يشير محمد حسن رمضان في كتابه الصادر عن دار الحصاد إلى أنَّ مبدأ فصل الدين عن الدولة الذي تعتمده العلمانيَّة إنّما هو مبدأ إسلامي بامتياز. المشكلة، في أنّ مفهوم العلمانيَّة قد ارتبط في أذهان الغالبيَّة بالإلحاد والتحلّل الأخلاقي، وهم يعتبرون أنّ أيّ توجّه ينادي بالتمييز بين ما هو دنيوي وما هو ديني هو توجّه علماني يجب رفضه، بل ومحاربته. ويرون أنّ المجتمع يجب أن يكون إسلاميًّا.. والاقتصاد، والسياستان الداخليَّة والخارجيَّة، والقانون العامّ، والتجاري، والجنائي، وتصرّفات الأفراد والهيئات والمؤسّسات يجب أن تكون كلّها إسلاميَّة.
إنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم حينما طُلِبَ منه إبداء رأيه في مسألة دنيويَّة قال: أنتم أعلم بشؤون دنياكم. وقال أيضًا: في مسائل الدنيا هم بالخيار، إن أخذوا به أو تركوه لا بأس عليهم.
ويسأل الكاتب في هذا السياق: هل سمعتم في حياتكم، أو قرأتم في مكانٍ ما من ذلك التراث الإسلامي الطويل العريض، أنَّ شخصًا أتى يسأل رجل دين إسلاميًّا عن مسألة ما فأجابه بفتوى النبي صلى الله عليه وسلّم السابقة؟
يتمتّع الكتاب بالمنهجيَّة العلميَّة والمعلومات الغزيرة التي تساعده على الخوض في موضوع شائك، وأهمّ ما يلاحظ أنّه غير متعصّب لفكر أو إيديولوجيَّة أو طائفة معيَّنة، بل يريد أن يصل إلى ما ينفع المسلمين المعاصرين في حاضرهم ومستقبلهم، وبين ما يؤذيهم، وإنّه لا يؤذيهم شيء بقدر ما يؤذيهم التناحر والتنابذ وإلصاق التهم بالآخرين بلغة الإنشاء اللغوي بدلًا من السعي إلى الحقيقة بلغة العلم والوثائق والمنطق.