ما بعد الحداثة وسؤال الأخلاق؛ الأخلاق السائلة عند زيغمونت باومان
عبد المغيث أحجو
إن مسألة تجاوز حالة الحداثة أو عدم تجاوزها كمشروع لم يكتمل بعد، ليست النقطة الجوهرية في حديثنا مع أهميته ولكن المسألة التي أثارت فضولي هي الحالة التي انتهت إليها الحداثة والعقل الغربي عموما من تشظي قيمه وأخلاقه التي نادى بها، وما أسفرت عنه كمشروع يكاد يكون من أبشع ما قد تنتهي إليه حضارة ما، أرادت لنفسها يوما السيادة ونمذجة صورها في متخيل الحضارات الأخرى، لقد انتهت الحداثة لمآزق عدة ولكن المأزق الأشد وطأة هو الأكسيولوجي الذي يجسد هشاشة القيم وأفولها، قد لا تسلم الأخلاق هنا من فكرة النهايات التي طبعت السرديات الكبرى، إلا أن موت الإنسان في الفكر المعاصر يلازمه موت الاخلاق الذي هو مشرعها بعدما نصب نفسه مكان الإله في اعطاءها مصداقية.