علي الوردي.. الشاهد الأمين على أحداث القرن العشرين

image_pdf

يحاول إبراهيم الحيدري في كتابه “علي الوردي شخصيّته ومنهجه وأفكاره الاجتماعيَّة” الصادر عن دار الجمل تخليد ذكرى اسم شامخ لا يحتاج إلى تعريف والكتابة عن كل ما يتعلّق بحياته وشخصيّته ومؤلّفاته وشرح وتوضيح أفكاره الاجتماعيَّة.

ولعلّ العودة إلى الوردي الشاهد الأمين على أحداث القرن العشرين من جديد تقدّم مؤشّرات على مصداقيَّة أفكاره وآرائه الاجتماعيَّة في تحليل المجتمع العراقي وشخصيّة فرده. الوردي هو نتاج الخمسينيّات من القرن الماضي، بخصوصيّاته وتناقضاته العميقة. كان باحثًا ومعلما من معالم الفكر الاجتماعي ورائدًا من روّاد الفكر التنويري النقدي ليس فيها فحسب، بل وفي العالم العربي.

شغل الوردي فراغًا واسعًا في الحركة الفكريَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة، وخلَّف وراءه ثروة فكريَّة للتعرّف على الذات وإنقاذها، من خلال مساهماته الجادّة في رفد الفكر الاجتماعي بآراء وأفكار نقديَّة جريئة قيّمة حصيلتها ستة عشر مجلدا ومئات الدراسات والبحوث العلميَّة والمقالات الصحفيَّة في علم الاجتماع والانثروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعي التي أصبحت مرجعًا هامًا فتح بابًا للوعي وإعادة إنتاج الوعي الاجتماعي في فهم وإدراك الظروف المختلفة التي ساهمت في تشكيل المجتمع العراقي وشخصيَّة فرده وتطوّره وإلقاء الضوء على كثير من القضايا والمشاكل، والأزمات والمحن والحروب التي عاشها العراق والفرد العراقي، وأوصلته إلى ما هو فيه.

لم يثر كاتب عراقي أو مفكّر اجتماعي، مثلما أثاره الوردي من أفكار وآراء جريئة في المجتمع والثقافة والشخصيَّة، أثارت بدورها ردود فعل ونقد وسجال واسع، تعدّى حدود أروقة الجامعات العراقيَّة والمنتديات الفكريَّة والاجتماعيَّة، إلى المجالس الخاصَّة والمساجد والمقاهي والبيوت، لأنّه كان يقول ويكتب ما لا يجرؤ على قوله وكتابته الآخرون من حقائق اجتماعيَّة يعري فيها النفس الإنسانيَّة، لا ليفضحها، وإنما ليكشف عن مساوئها وخفاياها وبكلام سهل بسيط يمكن فهمه من الجميع، مع قليل من النقد والسخرية.

تعرّض الوردي للنقد والتجريح والسخط والهجوم، والتهديد من الخصوم، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، من رجال الدين والسياسة والمثقّفين التقليديّين إلى محرّري المجلات والصحف الرسميَّة وشبه الرسميَّة والتي تسابقت لنشر المقالات ضدّه وضدّ من يقف إلى جانبه.

جديدنا