التنويريتربية وتعليم

التقويم التربوي

العمليَّة التعليميَّة؛ التركيب والبناء:

إنَّ العمليَّة التعليميَّة التعلميَّة، مهما كانت طبيعتها ومرجعياتها، والنسق البيداغوجي الذي تنتمي إليه،  فهي عمليَّة نسقيَّة، مرتبطة العناصر ومجتمعة المكونات،لا يمكن أن تعمل منفصلة أو مستقلَّة بذاتها، وهي تسعى إلى أن تصل إلى  أهدافها.

ما يعني أنَّ تحقيق أهداف العمليَّة التعلميَّة، رهين  باجتماع عناصرها الأساسيَّة، ومكوناتها الفرعيَّة  التي تتركَّب منها هذه العمليَّة وهي: -المعلِّم–المتعلِّم- المادَّة الدراسيَّة الحاملة للمعارف، و”المنهاج الدراسي المدرس”.

وهناك من يضيف  مكوِّن الفضاء المدرسي إلى مكونات العمليَّة التعليمة  الأساسيَّة، لأنَّ الفضاء والمكان الذي تمارس وتدبَّر فيها الأنشطة الصفيَّة  وحتى الأنشطة التقويميَّة، يعدّ ضروريا وبدونه لا يستطيع المدرس أن يزاول مهامه  وأنشطته “.[1].

وهذه الأطراف والمكونات المشيدة  للعمليَّة التعليميَّة، تعمل  بشكل نسقي  وجامع، فهي متداخلة العناصر، ومتواصلة في الأطراف، فالعمليَّة  التعليميَّة  التعلميَّة  لا تعمل  بشكل منفرد، أو مستقل عن بعضها، أو عن مكوناتها  التي منها تتشكَّل  مكوِّنات  العمليَّة التعليميَّة.

وبالتالي لا يمكن أن نتصوَّر العمليَّة التعليميَّة، بدون استحضار  هذه العناصر والمكوِّنات، وهذا يعني وبشكل صريح، أنَّ نجاحها رهين وموقوف بمدى تلاحم، وارتباط العناصر الأساسيَّة المكونة للعمليَّة التعليميَّة في بعديها النظري والتطبيقي والإجرائي.

تبعا لهذا، فمن شأن تقاطع هذه العناصر، وعدم  اجتماعها ،أو انفصال مكوناتها  ومداخلها، أن تصاب  العمليَّة  التعليميَّة، وأطرافها بالخلل، وتوقع المدرِّس في الاضطراب، ممَّا يجعل التحقُّق من الأهداف المحدَّدة فيها والمسطَّرة في مداخلها، أمرًا  بعيدا، ومتعذرا إن لم نقل مستحيلا [2].

-تعريف التقويم

رغم التعدُّد والاختلاف في تعريف التقويم من حيث هو مفهوم تربوي، بين المشتغلين بالشأن التعليمي، فإن دلالته التربويَّة لا تخرج عن هذا المعنى ،وهو إعطاء قيمة عدديَّة أو معياريَّة لمنتوج المتعلم، سواء في حصة دراسة أو في وحدة تعليميَّة.

ومن تعاريف التقويم  هذا التعريف الإجرائي الذي يتحدَّد التقويم  في قياس مدى تحقق أهداف حصة، أو وحدة دراسيَّة ضمن الوحدات المشكلة للمنهاج التعليمي المدرس والمقرر في مستوى من المستويات التعليميَّة.

ومن التعاريف التي قد يقف عليها الدارس ،والباحث في قضايا  التقويم، هو أنَّ التقويم في مراحله وبداياته الأولى كان يركِّز على المضامين، ويراهن على المعارف بشكل أخص، يعني أنَّ الغاية من التعلم هو أن يسترجع  المتعلم المعارف والمحتوى  الذي تلقاه في المواد الدراسيَّة، من  معلميه  ومدرسيه، وأن يكون هذا الاسترجاع بشكل حرفي، بدون زيادة ولا إضافة، سواء في حصة دراسيَّة او في وحدة تعليميَّة، أو في امتحان فصلي أو نهائي.

من هنا كان من السائد بين المشتغلين بالتربية والتكوين، أن التقويم له من  الارتباط  الوثيق بالمسار الذي تمر منه البيداغوجيات والمقاربات التربويَّة في مسارها التعليمي التي مرَّت منه.

 التقويم في المنهاج الجديد.

سبقت الإشارة  أن المنهاج الجديد  يتأسَّس على المرجعيات الاتية:

1-المدخل القيمي.

2- التربية على الاختيار.

3- المقاربة بالكفايات.

على هذا الاعتبار، فقد  نصَّت الدلائل التربويَّة الجديدة التي جاءت شارحة وواصفة للمنهاج الجديد للتعليم الابتدائي، أنَّ التقويم هو الكشف عن مواطن القوَّة التي يجب تعزيزها في منتوج المتعلم، أو هو علاج  للتعثرات التي يقع فيها المتعلم، ما ينبغي  ويستلزم تجاوزها عن طريق أنشطة الدعم، وهو  ما  يوجب   التركيز على  تقويم  كفايات التعلم بشكل أخص.

فالتقويم وفق المقاربة بالكفايات الذي جاء  في المنهاج الجديد ونصت عليه محاور التدابير ذات الأولويَّة ،لا يركز على  المعارف بمفردها، بل يعمد إلى قياس مكتسبات المتعلم المعرفيَّة وقدراته ومهاراته  وفق المعارف التي تلقاها، وهو يوظفها في حل مشكل   تعليمي،  ما يجعل المعلم  والمدرس يقف ويعاين  مدى تحقق الأهداف الإجرائيَّة التي تشكِّل   المداخل الأساسيَّة في التعلُّمات الأساس، كما يقف  على مدى نمو كفايات التعلم عند المتعلم، انطلاقا من تعامل هذا المتعلم مع الوضعيات التقويميَّة التي تقدم له في نهاية وحدة تعليميَّة أو نهاية فصل دراسي.

استنتاج

 ممَّا سبق ندرك أنَّ التقويم  يعدّ أحد المكوِّنات الأساسيَّة في المناهج التعليميَّة، وأنَّ التقويم بالوضعيات جاء استجابة للنقلة المعرفيَّة والابستمولويَّة التي  حملها المنهاج الجديد الذي جاء في سياق  تحول  المعارف الانسانيَّة التي أحدثتها العلوم الإنسانيَّة  …[3]


[1]-علم النفس التربوي: قضايا ومواقف للدكتور احمد اوزي كتاب من منشورات مجلة علوم التربية السنة:2000.ص: ص:8.

[2]-تحليل العمليَّة التعليميَّة لمحمد الدريج  ص:26

[3] -علم النفس وفن التربيَّة جان بياجي ترجمة محمد بردوزي. اصدار دار توبقال ط:-5-1992.ص:23


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة