(رومانسيَّة التشويه)
مقدِّمة:
إن سرعة هذا العصر وما فيه من عولمة للأسواق والثقافات والمعلومات لا يتيح الوقت الكافي لتطوير رؤانا وممارستنا، فهذه المتغيرات لا تمهل المجتمع الفرصة للتفكير والاستعداد للمشاركة، بل إنها تدفعه دفعًا للعيش تحت تأثيرها، والوقوع تحت طائلة من الأحداث والسلوكيات التي قد لا تتفق مع ثقافة المجتمع وقد تشكل عائقا لأشكال الحياة فيه.
ولما كان من المشهور أن هناك قدراً كبيراً من التماثل في المفاهيم الثقافية في الدول العربية، والتي تؤثر في أسلوب تقديم صورة المرأة والأدوار التي يفترض أن تقوم بها، فنادراً ما نجحت وسائل الاعلام على المدى القصير في إحداث التغيير الاجتماعي، لأنها تقدم في المضمون الخيالي البناء الطبقي، على خلاف ما تشير إليه الاتجاهات أو الأوضاع الفعلية، وتهمل في تقديم جماعات معينة أو تقديمها على نحو منحرف، وهو ما عرف باسم (الافناء الرمزي).
وفي مراجعة لبحوث منظمات وتنظيمات المرأة وتمكينها وجد أن هناك اهتمام واضح واعتراف دولي من قبل المؤسسات، بأهمية الدور الذي تقوم به التنظيمات في تغيير أوضاع المرأة على مختلف المستويات، ومنها الإعلام ومشتقاته. وأشارت الدراسات التحليلية لصورة المرأة أن وسائل الإعلام تقدم صوراً متحيزة ضد هذه النماذج التي يحتاج المجتمع إلى تكوين صورة ذهنية صحيحة حيالها لتسهم في عملية التنمية. ويقصد بالصورة الإعلامية للمرأة مجموعة السمات والصفات التي تنسبها وسائل الاعلام للمرأة من خلال ما تقدمه من مضامين وبرامج حولها.
والصورة الإعلامية هي صورة مصنعة تتضمن عمليات تكنولوجية معقدة تعتمد في تأثيرها على نظام ثقافي معقد لصناعة رموز الرسالة الإعلامية وتظهر هذه العلمية الصناعية كأحد مخرجات المضامين الإعلامية كالإعلانات والمواد الترفيهية كالدراما والأفلام التسجيلية وغيرها من المضامين الإعلامية وتختلف الصورة الإعلامية بهذا المفهوم عن الصورة الذهنية التي تتمثل في الناتج النهائي للانطباعات الذاتية التي تتكون عند الأفراد والجماعات إزاء شخص معين أو نظام معين أو شعب أو جنس بعينه.
وعلى سبيل المثال في المجتمع الفلسطيني تظهر المرأة في الأعمال الدرامية في الإطار الخاص، ونادراً ما يتم تقبلها في الحياة العامة، ومكانها العائلة وتهتم بالزوج والأطفال، ودورها الأساسي رعاية الأسرة، على عكس ما في الأعمال السينمائية العربية التي تظهر كرمز للرغبة وإن كان شكلاً، في حين يظهر الرجل بصورة المحبّ للعمل في أحسن أحواله، إن لم يكن منحرفاً.
ولما كانت وسائل الاعلام تقوم بثلاثة أدوار في خلق الصورة الإعلامية، هي: أن تكون ساحة أو طرفاً أو أداة لطرح التصورات، تلجأ الحكومات والقوى السياسية المختلفة لاستخدام وسائل الاعلام كساحة تطرح فيها تصوراتها أو قد توظفها أيضاً كأداة لدعم أو تثبيت تصوراتها، وقد تكون وسائل الاعلام طرفاً فعالاً له مفاهيمه وتصوراته وقد تتداخل الحالات الثلاث وتتفاعل لتصبح وسائل الاعلام ساحة وأداة وطرفاً في الوقت ذاته.
كيف يتم صنع الصورة الذهنية؟
في العام 1922م قدم لنا الإعلامي الأمريكي (ولتر ليمان) في كتابه (الرأي العام) بعض الحقائق عن أسلوب إدراك الفرد للواقع وعملية تكوين الصورة الذهنية وقد فرق بين العام الخارجي والصورة التي في رؤوسنا، فالفرد يعيش ويعمل في مكان صغير ويتحرك في دائرة محددة مهما كان القضاء الافتراضي موجود، ويحاط علماً بأمور قليلة على نحو مباشر بالرغم من أحداث كثيرة من حوله.
لكن رغم ذلك إلا أن آراء الفرد وأحكامه تغطي أشياء كثيرة أبعد من مجال الخبرة المباشرة، فتصور الواقع أكثر ثراءا من تجارب الفرد وخبراته المباشرة، فتدريجياً يصنع الفرد لنفسه (في ذهنه) صورة للعالم الذي يعيش فيه، وصورة فيها قدر من الخيال أو الواقع المصنوع Pseudo-environment، هذا الواقع الجزئي المصنوع يعيد تقديم البيئة الحقيقية، فنحن نسمع عن الواقع قبل أن نراه، وذلك من خلال مؤسسات التنشئة مثل الأسرة والمدرسة والأصدقاء ونتخيل قدراً كبيراً من الأمور التي قد لا نجز بها مباشرة. وهذا ما يعرف بالصورة الذهنية المتمثلة في الصورة العقلية التي تتكون في أذهان الناس، والتي قد تنشأ من التجربة المباشرة أو غير المباشرة، وقد تكون عقلانية أو غير رشيدة، وقد تعتمد على الأدلة والوثائق والإشاعات والأقوال غير الموثوقة، ولكنها تمثل واقعاً صادقاً بالنسبة لمن يحملونها.
يتضمَّن الواقع البشري أكثر من مجرد الجوانب المادية المباشرة للظروف المحيطة، فهو يتضمن أيضاً الجوانب الاجتماعية المتوقعة والمتخيلة، وجزء كبير من هذا الواقع يصل إلينا من خلال وسائل الإعلام، أي من مفاهيم ومعان يصيغها الإنسان والذي من المفترض أنه يعتمد على التقاليد المشتركة والثقافة. لذا كان لوسائل الإعلام الجماهيرية دور كبير في الطريقة التي نكون أو نبني بمقتضاها تصورنا للعالم خلال فترة من الزمن، وتؤثر على الطريقة التي تنظم بمقتضاها جوانب جديدة للتصور حتى وإن لم نستوعبها أو نتقبلها.
لكن طبيعة التطور العلمي والتكنولوجي وتنوع الجهود الإعلامية جعلت من المعلومات مصدراً لتكوين صوراً حتى دون الخبرة المباشرة، فعلى سبيل المثال، لا الحصر القناة العربية البسيطة لا تعرف أحدث التطورات في مجال الأزياء والمكياج إلا من خلال وسائل الإعلام التي تنقل لها الأنماط من بلدان أخرى، والقناة التي لم تدخل الجامعة ستعلم شيئاً عن الحياة الجامعية من خلال فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني.
تمثل وسائل الإعلام قوة مؤثرة على الطريقة التي بمقتضاها يمكن أن يكون صوراً حول الأشياء والأشخاص من خلال المعلومات التي تقدمها، لكن قد نحصل من تلك الوسائل على معلومات غير دقيقة، أو أنماط محرفة أو صوراً منحازة لجماعات أو لجانب معين من جوانب الظروف المحيطة، وفي حال عجز المتلقي عن التحقق من مدى دقتها، ومقارنتها بمصادر أخرى، فإن التصور هنا سيكون مشوهاً. لذا فإن الأفكار والمفاهيم التي تكررها وسائل الإعلام تتحكم في إدراكنا لعالم وتصورنا له، وتجعلنا نتصرف على أساس المعرفة غير اليقينية وربما المغلوطة، التي صنعناها بأنفسنا أو صنعها الآخرون لنا.
ويفترض البعض أن معظم الصور الذهنية غير مبنية على المنطق، وأنها ذات أسس غير عقلانية لأنها تعتمد على الخبرة غير المباشرة، أي تعتمد في تكوينها على خبرات الآخرين، ونتيجة للمبالغة فإن المتلقي يفترض أن كل فرد في الجماعة موضوع الصورة يتسم بالخصائص الكلية نفسها للجماعة رغم وجود العديد من الفروق الفردية. ولكن عندما تكون المعلومات الشخصية عن كل فرد من أفراد الجماعة غامضة أو يصعب الحصول عليها، يزداد الاعتماد على المخزون الموجود من المعلومات التي تقوم على التعميم، وفي أغلب الأحوال يتجاهل الناس الفروق الفردية.
الصورة الذهنية توقعات حول السلوك، قد لا تصدق في البداية أو لا تتفق مع الواقع ولكنها تمثل ضعفاً على الفرد لكي يتصرف وفق هذه الصورة، وينطبق هذا على المرأة على نحو خاص، فقد قبلت المرأة أو بعض النساء على الأقل الدور الهامش الذي فرضه النظام الاجتماعي والاقتصادي. والجدير بالذكر أن الصورة الذهنية تسهل على الناس إصدار الأحكام عندما يهملون بعض جوانب الحقيقة لأنها لا تتفق مع معتقداتهم ولا تتناسب مع اتجاهاتهم، فالصورة المنطبعة هي مجرد أحكام نصدرها بناء على معلومات سابقة مبالغ فيها وغير دقيقة، وهي انعكاس لتحيزاتنا وقيمنا ووجهات نظرنا.
يرى علماء النفس أن تكوين الصورة الذهنية عملية نفسية يصعب تجنبها، وهي تنطوي على تفكير يتسم بالقصور أو الجهل، وتتأثر بالثقافة والموروث الاجتماعي، ويتم تبنيها لأنها تتكرر بإلحاح والصورة المنطبعة تتأثر بشدة بالجماعة التي تنتمي إليها الفرد، فهي لا تتكون على أساس تفكير عقلاني وإنما هي نشاط جماعي.
ويصنع الإعلام الصورة المنطبعة، فهو ما يقدمه وفقاً لرؤيته الخاصة أو وفقاً لما يتصور أن المتلقي يرغب فيه، وبذلك يصنع واقعاً جديداً يختلف عن الواقع الحقيقي أو القائم، ويتحول هذا الواقع الذي يصنعه بمرور الوقت إلى واقع فعلى وإن كان غير حقيقي، وهنا تكمن الخطورة في إيجاد صورة ذهنية قد لا يرغب فيها المجتمع أو قد تضر المجتمع وتعرقل التطور الاجتماعي بصورة رومانسية تمثل من وجهة نظرنا (رومانسية التشويه).
وتزداد الخطورة في هذه المشكلة عندما تصنع وسائل الإعلام الجماهيرية واقعاً عند الأطفال، حيث أنها المرحلة التي يسعى الطفل فيها إلى اكتساب أكبر قدر من المعلومات، ولهذا فهم أكثر استعداداً لتقبل الرسالة الإعلامية أو التأثر بها خاصة في ظل تراجع دور الأسرة بسبب التقدم التكنولوجي وتأثير وسائل الإعلام. إضافة إلى أن أغلب الثقافات التي تنتشر حالياً بين الشباب مستمدة من التلفزيون والقنوات الفضائية وليس من الأسرة. وبذلك نستطيع القول أنه يصعب تغيير الصورة الذهنية لأن الفرد يقاوم المعلومات الجديدة في حين تقوم الصورة المنطبعة على جزء من الحقيقة.
وعليه ومنذ فترة طويلة كان أسلوب استخدام المرأة في مضمون الثقافة الجماهيرية محوراً للنقد والقلق لتأثير ذلك التقديم على صنع صور ذهنية غير مقبولة للمرأة ،وهذا ما يعود في أصله إلى جذور تاريخية واقتصادية واجتماعية حيث أصبح ينظر إلى الرجل والمرأة وكأنهما ينتميان إلى مجالات منفصلة للحياة فهو ينتمي إلى العالم الخارجي، ويعمل بأجر، ويهتم بالسياسية ، وهي تنتمي إلى العالم الخاص في المنزل في إطار العائلة، الرجل ينتج والمرأة تستهلك، وهذا ما يخالف بشدة أحلام المرأة وتوقعاتها.وقد ظهرت هذه الصورة وتكررت في مضمون نسبة كبيرة في قنوات الثقافة الجماهيرية.
وجاء مؤتمر (بيجينغ) حول المرأة المنعقد عام 1995م ليمثل منعطفاً حاسماً على صعيد تناول المسألة إذ أكد في منهاج عمله ضرورة التخلص من الصورة السلبية المهنية للمرأة في وسائل الإعلام واعياً إلى خلق صورة متوازنة عن تنوع حياة المرأة ومساهمتها في المجتمع، كما أشار المؤتمر إلى أن ما تقدمه وسائل الاتصال من أعمال وبرامج كرس أدوار المرأة التقليدية مما يؤثر سلبياً في مشاركتها في المجتمع ويدفعها نحو العزلة واليأس.
إن صورة المرأة في الإعلام لا تتشكل من خلال مضامين الموارد المقدمة فحسب، بل وكذلك من خلال الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة في إنتاج هذه المضامين وتقديمها، وأن تحسين صورتها لا يتم دائماً وبصورة آلية بمنح مناصب قيادية يكون ذلك عاملاً مساعداً على تحقيق الهدف المنشود، ولكنه لا يمثل شرطاً كافياً لبلوغه، وبالتالي فإن الأمر يتطلب جهداً مشتركاً بين الرجل والمرأة ممن أجل تغيير العقليات وتجاوز الموروث.
وبهذا الخصوص أشار النقاد الجدد لأسلوب تقديم المرأة في وسائل الإعلام إلى أن المشكلة ليست الصورة الذهنية للمرأة، ولكن المشكلة تكمن في البناء الكلي لوسائل الإعلام، وأنه حتى لو تغيرت الصورة فإن استمرار خضوع وسائل الإعلام للمشروعات التجارية الخاصة التي تستخدم تلك الوسائل لتحقيق الربح سيجعل المشكلة تستمر.
ما خفي أعظم:
تجدر الإشارة إلى أن الإسلام قد وضع المرأة في مكانها اللائق بها باعتبارها كائناً إنسانياً له قيمته العليا، وقد ساوى بينها وبين الرجل في الأحكام الشرعية المؤدية إلى ثنائية العقاب والثواب وذلك في قول الله تعالى:” وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا “(النساء،124) كما ضمن لها حق العيش بكرامة، وأجاز لها كل الحقوق ومنها التعليم والعمل ضمن ضوابط الزي الشرعي وتجنب الاختلاط. كما أوجبت الشريعة الإسلامية على المجتمع حق رعاية المرأة والعناية بها في أدوار حياتها كافة، وهذا المفهوم يوازي ما يعرف اليوم بحق الضمان الاجتماعي، وقد نقل (سيد قطب) أصل الصورة الكلية التي رسمها الإسلام للمرأة بقوله:” أما أن المرأة شطر الإنسانية، وأنها صانعة الجنس البشري، وأنها حارسة العش الذي تدرج فيه الطفولة، وأنها الأمينة على أنفس عناصر هذا الوجود، وأن عملها في إتقان هذا العصر لا يعدله عملها في إتقان أي عنصر آخر وأي جهاز ” ولما أصبحت وسائل الإعلام جزءاً رئيسياً من المكون الأسري في كل مجتمعات العالم العربي، ولما ساعدت امتيازاتها في سهولة انتشارها ورخص أثمانها في السيطرة الاجتماعية، أصبحت المرأة جزء كبير منه، بل إن نسبة وجود الإناث منها أعلى من نسبة الذكور، وهذا ما قاد بالضرورة إلى تخصيص المساحات الأكثر في كثير من وسائل الإعلام للمرأة.
ويكاد يجمع المهتمون بشئون الإعلام أن صورة المرأة المقدمة في وسائل الإعلام أساءت إلى المرأة، وقدمتها في أرخص صورة ممكنة، وكانت أداة للعرض والدعاية، واعتبروا أن ظهور المرأة في مشاهد خادشة للحياء هو أقصر الطرق للشهرة، وأما في أحسن صورة للتقديم تكون على شكل صورة ملطفة لا تتواءم مع الواقع الفعلي.
لقد كثر الاستهداف الإعلامي للمرأة عبر صيغ وأساليب مختلفة، فنادت بخلع الحجاب تارة، وتباكت على أحوالها تارة أخرى، فأظهرها على أنها فارغة من العقل والحكمة، ووصفها بالجهل والسعي وراء الرغبات الشهوانية حتى أصبحت مجرد عاطفة بربرية بلا نزعة تربوية، سواء كان من خلال بعض الروايات أو المسلسلات والأفلام العربية أو المدبلجة.
وقد سعى الإعلام العربي إلى مخاطبة وتشويه صورة المرأة المسلمة بشكل غير مباشر وإظهارها في الأفلام بالجاهلة المتخلفة المرتدية الحجاب، اللاهثة وراء شهواتها، فقد أجرت منظمة اليونسكو دراسة لمعرفة تأثير المواد الإعلامية على الأسرة من خلال ما تعرضه، توصلت إلى أنه من خلال (500) فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس شكل (72%) منها وأن (68%) من أفلام دراسة أخرى ثبت أنها تنتشر مشاهد الجريمة والعنف ومعالم الانحراف والنشوز والخلع غير المبرر، وما خفي أعظم!
الآثار السلبية للمسلسلات المدبلجة على المرأة العربية:
إن تلاقح الحضارات وتبادل المعارف بين المجتمعات أمر ضروري لتطور ونمو هذه المجتمعات، وانفتاح الدول على بعضها البعض له مزايا متعددة تساهم في خلق جو من التعاون والتبادل الثقافي والمعرفي، بل وحتى التجاري والصناعي بينها، ويعد الإعلام من أهم وسائل تبادل الثقافات ونشر العلوم والمعارف بين الدول. (الدليمي، 2015: 5)، ولكن الراصد لواقع المسلسلات المدبلجة يجد أنها قصص:
-قصصها متكررة في أغلب المسلسلات تقريبا، فهي مليئة بالمافيا، أو بالشاب أو الفتاة التي يبحث كل منهما عن والديه لأنه نشأ في الملجأ، أو عن والد أو والدة تبحث عن ابنها أو ابنتها لان الظروف في حينها اضطرتها لوضعها في الملجأ، أو تركها لمن يربيها – الأم البديلة -، وعن أطفال صغار يختطفون نكاية في ذويهم.
-بنات مراهقات – أو شابات – يحملن في أحشائهن جنينا من دون زواج، وعن فتاة يتصارع عليها شابان وتصل الأمور بينهما إلى حد الاقتتال. ولكن دائما الحبيب لا يموت حتى في أحلك الظروف فان منشط القلب الكهربائي – الصدمة الكهربية – جاهز كي يعيده إلى الحياة، في مشهد دراماتيكى، ليس لأن الحبكة القصصية تستدعى هذا ولكن المؤلف لا يعرف غير هذا.
-شبان وشابات يمتلكون شركات أو يديرون مصانع – ومعظمها للملابس، وفى خضم زحام الشخصيات والأحداث لا يوجد ما يمنع وجود فتاتان تتصارعان على فتى ويتم إعمال المكائد – كيد النسا – للظفر بالحبيب.
ولعل من أخطر المفاهيم التي تبثها مثل تلك المسلسلات ما يلي:
– تشجيع العلاقات المحرمة القائمة على الصداقات والزنا واختلاط الأنساب وقبول ذلك في الأسرة الواحدة.
– تضارب الأفكار والعادات بين ما هو مقبول وما هو مرغوب.
– البحث عن علاقات مشبوهة، يصطدم بها الشباب بعد الزواج.
– نشر ثقافة العري والأزياء الغربية الفاضحة وتعاطي الخمور والمسكرات، وانماط ثقافية جديدة دخيلة متعلقة بالمظهر العام
– تشجيع النساء للتمرد على أزواجهن وجعل القوامة في أيديهن.
لقد ادعى بعض المروجين لبعض البرامج التي تعرض على شاشات القنوات الفضائية، أن هنالك رغبة مستترة لدى المتلقي العربي لتعويض ما ينقصه من جمال سواء على صعيد البيئة أو العلاقات الإنسانية أو غيرها، وتزامن وجود هذه الرغبة بظهور برامج تلبي احتياجاته، فكانت له خير وسيلة للخروج من واقعه الأليم والعيش ولو لساعة من الزمن في عالم غير عالمه وواقع يختلف جذريا عن واقعه. ولكن ما مدى صحة هذه الادعاءات؟ وهل أن هذه البرامج هي الحل الأمثل أم انه يكون هنا كالمستجير من الرمضاء بالنار؟ وهذا يقودنا إلى نقطة في غاية الأهمية تتعلق بثقافة المتلقي، ومدى إدراكه للأمور، ووعيه، وقدرته على التمييز بين الجيد والرديء. ومن غير الممكن الجزم بتساوي المستوى الثقافي والإدراكي لكل المتلقين لأي عمل درامي، وهنا يبرز دور التوعية الاجتماعية والدينية لتنبيه المتلقي العربي لخطورة ما تحمله بعض هذه البرامج من أفكار هدامة وغير صالحة لتطبيقها في مجتمعنا العربي.
المتغيرات المتعلقة بأثر المضمون التليفزيوني للمسلسلات المدبلجة:
تؤكد العديد من الدراسات على أن هناك مجموعة من المتغيرات التي تؤثر على مضمون المسلسلات المدبلجة، خاصة عند الأطفال:
1-التكرار Repetition فالمضمون الذي يتركز خلال نفس المسلسل وخلال مجموعة مسلسلات تكون أكثر تأثيراً، وهذا ما يحدث في المسلسلات التركية.
2-الوضوح Clarity فالأفكار الواضحة التي تعرض بدون تشويش أو وجود أفكار تتصارع فيها تصل بشكل أفضل.
3-التدعيم Reaforcement فالمضمون الذي يلقى تدعيماً اجتماعياً، أو يقدم قدوة مطلوبة يؤثر على الأطفال تأثيراً كبيراً مثل مسلسل (وادي الذئاب) بصورة البطل (مراد علم دار).
4-المكانة Status فالمضمون المرتبط بالمكانة الاجتماعية الأعلى يكون تأثيره على الطفل أعلى وأكبر من غيره.
5-التنوع Variation فالمضمون الذي يقدم أشكالاً متنوعة مختلفة في مواقف مختلفة يكون تأثيره أكبر من المضمون الذي يقدم بشكل أحادي الجانب مثل مسلسل (سيد الشمس)، (الزوجة العشرون).
-خصوبة الخيال Emagin فالعلاقة بين خصوبة الخيال والاستعداد للاقتناع مرتفعة فكلما زادت نسبة خصوبة الخيال زاد الاستعداد للتأثير، مثل مسلسل (وادي الذئاب) (العشق الممنوع)
وهذا ما يفرض على الفضائيات العربية إنتاج، او الاتفاق مع منتجين من هذه الدول لانتاج أشكال درامية تختلف في مضامينها وتتنوع في موضوعاتها وتستطيع أن تستخدم كل وسائل التشويق والإثارة التي تتلاءم مع واقعنا العربي وتستطيع في نفس الوقت أن تغرس القيم والمفاهيم التي تساعد على النهوض بالمجتمع، وتكون بنفس جودة المسلسلات المدبلجة لجذب المشاهدين لها.
التوصيات:
1-العمل على استجلاء المعالم المميزة لثقافة للثقافة الداعمة لتأكيد العلاقة بين دور المرأة والإعلام، وذلك من خلال:
-تنمية ضوابط الأحكام القيمية لالتزامات المرأة بخصائص وسمات المواطنة العربية بأشكالها.
-إقامة الندوات الثقافية والمؤتمرات العامة للمرأة على جميع المستويات ببرامج موجهة نحو صورة المرأة الذهنية.
-تنمية وعي المرأة بضرورة الحفاظ على كيانها في مجتمع الكفاءة ودعم عوامل تمايز المكانة في عالم المستقبل.
2-التخطيط الجيد لاهتمامات المرأة العربية عبر الصحافة الالكترونية من قبل القائمين، وذلك من خلال:
-حماية الأطر الفكرية الوطنية في مواجهة التيارات الفكرية المغايرة.
-تدريس مقررات خاصة بكينونة المرأة العربية، والتأكيد على القيم العربية الأصيلة لها.
قائمة المراجع:
- إبراهيم، محمد (2003): القنوات الفضائية ودورها في تحسين صورة العرب والمسلمين، كتاب دراسات إعلامية، الكويت.
- الحديدي، منى وعلي، سلوى (2004): الإعلام والمجتمع، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة.
- الدليمي، عبد الرزاق (2015): دراسات وبحوث في الإعلام، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان.
- رشتي، جيهان (2001): الإعلام العربي وقضايا المرأة، المؤتمر العلمي الثالث (الإعلام العربي والمرأة)، مجلة البحوث والدراسات العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، عدد26، ص 9-57.
- رمزي، ناهد (1993): المسئولية الاجتماعية لوسائل الاتصال وتغير الوضع الاجتماعي للمرأة في المجتمع العربي، مجلة شؤون عربية، سبتمبر1993.
- الزيدي، عبد الهادي (2013): صورة المرأة العراقية في الإعلام بعد الاحتلال، المؤتمر العلمي الثالث للإعلام الإسلامي (التربية الإعلامية والمسئولية الاجتماعية) ،12-13/فبراير، العراق.
- عباس، زينب ليث (2012): الصورة الذهنية للجمهور إزاء ظاهرة العنف ضد النساء في القنوات الفضائية، مجلة كلية التربية الأساسية، الجامعة المستنصرية.
- العبد، عاطف (1999): صورة المرأة في وسائل الإعلام العربية، مجلة البحوث (بغداد)، العدد (16)، ص 143- 160.
- عبد الله، سعد (2013): صورة المرأة في برامج الفضائيات العربية-دراسة تحليلية للإعلانات الخاصة بالمرأة على شاشة LBC، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية، المجلد (5)، العدد (17)، جامعة تكريت، بغداد، العراق.
_________________
*الدكتور محمود عبد المجيد عساف.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.