الفسطاط وأبوابها دراسة مميَّزة لعبد الرحمن الطويل

image_pdf

صدر عن دار العين للنشر في القاهرة كتاب للباحث الشاب عبد الرحمن الطويل عنوانه (الفسطاط وأبوابها) الكتاب يكمل نقصا في الدراسات العربيَّة عن مدينة الفسطاط، ركز الباحث في القسم الأول على تاريخ المدينة منذ تأسيسها حتى أفولها، وفي القسم الثاني ركز على أبواب المدينة وهذا القسم يضم الجديد الذي يقدمه هذا الكتاب.

 يرى عبد الرحمن الطويل أن المصادر التاريخيَّة لا تمدنا بأي معلومات عن بناء أي سور للفسطاط قبل عصر شاور بن مجير الدين السعدي الذي كان وزيرا في أواخر العصر الفاطمي، ويعود هذا في رأيه إلى أن الفسطاط نشأت مدينة معسكر في صدر الإسلام، وهذا النوع من المدن لم يسور، لأنه محطة انتقال إلى فتوحات وغزوات أخرى، لكن كان لدروب الفسطاط أبواب، وأقدم نص يشير لأبواب دروب الفسطاط هو نص المؤرخ الكندي عن إمارة يحيي بن داود الخرسي زمن الخليفة العباسي المهدي، لما ولي مصر منع من غلق الأبواب بالليل، ومنع أهل الحوانيت من غلقها.

 الطويل حاول في هذا الكتاب استقصاء أبواب الفسطاط بصورة غير مسبوقة وحدد أماكنها وهو ما نجح فيه، مما زاد في صعوبة هذه الدراسة أن معظم أبواب الفسطاط مندثرة، وهي إما تعود للعصر الفاطمي أو العصر الأيوبي.

باب الصفا قدم لنا الباحث عنه معلومات مفصلة، فهو أكبر أبواب الفسطاط وأهمها يقول عنه المقريزي (هذا الباب كان هو في الحقيقة باب مصر، وهو في شمالها، ومنه تخرج العساكر وتعبر القوافل)، وكان بابا ضخما من برجين يعلوهما عقد كبير وفي أسفله عتبة من الحجر، وحدد موقعه عند سور مجري العيون بالقرب من مسجد السيدة نفيسة، وهو على امتداد الشارع الأعظم في مدينة القاهرة، ويشير الطويل إلى أن هذا الباب يعود للقرون الأولى للهجرة .

لكن علينا أن نقف كثيرا في هذا الكتاب عند محاولة المؤلف تحديد سور شيده الوزير الفاطمي شاور للفسطاط في ظل تهديدات مستمرة من الصلبيين للهجوم على العاصمة المصريَّة، وذكر عن المؤرخ المملوكي المقريزي أن شاور شرع في بناء سور على مدينة الفسطاط، واستعمل فيه الناس فلم يبق أحد من المصريين إلا وعمل فيه، وحفر من ورائه خندقا، وعمل في السور ثمانية أبواب، ويخلص الطويل إلى أن سور شاور كان من اللبن وأساسه من الحجر، ويرجح أن أهميته تضاءلت بعد بناء صلاح الدين الايوبي سورا حول العاصمة المصريَّة من الحجر، وأن الناس هدموا سور شاور لينتفعوا بمواده في البناء، وهذا استنتاج جيد .

إن هذا الكتاب يقودنا عبر حفريات المؤلف في المصادر التاريخيَّة إلى عدد من المعطيات أهمها أن السور الأيوبي للمدينة والذي ما زالت أثاره باقية محدد جيد للمدينة، كذلك أن الفسطاط كمدينة ما زالت مهملة وهي في حاجة إلى مزيد من الدراسات فما زالت تلال الفسطاط بلا حفر أثري علمي منظم يبني على أبحا ث تقودنا لبناء تصورات عن المدينة وحاراتها عبر العصور، ولذا فإن هذا الكتاب هو دعوة الإنقاذ الفسطاط من العديد من المشاريع التي تتغول على حساب الكشف عنها، والمار في طريق صلاح سالم من ميدان القلعة إلى منطقة مصر القديمة عند حسابه ارتفاع وهبوط الطريق سيلحظ أنه يمر فوق بقايا المدينة، كذلك المنطقة المحاذية لسور مجرى العيون والتي كان بها مدابغ الجلود أسفلها بقايا مدينة الفسطاط، لذا فهذا الكتاب الذي يعيد استكشاف المدينة، ما هو إلا صرخة لاعادة اكتشاف الفسطاط .

وسوم:

اترك رد

جديدنا