباه، حيث يفترض ان الطفل قادر على الجلوس أمام الحاسوب دون وجود عوائق سلوكية.

5. العلاج الطبي بالعقاقير :

 لم يظهر حتى الآن أي عقار طبي شافي بمعنى الكلمة ولكنها على الأقل تخفف من أعراض الاضطراب مثال تنمية القدرة على الانتباه والتركيز والنشاط الحركي…

6.طريقة التدريب على التكامل السمعي :

 تؤكد هذه الطريقة أن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم إما نقص أو زيادة في الحساسية السمعية، لذلك فإن هذه الطريقة تعمل على تحسين قدرة السمع لديهم عن طريق عدة مراحل: فحص حاسة السمع ثم وضع سماعات على آذان الأشخاص التوحديين بحيث يستمتعون للموسيقى ثم تركيبها بشكل رقمي والتي تؤدي إلى ضبط حاسة السمع. يمكن تطبيق هذا البرنامج مرتين في اليوم بمعدل نصف ساعة ولمدة عشرة أيام متواصلة.

7. طريقة التواصل الميسر :

 يرتكز هذا البرنامج على وجود شخص مساعد يساعد الطفل المصاب بالتوحد عن طريق وضع اليد على اليد ويقوم الطفل بالطباعة على آلة الكاتبة أو الجهاز الخاص بالتواصل الصوتي وبمساعدة الشخص الآخر.

و تعتبر هذه الطريقة مهمة ذلك حاسة اللمس قوية ويمكن اعتمادها في توصيل الرسالة للآخرين.

8.طريقة العلاج بالتكامل الحسي :

يرتكز على أن الجهاز العصبي يقوم بربط وتكامل جميع الأحاسيس الصادرة من الجسم وبالتالي فإن أي خلل في ربط أو تجانس هذه الأحاسيس قد يؤدي إلى أعراض توحديه.

يتضمن هذا البرنامج : التنفس العميق للطفل، المساج، اللمس برفق، استخدام الحواس…

9. طريقة العلاج بالموسيقى :

 للموسيقى تأثيرا كبيرا على انخفاض النشاط الزائد عند الأطفال وانخفاض مستوى القلق.. بالإضافة أن ليس له أية تأثيرات جانبية.

10. طريقة تطوير علاقات الصداقة ومهارات التواصل :

الطفل التوحدي بحاجة لبناء علاقات اجتماعية مع آخرين، وهذا ما تسعى إليه هذه الطريقة من خلال الألعاب والأنشطة وكذلك عن طريق اللغة والتحدث مع الآخرين وطلب المساعدة عند الحاجة.. فقد إشارات اغلب الدراسات العلمية إلى أن المعلمين والأصدقاء بإمكانهم التدخل ومساعدة ذوي اضطراب التوحد في تعديل السلوك الاجتماعي.

11. ولعل من أهم ما توصلت إليه الدراسات والبحوث العلمية، نظرية تعليمية يمكن اتباعها لتدريس ذوي طيف التوحد في الفصل، وهي النوروبيداغوجيا :

و التي تعرف بالتعلم القائم على آلية اشتغال الدماغ البشري وهو مستقي من عدة فروع من العلم وهو عبارة عن تطبيق استراتيجيات قائمة على مبادئ مستمدة من إدراك آلية اشتغال الدماغ أي انه التعلم وفق الطريقة اختص الدماغ على التعلم من خلالها فهو إذا التوظيف الفعال لاستراتيجيات بنيت على أسس ومبادئ مستمدة من العلوم العصبية (أنظر المرجع عدد4). والتي تتم على خمسة مراحل: الإعداد والتهيئة، الاكتساب، التفصيل، تكوين الذاكرة وأخيرا التكامل الوظيفي أو الاستخدام الممتد. تعزز النوروبيداغوجيا التعلم والذاكرة للدماغ وتنمي القدرة على القيام بمهام متعددة كذلك فالتعلم المستند للدماغ يساعد على تنمية المعارف واستبقائها، كما أنه يساعد في تنمية مهارات التفكير العليا تنمية دافعية الطالب للتعلم.

 ويعتبر هذا البرنامج من انجح الطرق والأساليب التعليمية والعلاجية لذوي اضطراب التوحد. يجب أن يتم تخطيط العلاج للتوحد بشكل فردي لكل شخص، ويجب استشارة طبيب متخصص في هذا المجال. تعتبر العلاجات السلوكية والنفسية والعلاج الدوائي أكثر الطرق فاعليةً لعلاج التوحد. يمكن الاطلاع على مصادر علمية موثوقة ومراجعة المؤسسات الطبية والأكاديمية للحصول على مزيد من المعلومات والتوجيه حول العلاج المناسب للتوحد. وبالتالي نستنتج أن الخطوة التي يجب على المصاب مواجهتها هي التفاعل مع الآخرين، مما يسلط الضوء على النظرية الاجتماعية أو الاجتماعية-البنائية، والتي بدورها ستساعد الطفل على إنشاء علاقات مع أترابه وزملائه في القسم، أيضا يمكن أن يكون العمل في شكل ورشات أو مشاريع تقسم على مجموعات.. تختلف الطرق ولكن الأهداف ثابتة، ولكل طريقة هدف محدد، لذلك يجب على المربي أن يأخذ أهداف حصته.. بعين الاعتبار مع كل خطوة يتقدمها نحو مساعدة هؤلاء الأطفال المحتفلين وليسوا المعاقين أو المرضى.. لان التوحد يمكن أن يكون مرضا عندما نراه من الجانب الطبي ولكنه اختلاف من الجانب التربوي، فهناك عدة زوايا تمكننا من تعريف كل حالة .وتشير الأبحاث إلى أن التدخل المبكر يمكن أن يكون فعالًا لتحسين حياة الأطفال المصابين بالتوحد، ويمكن أن يشمل التشخيص المبكر والتدخل المناسب بعد التشخيص. وتعتبر كل من الأسرة العائلية  والأسرة المدرسية التربوية عنصرا داعمًا ومهمًا للأطفال المصابين بالتوحد. وبجدر بنا الإشارة إلى التفاوت الحاصل بين الأشخاص المصابين بالتوحد فيما بينهم، ويكون هذا الاختلاف على مستوى الأداء الذهني والذي يظهر خاصة في التفاوت في شدة الاضطراب في المهارات المعرفية العليا مما يبرز لنا تباين في قدرات المصابين.النقاش :أن الخوض في مسألة التوحد وطرق علاجه، موضوع مثير للاهتمام والنقاش. يمكن أن يؤثر هذا الموضوع على الكثير من الأشخاص والأطفال في حياتهم اليومية،فيما يتعلق بتعريف التوحد، فإن البعض يراه كاضطرابٍ في التواصل الاجتماعي، والبعض الآخر يرونه كاضطرابٍ في التفاعل الاجتماعي وتكرار السلوكيات. ومن هذا المنطلق، يمكن أن يكون النقاش حول هذا الموضوع محوريًا في تحديد أساليب العلاج الفعالة. حيث تتوفر العديد من الطرق العلاجية للأطفال المصابين بالتوحد، بعضها أكدت الدراسات من صحتها وفاعليتها والبعض الآخر لازال في محض التجربة والدراسة.

ومن بين هذه الطرق العلاجية-التعليمية، نجد برنامج ’’النوروبيداغوجيا‘‘ والذي صادقت اغلب الدراسات والبحوث على نجاحه تطبيقيا في الفصول الدراسية حتى نساعد أطفال التوحد من بناء المفاهيم وتجويد مستواهم التعليمي. علاوة على ذلك، فنحن نسلط الضوء على أهمية تطبيق التقنيات الحديثة في علاج الأطفال المصابين بالتوحد. ومن هذه التقنيات، تشمل العلاج باللعب والتعليم الإلكتروني والانشطة الحسية الحركية ز العمل في ورشات أو في مجموعات.. وهذا ما سنلاحظه من خلال الصور التالية :

صورة رقم 2 : صورة توضيحية لتعلم طفلة تعاني من اضطراب التوحد أثناء نشاط رياضي منطقي.

صورة رقم 3: صورة طفلة تعاني من التوحد تقوم بنشاط فني تشكيلي صحبة أصدقائها في شكل ورشات.

ضورة رقم 4 : طفل التوحد قادر على الابداع.

ومن خلال هذه التقنيات والأنشطة، يمكن توفير أدوات تعليمية وتفاعلية تساعد على تحسين الأداء الأكاديمي للأطفال المصابين بالتوحد. مع العلم أن طفل التوحد قادر على انجاز المطلوب منهم. ولعل من أهم النقاط التي يجب الاشارة اليها والتوصية بها، نجد :

– العمل الفرقي او المجموعي : مما يعزز لدى أطفال التوحد التفاعل مع الآخر وينمي لديه الدافعية لبناء علاقات اجتماعية جيدة مع أترابه.

– توظيف الموسيقى : تعمل على تنمية الحماس والدافعية للتعلم لدى أطفال التوحد.

– الألعاب التعليمية : التي تساهم في النمو المعرفي والادراكي لدى أطفال التوحد من خلال اللعب والاستمتاع.

– التجريد الرياضي : يجب على المربي ان يستعمل وسائل تعليمية بسيطة ومن واقع التلميذ عند بناء انشطة رياضية-حسابية، مثلا :

  • يمكن للمعلم أن يستعمل قارورة من سائل لتعليم الاطفال الكميات والاحجام..
  • يمكن للمعلم أن يستعمل أشكالا هندسية خشبية لتعليم الاطفال الاشكال المختلفة أي استعمال المحسوسات..
  • يمكن للمعلم ان يستعمل وضعيات تعليمية مبسطة ومن الواقع المعيشي للتلميذ..

– التجريب العلمي : ويتم خاصة في مادة الايقاظ العلمي والفيزياء.. مثلا:

  • تكوين دارة كهربائية.
  • صنع جهاز تنفسي من الورق والبالونات..

خاتمة:

بشكل عام، يحتاج الأطفال المصابين بالتوحد إلى دعم خاص وتدخل متعدد التخصصات لتطوير مهاراتهم الاجتماعية والاتصالية والسلوكية. ويمكن للأسر والمجتمعات والمراكز العلاجية والمدارس تقديم الدعم اللازم لهؤلاء الأطفال وتحسين جودة حياتهم وتعلمهم. ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى فرصة لتحقيق إمكاناتهم الكاملة وقدراتهم الكامنة وخاصة على مستوى مشاركتهم في المجتمع بشكل عام، وتحتاج المجتمعات إلى التوعية حول هذا الاضطراب وتقديم الدعم والتكوين اللازم للأسر والمدارس والمراكز العلاجية لتحسين رعاية هذه الفئة الهامة من المجتمع.

المراجع:

  1. منظمة الصحة العالمية، التوحد، 30 مارس2022
  2. حسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي 2013
  3. https://www.youtube.com/watch?v=bo37gGGxk7o&pp=ygUg2K_Zhdin2Log2KYt9mC2KfZhCDYp9mE2KrZiNit2K8%3D
  4. عبد الرحمان ، فايزة أحمد عبد السلام، نموذج مقترح في ضوء بعض نظريات التعلم : نظرية التعلم المستند الى الدماغ أنموذجا، مجلة كلية التربية، جامعة الأزهر، مصر،2015.
  5. يعن الله بن علي بن يعن الله القرني ،تصور مقترح لتطوير تدريس الرياضيات في ضوء مهارات التدريس الابداعي ومتطلبات التعلم المستند الى الدماغ، بحث لنيل درجة الدكتوراه في التربية تخصص المناهج وطرق تدريس الرياضيات، 1431 هـ، ص 84د.
  6. د.هانم أحمد سالم ود.ابتسام عز الدين محمد عبد الفتاح، فاعلية برنامج تدريسي قائم على مبادىء نظرية التعلم المستند الى الدماغ لتنمية مهارات التفكير المستقبلي والطموح الأكاديمي في مقرر الرياضيات لتلاميذ الصف السادس الابتدائي بمحافظة الشرقية، المجلة التربوية، ع 76، أوت 2020.
  7. د. سوسن ،شاكر الجبلي ، التوحد الطفولي ، دار ومؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع، سوريا -دمشق، سنة 2015، 1000 نسخة.
    _________
    *بقلم: وصال همادي ومحمد سماح الجملي والدكتورة سناء العيسي.

    المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الانسانيات بزغوان – تونس

جديدنا