ندوة ورشة الزيتون الأدبيَّة تناقش “تميمة العاشقات”

image_pdf

  من خلال سبع حكايات لسبع نساء يتشعب زمنهم منذ العصر الفرعوني وصولا لزمن المستقبل، قدمت الكاتبة د. لنا عبد الرحمن رؤيتها الزمنية والجغرافية في رواية ” تميمة العاشقات” ، الصادرة مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية ، وناقشتها ورشة الزيتون الأدبية، وسبق للكاتبة وأن أصدرت عدة أعمال أدبية، منها في مجال الرواية : “حدائق السراب” وتلامس”و” أغنية لمارغريت” و”ثلج القاهرة” و “قيد الدرس” و “بودا بار” بالإضافة الى مجموعات قصصية ودراسات نقدية.

تحدث في البداية د. يسري عبد الله أستاذ الأدب والنقد الحديث بجامعة حلوان: إن المتن السردي لرواية لنا عبدالرحمن الجديدة ” تميمة العاشقات”، تشكله دوائر متتابعة من السرد يفضي بعضها إلى بعض في المستوى الظاهري تتواتر ست حكايات عن ستة من النساء الجميلات، وفي المساحة السردية ثمة استحضار لأخريات ينهضن بدور البطل المساعد في كل حكاية سردية من قبيل الكاهنة تايا في فصل آلارا، وآسيا في فصل ميري مجيد، وهكذا. او حتى رجال يقفن على الضفة الأخرى، يتماهون مع نسائهن الجميلات، من قبيل جيما المراكبي مع آلارا المقدسة، أو علاء مع آلارا الحسيني الحفيدة البعيدة، أو حازم الحسيني مع ميري مجيد، وهكذا..

ويرى د. يسري أنه تبعا لتفكيك علائق النص وتشابكاته، وحيوات نسائه المتداخلة، يوزع الزمن الداخلي للرواية على أزمنة متعددة، تبدأ فيها نقطة القص الرئيسية من زينة، التي تشكل نقطة الانطلاق الرئيسية في القص، فهي التي تطالع حيوات الفائزين قديمهم وحديثهم، من العام ١٥٤٢ قبل الميلاد إلى العام ٢٠١٣، عبر ارتحالات قلقة في الزمان والمكان الروائيين، من مصر القديمة الي شمس الصباح في أشبيلية في القرن الثالث عشر الميلادي، من باريس في العام ١٨٩٥ إلى القاهرة في ٢٠١٣، من جبال لبنان الي أرمينيا أذربيجان. جغرافيا سردية متنوعة بتنوع الحكايات، وأزمنة متشظية بتشظي الشخوص وتبدلاتهم. عالم من فسيفساء ممتد ومتشابك، ينهض على جدل الاتصال/ الانفصال، تعززه دوائر السرد المتقاطعة، والابنية الدائرية التي تشكل مجمل الدلالة الكلية للرواية.

هويات وارتحالات

وفي رأي الروائي د. محمد ابراهيم طه أن “تميمة العاشقات “رواية الهويات المتعددة والارتحالات والتحولات ، رواية عالمها متحرك ومتحول ومتقلب، هي بامتياز رواية التأرجح بين هويتين وعقيدتين وذاكرتين، وعشقين، المرأة محورها بينما الرجال ثانويون، ست حكايات متجاورة  ومتقاربة ومتنوعة، تترابط الخيوط وتتقاطع المصائر في رواية موضوعها العشق ومحرك الأحداث فيها الحروب والكوارث والأوبئة، فأحداث الرواية بأقسامها الستة تمتد رقعتها بين مصر وجبل لبنان إلى الشام وباكو والهند وبغداد وكركوك وإشبيلية، ويمتد الزمن الروائي فيها من المستقبل إلى الحاضر إلى الماضي  ستينيات القرن الماضي إلى والقرن الثامن عشر  ثم الثالث عشر ثم قبل الميلاد.

 ومن وجهة نظره أن رواية كهذه، أبطالها كوزموبوليتان، لابد أن تكون ساحة لاستعراض ثقافات وديانات وموروثات وطقوس وأساليب حياة متنوعة، وساحة لفترات تاريخية وحروب وشعوب،  ومضمارا لمهارات وتقنيات الكتابة الروائية التي تكفل للرواية كل عوامل النجاح والانتشار.

حتمية دورات التاريخ

ويقول الكاتب أسامة أمين فقال في مداخلته: إن يَسري الحُبُ محتمياً بـ”تميمة العاشقات” ،والسريان هنا عابرٌ للأزمان والأماكن في رواية الكاتبة لَنَا عبد الرحمن ، فالنص بديع حاشد بالأحداث والمعلومات ، تتدفق في دثارٍ من الحب والعشق مبعثه الوجود الأنثوي في الكيان الانساني . وكأنها – الكاتبة – تسترسل في تأصيل أهمية دور المرأة في استقرار وسمو المشاعر في المجتمعات ، والذي بدا واضحاً في نصيها “ثلج على القاهرة” ثم “أغنية لمارغريت” . ولعلها ترى أن دورها هو أهم أسبق مما يعيثه الرجال من وحشية ودمار ، ولذلك يسود النص هنا نعومة مسلك المرأة وحبها للحياة بالسعي للامتداد سواء بفطرتها أو بفكرها ، وتواجه بذلك قسوة حركة التاريخ بلاانسانيته . وكما لو كان للكاتبة سجل خاص للبشرية تعود به للأصول القديمة ، وربما السحيقة – تبدو من خلاله أسطورية بديعة محببة ، لعلها ترسخ لفكرة حتمية دورات التاريخ (متأثرة بالجغرافية طبعاً ) ، ويحوطها التصور الديني متمثلا في طقوس وكهان وقرابين ومقامات لأولياء بل ونبؤات تكرس لأفكار الغزو والفتح لأهداف يتعمدون إغماضها – برغم شدة وضوحها- وأحياناً بكليهما عندما توظف الظواهر الفلكية كطوالع متفائلة خاصة للقادة والفاتحين كي يمضوا في سبيلهم في الغزو والدمار والقهر والنخاسة وبعث الآلام . ويتبعها – ويا لغرابة الأمر- إبداعات واكتشافات وأفكار يحار أمامها العقل بالسؤال الأزلي (الأبيقوري) : هل لولا ذلك ما كانت تلك ؟

ويرى أمين أن الكاتبة دائما مهمومة بقضية المرأة عموماً ،خاصة في الأحداث المفصلية التي تغير من مصائر البشر، فهي لم تنحو في كتابتها التاريخية منحى كثيرين يقعون على فترة زمنية محددة ،يتناولونها بتوسيع النظرة ، وإقحام شخوصهم في ظل ملوك أو حكام هم أعلام في التاريخ الموثق . بل هي هنا توظف روحاً أسطوري محلَق –هي زينة “ولعلها تقصد الإغريقة”- عابرُ للزمان والمكان متخيراً واحدة من ست نساء في ست مواقع لأحداث كبرى سببت هزات عنيفة في تاريخ الانسانية.

أوقات فارقة في حياة الأبطال

وقال الكاتب الروائي علي قطب في مداخلته: إن زينه خلقت عالمها في ستة أيام واستراحت في اليوم السابع، ومن خلفها الكاتبة لنا عبد الرحمن التى جدلت خيوطها الست وضفرتها في حبل متين أوله في الماضي البعيد، عند حواء، وآخره في المستقبل، حيث الروبوت وبنك النطف حيث حياة بلا مشاعر، ويعاقب فيها الذي يشعر بالحنين.

وأضاف قطب: اختارت الكاتبة مواقع بعينها في جغرافية العالم وأوقات فارقة في حياة أبطالها، تحركت في الزمان والمكان بحرية تامة، ليس هناك عوائق جغرافية أو زمنية، لذا نجد سكتات سردية تعتمد على فطنة القارئ ومعلوماته في تكوين الصورة الكلية، كانت تستدعي أبطالها كمن تتحكم بهم عن طريق التنويم المغناطيسي لسرد ما تطلبه منهم، أو تجد نفس الروح ولكنها سافرت من حواء، إلى ألارا الكاهنة في المعبد الفرعوني، إلي بطلة في لبنان، أرمينيا، الأندلس، العراق، هناك الكثير من الخيوط تدعم نظرية تناسخ الأرواح بشكل أو بآخر، أرى أنها كتابة نسوية، تننتصر للمرأة ويذكرني بما جاء في كتاب يوم كان الرب أنثي.. فالمرأة عند لنا عبد الرحمن غاية في الجمال والجاذبية والتأثير والرجل غالبا في الظل أو خائن أو عاجز أو شرير، وتعاني المرأة في أغلب الفصول الصراع ما بين الحب الحقيقى أو اضطرار العيش مع زوج عادي، تقود المرأة الأمور في عالم لنا عبد الرحمن خصوصا في الأوقات الحاسمة والمتوترة، ست خيوط يمثلوا ست روايات بينهم قفزات زمكانية، يتبعها سكتات سردية، روايات النساء في العالم من أول الغابة التي جاء في المقدمة، هنا فكرة الزمن الممتد، هناك عدة نظريات عن الحاضر وماهيته، سؤال عن الحاضر والمستقبل، المرأة والعشق، الجمال نعمته ونقمته.. قصص عشق وصراعات بين المتاح والمرغوب فيه والشعور بالذنب، ومحاولة التخلص من الذنب.

جديدنا