عادةً ما يتمُّ تحديد فلسفة التربية بأنَّها تلك الغايات العامَّة التي يحملها المنتوج التربوي والتعليمي في أي نظام تعليمي، وفلسفة التربية عادة ما تتَّخذها الدول أو النظم من أجل تحقيق غايات وأهداف، يشترك فيها المعرفي بالقيمي، والمهاري بالوجداني، وهذه الغايات يسعى ويريد المجتمع أن يصل اليه، وأن يحقِّقها لأغراض تتعلَّق بمجال التنمية.
وبصفةٍ اجماليَّة ففلسفة التربية هي الغايات البعيدة التي تحملها النظم التعليميَّة والتربويَّة، في أي نظام من النظم التعليميَّة، وأحيانا يعبَّر عن فلسفة التربية بالغايات والأهداف المحمولة في النظم التعليميَّة، مع عرض الصعوبات والإكراهات التي قد تحصل نتيجة تطبيق وتنزيل تلك الغايات.
مثلا الغايات الكبرى في النظام التربوي الاشتراكي، هي خدمة مبادئ الاشتراكيَّة، وتربية المتعلِّمين على قيم الاشتراكيَّة، قصد جعل المتعلِّم خادمًا لقيم المجتمع الاشتراكي.
فالتربية في النزعة الاشتراكيَّة غايتها جعل المتعلِّم يؤمن بالقيم العليا للمذهب الاشتراكي، الذي يتأسَّس على هذه المعادلة، وهي مصلحة الوطن أولا، ومصلحة المواطن ثانيا، حتى وإن أدَّى تحقيق تلك القيم إلى التنازل عن بعض الحقوق العليا للمواطن.
وهكذا سعى أعلام الاشتراكيَّة إلى التنظير لفلسفة التربية الاشتراكيَّة، في كتبهم ومقالاتهم بشكل أخص، فالمدرسة عند كارل ماركس هي مؤسَّسة عليا وظيفتها أن تحافظ على القيم العليا للمجتمع الاشتراكي.
وكان كتاب “المراسلات” وكتاب أصل الدولة والعائلة الذي ألَّفه ماركس وصديقه إنجلز الوثيقة الرسميَّة التي فيها تمَّ التنظير لفلسفة التربية ولقيم المدرسة الاشتراكيَّة في نزعتها الاشتراكيَّة، فكتاب “المراسلات” من أبرز الكتب التي جسَّدت المبادئ العليا للتربية الاشتراكيَّة.
وعليه نقول إنَّ الغايات الكبرى لنظام التربية والتعليم في النظم الاشتراكيَّة، هي أن تحافظ التربية الاشتراكيَّة على قيم المجتمع الاشتراكي الذي يغلِّب القيم الجماعيَّة على حساب القيم الفرديَّة، والعمل على تكوين المواطن الذي يؤمن وينتصر للقيم الاشتراكيَّة، حتى وإن كانت تلك القيم على حساب مصلحته الشخصيَّة.
وقد تعرَّضت التربية الاشتراكيَّة التي صاغها ماركس وصديقه إنجلز، لانتقادات شديدة حتى من اتباع المذهب الاشتراكي وهم الذين نعتوا بالاشتراكيين الجدد، والسبب أنَّ السياقات الجديدة التي يعرفها العالم اليوم لا توافق تلك المبادئ ،فالعالم اليوم يعرف مجموعة من التحوُّلات العلميَّة، والمعرفيَّة والتربويَّة في مختلف القطاعات والمجلَّات المعرفيَّة، وهذا يعود إلى التحوُّل الرقمي الذي طبع المشهد العلمي والقيمي في مختلف دول العالم.
إنَّ كثيرًا من أفكار التربية الاشتراكيَّة لم تعد تساير التاريخ والواقع، يشهد لهذا أنَّ تلك الأفكار خضعت للتعديل والمراجعة مع اتباع المذهب الاشتراكي في الفترة المعاصرة.