التنويريتربية وتعليمسلايدر

هندسة المنهاج التعليمي

تعريف المنهاج التعليمي

يقصد بالمنهج في اللغة العربيَّة ليراد به الطريق الواضح والسبيل الراشد،  والمسلك المتَّبع والمعين، ومنه قوله تعالى: ” لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا “المائدة: 48.

ثم تحوَّل المنهج مصطلحا ليعني ويدل  إجمالا على  “الطريق أو مسلك  البحث بحثًا عن الحقيقة أو المعرفة في أي علم من العلوم، أو في أي نطاق من نطاقات المعرفة  التي تنتمي إمَّا إلى العلوم الإنسانيَّة أو العلوم الحقَّة”[1].

وبعبارةٍ  أخرى، فإنَّ المنهج  هو مجموعة من الإجراءات  التي يتَّخذها الباحث للبرهنة على إشكاليَّة البحث أو الإجابة على الفرضيَّات التي  عادة ما تصدر بها  البحوث الإجرائيَّة العمليَّة.

وبعبارة مختصرة إنَّ المنهج هو آليَّات ومسالك في البحث معينة للباحث،تختلف تبعًا لاختلاف المواضيع والتخصُّصات المعرفيَّة التي تكون محورا لذلك  البحث، وعادة ما يتم استخدام المنهج  للبرهنة على الإشكاليَّة التي تكون منطلقا ومحورا في ذلك البحث.

المنهاج في معاجم علوم التربية

يطلق المنهاج في معاجم علوم التربية  ليراد به خطَّة عمل متّصلة بتنظيم معرفي وتربوي وبيداغوجي  حامل لأهم المعارف والمهارات والمضامين والموارد والأنشطة التعليميَّة والأدوات الديداكتيكيَّة، وطرائق  التدريس،وأشكال تخطيط  التعلّمات وأساليب التقويم، إضافة إلى حمله  لمكون  التفاعلات بين المعلم والمتعلّم داخل فضاء  القسم، أعني مجموع  العلاقات والتفاعلات الصفيَّة بين أطراف العمليَّة التعليميَّة،  وهي التفاعلات التي عادة ما  تؤثِّر مباشرة في سلوك وأفعال المتعلِّم  بل لها من الأثر أيضا على ما ينجزه  ويمارسه من أنشطة صفيَّة  أو أنشطة خارجيَّة غير  صفيَّة.[2]

بهذا الوصف،  وبعد عرض هذه التعاريف، نقول رغم ما نلاحظه من اختلاف  وتعدُّد في المفهوم  المخصَّص  للمنهاج، فهو في الأخير يعدّ خطَّة عمل حاملة للأهداف والمضامين والأنشطة ا لتعليميَّة والأدوات والمعينات  الديداكتيكيَّة  وطرق  التعليم والتدريس، وأساليب التقويم وأنشطة الدعم المناسبة والموافقة  للمتعلِّم  في ما يعيشه  هذا  المتعلِّم داخل القسم وخارجه من صعوبات في بناء التعلمات .[3]

والمنهاج بهذا الوصف هو أكبر من المقرَّر، وأوسع منه من حيث الدلالة والمفهوم.[4]

لكن من الدارسين والباحثين من يختزل المنهاج  التعليمي  ويضيق من مجاله  ويقيِّد مكوّناته ومداخله وعناصره ودعائمه، ويحدّده في كونه  ذلك الوعاء الحامل  للمواد الدراسيَّة والمتضمِّن للمعارف والموارد بأهدافها المتعدِّدة وبجهاتها المتنوِّعة والمختلفة، ويحمل أيضا الأنشطة المندمجة أو الموازية  التي تخدم الأهداف العامَّة للمنهاج  بشكلٍ أوَّلي وأساسي…”[5] .

خصائص المنهاج الجديد

يتميَّز المنهاج الجديد بمجموعة من الخصائص من أبرزها:

-الانفتاح على طرائق التعليم الجديدة التي تأخذ بهذا المبدأ  التشاركي  من خلال الانطلاق في بناء التعلّمات بالتمركز على المتعلِّم في تحصيل المعرفة آخذًا  بهذا القاعدة التربويَّة: ” الانتقال ممَّا يقوله المعلِّم إلى ما يقوم به المتعلِّم، أي الانتقال من محتوى التعلّم إلى كيفيَّة التعلّم ”.[6].

أي  الانتقال من منطق التلقين والشحن والتخزين إلى منطق التعلُّم الذاتي المكتسب عن طريق الوضعيات التعليميَّة والتعلُّم الذاتي، وهذا الاختيار الذي أقدم عليه المنهاج الجديد يعدّ من أحد أبرز المداخل  والمقدّمات في المنهاج الجديد.

ذلك أن التربية الجديدة  تتمركز حول المعلم- pédagogique centrée sur L apprenant  ، باعتباره هو المصدر المباشر والفاعل  في تحصيل واكتساب المعرفة، أما المعلِّم  فهو منظِّم  وموجِّه لهذه المعرفة.

الشموليَّة

يسعى المنهاج الجديد إلى تحقيق أهداف شاملة تتعلَّق بجميع المجالات المشكلة لشخصيَّة الإنسان وهي: المجال الوجداني ويتعلَّق المـجال الـعاطـفي والنفسـي والقيمي للمتعلِّم، والمجال المعرفي ويتعلَّق بالمعارف التي يتلقَّاها المتعلِّم في الفصل الدراسي، والمجال المهاري ويتحدَّد في المهارات الخادمة للمتعلِّم والتعلّمات.

ومن أهداف المنهاج  مراعاة الإيقاع الزمني، والخصوصيات  النفسيَّة  والاجتماعيَّة والبيئيَّة والقيميَّة للمتعلِّم .

مراعاة خصوصيَّة المتعلِّم اجتماعيا ونفسيا وبدنيا ونفسيا وعقليا في إعداد وبناء المنهاج.

استنتاج

كلما كان المنهاج مشيّدًا على هندسة جامعة، فإنَّه سيساعد المدرِّس على تحقيق والوصول إلى الأهداف، ما يخلق الإثارة عند المتعلِّمين في بناء التعلّمات.


[1]نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام لعلي سامي النشار الطبعة السابعة، دار المعارف  القاهرة مصر   ج1، ص: 36.

[2] ما هي علوم التربيَّة تأليف جماعي لعدد من المؤلفين صدرت هذه الدراسة ضمن سلسلة التكوين التربوي    العدد-1- السنة :1999- المغرب ص: 10.

[3] المناهج التربويَّة الحديثة تأليف  توفيق أحمد مرعي، محمد محمود الحيلة، دار الميسرة عمان – الأردن، ط4،2004م، ص: 11

[4]  لمزيد من التفصيل في حقيقة مناهج التربويَّة الحديثة من حيث مفاهيمها ومداخلها يراجع : المناهج التربويَّة الحديثة  للدكتور احمد مرعي محمد الحيلة دار المسيرة الأردن السنة   2020.

[5] اللسانيات النسبيَّة وتعليم اللغة العربيَّة لمحمد الاروغاي: -منشورات  دار اختلاف الجزائر 2013.ص: 22

[6] – الذكاءات المتعددة: التأسيس العلمي للدكتور عبد الواحد الفقيهي:.منشورات مجلة علوم التربيَّة   2012:ص 23.
________
*الدكتور محمد بنعمر.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة