اجتماعالتنويريسلايدر

الإيديولوجيا الليبرالية والآخر

نظرية براقة ممارسات انتقائية

إذا كانت الماركسية بمثابة محاولة تغييرية نبعت من واقع الفكر الغربي في مرحلة تاريخية معينة ذات تطور مادي معين لمواجهة الإيديولوجية الرأسمالية. إلا أن الرأسمالية استطاعت الاستفادة من المرآة التي وفرتها لها الماركسية ذاتها لرؤية أخطائها وتجاوزها، وفي الوقت نفسه العمل على احتواء الماركسية كإيديولوجية تغييرية وإذابتها في الإيديولوجية الغربية ذات الطابع الليبرالي، هذا ما أفقد الإمكانية في تحقيق تحول شامل في المجتمعات الغربية، لا بل الأحزاب الماركسية الأوروبية والتيارات اليسارية الأخرى التي كانت لها السيادة في الحياة الثقافية – السياسية في الستينيات لم تقدم البديل التاريخي للاحتكار السلطوي للنظام الرأسمالي، مما يؤكد أن تلك السياسات الكبرى في التغيير قد فشلت، مما أدى إلى ظهور سياسات صغرى، من السلطة اللامركزية، المحلية، واختفاء المعرفة الشاملة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف استطاعت الطبقة الرأسمالية توظيف الإيديولوجية الليبرالية في خدمة مصالحها والدفاع عن وجودها كقوى مسيطِرة على البناء الاجتماعي في المجتمعات الغربية؟ هذا ما سوف نقوم بتفصيله في الفقرات التالية.

في حقيقة الأمر، تتبني المجتمعات الغربية لإيديولوجية الفكر الليبرالي على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولكن قبل استعراض ممارسات الليبرالية على الصعيدين السياسي والاقتصادي في المجتمعات الغربية وموقفها من الآخر، سنقوم بتوضيح مفهوم الليبرالية أولاً.

1- مفهوم الليبرالية: تعتبر الليبرالية Liberalism ” إحدى الإيديولوجيات السياسية الكبرى في العالم الحديث، وهي تتميز بالأهمية التي تعزوها لحقوق الفرد المدنية والسياسية،  لأنها مذهب سياسي أو حركة وعي اجتماعي، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة ( السياسية والاقتصادية والثقافية )، وتتحرك         ( الليبرالية ) وفق أخلاق وقيم المجتمع التي يتبناها، فتتكيف حسب ظروف كل مجتمع، إذ تختلف من مجتمع إلى آخر. فالليبرالية مذهب سياسي واقتصادي معاً تقوم على فلسفة استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية والاقتصادية . وكمفهوم اصطلاحي ترجع إلى الأصول اللغوية اللاتينية التي دخلت إلى اللغة الإنكليزية والفرنسية بحكم التواصل الثقافي مع الحضارة الإغريقية، ويعود ظهورها في كل من فرنسا وإنكلترا وهولندا إلى القرن السادس عشر، إذ أصبحت إحدى أهم مفردات الثقافة السياسية الأوروبية في ذلك الوقت، ونقلت إلى العربية غداة ترجمتها من أصلها اللاتيني من قبل رفاعة الطهطاوي بـ:( الحرية ) والذي ترجم ( ليبرالي ) إلى ( حُريَّ ).

وردت في القاموس السياسي بمعنى التحررية، لأنها كانت تشير إلى إقامة حكومة برلمانية، وتأكيد حرية الصحافة والعبادة وحرية الكلمة. أما من الناحية الاقتصادية، فتعني حرية التجارة، وعدم التدخل في الشأن الاقتصادي، وجاءت في ترجمات عربية أخرى أنها تقليد في الفكر الأوروبي، يركز على قيمة الحرية، وعلاقتها بالدولة، وأن الفرد له       ( حقوقه الطبيعية ) المالكة لوجودها المستقل عن الحكومة، وعن المجتمع.

في حين ترجم المعجم الوثائقي Liberalism بالمذهب الحر، وهو مذهب سياسي واقتصادي يدعو إلى التحرر والانعتاق من القوى التقليدية التي كانت تجمع بين الملكية والاستبداد والكنيسة وطبقة الإقطاعيين، لأن مبادئ وأسس ” الليبرالية متناقضة جذرياً مع الإيديولوجيا الإقطاعية، أي أنها ضد فكرة الما وراء حين أكدت على موضوعية الطبيعة والمادة. وهي ضد الوحي والميتافيزيقا حين أكدت على العقلانية والعلم. وهي ضد الاستبداد حين أكدت على الحرية وهي ضد سحق الفرد وامتصاصه في المجموع، حين أكدت على أولوية الفرد “. كما يدعو هذا المذهب ( الحر ) إلى إقامة نظام ديمقراطي برلماني، وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، إلا في أضيق الحدود، وإقامة الأحزاب السياسية الليبرالية. أي أن الليبرالية نشأت في خضم التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي عصفت بأوروبا منذ بداية القرن السابع عشر، فعلى الصعيد الفكري نجد أن الليبرالية لم ” تتبلور كنظرية في السياسة والاقتصاد والاجتماع على يد مفكر واحد، بل أسهم عدة مفكرين في تطورها وإعطائها شكلها الأساسي وطابعها المميز. فالليبرالية ليست اللوكية ( نسبة إلى جون لوك 1632 – 1704 )، أو الروّسووية ( نسبة إلى جان جاك روسو 1712-1778 ) أو الملّية ( نسبة إلى جون ستيوارت ملْ 1806-1873 )، وإن كان كل واحد من هؤلاء أسهم إسهاماً بارزاً أو فعالاً في إعطائها كثيراً من ملامحها وخصائصها.

في المقابل ” يرى نقاد الليبرالية بأنها نشأت كتبرير إيديولوجي لظهور الرأسمالية، وأن صورتها للفرد المستقل مجرد تمجيد للسعي وراء المصالح الذاتية في السوق، لأنها استبدلت شبكة الالتزامات المتبادلة التي تربط بين الناس في الجماعات العرقية، والدينية، وما في حكمها بمجتمع مؤسس على التنافس والفردانية الذرية “.

بعد القيام بعملية توضيح مفهوم الليبرالية بشكل عام، سنحاول التعرف على الآلية التي سعت من خلالها المجتمعات الغربية إلى تبني واستثمار الفكر الليبرالي كإيديولوجيا على الصعيديين ( السياسي والاقتصادي ) بهدف تحقيق مصالحها وغاياتها هذا من جانب، ولكي تضمن سيطرة أفكارها ومبادئها على مجتمعاتها في عالم سياسي يتسم بالتناحر وصراع القوى الإيديولوجية المضادة الساعية كل منها إلى تنميط الواقع الاجتماعي بأفكارها من جانب آخر.   

2- ممارسات الليبرالية على الصعيد السياسي: أدى تبني المجتمعات الغربية للمبادئ والأفكار الليبرالية في إطار ممارسة العملية السياسية إلى بروز ” مفهوم الدولة الديمقراطية الليبرالية التي تمثل دولة القانون، والتي تهدف إلى حماية حقوق الأفراد الأساسية، وإلى تنظيم أمور الجماعة وتطويرها “. بالإضافة إلى ضمان حقوق أفراد المجتمع في المشاركة السياسية في إطار الديمقراطية التمثيلية أو النيابية ” عن طريق الاقتراع العام أو الانتخاب العام الذي يقوم به المواطنون لممثليهم في المجالس والهيئات التشريعية “، ووضع القوانين وتنفيذها، وإمكانية التغيير السلمي للسلطة وفقاً للإرادة الشعبية من فئة إلى أخرى بين الحين والحين. 

يرى بعض المفكرين أن الديمقراطية ليست مجرد احترام الحقوق الأساسية للإفراد، بل هي فضلاً عن ذلك نظام لحكم الأغلبية ولتداوم السلطة، بحيث إن ” لكل فرد صوت “. فهي تقوم على أساس المساواة الكاملة بين الأفراد في الحقوق السياسية، أما في النظام الرأسمالي فإن القوة الاقتصادية تقاس بما يملك الفرد من ثروة أو ما يحققه من دخل، وبالتالي فإن مفهوم المساواة في الرأسمالية لا يقترن بها ” المساواة  الاقتصادية “، لذلك هناك نوعاً من التوتر بين مقتضيات الديمقراطية في المساواة السياسية وبين مقتضيات الرأسمالية في تفاوت الحظوظ الاقتصادية، لذا كانت وما تزال الديمقراطية الليبرالية في المجتمعات الرأسمالية الغربية أداة لتخفيف حدة التفاوت بين في الدخول والثروات، من خلال دور الدولة الاجتماعي في المجتمعات الرأسمالية الديمقراطية.

بمعنى آخر، أدى التعارض الإيديولوجي بين المساواة في السلطة السياسية التي تقوم عليها الديمقراطية وحقيقة اللا مساواة في القدرة الاقتصادية التي تقوم عليها الرأسمالية، إلى تطعيم الرأسمالية والديمقراطية بالاستثمارات الاجتماعية ودولة الرفاه الاجتماعي. لأن المجتمعات الرأسمالية قد أدركت أهمية قضية ” العدالة الاجتماعية “، كأحد أهم التحديات التي تواجهها نتيجة الآثار السلبية التي لحقت بالطبقة العاملة بسبب ممارسات الرأسمالية الاقتصادية اللا إنسانية. وقد ظهرت هذه المشكلة بوجه خاص خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مع تزايد درجة التصنيع وتضخم المدن الصناعية وازدحامها وزيادة أحجام البؤس الذي تعرض له العمال في هذه الفترة من التصنيع. وساعد على ذلك أيضاً زيادة الوعي العمالي مع انتشار الأفكار الاشتراكية في ذلك الوقت. لذلك بدأت تلك المجتمعات تصدر، ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، قوانين لحماية الفقراء ووضع حدود دنيا لمعدلات الأجور مع تحديد لساعات العمل والسماح للعمال بتكوين النقابات والاعتراف بحق الإضراب ووضع قيود على تشغيل النساء والأطفال واستغلالهم. ومع القرن العشرين وقيام الثورة البلشفية عام 1917  والنظام الشيوعي – في ما كان يسمى الاتحاد السوفيتي سابقاً – وخاصة بعد نجاح الأحزاب العمالية في الوصول إلى الحكم، ووقوع الأزمات الاقتصادية* الكبرى وخاصة الأزمة العالمية في عام 1929. بدأت سياسات الضرائب في المجتمعات الرأسمالية تتجه إلى العمل على تحقيق عدالة التوزيع، بحيث أصبح للضرائب وظيفة اجتماعية في تحقيق العدالة الاجتماعية ومنع الإسراف في سوء توزيع الدخول والثروة. فمع تزايد تدخل الدولة لتوفير أنواع من الضمان الاجتماعي المتمثل بالرعاية الصحية وتوفير حدود دنيا للمعاشات لكبار السن والعاطلين عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة، أصبح الضمان الاجتماعي أحد أهم مظاهر النظم الرأسمالية الصناعية. لأنه بنظر منظري النظام الرأسمالي أنجع وأفضل وسيلة اجتماعية لمواجهة المخاطر الاجتماعية غير المتوقعة والتعويض عنها، وهذا ما عبر عنه بيير لاروك Pierre Laroque أحد أهم رواد الضمان الاجتماعي في فرنسا، وبالأخص بعد أن أصبح ” خطر التعاسة في المستقبل يخيم على الطبقة العاملة فيجعلها تطالب بقوة بالتأمين الاجتماعي وبإزالة مسببات القلق وعدم الثقة بالغد.

أدت هذه التطورات والمتغيرات التي أوجدتها ” دولة الرفاهية ” إلى إيجاد نقلة كيفية كبيرة في مفاهيم الطبيعة البشرية والعلاقات الإنسانية بالحد من عنصر استقلال الفرد المرتبط بقوة شخصيته ومدى تحمله وسيطرته على ذاته، وكذلك من حيث العيوب الذاتية للفرد لدى كل من ( العامل ) و ( صاحب العمل )، حيث لم يعد البؤس يفسر على أنه معتمد أو سبب للّوم بل أصبح المجتمع يرى إمكانية لتغير ظروف الأشخاص وسلوكياتهم. كما لم تعد الطبيعة البشرية هي تلك الصفات الثابتة للأفراد وإنما هي سلوكياتهم الاجتماعية. وبدلاً من النظر إلى النظم السياسية القائمة باعتبارها سلسلة من القيود الضرورية على السلوك الفردي، أعيدت صياغة هذا المفهوم لتصبح النظم السياسية عملية لتنمية الحياة الجمعية الجيدة. وبذلك ظهرت وظيفة جديدة للدولة. فبدلاً من ” التدخل ” كان ” التنظيم ” أو ” التمكين ” لأسباب إنسانية ولمراعاة الكفاءة أو المواءمة السياسية.

هكذا مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية النصف الثاني للقرن العشرين، أصبحت معظم الدول الصناعية الغربية أكثر عدالة في التوزيع بالمقارنة بالماضي. حيث ولدت في خضم تلك الظروف والمتغيرات دولة الرفاهية**    ”  Welfare State“التي وفرت المزيد من الخدمات الاجتماعية مع فرض الضرائب التصاعدية على أصحاب الدخول العالية، وفي الكثير من الأحيان تأميم العديد من القطاعات الإنتاجية الاستراتيجية، كما أصبحت توجه نسبة عالية من الإنفاق العام لأغراض اجتماعية. بالإضافة إلى تدعيم دولة الرفاهية بالديمقراطية الذي أصبح مطلباً مهماً للرفاهية، حتى وإن صدرت مفاهيم الرفاهية عن جذور غير ديمقراطية. ثم إنها، في انسجامها مع الفكر الأعمق عن الدولة، كان يتم تقديمها للمجتمع باعتبارها أداة حيوية لتأمين أهداف اجتماعية وإنسانية أبعد، مثل الازدهار والمساواة والكرامة والمسؤولية وتنمية الذات وتطويرها والمشاركة والعمل المرضي المنتج. فهي ترى في الإصلاح الاجتماعي وسيلة ذهبية ما بين سياسة عدم التدخل الحكومي والاشتراكية.

أدى انتهاج المجتمعات الرأسمالية الغربية لتلك السياسة إلى تزييف الوعي السياسي للطبقة العاملة، مما أدى إلى تبنيها لقواعد اللعبة الرأسمالية ( البرلمانية ) المتمثلة في حق المشاركة والتفاعل في إطار العملية السياسية ” عبر ممارسة المواطنين لحق الاقتراع في الديمقراطيات الحديثة، والاشتراك في التظاهرات والاحتجاجات الذي يعبر عن حرية لا وجود لها، مما أدت ترسيخ الاغتراب عن طريق تزييف الوعي بميكانزيم الديمقراطية.

وهكذا كذبت الرأسمالية المعاصرة توقعات ماركس، فقد تغيرت العلاقة بين الرأسماليين والطبقة العاملة، لأن هذه العلاقة المتغيرة خلقت وضعاً جديداً، خلقت البعد الواحد داخل الوضع الاجتماعي، بحيث وجدت نفسها الطبقة العاملة مندمجة بالنظام السياسي والاقتصادي، مما افقدها فاعليتها كعنصر ثوري. وهذا ما يؤكده  بعض المفكرين وعلى رأسهم هربرت ماركيوز Herbert Marcuse أن المجتمعات الغربية عبر ممارساتها السياسية ذات الطابع الليبرالي قد خلقت قوى إنتاجية عظمى بلا تدمير تتمثل بقوة النظام الرأسمالي في المجتمعات الغربية، التي كانت من الممكن أن تتحول إلى قوة تغييرية، إلا أن هذا النظام عبر سياساته المختلفة استطاع أن يدمج الطبقة الثورية (الطبقة العاملة) دون أن تفكر في العنف أو الثورة، مما يجعلها وسيلة بناء وتطوير، لكن على حساب استعبادها واستملاكها، وهذه ما يجعلها تبقى قوةً ثوريةً حتى ولو لم تقم بالثورة حسب ماركيوز.

3– ممارسات الليبرالية على الصعيد الاقتصادي: تتجسد الليبرالية –  كمذهب اقتصادي – بشكل عام فيما يدعى بالرأسمالية ” وهو مذهب اقتصادي يرى أن الدولة لا ينبغي لها أن تتولى وظائف صناعية، ولا وظائف تجارية، وأنها لا يحق لها التدخل في العلاقات الاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والطبقات أو الأمم “، لكي تترك السوق يضبط نفسه بنفسه. فالأنظمة الرأسمالية المؤمنة بالفكر الليبرالي، تعتبر المقولة الفرنسية ( دعه يعمل دعه يمر ) هي الشعار المثالي للرأسمالية التي تعمل على حرية التجارة ونقل البضائع والسلع بين البلدان دون قيود جمركية “. وفكرة الاقتصاد الحر تقوم على عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية، والليبرالية كما أشرنا من قبل تعتمد بالأساس على فكرة الحرية الفردية. وقد مرت الليبرالية الاقتصادية بثلاث مراحل رئيسية: الليبرالية التقليدية أو الكلاسيكية، ثم الليبرالية الجديدة أو الحديثة، ثم أخيراً النيوليبرالية ( الليبرالية المعاصرة ).

ففي مرحلة الليبرالية الكلاسيكية التي سادت القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حين بدأت الرأسمالية الصناعية في الظهور، سعى رواد هذه المرحلة على رأسهم آدم سميث Adam Smith  وآخرون إلى تجسيد مبدأ عدم تدخل الحكومة في مجال الاقتصاد بشكل عام على أرض الواقع تطبيقاً لمبدأ حرية السوق، طالما أنها لا تملك عقلية المشروع الخاص، هذا من جانب، ولقدرة النظام الرأسمالي على خلق ثروة الأمم من جانب آخر، لأن ” جوهره يتمثل في استثمار رأس المال بتوقع تحقيق مكاسب وأرباح” في نطاق الأنشطة الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك فقد اعتقد سميث بوجود ” قدرة غيبية ”  أطلق عليها ” اليد الخفية ” التي ترسم السلوك العقلاني للأفراد في تتبع مصالحهم الخاصة، والتي تقود بالتالي إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع.

بذلك اتسم الواقع الاقتصادي في معظم المجتمعات الغربية في تلك المرحلة بملامح رئيسية تميزت بوجود رأسمالية المنافسة الحرة ” التي تحض على زيادة شدة التنافس بين الشركات الصناعية محدودة الحجم، بالإضافة إلى ضعف التنظيمات العمالية، ووجود تحرر اقتصادي من أي نظم تفرضها الدولة، فقد انحصر دور الدولة في هذه الفترة في مواجهة الفوضى وعدم الاستقرار اللذين كان يخلقهما رأسمال الصناعي”. لذا سعت الفعاليات الصناعية ” المدفوعة بهاجس الربح وتراكم رأسمال، إلى إنتاج سلع تتجاوز ما يمكن للناس شرائه ( عدم التوازن بين العرض والطلب ) فيتطور الإنتاج في هذه الحالة بمستوى أكبر بكثير من السوق، ولحل هذا التناقض الذي يتسبب في أزمة تصريف المنتجات تلجأ الرأسمالية إلى وسيلتين: إذ تلجأ أولاً إلى تحطيم قوى الإنتاج بشكل يؤدي إلى إرجاع الإنتاج إلى المستوى الذي يتيح للسوق امتصاصه، وتلجأ ثانياً إلى توسيع السوق إما عبر تكثيف العلاقات التجارية مع الدول الرأسمالية الأخرى، أو عبر إدخال دول جديدة أو جهات جديدة في منظومة علاقاتها الاقتصادية، ويمكن ذلك من رفع مستوى السوق إلى مستوى الإنتاج”.

نتيجةً لتسلط رأسمال وطغيان الاستبداد بدأت التمردات والانتفاضات والثورات الاجتماعية تشتغل في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، فانزعج البعض لأحوال البؤس والشقاء والفقر التي عاشتها الشعوب الصناعية بشكل عام والطبقة العمالية بشكل خاص، مما أدى إلى ظهور بعض المفكرين الليبراليين المصلحين، الذين ينادون بضرورة تدخل الحكومة لإنقاذ الجماهير التي أفقرتها السياسة الليبرالية الاقتصادية ( التقليدية أو الكلاسيكية ) التي تبنتها الرأسمالية. مبشرين بذلك بداية مرحلة جديدة من السياسة الليبرالية الاقتصادية تدعى الليبرالية الجديدة أو الحديثة.

فرضت تلك السياسة نفسها على الرأسمالية في نهاية العقد الثالث من القرن العشرين المنصرم عندما جاءت الأزمة المالية العالمية ( الكساد الكبير ) عام 1929، لتشكل ضربة هائلة اهتز لها الاقتصاد الرأسمالي إلى درجة الانهيار. فكانت تلك الأزمة مناسبة لانطلاق التفكير الليبرالي إلى محاولة فهم مكمن المشكلة وإيجاد المعالجات الكفيلة بإنقاذ الوضع. لأن المجتمعات الغربية ” بدأت تفقد ثقتها في ” رأسمالية دعه يعمل ” و ” حافز الربح “، وأدى بالكثيرين إلى استنتاج أن الأسواق التي لا تخضع لقواعد لا يمكنها أن تؤدي إلى الرخاء وتمنع الفقر”.

لذا بدأ المفكرون الليبراليون في هذه المرحلة ينادون بضرورة تدخل الدولة في المسار الاقتصادي ولو بشكل محدود، وبتدخل الدولة أيضاً لتساعد على سد الضروريات الأساسية للفقراء ( الطعام والمسكن والملبس، وعلاج وتعليم ).

فسارعت النخب السياسية في المجتمعات الغربية الرأسمالية وعلى رأسها رئيس الولايات المتحدة (فرانكلين روزفلت) آنذاك إلى تطبيق أفكار جون مينارد كينز*** John Maynard Keynes حول تفعيل دور الدولة، لحل هذه الأزمة، من خلال إعطاءها دوراً مركزياً لإعادة ترتيب المجتمع الرأسمالي بدلاً من تركه للفعل الاقتصادي المرتهن بفردانية ” دعه يعمل دعه يمر”، حيث سيقترح اللورد جون كينز في كتابه الشهير ” النظرية العامة للتوظيف وسعر الفائدة والنقود ” عام 1936 حلاً يقوم على إجراء تحليل شامل للاقتصاد السياسي الليبرالي وتطبيقاته، فقد توصل كينز من خلال تحليلاته لواقع الأزمة المالية التي تعيشها المجتمعات الرأسمالية، إلى ضرورة نهج تلك المجتمعات سياسة اقتصادية ترتكز على إدارة جانب الطلب لتأمين التوظيف الكامل للعمالة، في سعيه إلى حل مشكلة البطالة التي لم تنتبه إليها النظرية الكلاسيكية، ولم تبلور لها إجراءات كفيلة للتقليل منها.

إلا أن كينز في المقابل أكد أن التوازن الاقتصادي يمكن أن يتحقق عند مستويات متعددة، وليس من الضروري أن يتحقق ذلك عند مستوى التوظيف الكامل للعمالة، لذلك فإن ظهور البطالة واستمرار الكساد لا يعتبر بالضرورة وضعاً استثنائياً ومؤقتاً تعمل قوى السوق على تصحيحه، بل قد يكون وضع التوازن المقبول في ظروف اقتصاد السوق. ولذلك لا يمكن الخروج منه إلا بتدخل من الدولة عن طريق سياسة مقصودة لزيادة الطلب الفعلي وبالتالي تنشيط الاقتصاد، وبدون ذلك يمكن أن يستمر الكساد والبطالة بلا علاج.

صحيح أن هذا الحل يخرج الرأسمالية من أزمتها الاقتصادية الخانقة، إلا أن تاريخ الرأسمالية كما هو معروف لنا ينضح بمحاولاتها المستمرة لتسخير القانون لحماية مصالحها الطامعة، ولخرق القوانين وتحديها حين تستعصي على التسخير. وطبيعي أن يكون أقرب القوانين لعدوانها تلك التي تقر حقاً اجتماعياً جديداً للطبقة العاملة الكادحة، وتحاول أن تضع العدالة الاجتماعية موضع التنفيذ، ولو كان ذلك داخل التقاليد الرأسمالية ذاتها. وليس أدل على ذلك ما لقيه الرئيس الأميركي ” روزفلت ” حينما حاول أن ينفذ سياسته المعروفة بـ ” الصفقة الجديدة New Deal عقب انتخابه رئيساً للولايات المتحدة عام 1933، حيث لم يكن هذا المنهج يمس النظام الرأسمالي في جوهره، بل كان يقوم على وضع برنامج واسع يؤسس به ” دولة الرفاهة ” عبر إقرار التأمين الاجتماعي وإعانات المتعطلين، ودعم حقوق النقابات، إشراف السلطة الفدرالية على المرافق العامة، وكان روزفلت قبل أن يطالب بهذا النهج قد نجح في حل الأزمة التي حنقت أمريكا والعالم  كله معها في أزمة الكساد الكبير عام 1929، حتى لقب في ذلك الحين بـ ” المنقذ العظيم “. بيد أنه لم يكن يخطو خطوات إيجابية في رفع مستوى العدالة الاجتماعية في بلده حتى يتصدى له أرباب الصناعة والمال أبشع التصدي، فوصفوا منهجه الجديد بأنه ” شيوعية، دكتاتورية، وإهانة للروح الأمريكية وتقاليدها ” ووصفوه هو بالرجل الذي خان طبقته، والأحمر الذي يتربع في البيت الأبيض. ومع ذلك فقد استمرت دول النظام الرأسمالي وحلفاؤها في الأطراف في تطبيق السياسات الاقتصادية الكينزية طوال الفترة الممتدة منذ ثلاثينيات القرن العشرين حتى نهاية العقد السابع منه رغم كل الانتقادات التي تم توجيهها لهذه السياسة من قبل الصناعيين وأصحاب رؤوس الأموال لأنها أقرت بامتيازات وحقوق قوية لصالح الطبقة العاملة على حساب شراهة وجشع رأس المال الذي لا يعرف الرحمة ولا الإنسانية عندما يكون سيد الموقف فقد جاء تطبيق تلك السياسة في ظروف لا يحسد عليها النظام الرأسمالي فكانت الحل الوحيد أمامه لكي يعيد التوازن والقدرة الاقتصادية لأركان نظامه ولمواجهة المد الشيوعي الصاعد بقوة والساعي إلى تصدير الثورة الاشتراكية إلى المجتمعات الرأسمالية الغربية.

إلا أنه في ” بداية السبعينيات من القرن العشرين أخذت سيطرة الاقتصاديات الكينزية تتلاشى وتختفي في الحكم ومن الدراسات الأكاديمية بعد تصاعد البطالة والتضخم تصاعداً خطيراً ” لتظهر فيما بعد على الساحة السياسية والاقتصادية للمجتمعات الرأسمالية ما يعرف باسم النيوليبرالية ( الليبرالية المعاصرة ) Neo Liberalism  إبان الحرب الباردة، وتنامي الأحادية القطبية الأمريكية.

قدمت النيوليبرالية نفسها في المجتمع الرأسمالي  كدعوة محافظة في شكلها الأقصى في رفض الحلول والسياسات الوسطى، نتيجة سلسلة الأزمات الاقتصادية التي واجهتها الأنظمة الرأسمالية وأبرزها فترة الركود الاقتصادي بين عامي 1973- 1984 في تلك الفترة، حيث انخفضت نسبة النمو الاقتصادي ونسبة النمو حجم التجارة العالمية، فأرادت تلك الإيديولوجية إعادة الاعتبار إلى حرية الأسواق، والحد من تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بمعنى العودة إلى المفاهيم الليبرالية الأولى ( الكلاسيكية ). بهذا المقام تعتبر النيوليبرالية نظرية في الممارسات السياسية والاقتصادية، تدعي حسب رأيها أنها الطريقة المثلى لتحسين الوضع الإنساني عبر إطلاق الحريات والمهارات التجارية الإبداعية للفرد، ضمن إطار مؤسساتي عام يتصف بحمايته الشديدة لحقوق الملكية الخاصة، وحرية التجارة، وحرية الأسواق الاقتصادية. بحيث يقتصر دور الدولة في هذه النظرية على إيجاد وصون وحماية رأسمال وإطلاق حريته في الأسواق مع استخدام القوة إذا لزم الأمر لتحقيق ذلك، ” والعمل أيضاً على تشجيع وتقوية مجتمع أكثر عدلاً وديمقراطية “. وهذا يعني أن أنصار النيوليبرالية يصرون على أن دولة الرخاء يجب تفكيكها أو خصخصتها بهدف ترسيخ الحد الأدنى من الإنفاق الحكومي، والحد الأدنى من الضرائب، لأن دولة الرفاه الاقتصادي والاجتماعي عجزت في مرحلة من المراحل عن الوفاء بوعودها لأفراد المجتمع، مما دفع كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا نحو تبني سياسات النيوليبرالية التي بدت آثارها واضحة على الشأنين الاقتصادي   والسياسي: فعلى الصعيد الاقتصادي أدت دعوات النيوليبرالية إلى زيادة حركة الاستثمارات المالية بصورة لم يشهدها الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، كما زادت نسبة التجارة العالمية بين عامي 1983- 1990  بما يصل إلى 9%. فقد حصل ذلك مع إزالة القيود على حركة الرساميل في الدول الرأسمالية المتقدمة، مما أدى إلى فتح مجالات جديدة أمام الاستثمار الأجنبي التي مكنت تلك الدول من استغلال الموارد العالمية إلى أقصى حد كالعمالة الرخيصة، والمواد الخام، بالإضافة إلى فتح الأسواق جديدة ذات طابع عالمي، بأكثر الطرق الفعالة والممكنة، بهدف تصريف منتجات وسلع الدول المتقدمة عن طريقها هذا من جهة، ومن جهة أخرى ” أدت هذه الدعوات بنفس الوقت إلى زيادة تبعية دول العالم الثالث لرأس المال العالمي والحفاظ على وضعيته باعتباره هامشاً للمراكز الرأسمالية في الغرب “، مما ساعد على تحقيق المصالح الاقتصادية للدول الرأسمالية على حساب الدول الفقيرة تحت ذريعة أن الدعوة إلى حرية الأسواق وحرية تنقل رؤوس الأموال ستنعكس إيجاباً على كل المجتمعات تحت عباءة العولمة الاقتصادية. أما على الصعيد السياسي فقد اقترنت النيوليبرالية سياسياً بالعودة إلى اعتماد الديمقراطية، والاعتراف بحقوق الإنسان عالمياً، وعلى الرغم من الاختلافات الفكرية والسياسية بين الدول حيال مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا أن العالم كما تدعي الدول الرأسمالية المتقدمة قد شهد موجة في تطبيقات الديمقراطية التي أصبحت ملازمة للتعدية الحزبية، وآلية إجراء الانتخابات العامة. وفي النهاية يمكن لنا القول أن دعوات السوق الحرة، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتخصصية، متلازمة ومتداخلة في سياق المنظومة العالمية، التي تفسر جانباً من معالم النظام العالمي بعد الحرب الباردة، التي لعبت فيها الولايات المتحدة دوراً مركزياً في الترويج تلك الدعوات عالمياً. إلا أن الثقافة السياسية الديمقراطية اقترنت بثقافة الاستهلاك المادي على نطاق واسع، في إطار العولمة التي تصور إمكانية إخضاع العالم لأنماط واحدة في الاقتصاد والسياسة والثقافة. حيث جسّد النموذج الأمريكي هذا الدور على حساب مصالح وقيم وثقافات الشعوب الأخرى، فأين تكمن الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان؟

– خلاصة القول:

إن هدفنا من هذا المقال توضيح موقف القوى المحافظة من عملية التحول الاجتماعي ومن الإنسانية جمعاء، التي كانت في يوم من الأيام قوى راديكالية قامت ضد الإقطاعية، بالإضافة إلى التعرف على الإجراءات والآليات والممارسات اللا إنسانية التي اتبعتها الليبرالية كإيديولوجيا للحفاظ على مشروعية وجودها، والإمكانات التي سخرتها لمنع النظام الرأسمالي الجشع من الانهيار، لأن انهياره سيؤدي بكل تأكيد إلى انهيار مصالحها وفقدان الامتيازات، التي تتمتع بها كطبقة مسيطِرة فالمسألة مسألة وجود بغض النظر عن الشعارات البراقة.

وهكذا نجد أن الإنسانية عانت الكثير من ويلات الليبرالية وشعاراتها البراقة خاصةّ في التاريخ الحديث والمعاصر، وأحداث السياق الاجتماعي وتفاعلاته خير دليل على ذلك ابتداءً من الحروب العالمية الأولى والثانية واستعمار شعوب العالم الثالث، نهايةً بتدمير مجتمعات الشرق الأوسط اجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، والسعي إلى تعميق وزيادة معاناتها واستغلال ظروفها السياسية، وتشجيع ومباركة الاستبداد السياسي والظلم والطغيان الممارس عليها، وغض الطرف عن ما يحدث بحقها من جرائم ضد الإنسانية، فكل هذه المعطيات خير دليل وبرهان على فشل القيم والأخلاق الليبرالية بالتعامل مع الآخر، أي مع المجتمعات الأقل منها تطوراً  والمختلفة عنها دينياً وثقافياً واجتماعياً. هذا الوضع ناتج بكل وضوح عن سابق إصرار وترصد في توظيف الفكر الانتقائي بالتعامل الآخر، فحقوق الإنسان وحرية الرأي والديمقراطية وميزات دولة الرفاه حلال عليهم حرام على غيرهم. فالشعوب التي لا تنتمي إلى العالم الغربي شعوب مستباحة بكل النواحي من قِبل الإيديولوجيا الليبرالية، التي لا هم لها سوى النباح بشعارات حقوق الإنسان والحرية الشخصية والانحلال الأخلاقي وتدمير الوعي الجمعي المخالف لها. فأين الليبرالية من الإنسان والإنسانية ؟ اعتقد أن ليس لها سوى المفهوم دون المضمون، فالنظرية غير التطبيق.

المراجع المعتمدة:

– تد هوندرتش: دليل أكسفورد للفلسفة، تحرير وترجمة: منصور البابور- محمد حسن أبو بكر، مراجعة اللغة: عبد القادر الطلحي، المكتب الوطني للبحث والتطوير، الجماهيرية العربية الليبية، الجزء:2، 2003.

– عز الدين دياب:الليبرالية، الموسوعة العربية، دمشق، المجلد:17، ص(256). https://arab-ency.com.sy/ency/details/9867/17

– توفيق المدني: التوتاليتارية الليبرالية الجديدة والحرب على الإرهاب ( دراسة )، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2003.

– معن زيادة: الموسوعة الفلسفية العربية ( المدارس والمذاهب والاتجاهات والتيارات )، معهد الإنماء العربي، بيروت،   المجلد: 2، القسم: 2، ط1، 1988.

– حازم الببلاوي: عن الديمقراطية الليبرالية ( قضايا ومشاكل )، دار الشروق، القاهرة، ط1، 1993.

– أنتوني غدنز: علم الاجتماع ( مع مدخلات عربية )، ترجمة وتقديم: فايز الصياغ، المنظمة العربية للترجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، 2005.

– ضياء مجيد الموسوي: العولمة واقتصاد السوق الحرة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط4، 2010.

* يرى مفكرو الاتجاه الاشتراكي أن تاريخ الرأسمالية الصناعية هو تاريخ فترات من الرخاء وفترات من الركود. أي أنه تاريخ ما يطلق عليه الاقتصاديون الرأسماليون الرسميون ” الدورة الاقتصادية “، فلأكثر من مائتي عام كانت هناك فترات في التوسع الشديد في الإنتاج تتخللها أزمات مفاجئة تتحطم فيها قطاعات كاملة في الصناعة وتتوقف.  

Michael Freeden: The coming of the welfare state, of The Cambridge History of Twentieth-century Political Thought, edited by: Terence Ball and Richard Bellamy,Cambridge University Press, United Kingdom, v.(1), 2008.

** اعتبرت دولة الرفاهية الهدف الأهم للسياسة الداخلية لمعظم دول الغرب تقدماً في النصف الأول من القرن العشرين نتيجة تغيرات جذرية في مفاهيم ” الرفاهية ” و ” مفاهيم الدولة ” على حد السواء. وتُعرف دولة الرفاهية بأنها: ” دولة يتم فيها استخدام قوة الديمقراطية لتنظيم وتعديل القوى الاقتصادية والسياسية من أجل إعادة توزيع الدخل “. 

– حازم الببلاوي: النظام الرأسمالي ومستقبله، دار الشروق، القاهرة، ط1، 2011.

–  علي ليلة: الفكر النقدي في علم الاجتماع – جماعاته وتياراته، من مقدمة كتاب: النظرية الاجتماعية ونقد المجتمع ( الآراء الفلسفية والاجتماعية للمدرسة النقدية )، زولتان تار، ترجمة: علي ليلة، المكتبة المصرية، الإسكندرية، 2004.

– قيس هادي أحمد: الإنسان المعاصر عند هربرت ماركيوز، رسالة دكتوراه، كلية الآداب، قسم الفلسفة، جامعة القاهرة، 1977.

– عبد الغني بو السكك: العنف والسلطة في فلسفة هربرت ماركيوز، رسالة ماجستير في الفلسفة العامة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم الفلسفة، جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر، 2008-2009.

– أندريه لالاند: موسوعة لالاند الفلسفية، تعريب: خليل أحمد خليل، منشورات عويدات، بيروت، مجلد:2، 1966.

– عادل المعلم: ألف باء الليبرالية… والشريعة الإسلامية، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط1، 2011.

– جيمس فولتشر: مقدمة قصيرة عن الرأسمالية، دار الشروق، القاهرة، ط1، 2011.

– جواد كاظم البكري: الأزمة المالية العالمية الكبرى القادمة: مقاربة اقتصادية سياسية، موقع المدى، 7 نيسان ( أبريل )، 2011.

– الطيب بوعزة: نقد الليبرالية، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، ط1، 2009

– آمال كيلاني: ألف – باء الليبرالية من موسوعة ويكيبديا، ترجمة: آمال كيلاني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1، 2010.

*** جون مينارد كينز ( 1883- 1946) عالم اقتصاد إنجليزي كان لأفكاره تأثير كبير على الاقتصاد المعاصر والنظريات السياسية وعلى السياسات النقدية للحكومات، أهّله علمه الغزير في أن يسمى فرع كامل في الاقتصاد باسمه، حتى أن لنظريته وممارساته السياسية ما يجعلنا نتحدث عن ” الثورة الكينزية ” و ” عصر كينز “، برز المنهج الكينزي بروزاً كبيراً في السياسة الاقتصادية في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن العشرين كمنهج في السياسة الاقتصادية. صنفته مجلة تايم الأميركية واحداً من أهم مائة شخصية في القرن العشرين.

– محمد خالد محمد: أزمة الحرية في عالمنا، دار المقطم للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006.

– واين بارسونز: السياسة والأسواق: كينز ومنتقدوه، من كتاب :موسوعة كمبريدج للتاريخ: الفكر السياسي في القرن العشرين، تحرير: تيرنيس بول – ريتشارد بيللامي: ترجمة: مي مقلد، مراجعة: طلعت الشايب، المركز القومي للترجمة، القاهرة، المجلد:1، العدد: 1338، ط1، 2009.

– عدنان السيد حسين: تطور الفكر السياسي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط3، 2012.

– عادل المعلم: ألف باء الليبرالية… والشريعة الإسلامية،

Wayne Parsons: Politics and markets: Keynes and his critics, of The Cambridge History of Twentieth-century Political Thought, edited by: Terence Ball and Richard Bellamy, Cambridge University Press, United Kingdom, v.(1), 2008.

– أشرف منصور: النقد المعاصر للفكر السياسي الليبرالي، تقديم: مهدي بندق، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، الكتاب الأول، 2003.
________
*د. حسام الدين فياض/الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة/ قسم علم الاجتماع كلية الآداب في جامعة ماردين- حلب سابقاً.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

حسام الدين فياض

د. حسام الدين فياض الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة قسم علم الاجتماع - كلية الآداب في جامعة ماردين - حلب سابقاً.

مقالات ذات صلة