التنويريسلايدرسياسة واجتماع

يوم بلا شاشات3: ألوان اليوم

أنشطة وتجارب يومية بديلة

يمكن أن تتنوع الأنشطة والتجارب اليومية، التي تعبر عن روح “يوم بلا شاشات” بشكل يمكّن الأفراد من الانخراط في المجتمع بصورة أعمق وأكثر تأثيرًا. وتركز هذه الأنشطة المميزة على استثمار الفنون والمهارات اليدوية المتنوعة لتعزيز التفاعل المباشر والإيجابي بين الأفراد والمجتمع بشكل عام. وتُقام ورش عمل فنية في شتى الأماكن العامة، ومنها الشوارع والساحات والحدائق، تُعنى بمجالات متنوعة مثل الرسم والنحت والحرف التقليدية، مما يتيح للمتابعين فرصة لا تعوض للإبداع والتعبير عن أنفسهم بطريقة فنية حِرَفية، تلامس الهوية الثقافية الخاصة بهم وتعود إلى جذور البيئة المحلية. كما أن هذه الفعاليات الاحتفالية تشجع على تبادل الخبرات والاهتمامات بين جميع المشاركين، مما يعزز من روابط الصداقة والمودة بين الأفراد ويضفي جوًا من البهجة والحيوية على المجتمع بأسره. بالإضافة إلى ما سبق، تساهم الأنشطة في خلق مساحة آمنة ومتاحة للجميع لتبادل الأفكار والإلهام، مما يساعد في بناء مجتمع متماسك قائم على الفهم والاحترام المتبادل. وتجمع هذه الفعاليات الأفراد من مختلف الأعمار والخلفيات الاجتماعية، مما يحدث تفاعلًا فريدًا ومثيرًا بينها. وتتيح كل تلك الطرق التفاعلية للأفراد الطموحين العودة مرة أخرى إلى جوهر التجربة الإنسانية الأصلية، بعيدًا عن تأثيرات العالم الرقمي، ليشعروا بروح التعاون والانتماء، التي ينشدها الجميع.

بالإضافة إلى ذلك، يُبرز بشكلٍ أكبر أهمية اللقاءات الحقيقية والمباشرة مع العائلات والمدارس والمؤسسات المجتمعية كوسيلة فعالة للغاية لتنمية الوعي بشأن أهمية الحضور الإنساني والتفاعل الواقعي. ويجب أن نسعى جميعًا جاهدين إلى تشجيع المشاركة الجماعية في أنشطة تفاعلية متنوعة تُخفف من الاعتماد المتزايد على الأجهزة الرقمية، التي باتت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث أصبحت هذه الأجهزة تشغل الكثير من أوقاتنا. ويتم تنظيم أنشطة رياضية وألعاب جماعية بصورة يومية ومنتظمة في مختلف المواقع، وهذا لا يساهم فقط في تعزيز روح التعاون، بل يعزز أيضًا من التواصل المباشر بين الأفراد. يستفيد الجميع من هذا التفاعل المباشر، حيث يُساعد ذلك في بناء علاقات إنسانية قوية ودائمة، تُسهم بدورها في تعزيز الشعور بالانتماء والانخراط في المجتمع. فضلًا عن ذلك، تُعتبر استضافة جلسات حوارية تعتمد على الحوار المفتوح والتبادل الفكري المثمر خطوة مهمة، حيث يُشجع المشاركون على التعبير عن أفكارهم وتجاربهم الشخصية والعملية في جو من الألفة والمحبة. وهذا الجو يُساهم بشكل كبير في تعزيز الروابط الاجتماعية العميقة ويشجع تبادل المعارف والخبرات بين الأفراد وجميع المشاركين في تلك الأنشطة، مما يُعزز من فائدة تلك اللقاءات ويُعطي نتائج إيجابية على صعيد العلاقات الإنسانية والاجتماعية بشكل عام.

كما يتم تنظيم فعاليات موسيقية فريدة ومهرجانات فنية مليئة بالألوان والجمال، تتسم بالبساطة والابتكار الفريد، حيث تركز هذه الفعاليات بشكل رئيس على إحياء الثقافة الشعبية العريقة وتوثيق الحرف التقليدية، التي تميز كل مجتمع من المجتمعات. وتُقام هذه الفعاليات في مواعيد دورية، مما يحقق تواصلًا مستدامًا وفعَّالًا بين الأجيال المختلفة، ويعزز من الهوية الثقافية، التي تحتضنها هذه المجتمعات، مما يسهم بشكل كبير في إعادة الحيوية للمجتمع بكل أبعاده، وأيضًا في إحياء الروابط الإنسانية المفقودة أحيانًا، خاصة في ظل الانشغال المتزايد بشاشات الأجهزة الحديثة، التي تلهي عن الجودة الحياتية الحقيقية. ويشكّل هذا النهج البديل فرصة ثمينة للتمسك بالحضور الإنساني الحقيقي، وتعزيز الحس الإبداعي والابتكاري بين جميع الأفراد، مما يؤدي في النهاية إلى تقوية أواصر التعاون المشترك بين أفراد المجتمع حيث يعيش الجميع في تناغم وتآزر، بعيدًا عن الضغوط التكنولوجية المتزايدة وتأثيراتها السلبية المحتملة على العلاقات الاجتماعية والذاكرة الجماعية، التي قد تتعرض للإهمال في بعض الأحيان. إذ إن التواصل الفعّال مع التراث الثقافي، الذي نشأ منه الجميع، يُساهم في بناء جسور بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويُعزز الفهم المتبادل بين الثقافات المختلفة، مما يُظهر أهمية الحرف التقليدية والفنون الشعبية في تكوين حاضر مشترك يُشعر الجميع بالفخر والانتماء.

إنه نوع من التجديد والنقاء الفريد من نوعه، حيث يُبرز بشكل متميز ومؤثر قيم التواصل المباشر بين الأفراد بطريقة تجذب الانتباه وتلهم المشاعر. ويعيد هذا التجديد للناس مجددًا لمسة الإنسان الحانية والحميمية، التي فقدت في كثير من الأحيان بشكل متزايد، ولا سيما بسبب انغماسهم في تكنولوجيا العصر الحديث، والتي تحيط بهم من كل جانب، وتؤثر على جودة العلاقات الإنسانية. كما أنه يؤسس لبيئة أكثر توازنًا بين الحداثة والهوية الأصيلة، مما يخلق مساحة للاحترام العميق للفنون وتقدير التقاليد الأصيلة، التي شهدنا انحسارها الملحوظ خلال السنوات الأخيرة، بما يدعو إلى إعادة إحياءها. بالإضافة إلى ذلك، يُفتح المجال لتقدير الجماليات الثقافية، التي تستحق الحياة والعرض والرواية المستدامة، لأن هذه الجماليات تعكس عمق تاريخنا وثقافتنا، وتجعلها تعيش مجددًا في الوعي الجمعي للجماعات المختلفة. وتعد هذه الأنشطة بمثابة دعوة ملحة وصادقة لوعي جماعي يهدف بجدية وإصرار إلى بناء مجتمع متماسك ومترابط، يتجاوز بشكل فعّال سلبية الانعزالية، التي أفرزتها الثورة الرقمية وتأثيراتها السلبية العديدة على العلاقات الإنسانية بين الأفراد. وبالتالي، يعمل هذا على تعزيز الروابط بين الجميع ويُعيد بناء الثقة والتواصل الفعّال، مما يؤدي إلى تقوية النسيج الاجتماعي وتعزيز الانتماء والاندماج بين الأجيال المختلفة، وجعل المجتمع مكانًا أكثر انسانية وتفاعلًا.

  1. فنون الشارع وورش الإبداع

تُعتبر فنون الشارع وورش الإبداع من العناصر الأساسية والمهمة، التي تعكس بوضوح روح المبادرة المتجددة، حيث تبرز التفاعل المجتمعي العميق مع مفهوم “يوم بلا شاشات” بصورة مدهشة. فمن خلال تنظيم مجموعة شاملة ومتنوعة من الفعاليات الفنية المبتكرة، يتم فتح فضاءات حيوية ونابضة بالحياة للناس، بحيث يستطيعون من خلالها تنفيذ أنماط فنية حية تستعيد الحضور الإنساني بشكل مباشر وتكسر الحواجز، التي تخلقها وسائل التواصل الافتراضي و”السوشيال ميديا” المنتشرة اليوم. وتتضمن ورش الإبداع مجموعة واسعة من الأنشطة الفنية، التي تشمل الرسم الحر، والكتابة التعبيرية، واللوحات التفاعلية، التي تتفاعل مع الزوار بطرق غير تقليدية ومثيرة. وهذه الأنشطة الفريدة تتيح للمشاركين التعبير عن أنفسهم بحرية تامة، مما يعزز من إبراز هويتهم الثقافية بشكل مباشر وواقعي، ويمنحهم الفرصة للتفاعل بشكل إيجابي مع أنفسهم ومحيطهم في المجتمع من حولهم. إذ إن هذه الفعاليات لا تعزز فقط الإبداع والابتكار، بل تنمي أيضًا الروابط الاجتماعية القوية وتعمل على بناء علاقات جديدة بين الأفراد ومِنَّابرهم المختلفة، مما يؤدي إلى تعزيز التواصل والتفاهم بين مختلف الثقافات. كما أنها تتجاوز

بأثرها حدود الفنون ليشمل جوانب الحياة اليومية بشكل عام، مما يثري تجربة المشاركة الجماعية ويعزز من الشعور بالانتماء إلى مجتمع متماسك.

وتتميز هذه الفعاليات بأنها تعزز بشكل كبير قدرة الأفراد على التواصل الجماعي بطريقة فعالة ومؤثرة. فهي تساهم بشكل ملحوظ في خلق بيئة محفزة توفر فرصًا متعددة للإبداع والابتكار، الأمر، الذي يعتبر ضروريًا في عصرنا الحديث حيث تتزايد التحديات والأفكار الجديدة بمعدل غير مسبوق. وهذا التفاعل الهادف ينعكس إيجابًا على إعادة إحياء التفاعل الوجاهي، مما يسهل بصورة كبيرة التواصل بين المشاركين من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية والاجتماعية. فضلًا عن ذلك، فإن هذه الفعاليات تتيح مساحة غنية وقيمة لتقدير التراث الفني الشعبي والثقافات المتنوعة، مما يعزز الفهم المتبادل بين المشاركين ويشجع في الوقت نفسه على دعم المواهب الصغيرة الناشئة في مجالات الفنون المختلفة ومجالات الإبداع الأخرى. بالمثل، تلعب هذه الفعاليات دورًا هامًا في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية الثقافية، التي قد يغفلها الكثير في زمن يسيطر فيه الوسائط الرقمية المتعددة والتكنولوجيا الحديثة، والتي أصبحت عناصر أساسية لا غنى عنها في حياتنا اليومية وتؤثر بشكل كبير على تفاعلاتنا وتواصلنا مع الآخرين. لذلك، فإن التركيز على مثل هذه الفعاليات يعد خطوة حيوية نحو إعادة تنشيط الروابط الإنسانية وتعزيز الانتماء الثقافي في مجتمعاتنا، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك يفخر بتراثه ويسعى دائمًا نحو التطور وتحقيق الأفضل.

إضافةً إلى ذلك، تعمل ورش الإبداع الفنية بشكل مستمر ودؤوب على إبراز قدرات الشباب والأطفال المذهلة بشكل واضح وجلي، مما يسهم بفعالية كبيرة في تطوير مهاراتهم الفنية بشكل متزايد ويعزز ثقتهم بأنفسهم وبقدراتهم الإبداعية الفائقة. وهذه الورش لا تقتصر فقط على تعليم الفنون بأساليب تقليدية، بل تهدف أيضًا إلى توجيه المشاركين بصورة فعّالة للاستفادة من الفنون كوسيلة فعّالة للتعبير عن قضاياهم وهمومهم اليومية المختلفة والمتنوعة، مما يجعل هذه الورش منصة حقيقية لنقاشات موضوعية وغنية تعزز التفاعل المجتمعي الملموس بين الأجيال المختلفة. إن القدرة على مِنَّاقشة همومهم ومشاعرهم العميقة من خلال الفن والحرف اليدوية تعكس بوضوح أهمية الفنون في المجتمعات، وتشكل نقطة انطلاق رائعة لخلق تواصل أعمق بين الأفراد لفهم بعضهم البعض بشكل أفضل وأعمق. وهذه التجربة الرائعة أيضًا تؤكد أن الإنسان هو محور الحضور الفعلي والمرئي في جميع الأنشطة والمبادرات الثقافية والاجتماعية المعاصرة، مما يعكس انفتاح المجتمع الكبير على تنوع الأفكار والرؤى المختلفة. وهذه التجربة بشكل عام تعزز روح التعاون والإبداع الحقيقي بين المشاركين وتساهم في بناء شخصياتهم القوية، مما يجعل المجتمع مكانًا أفضل للجميع ويدعم قيم التفاهم والتسامح بين الثقافات المختلفة، ويعزز من التعددية ويحافظ على التقاليد المحلية في سياق معاصر غني وتفاعلي.

ومن خلال تلك الأنشطة المختلفة والمتنوعة، تتجسد رسالة المبادرة بشكل واضح وجلي في إعادة بناء روابط إنسانية عميقة ومستدامة، حيث يمكن من خلالها تذويب الحواجز، التي قد تفصل بين الأفراد وتربط بينهم. تلك الحواجز، التي يفرضها الزمان والمكان، وتثقل كاهل العلاقات الإنسانية. وهذا الأمر يؤكد بكل وضوح وجلاء على أن الفن والتعبير الإنسانيين يمثلان جسر تواصل فعال ورائع، يمكن أن يعيد الإنسان إلى صميم الحياة العامة والاحتكاك الاجتماعي، ويُنمي التعاون والتفاهم بين الثقافات المختلفة. ففي عالمِنَّا اليوم، الذي تتجلى فيه قيود الشاشة والتواصل الافتراضي بشكل ملحوظ، والذي يسيطر بشكل متزايد على حياتنا اليومية وتفاعلاتنا الاجتماعية، تبدو الحاجة الضرورية إلى تلك الروابط الإنسانية العميقة أقوى وأكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. إذ إن تلك الفعاليات ليست فقط فرصة رائعة للاحتفال بالفن والإبداع في شتى مجالاته، بل هي أيضًا دعوة ملحة وجادة للجميع للعودة إلى الأساسيات الإنسانية. حيث تلتقي المجتمعات المختلفة في إطار مشترك وتستعيد الأفراد إنسانيتهم بشكل حقيقي وملموس من خلال تفاعلهم المباشر والمُحسوس مع الفنون ومع بعضهم البعض، وهو ما قد يُعتبر تجديدًا منعشًا للحياة الاجتماعية والإنسانية، التي تهمِنَّا جميعًا. وهذه الفعاليات تساهم بشكل فعال في إثراء ثقافتنا وتعزيز تواصلنا الإنساني، الأمر، الذي يمنح الأفراد الفرصة لاكتشاف جوانب جديدة من حياتهم وتعزيز إحساسهم بالانتماء.

  1. لقاءات واقعية مع العائلات والمدارس والمؤسسات

تُركز اللقاءات الواقعية مع العائلات والمدارس والمؤسسات بشكل متزايد على إعادة بناء العلاقات الإنسانية وتعزيز التواصل المباشر والمستمر بين جميع أفراد المجتمع، مما يسهم بشكل ملحوظ في استعادة الروابط القوية، التي قد تتأثر سلبًا في زمن السرعة والتكنولوجيا المتسارعة. ففي إطار المبادرة المُنفذة، تم تنظيم جلسات حوارية مهمة تجمع بين الأهالي والمعلمين، حيث تم تبادل التجارب والتحديات، التي يواجهها الجميع في ظل الاعتماد المفرط على التكنولوجيا الحديثة والمتطورة. وأظهرت اللقاءات أهمية خلق فضاءات حرة ومفتوحة، ينطلق فيها الأفراد من قيود الشاشات الرقمية بحيث تتاح لهم الفرصة للتفاعل والتواصل بصورة مباشرة، وذلك لإحياء عادات التواصل الوجاهي وتعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية القوية، التي سادت في الأزمان السابقة. كما تمّ أيضًا إقامة فعاليات مميزة في المدارس، تضمنت أنشطة تقليدية عديدة مثل الألعاب الجماعية المفعمة بالمرح والحوارات التربوية الهادفة، والتي تهدف إلى ترسيخ قيمة اللحظة الحاضرة وفتح قنوات تواصل أكثر عمقًا وفاعلية بين الطلاب والمعلمين، بعيدًا عن الوسائط الرقمية والاتصالات المجهرية، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. وقد ساهمت هذه اللقاءات الفعالة في تأسيس بيئة تعليمية وتعليمية أكثر تفاعلًا، تسهل على الجميع تعبئة جهوده نحو مشاركة وعرض الأفكار والمشاعر، مما يعزز الشعور بالانتماء والترابط بين الأجيال المختلفة.

علاوة على ذلك، يمكن أن تُستَضاف مجموعة متنوعة من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الثقافية المختلفة من أجل المشاركة في ورش عمل مثيرة ومتنوعة، تستهدف استكشاف طرق بديلة وجديدة للتعلم والإبداع في المجتمع. وهذه الورش تعتمد بشكل كبير على التفاعل المباشر وتعزيز سلامة الفكر، إذ يتيح هذا التفاعل فرصة قيمة لتعميق الفهم وتبادل الأفكار بأساليب مبتكرة. وقد تُساهم هذه اللقاءات الهامة بشكل كبير في إلقاء الضوء على ضرورة تقليل الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية الحديثة، والسعي نحو إيجاد حلول عملية مبتكرة يمكن أن تُعزز تفاعل الأفراد بطرق فعالة دون تكنولوجيا مفرطة. وهذه النماذج المبتكرة والمعاصرة لا تقتصر فائدتها على البالغين فقط، بل تشمل أيضًا المراهقين والشباب، مما يجعلها فرصة حقيقية لإعادة اكتشاف القدرات الاجتماعية والمعرفية وتنمية مهارات جديدة من خلال تجارب ملموسة وفعالة تُعزز التعلم المستدام والتفاعل الإيجابي بين الجميع، مع إبراز أهمية العمل الجماعي وتبادل الخبرات. كما أن هذه المبادرات توفر بيئة داعمة تشجع على الابتكار والفكر النقدي، مما يؤدي إلى تعزيز الهوية الثقافية والارتقاء بالمجتمع ككل، لذا تعتبر هذه الورش ليست مجرد فعاليات عرضية، بل هي جزء أساس من استراتيجية شاملة للتنمية المستدامة، التي تهدف إلى تحقيق التقدم الشامل في مختلف المجالات.

يُضاف إل كل ذلك أن هذه الأنشطة ليست مجرد فعاليات عابرة تأتي وتذهب، بل هي مستمرة في تحفيز المجتمع بشكل متواصل ودائم وفعال. هذا التحفيز المستمر يعكس أهمية تبني أساليب حياة أكثر توازنًا وصحة للناس في مختلف الفئات العمرية. هذه البرامج المتنوعة، بمعاييرها المختلفة ومواضيعها المتعددة، تُساهم بشكل ملحوظ في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد، وفي الوقت نفسه تُبرز الحاجة الملحة للابتعاد عن التكنولوجيا الحديثة، والمحافظة على الوقت للعودة إلى النشاطات الإنسانية والاجتماعية، التي تعزز الحوار والتفاعل الحقيقي بين الأفراد بشكل أكبر وأعمق. لذلك، فإن الأمر يتطلب مِنَّا جميعًا التفكير جديًا في كيفية إعادة تقييم وتوجيه علاقتنا بالتقنية الحديثة، لأن التركيز على الأنشطة، التي تعزز المهارات الاجتماعية الحقيقية العامة يعتبر أمرًا أساسيًا لبناء مجتمع أكثر تماسكًا وقوة، حيث تمثل هذه الأنشطة ضرورةً لتنمية العلاقات الإنسانية بكل أبعادها. ومن ثم، فإن الاستمرار في هذه المبادرات المبتكرة والمتنوعة يسهم بلا شك في رفعة الثقافة المجتمعية وزيادة وعي الأفراد بأهمية التواصل الفعال والمعرفة المشتركة بينهم. وهذا التواصل يعزز من القيم الإنسانية والمبادئ الاجتماعية، ويساهم أيضًا في رفع مستوى التفاهم والتعاطف بين أعضاء المجتمع، مما يجعل من الممكن خلق بيئة أكثر إيجابية وإنتاجية تعود بالفائدة على الجميع، متمثلة في تعزيز روح الانتماء والتعاون، الذي يعود بالنفع على الفرد والمجتمع.

وفي سياق متصل، يُستحسن التشجيع بشدة على ضرورة عقد لقاءات مباشرة ومستمرة ومكثفة مع مختلف فئات المجتمع، وتكرارها، سواء من خلال تنفيذ فعاليات ميدانية شاملة وموسعة تتميز بالتنوع والابتكار، أو عبر تنظيم لقاءات منزلية مريحة ومخصصة ومليئة بالأفكار الجديدة، وذلك لتعزيز الشعور بالأمان والثقة في التواصل الوجاهي القائم بين الأفراد. إذ إن هذه اللقاءات الفعالة والمثرية ستكون لها دور كبير في تفعيل الحوار وفتح آفاق جديدة للتفاهم المتبادل بين الناس، مما يساعد على بناء علاقات إنسانية قوية ومتماسكة، قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز الصعاب. وقد تُظهر نتائج مثل هذه اللقاءات فوائد كبيرة وواضحة في تنمية الحس الجمعي الواسع، وتعزيز قيم الحوار الفعال والتسامح الإنساني بين الأفراد والمجتمعات، حيث يسهم ذلك في تخفيف التوتر وتعزيز السلم الأهلي. وهذا بالطبع يعزز، على المدى الطويل، فاعلية المبادرة، التي نسعى لتحقيقها، ويشكل ركيزة أساسية وثابتة في استعادة الحضور البشري الحقيقي والمميز في حياة الأفراد والمجتمع ككل. وكشرط أساس، يجب المسارعة في تنظيم هذه الأنشطة بعيدًا كل البعد عن قيود الرقمية والتقنيات الحديثة، التي قد تحد من التواصل الفعلي والمباشر، وتحجم من العلاقات الإنسانية الطبيعية والمباشرة، التي تحتاجها المجتمعات من أجل تحقيق التنمية الحقيقية والشاملة، كون هذه العلاقات هي الأساس لبناء المجتمعات القوية والمتماسكة.

ونواصل…

الدكتور الصادق الفقيه


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى