القتل بدافع الشرف.. أسبابه وعلاجه

image_pdf

الملخص

القتل بدافع الشرف إحدى الظواهر الموجودة في المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة ويختلف حجم هذه الظاهرة من بلد إلى آخر، ويعتبر هذا النوع من القتل اعتداء على حقِّ المرأة في الحياة، خاصَّة وأن هذا القتل كثيرا ما يتمّ بمجرد الشبه والاشتباه، وتفقد الضحيَّة حقّها في الدفاع عن نفسها، مما يجعل قتلها ليس كأي قتل آخر؛  كما أن في هذا النوع من القتل  افتئاتاً على سلطات الدولة وانتقاصا من وظيفتها.

لذلك تهدف هذه الورقة إلى تحديد مفهوم القتل بدافع الشرف وتحليل عناصره، ثم تنتقل إلى بيان الأسباب والمبرِّرات التي أدَّت إلى وجوده واستمراره في المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة، ثم دراسة هذه الأسباب وتقييمها من الناحيَّة الشرعيَّة، وبعد ذلك تتناول الورقة حكم هذا النوع من القتل من وجهة النظر الإسلاميَّة، وأخيراً تنتقل هذه الورقة إلى الحديث عن كيفيَّة علاج مثل هذه المشكلة والحدّ منها.

وتتناول هذه الورقة القتل بدافع الشرف في المطالب الآتية:

المطلب الأول: تعريف القتل بدافع الشرف.

المطلب الثاني: أسباب ومبرِّرات القتل بدافع الشرف.

المطلب الثالث: علاج ظاهرة القتل بدافع الشرف.

 

____________________

المطلب الأول

تعريف القتل بدافع الشرف وأسبابه

ويسمى بالقتل لغسل العار.

القتل بمسمَّى الشرف له أسباب عديدة، فقد يكون دفاعاً عن الشرف والعرض في مواجهة مغتصب، وقد يكون قتل للزوجة لزوجها إذا ما أرتكب الخيانة الزوجيَّة، ولكن ما يعينا هنا هو قتل الأنثى من قبل أحد أقاربها بسبب ارتكابها للزنا أو للاشتباه بارتكابها له أو للاعتقاد بسوء مسلكها.

هذا وقد انشغل كثير من الباحثين بتعريف جرائم الشرف وانتقدوا التعريفات القائمة الموجودة، ونحن نعتقد أنه يكفي الباحث أن يقدِّم تعريفاً إجرائياً يحدِّد مقصوده من هذه الجريمة.

 

أسباب القتل بدافع الشرف

  1. التمييز بين الرجل والمرأة:

تميِّز كثير من المجتمعات بين الذكر والأنثى، في كثير من الأمور وهي في الجوانب الجنسيَّة أكثر تمييزاً؛ فهي لا تؤاخذ ولا تعاقب الذكر إذا ما ارتكب جريمة الزنا، ولكنها تحاسب وتعاقب الفتاة أذا ما زنت أو حتى دارت حولها شبهة الزنا أو شكّ الأهل في سوء سلوكها.

وليس صحيحاً ما ذهب إليه أحد الباحثين من أن ” زنا المرأة أكثر معرّة وعاراً من زنا الرجل[1]” هذا ما تقضي به الأعراف والعادة، ولكنه ليس الحال في النظرة الإسلاميَّة والدليل على ذلك هو وحدة العقوبة على كل منهما، وهذا دليل على تساوي الفعل منهما.

وهذا التمييز أدَّى إلى أن يعتبر الشرف مسؤوليَّة الأنثى وحدها، فهي المسؤولة عن شرف وسمعة العائلة، ويجب عليها وحدها أن تصون عرضها صيانة لشرف العائلة حتى وإن كان بقيَّة أفراد العائلة لا يعرفون للشرف معنى.

  1. الاستقواء على الأنثى واعتبارها العنصر الأضعف في المعادلة.

من المعلوم أن الأنثى ضعيفة البنية رقيقة في طبيعتها، وقد أدَّى هذا الأمر إلى استقواء الذكور عليها، وللأسف فإن التتنشئة الاجتماعيَّة تكرِّس من مثل هذا المفهوم، إذ أنها تربي الأنثى على أن تكون الخادم المطيع لكل الذكور في داخل الأسرة زوجا كان أو ابنا حتى وإن كان أخاً، وقد أدَّت مثل هذه التربية إلى شعور الأخ بسلطته على الأخت وولايتها عليها ولاية عامَّة حتى في حالة وجود الأب، فليس مطلوبا منها أن تخدمه بل يجب عليها أن تستأذنه في تصرّفاته وفي خروجها ودخولها.

وقد نتج عن ذلك كله أن أصبح الأخ مسؤولا عن هذه الأخت له الحقّ في تأديبها وعقابها، بل وقتها أحيانا إن شكَّ في سلوكها، وقد كانت 69% من حالات القتل بدافع الشرف من قبل الأخوة، وهذا يدلّنا على هول المصيبة.

  1. المفهوم المغلوط للشرف

الشرف[2] كلمة تعني العلو[3]  والقدر والمكانة والرفعة، وقد قصرها الناس في هذا المجال على الابتعاد عن الفواحش المتعلقة بالناحيَّة الجنسيَّة، وقد حصروها في جانب المرأة ففعل المرأة وحدها هو الذي يدنس الشرف، أما الرجل فمهما فعل فلا يدنس شرفه شيء.

ولا شك أن الصيانة عن المدنسات الجنسيَّة تعتبر من الشرف في نظر التشريع الإسلامي، ولكن الشرف لا يقتصر على ذلك فهو شامل للأمانة والصدق والوفاء بالوعد وغيرها، فكلها مما يرفع من قدر الإنسان في الدنيا والآخرة وبضدّها ينتكس الإنسان ويرتدّ إلى أسفل سافلين.

فالشرف ليس هو الصيانة عن الزنا أو مقدّماته فقط، بل لم يعرف الإسلام الشرف بهذا المعنى، فالشريف ويعبِّر عنه القرآن الكريم بالتقي هو الذي يتجنَّب كل المحرّمات مهما كانت طبيعتها ومتعلّقاتها.

ففي واقع المجتمع نجد الكاذب بل نجد الزاني يعتبر أن شرفه في أن لا تمسّ محارمه، وهذا شيء عجيب، ولو أخذنا بالمفهوم العام للشرف لتخلّصنا من الكثير من الشرور والآثام.

وإن اعتبار المرأة وحدها هي المسؤولة عن الشرف أدَّى إلى زيادة نسبة الفساد الإخلاقي وارتفاع حالات الزنا والقتل بسببه؛ لأنّ أحد الطرفين يعتبر غير مسؤول عن فعله أبدا مما يجعله يتجاسر على هذا الفعل، ولو اعتبرنا الاثنين بنفس الدرجة؛ لاختلف الوضع ولقلَّت هذه الآثام والشرور.

 

إن اعتبار المرأة وحدها هي المسؤولة عن الشرف أدَّى إلى زيادة نسبة الفساد الإخلاقي وارتفاع حالات الزنا والقتل بسببه؛ لأنّ أحد الطرفين يعتبر غير مسؤول عن فعله أبدا مما يجعله يتجاسر على هذا الفعل، ولو اعتبرنا الاثنين بنفس الدرجة؛ لاختلف الوضع ولقلَّت هذه الآثام والشرور.

ثم إنَّ هذا الشرف يختلف الناس بتفسيره في هذا المجال، حيث يذهب البعض إلى اعتباره بالزنا والبعض الآخر إذا ظهر الزنا، بينما يذهب البعض إلى الأخذ بالشكّ، كما إن البعض يعتبر أن خروج الأنثى خارج بيتها[4] أو غيابها عنه ماسّا بالشرف حتى لو لم يحصل زنى، والأكثر من ذلك إن البعض يعتبر أن زواجها دون موافقة الأهل ماسّ بالشرف تستحقّ الأنثى القتل بناء عليه.

 

  1. العادات والتقاليد.

من المعلوم أن العادات والتقاليد لها سلطان وسطوة كبيرة على نفوس، ولعل أصعب وأغرب ما فيها أنها تجعل الشخص يخرج عن أحكام دينه وقد يخالف القانون، بل قد يؤدِّي به ذلك إلى الخروج عن مشاعره وعواطفه الإنسانيَّة خضوعاً لسطوتها وسلطانها، وهو ما أخبرنا عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهْوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ النحل:58-60.

فهذه الآية تصوِّر لنا سلطان العادات والتقاليد الجاهليَّة إيما تصوير، فالآية اعتبرت الإعلان عن ولادة الأنثى هو خبر سار[5]؛ لأن البشرى لا تكون إلا في الخير والأمر الطيِّب، ولكن عرف المجتمع وتقاليده قد خالفت ذلك واعتبرت أنَّ قدوم الأنثى هو عار يلحق بالأسرة، لذلك يسود وجه الأب[6] من سوء هذه البشرى ويمتلئ قلبه غيضاً[7]، ويتوارى[8] ويختفي عن الناس كالمرتكب لذنب عظيم، ويبقى يعيش في صراع نفسي بين عاطفته الأبويَّة التي تحمله على الاحتفاء بهذه الأنثى ومنحها الحقّ في الحياة، وبين عرف طاغ ظالم يعتبرها عارا يجب التخلّص منه، ولكن هذا الصراع لا يدوم طويلاً فلا بدّ من اتِّخاذ القرار، ومسايرة المجتمع، حتى وإن كانت الضريبة هي الدوس على مشاعره الأبويَّة والإنسانيَّة، فيعتبر أن دسّها في التراب هو الأسلم والأولى، وقد عقب القرآن الكريم على هذا العرف وعلى هذه العادات بأنها حكم ظالم، فقال تعالى:  ﴿ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾، يقول ابن عاشور:

ولذلك سمّاه الله حكما بقوله تعالى ألا ساء ما يحكمون ، وأعلن ذمّه بحرف ( ألا )؛ لأنه جور عظيم قد تمالأوا عليه، وخولوه للناس ظلما للمخلوقات، فأسند إلى ضمير الجماعة مع أن الكلام كان جاريا على فعل واحد غير معين؛ قضاء لحق هذه النكتة[9] . 

هذا وتصوِّر الكثير من الأمثال الشعبيَّة المرأة على أنها همٌّ للأسرة لا خلاص منه إلا بأحد أمرين:

إما أن يسترها قبر، فيزول احتمال عارها.

أو يسترها زوج، وحتى بعد زواجها يبقى احتمال همّها قائماً.

ومن هذه الأمثلة:

اللي يهمه زناهن ما بقناهن،اللي بتموت بنته من صفاوة نيته، إن ماتت أختك انستر عرضك .
البنت يا تسترها يا تقبرها، صوت حيَّة ولا صوت بنيه،همّ البنات للمات،همّ البنات للمات لو عرايس أو مجوزات، يا مخلفة البنات يا شايلة الهمّ للمات، موت البنات من المكرمات .

والملاحظ على هذه الأمثلة أنها تعتبر البنت همّاً، وهي قد تكون مجلبة للعار، مع أن النظرة الإسلاميَّة تختلف عن هذا كلياً، إذ اعتبر قدومها بشرى خير للأسرة، واعتبرها سببا لدخول الوالدين الجنة، وهي بضعة من الأب فقد ورد في الحديث عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن رسول الله () قال: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني[10].

لذلك وحتى نعالج هذا السبب يجب أن نقضي على ثقافة التمييز بين الرجل والمرأة، وهذا يقتضي إيجاد ثقافة جديدة تعمل المؤسّسات الرسميَّة وغير الرسميَّة على إشاعتها، ويجب أن يكون للمناهج الدراسيَّة وخطب الجمعة الدور الأكبر في ذلك.

لذلك كثيرا ما يرتكب المحارم القتل وهم غير مقتنعين به، ويقتلون لا لأنهم عدوانيون مضادّون للمجتمع، بل ليتوافقوا مع المجتمع، مع أن السلوك الجرمي لا يكون أبداً متوافقاً مع المجتمع.

وإنّ إقرار المجتمع بهذا النوع من القتل والسكوت عليه يساهم ويساعد في الإقدام عليه.

وهذا القتل ليس له أي سند ديني، وحتى الذين يقتلون لهذا السبب لا يعلنون أنهم يقتلون تطبيقاً لجانب ديني ممّا يضعف معه ما يقوله البعض من أن هذه الجرائم: قد تؤدّي إلى فقدان ثقة بعض الناس بالدين من خلال اعتقاد بعض الجهلة بأنه يبارك مثل هذه الجرائم، ويشكِّل غطاءً شرعيا لها[11]“.

  1. الاستفادة من الأعذار القانونيَّة:

تعطي بعض القوانين في الدول العربيَّة[12] الحقّ للقاتل بالاستفادة من العذر المبيح أو المخفّف لهذا النوع من القتل، إذ تنصّ المادة (98) من قانون العقوبات الأردني ما يأتي: يستفيد من العذر المخفَّف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محقّ وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه .

وتنصّ الفقرة 1 من  المادة (340) منه على ما يأتي:
يستفيد من العذر المخفّف من فوجئ بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبّسها بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معا أو اعتدى على أحدهما أو كليهما اعتداء أفضى إلى جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة أو موت.
وإن معظم القتل الذي يحصل إن لم يكن  كله لا يكون حال التلبّس بفعل الزنا، وغالباً ما يكون للاشتباه؛ لذلك فوجود مثل هذه النصوص في القانون يجعل البعض يتجرأ على هذا النوع من القتل مما يزيد في نسبة انتشاره.

  1. غياب القيم والجهل بأحكام الإسلام.

إن غياب القيم والأحكام الإسلاميَّة هي سبب رئيس لوجود من مثل هذه الجرائم؛ من حيث :

  • تأخير سنّ الزواج بسبب التعقيدات التي أدخلتها العادات والتقاليد على الزواج، مما حرَّم الشباب من الطريق المباح لإشباع حاجاتهم، فتوجّهوا إلى الطرق المحرّمة.
  • غياب الوازع الديني الذي يجعل الشباب يرتكبون الحرام دون تفكير بعواقبه الدينيَّة والدنيويَّة، مع العلم بأن الجميع يعلم حرمة الزنا وشناعته دينيا واجتماعياً، قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً  ﴾ الإسراء:32.
  • جهل موقف الدين من الوزن الاعتباري لهذه الجريمة يجعل الناس يتجاوزن في أفعالهم على حدود الشرع وأحكامه، فالإسلام يرى أن الناس خطاؤون، والمطلوب من الشخص التوبة، وإذا ارتكب خطيئة وحوسب عليها الحساب العادل عاد مواطنا عاديا وانتهت آثار جريمته، ومن بينها الزنا، ولم يستثن الإسلام من ذلك سوى القذف أي الاتّهمام بالزنا، حيث شدَّد في عقوبته، وجعل لها أثرا ممتدّا وهو ردّ الشهادة، وهذا للتحذير من اتِّهام الناس بأعراضهم دون دليل أو برهان.

 

  1. تقصير بعض أجهزة الدولة ومؤسَّسات المجتمع المدني:

من المعلوم أن فعل الزنا مستقبح  ومستنكر في مجتمعاتنا الإسلاميَّة خاصَّة من قبل الأنثى، وعندما يقدم شخص على قتل قريبة له دفاعا عن الشرف، ينظر الكثير من الناس إلى هذه المرأة على أنها تستحقّ القتل نظرا لما قامت به من فعل، لذلك يجد مثل الشخص العذر في الفعل الذي قام به، ويقابل بالتعاطف، حتى من المؤسَّسات القضائيَّة التي تبحث له عذر يخفِّف له العقوبة، أو إسقاط حقّ الأولياء الذين لا يعتبرونه حقّا أصلا، فالقاتل إنما قام بالفعل نيابة عنه، لذلك لا بد من تضمنهم في محاولة تبرئته.

  1. ضعف الترابط والتواصل الأسري

يعتبر الترابط الأسري والتواصل بين الأباء والأبناء من أكبر الضمانات لمنع وقوع مثل هذا النوع من الجرائم، لغياب مسبّباتها، حتى وإن حصل الخطأ ووقعت الأسباب فإن الأسرة المترابطة والمتماسكة تعرف كيف تواجه مثل هذه المشكلة وتعمل على علاج آثارها ومنع تكرارها، فالأسرة عندما تكون مترابطة تستطيع أن تتعرَّف على احتياجات أفرادها وتساعدهم على التغلب على مشكلاتهم، وقد كان سيدنا شعيبا مثالاً لهذا الترابط الأسري، قال تعالى:

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ القصص:26،27.

فالبنت طلبت من أبيها أن يستأجر موسى عليه السلام لقوّته وأمانته، ففهم الأب رسالتها فقال  الأب: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أُنْكِحَكَ﴾ هذا هو الترابط الذي يشعر فيه الأب بنبضات القلب ويستشعر الأحاسيس، هذا الترابط هو الذي يوجد الرحمة والمودَّة بين الأباء والأبناء، عندها لن تقوى يد الأب أو الأخ على أن تمتدّ بالسوء أو الأذى لواحد من أبنائه أو بناته.

 

يعتبر الترابط الأسري والتواصل بين الأباء والأبناء من أكبر الضمانات لمنع وقوع مثل هذا النوع من الجرائم، لغياب مسبّباتها، حتى وإن حصل الخطأ ووقعت الأسباب فإن الأسرة المترابطة والمتماسكة تعرف كيف تواجه مثل هذه المشكلة وتعمل على علاج آثارها ومنع تكرارها.

  1. أسباب خاصَّة لا علاقة لها بالشرف:

ثبت في حالات عديدة أن القتل بدافع الشرف قد اتَّخذ ستارا للوصول إلى مآرب خاصة، إذ يستطيع القاتل أن يتخلَّص من الضحيَّة ويجد في الوقت نفسه التعاطف الأسري والمجتمعي والعذر القانوني المخفف، فقد اتَّخذ وسيلة لأمور كثيرة منها:

  • حرمان الأنثى من حقّها في الميراث، فتقتل بدعوى الشرف.
  • الخلافات الماليَّة والعائليَّة، حيث يحصل القتل وحتى يبرّر القاتل قتله يغطيه بغطاء مقبول ومبرّر وهو القتل بدافع الشرف[13].
  • التستّر على جريمة، حيث يكون القاتل هو شريك الضحيَّة في فعل الزنا، فيجد أن أسهل وسيلة للتستّر على فعلته هو تحميلها للضحيَّة بالتخلّص منها.

 

المطلب الثاني

حكم القتل بدافع الشرف

قبل أن نبيّن حكم الإسلام في هذا النوع من القتل لا بد من عرض الحقائق الآتية:

  • إن الأصل في الإنسان هو العصمة مالا ونفساً وبدناً، وهذه العصمة ثابتة له يقيناً فلا ترتفع أمر مشكوك فيه؛ لأن اليقين لا يزول بالشك[14]؛ ولأجل ذلك اشترط القرآن الكريم وجود أربعة شهود على واقعة الزنا من أجل ثبوتها حتى من الزوج نفسه[15]، وبناء عليه فالاتّهام بالزنا لمجرد الاشتباه يعتبر حراماً، والتصريح به يعتبر قذفاً لا بد من إثباته وإلا وجبت العقوبة على القاذف قريباً كان أو غريباً، قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾،النور:4، وحتى الزوج نفسه إذا اتَّهم زوجته بالزنا فعليه الإثبات أو اللعان، وإلا وجبت عليه عقوبة القذف[16].
  • إن صيانة العرض والسمعة والشرف حقّ لكل إنسان، وعليه فللمرأة الحقّ في صيانة عرضها والمحافظة على شرف سمعتها، وليس شرفها شرفا للعائلة لهم المطالبة به أو التنازل عنه، بدليل أن الإسلام أوجب العقوبة على قاذف المرأة وحكم عليه بالفسق، حتى وإن كان الزوج نفسه هو القاذف، وإلا فقد وجبت العقوبة على القاذف، وعليه فكيف لشخص أن يتَّهم غيره، ثم يحرم ذلك الشخص من الدفاع عن حقّه، مما يجعل الجريمة مركبة.
  • دعا الإسلام إلى التثبّت والتحقّق قبل اتّخاذ المواقف وإصدار الأحكام، فقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ الحجرات:6، وبناء عليه لا يجوز أخذ الإنسان بالشبهة، والشكّ سواء في الاتهام أو في العقوبة، والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله () جاءه أعرابي فقال يا رسول الله: إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال هل لك من إبل؟ قال نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: فأنى كان ذلك؟ قال: أراه عرق نزعه قال فلعل ابنك هذا نزعه عرق [17].

فالنبي () بين أن الشكّ لا معنى له ولا يجوز الاعتماد عليه في إثبات النسب أو نفيه، ولا يصح أن يكون دليلاً على الزنا.

وعن  ابن عباس رضي الله عنهما ذكر التلاعن عند النبي () فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ثم انصرف وأتاه رجل من قومه يشكو أنه وجد مع أهله رجلا فقال عاصم ما ابتليت بهذا إلا لقولي، فذهب به إلى النبي () فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله آدم خدلا كثير اللحم، فقال (): اللهم بين فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن النبي ()  بينهما فقال رجل لابن عباس في المجلس هي التي، قال النبي (): لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه فقال لا تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء [18].

 

ويقول الشوكاني: وقد استدلَّ المصنف رحمه اللّه بقوله ()‏:‏ ‏(‏لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتها‏)‏ على أنه لا يجب الحدّ بالتّهم ولا شك أن إقامة الحّد إضرار بمن لا يجوز الإضرار به وهو قبيح عقلًا وشرعًا فلا يجوز منه إلا ما أجازه الشارع كالحدود والقصاص وما أشبه ذلك بعد حصول اليقين لأن مجرد الحدس والتهمة والشكّ مظنة للخطأ والغلط وما كان كذلك فلا يستباح به تأليم المسلم وإضراره بلا خلاف[19]‏.‏

يقول ابن حجر: قال المهلب : فيه أن الحدّ لا يجب على أحد بغير بينة أو إقرار ولو كان متّهما بالفاحشة،  وقال النووي : معنى تظهر السوء أنه اشتهر عنها وشاع ولكن لم تقم البينة عليها بذلك ولا اعترفت،  فدل على أن الحدّ لا يجب بالاستفاضة .

  • إن الدولة وحدها هي من يحتكر الحقّ في العقاب حتى لا ينزلق المجتمع في الفوضى، وبالتالي يعتبر العقاب خارج دائرة القانون هو افتئات على حقّ الدولة ويتعبر انتقاصا من سلطانها وهيبتها، خاصة وأن الدولة لا تقدم على العقاب على الجرائم إلا بعد ثبوتها وتحققها من ذلك، مما يفسح المجال للمتهم للدفاع عن نفسه، وقد نص فقهاء الإسلام على أن الدولة هي من يتولى المعاقبة على الجرائم، وفي هذا يقول ابن قدامة: لا يجوز لأحد إقامة الحد، إلا للإمام أو نائبه، لأنه حقّ لله تعالى، ويفتقر إلى الاجتهاد، ولا يؤمن في استيفائه الحيف، فوجب تفويضه إلى نائب الله تعالى في خلقه، ولأن النبي () كان يقيم الحدّ في حياته، ثم خلفاؤه بعده” .
  • إن الستر على أهل البلاء هو أولى من فضح أمرهم والتشهير بهم[20]؛ لقوله () :من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة[21]” يقول ابن حجر: أي رآه على قبيح فلم يظهره أي للناس، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه،  ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكر عليه ونصحه فلم ينته عن قبيح فعله ثم جاهر به،  كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء،  فلو توجه إلى الحاكم وأقر لم يمتنع ذلك والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد انقضت،  والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها فيجب الإنكار عليه وإلا رفعه إلى الحاكم،  وليس من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة،  وفيه إشارة إلى ترك الغيبة لأن من أظهر مساوئ أخيه لم يستره[22] .

ولأن الستر أدعى للتوبة وينأى بالمخطئ عن أن يكون منبوذاً بين الناس، كما يحمي المجتمع من الحديث عن الرذيلة وانتشار أخبارها، وهو الذي حذَّر منه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾،النور:19.

يقول سيد قطب :الجماعة المسلمة لا تخسر بالسكوت عن تهمة غير محقّقة كما تخسر بشيوع الاتهام والترخص فيه، وعدم التحرّج من الإذاعة به، وتحريض الكثيرين من المتحرّجين على ارتكاب الفعلة التي كانوا يستقذرونها, ويظنونها ممنوعة في الجماعة أو نادرة. وذلك فوق الآلام الفظيعة التي تصيب الحرائر الشريفات والأحرار الشرفاء; وفوق الآثار التي تترتب عليها في حياة الناس وطمأنينة البيوت[23]

 

تلك هي الأسباب التي تؤدِّي إلى القتل بدافع الشرف، والسؤال المطروح هو ما هو موقف الشريعة من هذا النوع من القتل؟

لا شك أنّه لا يوجد في الشريعة قتل بدافع الشرف بالمفهوم الذي بيناه، وهو بلا شكّ لا يختلف عن أي قتل آخر، فهو ممنوع ومحرّم للأسباب الآتية:

  1. إن القتل ليس هو العقوبة المقرّرة شرعا أو قانوناً للزنا، على على فرض ثبوت واقعة الزنا، فالعقوبة المقرَّرة شرعاً بعد ثبوت واقعة الفعل هي ما نصّ عليه القرآن الكريم، في قوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾،النور:
  2. إن مثل الفعل يحتاج إلى أربعة شهود، وهذا من الصعب تحقّقه، وبالتالي فإقامة العقوبة مع عدم ثبوت الذنب جريمة يعاقب عليها التشريع الإسلامي والدليل على ذلك:
  • ما رواه  أبو هريرةأن سعد بن عبادة الأنصاري قال يا رسول الله أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا أيقتله قال رسول الله (): لا،  قال سعد: بلى والذي أكرمك بالحق. فقال رسول الله (): اسمعوا إلى ما يقول سيدكم  [24].

يقول النووي: قال الماوردي وغيره : ليس قوله هو ردا لقول النبي () ولا مخالفة من سعد بن عبادة لأمره ()، وإنما معناه الإخبار عن حالة الإنسان عند رؤيته الرجل عند امرأته واستيلاء الغضب عليه فإنه حينئذ يعاجله السيف وإن كان عاصيا[25] .

ويقول ابن قيم:

فلما حلف سعد أنه يقتله ولا ينتظر به الشهود عجب النبي () من غيرته وأخبر أنه غيور وأنه () أغير منه والله أشد غيرة،  وهذا يحتمل معنيين :
أحدهما : إقراره وسكوته على ما حلف عليه سعد أنه جائز له فيما بينه وبين الله ونهيه عن قتله في ظاهر الشرع ولا يناقض أوَّل الحديث آخره .
والثاني : أن رسول الله () قال ذلك كالمُنكِر على سعد فقال : ” ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم ” يعني : أنا أنهاه عن قتله وهو يقول بلى والذي أكرمك بالحق،  ثم أخبر عن الحامل له على هذه المخالفة وأنه شدة غيرته ثم قال : ” أنا أغير منه والله أغير مني ” وقد شرع إقامة الشهداء الأربعة مع شدَّة غيرته سبحانه فهي مقرونة بحكمة ومصلحة ورحمة وإحسان فالله سبحانه مع شدَّة غيرته أعلم بمصالح عباده وما شرعه لهم من إقامة الشهود الأربعة دون المبادرة إلى القتل وأنا أغير من سعد وقد نهيته عن قتله.
وقد يريد رسول الله () كلا الأمرين وهو الأليق بكلامه وسياق القصة[26].

  • ما روي عن أبي هريرةأن سعد بن عبادة قال يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلا أؤمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال نعم [27].

يقول ابن عبدالبر: في هذا الحديث  النهي عن قتل من هذه حاله تعظيما للدم،  وخوفا من التطرق إلى إراقة دماء المسلمين،  بغير ما أمرنا الله به من البينات،  أو الإقرار الذي يقام عليه،  وسدا لباب الافتيات على السلطان في الحدود التي جعلت في الشريعة إليه،  وأمر فيها بإقامة الحقّ على الوجوه التي ورد التوقيف بها [28].

وليس هذا فحسب بل إن جمهور فقهاء المسلمين[29] يوجبون القصاص على من قتل لهذا السبب للأدلة التي ذكرناها سابقاً وهذا إذا كان القتل حال التلبس بالزنا، فما بالك بالقتل حال الشبهة والشك؟!

يقول ابن قدامة: وإذا قتل رجلا، وادَّعى أنه وجده مع امرأته، أو أنه قتله دفعا عن نفسه،  أو أنه دخل منزله يكابره على ماله، فلم يقدر على دفعه إلا بقتله، لم يقبل قوله إلا ببينة، ولزمه القصاص . روي نحو ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال الشافعي ، وأبو ثور ، وابن المنذر . ولا أعلم فيه مخالفا،  وسواء وجد في دار القاتل،  أو في غيرها،  أو وجد معه سلاح،  أو لم يوجد؛ لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلا فقتله،  فقال : إن لم يأت بأربعة شهداء،  فليعط برمته . ولأن الأصل عدم ما يدعيه،  فلا يثبت بمجرد الدعوى[30] .

كما أن الفقهاء قالوا بعدم جواز هذا القتل سدّاً للذريعة[31]حتى لا يتّخذ الشرف وسيلة لتبرير القتل، وقد أحسن الفقهاء بهذا الصنيع، يقول ابن قيم الجوزيَّة:

وقوله في الحديث : [ لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا يقتله فتقتلونه به ] دليل على أن من قتل رجلا في داره وادّعى أنه وجده مع امرأته أو حريمه قتل فيه ولا يقبل قوله إذ لو قبل قوله لأهدرت الدماء وكان كل من أراد قتل رجل أدخله داره وادعى أنه وجده مع امرأته[32].

على فرض ثبوت مثل هذا الفعل فالستر في نظر الإسلام أولى؛ لأنه أدعى إلى التوبة، فالله تعالى يغفر والناس لا يغفرون وهو سبحانه يرحم والناس لا يرحمون.

إن الذي يتولى إثبات هذه الواقعة هو الدولة وليست الأهل أو الأولياء

إن حرمة القتل أعظم عند الله من حرمة الزنا، وحقّ في الحياة مقدّم على حقّ في السمعة والشرف بدليل أن من أكرهت على الزنا بالقتل يجوز لها الزنا حفاظاً على حياتها.

وبعد كل ما قدمناه نقول في حكم القتل بدافع الشرف، إن القتل ليس هو العقوبة المقرّرة لجريمة الزنا هذا على فرض ثبوته، فالقرآن الكريم واضح وصريح في هذه العقوبة وهي الجلد مائة جلدة في حالة زنى البكر أما إن الثيب فالعقوبة هي الرجم على خلاف في ذلك، وهذا القتل تتولاها الدولة باعتبارها السلطة المكلفة بتنفيذ أحكام الشرع والساهرة على تطبيقها، وبناء على ذلك يعتبر القتل ممنوعاً للأمور الآتية:

  • إنه عقاب صادر من شخص ليس له سلطة العقاب وفي ذلك تجني على حقّ الدولة.
  • إن هذا العقاب يصدر دائما دون تحقيق وتثبت من ثبوت الفعل، ويحرم الضحيَّة من حقّ الدفاع عن نفسها.
  • إن عددا لا بأس من حالات القتل تتمّ بمجرد الاشتباه أو الشكّ في السلوك الأخلاقي للضحيَّة.

وإذا حصل القتل في هذه الحالة يعتبر الفاعل قاتلا يجب عليه القصاص.

 

القتل ليس هو العقوبة المقرّرة لجريمة الزنا هذا على فرض ثبوته، فالقرآن الكريم واضح وصريح في هذه العقوبة وهي الجلد مائة جلدة في حالة زنى البكر أما إن الثيب فالعقوبة هي الرجم على خلاف في ذلك، وهذا القتل تتولاها الدولة باعتبارها السلطة المكلفة بتنفيذ أحكام الشرع والساهرة على تطبيقها، وبناء على ذلك يعتبر القتل ممنوعاً.

المطلب الثالث العلاج

أولاً العلاج التثقيفي التوعوي:

وهو أفضل وأحسن وأنجع على على المدى المتوسّط والبعيد، وهذا العلاج يتطلب:

  1. العمل على إشاعة ثقافة الحوار وحلّ المشكلات بعيدا عن العنف واستخدام القوّة، والقضاء على الثقافة التي ولدت مثل هذا النوع من القتل، وفي مقدّمة هذه الأمور ثقافة التمييز بين الرجل والمرأة، واعتبار المرأة مسؤولة عن شرف العائلة، وقبل ذلك كله تحديد مفهوم الشرف، وإبراز خطورة القتل وحكمها الشرعي، فقال تعالى : ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمًنًا مُتَعَمًّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالًدًا فًيهَا وَغَضًبَ اللَّهُ عَلَيْه وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظًيمًا ﴾ النساء:93.
    وهذا يلقي بالمسؤوليَّة الكبرى على مؤسَّسات التعليم بمراحلها المختلفة، والمؤسسات الدينيَّة وفي مقدمتها أئمة المساجد وخطباء الجمع، للعمل على تثقيف الناس وتوعيتهم من هذه الظاهرة، ويجب تضامن وتكاثف كافة المؤسسات الرسميَّة والأهليَّة للعمل على الحد من هذه الظاهرة.
  2. التعريف بأحكام الإسلام وبيان الأحكام الشرعيَّة المتعلقة بالأمور المتعلقة بهذا النوع من الجرائم، ولعل أبرز هذه الأمور، بيان معنى الزنا، ووسائل ثبوته، وعقوبته، وكيفيَّة التعامل مع الشكّ المتعلّقة بسلوك الأشخاص، وبيان حكم القتل وعقوبة القاتل، فالناس إذا علمت بأحكام هذه الأمور تقل معها حالات القتل.
  3. العمل على إشاعة ثقافة احترام الأسرة وتقوية الترابط بين أفرادها، لتقوم بدورها في إشاعة الاحتياجات العاطفيَّة لأفرادها، ومساعدتهم في التغلُّب على مشاكلهم ومشكلاتهم، ولا يكون ذلك دون بناء جسور الثقة بين أفراد الأسرة.
  4. العمل على إشاعة ثقافة احترام القانون والاحتكام إليه وتحذير الناس من استيفاء حقوقهم بأيديهم؛ لأن ذلك يفقد الدولة هيبتها وسلطتها، مما يعود أثره على المجتمع بالسلب، وقد أثبتت معظم النصوص المتعلّقة بواقعة الزنا أن مجتمع الصحابة كانوا يتحاكمون إلى الدولة وأن الواحد منهم ما كان يلجأ إلى استيفاء الحقّ بنفسه، خاصَّة في مثل هذا الأمر وهو الزنا، وأكثر من ذلك فإن الشرع الإسلامي لا يعترف بسورة الغضب ولا يقول بها بل لو أن شخصاً وجد مع إحدى محارمه فقتله فقد وجب عليه القصاص،  ومن الأدلة على ذلك:
  5. أن عويمرا  أتى رسول الله () وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول (): قد نزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله ()، فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله ()[33].

فهذا الصحابي لم يستوفي الحق بنفسه، مع أنه كان متيقناً من الفعل الذي حصل.

  1. عن أبي هريرةوزيد بن خالد أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله () فقال: أحدهما اقض بيننا بكتاب الله وقال الآخر وهو أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم قال: تكلم، قال: إن ابني كان عسيفا على هذا قال مالك والعسيف الأجير فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجاريَّة لي ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله () أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك وجلد ابنه مائة وغربه عاما وأمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها  [34]

ووجه الدلالة في هذه الواقعة أن زوج هذه المرأة الزانية قد احتكم  إلى النبي () ولم يستوف الحقّ بنفسه.

فالأخبار الواردة في موضوع الزنا تدل بما لا يدع مجالا للشكّ، أن الدولة الإسلاميَّة كانت دولة قانون وأن السيادة فيها كانت للقانون فلا جريمة ولا عقاب إلا بذنب ثابت، وقد توعَّد النص أولئك الذين يعبثون بأعراض ويتهمونهم في شرفهم، فقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ النور:4.

فالله تعالى علق على القذف ثلاثة أحكام : الحدّ،  وردّ الشهادة،  والتفسيق؛ تغليظا لشأنه،  وتعظيما لأمره،  وقوة في الردع عنه[35]،  حماية لأعراض الناس وصيانة لسمعتهم من أن تنالها ألسنة السوء بلا دليل ولا برهان.

وبناء عليه فإن عبء الإثبات يقع على كاهل من يتَّهم غيره بالفاحشة فإن أثبتها القاذف بريء وسلم، وإلا عوقب، ولعل هذا إجراء شرعي مهم؛ لأنه ينأى بالإنسان من اتّهام الغير؛ لأن هذا الاتّهام يعتبر عبئاً ثقيلاً عليه، فهو إما أن يثبت وإما أن يجلد[36].

ولا يختلف الحكم هنا بين زوجة وغيرها، ومحرم وأجنبيَّة فالكل سواء؛ لأن من حقّ الإنسان أن يعيش بسمعة طيبة وعرض مصان، وقد أوجب القرآن على الزوج إذا ما أتّهم زوجته بالزنا أن يقيم البيِّنة كما لو كان قاذفها أجنبياً أو يحصل منها الاعتراف فإن عجز فقد اللعان هو المخرج؛ لأن الشخص قد يكون كاذباً فلا يجوز أن تؤخذ امرأة بريئة بجريرة رجل كاذب، وقد يكون صادقاً ولا يتمَّكن من إثبات قوله، وهو في الوقت نفسه لا يمكنه أن يعيش مع امرأة يرى السوء فيها.

فقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنْ لَعْنَتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ النور:6-9.

ففائدة لعان الزوج درء الحد عنه،  ونفي النسب منه ; لقول النبي ()” : البينة وإلا حد في ظهرك” فلو جاء بالبينة لدرأت الحد عنه،  فقد قام اللعان مقام البينة . [37]

إن المكلف بإثبات الجرائم وتطبيق العقوبات هي الدولة، وليس من حقّ أحد التجاوز عليها في ذلك.

 

ثانياً العلاج الاجتماعي والاقتصادي:

بالعمل على تسهيل سبل الزواج أمام الفتيات والشباب لإشباع حاجاتهم العاطفيَّة والجنسيَّة بطرق مشروعة وصحيحة، وهذا يستلزم الأمور الآتية:

  1. منع وسائل الفساد والعمل على نشر الفضيلة ونشر الثقافة الراشدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  2. الحدّ من المغالاة في المهور والتقليل من تكاليف الزواج، والعمل على إيجاد وثائق شرف تلزم أفراد المجتمع بالالتزام بها.
  3. علاج ظاهرة البطالة وإيجاد فرص العمل أمام الشباب والفتيات لتأمين الظروف المناسبة لزواجهم.

 

ثالثاً العلاج التشريعي:

  1. تعديل التشريعات التي تعتبر القتل لهذه الأسباب عذراً محلاً أو مخففاً، بل يجب التشديد في هذا النوع من الجرائم؛ لأنها تعتبر من الجرائم المزدوجة التي يقترن فيها القذف بالفاحشة مع جريمة القتل.
  2. حرمان الأولياء من الحقّ الشخصي بإسقاط العقوبة عن الجاني؛ لأن الجريمة في غالب أحوالها تتمّ بالتواطؤ بين جميع أفراد الأسرة فهم شركاؤه في الجريمة، وهذا يدفعهم إلى إسقاط الحقّ الشخصي عنه، فيقدم القاتل على جريمته وهو مطمئن البال مرتاح الضمير من حيث الأثر القانوني للفعل الذي يقوم به، وهذا بحد ذاته يدفعه للقتل ويسهِّل له الجريمة.

 

الخاتمة:

توصلت هذه الدراسة إلى النتائج الآتية:

إن السبب الرئيس لهذا النوع من الجرائم هو العادات والتقاليد التي التي تمايز بين الذكر والأنثى والتي تعطي مفهوماً مغلوطاً للشرف.

إن القتل تحت ما يسمَّى بدافع الشرف يعتبر ممنوعاً شرعاً، وهو لا يختلف عن أي قتل آخر، بل هو أبشع منه؛ لأنه يعتبر جريمة مزدوجة من حيث اشتماله على القذف بالإضافة إلى القتل وكلاهما أمر محرم.

علاج هذه الظاهرة يكون بالتثقيف والتوعية فهو العلاج الناجع، كما أن تعديل التشريعات التي تمنح القاتل العذر المحل أو المخفّف أمر ضروري للحدّ من هذا النوع من الجرائم.

 

المراجع

ابن حزم:علي بن أحمد بن سعيد ب، المحلى بالآثار،دار الفكر،دون تاريخ.

ابن عاشور:الطاهر،التحرير والتنوير،دار سحنون،دون تاريخ.

ابن قدامة: موفق الدين عبد الله بن أحمد، المغني،دار إحيار التراث العربي،سنة النشر: 1405ه/ 1985م .

ابن قيم: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق : شعيب الأرناؤوط – عبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة – مكتبة المنار الإسلاميَّة – بيروت – الكويت،ط 14،  1407 – 1986.

ابن نجيم: زين الدين بن إبراهيم,البحر الرائق شرح كنز الدقائق,بيروت, دار الكتاب الإسلامي.

الرازي: الإمام فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين،التفسير الكبير،دار الكتب العلميَّة ببيروت،سنة النشر: 2004م – 1425هـ.

السرطاوي:فؤاد،جريمة القتل بسبب الشرف بين الشريعة والقانون، بحث منشور في مجلة الحقوق،، ص137.

السيوطي:عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين،الأشباه والنظائر، دار الكتب العلميَّة بيروت، لبنان.

العسقلاني:أحمد بن علي،فتح الباري، تحقيق محب الدين الخطيب،دار الريان،ط3، 1407هـ.

قطب: سيد، في ظلال القرآن،دار الشروق،بيروت،ط10،1982م.

النووي: يحيى بن شرف، شرح صحيح مسلم،دار الفكر، بيروت،1983م.

ابن عبدالبر: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد،التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد،   مكتبة ابن تيميَّة،دون تاريخ.

الشوكاني: محمد بن علي ،نيل الأوطار،دار الحديث،ط1،سنة النشر: 1413هـ/1993.

ابن العربي: محمد بن عبد الله الأندلسي،أحكام القرآن لابن العربي،دار الكتب العلميَّة،ط1،دون تاريخ.

 

 

 

 

[1] السرطاوي:فؤاد،جريمة القتل بسبب الشرف بين الشريعة والقانون، بحث منشور في مجلة الحقوق،، ص137.

[2] لم ترد هذه المفردة ولا مشتقاتها في القرآن الكريم، أما في السنة فقد وردت بمعناها اللغوي، وهي المكانة والرفعة، ومن ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من بني مخزوم سرقت فقالوا من يكلم فيها النبي (r) فلم يجترئ أحد أن يكلمه فكلمه أسامة بن زيد فقال إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه لو كانت فاطمة لقطعت يدها .رواه البخاري فيكتاب فضائل الصحابة، باب ذكر أسامة بن زيد،حديث رقم 1366.

[3] ومما ورد في هذا المعنى قوله (r): إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . رواه مسلم في كتاب الحدود،باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود،حديث رقم 1315.

[4] وهو ما ثبت بالمحاكم ومن ذلك ما ورد في قرار لمحكمة التمييز الأردنيَّة: ان قتل الابن لامه البالغة من العمر خمسين عاما بسبب خروجها مع ابنتها بدون استئذان لا يبرر استفادة الفاعل من العذر المخفف المنصوص عليه في المادة 98 من قانون العقوبات ولا يرد الادعاء ان المميز ارتكب فعله في حالة سورة غضب شديد. المبدأ 313 لسنة 1993م.

[5] ابن حجر: فتح الباري /.

[6] ابن عاشور: التحرير والتنوير15/185.

[7] واسوداد الوجه : مستعمل في لون وجه الكئيب إذ ترهقه غبرة،  فشبهت بالسواد مبالغة . والكظيم : الغضبان المملوء حنقا.ابن عاشور: التحرير والتنوير15/184.

[8] أي : يختفي ويتغيب من سوء ما بشر به،  قال المفسرون : كان الرجل في الجاهليَّة إذا ظهر آثار الطلق بامرأته توارى واختفى عن القوم إلى أن يعلم ما يولد له،  فإن كان ذكرا ابتهج به،  وإن كان أنثى حزن ولم يظهر للناس أياما يدبر فيها أنه ماذا يصنع بها ؟،الرازي: التفسير الكبير / 45.

[9] ابن عاشور: التحرير والتنوير15/185.

[10] رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب فاطمة عليها السلام، حديث رقم 3556.

[11] الشلش: محمد،القتل على خلفيَّة الشرف،مجلة دراسات،الجامعة الأردنيَّة،المجلد 40،ملحق 1،2013م،ص769.

[12] ولعل من أوسع هذه التشريعات وأصعبها التعديل الذي جرى على المادة (409) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، والذي صدر بالقرار رقم 111 في 28 شباط لسنة 1990 الذي أجاز فيه قتل المرأة دون عقاب على الفاعل و جاء فيه مايلي:

أولا:لا يسأل جزائيا من قتل عمدا أو عمدا مع سبق الإصرار:
1. أمة أو أخته أو عمته أو بنت أخيه أو بنت عمه غسلا للعار .
2. من أرتكب مع إحدى المذكورات في البند 1 من هذه الفقرة الفعل المخل بالأخلاق في دار الزوجيَّة أو دار الأهل إذا كان قتله قد وقع بعد قتلها وكان الباعث لقتلهما واحدا .

ثانيا:إذا كان القتيل قد ارتكب مع إحدى المذكورات في البند 1 من الفقرة أولا الفعل المخل بالأخلاق في دار الزوجة عد ذلك عذرا مخففا بموجب المادتين 128 و 129 من قانون العقوبات .
ثالثا: يعاقب بالإعدام من اتخذ أحد الأعذار المنصوص عليها في هذا القرار ذريعة لتنفيذ جريمته وظهر كذب ادعاءه.

[13] وهو ما ثبت بالمحاكم ومن ذلك ما ورد في قرار لمحكمة التمييز الأردنيَّة: وعليه وطالما ثبت ان المتهم واشقاءه كانوا يعلمون بتردد شقيقتهم المغدورة على المدينة التي يقطنون فيها ولم تلتزم بالاقامة في البلدة المتفق عليها بعد زواجها،  وانها حضرت هي وزوجها الى بيت شقيقها المتهم الذي جلس معها بوضع هادىء وطبيعي وحمل ابنتها وبعد ان طلبت منه تسديد الدين الذي كفلته به وحصل بينهما مشادة كلاميَّة بينهما قام على اثرها باطلاق النار عليها وقتلها ولم يكن موضوع الشرف وموضوع زواج المغدورة مدار بحث،  فلا يستفيد الجاني من العذر المخفف المنصوص عليه في المادة (98) من قانون العقوبات.المبدأ 12 لسنة 1998م.

[14] السيوطي: الأشباه والنظائر،ص56، ابن نجيم: الأشباه والنظائر، ص57.

[15] قال ابن بطال : أجمع العلماء على أن من قذف امرأته أو امرأة غيره بالزنا فلم يأت على ذلك ببينة أن عليه الحد،  إلا إن أقر المقذوف،  فلهذا يجب على الإمام أن يبعث إلى المرأة يسألها عن ذلك،  ولو لم تعترف المرأة في قصة العسيف لوجب على والد العسيف حد القذف . ابن حجر: فتح الباري 12/179.

[16] لقوله (r): البينة وإلا حدٌ في ظهرك.

[17] رواه البخاري في كتاب الحدود،  باب باب ما جاء في التعريض، حديث رقم 6455.

[18] رواه البخاري في كتاب الحدود،  حديث رقم 6464.

[19] الشوكاني: نيل الأوطار 7/124.

[20] ومما يدل على أهميَّة الستر أن غالبيَّة كتب الحديث قد بوبت لهذا الموضوع سواء كان ستر الإنسان على نفسه أو غيره.

[21] رواه البخاري في كتاب المظالم،  باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه،حديث رقم 2310 .

[22] ابن حجر: فتح الباري 5/116.

[23] سيد قطب: في ظلال القرآن 4/2491.

[24] رواه مسلم في كتاب الللعان،حديث رقم 1498.

[25] النووي: شرح صحيح مسلم 10/131.

[26] ابن قيم: زاد المعاد 5/408.

[27] رواه مسلم في كتاب الللعان،حديث رقم 1498.

[28] ابن عبدالبر: التمهيد 21/253.

[29] السرطاوي:جريمة القتل بسبب الشرف بين الشريعة والقانون، ص137، الشلش: القتل على خلفيَّة الشرف، ص770.

[30] ابن قدامة:المغني 8/215،المسألة رقم 6587 .

[31] الشلش:القتل على خلفيَّة الشرف، ص771.

[32] ابن قيم: زاد المعاد 5/362.

[33] رواه مسلم في كتاب الللعان،حديث رقم 1492.

[34] رواه البخاري في كتاب الحدود،  باب باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به، حديث رقم 6451.

[35] ابن العربي: أحكام القرآن 3/346.

[36]  وقد اعتبر الإسلام القذف إحد الكبائر،فقد قال (r): اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ” رواه مسلم.

[37] ابن العربي: أحكام القرآن 3/355.

جديدنا