أبراج المحافظين الجدد العاجيَّة ومزالق الفوضى الخلاقة
يلج العالم اليوم عصراً جديداً، يجري فيه التحوّل من ثوابت القديم إلى الفضاء الجديد، ومن الخاصّ المعمّم إلى العام المخصَّص، ومن مفهوم الثبات إلى مفهوم التحوّل، ومن إشهار الأفكار بالإعلان عنها إلى الترويج لها بإحتكار فهمها وتعجيم مقاصدها، والخروج بها، في نهج الممارسة العمليَّة، من منظومة الأخلاق إلى ضمانات المصلحة، والسعي بها، في مستوى السياسة، من الرأسماليَّة الاقتصاديَّة إلى الرأسماليَّة الثقافيَّة، حيث يزداد تسليع العلاقات الإنسانيَّة، ويتمّ تحدِّي العديد من المفاهيم القيميَّة الأساسيَّة بشأن ما يشكِّل المجتمع الإنساني.
لقد دار نقاشٌ شَبَهٌ من هذه المقابلات والثنائيات في ندوة عن: “مؤشِّرات في الفكر السياسى الأمريكي”، نظَّمتها “هيئة الأعمال الفكريَّة”، بقاعة اتِّحاد المصارف بالخرطوم، مساء يوم الأربعاء 12/4/2006، ضمن سلسلة ندواتها الشهريَّة. ورغم أن الندوة لم تكن، كما عهد إليها عنوانها، عن المحافظين الجدد، غير أن سيطرتهم على مفاصل السياسة والحياة الثقافيَّة الحاضرة في الولايات المتَّحدة ركَّزت الحديث حولهم وصوَّبت النقاش عليهم، ساعد في ذلك إطلاع غالب الحاضرين على كتاب الدكتور فرانسيس فوكوياما: “المحافظون الجدد: أمريكا في مفترق الطرق”، الذى يتبرَّأ فيه من أخطاء زمرته ويفنِّد خطل نظرتهم ونظرياتهم.
ولست هنا بصدد سرد ما ذكرت في السياحة العامَّة للندوة،، التي وقفت فيها عند بعض المؤشِّرات الفكريَّة للسياسة الأمريكيَّة في العصر الحديث، ولكن لتبيان حقيقة جزئيَّة مرَّت في حديثي، حول ظاهرة المحافظين الجدد، دون أن يسعفها الوقت بشرح يعرفها، أو استفاضة تستجلي تناقضاتها الظاهريَّة. فقد ذكرت أن المحافظون الجدد اعتمدوا “الاحتكار” لـ”ترويج” أفكارهم، وفى ذلك مغالطة بينة لأصل الإعلان والبلاغ، إذ يعتمد “الترويج” في نجاح حملته على فكّ “الاحتكار” وتنشيط الدعوة للاستقطاب. ولكن عبقريَّة المحافظين الجدد هدتهم إلى هذه الحيلة “الجهنميَّة” في خداع قطاعات الصفوة من المثقَّفين والنخب الفاعلة في السياسة، الذين يسعون بطبيعتهم للتميُّز والخصوصيَّة، حتى ولو كانا في الانضمام لفكر لا يفهمون تجليات مقاصده. فجنح المحافظون الجدد إلى الغموض، ولم يعتمد فلاسفتهم وكتابهم اللغة السهلة ولا العبارات المباشرة لتوصيل أفكارهم، وإنما “تنطَّعوا” أقصى درجات “التنطّع”، وصعَّبوا أمر التلقي على من لا يريدون إلحاقهم بصفوفهم المحصورة كمّاً وكيفاً، فأنزلوا الناس منازل الشكّ في قدراتهم، واحتكروا المعرفة وقدرات التعبير عنها، وكأني بهم يقولون للناس: “من يأنس في نفسه الكفاءة فليصعد إلينا”. فتسارع المثقّفون للحاق بهم في أبراجهم العاجيَّة، لينزلوا من بعد بهم جميعاً إلى حاضرة الواقع الجديد وحضرة الوقائع المتغيِّرة.
وقد صمَّموا أخلاطاً من السياسة والفكر، لم تعهدها الإدارات الأمريكيَّة في عصورها الحديثة. وخلقوا وضعاً استثنائياً تلخّص في أن عمليَّة التفكير في الأحداث قد امتزجت كليّا بلحظة التعبير عن المواقف من تلك الأحداث، ولم تعد الأحداث السياسيَّة يتناولها رجل السياسة بل يتجاذبها معه رجل الفكر. رغم أن المنطلق يقول بتمايز الموقفين على أساس تقديريّ وغائيّ، فالسياسي براجماتي بالضرورة والمثقَّف متحرّر من قيود الفوائض العمليَّة، التي يُثمرها الإنجاز السياسي، لذلك تراه أقرب إلى تجسيد الحقيقة الموضوعيَّة، بينما المثقّف، في الحالة الأمريكيَّة الجديدة خاصَّة، يفصل هذه الحقيقة عن المرجعيَّة القيميَّة، التي تُلْهمهما الحكمَ المعياريّ بالضرورة، ويسقط الدين والأخلاق بين اهتمامات الشعب لا الحكام، أو بعبارة أخرى، الدين والأخلاق للشعب والحكم بغيرهما للحكام.
ومثلما فعلنا في المحاضرة، يمكن رصد العديد من التغيرات البنيويَّة، التي تشكِّل الخلفيَّة الفكريَّة والقاعدة التنظيميَّة للمحافظين الجدد، وذلك بتناول التحوّلات الفلسفيَّة، التي أدَّت لظهورهم وتنفّذهم، ودراسة أثرهم على إعادة التفكير في المؤسَّسة الأمريكيَّة السياسيَّة، والتأسيس المضطرب لعلاقاتها الإنسانيَّة، ومن ثم النظر إلى الكيفيَّة، التي يديرون بها المجتمع الأمريكي وحلمهم بإدارة مجتمعاتنا في القرن الحادي والعشرين، إن طاوعتهم آلة الحرب الغاصبة بالتدمير والانتصار بتقنين الفوضى.
والنقطة الأساسيَّة في فكر “ليو شتراس” الفلسفيّ، والتي بنى عليها المحافظون الجدد غالب تجسيداتهم الفكريَّة للسياسة الأمريكيَّة، هي “المهمَّة التاريخيَّة” للولايات المتّحدة، وهى أشبه بفكرة “الحقيقة المُتخيَّلة”، التي تقول بأن الناس في المجتمعات المعاصرة يعيشون في عالم مُصطَنع تتلاشى فيه الحدود بين الواقع والخيال ويندمجان، أو يفترض أن يتمّ ذلك بوقع الهيمنة الأمريكيَّة. ويمكن الاستشهاد بالرئيس الأمريكي الأسبق والممثِّل رونالد ريغن كنموذج لكيفيَّة انصهار الحقيقة والخيال في بوتقة واحدة في السياسة الأمريكيَّة، الذي رغم كونه كان قليل الحظّ من الثقافة والفكر إلاّ أنه حاول إنتاج “شيء حقيقي” في صراعات الحرب الباردة يدخل، بدرجة، أو بأخرى، ضمن العالم الافتراضي للمحافظين الجدد. ويعتمد العقل، الذي يعوّل عليه الفكر المحافظ الجديد في منازلته للمحافظين القدامى على إحداثيَّة الدين. وعلى إقصاء وإرهاب منظّم في عالم الأفكار، ويعتبر ذلك ردّ فعلٍ طبيعي على احتكار الأفكار ومصادرتها من قبل النظام المهيمن.
ويعكس هذا المنحى والمشهد الخاص، “الحقيقة الزائفة” للمحافظين الجدد، التي تعيش فيها السياسة الأمريكيَّة، إنها ببساطة واقع افتراضي يوحي بأنه واقع حقيقي؛ رغم أنه ليس كذلك، بل هو حقيقة إصطناعيَّة ينتجها من لا يفصحون عن حقيقتها، إلاّ أنها تبدو ماثلة لدرجة أنّ، الذي يعايش تفاصيلها يؤمن بأنها هي الحقيقة والواقع. والفكرة الأساسيَّة، التي يقوم عليها “الترويج بالإحتكار”، هي إيقاظ النخبة، التي ستقود عمليَّة تدمير “النظام” الحالي، الذي يتحكَّم بأذهان الناس. لذلك فإنّهم لا ينتهون عند حدّ السيطرة على الوضع القائم وإنما يوقدون جذوة الثورة المستمرَّة للتمكين للفوضى، التي تحدث “التدمير الخلاق”.
وقد طرحت في ندوة “هيئة الأعمال الفكريَّة” تساؤلات جوهريَّة ومهمَّة بشأن مستقبل الحضارة الإنسانيَّة في ظل هذا النزوع العدواني الجديد على كل المكتسبات الثقافيَّة والحضاريَّة للجنس البشري عبر العصور، وما يمكن أن يمثله استمرار تعدّيهم على الميراث الأخلاقي للشعوب، وما رفدته الفلسفات الخيرة، وركزته الأديان المقدَّسة، في وجدانهم من معاني الفضيلة والنبل والكرامة. إنهم يريدون تحويل كل جانب من جوانب الكينونة والحياة والثقافة الإنسانيَّة إلى حالة من الفوضى، إلى مجرد سلعة مبخوسة الأجر، وتجربة مدفوعة بحافز التدمير والتخريب، بينما تصبح “الفاشيَّة العالميَّة” الجديدة، كما عرفها مايكل لدين، هي الموجّه الأساس للحياة البشريَّة في عصر ما بعد الحداثة الأمريكي.
ويعجّ فكر المحافظين الجدد بمرجعيات فكريَّة وإشارات دينيَّة عديدة؛ فمنها، فكرة جهل الحقيقة وتحرير الذهن، التي هي أقرب للبوذيَّة، ومن الفلسفة اليهوديَّة لازوا بالبقعة الغاصيَّة ضدّ النظام الافتراضي للوجود، أما من المسيحيَّة فقد وردت رموز لا حصر لها، أولها “نيوNeo”، أو المخلِّص، الذي يترادف اسمه مع “الأَحَد The One”، في تبادل دلاليّ مقصود للحروف والكلمات، إلاّ أنّ المرجع الفلسفي الأساسيّ هو “ليو شتراوس”، الذي ما قال بالسياسة إلا ما يدعم منها خياراتهم الفضفاضة.
يعجّ فكر المحافظين الجدد بمرجعيات فكريَّة وإشارات دينيَّة عديدة؛ فمنها، فكرة جهل الحقيقة وتحرير الذهن، التي هي أقرب للبوذيَّة، ومن الفلسفة اليهوديَّة لازوا بالبقعة الغاصيَّة ضدّ النظام الافتراضي للوجود، أما من المسيحيَّة فقد وردت رموز لا حصر لها، أولها “نيوNeo”، أو المخلِّص، الذي يترادف اسمه مع “الأَحَد The One”، في تبادل دلاليّ مقصود للحروف والكلمات، إلاّ أنّ المرجع الفلسفي الأساسيّ هو “ليو شتراوس”، الذي ما قال بالسياسة إلا ما يدعم منها خياراتهم الفضفاضة.
إنَّ فكرة “ما فوق الواقع”، أو “فوق الحقيقة”، كانت هي واحدة من انشغالات المحافظين الجدد الفلسفيَّة، وبوجه خاص “ما فوق الواقع” الأمريكيّ، فأميركا ـ طبقاً لهم، قد شيّدت لنفسها عالماً أكثر “واقعيَّة” من الواقع نفسه، وهؤلاء الذين يقطنونه أناس مهووسون بالخلود والكمال وتمجيد ذواتهم، فالحقيقة هناك مُستبدَلة بنسخةٍ غير أصليَّة. وبالتالي، فإن حقيقتهم تلك قد حلّ محلها بديلٌ زائف، فلا شيء حقيقي هناك لأنّ الناس مكبّلون بالوهم. ولذا، فليس من دون قصد يهتف المحافظون الجدد مخاطبين للعالم بلغة الاستعلاء، التي تلغي وجوده من وعيهم، عالَم تحرّكهم فيه حوافزٌ مزيفة كزيف اعتقاداتهم.
لقد شكّلت الأفكارُ الفلسفيَّة المعاديَّة للثقافة الأمريكيَّة محورَ السياسة والفكر لدى المحافظون الجدد منذ الحرب العالميَّة الثانية حتى الآن، ومن الصعب على أيّ مفكّر، أو مثقَّف أمريكي “تسويق” نفسه دون الدخول في هذا التيار، الذي تحركه وتغذّيه عقدة النقص والصغار تجاه منظومات الأخلاق. وبالتالي، فإنها تجعلهم، دون أن يعوا ذلك، “نسخاً” وبدائلَ غير حقيقيَّة من الثقافة الرسميَّة لمجتمعهم، الذي يستهلك أفكاراً ينتجها هو ليستهلكها ثمّ يعيد إنتاجها من جديد. هذه الأفكار هي، التي جعلتهم صوراً مشوّهة مقارنة مع “النسخ” الثقافيَّة، التي تقوم منظومتهم الفكريَّة والسياسيَّة بإنتاجها، في الوقت، الذي تقوم فيه المؤسسة الثقافيَّة الأمريكيَّة “المزيّفة” بإنتاج منهج سياسي لا مثيلَ له في الحياة السياسيَّة الأمريكيَّة، تمثّل فيه أفكارُ “ليو شتراوس” الفلسفيَّة، المنتقدة للمؤسسة المحافظة التقليديَّة حجرَ الزاويَّة.
إننا لو تأمّلنا في ظاهرة المحافظين الجدد سنجد أنها كانت في البدء فكرةً أسَّس لها بعضهم بمداخل فلسفيَّة، ووجدت لها من يتبناها، ويخترق بها حواجز البنى الفكريَّة والدينيَّة للمجتمع الأمريكي، لتصبح فيما بعد إنجازاً ناجحاً يصفِّق له الآخرون، وهكذا كانت دائماً حركة المحافظين الجدد مليئةً بالعطاءات الفكريَّة والإنجازات الفلسفيَّة والنجاحات العمليَّة، ولذلك برزوا وكأنهم هم دون سواهم المؤهّلين للقيادة داخل الصفوة الأمريكيَّة، فتحكّموا بمقدرات السلطة وأحكموا السيطرة على نظامها الثقافي والسياسي والاقتصادي والمالي.
ورغم أن هذه الأفكار، التي يقدّمها المحافظون الجدد قد نراها بسيطةً وبديهيَّة ربما، إلا أنها في غاية التعقيد، وربما لو تأملنا قليلاً لوجدنا أن الكثير منها يرقد في أضابير فلسفات قديمة طرحت فيها ذات الإشكالات السياسيَّة بحال من الأحوال، فمن يكون قوياً فكرياً وثقافياً واقتصادياً يمكن أن يفرض نفسه سياسياً، هذه هي المعادلة اليوم، فالقوة للاقتصاد والثقافة والفكر، والتخطيط لتشكيل نظام إداري قوي مبني على أسس متينة، مكتفٍ قدر المستطاع بمصادره الذاتيَّة.
وفي خضمّ الإضطراب المنهجي، وهذه الحيرة الفلسفيَّة، يجد المحافظون الجدد أنفسهم موزعين بين الفكر والسياسة. فهم كائن ضائع، مضيَّع بين حقيقتين، حقيقتهم كمحافظين عاديين يعملون في مجتمع محافظ، وحقيقتهم السياسيَّة كمتمرّدين على النظام الأخلاقي المسيحي، الذي هو جزء من نسق الفكر السياسي المحافظ التقليدي، ومعبر عنه. هاتان الحقيقتان هما اللتان يتولد عنهما اضطراب القرار السياسي في الداخل والخارج، وبالتالي شقاء العالم.
بيد أنه تطرأ دائماَ ضرورة للتفرقة، في ميدان البحث والفكر، بين حالتين متناسقتين مركزيتين: مركزيَّة الفرد ومركزيَّة المؤسسة؛ والتاريخ الفكري الإنساني جميعه قد مرَّ بهاتين الحالتين المركزيتين. فإذا كان البحث والفكر في العالم يتمحور، في مرحلة من المراحل، حول فرد، نجد أنه انتقل في مرحلة تالية إلى مركزيَّة المؤسَّسة، أو بمعنى آخر، تعاقد مع حالة العصف الجماعي، أو العمل الجماعي في صناعة الفكر. والذي يطالع الفكر الغربي وتراثه الفلسفي، سيجد أن البحث، أو ما يمكن أن ينظر إليه على أنه مراكز للأبحاث على مستوى المؤسَّسة، موجود بالفعل، لأن المراكز، التي تنشط في البحث اليوم تنتج أفكاراً، وتقرر في الشأن العام، وترشد السياسات، وتؤهل الباحثين. والعالم المعاصر بتعقيداته قاد إلى تغيير المركزيَّة الفرديَّة، أي أنه أحدث تحولاً من الفرد إلى المؤسسة، وهذا التحوّل قاد نحو الانتقال من الاجتهاد الفكري الفردي إلى الاجتهاد الجماعي، إذا ما كانت هذه المراكز البحثيَّة ذات طبيعة فكريَّة.
ويتناول المفكّرون المحافظون الجدد في كتاباتهم حديث النهايات، إمعاناً في “احتكار” الحقيقة المطلقة، ومنذ الأيام الأولى، التي وضع ليو شتراوس نطرياته الفلسفيَّة، وسطَّر عندها دانيل بيل كتابه عن “نهاية الأيديولوجيا” مروراً برسل جاكوبى في نهاية المثقّفين “آخر المفكّرين” ونهاية العقل، أو “إغلاق العقل الأمريكي” لألن بلوم، و”نهاية الثقافة” و”نهاية العمل” و”نهاية الوقت” و”نهاية التاريخ” وحتى كتاب “نهاية الحياة” للقس الأمريكي والمرشَّح السابق للرئاسة الأمريكيَّة بات روبرتسون. وهى كتابات تمثِّل أبعاداً مهمَّة وتشكّل حجر الزاوية في فهم المتغيرات الفكريَّة في المجتمع الأمريكي، فقد تمّ من خلال طرحها صياغة رؤية مغايرة للأحداث والحقائق والمشغولات والوقائع والأمثلة الفكريَّة، وركزت في جزءٍ مهم منها على أن الفكر الحي هو الفكر القادر على خلق الحدث وانتاجه وصياغته وفرض القبول به. بمعطى تصديق مقولة إن الفكر الحي هو صلته المنتجة بالحقيقة، أى أنه اعتراف بقوة الحقائق من أجل المساهمة في صناعة وصوغ الأحداث وشهود تفاعلاتها والتحكم في مآلاتها، لا التفرج المستتر على الحركة الفعليَّة للآخرين وانتظار مفاجآت المستقبل.
الدكتور الصادق الفقيه
لندن 1/5/2006
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.