علم النفس التربوي؛ علاقته بالعمليَّة التعليميَّة التعلّميَّة
تقديم
إنَّ علم النفس التربوي أو علم النفس المدرسي بوصفه أحد الفروع المتفرِّعة على علم النفس التربوي، كانت الغاية منه هو تقريب المفاهيم والتصوّرات والمعاني والنظريات النفسيَّة والبحوث السيكولوجيَّة إلى الحقل المدرسي والتربوي بمختلف مجالاته ومستوياته التعليميَّة، من خلال تطبيق نتائج البحوث السيكولوجيَّة العلميَّة لغاية تربويَّة وتعليميَّة وهي تحسين الأحوال المدرسيَّة، والرفع من الأداء التعليمي والمدرسي، والنشاط الصفِّي عند المتعلِّم، والسعي نحو تجويد العمليَّة التعليميَّة بصفة عامَّة.[1]
وقد اتَّسعت البحوث الميدانيَّة الإجرائيَّة في هذا العلم بفضل التحوّلات السريعة والنقلة الطارئة التي عرفتها المجتمعات الإنسانيَّة اليوم، وبالأخصّ التحوّل الناتج عن الثورة التواصليَّة والرقميَّة التي حدثت في العالم، وهي التحوّلات المنعوتة، والمسمَّاة بالتحولات السسيوثقافيَّة، وقد أثَّرت هذه التحوّلات بدورها وبشكل مباشر على الفضاءات المدرسيَّة و التعليميَّة، و أيضا حتى على المؤسَّسات التربويَّة التي من أبرزها الأسرة و المدرسة.
وهذه التحوّلات بجميع مظاهرها وبمختلف تجلياتها جعلت الطلب على العلوم الإنسانيَّة وعلى علم النفس التربوي يزداد بفعل اتِّساع قاعدة التمدرس والتعليم، وما رافق هذا الاتِّساع من مشاكل ومن إكراهات تدبيريَّة لقطاع التربية والتعليم في مختلف دول العالم بما في ذلك المغرب.
تعريف علم النفس التربوي
علم النفس التربوي هو ذلك العلم الذي يهتمّ بدراسة السلوك الإنساني ومراحل النمو عند المتعلِّم في المجال التعليمي والتربوي و المدرسي، فهو علم يزوّدنا بالمعرفة العلميَّة في فهم العمليَّة التعليميَّة التعلميَّة بجميع أطرافها وعناصرها لا سيما ما تعلَّق بالمتعلِّم وتفاعلاته مع المجال التعليمي [2].
وهذا الفرع من علم النفس له علاقة مباشرة بمهن التربية والتعليم والتدريس، وبتأهيل وتكوين المدرِّسين في جميع الأسلاك التعليميَّة.[3]
ومن أبرز أهداف علم النفس التربوي هو سعيه نحو التعرُّف على المشكلات النفسيَّة والسلوكيَّة التي يعيشها المتعلِّمون، ومن أبرز فروعه علم النفس الطفل وعلم النفس النمو ،وعلم النفس المراهقة.[4]
علم النفس المدرسي:مجال الاشتغال
يشتغل علم النفس المدرسي على الطرق والأساليب المؤهَّلة لنجاح المدرِّسين والمعلِّمين والمربّين وجميع المتدخّلين في قطاعات التربية والتعليم، وهذا التقارب بين علم النفس المدرسي والعمليَّة التعليميَّة التعلميَّة، إنما يحصل من أجل المساعدة في النجاح المدرسي، وفي التأهيل المهني للمتدخِّل في قطاع التربية والتعليم.[5]
فالرفع من الجودة في المجال التربوي والتعليمي يتوقَّف على مدى الاطِّلاع على الإنجازات والنتائج والبحوث التي تحقَّقت في هذا التخصّص العلمي.
فلا نختلف إذا قلنا إنَّ غياب التكوين المستمرّ في المجال السيكولوحي للعنصر البشري المتدخّل في العمليَّة التعليميَّة من أسباب الإخفاق ومن تجليات التراجع في تطوير الكفاءات المتدخّلة في الميدان التربوي والتعليمي.
وعلم النفس المدرسي هو تخصُّص خادم لقطاع التربيَّة والتعليم في جميع جهاته و قطاعاته ومستوياته وأقطابه، بل هو خادم حتى لطرائق ومسالك التدريس والتعليم.[6]
فالمعلّم إذا أراد أن يفهم سلوك المتعلِّم ودرجته في التعلّم والتحصيل بالأقسام الأوليَّة والابتدائيَّة وحتى الإعداديَّة والثانويَّة، فلا بد من فهم المواقف النفسيَّة والسلوكيَّة والوجدانيَّة التي يوجد عليها هؤلاء المتعلمون، والجهة المعنية في هذا الفهم هي جهة علم النفس التربوي والمدرسي، لا سيما علم النفس الطفل والمراهق…[7].
وعليه نقول إنَّ علم النفس المدرسي لا يقتصر فقط على تشخيص الاضطرابات التي يمرّ منها المتعلِّمون والعمل على اقتراح علاجات لها، وإنَّما يدرس أيضًا الجو المدرسي والتفاعلات الصفيَّة بين المتعلِّمين، ويعتني أيضا المشكلات البيداغوجيَّة الناجمة عن تطبيق المناهج والمقرّرات الدراسيَّة، كأن تكون صعبة أو بعيدة عن اهتمامات المتعلِّمين وعن بيئتهم وحاجياتهم، أو يكون المنهج مكدَّسًا بالمعارف وتكاد تغيب في المهارات.
لقد كشفت الأبحاث والدراسات المنجزة في هذا التخصُّص أنَّ المتعِّلم يقبل على المدرسة وتزداد حافزيته على التعلّم والتعليم إذا هو وجد في المدرسة و في برامجها ما يلبّي حاجياته المعرفيَّة والوجدانيَّة بأن تكون مضامين البرامج التعليميَّة متضمِّنة الحافزيَّة والإثارة .
مجالات تدخل علم النفس التربوي
ومن أبرز الجهات والقطاعات التي يحضر فيها علم النفس التربوي والمدرسي:
– عمليَّة التشخيص النفسي والعقلي والطبي للمتعلمين في وضعيَّة صعبة.
– الأمراض العقليَّة والنفسيَّة والانحرافات السلوكيَّة كالشذوذ أو الجنوح.
-مناهج العلاج النفسي للمتعلّمين المنحرفين.
– التخلّف الدراسي وأسبابه.
التأخّر الدراسي
التعثّر الدراسي.
صعوبات التعلّم.
عدم التوافق والانسجام مع جماعة القسم
الهدر والانقطاع المدرسي
– العجز التعليمي أو الفشل الدراسي.[8]
ومن ابرز مجالات هذا العلم؛ مجال علم نفس النمو الذي هو فرع من علم النفس العام، ويهتمّ هذا الفرع بالمراحل التي يمرّ فيها ويقطعها الإنسان في نموّه في جميع مراحلها، وإن كان لكل مرحلة لها من التميّز والخصوصيَّة عن غيرها من المراحل، وهي بدورها تؤثِّر في المراحل الأخرى التي تليها، وإن كانت مرحلة الطفولة هي المرحلة الحاسمة في بناء شخصيَّة الإنسان، فأثرها يمتدّ ويستمرّ مع جميع المراحل اللاحقة.
استنتاج
وبكلمة مختصرة إنَّ علم النفس التربوي يسعى إلى تجويد العمليَّة التعليميَّة،من خلال دعوته وإلحاحه، أنَّ المتعلِّم هو الذي يجب أن يشيد تعلّماته ،وأن يعلم أن لا أحد يمكن أن يعوضه في هذه المهمَّة التي يجب أن يباشرها هو بنفسه.
[1] -علم النفس المدرسة لعبد الرحمان العيسوي: -مجلة المعرفة العدد:-1- السنة:2009.ص: 47
[2] –أسس علم النفس التروي تأليف مشترك بإشراف الدكتور يوسف قطامي ط2003دار الفكر:ص:14
[3] – التكوين السيكلوجي للمدرسين لمحمد مومن: مجلة دفاتر التربيَّة والتكوين العدد:8-9.السنة:2013.ص: 67
[4] مبادئ علم النفس التربوي عماد عبد الرحيم زغلول ط الثانيَّة السنة: 2002.دار الكتاب الجامعي ص:45
[5] -علم النفس المدرسي: لكامل محمد علي دار ابن سينا للنشر القاهرة: 2003ص: 17
[6] – علم النفس أصوله ومبادئه. القاهرة. عبد الخالق، أحمد محمد. دويدار، عبد الفتاح محمد إصدار دار المعرفة الجامعيَّة: 1999..
[7] – التعلم والشخصيَّة للدكتور محمد الشرعمجلة عالم الفكر:83- ع:2 -م13-س: 1983ص: 166:
[8] – النفس المدرسة لعبد الرحمان العيسوي: 47-مجلة المعرفة العدد:-1- السنة:2009.
____________
* محمد بنعمر.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.