التنويريسلايدرسياسة واجتماع

يوم بلا شاشات:مبادرة مصرية رائدة في استعادة الحضور البشري

منعطف الحيرة: كيف نستعيد دفء العلاقات الإنسانية في زمن العزلة الرقمية؟

توطئة:

نَشَرتُ ثلاثة أجزاء من قراءة بعنوان: “منعطف الحيرة: الذكاء الاصطناعي وماهية الإنسان”، وذلك في موقع “التنويري”، الذي يصدر عن الرابطة العربية للتربويين التنويريين كمجلة فكرية إلكترونية وورقية، تقدم منظوراً تنويريًا وقاعدة فكرية حول قضايا العقل والعقلانية. لكن، توقفت مؤقتًا بسبب زيارة عمل إلى جمهورية مصر العربية لأيام أربعة (6-10/11/2025)، تضمنت المشاركة في ثلاث فعاليات مهمة، وتمخضت عن تجديد عدد من الروابط الخاصة بمنتدى الفكر العربي. وقد شملت الفعاليات والمشاركات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، التابعة لجامعة الدول العربية، والجمعية المصرية للدراسات التاريخية والمعهد الألماني للأبحاث الشرقية، ومكتبة الإسكندرية، التي كانت ختام المسك بما جرى فيها من منشطٍ أنتج الانفعال به هذا التوقف الداعم للاستمرار. 

فبدعوة خاصة من الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وعضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربي، حضرت في يوم الاثنين 10 نوفمبر 2025، بمقر المكتبة، في ندوة بعنوان: “حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت: نحو يوم بلا شاشات”، تناولت مبادرة “يوم بلا شاشات” التي تدعو لابتعاد الأطفال والنشء عن الجلوس أمام الشاشات، وتنظيم أنشطة نافعة تستثمر الوقت وتثمن قيمته. وقد سعدت بالحضور لأن القضية هي موضوع الساعة، الذي أسميته في قراءتي “منعطف الحيرة”، إذ سرقت التكنولوجيا إنسانية الإنسان، وإذا لم نتدارك الأمر سنفقد هويتنا كبشرٍ خَصَّهُم الله بقيمة التواصل الاجتماعي.

لقد أتيحت لي كأمين عام لمنتدى الفكر العربي فرصة التعقيب على المتحدثين، فتوجهت بدءًا بالشكر لمكتبة الإسكندرية وغيرها العام، وللدكتورة منى الحديدي لدعوة المنتدى للمشاركة في هذه المبادرة. وأكدت على أهمية هذه القضية، لافتًا إلى أن الكثير من الكتابات في مجال فلسفة الإعلام قد تنبأت، منذ منتصف القرن الماضي، به باحتمال بلوغنا لهذا المنعطف الحرج، بسبب التسارع التكنولوجي الكبير، مما يتجاوز قدرة الإنسان على اللحاق به. وشددت على أن منتدى الفكر العربي يعمل مع الشباب منذ 20 عامًا وسيقوم بطرح المبادرة في لقاءاته وفعالياته القادمة، ومنها هذا المقال، الذي سيصبح عند اكتماله جزءًا من قراءة “منعطف الحيرة”.

مدخل:

تُعتبر مبادرة “يوم بلا شاشات” تجسيدًا عمليًا واضحًا وأداة فعالة للغاية تهدف إلى توجيه الأنظار نحو أهمية استعادة التواصل الإنساني المباشر في زمن بالغ التعقيد، حيث غلبت فيه التكنولوجيا بشكل ملموس على جميع جوانب حياتنا اليومية. إن هذا الحدث ليس مجرد امتناع عن استخدام الأجهزة الرقمية لمدة يوم واحد فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى هدف أعمق يتجلى في إعادة إحياء الحضور البشري الفعلي، من خلال التأكيد على القيم الجوهرية، التي يتمتع بها التواصل الوجاهي الحقيقي. كما يسعى هذا اليوم أيضًا إلى تعزيز الانتماء المجتمعي المتين بطرق متعددة، بحيث يصبح منصة فعالة لتعزيز الروابط الاجتماعية والتفاعل المباشر بين الأفراد في بيئة يومية تعج بالجفاء. في عصر أصبحت فيه الأجهزة المحمولة والمواقع الاجتماعية وسائل للانفصال عوضًا عن التواصل، تكتسب هذه المبادرة قيمة كبيرة، حيث تدعو الأفراد إلى إعادة تقييم علاقاتهم ببعضهم البعض وبعالمهم المحيط. إذ إن وجودنا مع بعضنا البعض يشجع على مِنَّاقشات مثمرة وفاعلة، مما يسهم في تكوين ذكريات لا تُنسى وتعزيز الشعور بالاستقرار النفسي.

فالهدف الأساس من هذه المبادرة المتجددة هو خلق فضاءات حرة وواسعة تسمح بمشاركة الأفراد المتنوعين من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية في أجواء مفتوحة ومشجعة. وتتجاوز هذه الفضاءات مجرد كونها أماكن للالتقاء، فتهدف إلى توفير تجارب حية وحقيقية تجسد وتعزز من الروابط الاجتماعية الفريدة والمعززة للترابط الإنساني بينهم، بل إن هذه المبادرة تسعى أيضًا إلى المساعدة في إعادة تعريف وتشكيل مفاهيم الهوية الجماعية والذاكرة المشتركة بطرق غير تقليدية ومبتكرة، مما يمنح كل مشارك الفرصة أن يكون له دور في تشكيل هذه الهوية الجمعية. ومن خلال هذه التجارب المشتركة الغنية، التي يتبادلها الأفراد، تفتح أبواب جديدة للنقاش والتفاعل البناء الفعّال، مما يُسهم بشكل كبير في تشكيل مجتمع يكون أكثر ترابطًا وتفاهمًا بين أفراده، ويعزز من روح التعاون والتضامن الفعال. وفي هذا السياق، يصبح كل فرد مساهمًا نشطًا وفعالًا في نسيج اجتماعي متين يحظى بدعم قيم التعاون والمشاركة المستمرة، بحيث يتفاعلون في بيئة إيجابية تعزز من الفهم المتبادل. هذه البيئة ليست مجرد منصة للتفاعل، بل هي مكان يساهم بدوره في توسيع آفاق التفكير الجماعي ليشمل مختلف الآراء والاهتمامات، ويعزز من فرص الابتكار والتطوير، مما يمكّن الجميع من استكشاف الأفكار الجديدة وبناء صداقات جديدة تساهم في تعزيز التنوع والقبول بين الثقافات المختلفة.

وفي هذا السياق، تجسد مبادرة “يوم بلا شاشات” رغبة عميقة وثابتة لدى المجتمع بأسره في لفت الانتباه إلى مدى تأثير التكنولوجيا الحديثة على العلاقات الإنسانية، التي تعتبر جوهر الحياة الاجتماعية. وتستهدف هذه المبادرة تعزيز الوعي حول المخاطر المرتبطة بالاعتماد المفرط على الأجهزة التكنولوجية، حيث أصبحت هذه الأدوات، التي كانت مصممة لتسهيل الحياة وسيلة تؤثر سلبًا على التفاعلات اليومية بين الأفراد. كما تسلط هذه المبادرة الضوء على الأهمية الكبيرة لتحقيق التوازن المطلوب بين الاستفادة من التقنيات الحديثة، مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، والمحافظة في الوقت نفسه على الأنساق التقليدية، التي تسهم بشكل فعّال في استقرار النفس وتعزز الروابط الاجتماعية. وتأخذ المبادرة بعين الاعتبار أن اللحظات، التي نقضيها مع الأهل والأصدقاء، بلا تشتيت، لها قيمة لا تقدر بثمن. ومن خلال هذه الفعالية الفريدة، يُتاح للأفراد فرصة لإعادة تقييم أسلوب حياتهم بشكل شامل، واكتشاف جمال اللحظات الإنسانية البسيطة، التي لطالما غفلت عنها أعينهم، بعيدًا عن الشاشات المضيئة، التي تشتت الانتباه وتضعف التواصل المباشر، مما يعيد لهم الاتصال بأنفسهم وبالآخرين من حولهم.

ومن خلال إقامة فعاليات وأنشطة متنوعة وشيقة، تتطلب هذه المبادرة من المشاركين أن يتوقفوا لحظة لاستعادة نشاطهم الاجتماعي والتفاعل الإيجابي مع بعضهم البعض، بالإضافة إلى ضرورة الاستماع للآخرين، والمشاركة في أنشطة فنية وورش إبداعية، وكذلك اللقاءات المباشرة مع العائلات والمدارس، بالإضافة إلى المؤسسات المجتمعية، التي تسهم جميعها بشكل فعّال في تنشيط الحياة الاجتماعية. وتُعطَى الفرصة هنا للناس ليستعيدوا حضورهم الفعلي في فضاء طبيعي خالٍ من الشاشات، مما يسهم في إعادة بناء العلاقات القديمة وفتح قنوات جديدة للتواصل الأصيل، ويعتبر ذلك نشاطًا يساعد على تطوير تلك العلاقات بطريقة أكثر صحة وسوية. وفي نهاية المطاف، تُعد هذه المبادرة فرصة حقيقية للتمعن في مدى أهمية استثمار أوجه الحضور الإنساني لتعزيز الهوية الوطنية والذاكرة الاجتماعية وأسئلة الانتماء، ضمن إطار ثقافي يلائم عصر الثورة الرقمية، التي نعيشها حاليًا، إذ تعكس أهمية التفاعل البشري المباشر. فهي بمثابة تمرين له قيمة حقيقية في إعادة تفعيل الثقافة المحلية على جميع الأصعدة، وأن يُعاد بناء الروافد، التي من شأنها أن تضيء وجدان الإنسان وتساهم في تفاعله مع محيطه بشكل مباشر، بعيدًا عن ضغوط التكنولوجيا وضغوطها المشتتة. ومن هنا، تتضح الحاجة الشديدة إلى نماذج مجتمعية مستدامة تدعم تلك القيم النبيلة، وتوظفها بشكل يعتمد على الوعي الجماعي والمبادرات المجتمعية، التي تحمل بعدًا تربويًا واجتماعيًا هامًا جدًا، مما يمثل خطوة إيجابية نحو تحسين العلاقات الإنسانية وتقوية الروابط المجتمعية.

الزوايا الرقمية البشرية:

عندما تتلاشى الزوايا الرقمية وتظهر الزوايا البشرية، تتبدى اللحظة، التي يبرز فيها جلال الحضور البشري، لما لذلك من أهمية كبيرة للغاية في إعادة ترتيب الأولويات المجتمعية. إذ تتبدد تدريجيًا الأسوار، التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة على لحظة اللقاء والتفاعل المباشر بين الناس، مما يفتح المجال واسعة أمام استعادة القيم الإنسانية التقليدية والارتباطات الاجتماعية، التي تآكلت بفعل الاعتياد على الاعتماد المفرط على الشاشات والوسائل الرقمية. ويُعد هذا التوجه بمثابة استجابة واعية وقوية للتحديات المتزايدة، التي فرضتها الثورة الرقمية المستمرة، التي أحدثت شرخًا واضحًا بين الإنسان وواقعه المادي المحيط به. فالتقنية، رغم فوائدها، أصبحت وسيلة تخلق هوة فاصلة بين الأفراد، بينما يتناقص حضور الإنسان الحقيقي والفعلي في حياته اليومية والممارسات الاجتماعية، التي لطالما كانت جزءًا لا يتجزأ من وجوده. لذلك، فإن إعادة ربط الإنسان ببيئته الاجتماعية تتطلب جهدًا واعيًا، وسعيًا حثيثًا لتحقيق التوازن بين استخدام الآلات الحديثة والحفاظ على التفاعلات الإنسانية، التي تساهم في بناء المجتمع. وهذه العملية ليست مجرد خيار، بل ضرورة ملحة للحفاظ على أغلى ما نملكه؛ أي الروابط الإنسانية واللقاءات الثرية، التي تعيد لنا الإحساس بالانتماء.

وفي سياق هذا التحول السريع، الذي أصبح ظاهرة متزايدة تؤثر على حياتنا اليومية، بات من الضروري للغاية أن تتوقف المجتمعات، ولو لبضعة أيام قصيرة، للتأمل والتفكير العميق في مدى تأثير التقنية الحديثة على جودة العلاقات بين الأشخاص وبين الأفراد بشكل عام، وكذلك على الذاكرة الجماعية، التي تشكل جزءًا أساسيًا من هويتنا الثقافية والاجتماعية. لذلك، فإن إزالة الضوء الإلكتروني مؤقتًا، سواء عبر الابتعاد عن الشاشات، أو من خلال تقليل النشاطات التقنية اليومية، يمنح الناس الفرصة الذهبية للتفاعل بشكل أكثر عمقًا وصدقًا مع بعضهم البعض. كما تعيد هذه الخطوة إحياء اللحظات المفقودة، التي كانت تجمعهم بين الأهل والأصدقاء المحبين، وتعزز من وعي الأفراد بأهمية وقيمة الحضور الحقيقي في حياتهم اليومية. فالحياة ليست مجرد تفاعل عبر الوسائط الإلكترونية، بل هي تجارب مشتركة تعيشها الأرواح معًا. لذلك، يُعد الحصول على توازن دقيق بين الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والحفاظ على العلاقات الإنسانية المباشرة، هو السلاح الأمضى لمواجهة الرغبة المتنامية في الانفراد والانطواء مع الأجهزة الإلكترونية، وبلورة هوية مجتمعية متماسكة تتسلح بقيم التقدير والاحترام المتبادل بين جميع الأفراد. ولذلك، فإن هذه الجهود تعيد بناء العلاقات وتعزز من اللحمة الاجتماعية، مما يؤدي إلى مجتمع أقوى وأكثر توافقًا.

إضافةً إلى ذلك، يساهم هذا التوقف الكبير في ترسيخ مفهوم أساس وهو أن الإنسان ليس فقط جوهر الحضارة، التي نعيش فيها، بل أيضًا دعامة أساسية للحياة الاجتماعية والثقافية، التي نتمتع بها. إذ إن استعادة الحضور البشري لا تعني بأي حال من الأحوال التخلي عن التكنولوجيا الحديثة المتاحة لنا، بل تفرض في الحقيقة ضرورة الاستخدام المسؤول والمتوازن لها بطريقة تعود بالفائدة علينا وعلى مجتمعنا. ولكي تكون هذه التكنولوجيا وسيلة فعّالة لدعم وتعزيز علاقاتنا الاجتماعية بدل أن تكون عائقًا يمنع تواصلنا الفعّال، يجب أن نصوغها بطريقة تنبع من الحاجة الإنسانية وتلبي تطلعاتنا الاجتماعية. فكل محاولة جادة للتقليل من استخدام الشاشات الإلكترونية والابتعاد عن الانغماس في الحياة الرقمية، تكرّس بشكلٍ واضح حضور الإنسان في فضاءه الحقيقي ومعايشته للأشخاص من حوله. وهذا السلوك يعيد تلك اللحظات الثمينة، التي فقدناها في زحمة وضوضاء الحياة الرقمية المعاصرة، ويتيح لنا إعادة التواصل مع أسرنا وأصدقائنا بشكلٍ عميق ومؤثر. إذ تشكّل هذه الجهود نوعًا مميزًا من المقاومة المدنية والثقافية، التي تهدف إلى إعادة الإنسان إلى حضوره الطبيعي وتوجيهه ليكون أكثر وعيًا بمكانه ودوره المهم في مجتمعه، الذي يعيش فيه، مما يعزز من ترابطنا ويزيد من فهمِنَّا لبعضنا البعض في عالم يسوده التغيير السريع.

رياحين الفكرة: 

انطلقت المبادرة من رؤية واضحة تأخذنا من الفكرة إلى الميدان، وتركز على أهمية إعادة تفعيل التواصل الإنساني المباشر في سياق تتسارع فيه وتيرة الاعتماد المفرط على التكنولوجيا ووسائل الاتصال الرقمية، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية بطرق متعددة ومعقدة. وهذا الاعتماد المتزايد يُثير تساؤلات حقيقية حول أثر ذلك على الروابط والعلاقات، التي تجمعنا. فعلى الرغم من الفوائد العديدة للتكنولوجيا، فإنها قد تؤدي إلى شعور بالعزلة والابتعاد عن التفاعلات الإنسانية الأعمق. واستمدت فكرتها الجوهرية من ضرورة خلق مساحة ملهمة وجديدة تعبر عن حضور الإنسان بشكل أصيل وحقيقي، بعيدًا عن قيود الشاشة وأبعادها المختلفة والافتراضية. كما أن هذه المبادرة تهدف إلى العودة إلى جوهر الإنسانية من خلال تيسير فرص اللقاءات الحقيقية والمباشرة، مما يعزز التفاهم والتعاطف بين الأفراد. ويعمل هذا الهدف النبيل على تعزيز الروابط الاجتماعية المتينة بين الأفراد وتعزيز العلاقات الإنسانية بشكل يعكس جوهر التجربة البشرية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المبادرة إلى تحفيز المشاركة الفاعلة في الحياة اليومية والمجتمعية، مما يساعد في بناء مجتمع يشعر فيه الأفراد بالانتماء وبالقيمة. إذ جاءت كاستجابة فورية وملحة للحاجة المتزايدة إلى إعادة تقييم نمط العيش والعلاقات الإنسانية، بحيث تكون التجربة البشرية والترابط الاجتماعي محور الاهتمام والتفاعل في المجتمع بطرق مبتكرة تسهم في تعزيز انتماء الأفراد ورفع مستوى الوعي الاجتماعي.

إن تمكين المجتمعات من استعادة أبعادها الثقافية والاجتماعية والإنسانية يحتاج إلى جهود مشتركة وإبداعية ومتنوعة من جميع الأطراف المعنية. وهذا يتطلب فعلًا تعاونيًا وابتكاريًا من أجل الوصول إلى نتائج فعالة. وعليه، تمثل المبادرة نقاط انطلاق متعددة تشمل خطط عمل تُعتمد أساسًا على اللقاءات الفعلية، الحوارات الحيوية، والنقاشات التفاعلية، التي تعزز من الروابط المجتمعية. فمثل هذه الأنشطة تسمح للأفراد بالاجتماع، وتبادل الآراء، ومِنَّاقشة القضايا، التي تؤثر عليهم مباشرة. ومن خلال ملامسة الجذور الاجتماعية والثقافية لأفراد المجتمع، وتخصيص الوقت الكافي لتعميق فهمهم للتجارب المشتركة والمشكلات الموحدة، يسهم ذلك بشكل كبير في تعزيز القيم الإنسانية المرتبطة بالمشاركة الحقيقية والتواصل المباشر بين الأفراد. إذ إن تبني نموذج عملي متكامل يحتضن ويراعي العادات القديمة، ويأخذ في الاعتبار أيضًا متطلبات الحياة المعاصرة يعد خطوة هامة وأساسية في هذا الإطار. إذ إن العمل على دمج هذه العادات مع الابتكارات الحديثة والمتطلبات الحالية يمكن أن يساعد بشكل كبير في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وفهمًا، حيث يكون للأفراد إحساس أقوى بالانتماء والهوية، وتكون هناك أطر واضحة تعزز من التفاعل والارتباط بين جميع فئات المجتمع وتدعم استدامة هذه العلاقات وتعزيزها.

لقد بدأت الفكرة بوعي عميق وملموس بأهمية التفاعل الواقعي والمباشر بين الأفراد في المجتمع، بالإضافة إلى تقدير الروابط الإنسانية القوية والعميقة، التي تربطهم جميعًا في مختلف المِنَّاسبات. لذلك، فإن هذا الوعي المتزايد الآن يسخر تلك الأفكار الإبداعية تمامًا لتشكيل نموذج شامل ومتكامل يدعم التنمية المستدامة للمجتمع بشكل يحقق الفائدة المرجوة للجميع، ويؤكد بقوة على ضرورة استثمار التراث الثقافي كوسيلة فعالة لتعزيز الحس بالهوية والانتماء الحقيقي، مما يؤدي إلى خلق بيئة إيجابية تسهم في الترابط الاجتماعي وتقوية العلاقات بين الأفراد. وعبر هذا النهج الفريد والمتميز، تم تصميم مجموعة متنوعة من البرامج والأنشطة الغنية والمتعددة الملامح، والتي تستهدف بشكل المباشر قريبًا جميع فئات المجتمع، سواء الكبار، أو الصغار، بهدف إدماج جميع الأفراد في هذا المشروع الحيوي، الذي يُعتبر مطلبًا ملحًا. وتعتمد هذه الأنشطة على مجموعة مميزة من المكونات الفعّالة لإعادة إحياء اللحظات الحية والنابضة، وتعزيز التجارب الإنسانية الغنية، وتحفيز المشاركات اليومية من خلال تبادل المعرفة والخبرات القيمة بين المشاركين، مما يساهم في بناء مجتمع متناغم ومزدهر يسعى نحو تحقيق الأهداف المشتركة.

إذن، فالهدف الأساس هو أن تصبح هذه الأنشطة بمثابة حافز قوي جدًا وشامل لتغيير المنظور نحو العلاقات الاجتماعية وكيفية إدارتها بشكل فعال وهادئ في جميع أبعاد الحياة. لذلك، فإن تعزيز هذه الأنشطة يعد أمرًا جوهريًا يسهم بشكل كبير ورئيس في تشكيل تجارب الأفراد وعلاقاتهم وتفاعلاتهم اليومية. ففي مسار التنفيذ، حرصت المبادرة بشكل كبير على الاستفادة المُدرِكَة والعميقة من تجارب وخبرات المجتمع المحلي الواسع، والتعاون المثمر والمستدام مع المؤسسات التعليمية والثقافية العريقة، بهدف الوصول إلى أقصى قدر ممكن من التأثير الإيجابي المتنامي على الأفراد. وبالإضافة إلى ذلك، يتم تعزيز التفاعل الاجتماعي الممتد بينهم بطرق مبتكرة وغير تقليدية. كما أن إشراك أفراد المجتمع في رسم معالم زمن يتراوح بين الانغماس في التقنيات الحديثة والمتطورة وبين الاحتفاظ بالأصالة الإنسانية والقيم الرفيعة، يساهم بشكل ملحوظ ومؤثر في تعزيز الوعي العميق بقيمة الحضور الحقيقي الجوهري للإنسان في حياة الآخرين المتعددة، وكيف يمكن لهذا الحضور أن يمسح حاجز الانعزال ويعزز الروابط الاجتماعية. لذا، فإنه من الضروري العمل على ترسيخ هذه الروابط الاجتماعية بقوة، وتطوير أساليب جديدة وحديثة تضمن تفاعلًا رفيع المستوى متسم بالشمولية والمشاركة الفعالة بين الجميع.

إن هذه العملية تعيد للإنسان مكانته الطبيعية ككائن اجتماعي يتفاعل ويقدر بعمق العلاقات الإنسانية والتواصل المباشر مع الآخرين. ومع مرور الزمن، تصبح هذه الروابط حصيلة حقيقية تمثل جزءًا لا يتجزأ من الوجود الإنساني، وتصبح عنصرًا محوريًا في سياق الحياة اليومية. وتعمل هذه العملية على تعزيز مستوى تلك العلاقات الاجتماعية، وترفعها لتصبح العناصر الرئيسية والهامة في التجربة الإنسانية المعقدة، التي يعيشها كل فرد، في وسط مجتمعه المتنوع والمليء بالثقافات المختلفة. وهذا الأمر لا يسهم فقط في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد؛ بل إنه يساهم أيضًا بشكل كبير في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وفهمًا وتعاونًا بشكل فعّال ومستدام عبر الزمن. إذ يصبح بإمكان الأفراد في هذا السياق المعقد أن يتشاركوا تجاربهم وأفكارهم بشكل حيوي ومثمر، مما يثري الحياة الاجتماعية بشكل كبير ويعزز من شبكة العلاقات الواسعة، التي تربط الناس ببعضهم البعض في هذه البيئة الإنسانية الغنية بالتنوع والتجديد. وسواء كانت تلك العلاقات شخصية، أو مهنية، فإن الاستفادة من التواصل المباشر تعزز وبشكل ملحوظ من الروابط الاجتماعية والإنسانية بين الأفراد، مما يجعل الجميع يشعرون بالترابط والانتساب إلى مجتمع أكبر. لذلك، يعتبر هذا التفاعل ذا أهمية كبيرة، حيث يعود بالنفع على الجميع ويحرص الأفراد على تطوير مهاراتهم في التواصل الفعّال، وجعل العلاقات الاجتماعية أولوية قصوى في حياتهم اليومية. مما يساهم في بناء بيئة صحية ومزدهرة تعكس القيم الإنسانية الحقيقية، وتعزز من تكامل الأفراد في هذه المنظومة الاجتماعية الغنية والمتنوعة.

جذور المبادرة في المجتمع المحلي

تُعتبر جذور المبادرة في المجتمع المحلي نتاجًا متميزًا لتمازج العوامل الثقافية والاجتماعية المتنوعة، التي أثرت بشكل مباشر على صياغة مفهوم هذه المبادرة وأهدافها المحددة، والتي نجد فيها تجسيدًا لرغبة عميقة لدى الأفراد في تعزيز تواصلهم وتعميق روابطهم مع بعضهم البعض. فقد ظهرت هذه الفكرة كنتيجة طبيعية لإحساس متزايد لدى الأفراد بمدى تأثير التكنولوجيا الرقمية الحديثة على نمط حياتهم وكيفية تفاعلهم مع بيئتهم المحيطة. ويبرز هذا الأمر بشكل خاص في بيئة تتسم بخصوصية اجتماعية قوية وتراث ثقافي عريق يمتد عبر الزمن، حيث تشكل هذه الخصوصية دافعًا رئيسيًا لجعل الأفراد أكثر وعيًا بأهمية الحفاظ على تقاليدهم وهويتهم الاجتماعية. وهذا السياق الثقافي والاجتماعي الهام يعكس أهمية المبادرة، التي بدأت بالتوافد من قوى مجتمعية واعية وملتزمة، تتطلع إلى استعادة القيم الإنسانية الأصيلة، التي باتت تتآكل وتختفي أمام سطوة الشاشات والتقنيات الحديثة، وما يرتبط بهما من استهلاك سريع وتأثيرات سلبية على العلاقات الإنسانية. بمعنى آخر، تؤكد المبادرة على ضرورة تعزيز الروابط الاجتماعية والتواصل المباشر والإنساني بين أفراد المجتمع، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك وقادر على مواجهة التحديات المعاصرة، وبالتالي يجب أن ننظر إلى هذه المبادرة كفرصة لإعادة توجيه اهتمام الأفراد نحو القيم الأساسية، التي تعكس إنسانيتهم وتؤكد على أهمية التفاعل الإيجابي بينهم.

لقد شهدت المِنَّاطق المحلية في الآونة الأخيرة مشاركة فاعلة ومؤثرة من مختلف المدارس والجمعيات الأهلية وأفراد المجتمع بشكل عام، حيث كان هؤلاء جميعًا بمثابة العمود الفقري، الذي ساهم بشكل حقيقي وملموس في تنفيذ الأنشطة والفعاليات المتنوعة المرتبطة بالمبادرة. وقد جعل هذا الجهد الجماعي الكبير تلك الفعاليات أكثر التصاقًا بواقعهم واحتياجاتهم الحقيقية اليومية، ما أضفى عليها طابعًا إنسانيًا عميقًا. وقد جاءت الحاجة الملحة إلى تنظيم أيام خالية من الأجهزة الرقمية كوسيلة فعالة لإعادة اكتشاف الذات والتواصل الحقيقي والفريد مع الآخرين، في الوقت، الذي كان فيه من الضروري تعزيز الإحساس بالانتماء والهوية المحلية بين الأفراد والمجتمعات. وفي إطار ذلك، كان للمبادرة أثر عميق ومؤثر على تحسين الوعي المجتمعي بشأن مخاطر الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، التي باتت تمثل تحديًا حقيقيًا وعائقًا كبيرًا أمام الأفراد في حياتهم. إذ بحثت المبادرة بشكل مستمر في سبل فعالة لإعادة توجيه التركيز إلى الحضور الإنساني والتفاعل المباشر مع الآخرين، وفي هذا السياق، يأتي التطلع الدائم لبناء مجتمع أكثر توازنًا ووعيًا بضرورة وجود تواصل اجتماعي فعّال ومثمر، بما يسهم في تعزيز الروابط بين الأفراد ويحقق رغباتهم في التفاعل والتواصل بشكل إيجابي وبنّاء.

بالإضافة إلى ذلك، أدت مشاركة الأهالي والقيادات المجتمعية بفاعلية كبيرة وبذل جهود ملموسة في هذا المسار المهم إلى انتشار ثقافة التغيير الإيجابي وإحداث حراك اجتماعي نشط يهدف بشكل جاد إلى إعادة الاعتبار لدور الإنسان في حياته اليومية والمهنية. ويتجاوز هذا الهدف مجرد التقليل من الاعتمادية المفرطة على الشاشات بكل تنوعاتها وأشكالها المختلفة، بل يسعى أيضًا إلى تعزيز العلاقات الإنسانية والاجتماعية، التي قد تكون قد تآكلت بفعل الانغماس في التكنولوجيا الحديثة. ومن خلال تجارب ميدانية متنوعة ومتعددة الأبعاد، برزت إمكانية ترجمة جذور هذه المبادرة الطموحة إلى نموذج مستدام يمكن تعميمه بشكل إيجابي على مستويات متعددة من المجتمع. ومع الانفتاح الكامل على الحوار البنّاء وإشراك الجميع في عملية استعادة الحضور البشري الفاعل، يظهر الأمل في إحداث تحول نوعي في السلوكيات الاجتماعية. ففي ظل التطور التكنولوجي المستمر والسريع، الذي نعيشه، قد نتمكن من تحقيق تكامل حقيقي بين الإنسان والتكنولوجيا في حياتنا اليومية. وبهذه الطريقة، يمكننا بناء بيئة تدعم التفاعل الإنساني وتعزز القيم الاجتماعية، مما يفضي إلى تحسين جودة حياتنا وتعزيز روح التعاون والمشاركة المجتمعية.

أهدافها وقيمها الأساسية

تتمحور أهداف المبادرة بشكل أساس حول إعادة تفعيل الحضور البشري وتعزيز التواصل المباشر بين الأفراد، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الشاشات والتقنيات الرقمية المتزايدة، التي تهيمن على حياتنا اليومية بشكل متسارع. فهي تسعى جاهدة إلى تشكيل بيئة مجتمعية متكاملة يتوازن فيها قيمة الاتصال الإنساني الحقيقي والتفاعل الاجتماعي بشكل يتماشى مع متطلبات العصر الحديث، مما يعمق الوعي بأهمية اللحظة الحاضرة ويتيح لنا تأملها بشكل أعمق من أي وقت مضى. وتُؤكد المبادرة بشكل كبير على ضرورة إعادة الاعتبار للعلاقات الإنسانية وتطويرها، وهي تشجع الجميع على استثمار جهودهم لتكريس فضاءات حرة ومفتوحة للقاء والحوار المباشر بين الأفراد، وهذا بالضرورة يسهم في تعزيز الوحدة والانتماء بين المجتمعات. فمن خلال هذه المبادرة، يتم فتح أبواب جديدة للإبداع والتعبير عن الذات بدون الحاجة إلى وسيلة تكنولوجية، أو أي وسيط قد يعيق هذا التواصل الفعّال والمباشر، الذي نتطلع لتحقيقه، مما يجعلنا نُعيد اكتشاف أهمية التواصل الإنساني الفعلي في حياتنا. كما تسهم المبادرة في زيادة وعي الأفراد بأهمية الابتعاد عن الاعتماد شبه الكلي على الأجهزة الرقمية، لتجديد وإغناء العلاقات الإنسانية بالفطرة، وتساهم في خلق أجواء من التفاهم والاحترام المتبادل، وتحفيز التعاطف والتعاون بين الأفراد، ما يجعلنا نعيش اللحظة بشكل أوضح وأكثر غنى.

كما ترتكز هذه المبادرة الفريدة والرائدة على مجموعة شاملة ومتنوعة من المبادئ الأساسية، التي تشكل حجر الزاوية لرؤيتها الاستراتيجية الشاملة والمستدامة. إذ إن التعبير عن الاحترام للتنوع الثقافي والخصوصية الفردية لكل شخص يُعد من أهم هذه المبادئ الجوهرية، التي نلتزم بها بجدية وبشكل دقيق، حيث يمثل ذلك ركيزة رئيسة في عملياتنا اليومية وعلى كافة الأصعدة. وتساهم هذه المبادرة بشكل فعّال في تعزيز روح التعاون والتضامن بين الأفراد والمجتمعات المختلفة، حيث تعمل على تعزيز التواصل الفعّال بين الناس وتساعد بشكل كبير في خلق بيئة إيجابية ومحفزة للغاية، مما يخلق فرصًا حقيقية للتفاهم المتبادل والتعاون المثمر. كما أنها تعترف بوضوح تام بقيمة الوقت الثمين، الذي يُهدر على الشاشات، وتعمل جاهدة على تحويل هذا الوقت إلى أنشطة مجتمعية حية وفعالة تُسهم في تعميق الروابط والعلاقات الإنسانية القوية والمتينة بين الأفراد، وتساعد بشكل كبير في بناء مجتمع متماسك ومترابط. لذلك، فإن هذه المبادرة لا تقتصر فقط على تعزيز العلاقات بين الأفراد، بل تسعى أيضًا إلى دفع الأفراد للتفاعل مع بعضهم البعض بطرق جديدة ومبتكرة، سواء من خلال الفعاليات العامة، أو الدورات التدريبية، مما يُعزز من فاعلية الأداء الجماعي ويؤسس لأسس متينة من التعاون المثمر والفائدة المشتركة. وهذه العملية تستهدف تطوير المهارات والتجارب الفردية، في رحلة تعاونية مميزة تساعد تلك العلاقات في الازدهار والنمو المستدام.

وتلتزم المبادرة بشكل كامل بالتبني والتمسك بقيمة الصدق والشفافية في تعزيز التواصل الحقيقي والمباشر بين الأفراد، حيث تُؤمن تمامًا بأهمية إحياء الذكرى الجماعية والتقاليد الثقافية، التي غالبًا ما تفتقر إليها أدوات التواصل الرقمية الحديثة. إذ إن وجود هذه المبادئ السامية يسهم بشكل كبير في بناء مجتمع متماسك ومترابط يعتز بقيمه وتراثه الثقافي، الذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من هويته. علاوة على ذلك، يسعى المجتمع بشكل مستمر للعمل بجد للحفاظ على هذه القيم وتحييها، خصوصًا في ظل التغيرات السريعة، التي تحدث في عصر التقدم التكنولوجي، الذي نعيشه اليوم. ففي هذا السياق، تشكل المبادرة منصة تفاعلية متميزة يمكن من خلالها للأفراد تبادل الأفكار والآراء بحرية ودون قيود، مما يعزز من فرص الحوار البناء والتفاهم المتبادل. بالتالي، تتمكن الأجيال الحالية والمستقبلية من التعرف على الأشياء، التي تشكل هوية المجتمع وتقديرها، خصوصًا وسط التحديات المتزايدة، والتي نواجهها جميعًا في عصر المعلومات، مما يجعل من الضروري أن نبذل جهودًا مضاعفة لتوثيق تاريخنا وثقافتنا. كما أن تعزيز روح الإبداع والابتكار عبر هذه المنصة يوفر بيئة خصبة لنمو الأفكار الجديدة وتحفيز المشاركة الفعالة، مما يمكّن الأفراد من التعبير عن شغفهم وهواياتهم، ويعزز من التجارب الإيجابية والمثمرة. وهنا، يعود هذا الجهد إلى تعزيز التفاهم والتعاون بين مختلف الثقافات والمجتمعات، مما يسهم بشكل فعال في تشكيل عالم يتسم بالاحترام والتقدير المتبادل بين جميع أفراده.

ونعود لتكرار القول إن هذه المبادرة تسعى إلى تكريس المفهوم العميق أن الحياة الحقيقية تكمن في التجربة المباشرة، التي يعيشها الأفراد، وليست في الصور والمشاركات الافتراضية، التي قد تلهينا أحيانًا عن احتضان التجارب الحقيقية. إنها تشجع المجتمع على إعادة النظر في أولويات الوقت، التي نخصصها يوميًا، ودعوتنا لاستثمار كل لحظة في الأنشطة، والتي تعزز القيمة الإنسانية للفرد والجماعة. ومن خلال هذا التوجه الإيجابي، تهدف المبادرة إلى ترسيخ هوية مجتمعية متماسكة وقوية، ومنح الفرصة للمدن وكذلك الأفراد لاستعادة حضورهم الفعلي والملموس في عالم سريع التغير. وتؤكد المبادرة أيضًا على أن الإنسان هو الأصل، وليس التكنولوجيا، التي قد تشتت الانتباه وتخلق فواصل بيننا وتفصلنا عن اللحظات المهمة. ويُعد هذا الالتزام القوي بالمبادئ والقيم بمثابة دعوة للتأمل العميق ولتعميق الوعي بمدى أهمية التفاعل الإنساني المستمر، الساعي لتحقيق توازن مثالي بين التقدم الرقمي القائم على التكنولوجيا وبين الجانب الإنساني، الذي يدفعنا نحو التفاعل الحقيقي والذوبان في اللحظة الحاضرة، والاستمتاع بكل ما تقدمه الحياة من فرص وتجارب تجعلنا نتواصل بشكل أعمق مع الآخرين ومع أنفسنا.

ونواصل…

الأحد، ١٦ نوفمبر ٢٠٢٥

عمان، المملكة الأردنية الهاشمية 

الدكتور الصادق الفقيه 


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى