اجتماعالتنويريسلايدر

دور الإباحيَّة في تدمير عقول الشباب

”الذي يتغلب على شهواته أحسبه أكثر شجاعة من ذاك الذي يقهر عدوه، إذ أن الانتصار على الذات هو الأصعب“ (الفيلسوف أرسطو طاليس)

أصبحت شبكة الانترنت في وقتنا الحالي بمثابة عصب العصر، وستبقى، بل إن اعتمادنا عليها يزداد يوماً بعد يوم سواءً شئنا أم أبينا. ومن خصائص الانترنت بما تحويه من مواقع أنها تقنية عابرة للقارات، لا تعرف حدوداً، ولا توقفها الحواجز الثقافية، ولا العرقية، ولا الدينية.

وقد أصبح عالمنا العربي الإسلامي منفتحاً على الثقافات الغربية والشرقية، ولم يعد بالإمكان السيطرة على العولمة الثقافية والغزو الثقافي والحضاري، أو منع تأثيره، أو حجبه من الوصول إلى عيون وعقول وأفئدة أبنائنا، فيغزوها ويحتلها، ويستبدل بها علومنا وثقافتنا وحضارتنا الأصيلة بأخرى غير نافعة ذات التأثير السلبي منها الإباحية ومواقع الدعارة المتوفرة على شبكة الانترنت، فهي صناعة غربية بالدرجة الأولى، ولكن ذلك لا يمنعها من الوصول إلى بلادنا العربية والإسلامية، كما أنها صناعة تجارية غير أخلاقية تتناقض مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، ومع ثقافتنا المتدينة بطبيعتها، ومع ذلك أصبح استهلاك المواد الإباحية والجنسية في منطقة الشرق الأوسط من أعلى معدلات الاستهلاك في العالم. فنحن لسنا في مأمن مما يصدره  لنا العالم من ويلات، وإذا لم نعي هذه الحقيقة سنكون كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال.

في واقع الأمر عندما نتحدث عن الإباحية الجنسية في تلك الأيام، نجد أن المواد الجنسية المعروضة على شبكة الانترنت قد اختلفت كماً ونوعاً عما كان معروفاً قبل أقل من عقدين من الزمان، وكثير من المواضيع والأفكار التي تحويها الأفلام الإباحية اليوم كانت في ذلك الوقت محرمات لا يجرؤ المرء على ذكرها، ناهيك عن الجرأة، والانحراف، والعنف اللفظي، والجسدي، الذي تعج به المشاهد الإباحية. وفي دراسة تحليلية لمضمون عدد من الأفلام الإباحية المعروضة على الانترنت وُجد أن ما يقارب 90% من هذه الأفلام تحوي عنفاً بدنياً أو لفظياً أو كليهما، وأن العنف موجه في أغلبه ضد النساء، ناهيك عن إكساب بعض الممارسات المخالفة للفطرة الإنسانية التي فطرنا الله تعالى عليها مما يؤدي إلى الانحرافات الجنسية والأخلاقية.

بذلك تحولت العلاقة الجنسية من كونها عملية تعبر عن أقصى درجات الحميمية وأسمى تعبير عن دفء العلاقات الإنسانية إلى صناعة عالمية يفوق دخلها في بعض التقديرات 100 مليار دولار سنوياً على مستوى العالم، ويبلغ راتب إحدى العاملات فيه 250,000 دولار سنوياً، يقودنا ذلك إلى حقيقة لا يمكن إخفاؤها، إذ إن المحتوى الإباحي في عشر السنوات الأخيرة على الأقل قد حدثت له طفرة بشكل مخيف، خصوصاً مع انتشار الهواتف الذكية والانترنت فائق السرعة.

وهنا يجب أن نشير أن ظاهرة ارتياد المواقع الإباحية هي قضية تهم الجنسين، رغم ما يذهب إليه الدكتور ” ليونارد ساكس ” في كتابه “ الجنس له أهمية “، أن الفروقات بين الجنسين (الذكر، الأنثى)، ليست مقتصراً على الأعضاء الظاهرة فقط، ولكنه أعمق من ذلك بكثير، ويؤثر على الوظائف الحيوية والفيسيولوجية ووظائف الدماغ، والسلوك الجنسي هو أحد النواحي التي يتجلى فيها هذا الفرق بشكل واضح. إلا أن هذا لا يمنع أن الرغبة الجنسية بالنسبة للإناث لا تقل بكل حالٍ من الأحوال عن رغبة الذكور، وأنهن مثل الذكور  يبحثن عن طريقةٍ لإشباع هذه الغريزة، فيتجهن إلى مشاهدة المواقع الإباحية. مع فارق أن إدمان الذكور لمشاهدة المواقع الإباحية أكثر من الإناث بنسبة 2% حسب بعض الدراسات.

لكن قبل البدء بمناقشة دور الإباحية الجنسية في التأثير السلبي على أدمغتنا سنحاول التعرض باختصار شديد إلى مميزات وخصائص الاتصال والتواصل الالكتروني، التي تساهم إلى حد كبير تسهيل عملية مشاهدة المواقع الإباحية.

مع تطور وسائل الاتصالات الحديثة، أصبح العالم كالقرية الصغيرة التي يمكن التواصل بين أهلها والتأثير بسهولة ويسر. ويمكن لنا تقسيم التواصل الإلكتروني إلى شبكة الانترنت Online وتطبيقاتها، مثل: المواقع التجارية والاقتصادية والسياسية والترفيهية، الفيس بوك وتويتر، اليوتيوب، والمدونات ومواقع الدردشة والبريد الالكتروني، فهي بالنسبة للإعلام. تمثل المنظومة الرابعة تضاف للمنظومات الكلاسيكية ( التقليدية ). بالإضافة إلى تطبيقات قائمة على الأدوات المحمولة المختلفة ومنها أجهزة الهاتف الذكية والمساعدات الرقمية الشخصية وغيرها، وتعد الأجهزة المحمولة منظومة خامسة في طور التشكل. وهناك أيضاً أنواع قائمة على منصة الوسائل التقليدية مثل الراديو والتلفزيون ” مواقع التواصل الاجتماعي للقنوات والإذاعات والبرامج ” التي أضيفت إليها ميزات مثل التفاعلية والرقمية والاستجابة للطلب، ويمكن أن نخلص إلى شبه اتفاق، أن مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى حالة من التنوع في الأشكال والتكنولوجيا والخصائص التي حملتها الوسائل المستحدثة غير التقليدية لاسيما فيما يتعلق بإعلاء حالات الفردية Individuality والتخصيص Customization وتأتيان نتيجة لميزة رئيسية هي التفاعلية، فإن الإعلام الشخصي والفردي هو إعلام القرن الجديد، وما ينتج عن ذلك من تغيير انقلابي للنموذج الاتصالي الموروث مما يسمح للفرد العادي إيصال رسالته إلى من يريد في الوقت الذي يريد، وبطريقة واسعة الاتجاهات وليس من أعلى الى أسفل وفق النموذج الاتصالي التقليدي، فضلاً عن تبني هذه المواقع تطبيقات الواقع الافتراضي وتحقيقه لميزات الفردية والتخصيص وتجاوزه لمفهوم الدولة الوطنية والحدود الدولية.

أما عن مزايا التواصل الإلكتروني وخصائصه، منها التفاعلية حيث يؤثر المشاركون في عملية التواصل الإلكتروني، على أدوار الآخرين وأفكارهم، ويتبادلون معهم المعلومات، وهو ما يطلق عليه الممارسة الاتصالية، والمعلوماتية المتبادلة أو التفاعلية، فمن خلال منصات التواصل الإلكتروني، سيظهر نوع جديد من منتديات الاتصال، والحوار الثقافي المتكامل، والمتفاعل عن بعد، مما سيجعل المتلقي متفاعلاً مع وسائل الاتصال تفاعلاً إيجابياً. والجماهيرية حيث يمكن توجيه التواصل الإلكتروني إلى فرد، أو مجموعة معينة من الأفراد. بالإضافة إلى اللا تزامنية حيث يمكن عن طريق التواصل الإلكتروني، القيام بالنشاط الاتصالي، في الوقت المناسب للفرد، دون ارتباط بالأفراد الآخرين، أو الجماعات الأخرى الحركية، التي تعني إمكان نقل المعلومات عن طريق التواصل الإلكتروني، من مكان لآخر بكل يسر وسهولة. وأيضاً القابلية للتحويل أي القدرة على نقل المعلومات، عن طريق التواصل الإلكتروني لها، من وسيط لآخر. والشيوع والانتشار بمعنى الانتشار حول العالم، وداخل كل طبقة من طبقات المجتمع. كما من خصائها العالمية أو الكونية على أساس أن البيئة الأساسية الجديدة للتواصل الإلكتروني، ووسائل الاتصال والمعلومات، أصبحت بيئة عالمية. والقضاء على مركزية وسائل الإعلام والاتصال إذ ستعمل الأقمار الصناعية على القضاء على المركزية في نشر المعلومات والبيانات، ولن يرتبط الناس بوسائل الإعلام من خلال المسافات الجغرافية فقط، وإنما سيرتبطون معاً من خلال اهتماماتهم المشتركة. وأخيراً زوال الفروق التقليدية بين وسائل نشر المعلومات المتمثلة في الصحف والكتب والمجلات حيث أصبح مضمون أي وسيلة منها عن طريق التواصل الإلكتروني، متاحاً ومشاعاً في جميع الوسائل الأخرى وبأشكال وأساليب عرض وتقديم مختلفة ومتطورة. وهكذا نجد أن هذا  التطور التقني الهائل يمكن أن يُستغل ويوظف في استخدامات سلبية غير شرعية تؤدي إلى دمار الإنسان وتفكك البنية الاجتماعية.

والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يجب على مرتادي المواقع الإباحية عدم مشاهدتها والإقلاع عنها نهائياً ؟ ما هي الإضرار النفسية والفيزيولوجية والاجتماعية المرتبة عليها؟

طرح الدكتور غاري ويلسون في كتابه “ دماغك تحت الإباحية ” كيف تؤثر مشاهدة الأفلام الإباحية على الانترنت على أهم عضو جنسي في جسم الإنسان، دماغه ! نعم، الدماغ هو العضو المسؤول عن الإثارة الجنسية، وفيه مراكز التحكم التي توجه وتقود الوظائف الجنسية لدى الرجال والنساء على حد السواء، والدماغ هو العضو الأكثر تأثراً بالإثارة المفرطة، التي تسببها مشاهدة المرئيات الجنسية المتوفرة على الانترنت، وهنا يكمن الخطر على مشاهدي الأفلام الإباحية، وخاصة الأطفال الذين لم يصلوا إلى مرحلة البلوغ والنضج البدني والنفسي ليدركوا ما هو الجنس.

وفي هذا السياق، يقدم لنا الدكتور ويلسون نظريته المبنية على مبادئ علم الأعصاب وعلم الإدمان الحديث وما الذي يحدث في دماغ الشخص الذي يشاهد المرئيات الجنسية؟ وما هي نتائج الارتياد المتكرر للمواقع الإباحية على الانترنت؟ وكيف يستجيب دماغه للإثارة المفرطة التي تعرض على الشاشة؟ وكيف يؤثر الاستمرار في هذا السلوك على أدائه الجنسي فيما بعد؟

يوجد في الدماغ دوائر عصبية تتحكم بالعواطف، والانفعالات، والحوافز، والدوافع، واتخاذ القرارات على مستوى الإدراك اللّاواعي، هذه الدوائر تؤدي وظيفتها بكفاءة عالية، ولم يتغير تركيبها منذ بدء الخليقة.

وفي المقابل، تخبرنا الاحصائيات أنه في كل ثانية هناك أكثر من 28000 شخص يدخلون لمواقع إباحية على الإنترنت، والمشكلة أن ثلث هذا العدد من النساء. هذه الظاهرة تؤثر سلبياً على الدماغ، فبمجرد النظر لمشهد جنسي على الفور يزداد إفراز مادة التستوستيرون ( هرمون الذكورة )، ومادة الدوبامين ( ناقل عصبي الذي يؤجج الرغبة ويعطينا الحافز كي نسعى إلى إقامة علاقة جنسية، فالدوبامين ينشط تراكيب عصبية تقع وسط الدماغ، وتعرف بالدائرة العصبية للمكافأة هي الجزء من الدماغ الذي يمنحنا الحافز والرغبة في السعي لأمر ما، والشعور بالتلذذ بشيء ما، وكذلك الإدمان على سلوك بعينه )، ومادة الأوكسيتوسين ( هرمون الحب الذي تفرزه الغدة النخامية أثناء الانتصاب والنشوة الجنسية ) ويشكل فيضاناً يجتاح الدماغ مما يسبب إرهاقاً لأنظمة عمل الدماغ ويشوش عمليات التذكر والتعلم، وقد يتلف جزءاً مهماً من خلايا الدماغ! ولذلك ينصح العلماء بالابتعاد عن مشاهدة المناظر الجنسية والمواقع الإباحية.

كما أن إفراز مادة الدوبامين بكثرة من قبل الدماغ أثناء مشاهدة مناظر الجنس، ترهق الدماغ وبخاصة المنطقة الأمامية من الدماغ (الناصية)، حيث هذه المنطقة مهمة في اتخاذ القرار وهي أشبه بالفرامل بالنسبة للسيارة، تصور نفسك تقود سيارة ذات فرامل معطلة، لا شك أن احتمال أن ترتكب حادثاً أمر وارد. هذه المنطقة لها ممرات ترتبط بمنطقة المكافأة في الدماغ وبالتالي تتأثر أثناء مشاهدة أفلام الجنس، وبالنتيجة تتأثر قراراتك وقدرتك على التحكم بنفسك.

كما يؤدي مشاهدة المواقع الإباحية إلى التجديد المستمر غير المنقطع مما يؤدي إلى زيادة نشاط الجهاز العصبي للمكافأة لدى مشاهديها، وذلك بسبب خاصية أساسية تميز الانترنت السريعة عن غيرها من التقنيات وهي أن التجديد وهي أن التجديد متوفر دائماً، وعلى بعد نقرة واحدة. ففي كل جلسة تصفح للمواقع الإباحية، يمكن للشخص أن يرى وجوها جديدة، أو مشاهد غير مألوفة أو سلوك جنسي غريب… إلخ إضافة إلى أسلوب تصميم الصفحات التي تخدم تلك الغاية ( التجدد )، مما يؤدي إلى الاستغراق في مشاهدة المواد المعروضة لأنها تقدم لهم تجديداً لا ينضب.

بالإضافة إلى خلق محفز خارق للطبيعة من الكلمات المغوية والصور المغرية والأفلام الخليعة مما يؤدي إلى إفراز زيادة الدوبامين استجابة ً لتلك المحفزات مما يؤدي إلى التجديد التي تفضي إلى المفاجأة والصدمة، ثم الحصر النفسي، ثم السعي والبحث. والنتيجة أن مرتادي المواقع الإباحية يشعرون بالإثارة الجنسية المصطنعة دون حدود أو ضوابط مما يؤدي إلى خطر إدمانها وعدم القدرة على الإفلات من شباكها فيصبح الافتراضي أمتع من الواقعي والحقيقي.

هذا الوضع يؤدي بالدماغ إلى التأقلم ولكن في الاتجاه الخاطئ فهذه التغيرات التي تحصل في بنية تؤدي إلى تبلد الإحساس، وبدوره يؤدي إلى التحمل أي أن يحتاج الشخص على محفزات أكبر للحصول على نفس المستوى من الإثارة الذي يشعر بها في البداية، وتبلد الإحساس يمكن أن يدفع بعض الأشخاص إلى الاستمرار في البحث عن الإثارة المرجوة بتصميم أكبر، وبالتالي فإن هذه التغيرات التي تحدث في بنية الدماغ تجعل التخلص من الأضرار الإباحية الجنسية رحلة مليئة بالتحديات.

وقد عبر عن ذلك أحد مرتادي المواقع الإباحية بقوله: ” السقوط في فخ الإباحية الجنسية كوخز الإبرة، والخروج منها كنزع سنارة الصيد من فم الفريسة “. بالتالي التكيف الجنسي مع مؤثرات غير طبيعية الذي بفضي بطبيعة الحال إلى الإدمان هو التأقلم الدماغي الذي ينتج عن الإفراط في مشاهدة المرئيات الجنسية، وكما أن المخدرات بإمكانها أن تحفز وتثير الخلايا المختصة بالتهيج الجنسي وتؤجج الشعور بالنشوة دون ممارسة حقيقية للجنس، فإن مشاهدة الأفلام الإباحية على الانترنت يمكن أن يعطي نفس الأثر.

أما أضرار إدمان مشاهدة المواقع الإباحية فقد وجد الباحثون في معهد ماكس بلانك في ألمانيا من خلال دراسة قاموا بها بعنوان “ بنية الدماغ والترابط الوظيفي المتعلق بمشاهدة المرئيات الجنسية على الانترنت نحت تأثير الإباحية ” ما يلي: إن زيادة المدة التي يقضيها الشخص في مشاهدة المرئيات الجنسية على الانترنت يؤدي إلى ضمور قشرة الدماغ المرتبط في جهاز المكافأة ويعني ذلك وجود عدد أقل من الروابط العصبية، وقلة عدد الروابط العصبية يجعل نشاط الدائرة العصبية للمكافأة بطيئاً. مما يؤدي إلى تدني الشعور بالمتعة أو يسمى تبلد الإحساس تدريجياً وهذا دليل على تأثر الدماغ سلبياً من خلال الإكثار من هذه المشاهدات، بالإضافة إلى اختلال قدرة الشخص على السيطرة على سلوكه نتيجة أعراض تعطل الروابط  بين الدائرة العصبية للمكافأة مما يدفعه إلى ممارسة السلوك الخاطئ.

لكن كيف يمكن للشخص المدمن على مشاهدة المواقع الإباحية؟ أي استعادة السيطرة. تقول الحكمة في هذا السياق “ إن السير في طريق الإفراط يؤدي إلى قلاع من الحكمة ” (معنى ذلك أن المعاينة الزائدة عن الحد يعرفنا حد الاكتفاء. فنزداد حكمةً وعلماً). وإذا كنت تريد التعافي من هذا المرض النفسي السلوكي فيجب عليك إعطاء دماغك راحة تامة من كل أنواع الإثارة الجنسية المصطنعة، وأن تحول اهتمامك إلى أنشطة الحياة الحقيقية، مما يؤدي إلى عودة الدائرة العصبية للمكافأة في الدماغ إلى طبيعتها. بالإضافة إلى ذلك اعمل على ضبط وتقليص فرص استخدام الانترنت أي أزل كل ما يتعلق بالإباحية الجنسية، وحاول أيضاً استخدام برامج حجب المواقع التي تعطيك إنذاراً بأنك تحاول فعل ما لا ترغب به وهذه البرامج يمكن أن تكون فعالة في بداية رحلة الإقلاع.

حاول التدرّب على التخلص من كل الإيحاءات التي تهدف إلى إثارة الرابطة بين الإيحاء الموجود في البيئة والاستجابة المعتادة له، مما يؤدي إلى إضعاف التكيف غير المرغوب بطريقة التدريب على انقراض الإيحاءات لتقوية قدرتك على ضبط النفس وذلك بتغير المواقف والوضعيات التي تؤدي إلى ربط الإيحاء بالاستجابة. وفي نهاية الأمر حاول ممارسة الرياضة والتمارين للتخلص من الضغوطات وصرف النظر عن الرغبة الملحّة حين يشتد إلحاحها، كما ننصح بتحديد أهداف وطموحات لحياتك ثم هواياتك وإبداعك.

وحول موقف الإسلام من تلك الظاهرة، نجد من خلال الكتاب والسنة أن الدين الإسلامي يحرم الإباحية بكل صورها تحريماً مطلقاً، كما يحرم أن ينظر الإنسان إلى عورات الآخرين المحرمين شرعاً، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: ] قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ  (النور:30)، وقال الله تعالى أيضاً: ] وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ (النور:31). كما نهانا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عن النظر إلى الإباحيات، إذ روى أَبي هريرة رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ).

وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه واقع: لا يجوز الاحتجاج به على رفع اللوم عمن يفعله، وهذا باتفاق المسلمين، فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أن من علامات الساعة أن يكثر الزنا والكذب وشرب الخمر، وأن الرجل سيأتي المرأة في الطريق، والناس ينظرون إليه، وأن الآخر سيأتي أمه، فكل هذا مكتوب في اللوح المحفوظ واقع لا محالة، ومعلوم أن كل هذا من كبائر المحرمات، التي يستحق من فعلها العذاب الشديد، بل هذا هو شأن أفعال العباد جميعها، طاعاتهم، ومعاصيهم، إيمانهم، وكفرهم، كل ذلك في كتاب عند رب العالمين، قال الله تعالى في محكم كتابه :       ] وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ [ ( القمر: 51-53 .(

” الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل “
_______________
*د. حسـام الـدين فـيـاض/ الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة/ قسم علم الاجتماع كلية الآداب في جامعة ماردين- جامعة حلب سابقاً.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

حسام الدين فياض

د. حسام الدين فياض الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة قسم علم الاجتماع - كلية الآداب في جامعة ماردين - حلب سابقاً.

مقالات ذات صلة