التنويريتربية وتعليمسلايدر

نحو جامعات البحث (الاستثمار وآليَّات التسويق)؛ الصين نموذجاً

مقدمة:

إن كان على الجامعة أن تتطور، وأن تنخرط في المهنية والاحترافية، فلأن السياق قد تغير أولاً، على المستوى الإقليمي والعالمي، فأغلب البلدان تأثرت بالأزمة السوسيو– الاقتصادية التي أدت إلى مخططات التقويم الأكثر إحساسا بضرورة مواجهة التخلف.  وثانياً لأن العولمة تنحو إلى تقسيم العالم إلى شطرين عالم مفرط النمو وعالم في تراجع مستمر.

لذلك يجب أن تصبح الجامعة فاعلًا حقيقياً في التنمية حيث ينبغي على الوسط المهني ووسط التربية والتكوين أن يتعودوا على العمل سوياً.  لم يعد في إمكان الجامعة أن تكتفي بأن تكون مجرد مكان لإنتاج ونقل المعارف النظرية، بل ينبغي إشراكها في كل مشاريع التنمية، وهدا ما يفرض على العالم الجامعي وعلى العالم الاقتصادي تطوير تعاونهما وشراكتهما./ (جوطى،2006 : 341). 

وعليه فإن رهانات الشراكة بين الجامعة والمجتمع المدني متعددة، تتمثل في :
الرهان الأول (علمي وثقافي): والمتمثل في إنتاج ونشر معرفة نوعية. 

الرهان الثاني (اقتصادي): من خلال تكوين مهارات ومبتكري مشاريع استجابة للاحتياجات المحلية ومواكبة تطورات السوق.

الرهان الثالث: (سياسي): حيث أن الإعداد والتكوين يمثل السوق الكبير للعالم.

ولعل أوضح صور الشراكة بين الجامعات والمجتمع المدني تتجلى في جمهورية الصين الشعبية حيث نلاحظ الاندماج المثير للصين في الاقتصاد الكوني، التي شهدت صادراتها نمواً يفوق 16% سنوياً، كما تضاعفت الاستثمارات الأجنبية فيها عشرين مرة خلال  الفترة ما بين (2010-1993).

ولعل المجتمع الفلسطيني أكثر المجتمعات احتياجاً لترسيخ مبدأ الشراكة بين الجامعات والمجتمع المدني، لما يعانيه من ظروف سياسية واقتصادية تستلزم العمل المشترك والتعاقد، ولكن لكي تكون للشراكة حظوظ للنجاح، لا ينبغي أن يتوافر لها إطار للتشاور فقط، بل ينبغي أيضاً أن يحصل كل طرف على فوائد، منها: (صانع،2007 : 184).

على مستوى أصحاب المشاريع :

1.تخطيط أفضل للموارد البشرية

2.الوصول إلى منابع التشغيل المتجددة باستمرار

3.إعداد استراتيجيات ملائمة للمشاريع بإرتباط مع الابتكارات الجامعية. 

4.زيادة الإنتاجية. 

على مستوى الجامعة:

1.تقليص نسبة الفشل.

2.تخريج طلبة أكثر تحفيزًا.

3.مواكبة أفضل لتطور سوق العمل.

4.معرفة أفضل لاحتياجات المنطقة في مجال الإعداد والتكوين

5.وصول الطلبة وأعضاء هيئة التدريس إلى تجهيزات متطورة، وامتيازات مهنية أو احترافية أفضل للطلبة. 

المشكلة:

تتحدد مشكلة الورقة البحثية في الإجابة عن الأسئلة التالية :

1.ما المبادرات الوطنية لتطوير الشراكة بين الجامعة وقطاعات الصناعة في جمهورية الصين الشعبية؟

2.ما آليات تسويق نتائج البحث العلمي في فلسطين في ضوء التجربة الصينية؟

أهميَّة الورقة:

تنبثق أهمية هده الورقة في:

1.قلة الأدبيات المتعلقة بمجال تسويق نتائج البحوث العلمية، وتطوير الشراكة وتعزيزها لخدمة المجتمع. 

2.قد يستفاد من نتائج هده الورقة في الجامعات من خلال وضع هيكلة التكوين الأساسي للتنمية على أساس الموارد البشرية.

3.توضيح آليات الشراكة وأشكالها في المجتمع، مما يظهر جدوى البحث العلمي في الجامعات الفلسطينية، وتشجيع حركته بعد ضمان تسويق نتائجه.

محاور الورقة :

المحور الأول/ تعزيز دور الجامعات:

تعيش الجامعات على الصعيد العالمي تحولات جذرية خلال السنوات الأخيرة، فرضتها عليها الظروف الاقتصادية العالمية، التي تتسم في غالب الأحيان بصعوبة فائقة خاصة في الدول النامية، فلم تعد مهماتها الأساسية تقتصر على القيام بالتكوين الجيد لطلبتها وبإنجاز البحث العلمي، ولكن تتعداها إلى أبعد من هدا بكثير، بحيث هي الآن مطالبة بمشاركة مباشرة في النحو الاقتصادي والاجتماعي، ولم لا بأن تكون قاطرة للتنمية لبلدها.  (مدكور، 2009 : 63)

ولكي يتم تفعيل دورها الجديد، كان لابد للجامعة أن تعيد النظر في هياكلها وطرق عملها على أساس الاستقلالية والحوار، مع التأكيد على أن هناك ترابطاً وثيقاً بين جميع مهام الجامعة، قديمة كانت هده المهام أم جديدة، فبقدر ما لا يمكن أن يكون هناك تعليم عال بدون بحث علمي ، بقد مالا يمكن أن يكون هناك نقل أو انتشار للمعرفة دون المساهمة في توليد هده المعرفة واستيعابها وذلك من خلال العناصر التالية:

-إصلاح هياكل البحث العلمي بما يخول الجامعة بأن تقوم بدور نشيط في توليد معرفة تستجيب لمتطلبات التنمية الاقتصادية

-إنشاء مراكز مخصصة في بحث التنمية ونقل التكنولوجيا

-استحداث قسم التسويق التجاري داخل الجامعة

-إنشاء حاضنات للمشروعات الإبداعية والناتجة عن استثمار الملكية الفكرية

-استحداث مجمع تكنولوجي للجامعة يأوي مركزاً لبحوث التنمية والإبداع التكنولوجي وفي حالة تعذر إنشاء هذا المجمع يمكن أن يكون بالشراكة مع جامعات أخرى.

المحور الثاني/ المبادرات الوطنية لتطوير الشراكة بين الجامعة وقطاعات الصناعة في الصين. 

مند عام 1979 دخل نظام الابتكار الوطني الصيني مرحلة قوية من الإصلاح مما أدى إلى ظهور برامج وطنية في العلم والتكنولوجيا في منتصف ثمانينيات القرن العشرين تركت بصماتها واضحة مهمة على الجامعة.  ومعظم تلك البرامج تدار من خلال وزارة العلم والتكنولوجيا. وعلى الرغم من أن الجامعات الصينية لم تعد بعد المحركات الأساسية للبحث والتنمية الوطنية، إلا أنها الآن اللاعب الرئيس في برنامجين مهمين في البحث الأساسي هما: (973 – 863) (Hu & Jefferson,2008 : 2)

وتقوم الجامعات بتنفيذ نحو ثلث برنامج (863) ونحو ثلثي المشروعات التي تدعمها المؤسسة الوطنية للعلوم الطبيعية ولكن الجامعات كانت تنفق بصفة مستمرة أقل من مؤسسات البحث والتطوير الأخرى، ذلك الإنفاق الذي يبدأ من (3,8) بليون ريممبي (كواي) أي ما يعادل (0.6) بليون دولار وحتى 8.4 بليون أي ما يعادل (1.35) بليون دولار ما بين عامي (2000- 2008) وهدا المبلغ أكثر قليلًا من 10% من إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير.

 (Hsiung, 2008 : 11). 

خطوات الإصلاح البحثي في الصين :

– المبادرة (مشروع 211) الذي بمقتضاه تم تقديم دعم مالي لبناء مبان جديدة للجامعات وتطوير برامجها الأكاديمية في جميع أنحاء الصين وقد اشتركت في هدا البرنامج لجنة الدولة للتخطيط ووزارة المالية والتعليم والحكومات الإقليمية حيث تم تطوير (100) جامعة في الخطة الخمسية (2001 – 2006) وقد تلقت جامعتا فودان وشنغهاي جياو تونج النصيب الأكبر. 

-المشروع الوطني (985) الذي استهدف تحويل جامعات القمة إلى جامعات بحث عالمية وقد حصلت نفس الجامعات على تنفيذ مرحلتين من مراحل هدا المشروع. 

المرحلة الأولى : تمويل 9 جامعات منها (بكين، هاربين الصناعية، كوينجهوا …..)

المرحلة الثانية: تمويل 34 جامعة بعد عام 2004

-وضع مجموعة قوية من البرامج صممت خصيصاً لاجتذاب الموهوبين العائدين من الخارج على الصين أي  : من المعاهد والجامعات الأجنبية مثل برنامج (المائة موهبة) وبرنامج (تشيونج كونج للباحثين)  (بشيما، 2007: 285).

البرامج الوطنية الكبرى ذات التأثير على البحث الجامعي في الصين

البرنامجالجهةالتركيز الأساسي
برنامج 863 الوطني لبحوث التكنولوجيا العالية والتنميةوزارة العلم والتكنولوجيادعم المنافسة الدولية وتحسين المقدرة الكلية للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا العالية
البرنامج الوطني لبحث وتطوير التكنولوجيا الأساسيةوزارة العلم والتكنولوجياتطبيق البحث والتطوير لمواجهة الاحتياجات التكنولوجية الملمة في القطاعات الأساسية.
برنامج (973) الوطني للبحث الأساسيوزارة العلم والتكنولوجياتقوية البحث الأساسي تماشياً مع الخط الاستراتيجي الوطني المستهدف (الزراعة – الطاقة- المعلومات- البيئة – الصحة – التربية)
بنية البحث والتطوير وتنمية المرافقوزارة العلم والتكنولوجياتنفيذ البرنامج الوطني لتطوير المعامل الأساسية وكذلك برنامج مشروعات العلم وتطوير مراكز الهندسة. 
المؤسسة الوطنية للعلمالمؤسسة الوطنية للعلمتنمية وتمويل البحث الأساسي وبعض البحوث التطبيقية
المشروع (211)وزارة التعليمتحسين الطاقة المؤسسية الكلية وتطوير مجالات بيئية أساسية في جامعات مختارة وتطوير نظام للخدمة العامة.
المشروع (985)وزارة التعليمتحويل جامعات القمة في الصين إلى جامعات بحث عالمية

المصدر: (www.mostgov.cn/eng/ programmes1.htm)

نموذج جامعتي (فودان – شنغهاي جياو تونج)

من الخطوات الرائدة التي اتبعتاها الجامعتين على المستوى الوطني:

1.وضع دائرة شاملة من البرامج الأكاديمية متكاملة بحيث تكون (العلوم في فودان – الهندسة في جامعة شنغهاي جياو تونج)

2.إنشاء مركزاً طبياً في البحث الطبي والطاقة الإكلينيكية من خلال الاندماج مع الجامعة الطبية.

3.التجنيد المفتوح لأعضاء هيئة التدريس من خلال وضع آليات تنافسية على مستوى الصين كلها. 

4.تقديم الحوافز السخية لأعضاء هيئة التدريس حسب نظام الكميونات (الإنجازات السنوية).  (Zhang,2003 : 71).

5.استحداث وحدات إدارية مستقلة لإدارة نقل التكنولوجيا وسميت باسم (مكتب مشروع الجامعة) الذي يرتبط بمركز نقل التكنولوجيا في جامعة شنغهاي جياو تونج الذي يعتبر واحد من ستة مراكز في العالم تكون مهمته تكوين علاقات شراكة مع الشركات المختلفة مثل (فولكسفاجن، جنرال موتورز وغيرها) والبحث عن مصادر تمويل البحوث من الحكومات المحلية. 

6.استحداث مكتب التسويق وإدارة المشروعات الجامعية في جامعة فودان مهمته تنمية نتائج البحوث وإدارة أصول العمليات والمشروعات، وتقديم الخدمات الضرورية للمشروعات. وهذا المكتب هو الممثل القانوني للجامعة في كافة المشروعات.

يتولى المكتب إدارة (100) مشروع تقريباً تدر (80 مليون) ريممبي (كواي) أي ما يعادل (13) مليون دولار سنوياً على الجامعة ويعمل بها نحو 700 شخص أي نحو خمس أعضاء هيئة التدريس في الجامعة. 

كما أنها تشرف على حاضنة لدعم مشروعات صغيرة أنشاها خريجو الجامعة حيث يعمل الكتب كرأسمالي للمشروع لتمويل المشروعات التي بقيت لمدة سنتين، أو ثلاثة، وذلك من خلال شركته الاستثمارية، وعندما تنضج تلك المشروعات وتصبح أعمالاً راسخة يباع بعضها لشركات أكبر وبعضها يذهب إلى الجمهور العام. (Walcott, 2008 : 28).

الخلاصة من التجربة الصينية:

تكشف التجربة الصينية أن تنشيط البحث العلمي الجامعي والمشروعات المنبثقة إنما جاءت نتيجة لمجموعة من الاعتبارات والخطوات:

1- نظام ابتكار وطني إلى جانب سياسة وبيئة ابتكار محلية.

2- الاستقلالية والإدارة الذاتية في البرامج الأكاديمية والمناهج والأمور المالية.

3- اعتمد نجاح نقل التكنولوجيا إلى حد كبير على نوعية بيئة الابتكار المحلية وتسويق البحوث وترويجها.

ولعل من أبرز ملامح التجربة الصينية هي التوسع في الاتجاه الاستثماري لجامعات الصفوة بصورة منفتحة على الاقتصاد الوطني.

المحور الثالث/ آليات تسويق نتائج البحث العلمي في فلسطين في ضوء التجربة الصينية

إن عملية تسويق البحث العلمي ونتائجه رغم كونها تشترك مع عملية تسويق السلع الاستهلاكية بشكل عام في بعض المبادئ الأساسية إلا أن لها خصوصياتها التي ينبغي مراعاتها بدقة، ومن هذه الخصوصيات:البحث العلمي مكلف، وقد يكون باهظ التكاليف في بعض الأحيان.

ليس سلعة بالمعنى المتعارف عليه للسلع الاستهلاكية التي تباع وتشترى فتحقق الربح أو الخسارة خلال مدة زمنية قصيرة نوعاً ما.

قد يحتاج إظهار المردود الايجابي للتوصيات التي يتمخض عنها البحث العلمي إلى استثمارات مالية إضافية.

ولهذا الأمر يتطلب تسويق البحث العلمي ونتائجه أسلوباً خاصاً، حيث لا يوجد نمط واحد في مجال تطبيق نتائج البحث العلمي في حقول العمل والإنتاج سواء من خلال التعاقد بين طرفين لانجاز بحث محدد، أو من خلال تسويق نتاجات البحث العلمي غير المتعاقد عليه مسبقاً، ولكن في غياب المعلومات الدقيقة التي لا يعطيها العديد من الجامعات باعتبارها من الأسرار الإستراتيجية فإننا لابد أن نعتمد على بعض التجارب السابقة والتي تتبع الأساليب الآتية:

( الطائي، 2004: 77)

1-أسلوب التعاقد بين الجهتين البحثية والمستفيدة، على أن تقوم الجهة المستفيدة بتمويل إجراء البحث وبالتالي تتابع انجازاته وتطبق نتائجه.

2-القيام بمشاريع بحوث مشتركة بين الجامعات وقطاعات الإنتاج، وقد يكون موقع إجراء البحث لأغراض هذه المشاريع في المؤسسات الإنتاجية أو البحثية أو في كليهما، وحسب توفر الأجهزة والمستلزمات التي تتطلبها الأبحاث.

3-استثمار المكاتب العلمية الملحقة بالكليات لا سيما في مجال الاستشارات.

4-التعاقد المباشر مع واحد أو أكثر من أعضاء الهيئة التدريسية.

5-تعضيد بحوث طلبة الدراسات العليا المرسلين من قبل حقل العمل للدراسة في الجامعات بعد تبني حل إحدى المشاكل التي تعترض طريق المؤسسة الإنتاجية أو تبني البحث في إنتاج مواد بديلة أو إجراء بحوث أساسية تخدم برامج وتوجهات المؤسسات الإنتاجية.

الإستراتيجية المقترحة:

إن إستراتيجية التسويق للأبحاث تعتمد على: ( تحديد سوق مستهدف، وضع آلية تسويقية تشمل الإنتاج والتسعير والترويج ) وذلك من خلال مجموعة من المنطلقات:

1-أن تحدد الجامعة طبيعة نشاطها البحثي مع ضمان إحاطة منتسبيها وخاصة متخذي القرار بنتائج النشاط ومعدل تمويله.

2-تحديد الأسواق المستهدفة وحجمها وسماتها ونوعيتها، سواء كان قطاعا عاما أو خاصاً، قطاعاً تصنيعياً أو خدمياً.

3-الترويج بإعلام المستفيدين الحاليين والمحتملين حول ما يقدم لهم .

4-التقويم والتغذية الراجعة، من خلال بحوث التسويق التي يتم إجراؤها باستمرار وتشمل الجمع المنظم للبيانات.

وفيما يلي مخطط العمل كل حسب ما يقدمه:

القيادات العليا– تشكيل مجموعة من المختصين وتكليفها بعملية التسويق وتطوير قدرات أفرادها. –  تبني إعداد الدراسات حول عملية التسويق وتعضيد بحوث طلبة الدراسات العليا. – حث أعضاء هيئة التدريس على تقديم تصوراتهم في كل ما يتعلق بالترويج لنتائج بحوثهم. – دراسة الأنشطة التي تمارسها الجهات المرشحة للاستفادة من نتائج بحوث الجامعة للوقوف على ماهية المعوقات والمشكلات التي تعترض استمرارية أداء عملياتها الإنتاجية. – وضع آلية مشتركة من الجهات المستفيدة لتنفيذ برامج البحث والتطوير لكل حالة حسب خصوصيتها. – إعطاء دور لأعضاء هيئة التدريس للترويج بطريقة مرسومة وموضوعية ومحفزة.
أعضاء هيئة التدريس والباحثينيمكن لهم ممارسة دور كبير لهم ليس فقط في عملية البحث بحد ذاته، بل في عملية التسويق وإن كانت معرفتهم بأساليب التسويق العام محدودة وذلك للاعتبارات التالية: يتمتعون بكونهم الأكثر إلماماً بالجوانب الفنية والعلمية للبحث الذي ينفذوه.أنهم الأقدر على تقديم سلعتهم إلى المستفيد في أحسن صورة.الأقدر على إقناع المؤسسات الشريكة بالجدوى الاقتصادية للبحث. ولكن لا يمكن أن تترك عملية التسويق فقط للباحثين وذلك لعدة أمور، أهمها: – نظرتهم إلى عملية البحث على أنها دائما ذات مردود ايجابي ، الأمر الذي قد يؤدي إلى المبالغة في تصوير المردود الاقتصادي، وبالتالي يؤثر سلباً على الجهات الشريكة. – قد يصل الأمر نتيجة الثقة المطلقة ببحوثهم إلى فقدان التفاهم بين طرفي التحاور من منتج ومستفيد.
الحوافز المادية الحوافز المادية ذات أهمية قصوى لبعض الباحثين باعتبار أن الاشتغال بالبحث العلمي هو مصدرهم الوحيد للرزق، ناهيك عن كون العمل بالبحث العلمي يعتبر من أجل وأهم الأعمال التي تتأسس عليها الحضارات. ومن الطبيعي أن يزداد حماس فئة العلماء والباحثين عند علمهم أن تسويق نتائج بحوثهم قد عاد عليهم بمردود مالي مجزي وليس فقط التقدير المعنوي.

ولكن من خلال استقراء الواقع العربي عامة والفلسطيني خاصة للبحث العلمي، والذي لا داعي لذكر إحصائياته في هذا المقام نجد ضعف فعاليته في التنمية، مما يجعل هذا الناتج لأغراض العلم وليس لأغراض التنمية، وقد يرجع السبب في ذلك إلى مجموعة من المعوقات.

معوقات التحول نحو جامعة ( البحث):

1-غياب السياسات العلمية والتقانية وضعف ارتباطها بالسياسة التنموية الشاملة.

2-التبديل المستمر للقوانين والأنظمة والتعليمات والهيكلية للجامعات مما يربك العمل.

3-تعدد المؤسسات القائمة بإجراء البحوث العلمية وتكرار البرامج في الدراسات العليا مما يقلل مصادر التمويل ويشتت الجهود.

4-غياب التنسيق بين الجامعات الداخلية أو مع الخارجية من أجل تقليل التكرار والتكاليف في الأبحاث المتشابهة وإيجاد الصيغ الناجحة للعمل المشترك.

5-غياب برنامج وطني يوضح الملامح لمخرجات الجهد البحثي في فلسطين للاسترشاد به في المؤسسات الحكومية والجامعات.

6-الاعتقاد السائد بان البحث العلمي هو ترف ثقافي يجوز الإنفاق عليه من أجل المظهر الحضاري العام دون الانغماس في دعمه نظرًا لأهمية الأولويات الأخرى.

7-الافتقار إلى مؤسسات وطنية مهتمة فقط بتمويل الأنشطة البحثية وبتطوير سبل التمويل للجامعات أو مؤسسات استشارية لتوظيف نتائج البحث وتحويلها إلى مشاريع إنتاجية.

8-عدم وجود أنظمة ضريبية تعطي للشركات والأفراد خصم ضريبي مجزي مقابل تمويل البحث العلمي.

9-ضعف نشاط الترويج الناتج عن عدم وجود جهة مختصة لإدارة هذا النشاط.

التوصيات:

في ضوء استعراض الورقة البحثية السابقة، يوصي الباحث بما يلي:

1-التنسيق بين السياسات العلمية للجامعات لاشتقاق المجالات المشتركة التي تتطلب التعاضد والتكامل.

2-قيام كل جامعة بصياغة إستراتيجية واقعية لعملها البحثي مشتقة من مشروع وطني للتنمية.

3-إشراك أعضاء هيئة التدريس في وضع هذه الإستراتيجية مع ضرورة وضوح موارد الجامعة الحقيقية.

4-تشجيع أعضاء هيئة التدريس على تبني مشاريع بحوث لهم وللدراسات العليا مشتقة من برامجها وتوجهات قطاعات الإنتاج والخدمات في المجتمع.

5-تكوين مجامع بحثية يشترك فيها أعضاء هيئة التدريس من أكثر من جامعة وطنية  تكون مهمتها:

-الاتصال بالمستفيدين أفراداً وجماعات.

-الإعلان بوسائل الإعلام المتاحة لقاء كلفة.

-الإعلام من خلال نشر الأخبار الهامة التي تبرز الانجازات البحثية ومجالات التطبيق.

-إقامة المعارض والندوات والحلقات الدراسية والمؤتمرات، وإصدار النشرات العلمية والتعريفية.

6-تبني سياسة تسعيرية مرنة لنتائج البحوث وحسب طبيعة البحث والجهة المستفيدة، وبما يحقق استرداد الكلفة مع هامش من الربح المناسب. 

7-إعادة توجيه وجهة وزارة التعليم العالي نحو العمل البحثي من حيث الدعم والترويج والإعلام، مع ضرورة تكريم العلماء والباحثين بما يليق بمنجزاتهم.

قائمة المراجع:

  1. جوطى ، حفيظ (2006) : التعليم العالي والبحث العلمي في مجتمع المعرفة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس.
  2. صائغ، عبدالرحمن (2007) : التعليم  العالي والبحث العلمي لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس
  3. الطائي، فيصل (2004): تسويق خدمات المعلومات في المكتبة البحثية في العراق، أطروحة دكتوراة غير منشورة، الجامعة المستنصرية، بغداد.
  4. مدكور، على أحمد (2009) : الاستثمار في التعليم (خبرات الماضي ومشكلات الحاضر وتصورات المستقبل) ، دار الفكر العربي، القاهرة.
  5. النعيمي، طه (2007): آليات تسويق نتائج البحث العلمي لخدمة التنمية، مؤتمر التعليم العالي والبحث العلمي، 17-21 ابريل، الرياض.
  6. Hu, Albert & Jefferson, Gary (2008) : Science and Technology in China, Paper presented at Conference 2 – Chinas Economic Transition :Origins, Mechanisms and Consequences, Pittasburgh, PA, November 5 – 7.
  7. Hsiung, Deh.  (2008) : An Evaluation of Chinas Science and Technology System and Its Impact on the Research Community, Special Report for the Environment, Science and Technology section, U.S.Embassy, Beijing, China.
  8. Walcott, Susan (2008): Chinese Science and Technology Industrial Parks, Burlington, VT :Ashagate.
  9. Zhang, Jue (2003): The Development of High-Tech Enterprises in China’s Universities, China.
    ___________________
    **د.محمود عبد المجيد عساف/ أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي المساعد/ وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية.

اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

محمود عبد المجيد رشيد عساف

أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي المساعد، عضو اتحاد الأكاديميين الفلسطينيين، ونقابة المدربين الفلسطينيين، عضو اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين، وعضو الاتحاد الدولي للغة العربية، وعضو هيئة تحكيم المجلة العربية لضمان جودة التعليم الجامعي باليمن، وممثل مجلة الدراسات المستدامة الصادرة عن الجمعية العلمية للدراسات المستدامة في العراق 2020 م. مدرب معتمد لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مجال القانون الدولي الإنساني، وممثل فلسطين في الدورة الإقليمية لتكوين المكونين في مجال القانون الدولي الإنساني في العامين 2017، 2019 في تونس والمغرب. حاصل على منحة وزارة التربية والتعليم العالي للبحث العلمي للعام 2014، وجائزة الأمانة العامة لمجلس الوزراء للإبداع والتميز2020، ومنحة اللجنة الدولية للصليب الأحمر البحثية 2020، وجائزة الأستاذ الدولية للإبداع الفكري الدورة الأولى 2021-2022، والمركز الأول في جائزة الياسين الدولية للبحوث العلمية عام 2022. له (15) كتاب في مجالات التربية والتعليم العالي، (3) كتب أدبية (روايات) ونشر (85) بحثا في مجلات علمية محكمة

مقالات ذات صلة