بصدد التنظير لقول عربي مستحدث في نقد الاستغراب
محمود حيدر
يكمن المغزى العميق للفعل التنظيري بوصفه فلسفة عمل وفعل. وحين يتوفر الفاعل على إرادة التفكير صار التنظير بالنسبة إليه – لا ضرورة معرفية فحسب – بل واجباً أخلاقياً أيضاً. في هذه اللحظة يشق المنظِّر سبيله نحو نظرية معرفة تقوم على النظر والإيجاد في آن. هكذا، تتأسس فلسفة التنظير على الثقة، بأن الذات قادرة على الفعل والإيجاد متى غادرت أنانيتها وتكاملت بحضورها في فضاء الحضارة الإنسانية الشاملة. حالذاك لا تعود الذاتُ حبيسة القلق والتشظي وانعدام اليقين. ولا يعود السؤال بالنسبة إليها مطروحاً لمجرد الاستفهام العارض، وإنما ذلك السؤال الذي يصدر عن ذات مسؤولة معتنية بضرورات الإجابة وواجبيتها.