التنويريتربية وتعليمسلايدر

التفكير على خريطة مناهج التعليم العربي

 

نعيش الآن في عصر تتسارع فيه المعلومات، بل وتتصارع في ظل ما وصلنا إليه من تقدّم تكنولوجي وثورة معرفيَّة، آخذة في الازدياد بحكم المستجدّات التي طرأت على ما عندنا من علم ومعرفة والتغيّرات المستمرَّة في حياتنا، وما يتبعها من تجديد وتطوير في أسلوب حياتنا، وغاياتنا منها في مختلف المجالات السياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والتربويَّة وغيرها من ميادين الحياة الأخرى.

 

ونحن لم نصل ـ في عصرنا الحاضر ـ إلى ما وصلنا إليه من تقدُّمٍ علمي وتكنولوجي إلا بواسطة القيام بعمليَّات التطوير والتجديد والإبداع والابتكار، وسيكون المجال أكثر انفتاحا على مصراعيه للتجديد والإبداع طالما أطلقنا لعقولنا مجال التفكير.

 

وقد جاء الاهتمام بتنمية التفكير بصفة عامَّة سواء من جانب واضعي المناهج،أو من خلال توصيات المؤتمرات التي اهتمَّت بتنمية التفكير في المناهج الدراسيَّة؛ حيث مساعدة الأفراد الذين لا يمتلكون أيَّة مهارات أو بعض مهارات التفكير المرغوب على اكتساب هذه المهارات، ومساعدة الذين يمتلكون عدداً من مهارات التفكير ولكن بقدر بسيط على إثراء تعلمهم وتعميق هذه المهارات كماً وكيفاً، كاستجابة طبيعيَّة لما يفرضه الواقع الذي يعيشه الإنسان متمثِّلاً في تحدّيات جديدة تواجهه،وتفرض عليه التعامل معها؛لكي يبقى ويستمرّ في أفضل الأوضاع الممكنة، كما أنَّ تقويم الإمكانات المتاحة والأفكار الجديدة من حيث مناسبتها لقيم المجتمع وتقاليده يتطلَّب من الإنسان المعاصر استخدام التفكير الذي يساعده في تكوين نظرة فاحصة متعمِّقة للأشياء.

 

وتعدّ اللغة أداة التفكير، كما أنها ثمرة من ثمراته، فعن طريق اللغة يقوم الإنسان بالعمليَّات التفكيريَّة من تفسير وتحليل وموازنة وإدراك للعلاقات واستخراج للنتائج وتجريد وتعميم. ولكي يعبر الإنسان بوضوح  لابد أن تكون الفكرة واضحة في ذهنه، وذلك لأن وضوح الفكرة في ذهنه يؤدِّي إلى وضوح التعبير عنها، وكلا الأمرين ـ وضوح الفكرة في الذهن ووضوح التعبير عنها ـ عمليَّة تستند إلى اللغة، ولذلك يمكن القول بأن اللغة هي التفكير.

وهذا ما أشار إليه ” فانيير” بأن ما يؤثِّر في أعماقنا بشكل غامض ومبهم لا يستحقّ أن نطلق عليه اسم فكرة أو إحساس أو رغبة أو غاية قبل أن يتشكَّل في لغتنا. وهكذا نجد أنَّ اللغة والفكر شيء واحد، فاللغة هي الفكر في حالة العمل إذ ليس هناك فكر مجرد بغير رموز لغويَّة، وبقدر ما تكون اللغة دقيقة وحيَّة ومبرأة من الفوضى يكون الفكر دقيقا وحيّا ومبرأ من الفوضى.

 

تعدّ اللغة أداة التفكير، كما أنها ثمرة من ثمراته، فعن طريق اللغة يقوم الإنسان بالعمليَّات التفكيريَّة من تفسير وتحليل وموازنة وإدراك للعلاقات واستخراج للنتائج وتجريد وتعميم. ولكي يعبر الإنسان بوضوح  لابد أن تكون الفكرة واضحة في ذهنه، وذلك لأن وضوح الفكرة في ذهنه يؤدِّي إلى وضوح التعبير عنها، وكلا الأمرين ـ وضوح الفكرة في الذهن ووضوح التعبير عنها ـ عمليَّة تستند إلى اللغة، ولذلك يمكن القول بأن اللغة هي التفكير.

ولقد أصبحنا نعي ـ وبشكل مطرد ـ ما بين اللغة وعمليَّات الفكر من تفاعل، وهذا ما أكدته نتائج العديد من الدراسات والبحوث التي اهتمَّت بتعرف العلاقة بين مهارات اللغة من حيث اكتسابها واستخدامها وبين عمليَّات التفكير المختلفة، والتي أبرزت نتائجها مدى التأثير على قدرة الطلاب الكتابيَّة، وتوليد الأفكار الجديدة، وإنتاج نص مترابط فكريا، ويمكن إيجاز الموقف الحالي من هذه القضيَّة ـ قضيَّة التفاعل بين اللغة والتفكير ـ بالقول بأن الفكر واللغة هما أهم عنصرين من عناصر الحضارة الإنسانيَّة، وان كلا منهما مرتبط بالآخر ارتباطاً وثيقاً بحيث يؤثِّر كل منهما في الآخر ويتأثَّر به تأثيرا كبيرا.

 

حيث إنَّ صياغة الأفكار ليست عمليَّة مستقلَّة، بل جزء من قواعد لغويَّة معيَّنة، كما أن أنظمة اللغة وقواعدها ليست مجرَّد أداة للتعبير عن الأفكار فقط، بل تكون وتشكل تلك الأفكار، وهي البرنامج والدليل لنشاط الفرد الفكري، ولتحليله للانطباعات التي يحصل عليها ولتجميع أفكاره. كما أن الجانب الفكري من اللغة يأخذ تقريباً ثلثي الحدث اللغوي سواء عند المرسل أو عند المستقبل. هذا بالإضافة إلى أن اللغة تؤثِّر في الفكر، ويكمن هذا التأثير في عمليَّة ترتيب الصور الذهنيَّة في ألفاظ تتآلف من كلمات مرتبة ترتيباً معيناً تعبر عن هذه الصور.

 

وتتشابه اللغة والتفكير في أنهما يتطلبان نفس العمليات الأساسيَّة التي يعتمدان عليهما، فالقدرة على التجريد، والتصوُّر، وتكوين الأنواع مطلوبة في استخدام اللغة والتفكير في مستوييهما العاليين.

 

وتطبيق تلك العلاقة بين اللغة والتفكير في تعليم اللغة العربيَّة يتطلَّب العناية بالمعرفة في المادة اللغويَّة من حيث صدقها، وحداثتها، ويتطلَّب ذلك أيضا الاهتمام بتنمية مهارات لغويَّة وعمليات عقليَّة  مثل الفهم، والتفسير، وعمليات التفكير، والإبداع، وبصفة خاصة في عمليتي القراءة والكتابة. بالإضافة إلى العمل على تنمية قدرات الطلاب على فهم النصوص الأدبيَّة والقرائيَّة والإلمام بالأفكار التي تتناولها هذه النصوص مما يساعدهم ذلك على التحليل والتقويم، وكذلك تدريبهم على تنظيم الأفكار وتسلسلها، وذلك بعد فهم النصّ الأدبي أو العلمي والتعبير عن هذا التنظيم لفظاً وكتابة بحيث يساعدهم ذلك على تنمية خبراتهم وتقوية قدراتهم اللغويَّة.

 

كما يمكن الاستفادة من هذه العلاقة بين اللغة والتفكير في تدريب الطلاب على التعبير عن أنفسهم كتابة، وذلك بتدريب الطالب على القراءة المقنَّنة الموجّهة ثم التخطيط لموضوعه، وتقييم أفكاره، ومناقشة غيره فيه ليستطلع الآراء المختلفة فتتكوَّن لديه الأفكار حتى تتاح لها الفرصة لتتحوَّل إلى عبارات مكتوبة لها أسلوبها الفني الإبداعي الفريد.

 

إذن لا ينفصل تعليم المهارات اللغويَّة عن تنميَّة التفكير وإثراء خبرات الطلاب، وهذا ما يؤكّده كثير من التربويّين،حيث إن التلميذ لا يستطيع أن يتحدَّث أو يكتب بشكل فعال ومبتكر إذا كان يفتقر إلى الخبرة الثريَّة أو مهارات التفكير،بل إن قدرته على فهم ما يسمع أو يقرأ وإدراك معاني ما يقرأ والتمييز بين المفاهيم التي يتصل بها، أمور تتوقَّف على ما يتوفَّر لدى هذا الطالب من رصيد كبير من هذه المفاهيم.

 

وأضحى من أهم أهداف التربية الحديثة تعليم الطلاب كيف يفكِّرون،وكيف يستدلّون، وكيف يجابهون مشكلات حيواتهم، فتعليم مهارات التفكير أمر بالغ الأهميَّة، وهو مجال خصب من مجالات البحوث النفسيَّة والتربويَّة في عالم اليوم.و هنا يجئ دور المنهج المدرسي الذي يجدر به من خلاله أن يتعلَّم الطلاب كيف ينمّون قدراتهم على التفكير، ويعلِّمهم المبادئ اللازمة للتفكير،وأساليب استخدام العقل وسيلة للتعلُّم.

وممَّا لا شكَّ فيه أن تعليم التفكير ومهاراته وعمليّاته أمر إلزامي وضروري، يجب القيام به وذلك من خلال محتوى المناهج الدراسيَّة التي يدرسها الطالب في المدرسة، فهي تزوّده بالعديد من المصطلحات والمفاهيم،فضلاً عن إكسابهم حصيلة من مفردات اللغة وهو يتعلَّم التفكير فيها من خلال تحليله لمحتوى المادة الدراسيَّة وما فيها من أهداف معرفيَّة وسلوكيَّة، وما تحتويه من مهارات،ومن خلال ما يستخرجه منها من قيم ومثل وعادات.

 

لا ينفصل تعليم المهارات اللغويَّة عن تنميَّة التفكير وإثراء خبرات الطلاب، وهذا ما يؤكّده كثير من التربويّين،حيث إن التلميذ لا يستطيع أن يتحدَّث أو يكتب بشكل فعال ومبتكر إذا كان يفتقر إلى الخبرة الثريَّة أو مهارات التفكير،بل إن قدرته على فهم ما يسمع أو يقرأ وإدراك معاني ما يقرأ والتمييز بين المفاهيم التي يتصل بها، أمور تتوقَّف على ما يتوفَّر لدى هذا الطالب من رصيد كبير من هذه المفاهيم.

كما أن طرائق تدريس التفكير تتضمَّن خططاً واستراتيجيات تعليميَّة تساعد على تنمية العمليات العقليَّة عند المتعلِّمين،وأن هذه الطرائق تقدِّم للمتعلِّمين على شكل خطوات عامَّة بهدف إنجاز عمليَّات معرفيَّة محدّدة.  كما أن تنظيم المنهج بحيث يراعى فيه أن عمليَّة التفكير تشكِّل عاملاً مشتركاً بين المواد الدراسيَّة على اختلافها، حتى تتمكَّن المناهج من الوفاء بهذه المسئوليَّة يتطلب التركيز على إعداد المناهج على أساس مشاركة التلاميذ مشاركة فعَّالة في اكتساب المعارف والمهارات وتأصيل عادة التفكير السليم لديهم، واستخدام استراتيجيات تدريسيَّة تعتمد على مشاركة التلاميذ في التوصل إلى حلول للمشكلات التي تعترض طريقهم.

 

فعمليَّة التحليل في درس القراءة مثلاً تتطلَّب القيام بتحليل الموضوع القرائي واستخراج ما فيه من أفكار عامَّة ورئيسة وجزئيَّة والمقارنة بينها وبين غيرها من الأفكار، واستخراج أوجه الاتّفاق والاختلاف فيما بينها، والقيام بعمليَّات الاستنتاج والاستدلال لمعاني الكلمات والمصطلحات من السياق، إنَّ تعليم التفكير وعمليّاته ومهاراته في نموذج القراءة يعني أن مهارات المعرفة يتمّ تعليمها بشكل مباشر كجزء من برنامج تدريس القراءة.

 

ويؤكِّد هذا الاتجاه كل من”وارشام و ستاكتين”  (1986)Warsham&Stackten و”بيير”(1987)Beyer حيث تدريس وتنمية مهارات التفكير من خلال المحتوى الدراسي،حيث إن ذلك يحقِّق هدفين؛الأول أنها تسهل عمليَّة تعريف وتقديم مهارة التفكير في المنهج الذي سيدرس،والثاني أن هذه الطريقة تنمِّي التفكير وتدرس المحتوى في نفس الوقت.

وقد أقرّ مؤتمر “مدرسة المستقبل” الذي عقدته المنظَّمة العربيَّة للتربية والثقافة والعلوم في دمشق عام2000 ضرورة إعداد الإنسان العربي القادر على صنع المستقبل والابتكار،وتنمية التفكير المنهجي العقلاني والتعبير عنه بلغة عربيَّة سليمة، وضرورة امتلاك الطالب  مفاتيح المعرفة ليصبح قادراً على التعلُّم الذاتي ومتابعة التعلّم،والقدرة على التخطيط للمستقبل والنجاح فيه.. ويرى”سترينبرج” Sternberg أنّ الذكاء عبارة عن مجموعة من مهارات التفكير التي تستخدم في حلِّ مشكلات الحياة اليوميَّة، كما تستخدم في المجال الأكاديمي،وأن هذه المهارات يمكن تشخيصها وتعلّمها.

 

وتتنافس مختلف دول العالم فيما بينها على رفع مستويات شعوبها في مختلف مناحي الحياة، وتحقيق المواقع الرياديَّة في ركب الحضارة الإنسانيَّة المعاصرة، والسعي إلى تطويرها، وقد أولى المفكِّرون على الدور الرئيس والحاسم الذي تتطلَّع به التربية في التقدُّم الحضاري، وإنتاج العلم والعلماء، وتوجيه اهتمام الأجيال إلى ضرورة تبنِّي أسلوب التفكير العلمي،منهجاً مستديماً يقترن بمختلف الأنشطة وأنواع السلوك عند الفرد والجماعة، وصولاً إلى بناء الإنسان المفكر، ويتطلب هذا الأمر الاهتمام بالمناهج التربويَّة، والتركيز على استخدام استراتيجيات التدريس الحديثة وتطويرها.

ولم يعد تعليم التفكير للطلاب اليوم هو ما يشغل علماء التربية، وإنما أصبحت جودة التفكير هي أهم التوجهات التربويَّة المعاصرة، التي تتطلب من المتعلِّم التفاعل مع مشكلات حياته، ومتغيّرات عصره، والمستجدّات المتلاحقة والمتنوعة، وليصبح ذا قدرة على تحليل المواقف واتخاذ القرارات، وأصبح جوهر عمليات التربية الآن تعليم الطلاب كيف يفكرون بطريقة فاعلة تجنبهم مزالق التفكير،وتدربهم على استراتيجياته.

 

ومن هذه الاستراتيجيات ما وراء المعرفة التي تدور حول وعي الفرد بما يقوم به من مهارات وعمليات في أثناء التفكير بغيَّة تحسين الذاكرة ومراقبة عمليات التعلم وضبطها.

و يشير مفهوم ما وراء المعرفة  Metacognition الذي يعد واحداً من التكوينات النظريَّة المعرفيَّة في علم النفس المعرفي المعاصرـ إلى عمليات التحكم التي يستخدمها الفرد في حل المشكلات، وهي عمليات تخطيطيَّة و تنفيذيَّة مهمتها توجيه وإدارة مهارات التفكير المختلفة اللازمة لحل المشكلة( فتحي عبد الرحمن جروان:1999،ص 43) ويرجع هذا المفهوم بأصوله إلى العالم فلافل (1971) Flavell، وذلك من خلال بحثه حول عمليات الذاكرة والتخزين والاسترجاع،ومراقبة تلك العمليات، والتحكم الذاتي فيها.

 

كما تعدّ استراتيجيات ما وراء المعرفة إحدى برامج التفكير العليا،. وقد ظهر مفهوم ما وراء المعرفة Metacognition  في بداية السبعينيات ليضيف بعداً جديداً في مجال علم النفس المعرفي، ويفتح مجالاً واسعاً للدراسات التجريبيَّة والمناقشات النظريَّة في موضوعات الذكاء والتفكير والاستيعاب والوعي ومهارات التعلّم والدراسة. وقد تطور الاهتمام بهذا المفهوم في عقد الثمانينيات والتسعينيات،ولا يزال يلقى الكثير من الاهتمام نظراً لارتباطه بنظريّات الذكاء والتعلّم واستراتيجيات حلّ المشكلة واتّخاذ القرار. (DouglasHacker:2002)..

 

وفي مجال تعليم اللغات حظيت استراتيجيات ما وراء المعرفة بأهميَّة كبيرة نظراً للدور الذي تقوم به في تنمية مهارات اللغة وضبطها والتحكّم فيها، وهذه الاستراتيجيات تشير إلى وعي المتعلِّم بما يقوم بأدائه من مهام، والمهام اللغويَّة التي يقوم بها المتعلِّم من أجل تنمية كفاءته اللغويَّة تتضمَّن ثلاث مراحل هي: ما قبل المهمَّة، ومرحلة إنجاز المهمة اللغويَّة، ومرحلة ما بعد إنجاز المهمة اللغويَّة، وفي كل مرحلة من هذه المراحل يتحقق التخطيط والتنظيم والمراقبة والتقييم وإدارة المعلومات وتطويرها.

 

وتأسيساً على ما سبق فإن السبيل لزيادة وعي الطلاب بالمهارات اللغويَّة هو إكسابهم القدرة على استخدام استراتيجيات تحديد الغرض مما يتعلّمونه،وكيفيَّة تنشيط وتوظيف المعرفة السابقة في مواقف التعلّم الحالي، وتركيز الانتباه على النقاط والعناصر البارزة في المادة اللغويَّة المتعلّمة، وممارسة أساليب التقييم للأفكار والمعاني، ومراقبة النشاطات الذهنيَّة واللغويَّة المستخدمة للتحقُّق من مدى بلوغ الهدف.

 

ولعل تلك الأهداف السابقة التي تسعى المؤسَّسة الجامعيَّة إلى تحقيقها لدى المتعلّمين تتناسب مع منطلقات ما وراء المعرفة التي تتطلَّب من المتعلّمين أن يمارسوا استراتيجيات التخطيط والمراقبة والتقييم لتفكيرهم بصورة مستمرَّة، ورسم الخطط اللازمة للمواقف التي يتعرَّض لها، ويحلِّلها إلى عناصرها، وتقييم النتائج في ضوء الخطط الموضوعة.

كما أنه في سبيل السعي إلى وضع معايير لتحقيق الجودة في التعليم الجامعي اقترح البعض وضع معيار اكتساب الخريج معلومات يستطيع توظيفها وتطبيقها في مواقف الحياة اليوميَّة،مع التركيز على تعرف كيفيَّة الوصول إلى المعرفة بالإضافة إلى قدرته على ممارسة التعلُّم الذاتي الذي يؤهله للتوصل إلى الحقائق والمفاهيم بدقَّة.

 

وتعليم التفكير واستراتيجياته يعدّ من أحد أهم أهداف التربية اللغويَّة في العصر الحالي، وتزويد الدارسين في مجال اللغة العربيَّة ومهاراتها باستراتيجيات التفكير يجعل الطلاب المعلّمين قادرين على فهم طبيعة اللغة والقواعد التي تضبطها وتحكم ظواهرها والخصائص التي تتميَّز بها مكوناتها، أصوات ومفردات وتراكيب.

ولا شكّ في أن مهارات التفكير بأنواعها ومستوياتها المختلفة تمثِّل وضعاً مركزياً في علم النفس المعرفي المعاصر، والتربية الحديثة لأنها تشكِّل إحدى الظواهر الأكثر أهميَّة وضرورة لدى المتعلِّمين، حيث تنطوي نشاطات الإنسان اليوميَّة على الكثير من المواقف التعليميَّة التعلميَّة المهمَّة،ونظراً للاهتمام المتزايد والمتنامي من قبل المهتمّين من الباحثين والقائمين على شؤون التعليم بالتركيز على التربية السيكولوجيَّة للمتعلِّمين من خلال تأصيل القدرة على مهارات التفكير بمستوياتها المختلفة.

 

لذلك يرى علماء التربية والتعليم أنَّ التعليم الفعَّال لمهارات التفكير يبدو حاجة ملحَّة أكثر من أي وقت مضى،لأن العالم أصبح أكثر تعقيداً نتيجة التحدّيات التي تفرضها تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات في شتَّى مناحي الحياة، وربما كان النجاح في مواجهة هذه التحدّيات لا يعتمد على الكمّ المعرفي بقدر ما يعتمد على كيفيَّة استخدام المعرفة وتطبيقها.

 

كما أن هناك أسباباً عديدة تحتِّم على مدارسنا وجامعاتنا الاهتمام المستمّر بتوفير الفرص الملائمة لتطوير وتحسين مهارات التفكير لدى المتعلِّمين بصورة منظَّمة وهادفة. الأمر الذي يتطلَّب معه ضرورة امتلاك المتعلمين درجة كافيَّة من الوعي بالاستراتيجيات والمهارات ما وراء المعرفيَّة.

 

ـ أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربيَّة ( م ).

كليَّة التربية ـ جامعة المنيا


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة