دوائر الكوارث والأزمات في مجتمع المخاطر

image_pdf

ملخص:

تعاقبت خلال السنوات الأخيرة مجموعة من الأزمات الناجمة عن التحولات السياسية والاقتصادية والبيئية وغيرها من العوامل التي كانت وراء تفاقم مشهد دينامية المخاطر في المجتمع المعاصر؛ المجتمع الذي أطلق عليه في بعض الأدبيات السوسيولوجيا “مجتمع المخاطر”. لقد أصبحت مشهد بعض الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية ملازم للأزمات، أزمات منها من تتخذ طابعا محليا ومنها من تتفاقم لتتحول لأزمة إقليمية فعالمية. ولعل أربع حالات مرت خلال السنوات الأخيرة هي من جملة الأحداث التي تقدم ملامح واضحة المعالم عن مجتمع المخاطر الذي تحدثت عنه مجموعة من الأطروحات، من بينها أطروحة عالم الاجتماع الألماني أوليرش بيك.

في متن هذا المقال سنحاول أن نقدم بعض المضامين من حقل علم الاجتماع والسياسة عن مفهوم مجتمع المخاطر، وحالة الأزمة وبعض الاحداث السياسية والبيئية التي زادت حدة المخاطر في الزمن الراهن.

الكلمات المفتاح: مجتمع المخاطر، الأزمة، كارثة الزلزال، الأزمة الأوكرانية، التغير المناخي، فيروس كوفيد-19(كورونا).

مقدمة:

في استمرارية غير منقطعة، تتوالى الأخبار العاجلة، تحت عنوان: عاجل، عاجل..، بالبنط العريض واللون الأحمر، الدال في تقاليد الإعلام المرئي على خبر؛ سياسي، اقتصادي، بيئي، تكنولوجي.. يعبر عن تحول أو تغير عميق، أو طارئ متوقع أو غير متوقع، يعبر عن أحد القضايا الأساسية، والمركزية في الزمن الراهن. ولعل أهم الاخبار العاجلة المشكلة لأهم الأحداث؛ منذ مطلع الألفية الثالثة إلى اليوم، هي: تلك الأخبار الدالة على كارثة ما، أو أزمة من الأزمات …إلخ. لقد بات في عالم اليوم، وحسب خريطة المخاطر والأزمات؛ مناطق يطلق عليها في المقاربات والتحليلات الجيوسياسية؛ المناطق الخطرة، المناطق عالية التوتر، مناطق الصراع، مناطق الحرب الأهلية والطائفية، مناطق مهددة بالغرق…إلخ. كلها مناطق معروفة بمخاطرها؛ سواء كان الأمر يتعلق ببعد المخاطر السياسية، والاجتماعية، أوالاقتصادية، والصناعية، أوالبيئية، والجيولوجية..، فخريطة المخاطر والكوارث والازمات هي خريطة حقيقية في العالم اليوم، وأمر واقع في المجال؛ تشكلت في إطار الديناميات الطبيعية عبر التاريخ، وفي سياق سيرورة التقدم، والتعسكر الاقتصادي والسياسي ما بعد الحرب العالمية الثانية.

في الزمن الراهن([1])، من الصعب الإلمام بخريطة المخاطر المخيمة على المجتمعات، حيث لم تعد مقتصرة على ميدان دون آخر، فهي عامة، ومتوقعة في جميع الميادين، إذ على رأس كل مجتمع هناك مخاطر تهدد أنساقه. ومن سمات بعض المخاطر، نوعيتها وكميتها؛ أي أنها مترامية الأطراف، وتتجاوز الحدود السياسية والثقافية والجغرافية للبلد الواحد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تنوعها وتجدد البعض منها في نسخة قد تكون أسوء. من اللافت في زمننا الحالي، تقلب الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية..، تقلبات شبيهة بحالة الجو؛ فعالمنا المعاصر ما أن يخمد وضع غير مرغوب فيه، سواء كان سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا، بيئيا..، كأزمة الحروب والنزاعات الاهلية، والإقليمية والدولية، الحروب الاقتصادية والتنافس الصناعي، وانقلاب المناخي، وأزمة الفقر والغذاء ..إلخ، حتى ينفجر وضع آخر، ربما يكون أكثر شدّة، وقوة من السابق. وما أن يتم تجاوز أزمة _قد تشكل خطرا حقيقيا على المجال، خلال حقبة ما من التاريخ_ حتى تظهر أخرى أدهى منها، تجر وراءها تبعيات وخيمة على مجتمع ما. هي إذا، حالة دائمة من المخاطر والازمات، مستمرة، وموازية، لسيرورة وصيرورة الحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها، لعل أخطرها هي من خيمت على مجتمع ما بعد الحداثة([2]).

هذه السنة الجارية، وعلى ضوء بعض الأحداث والكوارث، كالزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا؛ وعلى ضوء هذه الكارثة الأليمة، الإعلام العالمي بما أوتي من فصاحة، يحلل الكارثة الناجمة عن هذا الزلزال، بوصف-قياسي، حيث شبهه بالقنبلة النووية _التي اكتوت بنيرانها اليابان، إبان  الحرب العالمية الثانية _ فيقول مقدم الأخبار في أحد القنوات الإخبارية: “تعادل قوة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، ما يعادل 500 قنبلة نووية…” هذا القياس من أي وحي؟ إذ لم يكن من مقياس وحي المخاطر الكونية المحتملة  !وفي هذه السنة نبرة استخدام السلاح النووي أصبحت من ضمن القاموس اليومي المستعمل في تحليل “الأزمة الأوكرانية” التي خيمت على العالم سياسيا واقتصاديا.

في إطار هذا الموضوع، ومن وحي كارثة الزلزال المدمر(2023)؛ والحرب الروسية الأوكرانية(2022)؛ وجائحة فيروس كورونا(2020)؛ وتجليات التغير المناخي(2021-2022)؛ سنحاول تناول دائرة المخاطر والكوارث والأزمات من خلال مدخل سوسيولوجيا المخاطر([3]) والأزمة. وضمن محاور هذه المقالة، سنحاول إعطاء إضاءات حول مفهوم “مجتمع المخاطر”، والتطرق لموضوع مجتمع المخاطر الكونية، وتحليل استمرارية المخاطر والكوارث والأزمات، من خلال الحقبة الزمنية المعاصرة، وبالتركيز على بعض الأزمات والأحداث السياسية والاجتماعية والبيئية؛ لاسيما البعض منها التي شكلت تجليا واضحا حول ما يطلق عليه بـ”مجتمع المخاطر الكونية”.

أولا: إضاءة مفاهيمية: المخاطر، الأزمة، الكارثة

تحمل هذه المفاهيم الثلاثة في المعاجم اللغوية والاصطلاحية، ما يدل على شيء سلبي، يمكن أن يكون له أثر بدرجات مختلفة من الخطر على مجرى الحياة بشقيها الإنساني-الاجتماعي والبيئي. فالمخاطر والأزمة والكوارث هي دالة ضمنيا على نوع من التهديد والوقائع المتطرفة التي لها تبيعات وخيمة لو حدثت في مجتمع أو بيئة ما. بالعودة إلى الأحداث التاريخية التي كان لها أثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، نجد في السجل التاريخي، الأزمات، والكوارث. ومن المعلوم يكاد التاريخ يحقب بأعوام شكلت فيها، النوازل والجوائح والكوارث وأزماتها أهم الأحداث التي ترتبت عليها عدة تحولات وتغيرات تتعلق بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية …إلخ. وها هو الزمن الراهن، يحقب بنوعية مخاطره الحارقة. وكوارثه، وأزماته التي اكتملت دائرتها في سيرورة الزمن الراهن.

1-      المخاطر RISQUES

تترجم كلمة “risques” عن الفرنسية إلى مسرد اللغة العربية بكلمة مخاطر([4])، وهذه الأخيرة، في دلالتها اللغوية والاصطلاحية عربيا، وبحكم اشتقاقها من مصدر خاطر؛ الدال لغويا واصطلاحيا على خطر ما، فيقال يواجه خطرا محدقا: يواجه هولا، يواجه الاشراف على الهلاك([5])، بمعنى أي موقف ينذر بالخطر. إذا، المخاطر أو المخاطرة من جدر خطر، مصطلح يحمل في دلالته تعبيرات دالة عن فعل التربص المحدق في الزمن المستمر والمقبل، كما تحمل المخاطر استمرارية الخطر في الزمان والمكان، وفي جميع الميادين، فالأخطار قائمة على جميع الأمور المرتبة وفق سلسلة من التنظيمات، سواء الطبيعية أو المجالية أو الاجتماعية. وتربص المخاطر هو معطى قائم بذاته، ومعطى يفرض نفسه كمعطى طبيعي أحيانا لا محيد عنه (الدورة الطبيعية)، أو كوجود مصطنع ناتج عن معادلة الاستهلاك والطرح والاختيار الحضاري والصناعي والتكنولوجي . وعليه، فالمخاطر أمر يستدعي أخد الحيطة والحذر من حدوثها، والاشتغال على تجاوزها أو التحكم فيها من خلال القيام بالمعالجة اللازمة لذلك، عبر تدخل الفاعلين. ولأجل الإحاطة العامة بكلمة مخاطر، نحيل إلى سياقها الضدي _ إذ تعرف الأشياء بأضدادها_ وهنا يمكن الحديث عن الائتمان والتأمين. على هامش هذا المدخل اللغوي والاصطلاحي، نميز في مصطلح المخاطر بين خطر وجمعه أخطار، ثم خاطر، وجمعه مخاطر/مخاطرة؛ والأخطار والمخاطر هي دالة على معنى واحد، وهو موقف يشكل تهديدا وهلاكا ما.. أي خطر قائم بذاته. ومنه يقال المخاطر البيئة، المخاطر الاقتصادية، المخاطر السياسية، المخاطر الاجتماعية…أي أن المخاطر لها احتمالات مبنية على حدوث شيء في الزمن الجاري والمستقبل.

في بعض أطروحات العلوم الانسانية والاجتماعية، نجد مفهوم مجتمع المخاطر، الذي يشكل أحد أبرز المفاهيم في الحقل الماكروسوسيولوجيا، فضمن هذا الحقل، وبالخصوص في قاموس علم الاجتماع، يدل مفهوم “مجتمع المخاطر” على سيرورة التغير في زمن الحداثة، الذي عرفت خلاله المجتمعات مجموعة من التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية. ويرجع ذيوع مفهوم مجتمع المخاطر، حسب بعض الكتابات إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي، حيث قام بعض الباحثين في العلوم الانسانية والاجتماعية، بتقديم العديد من القراءات التحليلية والنقدية لمجريات وسياقات ومآلات مجتمع الحداثة؛ هذا المجتمع الذي بات في دوامة من المخاطر الاجتماعية والبيئية حسب العديد من السوسيولوجين. ويعد عالم الاجتماعي الألماني ألريش بيك(Ulrich Beck)، أحد العلماء الذين انبروا لدراسة عالم المخاطر في العالم المعاصر، ليقدم دراسة بعنوان: “Risikogesellschaf”([6]) عام 1986م، تزامن هذا المؤلف مع حادثة تشيرنوبيل النووية في أوكرانيا([7]).

يقول بيك عن المخاطر، أن المخاطر لا تتعلق باختراع العصر الحديث([8])؛ لكن الذي يميز المخاطر في العصر الحديث هي انتقالها من صيغة التهديد الفردي إلى صيغة التهديد الشامل، نموذج حالة الانفجار النووي. كما هناك مفارقة بين نوعية المخاطر ما بين القرن 19م، والقرن 20م- حيث كانت المخاطر يمكن إدراكها بالحواس، الشم والعين،” أما اليوم صارت المخاطر التي حملتها الحضارة تتميز بعدم خضوعها للإدراك، وهي تقع في نطاق الصيغة الكيميائية-الفيزيائية (مواد مؤذية موجودة في المنتوجات الغذائية، تهديد الاشعاعات النووية على سبيل المثال)”([9]).

2-      التمييز بين الكارثة والأزمة وعلاقتهما بالمخاطر

يلتصق مفهوم الكارثة(Calamite) بمفهوم الأزمة(Crise)، ويدل مفهوم الكارثة على أنه “النكبات التي تصيب فئة من السكان بفعل الناس أو طبيعيا، كالزلازل والمجاعات الناتجة عن الجفاف، والفيضانات والحروب”([10]). ونظرا لأن علاقة الكارثة بالأزمة هي علاقة متغيرين في معادلة واحدة، حيث من نتائج تحقق احتمال المخاطر؛ حدوث الكارثة التي ينجم عنها أزمة أو أزمات متعددة الجوانب. ومن التقديرات الدالة على الأزمة، تعبير النقص-الحاد أو الزيادة المفرطة الذي يترتب عنها عدم السير العادي لدينامية التسيير والتدبير الذي يتحكم فيها منطق الندرة في حالة ما هو اقتصادي.

 اسهاما في تفكيك حالة الأزمة في العالم المعاصر، يقول إدغار موران (Edgar Morin) على أن كلمة الأزمة أصبحت “فارغة لفرط استعمالها. لكن ينبغي علينا الإشارة، أولا، إلى أن الاستعمال المتعدد للفظة “الازمة” (أزمة التقدم، أزمة الحضارة، أزمة المراهقة، أزمة الزواج، إلخ) يترتب عن تكاثر علامات أزماتية…(…) الأزمة لا تظهر فقط عند حدوث انكسار داخل اتصال، أو عند حصول زعزعة داخل نسق كان يبدو ثابتا، لكنها تظهر أيضا عندما تتكاثر الاحتمالات وبالتالي التقلبات. إنها تظهر بفعل انقلاب التكاملات إلى عداوات، وعند تحول الانحرافات السريعة إلى نزعات، وعند تسارع مسارات مهدمة/مفككة (مفعول ارتدادي إيجابي)، وعند حدوث قطيعة في صلب التنظيمات، وبالتالي عند اجتياح مسارات منفلتة من كل رقابة وميالة إلى التضخم الذاتي أو إلى التصادم القوي مع مسارات عدائية أخرى تنفلت هي نفسها من كل رقابة”([11]). وعن علاقةالمخاطرة بالكارثة يقول “بيك” أنهما لا يستويان “من حيث المعنى والأهمية. فالمخاطرة تعني التنبؤ أو التوقع بالكارثة. أي أن المخاطرة تتعلق بإمكانية أن تطرأ أحداث وتطورات مستقبلية، وهي تستحضر حالة عالمية غير موجودة (حتى الآن). وبينما يكون لكل كارثة محددة مكانها وزمانها واجتماعها، لا يعرف توقع الكارثة تجديدا ومكانيا أو زمنيا أو اجتماعيا ملموسا (…) وفي اللحظة التي تصبح فيها المخاطرة واقعا، أي عندما ينفجر مفاعل نووي مثلا، أو عندما يحدث هجوم إرهابي، فهي تتحول إلى كارثة. والمخاطر هي دائما أحداث مستقبلية، ربما تكون منتظرة ومهددة. ولكن نظرا لأن هذا التهديد الدائم هو ما يحدد توقعاتنا، ويتملك عقولنا ويوجه أفعالنا وسلوكنا، فإنه يصبح بمثابة القوة السياسة التي تغير العالم”([12]).

ثانيا: الاستمرارية والقطيعة في عالم المخاطر

يرى المؤرخ البريطاني أريك هوبزباوم(Eric John Ernest Hobsbawm)؛ أن هناك ثلاثة تحولات متلاحقة رافقت العالم والنظم الاجتماعية والسياسية للمجتمعات البشرية في العصر الحديث([13])؛ شكل القرن 19م، “عصر الثورات” في السرديات التاريخية. إذ عرف هذا العصر بعصر رأس المال المحدد كرونولوجيا ما بين عام 1848-1875.  ومن النصف الثاني من القرن19م إلى بداية العقد الثاني من القرن 20، عرفت هذه الحقبة بعصر الامبراطوريات 1848-1914. وبعد انحلال عقد مجموعة من الامبراطوريات، دخل العالم لما أطلق عليه هوبزباوم “عصر التطرفات”، وهذا العصر هو تاريخ القرن العشرين الوجيز المحدد من عام 1914 إلى عام 1991؛ في هذه الفترة يحدد فيها هوبزباوم ثلاثة فترات:  الفترة الأولى هي الفترة الممتدة من سنة 1914 إلى سنة 1945 والتي حدثت فيها الحرب العالمية الأولى والثانية، وأطلق عليها ب”عصر الكوارث”. أما الفترة الثانية فهي الفترة الممتدة من عام 1945 إلى 1970 فترة التعمير ما بعد الحرب العالمية والازدهار الاقتصادي أو “العقود المجيدة الثلاث“([14]). وتلي هذه الحقبة، “عصر الازمات العامة” التي تتحدد تاريخيا من انهيار الكتلة الشرقية وظهور العالم ذو قطب واحد. وكما وهو ملاحظ في التقسيم الكرونولوجي حسب هوبزباوم، مسار التاريخ الاجتماعي والاقتصادي آل إلى حالة وصفت بعصر التطرفات، نظرا لما خيم على المجتمعات من مخاطر وكوارث وأزمات تباينت حدتها في زمن الحداثة وحقبة ما بعد الحداثة ([15]).

عالم المخاطر وتهديداته، ليست فيه قطيعة من حقبة إلى حقبة، بل هناك استمرارية مع فارق مستويات ونوعية المخاطر والأزمات المحدقة بالمجتمعات، التي وسمت مجتمعات أزمنة الحداثة([16])، المجتمعات التي تعيش في شبكة من المخاطر، مخاطر تهدد الأمن والسلام العالمي في بعده البيئي والاجتماعي. من الأسئلة التي يمكن أن تطرح في نقد أطروحة مجتمع المخاطر العالمي؛ متى عاش مجتمع ما بدون مخاطر؟ أي “أليست المخاطر قديمة قدم البشرية على الأقل؟ ألا تخضع كل الكائنات الحية لمخاطرة الموت في أي لحظة؟ ألم تكن كل المجتمعات في الماضي والحاضر وفي كل الحقب الزمنية “مجتمعات مخاطرة”؟([17]). لا يعترض بيك على أن المخاطر ملازمة للحياة الاجتماعية، لكن يؤكد على المتغير له في الزمن الراهن، حيث انتقلت وتراكمت المخاطر، والتهديدات التي تهدد الأمن والسلامة في المملكات الثلاثة؛ النبات، الحيوان، والانسان، من الإدراك الحسي إلى المخاطر غير المدركة بالحواس. إذ في مجتمع المخاطرة، لم تعد المخاطر من تهديد الأمراض والأوبئة؛ إذ تم الانتقال من التهديد المرضي والصحي، الذي كان يعصف بالمجتمعات، وينجم عنه تراجع سكاني كبير جراء جائحة الطاعون أو وباء من الأوبئة الفتاكة في التاريخ، وكذا المجاعات التي ضربت في بعض المجالات وتسببت في كوارث وأزمات عديدة وغيرها من الكوارث الطبيعية التي عاشتها المجتمعات السابقة. في حين اليوم، فبالإضافة إلى المخاطرة التقليدية، تم ميلاد وانوجاد مخاطر هي وليدة التقدم الصناعي والتكنولوجي الذي بلغ بالإنسان أطوارا فيه توصف بالتاريخية. وهذا التقدم الصناعي خلق للمجتمع مخاطر عدة، على صعيد الأمن والسلام العالمي، وأدخل الكوكب في دوامة مخاطر متعددة الجوانب، كالمخاطر المعلقة على وثيرة التغير المناخي، وانشار الإشعاع الكيماوي وهلم جرا من أنوع المخاطر التي تهدد الحياة والعيش، ما يقوض السلم والأمن “القرية العالمية”.

ما يمكن استنتاجه من أطروحة بيك حول مجتمع المخاطر؛ هواستمرارية لتراكم رأسمال المخاطر، حيث “يندرج كل من التهديد وعدم الأمان دائما بين شروط الوجود الإنساني، الأمر الذي كان ينطبق بشكل أقوى في الماضي عما هو حاليا بمفهوم معين. حيث كان تهديد الفرد وأسرته بالمرض والوفاة المبكرة، أو تهديد الجماعة بسبب المجاعات والأوبئة أكبر في العصور الوسطى من اليوم، ولكن يجب أن نفرق بين ذلك وبين دلالة المخاطرة التي ارتبطت منذ بدايات العصر الحديث بالأهمية المتزايدة في عملية التحديث لكل من اتخاذ القرار وعدم الأمان والاحتمالية. وتتعلق دلالة المخاطرة بأخطار مستقبلية أصبحت موضوعات الحاضر، غالبا ما تنتج عن نجاحات التمدن والحضارة”([18]).

1-      الأرض وشبكة المخاطر الكونية

يؤكد العديد من العلماء، أن كوكب الأرض أصبح على صفيح ساخن من المخاطر التي تهدد سلامة الكوكب، وعيش الإنسان على سطح الأرض، وقد تعاظم هذا التهديد جراء التحولات السريعة خلال القرنين الماضيين. إذ شكلت تحولات النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال القرن العشرين، المنعطف الأكثر تهديدا، فخلال هذا القرن يمكن جرد مجموعة الأحداث التي غيرت مجرى تاريخ الحياة الانسانية، ودفعت العالم ليدخل من بابه الواسع لعالم المخاطر الكونية التي لا يمكن الخروج من دائرتها أي مجتمع فالكل ضمن ” جماعة أخطار عالمية” ([19]). من المعلوم أن ذاكرة القرن العشرين([20]) موشومة بأحداث “أليمة”([21]) من بينها: الصدمة الكولونيالية، الأزمة الاقتصادية لسنة 1929م، تداعيات الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ استخدام القنبلة النووية، الحرب الباردة -أزمة الصواريخ، انتشار الأوبئة والمجاعات وموجات الجفاف الحادة، ظهور بعض الأمراض، التغير المناخي، …إلخ.  إن محطة القرن العشرين، كانت حسب البعض، محطة انحلال عقد مرحلة تاريخية بخصوصيتها الاجتماعية والثقافية، وبداية عهدة تاريخية جديدة أطلق عليها في بعض الأدبيات الماكروسيوسيولوجية، عهدة العولمة([22])، عهدة النظام الدولي الجديد..، اشتبكت فيها التكتلات السياسية والاقتصادية، وتجاوزت فيها الثقافة والمخاطر، الحدود الطبيعية والإقليمية بين الدول.

من أبرز محطات التاريخي السياسي في الزمن الراهن، محطة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، خلال هذه الفترة التي ستكون بعض أحداثها السياسية شاهدة على “نهاية عالم” وبداية آخر شديد التعقيد جيوسياسيا. وضع جيوسياسي عليه أن يحسم قراره مع بعض القضايا الدولية من الأمن والسلم العالمين([23]). وهامش المناورة في بعض أنواع المخاطر، أصبح ما بين الحد من تأثير الكارثة والأزمة أو العمل على التكيف والتعايش مع حالة الأزمة. ومن المفارقات في مجتمع المخاطر، تتجاوز إمكانيات دول بتجهيزاتها ومختبراتها. وبالرغم من شبكة المخاطر العالمية، وتعاقب الأحداث الدراماتيكية وما يسير إليه العالم في ضوء العلاقات الدولية والقوى المتصارعة، ما يزال الاعتقاد بأن “عالمنا مثاليا”([24]).  

2-      مصادر المخاطر الكونية وامتداداتها

يعرف بيك مجتمع المخاطر بأنه مجتمع يعيش في حالة من عدم اليقين من قدرته على التحكم في المخاطر، وهذه المخاطر، منها من هي إرث من محطات تاريخية مسبقة؛ مخاطر كلاسيكية، ومخاطر تشكلت في عصرنا، عصر التقدم والازدهار والحضارة. أي المخاطر التي ترتبط بالصناعة والتكنولوجيا، تلك المخاطر التي هي”نتاج قرارات مقصودة(…) لا تصيبنا كقدر ومصير بل نحن من صنعها، أي أنها منتج من صنع الإنسان وفكره”([25]).

يصرح بيك بثلاثة مصادر للمخاطر الكونية([26]): البعد القادم من البعد الإيكولوجي، والذي بالمناسبة هو حديث الساعة في دواليب الأمم المتحدة واللقاءات الدولية حول قضية التغير المناخي منذ تسعينيات القرن الماضي إلى اليوم، والبعد الثاني يرتبط بالجانب الاقتصادي، حيث عصفت بالعالم أزمة اقتصادية ومالية سنة 2007/2008 أثرت على الاقتصاد العالمي ونموه. والبعد الثالث يتعلق بالهاجس الأمني. عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية، حيث شكل هذا الحدث إعلان أمريكا الحرب على “الإرهاب” لتصبح قضية الإرهاب أحد الهواجس الأمنية في دول العالم.

 ومن الملاحظات الأساسية التي يشير إليها بيك، أن المخاطر، لم تعد تقتصر على مجال دون آخر، فطبيعة المخاطر ونوعيتها، تتجاوز الحدود الطوبوغرافية-الحدود الإقليمية للبلد الواحد، كما تتجاوز المخاطر الكونية حدود الإمكانيات المادية والتكنولوجيا بين دول الشمال الغنية، ودول الجنوب الفقيرة؛ فالكل تحت تهديد المخاطر، والكل تحت ضرر الكارثة والأزمات، مع فارق في مواجهة الكارثة والأزمة والحد من تأثيرها بين الدول؛ فعلى سبيل المثال: يقول بيك”إذا ما ارتفعت درجة حرارة الأرض ما بين أربع إلى خمس درجات، عندئذ يمكن أن تغرق لندن ونيويورك وطوكيو في البحر(…) في عالم تتوزع فيه الثورات دون تساوي بدرجة شديدة شأنها في ذلك شأن المخاطر”([27]).

ثالثا: الكوارث والأزمات “خطب يسير في خطب كبير”

يعتبر عالم الاجتماع الإيطالي كارلو بوردوني(Carlo Bordoni) وعالم الاجتماع البولندي زيجمنت باومن(Zygmunt Bauman) من علماء الاجتماع المعاصرين الذين اهتموا بموضوع “حالة الأزمة” في المجتمعات. وحسب رأي بوردوني؛ أن حالة الأزمة هي حالة مزمنة في المجتمعات، ف”ما أن تنتهي أزمة ما حتى تظهر أزمة أخرى أو ربما تكون الأزمة الكبيرة نفسها التي تتغذى على نفسها وتتغير عبر الزمن، وتحول نفسها وتولد نفسها من جديد مثل كيان فظيع ماسخ يلتهم ملايين البشر ويغير قدرهم، ويجعل ذلك قاعدة الحياة لا استثناءها، ويصير عادة يومية لا بد أن نتعامل معها، وليس مجرد مشكلة مزعجة مؤقتة يمكن التخلص منها بأسرع طريقة ممكنة([28]). والتعايش مع الأزمة لا خيار للمجتمعات فيه، فحالة الأزمة هي حالة مستدامة في المجتمعات. ومن الكوارث والأزمات التي خلقت الحدث العالمي خلال السنوات الأخيرة، هناك أربع حالات من الأزمات التي تردد صدى حدوثها في العالم، وكانت حدتها لها ارتباط بما هو سياسي واقتصادي واجتماعي، وعمقت من اللايقين، ومن فجوة اللاطمئنان، وزادت من وضعية الهشاشة والفقر في العالم.

أ‌-        كارثة زلزال تركيا سوريا

وصف الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا يوم 6/02/2023، بأنه من أقوى الزلازل التي نجمت عنها كارثة مدمرة. فحسب مقياس رختر بلغ الزلزال 7.8 درجة؛ اشتدت قوته على مدينة كهرمان مرعش التركية. وحسب التصنيفات الحالية، فهذا الزلزال، يعد من أقوى الزلازل في العصر الحديث. وعلى ضوء الزمن الذي ضرب فيه الزلزال-فجرا، وفي المناطق المأهولة بالمدن والتجمعات البشرية، نجم عنه كارثة مفجعة بكل المقاييس. فمن تداعيات الزلزال، تجاوز عدد القتلى ما عدده يوم 2023/02/18؛ في تركيا 40 ألفًا و642 شخصًا، في حين وصل عددهم في سوريا إلى 5932 شخصا. شكلت هذه الكارثة، أعمق كارثة تنضاف لجملة من الأحداث والكوارث التي راح ضحيتها الآلاف من الأشخاص. وستبقى هذه الكارثة عالقة في أذهان ذاكرة الكوارث. وبالخصوص عند الأتراك والسوريين الذين اكتووا بنيران هذه الكارثة. إذ يقدر من تأثر بهذه الكارثة في كل من تركيا وسوريا حسب تقديرات الأمم المتحدة؛ أن حوالي أزيد من 20 مليون إنسانا تأثروا بحدث هذا الزلزال المدمر. هذا الزلزال أضاف لسوريا بالخصوص أزمة جديدة، مع العلم أن شعب هذا القطر العربي هو في أزمة منذ سنة 2011م. وعليه، دعت الأمم المتحدة إلى “إنهاء العنف في سوريا بعدما خلق الزلزال “أزمة ضمن أزمة”([29]).

ب‌-    الحرب الروسية الأوكرانية

انطلقت الحرب الروسية الأوكرانية في العام الماضي، يوم24 فبراير 2022، وها هي الحرب اليوم، تكمل عامها الأول، في زمن شكلت فيه، أحد أهم الازمات الدولية([30]) التي أعادت الخطاب السياسي، لقاموس الحرب الباردة من أوسع أبوابه: الشرق، الغرب، الأقطاب، القطبية، الأسلحة النووية، الحرب العالمية، نظام دولي جديد، …إلخ. لقد تم بعث وإحياء القاموس والمخيال السياسي لحقبة الثمانيات والتسعينيات، وما عرفته هذه الحقبة من صراع بين الكتلتين الشرقية والغربية؛ الشرقية بقيادة الاتحاد السوفياتي آنذاك، والغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.

لم تعلن الحرب الجارية عن تضارب المصالح بين دولتي روسيا وأوكرانيا، بل أعلنت عن تضارب الاستراتيجيات، والمشاريع الدولية الكبرى بين الغرب وروسيا، وبالخصوص بين واشنطن وموسكو، هذه الأخيرة التي تتوجس من استمرار توسيع البنية التحتية للحلف الغربي بزعامة أمريكا نحو الشرق أي في اتجاه روسيا وباقي جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا([31])، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، أعادت الأزمة الأوكرانية العلاقات الدولية، إلى حسابات المعسكرات، وعبر قطار الأزمة الأوكرانية، أصبح العالم في قلب حدث دولي أدخل العالم في عدم الاطمئنان، حيث شبح الحرب العالمية أو المواجهة المباشرة بين القوى النووية أمر قائم؛ فلغة استخدام القوة العسكرية النووية، والتهديد والوعيد بمسح بعض العواصم، والأدرع العسكرية، هي لغة يستخدمها قادة الصراع في الخلف بشكل علني وضمني في لغتهم الديبلوماسية. وحسب خطوة تسليح القوات الأوكرانية من قبل الغرب بزعامة أمريكا اليوم، يبدو حسب المحللين السياسيين أن روسيا والغرب، قاب قوسين على الانتقال لمرحلة جد خطيرة من الصراع، حيث طبول توسيع الحرب لتتجاوز المجال الأوكراني، تدق ناقوس الخطر “النووي”، فقد تؤدي المواجهة المباشرة مع الغرب تحت مظلة حلف الشمال الأطلسي(Organisation du Traité de I’Atlantique Nord) إلى مواجهة شاملة تستخدم فيها الأسلحة النووية. إذا، الوضع الجيوسياسي في شرق أوروبا أصبح جد معقد، فعملية إنزال القوة العسكرية هو سيد الموقف وتوسيع البنية التحتية للغرب بزعامة الولايات المتحدة في شخص حلف الشمال الأطلسي-العسكري، بينما تستعد روسيا لكل احتمالات المواجهة، وهذا ما يزيد من الخوف وعدم الاطمئنان العالمي من المجهول، حيث دخول اللاعبين الكبار، ضد روسيا لا يعني سوى المواجهة المباشرة بين حلف الناتو مع روسيا. هذا الوضع الجيوسياسي المعقد المتجلي في الازمة الأوكرانية، هو شديد الصلة بالتاريخ السياسي للماضي القريب، حيث يرجع هذا الصراع إلى طبيعة العلاقة العدائية بين الأيديولوجية الغربية والشرقية-روسيا والغرب، فهذه المواجهة تحمل في جوانبها شيئا من العداء التاريخي والإيديولوجي (الرأسمالية/الاشتراكية)، ناهيك عن تضارب المصالح الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية بين روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي-روسيا بوتين. والغرب ذو الناتو.

أصبحت المجتمعات الحالية في دوامة من الأومات فما أن تنتهي “حرب” أو “أزمة” ذات بعد سياسي دولي في العلن أو الخفاء حتى تبدأ أخرى، ومن المحتمل أن تطل في قادم الأيام، أزمة من الأزمات الحادة في منطقة أسيا، التي ستدخل أمريكا والصين في توتر يتجاوز “أزمة المنطاد الصيني”، وفتيل هذه الأزمة هي “أزمة تايوان” التي قد نشاهد فيها مسلسلا آخر يقرب الأمن والسلام العالميين إلى حافة أخرى، ما يعني اتساع رقعة الأزمة بين “اللاعبين الكبار” الذين خفت احتمالية المواجهة بينهما منذ أزمة الصواريخ في كوبا خلال الحقبة السوفياتية.

إذا، إذا كان الزلزال _ظاهرة طبيعية_ الذي ضرب في المجال التركي-السوري هز الصفائح الصخرية والقشرة الأرضية في بعض المناطق في تركيا وسوريا، فإن الرجة الناجمة عن الأزمة الأوكرانية حركة آلات الحرب الروسية والغربية، ودفعت العديد من الدول الصناعية الكبرى إلى ما يشبه سباق تسلح، وجعلت الاقتصاد العالمي يعاني من أزمات عدة من بينها أزمة الأمن الغذائي والطاقي جراء العقوبات الاقتصادية الموازية للحرب. وأكثر ما يدوخ الأمن والسلام العالميين في الازمة الأوكرانية، هي تصنيفها من ضمن المخاطر المحتملة والتي تتحدث عنها بعض القراءات والتحليلات- بل هي في قلب أطروحة المخاطر الكونية، والتي أضحت ملازمة للحياة الاجتماعية، مخاطر الترسانة النووية، والتي هي في حوزة مجموعة من الدول_ القوى النووية في العالم هي كل من: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، روسيا، الصين، الهند، باكستان، إسرائيل، كوريا الشمالية_.  إذا، مجتمع المخاطر الكونية، يستمر وضعه المأزوم من منتصف القرن العشرين، القرن المأزوم الذي يطلق عليه “قرن الأزمة”([32]) إلى مطلع القرن الحادي والعشرين، الذي ورث استمرارية الأزمات؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بل تفاقم البعض منها إلى حد ما، حيث منذ بداية سنة 2001، التي استفتح فيها القرن الجديد بهجمات 11 أيلول/سبتمبر، الحدث الذي دخل فيه مفهوم الإرهاب وفق التحديد الأمريكي للتنزيل في إطار العلاقات الدولية.

لأن العالم السياسي مفتوح على جميع الاحتمالات الممكنة في إطار العلاقات الدولية، مع العلم أن متلازمة الغرب والشرق في الوعي السياسي الدولي، لا تغيب أو تتوارى حتى تبرز من جديد في شكل ما من الأشكال. فبالعودة إلى أهم الكتب خلال تسعينيات القرن الماضي التي عدت من الأطاريح الأكثر جدلا في التحليل الاستراتيجي لموضوع العلاقات الدولية في زمن العولمة، الزمن الذي تشابك فيه النقاش حول القانون الدولي، وحوار الحضارات وماهية العولمة، هذه الأخيرة([33]) التي يحقب لها في بعض الكتابات ما بعد حدث سقوط جدار برلين، ذلك الحدث “الرمزي”، الدال في سرديات العلوم السياسية المعاصرة، عن نهاية الحرب الباردة. وحول هذه الأحداث السياسية الكبيرة، قال صامويل هنتنغتون (Samuel Huntington)، وهو أحد أهم المفكرين بأمريكا، بأطروحته المثيرة للجدل؛ “صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي”([34])، والتي من خلالها يؤكد على أن انهيار العالم الشيوعي “أصبح نظام الحرب الباردة في دكة التاريخ. وفي عالم ما بعد الحرب الباردة لم تعد الفوارق المائزة بين الشعوب، أيدولوجية أو سياسية أو اقتصادية.. وإنما هي فروق ثقافية”([35])حيث تؤكد أطروحة كبير المفكرين الاستراتيجيين الامريكيين على أن الصراع ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، سيكون في البعد الحضاري/الثقافي، حيث سيكون وقود الصراع بين الدول والأقطاب الجديدة الاختلافات الثقافية، وهذا البعد هو الذي سيحكم الصراع خلال السنين القادمة، بين الحضارات التي صنفها هنتنغتون([36])، مع العلم أن تلميذه فرانسيس فوكوياما (Francis Fukuyama) قد حسم قبله ومن خلال أطروحته “نهاية التاريخ والانسان الأخير” على أن نهاية التاريخ ستكون لصالح الرأسمالية والليبرالية الغربية([37]).

ت‌-    تطرف حالة الجو (ملامح مجالية للتغير المناخي)

ماذا يحدث على صعيد كوكب الأرض؟ سؤال فوري، قد يطرحه أي إنسان في زمننا، نظرا للأخبار والأنباء المقدمة في وصلات الأخبار! فمشهد التقلبات السريعة للجو، وبعض المظاهر المناخية الكارثية، تؤكد على أن هناك حالة “تطرف” للجو، الشاهد خلال السنوات الأخيرة، موجات الحر واندلاع الحرائق في الغابات، بفعل ارتفاع درجة الحرارة، والفيضانات والسيول التي تضرب في العديد من المناطق في شتى أنحاء العالم، حالات التسونامي، التراجع البحري، ثم تسجيل قلة التساقطات المطرية الموسمية في حالة العديد من المناطق في العالم، منها من ترتب عنها حالات جفاف. وكل هذا يرتبط بظاهرة التغير المناخي. هذا الأخير الذي كشفت جوانبه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي( The Intergovernmental Panel on Climate Change)([38])، في عام 1995، حيث أكدت اللجنة العلمية لهذه الهيئة التي تتكون من مجموعة من العلماء والخبراء_ 2400 عالم من مختلف الجنسيات._أن القرن 20م هو([39]): قرن تغير المناخ بشكل كبير، و قرن التأثير المباشر في المناخ العالمي، وقرن احتمال زيادة الحرارة منه إلى نهاية القرن 21م من 1 إلى 4.5 درجة مئوية، إذا لم تتراجع نسبة انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون التي تقدر ب64 بالمئة. إضافة الى باقي الغازات الدفيئة. يقول خبراء وعلماء البيئة والمناخ، أنه لا شيء يخرج عن المتوقع، بخصوص القضية المناخية، فقد تحدث العلماء من عدة تخصصات عن النتائج الحتمية للتغير المناخي، وما يمكن أن ينجم عنها من أضرار و كوارث، حيث أكدوا على “حتمية” هذا التغير، إذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية لوقف هذا النزيف الضار بالتوازن البيئي في الوقت المناسب؛ “فالمبالغة في استعمال مواد ضارة بالبيئة، في الأنشطة المختبرية والصناعية تسببت في تغير غير ملائم مس أنماط الجو العالمية وكيمياء الغلاف الجوي(…) نتج عنه تأثير تجاوز الحدود”([40])، وعليه، فالعالم سيكون مع أحداث مناخية وبيئية جد مقلقة ومؤثرة على الكائنات الحية، ومن نتائجها الحتمية، التسبب في كوارث وأزمات، إذ ستؤثر على الشأن السياسي والاقتصادي…إلخ. فموجات الجفاف وارتفاع منسوب مياه البحر، وقلة المياه الصالحة للاستعمال جراء “الصراع على الماء” بين الدول التي بينها متصل ومشترك مائي، وتردد موجات البرد وغيرها من الأحداث المتعلقة بدرجة الحرارة، ستؤدي إلى ديناميات مجالية لها تبعاتها السياسية والاقتصادية والإجتماعية، فمنها ما سيدفع بالنزوح والهجرة جراء الفقر، وسترفع من منسوب الصراع بين الدول…إلخ. من مفارقات التغير المناخي، هامش المناورة للتحكم في مخاطره خارج إمكانيات الدول والمؤسسات، أي أنه ضمن التحديات التي تواجه الدول مجتمعة، وتندرج مناورة فيه حسب العديد من منصات التشاور والندوات الدولية والإقليمية ضمن سياق عبارة “الحد” و”التكيف” مع مخاطر الكوارث الناجمة عن التغير المناخي. وخير شاهد في الآونة الأخيرة عن مصائب التغير المناخي، هي تلك الكوارث التي ضربت بلا هوادة في شتى مجالات وأقاليم الأرض، بما في ذلك الدول الصناعية_ الدولة المدانة  في تفاقم مخاطر التغير المناخي وكوارثه_ الكل على صعيد واحد؛ ففي دول أوروبا وأمريكا وشمال أفريقيا خلال سنة 2022؛ موجة حر، وحرائق؛ كانت وراء عشرات الضحايا، والتهمت آلاف الهكتارات…إلخ. وفي مناطق أخرى سيول وفيضانات. كما حدث مؤخرا في بعض دول أسيا وأفريقيا، ضحايا الغرق بالعشرات، تدمير البنيات السكنية، دفع السكان نحو النزوح…وهلم جرا من تبعات كوارث التغير المناخي، وها هي موجة الصقيع في فصل الشتاء الماضي شلت بعض المناطق دول الشمال، حيث وصل انخفاض درجة الحرارة لدرجات تشل الحركة، وتزيد الطلب الكبير على الطاقة من أجل التدفئة.

من المعلوم، منذ سنوات والأمم المتحدة، تأخذ مسألة المناخ على محمل الجد([41])حيث كانت محل شك عند بعض الجهات التي اعتبرت بعض الكوارث الطبيعية هي ضمن الدوارات الطبيعية، لكن، تم تجاوز التشكيك في حالة مخاطر التغير المناخي، وأصبح في دول العالم مد دولي يطالب بعدالة مناخية، والمطالبة بالتدخل من حكومات العالم وبالخصوص الدول الصناعية بالانخراط في مشروع إنقاذ الكوكب من التدهور البيئي. وعقدت لذلك مجموعة من قمم والمؤتمرات من قبل الأمم المتحدة، من أشهر هذه القمم: “قمة الأرض” بريو ديجنيرو في البرازيل عام 1992، التي انكبت حول موضوعات البيئة والتنمية، حيث صدر عن هذه القمة ميثاق وإطار الأمم المتحدة عن التغير المناخي. وعقب هذا التحرك الأممي هناك تحرك موازي له من قبل هيئات المجتمع المدني الذي كان أكثر استجابا لخبراء العالم فيما يتعلق بالبعد البيئي والتغير المناخي، وأصبح النضال البيئي أحد أوجه الحركات الاحتجاجية في المجتمعات. حيث ساهمت هذه المنظمات والهيئات في نشر ثقافة الحفاظ على البيئة، وفيتو ضاغط على صانعي القرار في بعض العواصم من أجل سن تشريعات تحترم البيئية.

 في السنوات الاخيرة، ونظرا للواقع المقلق لحالة الجو والفصول؛ (الصيف الساخن-2022)، و(الشتاء البارد 2023)، حيث هيمنت على النشرات الإخبارية منذ سنة 2022 إلى اليوم، أنباء عن حرائق الغابات، أو السيول والفيضانات، وجفاف الأنهار…وهلم جرا، من الظروف الجوية القاسية. وعليه، تجددت النداءات من قبل هيئات ومؤسسات، تدعوا إلى الاصطفاف والاتحاد من أجل سلامة كوكب الأرض. ويؤكد علماء التغير المناخي، على أن كوكب الأرض لا ديبلوماسية معه، فهو يسير نحو نقطة اللاعودة، حيث لا، ولن يكون هناك هامش للمناورة أو التحكم في مفاصل الفوضى المناخية، إذ تم تجاوز نقطة الاحتواء أي التدخل في الوقت المناسب، وبالتالي سيكون العالم في حالة انتظار وقوع الكوارث…وهذا ما لخصه أحد المشاهد من المسلسل الأمريكي The Newsroom في قالب كوميدي في الحلقة الثالثة من الموسم الثالث: من الدقيقة33 إلى 37.

ث‌-    فيروس كورونا  

يبدو أن جائحة كورنا، أخذت موقعها في سجل تاريخ القرن 21م، باعتبارها من بين الأحداث التاريخية التي ستظل خالدة في صفحات كتاب القرن 21م، حيث خيمت الجائحة وأرخت بظلالها على الإنسان والمجال عالميا. وفي هذا الاتجاه، فرضت جائحة كوفيد-19، ضرورة حالة الطوارئ الصحية في العالم والحجر الصحي، من أجل الحفاظ على الصحة والسلامة العامة، عبر تدبير الأزمة الصحية انطلاقا من استراتيجية التباعد الجسدي كخطوة أساسية، من أجل التحكم في وثيرة انتشار فيروس كورونا؛ الذي فرض سياسة الأمر الواقع، أي الحجر الصحي في العديد من دول التي لم تجد بدا منه. وذلك قصد الحد من انشار الفيروس المجهول حينئذ. فقد تم خلالها تعليق الرحالات بين الدول من جهة، عن طريق تعليق الرحالات والسفر من بلد لآخر، وبين السكان عن طريق الحجر الصحي في المنزل. لقد ترتب عن جائحة كورنا خسائر في الأرواح، ونجم عن الحجر الصحي، تبعات اقتصادية واجتماعية، أثرت فيما هو اجتماعي ونفسي؛ فالحياة في زمن الأحداث الصعبة والعسيرة، يخيم عليها الخوف، والهلع، والرهاب، أي يسود فيها نوع من اللا يقين مما هو قادم، وأكثر ما عبر عن حالة اللايقين في عالم اليوم هي جائحة كورنا. ما يزال وقع الجائحة على المجتمع والاقتصاد موضوع دراسة في العلوم الانسانية والاجتماعية. ومن اللافت للنظر، من وحي أزمة كوفيد-19 في العالم، تم تدشين تحقيب الزمن الراهن في بعض التحليلات السوسيوسياسة، عالم ما بعد كوفيد([42]) وما قبله. فمن واقعة جائحة كوفيد تم أيضا، بعث وإحياء المصطلحات الدالة على الحقل السوسيولوجي المأزوم؛ مجتمع المخاطر، مجتمع الأزمات، مجتمع اللايقين…وهي مفاهيم محورية في بعض الأطروحات السوسيولوجية.

من ذكريات الحجر الصحي، وحالة اللايقين التي خيمت على العديد من ساكنة العالم، اللحظات التي توقف فيها العالم مندهشا، ومرعوبا..، تلك اللحظة التي اشتدت فيها وطأة الفيروس cov-19 على الدولة الإيطالية، لحظة فارقة في مجريات إصابات وضحايا فيروس كورونا، فمواطن العالم الثالث، أصيب بالذهول لما لحق إيطاليا من جراء هذا الفيروس الخفي، كبد إيطاليا خسائر في الأرواح والإصابات احتلت المرتبة الأولى عالميا حينها؛ ويزيد ذهول المواطن في العالم الثالث أكثر، كلما عرف أن هناك بونا شاسعا بين البينة الصحية والاقتصادية لدولة إيطاليا التي هي عضو من أعضاء الاتحاد الأوروبي، ودولة من المجموعات الاقتصادية العالمية، منذ ذاك الحين وكورونا يثير كل الأسئلة الممكنة عن حقيقة قدرة الدول في العالم الثالث لمواجهة الأزمات عامة والصحية بالخصوص.

وهنا لا بد أن نشير إلى أهم الفلاسفة وعلماء الاجتماع المعاصرين الذي انخرطوا في النقاش الدائر حول جائحة فيروس كورنا؛ الفيلسوف وعالم الاجتماع السلوفيني سلافوي جيجيك (Slavoj Zizek)، الذي انتشرت تحليلاته بكثافة خلال عمق أزمة جائحة كورونا من سنة 2020. حيث يرى بأن حياتنا لن تعود كما كانت، و “بأننا نعيش تجربة استثنائية، يمكن أن تكشف عن الأسوأ أو الأفضل فينا، ولمواجهة الوحدة، ربما يكون الحل الأمثل هو المضي قدما في روتين يمنعنا من الاستسلام للفوضى والحفاظ على النظام لنكون على استعداد للغد”([43])، ومن بين ما أشار له جيجك، بالتزامن مع انتشار الجائحة، انتشار فيروسات أخرى([44])؛ كفيروس الأيديولوجية، والاشاعات، والأخبار الكاذبة.

خاتمة

تعد بداية الألفية الثالثة بالتقويم الميلادي، إحدى المحطات التاريخية، المعلنة والمائزة بالانتقال من الألفية الثانية إلى الألفية الثالثة، ومن القرن 20 م إلى القرن 21 الذي هو امتداد في الزمن والتاريخ لما قبله. من باب التاريخ الواسع، سجلت أحداث ووقائع وإنجازات في ميادين مختلفة ضمن الحقل السياسي والاقتصادي والثقافي والصناعي والتكنولوجي.. إنجازات ميزت القرنين التاسع عشر والعشرين من الألفية الثانية، غيرت مجرى تاريخ البشرية، وجعلت الإنسان يتسيد على الطبيعة حيث وطأت قدماه. في بداية القرن 21م، يبدو أن هذا القرن دخلت بعض أحداثه ووقائعه من أول عقوده ضمن الأزمنة العسيرة التي ستسجل في القرن 21م، حيث منذ بداية 2000 إلى اليوم-2023، عرف العالم مجموعة من الأحداث والوقائع، غير مرغوب فيها؛ أطلت برأسها أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية وطبيعية، ضربت أماني وانتظارات المجتمعات من المستقبل، لاسيما أن الدعاية الأيديولوجية، وخطابها السياسي ما بعد الحرب العالمية الثانية ونهاية القطبية، كان يؤكد على تحقيق الازدهار، حيث سيكون واقع اليوم أرحب من واقع الأمس، أي سيعيش الإنسان في عالم أكثر أمنا ورفاها وتناغما؛ وسيعم الخير الجميع، ولن يبق “معذبون في الأرض”؛ حيث سيتم تحرير الإنسان من المرض والجهل والجوع، أي تحقيق التنمية، وسيعم السلام بكافة ألوانه، وتتحقق العدالة وتطير “حمامة السلام” معلنة على العيش المشترك، والحب والتفاهم.. وفي مخيال الفرد دائما يعقد الأماني أن السنة الجديدة ستكون سنة أفضل؛ أي حياة أفضل وأكثر ثراء وسعادة. مع هذا الخطاب والمخيال الحالم، والأماني الفردية والأسرية والمجتمعية؛ تعطلت لليوم، كان الذي تعولم على العالم هو الفقر والمخاطر؟ فمن سنة 2001، إلى اليوم، ودائرة الأزمات والكوارث تتقلب وتدور في عالم متحول، من كارثة إلى كارثة ومن أزمة إلى أزمة، عالم يؤكد أنه لا قطيعة بين الماضي والحاضر في استمرارية الأزمات والكوارث، بل تعاظم المخاطر الكونية، فالتغيير الذي كان مرجوا من النظام الدولي الجديد؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وبيئيا هو مجرد “حلم”، راود أصحاب الأمل العالي في العالم. بل، تعد هذه السنوات الأخيرة، حلقة تاريخية من انبعاث وإحياء عالم المخاطر وانفجار الكوارث والأزمات على المجتمعات والمعمورة، لا سيما أنه اكتملت الحلقة المفقودة من جانب بعض الحوادث، بين حوادث سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية. إذ: التغير المناخي أمر واقع: موجات الجفاف، والارتفاع المفرط في درجة الحرارة، ونشوب الحرائق، وهلم جرا من الأحداث التي يعد عامل التغير المناخي متغير أساسيا فيها، دق نقوسها العديد من المنظمات والخبراء.. لكن بدون استجابة حقيقية ومتفق عليها من القوى الفاعلة في العلاقات الدولية. وها هي الحرب الاقتصادية، هي الأخرى أمر واقع، خصوصا بين أمريكا والصين، احتدم الصراع بينهما على إثر العقوبات الاقتصادية على هذه الأخيرة التي دشنت القرن بمشروع” الحزام والطريق” طريق الحرير القديم. أما أكثر الجبهات الكاشفة عن جبهة المخاطر الكونية والنوعية والخطيرة، والتي، تهدد الأمن والسلام والطمأنينة العالمية، فهي المتمثلة في الازمة الأوكرانية، فالمسافة الفاصلة بين المواجهة المباشرة بين الغرب وروسيا اليوم، ما هي إلا على مسافة مرمى حجر، حيث يعسكر حلف الناتو بالقرب من خاصرة روسيا وفي امتدادها السياسي والمجالي في الحقبة السوفياتية.

 لو أخذنا السنوات من بداية 2020 إلى سنة 2023، وقمنا بمراجعة أهم الأحداث، سنجد هي أحداث المخاطر والكوارث والأزمات، التي، زادت من عمق اللايقين عند المجتمعات، فحالة الأزمة أو قل الأزمات تتعمق جراء بروز الكوارث من قطر إلى قطر، ومن مجال إلى مجال، ومن حقل إلى حقل، وما يزيد الطين بلة عدم توافق القوى العالمية والصاعدة حول العديد من القضايا التي تعد ضمن قضايا الأمن والسلام في العالم، كمسألة التغير المناخي، والاقتصاد، بل هناك نزوع نحو الصراع، ونزوع نحو الاصطفاف الاديولوجي والاستعداد لأم المعارك “أرمجدون”، بين القوى العالمية من جهة، حيث لغة التحذير ورد الفعل المضاد، هي اللغة التي تهيمن على الصراع الدائر بين القوى الحالية حول النفوذ والتوسع وفرض سياسة الأمر الواقع، ففي أكثر من منطقة وميدان وفي جميع الميادين؛ في البر، البحر، الجو والفضاء؛ بنفس الحرب الباردة، تتعامل القوى العسكرية والاقتصادية والسياسية التي لها الكلمة في المجتمع الدولي، وهذا الواقع ما يجعل العالم ضمن مخاطر تتجاوز الحدود. عالم اليوم، الذي صاغ له عالم الاجتماع الألماني آلان تورين براديغما جديدا لفهمه([45]). وهذا العالم هو العالم الذي وصف في أحد أدبيات عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان، بزمن “الأزمنة السائلة”([46]) حيث العيش في اللايقين، يطغى على حياة الفرد وعلى المجتمعات. نختم بقول إدغار موران: “كل شيء، في هذا العالم، يعيش أزمة. وأن نقول أزمة معناه أن نقول، ما رأينا، أن ملامح اللايقين تكبر. ففي كل مكان، وفي كل شيء يكبر الغموض”([47]).

المراجع

  • إدريس لكريني، إدارة الأزمات الدولية في عالم متحول: مقاربة للنموذج الأمريكي في المنطقة العربية، المستقبل العربي، العدد 287(ص ص 28-45).
  • إدغار موران، إلى أين يسير العالم، ترجمة أحمد العلمي، ط1 (بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2009).
  • أحمد فتحي سرور، القانون والعولمة وحوار الحضارات، مجلة وجهات نظر، العدد 42، (مصر، 2002)، ص 22-23.
  • أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي: بحثا عن الأمان المفقود، ط1 (القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2013).
  • أولريش بيك، مجتمع المخاطرة، ترجمة جورج كتورة وإلهام الشعراني، ط1(بيروت، المكتبة الشرقية،2009).
  • جعفر ضياء جعفر، عادل ج. نعوم، اقتراح لإدماج العوامل المؤثرة في المناخ العالمي في مؤشرات التنمية البشرية، المستقبل العربي، العدد 280 (ص ص 55-64).
  • خالد شهبار، عالم ما بعد كوفيد-19: الحمل اكاذب، ط1(المغرب، مطابع الرباط نت، 2020).
  • زيجمونت باومان وكارلو بوردوني، حالة الأزمة، ترجمة حجاج أبو جبر، ط1(بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2018).
  • زيخمونت باومان، الحياة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، ط1(بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2016).
  • شارلوت سيمور-سميث، موسوعة علم الإنسان: المفاهيم والمصطلحات الإنثربولوجية، ترجمة علياء شكري وآخرون، مراجعة وإشراف محمد الجوهري، ط2(القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2009).
  • صامويل هانتجتون، صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، ترجمة طلعت الشايب، ط2(مصر، دار سطور، 1999).
  • صلاح منتصر، الذين غيروا القرن العشرين، ط1(القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 2000).
  • عبد الخالق عبد الله، عولمة السياسة والعولمة السياسة، المستقبل العربي، العدد 278(ص ص 22-35).
  • عبد المجيد بن شاوية، الحرب الروسية الأوكرانية: بين أزمة النخبة السياسية الأوكرانية وأطماع التحالف الغربي، على موقع شاف للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات والصراعات(الشرق الأوسط وأفريقيا).
  • فاطمة نوري ديهنافي، ملاحظات مختصرة حول تصور “جيجيك” من فيروس كورونا (Covid-19)، ترجمة حنان برقرق(المغرب، مؤمنون بلا حدود، 2020).
  • فتحي ليسير، تاريخ الزمن الراهن: عندما يطرق المؤرق باب الحاضر، ط1( تونس، دار محمد علي للنشر، 2012).
  • فرانسيس فوكوياما، نهاية التاريخ والانسان الأخير، ترجمة فؤاد شهين وآخرين، (بيروت، مركز الانماء القومي، 1993).
  • ماهر حنين، سوسيولوجيا الهامش في زمن الكورونا: الخوف- الهامش- الانتظارات، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ط1 (تونس، FTDES، 2020).
  • محمد الشهب، علم اجتماع الجائحة، شهد في https://drive.google.com/file/d/1LPHXUoy9LlBR6DDoU9nD5FTRoXjHtuV4/view، بتاريخ: 2020/11/02، نشر في 2020/05/06.
  • موقع الإحصاءات العالمية حول فيروس كورنا أنظر: https://sehhty.com/
  • موقع الأمم المتحدة، شهد في 2023/02/23 على الرابط التالي: https://news.un.org/ar/story/2023/02/1118427
  • موقع الجزيرة، الرابط التالي : https://www.aljazeera.net/culture/2020/4/8/%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%B4%D9%8A%D9%88%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9
  • موقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: https://www.ipcc.ch/
  • موقع: قاموس المعاني: على الرابط التالي: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-fr/%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1/
  • موقع: معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، على الرابط التالي: https://www.dohadictionary.org/dictionary

([1]) في السياق الكرونولوجي، يعد الزمن الراهن الزمن الذي يؤرخ ببدايته من حدث انهيار جدار برلين في نونبر 1989م. وللمزيد حول مفهوم الزمن الراهن ودلالاته الاسطوفراغية أنظر: فتحي ليسير، تاريخ الزمن الراهن: عندما يطرق المؤرق باب الحاضر، ط1( تونس، دار محمد علي للنشر، 2012).

([2]) مجتمع ما بعد الحداثة: “إنها الاسم الذي سميت به الحقبة التاريخية القصيرة بين سبعينيات القرن العشرين ونهاية القرن العشرين، وهي حقبة مضطربة وفوضوية، تزعزعت فيها كل القيم واليقينيات السابقة” للمزيد أنظر: زيجمونت باومن وكارلو بوردوني، حالة الأزمة، ترجمة حجاج أبو جبر، ط1( بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2018)، ص 87.

([3]) علم الاجتماع المخاطر، أحد ميادين ومواضيع اشتغال علم الاجتماع، من أولويات هذا الموضوع في علم الاجتماع، دراسة ظاهرة المخاطر المحيطة بالمجتمعات، والتي من شأنها أن تؤدي إلى كارثة تتحول إلى أزمة أو أزمات ينجم عنها خسائر ومحن متعددة الأبعاد. وهذا الميدان في مساق علم الاجتماع هو ما يعبر عنه علم الاجتماع المخاطر، الذي يعد أحد الفروع المواكبة للتحولات والتغيرات التي تلحق الأمن والسلم والسلامة في المجتمع الإنساني على ضوء سوسيوتاريخي. ومن الجدير بالذكر أن هذا الفرع من السوسيولوجيا يرتبط باسهامات عالم الاجتماع الألماني أوليرش بيك(Ulrich Beck).

([4]) للمزيد أنظر موقع: قاموس المعاني: على الرابط التالي: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-fr/%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1/

([5]) للمزيد أنظر موقع: معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، على الرابط التالي : https://www.dohadictionary.org/dictionary

([6])  أولريش بيك، مجتمع المخاطرة، ترجمة جورج كتورة وإلهام الشعراني، ط1(بيروت، المكتبة الشرقية،2009).

([7]) حول هذه الكارثة النووية، تم انتاج مسلسل قصير تحت عنوان: Chernobyl، سنة 2019 من انتاج شبكة إتش بي أو الأمريكية وشبكة سكاي البريطانية.

([8])  أولريش بيك، مجتمع المخاطرة، المرجع السابق، ص41.

([9])  أولريش بيك، مجتمع المخاطرة، المرجع السابق، ص43.

([10])  شارلوت سيمور-سميث، موسوعة علم الإنسان: المفاهيم والمصطلحات الإنثربولوجية، ترجمة علياء شكري وآخرون، مراجعة وإشراف محمد الجوهري، ط2(القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2009)، ص 49.

([11]) إدغار موران، إلى أين يسير العالم، ترجمة أحمد العلمي، ط1 (بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2009)، ص 24.

([12])  أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق، ص 33.

([13]) ماهر حنين، سوسيولوجيا الهامش في زمن الكورونا: الخوف- الهامش- الانتظارات، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ط1 (تونس، FTDES، 2020)، ص 90-89.

([14]) يتحدث بعض علماء الاجتماع عن عقود المجيدة وعقود الوفرة؛ فيقصد بالعقود المجيدة الثلاثة هي العقود ما بين عامي 1940و 1970. وعقود الوفرة الثلاثة بين عامي 1970 ونهاية القرن العشرين؛ حيث” شهدت حقبة من الحماسة الإستهلاكية والتفاؤل غير المسؤول، مما كان له بالغ الأثر في أسلوب الحياة والثقافة وسلوك الفرد(وحسبنا أن نتدبر العظمة المؤقتة لما يسمى’الاقتصاد الجديد’، وظهور الموضات الأنيقة غالية الثمن، وتوسع أسواق البضائع المتنقلة والعقارات)”  للمزيد حول الموضوع أنظر: زيجمونت باومن وكارلو بوردوني، حالة الأزمة، ترجمة حجاج أبو جبر، ط1( بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2018)، ص 24.

([15])  ما بعد الحداثة يتم التأريخ لهذه الحقبة، منذ سبعينات القرن الماضي. وحسب رأي بيك “أن كلمة مجتمع المخاطرة، التي وجدتها وجعلتها عنوانا لكتابي عام 1986 لا تضع مصطلحا لحقبة من حقب المجتمع العصري الحديث، مجتمع لا يتجرد فقط من أشكال الحياة التقليدية، ولكنه يسقط كذلك على الاثار الجانبية للتحديث الناجح: أي مع السير الذاتية غير الآمنة والاخطار التي يصعب إدراكها وتطال الجميع، ولا يستطيع أحد أن يؤمن نفسه بشكل مناسب ضدها”. أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي: بحثا عن الأمان المفقود، ط1 (القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2013)، ص 30.

([16])  يقول بيك ” في مجتمع المخاطرة، ومع تسارع عمليات الحداثة وراديكاليتها، تصبح توابع نجاحات الحداثة مثار حديث. حيث تنشأ رعونة جديدة واستهتار بالمخاطرة بسبب فشل مواصفات وشروط حسابها ومعالجتها مؤسسيا إلى حد ما” للمزيد أنظر: أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي: بحثا عن الأمان المفقود، المرجع السابق، ص 27.

([17])  أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي: بحثا عن الأمان المفقود، ط1 (القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2013)، ص 60.

([18])  أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق ، ص 22.

([19])  أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق، ص 30-31.

([20])  للمزيد حول أهم الأحداث خلال القرن العشرين، أنظر: صلاح منتصر، الذين غيروا القرن العشرين، ط1( القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 2000).

([21])  يقال عنه”قرن احترق بنار أكبر حربيين وقعا في تاريخ الإنسانية…شنت في أمم تعد من أكثر الأمم تطورا في العالم بلد الشعر والفلسفة والموسيقى” للمزيد أنظر: إدغار موران، إلى أين يسير العالم، المرجع السابق، ص 21.

([22])  العولمة حسب توماس فريدمان هي: “نظام عالمي جديد _ليست حالة حضارية كما يقول عالم الاجتماع انتوني غدنز_ يعيد تشكيل الدول والمجتمعات والأفراد والقناعات على جميع المستويات. وقد برز هذا النظام على أثر سقوط الاتحاد السوفياتي وانحسار النظام الشيوعي وتراجع الفكر الاشتراكي وانهاء الانقسام العالمي إلى شرق وغرب” للمزيد أنظر: عبد الخالق عبد الله، عولمة السياسة والعولمة السياسة، المستقبل العربي، العدد 278(ص ص 22-35)، ص 26.

([23]) وضع عالمي يحتاج لأخذ قرارات من أجل “الحد” أو “التكيف” مع التغير العالمي الجديد؛”إننا نعيش في عالم يجب أن يتخذ قرارا بشأن مستقبله وفقا لشروط عدم الأمان المصطنعة والمصنعة ذاتيا. ويندرج ضمن هذا كون العالم لم يعد قادرا على التحكم في الأخطار التي تنتج عن الحداثة، وبكلمات أدق: إن الاعتقاد بأن المجتمع العصري يمكنه التحكم في الأخطار التي يتسبب فيها، اعتقاد قابل للدحض _ليس بسبب الإخفاقات والهزائم التي عرفتها الحداثة، بل بسبب انتصاراتها. فالتغير المناخي، على سبيل المثال، يعد نتاج التصنيع الناجح، الذي أغفل تبعاته على الطبيعة والإنسان بشكل منظم. إن الاقتصاد العالمي ينمو بسرعة شديدة، كما يزداد الرخاء بشكل متسارع، الأمر الذي لا يمكن أن يعني أي شيء آخر سوى أن الاحتباس الحراري في الدول الصناعية يزداد باستمرار، بنسبة 2.4 بالمائة منذ عام 2000. وقد تأكد في تلك الأثناء أن ردود فعل حكومات فردية تجاه هذا التحدي الكوني بدت وكأنها تنتمي الى العصر الحجري على أسئلة عصر التصنيع ” أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق، ص 29.

([24])  أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق، ص 301.

([25])  أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق، ص 61.

([26]) أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق ص 41.

([27]) أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي، المرجع السابق، ص 17.

([28]) زيجمونت باومن وكارلو بوردوني، حالة الأزمة، ترجمة حجاج أبو جبر، ط1( بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2018)، ص 15.

([29]) للمزيد أنظر: موقع الأمم المتحدة، شهد في 2023/02/23 على الرابط التالي: https://news.un.org/ar/story/2023/02/1118427

([30]) الازمة بالمعنى السياسي قريبة من معنى خروج الأمور عن السيطرة، للمزيد أنظر: إدريس لكريني، إدارة الأزمات الدولية في عالم متحول: مقاربة للنموذج الأمريكي في المنطقة العربية، المستقبل العربي، العدد 287(ص ص 28-45)، ص33.

([31]) للمزيد حول موضوع أنظر: عبد المجيد بن شاوية، الحرب الروسية الأوكرانية: بين أزمة النخبة السياسية الأوكرانية وأطماع التحالف الغربي، على موقع شاف للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات والصراعات(الشرق الأوسط وأفريقيا) رابط المقال: https://shafcenter.org/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86/

([32]) إدغار موران، إلى أين يسير العالم، ترجمة أحمد العلمي، ط1 (بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2009)، ص 24.

([33]) أحمد فتحي سرور، القانون والعولمة وحوار الحضارات، مجلة وجهات نظر، العدد 42، (مصر، 2002)، ص 22-23.

([34]) صامويل هانتجتون، صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، ترجمة طلعت الشايب، ط2(مصر، دار سطور، 1999).

([35]) صامويل هانتجتون، صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، المرجع السابق، ص 39.

([36]) الحضارات ما بعد 1990 حسب هنتغتون: الحضارة الغربية، الحضارة الإسلامية، الحضارة اللاتينية، الحضارة اليابانية، الحضارة الصينية، الحضارة الهندية، الحضارة الارثوذكسية، الحضارة الافريقية، الحضارة البوذية. للمزيد أنظر: صامويل هانتجتون، صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، المرجع السابق، ص 45.

([37]) فرانسيس فوكوياما، نهاية التاريخ والانسان الأخير، ترجمة فؤاد شهين وآخرين، (بيروت، مركز الانماء القومي، 1993).

([38]) ” تأسست الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ‎عام ‎1988‏ لتقديم تقديرات شاملة لحالة الفهم العلمي والفني والاجتماعي والاقتصادي لتغير المناخ وأسبابه وتأثيراته المحتملة واستراتيجيات التصدي لهذا التغير” للمزيد أنظر موقع الهيئة: https://www.ipcc.ch/

([39]) جعفر ضياء جعفر، عادل ج. نعوم، اقتراح لإدماج العوامل المؤثرة في المناخ العالمي في مؤشرات التنمية البشرية، المستقبل العربي، العدد 280 (ص ص 55-64)، ص56-57.

([40]) جعفر ضياء جعفر، عادل ج. نعوم، اقتراح لإدماج العوامل المؤثرة في المناخ العالمي في مؤشرات التنمية البشرية، المرجع السابق، ص56.

([41]) 27 قمة منذ عام 1995 إلى سنة 2022.

([42])خالد شهبار، عالم ما بعد كوفيد-19: الحمل اكاذب، ط1( المغرب، مطابع الرباط نت، 2020).

([43]) للمزيد أنظر، “فيلسوف أوروبي: شيوعية جديدة تنبت من كورونا وحياتنا لن تعود كما كانت” على موقع الجزيرة، الرابط التالي : https://www.aljazeera.net/culture/2020/4/8/%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%B4%D9%8A%D9%88%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9

([44]) للمزيد أنظر: فاطمة نوري ديهنافي، ملاحظات مختصرة حول تصور “جيجيك” من فيروس كورونا (Covid-19)، ترجمة حنان برقرق(المغرب، مؤمنون بلا حدود، 2020)، ص4.

([45]) يشكل الزمن الحالي، منعطفا تاريخيا واجتماعيا في التحليل السيوسيولوجي، لم تكن الدعوات والنداءات إلى اعتماد “براديغم جديد”(Nouveau Paradigme)، وخاصة من عالم الاجتماع الفرنسي الشهير آلان تورين، الذي ارتأى أن البراديغما الجديدة هي من ستجعلنا نفهم عالم اليوم، فمن منظوره السوسيولوجي عرف العالم مجموعة من التحولات التي هي نتاج العولمة، ومن تجليات التحولات حسب تورين انتقال من مجموعة من البراديغمات، وكان آخر انتقال؛ إلى براديغم الثقافة. للمزيد أنظر:

 Alain Touraine, un nouveau paradigme: Pour comprendre le monde d’aujourd’hui ; Librairie Artheme Fayard2005.

([46]) زيخمونت باومان، الحياة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، ط1(بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2016).

([47]) إدغار موران، إلى أين يسير العالم، المرجع السابق، ص 41.
_____________
*إسماعيل الراجي: طالب باحث في مختبر التراب والبيئة والتنمية-كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية

-جامعة ابن طفيل-القنيطرة

جديدنا