من القدرة على الفعل إلى الفاعليَّة البشريَّة

محمد فراح

“القدرة على الفعل” لا تعني البتة “أن يكون الفرد حراً حرية مطلقة ويفعل ما يريد وما يرغب بدون قيود”، بل تعني في الحقيقة، “أن يضع الفرد خطة أو إستراتيجية أو حتى سياسة للفعل والسلوك واتخاذ القرارات والمواقف والمبادرات الفاعلة من خلال اختيار عقلاني مسؤول”، وبعبارة أخرى، لا أريد من قارئ المقال، أن يفهم أنني أقصد بالقدرة على الفعل أو بالفاعلية الإنسانية أن يفعل الفرد ما يشاء، وإن كان فهمه هكذا، فينصح بإعادة قراءة المقال، مرات ومرات، لأنني كتبت ما أعنيه ما بين السطور، كما لا أريد تحديد الفرد من خلال الإشراطات الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية والقانونية والدينية والفكرية والإيديولوجية والثقافية والبيولوجية والأخلاقية والعلمية والقيمية …إلخ، وإلا سيصبح الفرد سجين منظومة من الإشراطات، بينما أدعو في الحقيقة إلى “قدرة الفرد على الفعل والسلوك واتخاذ القرارات والمواقف والمبادرات الخلاقة لتحصيل الغايات الذاتية المختارة بتوجيه من العقل وفقط”، هذا ما كنت أريده منذ بداية المقال، وهو تحديد الاستقلال الذاتي والحر للفعل من حيث هو فعل يتحول بإستمرار إلى فاعلية إنتاجية خلاقة وواعية ومبدعة تتيح له إمكانية التحقق بغض النظر عن كل الإشراطات.

دولة (56): في العلاقة بين التشكُّل الاستعماري للدولة الحديثة في السودان، والحروب والثورات عقب الاستقلال

الطيب علي حسن عيسى

في 15أبريل اندلعت الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وكان السودان قد اختبر عقب الاستقلال، أزمنة متطاولة من الحروب والثورات والتي تمخضت عن توقيع أكثر من 46 اتفاقية للسلام، والتي نفترض هنا وجود آليات بنيوية تعمل على إنتاج هذه الحروب ويطرح هذا البحث، نموذجا تفسيريا يربط بين حرب 15 أبريل وجميع الحروب السابقة التي انتظمت تاريخ السودان، والتشكل الاستعماري للدولة الحديثة في السودان؛ وذلك عبر تتبع التحولات الجذرية التي أحدثتها مؤسساتها الدولة الاستعمارية على مستوى علاقات السلطة والاقتصاد داخل الاجتماع-السياسي السوداني: ويخلص البحث إلى، أن حرب 15 أبريل وكل الحروب السياسية التي انتظمت تاريخ السودان، تجد جذورها التاريخية في التشكل الاستعماري للدولة الحديثة في السودان، الذي فرض مؤسسات استعمارية ذات طبيعة احتكارية واستبدادية، تعمل بنيويا على خلق شروطا اجتماعية للحروب والثورات.