مكتبة التنويري

هابرماس واللاهوت

ليست هذه الدراسة دفاعاً عن هابرماس ولا حتى نقداً آخر له. ثمة أصوات في المجال اللاهوتي تدافع وتشيد بأخلاقيات الخطاب لهابرماس، أو تحاول وضع نظريته في الفعل التواصلي للعمل بوصفها أساساً لللاهوت، ولكن لا يشكل هؤلاء، ببساطة، سوى أقلية، ولا يقدمون أنفسهم بكونهم مقنعين خارج حدود الدائرة الضيقة. وفي الوقت نفسه، هناك انتقادات تأتي من العديد من وجهات نظر مختلفة تتسبب بعوائق صعبة بالنسبة لمشروع هابرماس.

تأخذ هذه الدراسة بجدية آراء هابرماس بشأن الفضاء العام والحاجة إلى النقاش الحقيقي (وليس مجرد أصوات متنافسة) عبر التراثات، وتحاول (أيّ هذه الدراسة) تقويم نظريته في المكان الذي فشلت به، بشكل واضح. المشكلة الكبرى بالنسبة للفلاسفة واللاهوتيين الذين يرغبون بالانخراط بآراء هابرماس حول الدين هي أنهم منغمسون بجدالات معقدة والتي غالبًا ما يكون تركيزها الأساسي على قضايا أخرى غير الحياة الدينية والفكر الديني. وبالتالي، فإن المهمة الأساسية هنا في هذه الدراسة هي إعادة بناء ما يقوله حول اللاهوت والدين، ولوضعه في سياق آرائه الأوسع حول التطور المجتمعي وطبيعة العقل. لم يظهر هابرماس، في الوقت نفسه، معرفة باللاهوت ما بعد الليبرالي، أو حاول أن يظهر بأنّ منهجه لم يفشل في انصاف اللاهوت المعاصر فحسب، ولكن أيضاً يمكن لبعض إشكالياته الخاصة أن تستخدم بشكل مثمر أكثر حينما تُدرس، أي إشكالياته الخاصة، في السياق اللاهوتي ما بعد الليبرالي. يُشكّل اللاهوت ما بعد الليبرالي ظاهرةً جديدة نسبيًا، ويمتلك ثغراته الخاصة. والأشد أهمية في هذا (من وجهة نظر هذه الدراسة) هو عدم لا يقينيته حول كيفية تصوره للفضاء العام التعددي بينما يقوم على أن ينصف النظر والدرس فيما يخص خصوصيات التراثات ونماذجها في العبادة.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة