التنويريسلايدرمنوعات

هل من ترياقات صالحة لعكس مفاعيل الشيخوخة؟

العمر الزمني هو عدد السنوات التي يصل إليها الإنسان بدءاً من اليوم الذي ولد فيه وصولاً إلى اللحظة الراهنة. من ناحية أخرى، العمر البيولوجي أو الفسيولوجي هو حالة العافية أو المرض باعتبارهما انعكاساً للكفاءة البيولوجية لكل منا ككائنات حية عاملة ذات بنى وظيفية. والشيخوخة هي عملية مستمرة لدى كل البشر، ولكن معدل التقدم ​​في العمر البيولوجي هو متغير فريد لكل شخص بعينه.

في كل جيل متتال من البشر تقريباً، يتجاوز متوسط ​​العمر الافتراضي متوسط ​​العمر الافتراضي للجيل الذي سبقه. لا يوجد دليل علمي يوضح أنه في بعض العصور القديمة، كان طول العمر أكبر بكثير مما رأيناه في التاريخ المسجل. ليس لدينا أيضاً دليل على وجود بيئة سحرية يعيش فيها الناس حياة طويلة بشكل غير عادي، على الرغم من وجود بعض المناطق التي يكون فيها طول العمر ملحوظاً، مثل أوكيناوا في اليابان، وأبخازيا في الاتحاد السوفيتي السابق، ولوما ليندا في كاليفورنيا. هذه البيئات ليس لها قواسم مشتركة من حيث الجغرافيا أو العرق، لكنها كلها نظيفة وغير سامة، والناس هناك يشتركون في العديد من عوامل نمط الحياة التي تساهم في طول العمر. يميل جميع أفراد تلك المناطق إلى انخفاض مؤشر كتلة الجسم (BMI)؛ وهم يأكلون وجبات صحية غنية بالخضروات والفواكه؛ ولديهم كمية منخفضة من اللحوم؛ ويستخدمون القليل جداً من المواد الكيميائية باستثناء الملح للحفاظ على طعامهم؛ وينخرطون في نشاط بدني متسق ومستمر ودائم؛ والأهم من ذلك كله أنه لديهم روابط اجتماعية قوية.

النبأ السار هو أن كل منطقة في العالم بها أماكن يمكن أن تدعم الأشخاص الأصحاء والمنتجين الذين تزيد أعمارهم عن 100 عام. وتحظى «مناطق طول العمر الفائقة» هذه بدعاية متزايدة إعلامياً، ولكن يجب أن نتذكر أن الناس هناك قد تبنوا تعديلات في أنماط الحياة عبر الأجيال والتي تناسبهم جيداً، ولا يوجد شيء سحري مستبطن في جغرافيا تلك الأماكن. في الواقع، يمكننا تعزيز إمكانات طول العمر لدينا من خلال إجراء نفس التعديلات على أنماط حياتنا.

أسطورة ينبوع الشباب هي الأكثر انتشاراً بين كل أساطير الخلود. يبحث الساعون لإدراك ذلك النبع الخيالي عن الأدوية المعجزة أو الأطعمة أو المواد المقوية التي تمنع الشيخوخة. ربما سمعت، على سبيل المثال، عن هرمون النمو البشري (HGH). يتم إفراز هرمون النمو البشري من الفص الأمامي من الغدة النخامية لتحفيز نمو الخلايا والتكاثر. تشمل الآثار الإيجابية لهرمون النمو الطبيعي في الجسم تقليل الدهون في الجسم، وزيادة كتلة العضلات وكثافة العظام، وتعزيز تماسك البشرة وملمسها، وزيادة مستوى استقلاب الطاقة في البدن. ولقد أدت التأثيرات الطبيعية لهرمون النمو البشري المفرز بشكل طبيعي إلى البحث عن طرق أخرى لاستخدام هرمون النمو لتحسين الأداء البشري. ولقد خلصت دراسة لاحقة في جامعة ستانفورد إلى أن هرمون النمو يسمح للجسم بتراكم المزيد من الماء في العضلات، ولكنه لا يعزز نمو العضلات أو قوتها. ووجد الباحثون أيضاً أن استخدام هرمون النمو بانتظام له آثار جانبية سلبية، بما في ذلك زيادة في مرض السكري من النوع الثاني. علاوة على ذلك، تتطلب جميع أنواع السرطان تقريباً كميات كبيرة من هرمون نمو شبيه بالأنسولين، والذي يشبه هرمون النمو؛ هذا يعني أن استخدام هرمون النمو يمكن أن يحفز نمو السرطان.

المُنشِّطات البِنائِيَّة هي هرمونات وظيفتها زيادة تخليق البروتين في الخلايا، مما يؤدي إلى تراكم الأنسجة الخلوية. بدون شك، تجعل المُنشِّطات البِنائِيَّة المستخدمين لها أكبر من ناحية حجم كتلتهم العضلية وأقوى، ولكن يمكن أن يؤدي الاستخدام طويل الأمد أو الجرعات الزائدة من المُنشِّطات البِنائِيَّة إلى مخاطر صحية خطيرة، مثل زيادة البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL، الكولسترول السيئ)، وانخفاض البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL، الكولسترول الجيد). تعمل هذه المنشطات أيضاً على رفع ضغط الدم، وتسبب تلف الكبد، وتزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستات لدى الرجال، وتعطل الدورة الشهرية عند النساء.

هناك عقار آخر يساء استخدامه على نطاق واسع، وهو ديهيدرو إيبي أندروستيرون (DHEA)، وهو أيضاً هرمون يحدث بشكل طبيعي في الجسم، ويتم تصنيعه في الغدد الكظرية، وهو طليعة بنائية لهرمونات الأندروجين (هرمونات ذكرية) والإستروجينات (هرمونات أنثوية)، وكلا المجموعتين تتواجدان في أجساد الذكور والإناث، ولكن بتراكيز مختلفة بين المجموعتين. تم الترويج لـ ديهيدرو إيبي أندروستيرون (DHEA) كطريقة لوقف أو عكس العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر، ولكن لمرة أخرى، لم تجد الدراسات البحثية الموسعة أي فائدة تذكر منها للمرضى المسنين.

يشمل العلاج الخلوي ابتلاع أو حقن خلايا مأخوذة من حيوانات جنينية، مع فكرة أن هذه الخلايا تحتوي على مكونات مشتقة من الخلايا الجذعية متعددة القدرات التي يمكن أن تمنح الشباب خصائص مضادة للشيخوخة. ومع ذلك، فإن هذه الخلايا لا تهاجر إلى المناطق المستهدفة في الجسم وتحتوي على بروتينات حيوانية غريبة عن البدن يمكن أن تكون خطرة على البشر، من خلال إحداث تفاعلات تحسسية خطيرة.

أخيراً، تم الترويج للعديد من الأعشاب والأدوية للاستخدامات المضادة للشيخوخة نظراً لأنها من مصادر طبيعية، ولكن لا يوجد شيء في تعريف «طبيعي» يعني أن كل المواد من مصدر طبيعي هي مواد آمنة أو مفيدة لصحة الإنسان. في الواقع، يمكن أن تصبح العديد من المواد الطبيعية المفيدة للبشر سامة أو قاتلة إذا تم تناولها بشكل غير صحيح. وتتعلق بعض أكبر مشاكل العلاجات من مصادر طبيعية بالتوافر البيولوجي للمواد الفعالة فيها، والذي يعني كم جرعة المكونات الفعالة في هذه العلاجات الطبيعية، وكيفية وصولها إلى الجسم، واستقلابها فيه، والأمد الزمني لحدوث ذلك.

في النهاية، عندما نصل إلى أسفل قائمة الأساليب التي قد نتبعها لمساعدتنا على العيش إلى الأبد، لا يوجد أي شيء عياني مشخص هناك. نحن بحاجة إلى البحث عن طرق تم اختبارها عبر الزمن للتخفيف من الأمراض التي تأتي مع تقدم العمر دون اللجوء إلى علاجات «معجزة» غير موجودة في الواقع.
___________
*تعريب فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع لملخص محاضرة قدمها الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في مركز التثقيف الصحي المستمر في لندن.
**
الدكتور مصعب قاسم عزاوي.

 


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مصعب قاسم عزاوي

طبيب استشاري في علم الأمراض. كاتب في العديد من الدوريات الناطقة بالعربية والإنجليزية منذ العام 1991. مؤلف ومحرر لمئات الكتب والأبحاث والدراسات باللغتين العربية والإنجليزية.

مقالات ذات صلة