ليلة القدر.. ليلة الوحدة الإسلامية

image_pdf

لقد خص الله أمتنا الإسلامية بشهر ليس كالشهور وليلة ليست كبقية الليالي، شهر رمضان المبارك جعله الله رحمة لعباده النجباء الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما، ويستبقون الخيرات ليفوزوا فوزا عظيما، وإن أعظم ما في هذا الشهر ليلة مباركة أنزل فيها الذكر الحكيم كما جاء في قوله تعالى:” إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين”، هي ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم، ليلة الصلوات والدعوات والخيرات، ليلة جامعة للأرواح والأنفس تجتمع في أماكن العبادة لتذكر الله ذكرا جميلا وتخشع له خشوع الراجين رحمة وسلاما.

إن الإسلام دين جامع جاء بتكاليفه الشرعية لما فيه خير للعباد، فكل شيء فيه يدعو إلى التوحيد”قولوا لاإله إلا الله تفلحوا”، فقرآنه واحد ونبيه واحد والصلاة واحدة والصيام والزكاة والحج واحد، الأمر الذي يعكس الجانب الوحدوي لهذا الدين الذي جمع المسلمين ووحدهم في العقيدة والعبادات.

*رمضان مناسبة لتعزيز وحدة المسلمين*

لا شك أن  ما يعانيه المسلمون من انقسامات وتفرقة هو أمر ليس بجديد، بل حالة تحدث  كحال كثير من أتباع الشرائع والأديان، إلا أن الإسلام دعا إلى الأخوة الإيمانية، وركز عليها واهتم بها وأعلى شأنها في كثير من المواضع والأمكنة، كما هو الحال بالنسبة للركن الخامس في الإسلام “الحج”..حيث يجتمع المسلمون في وقفة واحدة رغم تعددهم وتنوعهم مذهبيا ولغويا وعرقيا .. كما جمعهم في الأزمنة  كليلة القدر، التي نزلت فيها سورة كاملة قطعية السند والدلالة على أنها خير من ألف شهر يستحب إحياءها والدعاء والابتهال والصلاة والطاعة والعبادة فيها لتكون سببا في جمع المسلمين وعاملا على التقريب بين أتباع المذاهب ووحدة المسلمين في ليلة تعد النموذج الإلهي القادر على جمعنا في ليلة واحدة ، لذلك من يقول أن الوحدة مستحيلة وصعبة، فعليه أن يتأمل في ليلة واحدة استطاعت أن تستقطب قلوب الناس ووجهتهم إلى هدف واحد وغاية واحدة،  لذا هي ليلة يبدأ منها التغيير وتحقيق الوحدة التي يجب أن تعمم على كل الأزمنة .

*المسلمون مدعوون لرص الصف في ليلة القدر*

إن ليلة القدر هي مناسبة لتفعيل مظاهر الوحدة ورص صف المسلمين، بل هي فرصة لبث الوعي والتأمل في القرآن الكريم الذي أنزل في ليلة القدر وهي خير من ألف شهر”إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر” فهي تحمل سلاما ورحمة وتسامحا، لذلك لايؤذن فيها لبث الضغائن والأحقاد والكراهية ومظاهر العنف وكل الصفات التي من شأنها أن تضرب نسيج الوحدة الإسلامية، فتواجد المسلمين بكل أطيافهم ومذاهبهم في بيوت الله لإحياء هذه الليلة المباركة هو مشهد مهيب يلزمنا جميعا بالحفاظ عليه والاستمرار على خطه ونهجه، فهي ليلة يتوهج منها النور والهدى والخير للمؤمنين الصائمين الصابرين الذين وعدهم الله بمثوبة عظيمة من حرم خيرها كما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم فقد حرم خيرها ” أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم”.

———————————————-

*السيد محمد علي الحسيني.

جديدنا