اخترنا لكمالتنويريتربية وتعليمسلايدر

عن بيداغوجيا الحصَّة الأولى

يمثِّل يوم العودة المدرسيَّة مناسبة جدّ مهمَّة وعزيزة على الجميع، إذ يلتقي خلالها التلاميذ بأترابهم ويستقبل المدرِّسون أبناءهم التلاميذ في سنة دراسيَّة واعدة تحمل آمالا وأمنيات طامحة. وتكون الحصة الأولى ملأى بالشجن والإعتزاز والانتظارات أيضا. لذلك هي تمثِّل موعدا حاسما في وضع ملامح هذه السنة الدراسيَّة الجديدة وتوضيح مساراتها وتحديد علاقاتها وما سيعتمل فيها من تقاطعات علائقيَّة وبيداغوجيَّة وعلميَّة. وعادة ما يولي المدرِّسون لهذه الحصَّة الأولى اهتماما خاصًّا ويعدّونها ويضبطون تمشّياتها وعناصرها، حتى وإن اعتاد البعض على وسمها بحصَّة التعارف، لكنها فعليا لا تقف عند هذا الحد. ونحن نقترح لها التخطيط التالي لتيسيرها على الكثير، خاصَّة المبتدئين من المدرسين. بما يعني أنَّ هدف ورقتنا سيتركَّز على توضيح الرسالة التي يمكن أن يبلغها الأستاذ ( كمرسل ) إلى التلاميذ (كمتلقِّين ) في أول لقاء بهم خلال يوم العودة المدرسيَّة، أي في أوّل عمليَّة تواصليَّة معهم.

توقيت الحصَّة : الساعة الأولى فقط، مع إمكانيَّة تقسيمها إلى:

-جزء لمداخلة الأستاذ.

-فترة لتعمير بطاقة التعارف ( إمكانيَّة إعداد نموذج موحَّد لذلك ).

-فترة لاستعراض الأسماء واستكمال حوار التعارف.

-فترة لاستفسارات التلاميذ والتعقيب عليها فرديا أو مع بعضها.

– الجزء الثاني من الحصَّة، إذا كانت حصَّة بساعتين: يكون فيها الانطلاق في العمل والبدء  بمراجعة المكتسبات القديمة للتلاميذ والنظر في مدى استحضارهم لها :

– هذا يعني أنه على الأستاذ أن يأتي إلى القسم مستعدًّا لذلك، بإعداد التمارين وحلولها، ونسخ العدد الكافي منها لتوزيعه على التلاميذ.

تمشي الحصَّة :

1 – تعارف متبادل مع التلاميذ والتلاميذ في ما بينهم :

-إمكانيَّة اعتماد التقديم الثنائي المتبادل: أي أن كل تلميذ يقدِّم زميله القريب منه وهذا إيجابي في تيسير تعارف المجموعة على بعضها؛ لأنَّه يستدعي إعطاء الوقت الكافي للتلاميذ ليتحدثوا مع بعضهم وأخذ المعلومات التي يحتاجونها للتقديم.

-أو بشكل فردي وبصوت مرتفع : كل تلميذ يقدِّم نفسه مع عدم مطالبته إلا بما هو ضروري وعدم الإلحاح على طلب معلومات شخصيَّة قد يتحرَّج التلميذ في التصريح بها؛ لأنَّها تظهره أدنى مكانة من زملائه، مثلا مهنة الأب أو أعداده ومعدّلاته السابقة… إلخ.

-أو تقديم بشكل كتابي: في هذه الحالة يمكن مطالبة التلميذ بالكثير من المعلومات المفصَّلة لكن عند استعراضها نحرص على عدم قراءتها كلها على الجميع، بل يكون التعامل معها انتقائيا.

-الأستاذ يقدِّم نفسه أيضا وهذا ما يُفضَّل أن يبدأ به الحصَّة فيعرِّف تلاميذه على نفسه، وبالطريقة التي يراها أفضل.

2 – مدخل معنوي لتشجيع التلاميذ على العمل وإقناعهم بقدرتهم على النجاح ودعم ثقتهم بأنفسهم.

-الحرص على الرفع من معنويات التلاميذ وإعطائهم الأمل في سنتهم الجديدة هذه.

3-إبراز شروط النجاح والتوفيق المدرسي، بالتأكيد على :

-أهميَّة المواظبة والانضباط وضرورة العمل بجد.

-الحضور الإيجابي بالقسم: الانتباه، التركيز، المشاركه.

-المراجعة، إعداد الواجبات والفروض، حفظ الأدوات، الاستعداد الدائم.

-التعاون والعمل الجماعي.

4 – التعريف بنوعيَّة التقييم الذي سيخضع له التلاميذ وبالامتحانات وطريقة إسناد الأعداد :

-شفوي، محفوظات، إعداد التمارين المنزليَّة والعناية بالكراس.

-فروض فجئيَّة.

-فروض كتابيَّة عاديَّة.

-فروض تأليفيَّة.

 

5 – التعريف بالبرنامج وبتمفصلاته:

– تعريف التلاميذ بالبرامج الدراسيَّة وتقديمها لهم بشكل إيجابي، أي غرس القناعة لديهم بالقدرة على استيعابها وعلى النجاح فيها بتميُّز وبكونها مواصلة لمعارف سابقه حتى لا يخاف الأمر ولدفع ما تسرَّب لديه من انطباعات سيِّئة. لا نركِّز على عسر البرامج وعلى مشاقها.

6 – التعريف بطريقة العمل بالقسم:

– تأكيد المدرِّس استعداده لتفهُّم جميع تلاميذه دون استثناء ولمساعدتهم وإرشادهم كلما احتاجوا منه ذلك.

– تأكيد التزامه بالحزم، لكن أيضا بالاحترام والعدل والمساواة بين الجميع في كل شيء ( معاملة وأعداد وعمل… ).

7 – توضيح طرق التعامل بالقسم وبالمعهد ككل باختصار:

– توضيح الأدوات المدرسيَّة المطلوبة، وكيفيَّة استعمالها والتصرُّف فيها….( ترك حريَّة اختيار الكراس بالنسبة للأقسام النهائيَّة وللتلاميذ الكبار فقط  مع إمكانيَّة وضع شروط لذلك مثل ضرورة احتواء الكراس على جميع الدروس والتمارين بشكل مرتَّب أو عدم تسجيل دروس جميع المواد بنفس الكراس…. الخ ).

الحصَّة الأولى فرصة لخلق لبناء تواصل ايجابي مع التلاميذ منذ بداية السنة الدراسيَّة وفرصة لإيجاد علاقة صحيحة ووطيدة معهم تبرز تفهُّم المدرِّس لهم ولمختلف الأوضاع التي يمكن أن يمرُّوا بها مع إعلانه الاستعداد لاحترامهم واحترام مواقفهم وقناعاتهم ولكن في إطار من الحزم والإحترام المتبادل. وهو يتلافى في ذلك :

-عدم ترهيبهم، بل بناء علاقة إنسانيَّة داعمة معهم.

-عدم الحطّ من عزائمهم بإبراز صعوبة العمل الذي ينتظرهم وما سيعانونه خلاله من مشقَّة سواء بسبب البرنامج وعسره أو بسبب شدّته هو كأستاذ صعب متصلِّب.

-عدم التأكيد على الخصوصيات الشخصيَّة السلبيَّة ( مثل النرفزة السريعة أو عدم الاستعداد للتنازل…. الخ ).

-توخِّي الموضوعيَّة في القول وعدم المبالغة ولا التطرُّف في التنبيه والتوصيات.

-عدم الانزلاق إلى مواضيع أخرى ليس لها محل في هذه الحصَّة.

-تأكيد الأستاذ احترامه آراء تلاميذه وفتح المجال لهم للتساؤل والاستيضاح وتقديم بعض الاقتراحات.

-الإجابة عن أسئلة التلاميذ، مع التحفُّظ على البعض منها، خاصَّة إذا ما تبيَّن أنَّ السؤال غير بريء أو يمكن أن يؤدِّي إلى منزلقات غير محبَّذة ( مثل العنوان الشخصي ورقم الهاتف والفريق الرياضي المفضَّل وعنوان صفحة الفايسبوك والهوايات الشخصيَّة أو النوادي التي يرتادها…..  ).

وفي كل ذلك يلتزم المدرِّس حسن الحركة داخل القاعة والوقفة السليمة والكلام بلغة فصحى صحيحة أيضا، وكذلك الاتزان في كل شيء مع الحرص أيضا على أن تكون رؤيته منتبهة وشاملة وتكون نظرته غير منكسرة، إضافة إلى تلافي السكوت الفجئي أو ما يسمى بالوقت الميت le temps mort …. . فتلاميذه يتابعونه بدقَّة ويبنون مواقفهم منه على كل هذا.

__________
*محمد رحومة العزي/ مستشار عام التوجيه المدرسي والجامعي/ قابس 2014 .


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة