اجتماعاخترنا لكمالتنويريسلايدر

الرواية الفلسطينيَّة

يمكننا القول إن المعركة الإعلاميَّة، ربما كانت العنصر الأبرز والفارق في العدوان الأخير على غزة، على جميع أصعدتها، ومواقع التواصل والصحافة العالميَّة.

أغلب متابعتي للعدوان كانت على منصَّة كلوب هاوس، وتحديدا في غرف الصهاينة أو الأمريكان اليهود المؤيدين لإسرائيل، ولا يمكنكم تخيُّل حجم التذمّر والغضب من انتشار الرواية الفلسطينيَّة والتضامن الشعبي، ليس في الوطن العربي والإسلامي، لا بل الغربي وتحديدا أوساط الشباب.

بالأمس كان هناك غرفة استضافت نائب القنصل العام لإسرائيل في جنوب شرق أمريكا أليكس جاندلر، كان يتحدَّث البعض أمامه بحرقة عن الروايات الفلسطينيَّة و”المحرَّفة” بحسب رأيهم، وكيف أصبحت أكثر انتشارا واتِّساعا وأن علينا فعل شيء لوقف انتشار هذه الرواية، ووجّهت سهام لعدَّة وسائل إعلاميَّة على رأسها شبكة الجزيرة “المدعومة حكوميا”، وتحديدا AJ+ بنسختها الإنجليزيَّة، حيث انتقد البعض عدم وجود شبكة إعلاميَّة إسرائيليَّة حكوميَّة تنافسها، وطالب بتوحيد الجهود لنشر ما يرونه حقيقة!. (رغم أنَّ كل وسائل الإعلام المعروفة عالميّا منحازة بطبيعة الحال).

 

بيلا حديد

انصبَّ الغضب على معظم المشاهير العالميِّين والتضامن الواسع في أغلب القطاعات، رياضة، إعلام، فن .. الخ حيث أن التغريدات والشروحات الفلسطينيَّة باللغة الإنجليزيَّة عمَّت وسائل التواصل، حيث أنَّ أحدهم قال: نحن اليهود في كل العالم 14 مليونا، بينما بيلا حديد لديها 40 مليون متابع على إنستغرام وحدها ولا تنفك عن النشر.

 

أعضاء الكونغرس

لطالما كان تضامن بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي مع العدوان يجري على استحياء، بتغريدات وتصريحات تمنح إسرائيل “حقّها بالدفاع”، وتتضامن مع المدنيّين، إلا أن هذه المرّة كان الحال مختلفا؛ فنشاط رشيدة طليب والهان عمر كان له أثر واضح على بعض أعضاء الكونغرس أمثال ألكساندريا أوكاسيو التي وصفت إسرائيل بالابارتايد، ودعمت مشروعا لوقف المساعدات العسكريَّة الأمريكيَّة لإسرائيل.

الشاهد أنَّ تفاعل اوكاسيو في بداية العدوان لم يكن ذلك الشي الذي يذكر، لكن دعم المناصرين للقضيَّة الفلسطينيَّة على صفحاتها وتفاعلهم معها على تويتر منحها جرأة أكبر وكان من الواضح تدرّجها في الدعم والتفاعل على صفحاتها.

 

تي في شو (الابارتايد)

ربما الحدث التلفزيوني الأبرز بالنسبة لمناصري القضيَّة الفلسطينيَّة كان دخول جون اوليفر على الخط، الذي يشاهد برنامجه نحو 4 ملايين شخص، ووصفه إسرائيل بـ(الابارتايد) ومنحه 10 دقائق من برنامجه الأسبوعي أغلبها مهاجما لإسرائيل. وليس عنه ببعيد مداخلة تريفر نواه على صفحة برنامج “ذا ديلي شو”، الذي انتقد الردّ الإسرائيلي العسكري على غزة، ورفض “الردّ على الصواريخ” بتفجير غزة وقتل مدنييها. وهناك الكثير من المشاهدات الأخرى والكثيرة.

 

معاداة الساميَّة

كان من الواضح جدا تساقط تهمة “معاداة الساميَّة” أمام التأكيد على “معاداة الصهيونيَّة”، فلم تعد هذه التهمة مرعبة كما كان في السابق، ويمكن بوضوح النشر والحديث كل على منصته دون التردد من إلصاق التهمة فيه.

الشاهد، أنَّ هذه الحرب لم تكن كغيرها من الحروب، فالرواية الفلسطينيَّة انتشرت على نطاق واسع غير متوقّع ووصلت لشرائح لم تكن لتصلها بدون هذه الحرب.

لا يمكن الحكم على نتائج العدوان بحجم الخسائر الماديَّة فقط، فهناك حقا ما هو أوسع، سياسيا وإعلاميا.

_______

*أحمد مريسي


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة