الثورة الكوبرنيكية في التربية؛ مقاربة فلسفية في مفهوم التربية الحديثة
” لا تعلِّموا أطفالكم القراءة بل علموهم أن يضعوا كل ما يقرؤونه موضوع تساؤل وشك،علّموهم أن يضعوا كل الأشياء موضع تساؤل وشك واختبار”/ جورج كارلين.
شهدت الساحة الفكرية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولادة منظومات فكرية مشحونة بطاقة نقدية موجهة إلى التفكير التربوي والممارسات التربوية التقليدية السائدة. واستطاعت هذه الرؤى النقدية الجديدة أن تتجاوز حدود ما هو كائن إلى ما يجب أن يكون، وتنأى عن الماضي والحاضر في سعيها نحو المستقبل، وهي لم نقف عند حدود تفسير الحقائق القائمة فحسب، بل عملت وبصورة مستمرة على إعادة بناء هذه الحقائق وتكوينها وإبداعها من جديد، رفضا للبحث فيما هو موجود أو في أسباب وجوده، وسعيا إلى بناء تصورات جديدة عن كيفيات الوجود. وباختصار كانت هذه الحركات الفكرية النقدية تؤسس في المستوى التربوي لما يجب أن يكون من منطلق ما هو كائن بحثا في شروط الكينونة وأسباب التكوين. ومهما يكن أمر النزعات التربوية الأكثر حداثة فإنه لا يمكن لنا أن نفهم طبيعة هذه الممارسات النقدية إلا من خلال وعي نقدي متقدم بطبيعة التربية الحديثة وطبيعة الثورات التربوية التي ولّدتها في سياق نمائها وتطورها وتتابع تموجاتها.
ارتبط اسم التربية الحديثة بأسماء مفكرين عمالقة تفتقت عقولهم بأبدع عطاءات الفكر التربوي عبقرية وإدهاشا، ومن منا لا يقف اليوم إكبارا وإعجابا بالفكر التربوي الإنساني الذي فاض عن عبقرية جان جاك روسو، وكانط، ونيتشة، ورابليه، وإيراسموس، ومونتين، وبستالتوزي، وبياجيه، وفروبل، ومونتسوري، وفرويد، وكلابارايد، الذين يُشهد لهم بأنهم حققوا ثورة تربوية عارمة في عطائها النقدي ضد الممارسات التربوية التقليدية لمعاصريهم([1]).
لقد أحدثت التربية الحديثة عبر اندفاعات العقل التربوي منذ عصر النهضة حتى اليوم ثورات متلاحقة في المفاهيم والتصورات والفلسفات وأساليب العمل والممارسات. ويمكن القول أن هذه الثورة التربوية تجد ثوابتها في ثلاثة أقانيم مركزية:
أولا: يتمثل الأقنوم الأول في الأهمية المتعاظمة للعلوم التربوية الوليدة والعلوم النفسية الناهضة حيث أعطت هذه العلوم للمفكرين والكتاب والمنظرين دفعة علمية بعيدة المدى مكنتهم من تجاوز التقاليد التربوية بسماتها الباردة والجامدة ومن ثم العمل على تأسيس تربية جديدة على أسس علميّة وعملية في الآن الواحد. وقد قدّر لعلم النفس بارهاصاته القديمة والحديثة أن يلعب دورا كبيرا في إطلاق القدرات وفي تفجير الإمكانيات العبقرية للمفكرين والمنظرين حيث قدم لهم أساسا سيكولوجيا علميا مكنهم من الانطلاق إلى آفاق أرحب مكن التربية أن تتحول إلى علم تطبيقي بالدرجة الأولى.
ثانيا: ويبرز الأقنوم الثاني في التجليات السياسية للتربية حيث بدأت السياسة تفعّل التربية في مشاريع إصلاحية مجتمعية بعيدة المدى ومتوسطة الأبعاد وقصيرة الأجل. ويأخذ هذا الاتجاه السياسي مداه في الموجة الثانية للاتجاهات التربوية الجديدة ولاسيما بعد الحرب العالمية الثانية.
فعلى أثر الحرب العالمية المدمرة التي ألمّت بالإنسانية، ظهرت إرادة إصلاح شاملة تعتمد تربية السلام والتسامح والمواطنة من أجل أمن الإنسانية وتقدمها وتتجه هذه التربية إلى البحث عن نموذج لإنسان جديد أكثر قدرة على تجاوز أمراض التعصب والكراهية والعدوان. وتتجلى هذه التربية في العمل المنظم من أجل إزالة كل أشكال التعصب والعنصرية والعدوانية وكل الأسباب التي تؤدي إلى الحرب والدمار. ويمثل أصحاب هذا التيار الاتجاه الطبيعي في التربية حيث يستمدون عناصر تفكيرهم من جان جاك روسو، ومن سار على نهجه من المربين والمفكرين.
ثالثا: ويأخذ الأقنوم الثالث للتربية الحديثة طابعا روحيا وإنسانياً يجسد مختلف الطموحات الإنسانية التي يسمو بها إيمان الناس وإحساسهم الإنساني. تقول ماريا مونتسوري في هذا الخصوص “في الوقت الذي تم فيه اكتشاف قوانين نمو الطفل وتطوره تم اكتشاف الروح وحكمة الله التي أودعها في الطفل، ولذا يجب على التربية أن تعمل على اكتشاف الحلول للمشكلات التي نواجهها في أصل القوانين الكونية للوجود. وفي هذا السياق يرى أدولف فيرييرAdolphe Ferrière ” إن مهمة التربية يجب أن تكون في تحقيق سمو الروح وصفاء النفس الإنسانية. ومن هنا المنطلق بدأ المفكرون التربويين في موجة ما بعد الحداثة يؤكدون أهمية النزعة الإنسانية والروحية في التربية جنبا إلى جنب مع أهمية الجوانب العلمية والسياسية. فالجانب الإيماني في الناس يشكل منطلق الفعل الأخلاقي كما يشكل صمام الأمان في حركة الإنسانية نحو السمو الأخلاقي والروحي.
ويصف كوزينيه أهم السمات والخصائص الأساسية للتربية الحديثة في مجال الطفولة على النحو التالي: إن التربية الحديثة تتمثل في رؤية جديدة للطفل قوامها فهم الطفل، ومحبته واحترامه والصبر على تربيته، والتسامح والقبول، ولاسيما في مرحلة الطفولة المبكرة. والتربية الحديثة هذه تتطلب من المربي قبول أخطاء الطفل وهفواته وإخفاقاته وتردده وخجله ([2]).
الأساس السيكولوجي للتربية الحداثية
شهد القرن العشرين ولادة مدرسة التحليل النفسي على يد سيغموند فرويد Sigmund Freud 1856-1939 الذي أحدث ثورة في التصورات وفي القيم والمعايير السيكولوجية والتربوية كاشفا عن المجاهل الكبرى للنفس الإنسانية، كما أنها قدمت للبشرية إمكانيات هائلة في معرفة خصائص النفس الإنسانية، وفي تحديد مراحل النمو السيكولوجي للشخصية، وفي الكشف عن متاهات الأعماق الإنسانية. وفي دائرة هذه المدرسة يشار إلى أعلام مثل إريك إريكسون (Erikson, Erik 1902-1994)، الذي قدم رؤية سيكولوجية تربوية لمستويات نمو الذات عند الأطفال. ويمكن الإشارة إلى نظرية جان لاكان Jacque Lacan كإحدى الأبعاد المتطورة لنظرية التحليل النفسي وخاصة في تحديد بنية اللاشعور اللغوية وفي الكشف عن تخوم جديدة في أعماق النفس الإنسانية، ويمكن الوقوف أيضا عند نظرية ميلاني كلاين Melanie Klein 1882- 1960 وخاصة في تأكيدها على خصوصية الأنا والطفولة وانبثاق الذات في مرحلة الرضاعة المبكرة. ومن أعلام هذه المدرسة ينظر إلى تلامذة فرويد ولا سيما الفرد أدلر A.Adler ( 1870- 1937)، وكارل ويونغ Jung ( 1875- 1961)، ثم إريك فروم Erich Fromm (1900-1980).
وفي أحضان هذه المرحلة التاريخية تنامت الاتجاهات المعرفية في علم النفس التربوي والتعليمي حيث يشار إلى ولادة نظريات النمو المعرفي ولا سيما نظرية جان بياجيه Jean Piaget (1896-1980) التي كرست لدراسة مراحل النمو المعرفي والإدراكي عند الطفل.
وتضم التربية الحديثة كوكبة من المفكرين الكبار أهمهم:
– المربية الإيطالية المشهورة ماريا مونتسوري Maria Montessori ) (1870-1952
– المربي الفرنسي إدوارد كلاباريد Edouard Claparede) 1873-1940)
– المربي السويسري أدولف فيريير ( Adolphe Ferrière 1879 – 1960)
– المربي الفرنسي روجيه كوزينيه (Roger Cousinet 1881-1973)
– المربي الفرنسي سيليستان فرينيه Célestin Freinet ) 1896-1966)
– المربي البلجيكي أوفيد دوكرولي Ovid Decroly) 1871-1932).
– المربي الأمريكي جون ديوي 1859 John Dewey) – (952زعيم النزعة البرغماتية في التربية والفلسفة.
– المربي وعالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركهم Emil Durkheim) 1858-1917).
لقد استطاع هؤلاء المفكرون عبر نظرياتهم وتصوراتهم الفكرية التربوية إحداث ثورة كوبرنيكية في عالم التربية فبددوا أوهام التربية التقليدية وأسقطوا أقنعتها المظلمة. وتتمثل هذه الثورة الكوبرنيكية في تحويل الاهتمام المركزي للتربية من عالم الراشدين إلى عالم الطفل وبنيته السيكولوجية الداخلية. وغالبا ما يجري التعبير عن ذلك بالقول أن هذه الثورة استطاعت أن تحدث انقلابا في المفاهيم والتصورات التربوية وأن تجعل عالم الطفل الداخلي باهتماماته وميوله وطبيعته منطلق العملية التربوية وغايتها. في التربية التقليدية كانت التربية تركز على العالم الخارجي للطفل وتحاول أن تجعل منه كيانا يتشكل على منوال العالم الخارجي أي عالم الراشدين. والطفل في هذه التربية التقليدية صفحة بيضاء ينسج عليها الراشدون مقتضيات عالمهم دون أن يأخذوا بعين الاعتبار هذا الغنى الكبير الذي يتضمن عليه التكوين النفسي للأطفال.
إن النقطة الأساسية التي انطلق منها المفكرون الحداثيون في التربية واجمعوا عليها هي تحقيق القطيعة مع الممارسة التربوية التقليدية في المضمون والشكل والجوهر، ونجد هذا التصور في نص يعود إلى فرينيه الذي يقول: “يوجد بين مناهج التربية التقليدية ومناهجنا اختلاف جوهري”، ومن غير أن يؤخذ هذا التباين بعين الاعتبار فإن أي فهم للتربية الحديثة سينطوي على الكثير من المغالطات والأخطاء، فالمناهج التقليدية هي مناهج مدرسية وقد ولدت وجربت وأعدت من أجل أن تمارس في الوسط المدرسي، وهو وسط يفرض أنماطا وأساليب ومناهج وقيم مختلفة عن الأساليب والمناهج والقيم الخاصة بالوسط غير المدرسي الذي يتمثل بوسط العمل والحياة والذي نطلق عليه الوسط الحي، ونحن نرى بأن الوسط المدرسي غير عقلاني ومتخلف وخطر وذلك بالمناسبة إلى الوسط الاجتماعي والحي والمعاصر، وعلى خلاف ذلك فإن التربية يجب أن تعمل على بناء إنسان المستقبل في الطفل وهو الإنسان القادر على إدراك حقوقه وأداء واجباته في العالم الذي يوجد فيه حيث يتوجب عليه أن يكون فاعلا ومسيطرا على عالمه هذا” ([3]).
وفي هذا المستوى يقول جون ديوي “إذا استطاع المرء أن يتأمل بعمق في الفلسفة السائدة في الممارسة التربوية الحديثة يستطيع كما يبدو لي أن يميز مجموعة من المبادئ المشتركة في مختلف المدارس النقدية الموجودة وذلك على الرغم من الاختلاف القائم بينهما، فكل ما يفرض من الخارج يتعارض مع مفهوم الثقافة الشخصية، فالنظام الخارجي يتعارض مع النظام الحر، والتعليم الذي يجري عبر الكتب المدرسية يتعارض مع التجربة، وهذا أيضا يحدث في التعارض بين اكتساب العادات عبر أسلوب الترويض مع هذه التي تكتسب في نسق ارتباطها في بالحاجات الإنسانية العميقة، وهنا أيضا يجري التعارض بين مهمة التحضير للمستقبل مع مهمة الإعداد للحاضر والمستقبل في آن واحد، وأخيرا يمكن الإشارة إلى التعارض بين الأهداف التي تحددها مناهج ثابتة ستاتيكيه وبين التعامل مع عالم متغير دائما([4]).
وهذا النص كما هو واضح يعتمد على نسق من التعارض المنظم بين عدد من المفاهيم المتعارضة التي نوضحها في الجدول التالي:
الخروج من عدمية التفكير التربوي الكلاسيكي
إن الاكتشاف الأهم في التربية الحديثة يعود إلى جان جاك روسو الأب الروحي للاتجاهات التربوية الحديثة ويتمثل هذا الاكتشاف في القول بأن الطفولة ليست مجرد مرحلة عابرة أو جسر للوصول إلى مرحلة الرشد، فالطفولة ليست تحضيرا لمرحلة الرشد وإعداد لها بل هي قيمة في ذاتها قيمة عظيمة وكبرى في حياة الإنسان، إن المبدأ الأساسي التي ينطلق منه روسو ويطلقه نداء إنسانيا في هذه المرحلة هو: دعوا الطفولة تنمو في الأطفال يسروا لها ألعابها ومسراتها ووفروا لها أجواءها المفرحة. ففي هذه المرحلة يجب أن لا نجعل الطفل يبحث عن مخرج ينطلق منه إلى عالم الرشد والمسؤولية، وألا ندفعه إلى مغادرة هذه المرحلة بسرعة كبيرة، بل وعلى خلاف ذلك كله يتوجب علينا أن نتعايش مع هذه المرحلة ونحييها ونغنيها ونعيشها بكل ما تحتاج إليه من زمن ممكن و‘إمكانيات متاحة، وهنا تكمن الجدة والأصالة في مرحلة الطفولة، وهي الأصالة والجدة التي أطلق عليها كلاباريد وبدون مبالغة اسم “الثورة الكوبرنيكية في التربية Révolution copernicienne وتلك هي الفكرة المحورية التي تحكم كل أشكال التربية الجديدة والتي تميزها عن التربية التقليدية القديمة.
لقد كانت التربية التي عهد روسو تتمركز حول إعداد الطفل ليصبح راشدا بصورة مبكرة، إنها المرحلة التي كان فيها الطفل ينتزع انتزاعا من طفولته ويقهر قهرا على مغادرتها قبل الأوان، إذ يتوجب على الطفل منذ ميلاده حتى بلوغه أن ينضج سريعا وعلى عجالة. وعلى خلاف ما كان سائدا في عصر روسو تنادي التربية الحديثة بالعمل على تفتح الطفولة وتحقيق ازدهارها في الأطفال، فعلى الطفولة أن تكتمل وتنضج على نار الزمن الهادئة. ولأننا نقر بوجود راشدا كاملا في صورة رجل فإنه يجب علينا أيضا أن نعترف بوجود طفولة ناضجة للأطفال. ونحن عندما نسمح للطفل في أن يكون طفلا كما يجب عندها نستطيع أن نبحث في مسألة انتقال الطفل إلى مرحلة الرشد ([5]).
وفيما بعد روسو اكتشفت التربية الحديثة القيمة الإنسانية والوظيفية للطفل، لقد كان روسو في حقيقة الأمر أول من اهتم وشغل بمسألة الطفولة وهو أول من قدم إجابات إبداعية حول هذه المسألة حتى أن التربية الحالية ليست سوى تعبيرا عن أفكار مطورة ومتعددة لجان جاك روسو. لقد كان روسو يعتقد أن الإنسان الذي لم يعش مرحلة طفولة حقيقية هو إنسان خطر ومعرض للخطر في آن واحد. فالصعوبات والخبرات السيئة للطفل قد تضعه في طريق الهاوية والانحراف كما أن الطفولة الهادئة والسعيدة قد تؤدي إلى بناء الإنسان القادر على مواجهة التحدي والتغلب على الصعاب. لقد أولى روسو لطبيعة الطفل أهمية خاصة وعالجها على نحو لا يفتقر إلى العبقرية فالطفولة مرحلة غنية بإيحاءاتها وخصوصياتها وتضاريسها وهو في هذا السياق يبرز بعض السمات والخصوصيات التي تتفرد بها مرحلة الطفولة ومنها :
أن الطفل يمتلك عقلا خاصا ويتميز بطبيعة خاصة تختلف عن طبيعة الراشدين. فالطفل ليس راشدا صغيرا وإنما هو صغير الراشد وهذا الصغير يتميز بوضعية متفردة تميزه عن الراشدين .
يحتاج الطفل إلى توازن من نوع خاص.
يحتاج إلى نضج من نوع طفولي.
سعادة الأطفال والطفولة هي النقطة المركزية في تربية الأطفال.
طبيعة الطفل خيرة وما من شر أصيل في النفس الإنسانية. فالطفل طاهر وبرئ وكل شيء يخرج من يد الباري خير يفسد بين يدي الإنسان. فالطفل لا يمتلك نزعة شريرة بل يمتلك كل صنوف الخير والعطاء وهو يصور الطفولة على أنها بعد من أبعاد الوجود الإنساني ونموذج إنساني فريد بأبعاده وتطلعاته([6]).
الثورة الكوبرنيكية تربويا Révolution copernicienne
يرى كلاباريد صاحب مقولة الثورة الكوبرنيكية في التربية أن التغير الانقلابي المذهل الذي أحدثته النظريات الحديثة في التربية، يشبه التحول الثوري في علم الفلك الذي حدث مع اكتشاف كوبرنيكوس لمركزية الشمس حيث تبين نظرية كوبرنيكوس بوضوح أن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليست الشمس هي التي تدور حول الأرض كما كان سائدا في علم الفلك القديم عند أرسطو وأقليدس.
لقد كان التلميذ في التربية التقليدية يدور حول المنهج، فجاءت التربية الحديثة لتحدث انقلابا بدأت فيه المناهج وعلى خلاف ما هو معهود تدور حول التلميذ، وأصبح الطفل هو محور المجموعة التربوية بعد أن كان يدور في هامشها.
وهذا يعني كما يرى جون ديوي أن الطفل هو نقطة البداية وهو المركز كما أنه الهدف في العملية التربوية في التربية الحديثة. إن الثورة التربوية هذه استطاعت أن تؤدي إلى انقلاب حقيقي في المعايير والعلاقات التربوية السائدة، فالتربية ليست رهن بالمعارف العلمية لعلم نفس الطفل فحسب بل هي رهان موقف جديد من الطفل يرتكز على فهم الطفل وحبه ( كما فعل بستالوتزي) وعلى احترام الطفل وتحقيق حاجاته والصبر عليه، إنه الموقف الذي يؤكد على قبول الطفل كما هو عليه وقبول الطفولة كقيمة إنسانية أو مرحلة ضرورية في عملية نمو الطفل وازدهاره، وفوق ذلك كله فإن التربية الحديثة هذه تؤكد أهمية التسامح وقبول أخطاء الطفل وإخفاقاته واندفاعاته على مبدأ الإيمان الراسخ بأن الطفل هو طفل مهما يصدر منه ومهما يكن من أفعاله، وعلى مبدأ الاعتقاد بأن الطفل بقدر ما يكون طفلا كاملا يستطيع أن يكون في المستقبل رجلا كاملا. وهنا يجب التأكيد أيضا على أن الطفل يجب أن يعيش السعادة وفي أجواء الإحساس بالبهجة والحرية ويجب أن يكون سعيدا حتى ولو كان ذلك على حساب الأهداف التربوية التي نسعى إليها، وأن مهمتنا كراشدين وكمربين هي أن نبقي الطفل قدر الإمكان وبقدر ما نستطيع في حالة الطفولة والبراءة التي تزدهر في مرحلة الطفولة. ويجب علينا نحن أيضا أن ننعم ببراءة هؤلاء الأطفال ونتشبع بعطاءاتها، وذلك بدلا من العمل على تشكيل الأطفال من خلال نظرتنا للكون والحياة. يجب هنا أن نؤمن بأن الطفل يمتلك في ذاته كل شروط التربية الحقيقية ولا سيما هذا النشاط العارم الذي لا يتوقف أبدا وهو الذي يشكل فعالية تربوية حقّة تؤكد نماءه ونضجه وتقدمه أيضا، وهذا يعني أن مساعدتنا للطفل ليست ضرورية بل توجيهنا له هو الضروري في العملية التربوية برمتها([7]).
ثورة المفاهيم:
تحدد تصوراتنا عن الطفل والطفولة مفهومنا عن التربية، وهذا يعني أنه يجب على المربي أن ينطلق من الصورة الحقيقية بين إمكانيات الطفل وبواعث حركته واندفاعاته وبين المهمات المدرسية التي توكل إليه وهذا يعني مجموعة من النقاط التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي:
– أهمية العلاقة بين عالم الطفل وعالم المدرسة.
– أهمية العلاقة بين المعرفة وحاجات الطفل.
– مبدأ الحاجات التربوية حيث يؤكد كلاباريد على هذا المبدأ عند الطفل وينادي بتوليد قابلية الطفل و شهيته إلى المعرفة لأن الطفل يجب أن ينطلق نحو المعرفة كما ينطلق نحو الطعام.
– مركزية الاهتمام في العملية التربوية. وهنا يؤكد جون ديوي يتحدث على مبدأ الاهتمام الحقيقي عند الطفل، ويرى أن الطفل يمتلك على حاجات أصيلة في نفسه وذاته، وفي الوقت الذي تتماهى فيه الذات مع فكرة أو موضوع ما فإن الاهتمام يلغي المسافة التي تفصل بين وعي الأشياء والنشاط الذي يرتبط بهذا الوعي، وعلى خلاف ذلك فإن الجهد يحدث القطيعة بين الأنا والفعل والميل إلى التنفيذ([8]).
– مبدأ النشاط والعمل: وهنا يبدع سيلستان فرينيه Celestin Freinet مفهوم العمل واللعب Travail Jeu، ويرى أن النشاط الذي يتحرك في أعماق الإنسان يتحول إلى وظيفة، ومن ثم فإن ممارسة هذا النشاط تعطي نوعا من الرضى والإحساس بالثقة.
وفي هذا الصدد يؤكد كوزينيه Cousinet بأن حاجات الطفل تحد مسار حياته، ففي إطار التربية التقليدية نجد تحديدا ضيقا مفتعلا للوسط التربوي، وهذا الوسط يفرض على الطفل أن يحقق تكيفه وفقا لعناصره.وعلى خلاف ذلك فإن التربية الحديثة تنطلق من حاجات الطفل وميوله واهتماماته بوصفها العناصر الأساسية لبيئة الطفل ومن ثم تعمل على تنظيم هذه البيئة لتحقق إشباعا متوازنا لمختلف عناصر هذه البيئة وهذا يعني أن التربية الحديثة تكيف البيئة لحاجات الطفل على خلاف ما يحدث في التربية التقليدية.
ومع أهمية ما يطرح حول قضية الحاجات ومفهوم الحاجات المركزية عند الطفل يجب على المرء أن يتساءل عن إمكانية إخضاع هذه المفاهيم وهذه التصورات للرؤية النقدية، ألا يمكن لنا على سبيل المثال أن نخلط بين الحاجات الثقافية والحاجات الطبيعية عند الطفل؟ ألا يمكن لهذه التربية أن تقود إلى تحويل التربية إلى نوع من الأفعال التي تهتدي بقوانين البيولوجيا؟
وهنا يمكن لنا أن نبحث القيمة الكبرى التي تعطى للطفولة مقابل هذه التي تعطى لمرحلة الرشد كما نرى عند كوزينيه الذي يؤكد بأن الراشدين هم الذين يحققون مكاسب عندما يعطون للطفل الفرصة الأكبر في أن يكون طفلا وأن يبقى زمنا أكبر في مرحلة البراءة.
المدرسة الفعالة:
لقد تبلورت مفاهيم وتصورات التربية الحديثة في ما يطلق عليه بالمدرسة الفعالة ( L’école active) وقد ظهرت هذه المدرسة في نهاية الستينيات من القرن العشرين ولاسيما في ثنايا الخطاب التربوي الحداثي الذي حقق انتشارا واسعا. وفي أصل فكرة المدرسة الفعالة توجد فكرة ممارسة الحرية والاستقلال l’exercice de l’autonomie وتتضمن هذه المدرسة منظومة من الأفكار التربوية أهمها:
يكون العمل بالتعاقد وليس بالفرض والإكراه.
توليد إحساس الحرية والمسؤولية عند الطفل في كل مستويات نشاطه وعمله(نصوص حرة، بريد، مدرس، صحف، مناقشات، أبحاث)
يوضع الطفل أو التلميذ في مواجهة صعوبات وتحديات حقيقية من نوع تربوي.
يكون شعار هذه المدرسة المبادرة والحرية والمسؤولية وهي الثلاثية المختلفة في المفاهيم المركزية لهذه المدرسة. ففي المدرسة الفعالة، كل شيء حتى المناهج نفسها يجب أن تنبع وبصورة عفوية من المبادرات العفوية للتلاميذ ومن اقتراحاتهم الموجهة والمحددة من قبل المعلم، ويتم ذلك بصورة تلقائية وعفوية([9]).
هذا ويميز دانيل هاملين بين تصورين أساسين للطفل الفعال هما:
– عنفوان الإرادة: تحت اندفاعات الإرادة يتحرك الطفل ويتصرف ويعمل على توجيه ذاته بذاته ويكون فعله طوعيا دون إكراه.
– عنفوان الحركة: حيث يعرف الطفل باللهو والنشاط المتنوع وتتمركز حركته الحرة حول الاهتمامات الفاعلة المتجددة دون إكراه.
المدرسة المفتوحة
يعد مفهوم المدرسة المفتوحة L’école ouvert من أهم المفاهيم الأساسية للتربية الحديثة وذلك لأن الثورة الكوبرنيكية في التربية استطاعت أن تحطم الأفعال وتكسر القيود التي تكبل المدرسة التقليدية. وينطوي مفهوم المدرسة المفتوحة على معادلة من الأفكار أهمها:
– تحقيق أجل المصالحة بين الثقافة والمدرسة والحياة.
– المدرسة يجب أن تفيض بمختلف النشاطات والفعاليات التي تشكل لحظات أساسية في حياة الطفل.
– تكون اللغة في المدرسة لغة واقعية وتكون مفرداتها حية تعبر عن التواصل الأصيل والحقيقي.
– تكون المعرفة معرفة تجريبية ناجمة عن علاقة التلميذ بالتجربة الحية.
– تكون مجموعة الأطفال جماعة حقيقية أو مجتمعا حقيقيا بكل ما ينطوي عليه من ممارسات وفعاليات.
صورة المعلم في التربية الحديثة:
إن فعل المربي يجب ألا يمارس على الطفل بصورة مباشرة بل يجب أن يتجه نحو الوسط الذي يعيش فيه الطفل. فالمربي يعمل على تنظيم الوسط بطريقة يستطيع معها الطفل أن يعبر عن ذاته وأن يتعلم بطريقة نشطة وفعالة، وذلك لأن المعرفة التي ترتبط بحاجات الطفل هي التي تسمح بإعادة تنظيم الوسط وربطه بإمكانيات جديدة لنمو الطفل وازدهاره. وينطلق هذا التنظيم من مبدأ احترام الطفل وعفويته، وهذا يعني أنه يجب تنظيم الوسط بطريقة تسمح للطفل بالتقدم بما يتوافق مع إمكانياته الخاصة. والسؤال هنا هل يعني أن وظيفة المعلم قد انتهت ولم تعد هناك حاجة إليه؟ أو هل يعني ذلك أن هذه الوظائف قد تغيرت كليا وأصبحت من معطيات الوسط المدرسي ذاته؟ تلك هي القضية التي شغلت المفكر الفرنسي سيندر Synders في كتابه التربية التقدمية([10]).لقد شكلت التربية التي فعّلتها المربية ماريا مونتسوري تعد نموذجا من نماذج التربية الحديثة. وفي هذه التربية تعلمنا منتسوري كيف تتحول سلطة العلم من التأثير المباشر على التلميذ إلى التأثير في معطيات الوسط الذي يحيط بالتلميذ.
خلاصة:
يمكن تحديد التربية الحديثة بصورة استراتيجية بمعيار تعارضها مع التربية التقليدية وذلك وفقا لأنساق محددة من المفاهيم التي تتصل بغاية التربية، ومناهجها، ومفهوم الطفولة، ومفهوم المدرسة، ودور المعلم، وطبيعة النظام التربوي، وطبيعة العملية التربوية.
ويمكن لنا أن نقدم صورة مقارنة للتربية الحديثة والتربية التقليدية بأسلوب منهجي في الجدول التالي :
مقارنة بنيوية بين التربية التقليدية والتربية الحديثة([11]).
وفي النهاية نقول بأن التربية الحديثة ترتبط بمبدأ الثورة الكوبرنيكية ولاسيما فيما يتعلق بمهماتها في داخل المدرسة وخارجها: فبدلا من التركيز على أهمية المتطلبات المجردة والخارجية للمجتمع أو للمدرسة في عملية التربية يجري التركيز في التربية الحديثة على حاجات الأطفال واهتماماتهم من أجل بناء وسط تربوي يمكنهم من النجاح وتحقيق الازدهار والتكامل الداخلي لشخصياتهم([12]).
ومهما يكن أمر التفسيرات التي تقدم في هذا الخصوص فإن عقائد التربية الحديثة ( كما هو حال مختلف العقائد التربوية ) يجب أن تناقش بعمق في مختلف أبعادها وتحليلاتها التربوية والعلمية والسياسية والاجتماعية والفلسفية.
ومع أهمية ما ذكرناه من مفاهيم حول دلالة التربية الحديثة فإن التربية الحديثة لا يمكنها أن تحدد بطريقة بسيطة عفوية عبر مقارنتها بالتربية التقليدية فهي تمثل حركة إنسانية عميقة ومعقدة استطاعت أن تحكم ممارسات القرن العشرين، وهي حركة لا تنفصل عن أفكار المجتمعات الإنسانية وتطلعاتها كما يقول فيليب راينود Philippe Raynaud: ” إن التربية الحديثة هي ترجمة مرئية لمنطق الديمقراطية الحديثة لأنها تتمركز حول حاجات الفرد واهتماماته([13]).
وفي سياق المقارنة بين التربية الحديثة والتربية التقليدية يطيب لنا أن نورد الوصف الرائع الذي نجده عند المربى الشهير ” فيريير A. Ferrière ” صاحب كتاب ” التربية الفعالة([14]). L’école active يقول فيه مقارنا بين النمطين التربويين التقليدي والحديث : ” إن الطفل يحب الطبيعة، ولكننا نحبسه في عرف مغلقة، وهو يحب اللعب، ولكننا نطلب منه أن يدرس ويجتهد، إنه يحب أن يرى نشاطه يتجسد في أداء خدمة معينة، ولكننا نحاول أن لا يكون لنشاطه أي غاية أو هدف. إنه يحب أن يمسك الأشياء بيديه، بيد أننا لا نفسح المجال إلا لذاكرته، هو يحب الكلام ولكننا نكرهه على الصمت. وهو يود أن يحاكم الأمور ونود نحن أن يحفظ، يحب أن يبحث عن العلم فنقدمه له ممضوعا جاهزا، ويهوى أن يسير على هواه فنخضعه لنير الراشد. إنه ينزع إلى أن يتحمس للأمور، فنبتكر له العقاب جزاء له، ويؤثر أن يقوم بخدماته عفو الخاطر بملء حريته ونعلمه الطاعة السلبية ” ([15]).
ومهما يكن أمر التفسيرات التي تقدم في هذا الخصوص فإن عقائد التربية الحديثة- كما هو حال مختلف العقائد التربوية الأخرى- يجب أن توضع على محك الاختبار والمناقشة في مختلف أبعادها وتحليلاتها التربوية والاجتماعية والفلسفية.
هوامش ومراجع الدراسة:
[1]– E. Durkheim, Nature et méthode de la pédagogie, En éducation et sociologie, Edition Alcan, Paris, 1911, pp85-86.
[2] -E. Durkheim, Nature et méthode de la pédagogie, Même source
[3]– Célestin Freinet, Méthode naturelle et méthodes traditionnelles, In La Méthode naturelle, Marabout, Paris, P. 28.
[4]– J. Dewey, expérience et éducation, Armand colin, Paris, 1968,P.60.
[5]– Roger Cousinet, L’éducation nouvelle, Neuchâtel, Delachaux et Niestlé, Paris, 1968, P.27-28
[6] – Regarde : Georges Snyders, La Pédagogie aux 17 eme et 18 eme siecle, Paris, PUF, 1970.
[7]– Roger Cousinet, L’éducation nouvelle, Neuchâtel, Delachaux et Niestlé, Paris, 1968, P.22-23.
[8] -Regarde:J. Dewey, l’intérêt et l’effort, In l’école et l’enfant, Viesté, Paris,1912, Paris Nies.
[9] – Regarde : Daniel Hmeline, l’école active, textes fondamentaux, PUF, Paris, 1965 .
[10] – Regarde :Georges Snyders, La pédagogie progressiste, PUF, Paris, 1971
[11] -Clermont Gauthier, la pédagogie, théorie et pratique de l’antiquité a nos jour, Montereal, Gaeton Morin, 1996.
[12] – Philippe-Raynaud, et Poul Thiboud, La fin de l’école républicaine, Calmann-levy, Paris, 1990, P 58.
[13] – Phillippe Rayanoud, l’école et la démocratie, Le Dedat, n 64, Narub-auril- Paris, 1991, P 42
[14] Ad.Ferrière : l’école active , Delachaux et Niestlé, 5ème, édition, 1946.
[15] عبد الله عبد الدايم ، التربية عبر التاريخ ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ط3، 1978، ص 517.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
كانت هناك حركات فكرية تؤسس في المستوى الفكري بحثاً في شروط الكينونة وأسباب التكوين. أعطت العلوم للمفكرين والكتّاب دفعة علمية بعيدة المدى لتجاوز التقاليد التربوية ثم العمل على تأسيس تربية جديدة على أسس علمية وعملية كما وصف كوزينيه أهم السمات للتربية الحديثة وإنها تتمثل في رؤية جديدة للطفل والتسامح والقبول . قدّم التحليل النفسي للبشرية إمكانيات هائلة في معرفة خصائص النفس الإنسانية. وتتمثل الثورة الكوبرينيكية في تحويل الاهتمام المركزي للتربية من الراشدين إلى الأطفال وبنيتهم السيكولوجية الداخلية.
يعطيك العافيه دكتور على المقاله الجميله وايضاً اعجبتني مقوله جورج كارلين ” لا تعلِّموا أطفالكم القراءة بل علموهم أن يضعوا كل ما يقرؤونه موضوع تساؤل وشك،علّموهم أن يضعوا كل الأشياء موضع تساؤل وشك واختبار” واتفق بان تكون المدرسة يجب أن تفيض بمختلف النشاطات والفعاليات التي تشكل لحظات أساسية في حياة الطفل.وان تكون اللغة في المدرسة لغة واقعية وتكون مفرداتها حية تعبر عن التواصل الأصيل والحقيقي وايضاً تكون المعرفة معرفة تجريبية ناجمة عن علاقة التلميذ بالتجربة الحية.
طالبه عايشه منصور
شكرا دكتور على المقالة الرائعة ، العلوم قدمت للمفكرين والكتاب دفعه علميه لتأسيس تربية جديده تقوم على اسس علميه وعمليه ومن اهم سمات التربيه هي رؤيه جديده للطفل والتسامح والقبول أيضا ، وعقائد التربيه الحديثه يجب ان تناقش بعمق والمربي يجب ان لا يمارس يجب ان يتجه نحو الوسط الذي يعيش وينمو فيه الطفل وان عقل الطفل له طبيعه خاصه ومختلفه عن الراشدين وان النقطه الأساسيه التي انطلق منها المفكرون هي تحقيق القطيعة مع الممارسه التقليديه في المضمون والشكل والجوهر ويرى جون ديوي ان الطفل هو نقطه البداية وهو المركز كما انه الهدف في العمليه التربويه في التربية الحديثه
يُصنّف المربي الأمريكي جون ديوي ضمن كبار فلاسفة التربية الذين أنجبتهم الإنسانية عبر تاريخها الطويل، وذلك تقديرًا لإنتاجه الفكري والتربوي الغزير الذي وضعه في خدمة أمته الأمريكية خاصة، والمجتمع الإنساني بصفة عامة، والذي تجسد في عشرات المؤلفات التي بسط نظريته التربوية الرائدة فيها.
لقد عبر ديوي عما قام به بالثورة الكوبرنيكية، وهو محق في ذلك، لأن دلالات وتأثيرات أفكاره لم تكن بعيدة عن نتائج ما قام به كوبرنيكس في علم الفلك- وإن كان ذلك في مجال مختلف –فإذا كان هذا الاخير قد غير مركز الكون إلى الشمس، فإن ديوي غير مركز العملية التربوية الى الطفل بعد ما كان ينظر إليه خطئا أنه في المعلم أو الكتاب المدرسي .
جزاك الله خيراً استاذي الفاضل ..
الطالبه : فرح سعد ضيف
بالفعل اتفق مع مقولة جورج كارلين وهي “لا تعلِّموا أطفالكم القراءة بل علموهم أن يضعوا كل ما يقرؤونه موضوع تساؤل وشك،علّموهم أن يضعوا كل الأشياء موضع تساؤل وشك واختبار” صحيح انه القراءة مهمة وانها مفتاح العقول وطريق لنضج الأفكار ووسيلة لرقي الانسان وتميزه ولكن ما فائدة القراءة فقط دون ان فهم معنى ما نقرأهُ ؟ لا فائدة تُذكر من القراءة دون الفهم ووضعه تحت موضع اسئلة فهذهِ الطريقة الصحيحة للقراءة والثقافة ورقي الفكر ، اما عن صورة المعلم في التربية الحديثة اتفق بان فعل المعلم ينبغي الا يمارس على الطفل بصورة مباشرة بل ينبغي عليه انه يتوجه نحو الوسط الذي يعيش الطفل .
يقول كارلين “لاتعلموا اطفالكم القراءة بل علموهم ان يضعوا كل مايقرؤونه موضوع تساؤل وشك”
ان المدرسه تؤثر على الطفل تأثيرا كبيرا ،فيجب ان تتيح جميع المجالات التي تنمي قدرات الطفل ومن اهم سماتها رؤية جديده للطفل فإن عقل الطفل له طبيعه خاصه ومختلفه عن غيره.
جورج كارلين ” لا تعلِّموا أطفالكم القراءة بل علموهم أن يضعوا كل ما يقرؤونه موضوع تساؤل وشك،علّموهم أن يضعوا كل الأشياء موضع تساؤل وشك واختبار” مقولة تستحق التامل والتفكير العميق الجيد فيها ، فعلا مافائده القراءه فقط ! قراءه بدون تساول بدون تفكر ، بدون فهم ذاتي ، القراءه الاجباريه بدون حب للتطلع تجعل الشخص فقط قارىء وليس مفكر متساول ، القارئ ليس له اي فائده بوجهة نظري قرائته على غير معنى لانه يقرأ ولا يتفكر يقرأ ولا يستوعب ققط تحشيه للعقل ، ك التعليم ف بلادنا يعمل على تحشيه الدماغ بالمعلومات للاختبار وبعد الاختبار؟ يستفرغ المعلومات لا فائده من قراءه دون تفكر انتهى!
“لاتعلموا اطفالكم القراءة بل علموهم ان يضعوا كل مايقرؤونه موضوع تساؤل وشك” مع هذه المقولة وبشده لان الطفل لا يحتاج القراءة دون فكر او وعي حتى لا يصبح كالاله تقرا فقط دون ان تحلل او تفسر او تفهم او تركب ؛ لذا نادى نخبة من العلماء والباحثين بالانتقال من التربية الى التقليدية الى التربية الحديثه لانها تلبي حاجات المجتمع داخل المدرسة وخارجها حتى تحقق الازدهار والتكامل في شخصية الافراد وكما يقول فيليب راينود ” إن التربية الحديثة هي ترجمة مرئية لمنطق الديمقراطية الحديثة لأنها تتمركز حول حاجات الفرد واهتماماته. ويجب ان نركز على التربية الحديثة عند الطفل تحديداً لانه هو نقطة البداية وهو المركز وااهدف في العملية التربويه في التربية الحديثه كما يرى جون ديوي .
اعتقد اننا بزمن يجب فيه الاعتماد على كل طريقة واسلوب ” حديث ” لان وكما نعرف ان التربية الحديثة اكثر فعالية من التربية التقليدية ، وباعتقادي ان التربية التقليدية تركز على الذاكرة والحفظ والاستماع فقط . الطفل هو محور العملية التربوية ، لذلك يستحق الطفل تربية حديثة تقوم على اساليب جديدة متطورة تعاصر مجتمعنا الحديث وهاذا هو دور ( المدرسة ) التي من المفترض ان تتبع اسلوب حديث بدلا من التلقين بما انها الخطوة الاولى لكل طفل .
مقال جيد دكتور
” لا تعلِّموا أطفالكم القراءة بل علموهم أن يضعوا كل ما يقرؤونه موضوع تساؤل وشك،علّموهم أن يضعوا كل الأشياء موضع تساؤل وشك واختبار” الطفل بحاجة للتفكير والقراءه معاً ، حتى يستطيع ان ينجز اشياء كثيره فالاثنان مرتبطان مع بعض ان سقط الاخر لن يستفيد من شي واحد فقط ، و وجود المعلم في التربية الحديثة مهم جداً ، ف من نحن بلا معلمين ؟ وانا اتفق مع نظرة جون ديوي للطفل ف هو فعلاً نقطة البداية و هو المركز والتربية الحديثة توكد اهمية التسامح وقبول اخطاء الطفل وان الطفل يبقى طفل مهما فعل او اصدر ، و لابد تحمله وتلبية رغباته
قد عبر ديوي عما قام به بالثورة الكوبرنيكية، وهو محق في ذلك، لأن دلالات وتأثيرات أفكاره لم تكن بعيدة عن نتائج ما قام به كوبرنيكس في علم الفلك- وإن كان ذلك في مجال مختلف –فإذا كان هذا الاخير قد غير مركز الكون إلى الشمس، فإن ديوي غير مركز العملية التربوية الى الطفل بعد ما كان ينظر إليه خطئا أنه في المعلم أو الكتاب المدرسي .
لقد عبر ديوي عن ثورته هذه بشكل واضح عندما قال في كتابه الشهير الموسومب “المدرسة والمجتمع 1899” إن مركز الجاذبية واقع خارج نطاق الطفل، إنه في المعلم… في الكتاب المدرسي، بل قال في أي مكان تشاء عدا أن يكون في غرائز الطفل وفعالياته بصورة مباشرة… وفي الوقت الحاضر إن التغيير المقبل في تربيتنا هو تحول مركز الجاذبية، فهو تغير أو ثورة ليست غريبة عن تلك التي أحدثها كوبرنيكس عندما تحول المركز الفلكي من الأرض إلى الشمس، ففي هذه الحالة يصبح الطفل الشمس التي تدور حولها تطبيقات التربية، وهو المركز الذي تنظمها حوله.
استفدت من المقاله الكثير
اهمية وجود المعلم بالتربية للطفل وتعليم الاطفال وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها فالعلم ثروة ونحن نبني المستقل على اساس علمي والتعليم للأطفال خاصة يزرع ومهمة المعلم ان يتقن التعليم للاطفال لانهم يتبنون بتعليمهم على يد معلميهم وان تعليم القراءة والكتابة ممل بعض الشيء ، ولكن على المعلم ان يخفف هذا الملل بطرق مشوقة والمعلم الناجح هو أهم اعمدة التعليم الناجح
استفدت كثيراً من المقاله .
التربية كانت ما زالت عند البعض تكون ديكتاتورية أي كل ما يقوله المعلم صحيح حتى و إن كان معارض لتفكيره و بدأت التربية بتطور و ظهور علماء كبار حاولوا بأن يزيلون هذه الفكر بأن يجب على الانسان أن يعارض و يشك بدأت بأظهار علوم حديثة مثل علم النفس وهي تطورات العقل و الانسان و دخلت التربية في الجانب السياسي و دخلت التربية في علم الكون و الأرواح لذلك حاول المفكرين ب جعل الأطفال اكثر تطور و ابداع بفعل ما يرى صحيح حتى أن عارض الكثير
مقال رائع دكتور فنحن في زمن يجب ان نعتمد فيه على كل الطرق والاساليب الحديثة
فالتربية التقليدية من وجهة نظري تركز على مبادئ الاتكالية ورفض اللعب كوسيلة تربوية
فتقتل عنذ الاطفال كل معاني ونوازع الفعل والعطاء والوجود
فالطفل الذي يعيش في بيئة تمارس اساليب التربية الحديثة يكون اكثر ذكاء وقدرة على الانجاز
واكثر اعتماداً على النفس على عكس الاطفال الذين خضعوا للتنشىة الاجتماعية التقليدية
واساليبها فهم يعانون من عقد النقص والدونية والقصور .
وفقك الله دوماً دكتورنا العزيز
اشكرك دكتوري الفاضل على هذه المقالة الشيقة المفيدة ، فنحن بعصر اصبح فيه الطفل وعالمه هو المركز التي تدور حوله المناهج، اما بالنسبة للتربية التقليدية فإنها تلغي دور الطفل الأساسي براءته، وتجعله وسيله للوصول لمرحله الرشد بسرعه تحقيقاً لمطالبهم وتقليداً لمعتقداتهم، لاغين الاضرار النفسية والضغط الذي يشعر فيه الطفل بأنه ليس من المفترض ان يكون طفلاً وعليه ان يثبت بأنه راشداً مبكراً لإرضاء من حوله ، قد شدت انتباهي جمله – يعتقد روسو بأن الانسان الذي لم يعش مرحله طفوله حقيقيه هو انسان خطر ومعرض للخطر- فأنا أؤيد هذه الجملة والدليل بأنهم خطرون فإن الرجوع لأغلب المجرمين نجد بأن الخلل يقع في مرحله من مراحل طفولته ليس بالضروري ان تكون مأساويه وكارثيه لكن بالعادة لا تكون طبيعية مثلها مثل أي شخص عاش طفولته في بيئة طبيعية يسودها الهدوء أما بدليل انه معرض للخطر عادتاً عندما ينشأ طفل ببيئة متوترة او لم يعش طفولته كالبقية فإنه يصبح هش مُنقاد ضعيف الشخصية يخاف من ان يُبدي رأيه
استفدت من المقالة الكثير دكتوري الكريم