تقديم:
لا أحد يشكّ في التأثير الذي مارسته التحوُّلات القيميَّة، والاجتماعيَّة والثقافيَّة والرقميَّة على القضايا التربويَّة، وعلى الممارسات التعليميَّة في جميع أطرافها وعناصرها، ومكوناتها، وهذا التأثير مسَّ مباشرة البرامج والمناهج التعليميَّة بشكل خاص، بحيث تمَّ إعداد والعمل بالمنهاج الجديد المنعوت “المنهاج الجديد بالمنقح للتعليم الابتدائي “، استجابة وتفاعلا مع مجموعة من التحوُّلات الاقتصاديَّة والفكريَّة والقيميَّة، ومنها التحوُّلات التي عرفها مجال التواصل بجميع أشكاله وأنواعه وفروعه، فهذه التحوُّلات العميقة تشكِّل ركنًا أساسيًّا من حاجات الإنسان المعاصر، ممَّا جعل العمليَّة التواصليَّة ضرورة تربويَّة في حياة الإنسان المعاصر، إذ أثَّرت هذه التحوُّلات على المنظومة التعليميَّة بالمغرب في جميع مرافقها وقطاعاتها، ولم تكن المدرسة المغربيَّة بمنأى عن هذا التحوُّل الرقمي، اذ يتجسَّد هذا الانخراط في المشاريع الإصلاحيَّة التي راهنت على ضرورة الاستفادة من نتائج التحوُّل الرقمي في تجديد وتجويد منظومة التربية والتعليم ببلادنا في جميع أطرافها وقطاعاتها ومستوياتها، وهذا التأثير الذي مارسته الرقميَّات على المدرسة، وعلى المتعلِّم على حدٍّ سواء، هو المسعى الذي سنعمل على إظهاره وإبرازه، والحديث عن قضاياه، وإكراهاتها في هذه الورقة العلميَّة.
ـ المدرسة والسياق الرقمي:
لقد تسلَّلت هذه التقنيات الرقميَّة الجديدة الى الفضاء المدرسي بشكل كبير، وأصبحت جزءًا من المنظومة التعليميَّة، وهو ما شكَّل أحد الدعامات الأساسيَّة في الإصلاحات الأخيرة التي شهدتها منظومة التربية والتعليم في المغرب.
ولا نختلف إذا قلنا أنَّ أكبر ثورة عرفتها الإنسانيَّة في الفترة المعاصرة هي الثورة الرقميَّة، بل هناك من نعت هذا العهد بالعهد الرقمي، وهناك فئة من الباحثين والمهتمِّين بالمجال التربوي والتعليمي اختارت المراهنة على المعيار الرقمي في بناء العمليَّة التعليميَّة، والانشطة الصفيَّة،لأنَّ الرقميَّات لها دورها ووقعها في الأنشطة الصفيَّة، وهي من ضمن المعايير المشكِّلة للجودة في قطاع التربية والتعليم، والسند في هذا الاختيار هو أنَّ أكبر ثورة عرفتها الإنسانيَّة اليوم هي الثورة الرقميَّة، فلا بد للمتعلِّم أن يتفاعل مع هذا التحوُّل الكائن في المجال الرقمي، وأن يحسِّن ويجيد التصرُّف في الموارد الرقميَّة المعينة والمساعدة على التعلُّم حسب المستوى الذي يتواجد فيه وحسب إيقاعه في التعلُّم،ؤويجعل من الموارد الرقميَّة أداة مساعدة ومعينة على التعلُّم،علمًا أنَّ هذا العصر عرف نقلة نوعيَّة في هذا المجال فظهرت المدرسة الرائدة الرقميَّة، والقسم الرقمي والكتاب الرقمي.[1]
وللتذكير فقد اختار عدد من الباحثين، ومنهم الدكتور والباحث التربوي أحمد اوزي التحوُّل الرقمي في المجال التعليمي الانترنت أحد معايير الجودة في التربية والتعليم، فهو يعتبر أن الجودة في المجال التربوي عادة ما تقاس في الإعداد الجيِّد للمعلِّم والمتدخِّل في العمليَّة التعليميَّة، من حيث هو طرف أساسي، وعنصر فاعل ومؤثِّر في العمليَّة التعليمية التعلميَّة، فهذا الإعداد الجيِّد هو المفتاح الحقيقي والمدخل الأساسي لتطوير التعليم، والرفع من أدائه، ولا يتأتّى هذا إلا عن طريق نهج أساليب ومناهج فعَّالة في هذا الإعداد والتكوين للعنصر البشري الذي يتولى ممارسة التعليم.[2]
من هنا نقول لا يمكن لأيّ إصلاح تربويّ ينشد الجودة، ويستهدف الرفع من الأداء التعليمي من دون تفعيل الموارد الرقميَّة في بناء التعلُّمات، باعتبار هذا التفعيل مدخلًا أساسيًّا، يساعد ويعين على إكساب المتعلِّم مجموعة من الكفايات والمهارات المهنيَّة الكفيلة بتسهيل مواكبته لمستجدّات السّاحة التّربويَّة.[3]
أهداف المدرسة الرقميَّة:
-تحسين التعلُّمات بواسطة استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات كوسائل ديداكتيكيَّة معينة من قبل المدرس.
-امتلاك التلميذات والتلاميذ للتكنولوجيا لإدماجهم في المجتمع الرقمي ومجتمع المعرفة.
– جعل تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات محرِّكًا للتنمية البشريَّة بحضورها في الفضاءات المدرسيَّة.
– جعل تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات مصدرًا للإنتاجيَّة وقيمة مضافة لباقي القطاعات الاقتصاديَّة وللإدارة العموميَّة.
– جعل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات أحد دعامات الاقتصاد والتنمية من خلال حضورها في قطاع التربية والتعليم.[4]
– مراجع للاستئناس
-التوظيف البيداغوجي للموارد الرقميَّة لنور الدين مشاط :123.مجلة علوم التربية العدد:-52-السنة:2012.
[1] -المدرسة المغربيَّة واعداد النشئ للانخراط في مجتمع المعرفة لا حمد اوزي مجلة علوم التربية العدد:-514- السنة:1012. [1] -التربية الرقميَّة وتأهيل التعليم اعبد الكريم احبي:41.مجلة علوم التربية العدد:-57-السنة:2013.[1]نور الدين،2011، مشاط المدرسة المغربيَّة وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات منشورات مجلة علوم التربيَّة ص:24
[2]احمد اوزي، 2012، اللغة والوعاء الفكري- مجلة علوم التربيَّة.العدد:53، ص: 5.
[3]أحمد أوزي،2005 جودة التربيَّة وتربيَّة الجودة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص29.
[4] -الدليل البيداغوجي العام إدماج تكنولوجيا والاتصالات في التعليم منشورات وزارة التربية والتعليم السنة: 2014:ص42.