المدرسة في العهد الرقمي
المدرسة بأدوار مختلفة
تمهيد
لا بد من القول وبكل التأكيد، بأن هناك إجماعا في جميع المجتمعات حول قيمة المدرسة، وعلى ضرورة تواجدها في المجتمع، اعتبارا لوظيفتها التربوية، ولأدوارها التعليمية، ولمهامها المعرفية.
فالمدرسة في حدِّ ذاتها هي مؤسسة اجتماعية، مهمتها إعداد النشء، وتطبيعه بثقافة المجتمع. فهي تعمل على بقاء واستمرار المجتمع، وعلى تماسك هويته من خلال الحفاظ على قيمه الكبرى الايجابية، والعمل على انتقال هذه القيم بين الأفراد وعبر مختلف الأجيال[1] .
فالمدرسة بهذا الوصف هي وحدة ونسق كلي تعليمي و تكويني وتربوي وقيمي، وفضاء مجتمعي للتنشئة وللتربية والتكوين والتأهيل تعمل إلى جانب الأسرة، ومع باقي فعاليات ومكونات المجتمع من اجل تحقيق هذا الهدف النبيل وهو تأهيل وإدماج الفرد في المجتمع.
إضافة إلى هذا فان المدرسة هي قناة للمعرفة، وأداة للتعليم ووسيلة للتربية تعمل بشكل مباشر على تنزيل هذه القيم عبر آليات التعلمات الأساس التي يتلقاها المتعلم في فضائها، فهي تؤدي أدوارا مختلفة ووظائف معرفية، وتربوية وقيمية متعددة ومتنوعة في المجتمع الذي تتواجد فيه، إضافة إلى تأثيرها وفعاليتها وحضورها القوي والفاعل في المجتمع .
فالمدرسة هي وسيط، ومرحلة انتقالية حاسمة وأساسية في حياة المتعلم ،لأنها هي معبر وممر أساسي لنقل الفرد من الأسرة إلى المدرسة ومن المدرسة إلى المجتمع.
بحيث لم تعد المدرسة أداة للتسلق والانتقال الاجتماعي كما كانت في السابق، وإنما إكراهات المجتمع والعمل والاندماج ،بسبب التباين الحاصل بين المعارف التي يلقاها المتعلم في فضاءاتها وبين انتظارات المتجمع في الشغل، وفي الاندماج الاجتماعي، بحيث لم تعد تلك الثقة حاضرة ومتبادلة بين المدرسة والمجتمع كما كان الأمر في السابق.
وغياب الثقة بين المؤسستين أدى إلى هجرة جماعية من الدراسات والمسالك والشعب النظرية إلى المسالك التطبيقية العملية.
فتغيير المسار التخصصي أو المهني للطالب أضحى سلوكا معتادا بالنسبة للناجحين وللمنتقلين إلى الجامعةـ وهذا مؤشر خطير يفسر بالتباين بين ما يقدم من معارف واختيارات المجتمع ومراهنته على نوع المعرفة.
فالمدرسة اليوم لم تعد سبيلا إلى الارتقاء في السلم الاجتماعي،ىوالولوج إلى مراكز القيادة والقرار [2] .
___________
[1]-تمثلات الطفل في المجتمع الدكتور احمد اوزي:153ضمن ندوة علم النفي وقضايا المجتمع.منشورات كلية الآداب الرباط.
[2]-رأسمالية المدرسة في عالم متغير لعلي اسعد:52. منشورات اتحاد كتاب العرب دمشق :2011.
______
*الدكتور محمد بنعمر.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.