التنويريتربية وتعليم

ديداكتيك المواد التعليميَّة

-تقديم:

من أبرز الجهات التي نالت عناية المشتغلين والمهتمِّين بالميدان التربوي، جهة ديداكتيك المواد  التعليميَّة وتخطيطها حسب المستويات التعليميَّة، وديداكتيك المواد هو مفهوم جديد ينتمي إلى مجال البحوث البيداغوجية والديداكتيكية التي تطوَّرت كثيرا في الآونة الأخيرة بفضل التطوُّر الذي مسَّ العلوم الإنسانية وانقالها إلى الجهة التطبيقية الإجرائيَّة، وتعني  ديداكتيك المواد في بعض المعاجم التربويَّة: تعليميَّة المواد الدراسيَّة، وهذا التخصُّص له تعلق  وارتباط بمنهجيَّة التدريس، وبطرائق التعليم للمواد التعليميَّة بجميع أنواعها، وبمختلف أقطابها وأشكالها[1].

وديداكتيك المواد تشكِّل مكوّنًا أساسيًّا للعمليَّة التعليميَّة، فهي عنصر أساسي من عناصر العمليَّة التعليميَّة التي تشتغل بشكل متَّسق.

ولقد تطوَّرت ديداكتيك المواد في السنين الأخيرة، أمام التحوّل الكبير الذي عرفته علوم التربية، وانفتاح ديداكتيك المواد على العلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة وحتى على العلوم الحقَّة، وقد استفادت ديداكتيك المواد  من النتائج المحصل عليها في البحوث  التربويَّة الميدانيَّة والتطبيقية التي أنجزت في مدارس التكوين، إضافة إلى اشتغال علوم التربية  بالمجال الاجرائي التطبيقي وابتعادها عمَّا هو نظري، أعني العناية بكل ما له صلة مباشرة بميدان التربية والتعليم، وبمهن التدريس.

– مرجعيَّات ديداكتيك المواد التعليميَّة

وهذه ال|إشارات تعني أنَّ الجهة الناظمة لمواد التدريس، تحدّدها مجموعة من المرجعيَّات ومن أبرزها:المرجع البيداغوجي، والمرجع السيكلوجي والاجتماعي، والمرجع الرقمي واللساني، وهذه المرجعيَّات لها تعلُّق وثيق بالمواد التعليميَّة.[2] 

أمَّا عن علاقة الديداكتيك  بالبيداغوجيا، فهي علاقة الكل بالجزء، يعني هذا أنَّ        البيداغوجيا مرتبطة بالمتعلِّم وبنظريَّات التعلُّم، وبعلاقة المتعلِّم وتأثّره بالأسرة، وبالمدرسة وبالمحيط الذي يتفاعل معه، فإنَّ الديداكتيك لها  جهة خاصَّة، تتعلَّق هذه الجهة بطرق تدريس المواد المقرَّرة في مستوى من المستويات التعليميَّة المدرسة.

 مرجعيَّات وديداكتيك المواد التعليميَّة

-المرجع السيكولوجي النفسي

من أبرز مرجعيات ديداكتيك المواد، المرجع السيكولوجي، بحيث أظهرت البحوث والدراسات الميدانية والتطبيقية، أنَّ مراعاة المستوى النفسي والعمري للمتعلّم من العناصر الأساسية في طرائق التدريس والتعليم والبحوث الذي له  صلة بمرجعيَّة ديداكتيك المواد.

وهذا ما يلزم عنه، الانفتاح على الطرائق البيداغوجية الجديدة، وتفعيلها في عمليَّة التعليم والتعلُّم  بالمستويات الأولية مثل بيداغوجية اللعب، وبيداغوجية تقمُّص الأدوار-المحاكاة، دون إهمال  تقنيات التنشيط.

وممَّا نصَّت عليه البحوث السيكولوجيَّة المعاصرة، هو ضرورة مراعاة  المجالات التي تركب شخصية الطفل، والمحدّدة في المجال الوجداني والمعرفي والمهاري، بإعطاء الـأولويَّة  والأسبقيَّة للمجال الحركي والمهاري في السنوات الأولى من التعلُّم، وهذا مقتضى عادة يدرج في احترام المرحلة النمائية للمتعلِّم والمعبر عنه بالإيقاع  النمائي والنفسي للطفل.

وأظهرت السيكولوجيَّة المعاصرة أنَّ التعلُّم سيرورة  مركبة تنثال من عدة عناصر، بفضلها يتكيَّف المتعلِّم  مع المواقف الجديدة، ومع التحوُّلات التي تقع في المحيط القريب منه. [3]

وقد بينت عدد من البحوث  الاجرائية، أهمية المجال السيكلوجي والنفسي  في العملية التعليميَّة،وفي ديداكتيك المواد  بشكل خاص[4].

وهو ما جعل من المكون السيكلوجي مبدأ أساسيًّا في بناء طرائق تدريس المواد التعليميَّة.

-المرجع السسيولوجي:الاجتماعي

لا بد من الإشارة أنَّ مراعاة ما هو اجتماعي  في بناء التعلمات له راهنيته على أطراف العملية التعليميَّة بشكل خاص.

فتوجيه المحتوى والمضمون التعليمي إلى المتعلم من مقتضياته ولوازمه، معرفة المحيط  والوسط السوسيواقتصادي والثقافي الذي يعيش فيه المتعلم.

وهذا المجال المتعلق بالعلاقة التقابلية بين المجال الاجتماعي  وصناعة المحتوى التدريسي، شكل هاجسا تعليميا  في علم اجتماع التربية، وهذا التخصص سعى  إلى ابراز  مدى العلاقة الجامعة والمتبادلة بين ما هو تربوي اجتماعي، وما هو ديداكتيكي.

–  المرجع الرقمي

المرجع الرقمي له راهنيته في ديداكتيك المواد، وعليه  لا ينبغي في تعليمية المواد إهمال المرجع الرقمي في بناء التعلمات، فتزايد الاهتمام بالرقميات والوسائط الجديدة في التواصل، وتقريبها في عملية التدريس والتعليم، عرف تطورا ملحوظا  في الفترة المعاصرة، وهو ما يلزم منه إدماج هذه الموارد الرقمية، والعمل على استثمارها وتقريبها في العملية التعليمية، وبالأخص في السنوات الأولية من عملية التعلم، لما لها من أثر ومن  حافزيَّة على عمليَّة التعلُّم، إضافة أنَّها من آليَّات التنشيط للمتعلِّم.[5]

-المرجع  اللسني   

اللسانيات التعليمية – أو اللسانيات التطبيقية – هو فرع من اللسانيات العامة، موضوعه البحث في التطبيقات الوظيفية والتربوية للغة في عملية التدريس والتعليم، وهو تخصص يهتم بالعلاقات البيداغوجية للغة، وبالطريقة التي بها تدرس في جميع المستويات التعليمية .[6]

وقد تطورت اللسانيات التعليمية من حيث هي إحدى فروع اللسانيات العامَّة بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

واللسانيات التعليمية من أبرز العلوم المرشحة والقادرة على  الإجابة على معظم  الإشكالات، ومختلف القضايا التي لها صله وارتباط بمشاكل وإكراهات تعلُّم وتعليم اللغات عامة، واللغة العربية بشكل خاص.

وقد تأسَّست الحاجة إلى هذا العلم بسبب اتساع الطلب على تعلم اللغات بصفة عامة، وبسبب تداخل  اللسانيات التعليمية مع قطاع التربية والتعليم بصفة خاصة، واشتغال علماء اللسانيات التعليمية على طرائق  تدريس وتعليم  اللغات، وعلى الصعوبات والتعثرات التي تعترض المتعلم في تلقيه واكتسابه  للغات  .[7]

فلا نختلف اذا قلنا أن هذا العلم له من القدرات على الإجابة  على مختلف  إكراهات تدريس وتعليم اللغات في المدرسة المغربية.[8]

المرجعيَّات الكبرى في  ديداكتيك المواد التعليميَّة

يتأسس الإنتاج الديداكتي على مجموعة من المرجعيات، والأسس البيداغوجية والديداكتيكية من أبرزها:

 -معرفة هندسة المنهاج الجديد للتعليم الابتدائي  في مداخله الكبرى، وبنائه في جهة التخطيط والتدبير والتقويم وأنشطة الدعم.

فلا بد من المعرفة بالغلاف الزمني للمادة، وعدد الحصص السنوية، والحصة الزمنية التي يستغرقها كل درس.

-معرفة تخطيط المادة من حيث توزعها إلى فصلين أساسين،الفصل الأول يستغرق ثلاثة مراحل، والفصل الثاني يستغرق هو الاخر ثلاثة مراحل،كل مرحلة تأخذ خمسة أسابيع.

-معرفة أهم المستجدات التي حصلت في منهاج مادة التربية الاسلامية في السلك الابتدائي،من حيث الانتقال بالتدريس بالمداخل عوض المكونات التي كانت التدريس بها في المنهاج السابق.

-معرفة طبيعة المادة  المدرسة من حيث الأهداف،والكفايات الناظمة لها،ومن حيث الوسائل والدعامات المعتمدة في تدريسها.

-المعرفة بالمذكرات والأطر المرجعية الناظمة للأنشطة التقويمية وأنشطة الدعم.

-اعتماد المرجع الرقمي في انتاج الدعامات، والوسائل التعليمية المساعدة على التعلم،لما لها من تأثيرمباشر على عملية التعلم .

-اعتماد المرجع السيكلوجي في التدريس،من خلال مراعاة الخصائص النفسية والسيكلوجية للمتعلمين،والفوارق النفسية الحاصلة بينهم .

فهذا المرجع يعين  على معرفة الفوارق  الفردية والاجتماعية بين المتعلمين في الفصل الذي يدرسون  فيه.

من جهة اخرى يعين المرجع السيكلوجي على اختيار المقاربة البيداغوجية في التدريس في مرحلى البيناء أو في مرحلة التقديم، وتقديم أنشطة الدعم.

تقرير تركيبي

ان ديداكتيك المواد التعليمية لها راهنيتها وأهميتها  في العملية التعليمية ما يلزمها أن من التطورالذي عرفته العلوم الإنسانية،ومنها بالأخص:علم النفس وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا–علم الثقافة- والاقتصاد واللسانيات التطبيقية .

وعليه فإن الرفع من آداء طرائق التدريس والتعليم رهين بمدى الانفتاح على المستجدَّات التي تعرفها العلوم الإنسانيَّة.


[1]–  محمد الدريج 1984 : ما هي الديداكتيك مجلة التدريس العدد-7-السنة: ص:46

[2] محمد الدريج 2004: تحليل العملية التعليمية وتكوين المدرسين، منشورات سلسلة المعرفة للجميع، الرباط، المغرب، الطبعة:2  ص:172

[3] – أحمد اوزي :2001علم النفس التربوي اصدار مجلة علوم التربية ص:122

[4] – محمد مومن  2013:التكوين السيكلوجي  للمدرسين  مجلة دفاتر التربية والتكوين العدد:8-9. ص:47

[5] –  نور الدين مشاط :2012 – التوظيف البيداغوجي للموارد الرقمية : مجلة علوم التربية العدد:-52-ص: 123.

[6]-اللسانيات النسبية وتعليم اللغة العربية لمحمد الاروغاي-منشورات اختلاف الجزائر السنة 2010 ص::22

[7]– سامية جبار2002:اللسانيات التعليمة للدكتورة اصدار منشورات اختلاف ص:56

[8] – الغالي احرشاو:2019.اكراهات تدريسية اللغة العربية في المدرسة المغربية  محاورة  في الموقع  الالكتروني الأستاذ .


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة