الخيال الخلاق في تصوّف ابن عربي

image_pdf

مرَّ ما يقرب من نصف القرن على صدور هذا الكتاب الذي يعتبر نقطة تحوّل حاسمة في التجربة الفكريَّة لنهري كوربان، والتي كانت أبحاثه عن أبي عربي ثمرة جهود استطاع من خلالها أن يخرج قاضي قرطبة وصاحب كتاب “الفتوحات المكيَّة” من التهميش الذي عانى منه طويلاً سواء في الدراسات العربيَّة الاستشراقيَّة أو لدى الباحثين العرب وقتها.

إنَّ أصالة ابن عربي، أحد أكبر المتصوّفة في كل العصور والأزمنة، لا تمكن فقط في القوَّة البنائيَّة لفكره، إنما أيضا في الغنى الفائض في تجربته الشخصيَّة. وفي المقدّمة المهمَّة للكتاب يضعنا كوربان فى قلب عصره. وهكذا فإن الشرق والغرب يبدوان لنا وجهين يمكننا أن نتبين ليس فقط ملامحهما المميزة، وإنما أن نمسك أيضا بسرهما العميق . فمن جهة ثمة في الغرب فلسفة ولاهوت يتواجهان باستمرار، وفي المشرق ثمَّة ميتافيزيقا نابعة من فلسفة وتصوّف ظلا متلازمين هذه الخريطة الروحانيَّة تمكّننا من التمييز بين الإسلام الروحاني والإسلام التشريعي.

نظراً لتعقّد كتابات الشيخ الأكبر وسيادة النظرة الطرقيَّة للتصوّف العربي والإسلامي، لذا ظلّ ابن عربي شبه مجهول في الغرب كما في العالم العربي، قبل أن يسلّط عليه كوربان الأضواء ويعيد له مكانته المتميّزة في الفكر العربي الإسلامي.

إزاء ذلك كلّه تكتسي هذه الطبعة، الصادرة عن منشورات الجمل، ترجمة فريد الزاهي، أهمّيتها الخاصَّة والراهنة في تسليط الضوء على أحد أهمّ المتصوّفة العرب.

جديدنا