مناهج وأساليب التعليم الخاص (ذوي الاحتياجات الخاصة)
مقدمة:
يعاني بعض الأشخاص من وجود مشكلة سمعية، أو جسدية، أو بصرية، أو إعاقة عقلية، والكثير من المشاكل الأخرى فيصعب عليهم التعلّم، فالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة هم الذين يختلفون عن الأشخاص العاديين بأشياء ملحوظة ومزمنة، الأمر الذي يحدّ من قدرتهم على النجاح في جميع النشاطات، فيوّفر لهم التعليم الخاص بيئة تضمن لهم وضعاً تعليمياً جديداً وطرق تربويّة خاصّة ضمن كادر معلّمين متدرب على ذلك ويسعون إلى تعليم الطالب وتحديد الحدّ الأقصى من الوصول إلى الأهداف والنجاح. يسعى المعلم إلى تركيز جهده على تعليم الطالب التدريب الأكاديمي وتوجيهه للاستجابة للمهمة وتحليل مهارات الطالب للوصول إلى الهدف ومعرفة قدرته حسب نوع الإعاقة وشدّتها والعمر الزمني للطالب، ويختلف الطلاب في الإعاقة الموجودة، ويوجد الكثير من المراكز التعليميّة الخاصّة المسؤولة عن كلّ نوع من الإعاقة وتستخدم أساليب تدريسيّة مناسبة لكلّ طالب حسب حاجته.
إن من أكبر التضحيات أن تعيش لغيرك، وتحاول إقناع الناس بالعيش مثلك، فهناك ثلة من المجتمع تعيش بشكل مختلف فمنهم من يعيش ببؤس تام ومنهم من يعيش بسعادة تامة، فمن تكيّف مع ظروفه القاهرة وقهرها- بفتح الراء- بقوته وعزمه وأمله الكبير بالحياة فهو بسعادة تامة، أما الذي استسلم للواقع وخضع له بما ملكه وما لم يملكه، خضع له بإرادته فلا هدف يسعى له ولا أمل لديه ولا مستقبل يفكر به ولا شيء يشغله فهذا في بؤس وكآبة وألم دائم. ان هذه الفئة من المجتمع التي نادراً ما يفكر بها أحد، هذه الفئة المهمشة من قاموسنا المجتمعي جعلتني أتقرّب منها لأتعرف على أفرادها وما هي مشاكلها وهمومها وآلامها وآمالها وما تسعى إليه؟ وما الأهداف التي يصبون لتحقيقها؟ ومن المسؤول عنهم وما الخدمات التي تقدم لهم؟ وما الطاقات الكامنة الموجودة عندهم وكيف نستغلها بما يسعدهم وما يعود على المجتمع بالنفع؟ وما واجبنا تجاههم؟
تأتي أهمية دراسة شؤون ذوي الاحتياجات الخاصة وتكييف المناهج، وطرق التدريس الخاصة بهم، بما يتلاءم واحتياجاتهم، وبما يسمح بدمجهم مع ذويهم من التلاميذ العاديين في فصول التعليم العام، مع تقديم الدعم العلمي المكثف لمعلمي التربية الخاصة ومعلّمي التعليم العام، بما يساعدهم على تنفيذ استراتيجيات التعليم سواء للطلاب الموهوبين أو لذوي الإعاقات المختلفة لأن التربية الحديثة أصبحت تتطلع لهذه الفئة لا على أنها عالة على المجتمع بل أنها فئة منتجة.
أولاً: المفاهيم الأساسية في مناهج التعليم الخاص:
1- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة: Special Needs
هم الذين يختلفون عن الأشخاص العاديين اختلافا ملحوظا وبشكل متكرر، الأمر الذي يحد من قدرتهم على الأنشطة الاجتماعية والتربوية والشخصية.
تعريف آخر: هو كل فرد يحتاج طوال حياته أو خلال فترة من حياته إلى خدمات خاصة لكي ينمو أو يتعلم أو يتدرب أو يتوافق مع متطلبات حياته اليومية أو الوظيفية أو المهنية ويمكنه أن يشارك في عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بقدر ما يستطيع وبأقصى طاقاته كمواطن.
2- تعريف الطفل الخاص: Special Child
كل طفل أو تلميذ تتطلب تطورات نموه، أو إمكانات تعليمه، عناية خاصة، تتعدى إمكانات المدرسة العادية للطفل، لفترة قد تطول أو تقصر على حسب الحاجة. وفي كل مجتمع من المجتمعات يتواجد فئة خاصة تتطلب تكيّف خاص مع البيئة التي يعيشون فيها نتيجة لوضعهم الصحي الذي يوجد به خلل ما.
3- مفهوم التربية الخاصة:
هي جملة من الأساليب التعليمية الفردية المنظمة التي تتضمن وضعا تعليميا خاصا ومواد ومعدات خاصة أو مكيفة وطرائق تربوية خاصة وإجراءات علاجية تهدف إلى مساعدة الأطفال ذوي الحاجات الخاصة في تحقيق الحد الأقصى الممكن من الكفاية الذاتية الشخصية والنجاح الأكاديمي والمشاركة في فعاليات مجتمعه.
– فئات التربية الخاصة:
1- الإعاقة العقلية.
2 – الإعاقة السمعية.
3 – الإعاقة الجسدية.
4 – الإعاقة الانفعالية.
5 – الإعاقة البصرية.
6- صعوبات التعلم.
7 – الاضطرابات الكلامية واللغوية.
8 – التفوق العقلي.
ثانياً: المبادئ العامة في تعليم الطلاب ذوي الحاجات الخاصة:
1-استخدام المعلم للتعليم المنظم والموجه.
2-تركيز المعلم على التدريب الأكاديمي وذلك بتوجيه الطلاب للعمل على الاستجابات للمهمة.
3- تزويد المعلم الطلاب بالفرص الكافية للنجاح من خلال التعليم المستمر وتحديد الأهداف المناسبة وتوفير المثيرات اللازمة وتحليل المهارات.
4- تزويد المعلم الطلاب بالتغذية الراجعة الفورية.
5- تهيئة المعلم الظروف الايجابية والممتعة والمنتجة للتعلم.
6- استثارة المعلم لدافعية الطلاب وذلك بالتشجيع والدعم والتعزيز الايجابي.
7- ضمان المعلم انتباه الطلاب من خلال استخدام المثيرات اللفظية والحسية والإيمائية المشجعة.
ثالثاً: خطوات التعليم الجيد لذوي الاحتياجات الخاصة:
1- يجب على المعلم فهم قدرة كلّ طالب على الفهم والدراسة.
2- اجتماع المعلم كلّ مدّة مع ذوي الطالب لمعرفة آرائهما حول ما ينبغي على الطالب تعلّمه وما يرغبون به ومعرفة مدى تقدّم الطفل وإمكاناته وإخبار الأهل بالخصائص الفردية لكلّ طالب.
3- تقييم الطالب كلّ فترة وتحديد مدى التقدّم الذي وصل إليه، وتحفيزه على ذلك، وتحديد الأهداف التي يجب الوصول إليها.
4- اختيار الطرق المناسبة في التعليم وتوفير جو مناسب لذلك، وعلى المعلم أن يختار جدول نشاطات ملائم للأهداف وطرق التدريب التي تمّ اختيارها كاستخدام الصور في التعليم والنماذج الحية ونماذج فردية. إدخال أدوات التكنولوجيا الحديثة في التعليم ومساعدة الطالب على معرفة كيفيّة استخدامها.
5- توفير الفرص الكافية للطالب للتفاعل مع الأشخاص الآخرين وطريقة التعامل معهم، وتوفير التدريب اللغوي له بشكل سليم.
6- تعليم الطالب المهارات الحركيّة بالتلقين البصريّ والجسديّ عند وجود إعاقة لفظية، وبذلك يستطيع التعبير عما في داخله وفهم الأشخاص لما يريده. عندما يعاني الطالب من إعاقة بصرية فعلى المعلم تدريبه على كيفية استخدام العصا، وتنمية قدراتها البصرية الداخلية والحسّيّة وتدربه على المهارات الحياتيّة اليوميّة وكيفيّة عملها بسهولة.
7- تحفيز الطلاب ومنح جو مريح للتعليم وإخراجهم في رحلة تقوّي الرابط بين الطلاب، وتحبّب الطفل بالتعلّم والتعزيز الايجابيّ للطلبة بالعديد من الأساليب.
8- عدم استخدام أسلوب الضرب مع الطالب، والاكتفاء بتوجيهه عندما يخطئ، وإذا تكرّر الخطأ على المعلم إخبار الأهل بتصرف الطفل وأخذ الإجراءات الصحيحة والنقاش لحلّ المشكلة من أجل بناء شخصية الطالب.
رابعاً: أساليب تدريس الطلبة ذوي الحاجات الخاصة:
على الرغم من أن أساليب التدريس في التربية الخاصة متنوعة إلا أنها عموما تستند إلى ما اتفق على تسميته بالمنحى التشخيصي العلاجي:
ويتضمن تشخيص المشكلة ووضع خطة لمعالجتها ويتناول:
تقييم التلميذ/ التخطيط للتدريس/ تنفيذ الخطة التدريسية/ تقييم فاعلية التدريس.
ويمكن تصنيف الطرائق التعليمية المستندة إلى المنحى التشخيصي العلاجي إلى نموذجين رئيسيين هما:
1-نموذج تدريب العمليات: ويعتمد هذا الأسلوب على افتراض مفاده أن المشكلات الأكاديمية والسلوكية تنجم عن اضطرابات داخلية لدى الطفل ومن هنا على المعلم أن يصمم البرامج التربوية التصحيحية أو التعويضية القادرة على معالجة تلك الاضطرابات وهي:
الاضطرابات الإدراكية الحركية/ الاضطرابات البصرية الإدراكية/ الاضطرابات النفسية اللغوية/ الاضطرابات السمعية الإدراكية.
في ظل هذه الطريقة يتم تصميم خطة التدريس بهدف علاج وظائف العمليات التي تعاني من ضعف أو ضمور عند الطفل على سبيل المثال إذا كان الطفل يعاني من مشكلة في القراءة نتيجة لضعف مهارات التمييز السمعي في هذه الحالة يمكن إعطاء الطفل تدريبا على التمييز بين أحد الأصوات وصوت آخر الأول هنا هو أن تستمر هذه المهارة في النمو والتطور من ثم تسهل التقويم في المهارات الكلية للاستماع والقراءة فيما بعد.
واضح من أسلوب التدريب على العمليات أن التدريب على إحدى العمليات له قيمته في حد ذاته دون النظر إلى علاقة ذلك بالنجاح الأكاديمي في المستقبل بمعنى آخر فان بعض المهارات الإدراكية المعينة تعد ضرورية ولها قيمتها في حد ذاتها.
2-نموذج تدريب المهارات: ويقصد بهذا الأسلوب التدريس المباشر على مهارات محددة ضرورية لأداء مهمة معطاة وتتمثل في:
-تحديد الأهداف – الهدف السلوكي: ويجب أن تتوفر فيه ثلاثة عناصر أساسية هي: السلوك – المعيار – الظروف.
-تجزئة المهمة التعليمية إلى وحدات أو عناصر صغيرة.
– تحديد المهارات التي يتمكن الطفل من أدائها وتلك التي يعجز عن القيام بها.
-بدء التدريس بالمهارات الفرعية التي لم يتقنها الطفل ضمن المهارات المتسلسلة للمهارة التعليمية.
وهذا الأسلوب يسمح للطفل إتقان عناصر المهمة ومن ثم يقوم بتركيب عناصرها مما يساعد على تعلم وإتقان المهمة التعليمية بأكملها وفق تسلسل منتظم.
3- نموذج تحليل الواجب التعليمي (Task Analysis Procedure):
يتطلب أسلوب تحليل الواجب التعليمي بوصفه طريقة علاجية تحديدا دقيقا وفهما واضحا لكل الخطوات الجزئية المطلوبة لتعلم أي واجب من الواجبات.
ويعد بوش (Bush) (1976) من اشد المتحمسين لهذه الطريقة ويقول “إن هذا الأسلوب يسمح للمعلم أو للقائم بالتشخيص أن يحدد تحديدا دقيقا الخطوة التي تصلح أن يبدأ منها تعليم الطفل ويمكن الحصول على مثل هذه المعلومات من خلال القياس والملاحظة التي تتم بعناية فائقة عندما يفشل الطفل في أداء واجب ما، يقوم المعلم بتحليل هذا الفشل في محاولة منه لتحديد ما إذا كان الفشل يرجع إلى طريقة في عرض وتقديم المادة التعليمية أم انه راجع إلى طريقة الطفل للاستجابة للموقف.
على سبيل المثال قد يطلب المعلم من تلاميذه القيام برسم دائرة حول إحدى الصور في الكتاب المدرس بحيث تتم عملية الرسم مع إيقاع كلمة يرددها المعلم شفويا قد تتضمن الخطوات المطلوبة للقيام بهذا الواجب معرفة الطفل السابقة للصورة ومهارة التفكير السمعي والقدرة على المقارنة بين الكلمات وفهم كلمة (إيقاع) المهارات الحركية اللازمة لرسم الدائرة. ويمكن كذلك تحليل كل خطوة من الخطوات السابقة إلى عمليات أخرى جزئية.
4- التدريس الفردي:
التعليم الفردي يتضمن أساسا تحديد الأهداف طويلة المدى والأهداف قصيرة المدى على مستوى الطالب ومن ثم اختيار الوسائل وتنفيذ الجلسات التعليمية بحيث يتم تلبية الحاجات التعليمية الفردية الخاصة، والتعليم الفردي يراعى الفروق الفردية بين المتعلمين كما لا يعني التعليم الفردي بالضرورة تعليم طالب واحد في الوقت الواحد فهو قد ينفذ ضمن مجموعات صغيرة أو بمساعدة الحاسوب أو بواسطة الرفاق.
5- التوجيه اللفظي:
تعتبر طريقة التوجيه اللفظي أحد الأساليب التدريسية المناسبة مع الطلاب المعاقين عقلياً فهي تحفز الطالب على القيام باستجابات مناسبة. وهو نوع من المساعدة المؤقتة تستخدم لمساعدة الطالب على إكمال المهمة المطلوبة، من خلال لفظ الكلمة أو الكلمات أو جزء منها بشكل يساعد الطالب على إعطاء الإجابة الصحيحة. هذا الأسلوب يعتمد على الحث بالمعززات المناسبة.
6- الحوار والنقاش:
تعتبر طريقة الحوار والنقاش أساساً لمعظم طرق التدريس الحديثة، والتي تهتم بجوانب التواصل اللغوي بين المعلم والطالب. وتساعد هذه الطريقة على نمو المهارات اللغوية للطالب المعاق عقلياً. فعن طريقها يمكن للمعلم أن يتعرف على خبرات الطفل ومدى استيعابه للخبرات الجديدة، كما أنها تعتبر أداة للتفاعل الاجتماعي. فالمعلم الناجح هو الذي يتقن مهارة الحوار والنقاش مع طلابه وذلك لما لهذه المهارة من أهمية في توطيد التواصل مع الطلاب، مما يساعد على حل كثير من المشكلات اللغوية التي تعترض الطلاب المعاقين عقلياً كالتلعثم واللجلجة أو التأتأة. وذلك لأن الطالب هنا يناقش ويحاور بحرية مع المعلم ومع زملائه الآخرين.
7- التمثيل (الدراما):
وهي طريقة تتضمن قيام الطالب بتمثيل تلقائي عن طريق الانخراط في الموقف والتفاعل مع الآخرين وتقمص أدوارهم، وقد يكون التمثيل بواسطة طالبين أثنين أو أكثر بتوجيه من المعلم، أما الطلاب الآخرون الذين لا يقومون بالتمثيل فإنهم يقومون بدور الملاحظين. وقد يكون التمثيل بتقمص أدوار لشخصيات اجتماعية مثل شخصية المعلم أو الأب أو الطبيب أو النجار … وغيرها، أو قد تركز على اتجاهات إيجابية كالنظافة والنظام والعمل الجماعي ومساعدة الآخرين وحب الوالدين وطاعتهم.. وغيرها
8- طريقة المحاكاة (التقليد):
وتسمى أيضا التعلم عن طريق التقليد وهي من الأساليب المعروفة منذ زمن في تعديل سلوك الأطفال المعاقين عقلياً وخاصة للفئات العمرية المبكرة، وفي المواقف المختلفة ويتم هذا النوع عن طريق الملاحظة والتقليد. من خلال ملاحظة الطفل للمعلمين أو الوالدين أو التلفزيون أو أي نموذج آخر.
تعتبر المحاكاة من طرق التدريس التي تعطي نموذجاً للطبيعية المعقدة للعلاقات سواء أكانت بشرية أم غير بشرية، والتي يعالجها المعلم عند مواجهته للطلاب في الفصل حيث يعمل على تقريب الأفكار المجردة إلى أذهان الطلاب، حيث يقوم المعلم بتمثيل المهارة ويقدم توضيحاً عملياً لكيفية أداء المهمة من خلال عرض نماذج لكيفية أداء المهارة، ثم يطلب من الطالب تقليد النموذج وتأديته كما شاهده.
_____
*الدكتورة ميادة القاسم أستاذ مناهج وطرائق البحث الاجتماعي جامعة ماردين- حلب سابقاً.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.