الهويات وحروبها

image_pdf

يأتي كتاب زياد الدريس “حروب الهويات الصغرى” في الوقت المناسب، فصعود الحركات الأصولية التكفيرية إبان ما سمي “الربيع العربي” أعاد طرح مسألة الهوية في بعديها الفردي والجماعي، وباتت العودة إلى هذه المسألة ملحة جدا، لا سيما بعدما راجت موجة العنف الأيديولوجي المتواري خلف حجاب الدين.

يوضح الدريس الالتباس بين المفهوم الغربي للحزبية والمفهوم الإقصائي الشائع عربيا. وفي هذا السياق كان لا بد من التوقف عند حزب “الإخوان المسلمين” في مصر، فهؤلاء كما يرى إنما هم فئة من المسلمين ولا يحق لهم الادعاء بأنهم هم وحدهم الذين يملكون الحق المطلق في تمثيل الإسلام والمسلمين، ومن الواضح أن ملايين المسلمين لا يتوافقون مع طروحات “الإخوان” وتحركاتهم، لكنه لا يشجب حق “الإخوان” في أن يعتبروا تنظيمهم في مصر حزباً سياسياً يسترشد بالدين، ولكن ليس من حقهم اعتباره “هوية” دينية، فهذا يعني إقصاء كل من لا يتوافق معهم من ساحة الدين الواسعة. ويخلص قائلاً: “الإسلام دوماً، أضخم من أن يحتكره بعض المسلمين”.

يبدو كتاب زياد الدريس رغم صغر حجمه حافلاً بأفكار وقضايا كثيرة وراهنة، ومعظمها مطروح اليوم على طاولة النقاش وبإلحاح. وإذا كان الكتاب يضم أساساً مجموعة مقالات فإن الكاتب نجح في جمعها وربطها بعضاً إلى بعض، جاعلاً منها فصولاً صغيرة يكمل إحداها الآخر.. وهي مقالات قائمة على التحليل والمعالجة والتأمل وبعيدة عن روح التعليق الصحافي اليومي العابر. الكتاب من إصدار المركز الثقافي العربي في بيروت.

جديدنا