التنويريتربية وتعليم

المناهج التعليميَّة في الجمهورية اليمنية؛ واقعها ومشكلاتها وآفاق تطويرها

مقدمة:

أن الاهتمام بأوضاع التعليم بغرض إصلاحها والنهوض بمستواها وتطويرها، يمثل مهمة رئيسية من المهام التي ينبغي أن تحظى بأهمية خاصة، وأن تحتل موقعاً متقدماً في قائمة المهام المطروحة أمام دولة الوحدة، وذلك لما أصاب التعليم في بلادنا من هبوط وتدهور ينذر بأضرار ومخاطر كبيرة تهدد وجودنا ومستقبلنا، فلا سبيل أمامنا لمواجهة الأخطار المحدقة بنا والأزمات التي تحاصرنا، سوى إصلاح التعليم والاهتمام بشؤونه، ومعالجة أوضاعه معالجة شاملة، أصبحت ماسة وملحة لا تقبل التأخير ولا تحتمل التأجيل. ومع إدراكنا لما يكتسبه المنهاج التعليمي من أهمية في العملية التعليمية، باعتباره يمثل مضمونها وجوهرها الأساسي إلا أننا نود التأكيد على أن تناول واقع المناهج التعليمية ودراسة أوضاعها بغرض تطويرها، لا يعني النظر إليها بصورة معزولة ومستقلة عن عناصر العملية التعليمية ومكوناتها الأخرى، بل ينبغي النظر إلى المناهج التعليمية وعملية تطويرها بعلاقتها القوية وارتباطها الوثيق بالعملية التعليمية ككل متكامل تترابط أجزاؤه وتتلاحم عناصره ومكوناته.

ولذلك فان مناقشتنا لواقع المناهج التعليمية، وتناولنا لأوضاعه ومشكلاتها، لا يعني بأي حال من الأحوال التقليل من شأن وأهمية العناصر الأخرى أو إغفالها، بل أننا نعتقد أن فهم واقع التعليم والتعرف على أوضاعه _ كشرط لازم لأي معالجة أو محاولة للإصلاح _ يتطلب المزيد من الاهتمام والدراسة لكل عنصر من عناصره بجوانبها المختلفة و أبعادها المتنوعة.

وعلى هذا الأساس، فإننا سنحاول في هذه الورقة التصدي لدراسة واقع المناهج التعليمية، وتفهم الأوضاع التي أحاطت بالأعمال والتصورات المتصلة بمعالجة المناهج التعليمية منذ الثاني والعشرين من مايو عام 1990م وحتى اللحظة الراهنة،  بغرض التعرف على الخصائص الراهنة بمناهجنا التعليمية حتى نتمكن في ضوء ذلك لتشخيص الأوضاع المحيطة بمناهج التعليمية وتحديد المشكلات والصعوبات التي تعترض وتعيق تطوير مناهج تعليمية وتجديده، وصولاً إلى اقتراح التوصيات والحلول الهادفة لتأسيس وتجذير تجربة يمنية متميزة قادرة على الاطلاع بمهمة بناء مناهج تعليمية وتطويرها.

مقالات ذات صلة

 

أولا: واقع المناهج التعليمية في الجمهورية اليمنية 

يتركز اهتمامنا في هذه الورقة على تناول واقع المناهج التعليمية ومحاولة الإحاطة بأوضاعها وذلك من خلال التعرف على الجهة المختصة للمناهج وتكوين فكرة عامة عن أوضاعه، وعرض خطوات والإجراءات المتبعة في معالجة المناهج التعليمية، من خلال تقديم عرض سريع وموجز للخطة والتعرف على التصور الذي قدمته لكيفية التعامل مع الكتب والمناهج الدراسية وأسلوب المعالجة والقيام بتتبع سير عملية تنفيذ الخطة، والصعوبات المرافقة لها، للتعرف على ابرز خصائص المميزة للمناهجنا التعليمية.

 

1- الجهة المختصة بالمناهج:

في إطار المباحثات والاتفاقيات الوحدوية المتعلقة بإجراءات دمج دولتين اليمنيتين في الشطرين _ سابقاً _ والترتيب لقيام دولة الوحدة، تم الاتفاق على دمج مركز البحوث والتطوير التربوي في صنعاء ومركز البحوث التربوي في عدن، في مركز واحد يسمى مركز البحوث والتطوير التربوي يكون مركزه الرئيسي بصنعاء وفرعه في عدن وذلك على أساس المحضر الختامي لاجتماعات لجنتي الدمج المنعقدة في الفترة من 18_ 21 مارس 1990م الموقع عليه من قبل مديري المركزين ( مركز البحوث والتطوير التربوي 1992 ).

وتضمنت الاتفاقيات الوحدوية اتفاقاً بأن تسند المهام المتصلة بإعداد المناهج التعليمية وتجريبها وتطويرها وتقويمها لمركز البحوث والتطوير التربوي، يتحمل المركز بذلك كافة المهام المتصلة بالمناهج، وليصبح الجهة المختصة والمسؤولة التي لها حق الإشراف والتخطيط والتنفيذ والمتابعة لكافة العمليات والمهام المتصلة بإعداد المناهج وتجريبها وتقويمها وتطويرها، والخاصة بالتعليم لما قبل الجامعي بجميع مراحله وأنواعه ( مركز البحوث والتطوير التربوي، 1992أ ).

وقد جاء هذا الاتفاق كخلاصة للتجربة الشطرية في مجال المناهج، ليؤكد ما توليه الدولة ممثلة بوزارة التربية والتعليم من اهتمام بالمناهج، وليعبر عن رغبتها في تحقيق نقلة نوعية في النظرة إلى المناهج وفي نوعيتها ودرجة كفاءتها وفي الأساليب المتبعة في إعدادها وتطويرها. وفي الوقت ذاته فان الاتفاق ينطوي على قناعة القيادات التربوية ضرورة التخلي عن الأساليب التقليدية المتبعة في إعداد المناهج وتطويرها، والعمل باتجاه الأخذ بأساليب واليات جديدة، تقوم على أساس ربط عملية تطوير المناهج  بالبحث العلمي والتجريب الميداني، إضافة إلى ذلك فان الاتفاق يعكس ما توليها الوزارة من اهتمام بالمركز ورغبتها في الاستفادة من الخبرات العلمية والفنية التي يمتلكه.

في الحقيقة، فان هذا الإجراء يتفق تماماً مع المنهج المعمول به حالياً في العديد من دول العالم المتقدمة والنامية، فقد أثبتت التجربة أن مراكز البحوث التربوية مؤهلة لإنجاز المهام المتصلة بتطوير المناهج اكثر من أي جهة أخرى، من الجهات التي تتولى في العادة مثل تلك المهام، بعد أن حققت تلك المراكز نجاحاً واسعاً في إنجاز تلك المهام بدرجة عالية من الكفاءة والاقتدار.

وبهذا الصدد يشير كل من لبيب ومنيا وشمس الدين إلى أن عملية تطوير المناهج أصبحت من الوظائف الرئيسية لمراكز البحوث التربوية سواءً فيما يتعلق بوضع السياسات والخطط لتطوير المناهج على المدى البعيد، أو فيما يتعلق بالبحث عن المعالجات والحلول للمشكلات التطبيقية الناشئة في الميدان المتعلقة بتطبيق المناهج وتطويرها ( لبيب، منيا، شمس الدين، 1984 ).

ويبدو أن من أهم أسباب نجاح مراكز البحوث التربوية في هذا المجال يعود إلى ما تتمتع به مثل هذه المراكز من قدرة في الاستفادة من نتائج البحوث التي تقوم بإجرائها والموجهة في الغالب لخدمة تطوير المناهج، و بالإضافة إلى ذلك فان ما تمتلكها هذه المراكز _ والعاملين بها _ من خبرة، وما تراكم لديها من معرفة بخصائص الواقع التعليمي ومشكلاتها، يكسبها قدرة متميزة في الاستفادة من تلك الخبرة وتوظيفها بصورة إيجابية في تطوير المناهج، ومن المعروف أن خبرة هذه المراكز وإحاطتها بالواقع التعليمي وتفاصيله وجزيئاته في كثير من الأحيان، ليست إلا واحدة من ثمار ارتباطها الوثيق على المدى الطويل بالميدان، وعلاقتها المباشرة، بمختلف الأجهزة والجهات داخل النظام التعليمي.

وأكد لبيب وزميلاه على ضرورة توسيع إطار عمل هذه المراكز، كالاهتمام بالمستقبل من خلال رسم سياسات  وخطط تطوير المناهج المستقبلية على المدى البعيد، والإسهام بطي مشكلات نظرية جديدة، حتى لا تبقى مهمتها محصورة ومقتصرة على الاهتمام بوضع سياسات وخطط للتطوير على المدى القريب، والتركيز على المشكلات التطبيقية، رغم الحاجة الماسة و الأهمية البالغة لهذا النوع من البحوث في عملية تطوير المناهج ( لبيب، منيا، شمس الدين، 1984 ).

وبالإضافة إلى مراكز البحوث التربوية، استعرض لبيب وزميلاه عدداً من الجهات التي توكل إليها في العادة المهام المتصلة بإعداد المناهج وتطويرها، المتمثلة بالمراكز المتخصصة بتطوير مادة دراسية معينة ( مثل مركز تطوير تدريس العلوم بجامعة عين شمس )، واللجان الفنية الدائمة والمؤقتة، والإدارات التعليمية المختصة، وبين ما يرافق عمل كل  جهة من تلك الجهات من جوانب نقص وقصور، كما وضح الأسباب التي تؤدي إلى إخفاقها في أداء مهامها، والعوامل التي تجعلها غير قادرة على منافسة مراكز البحوث التربوية والارتقاء بمستوى عملها إلى مستوى تلك المراكز في مجال إعداد المناهج وتطويرها ( لبيب، منيا، شمس الدين، 1984 ).

وفيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق الخاص بإسناد المهام المتصلة بالمناهج لمركز البحوث والتطوير التربوي، فقد تم اتخاذ بعض الإجراءات والخطوات لتنفيذ الاتفاق، ومن تلك الإجراءات إعداد مشروع اللائحة التنظيمية للمركز الذي استوعب الاتفاق بإنشاء دائرة خاصة للمناهج والتقنيات التربوية مسند ا إليها كافة المهام والاختصاصات المتعلقة بإعداد المناهج وتجريبها وتطويرها وتقويمها ( مركز  البحوث والتطوير التربوي, 1992 ).

فقد نصت المادة ( 24 ) في مشروع اللائحة التنظيمية لمركز البحوث والتطوير التربوي على أن يتكون المركز من الدوائر التالية:

أ- دائرة البحوث التربوية. ب – دائرة المناهج والتقنيات التربوية. ج- دائرة بحوث التخطيط والتجديد التربوي    د- دائرة التوثيق والمعلومات. هـ- المكتب الفني. و- دائرة التنظيم والتمويل ( التي عدلت إلى دائرة الشؤون المالية والإدارية).

وحدد مشروع اللائحة مهام واختصاصات كل دائرة، ونصت المادة ( 31 ) منها، على أن تقوم دائرة المناهج والتقنيات التربوية بالمهام والاختصاصات التالية:

أ – إعداد وتجريب وتطوير المناهج والكتب الدراسية والمراشد والأدلة والمواد المساعدة للتعليم العام ودور المعلمين في ضوء أهداف ومبادئ السياسة التربوية والتعليمية في الجمهورية اليمنية.

ب- المشاركة في إعداد وتطوير المناهج في مجالات التعليم غير النظامي والمهني والتقني والتربية الخاصة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.

جـ- المساهمة في تدريب وتعريب المعلمين والتربويين في مجال المناهج والمواد التدريسية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في الوزارة.

د- إجراء البحوث والدراسات في مجال المناهج وتطويرها.

بالإضافة إلى عدد من المهام والاختصاصات الأخرى المنصوص عليها في نفس المادة.

وتتكون دائرة المناهج والتقنيات التربوية من عدد من الشعب المتخصصة، كما أن كل شعبة تتكون من عدد من الوحدات التابعة لها، والشعب التي تتبع الدائرة كما وردت في القرار الوزاري رقم ( 13 ) لسنة 1992 م بشأن التعيينات في دائرة المناهج والتقنيات التربوية وهي:

أ- شعبة بحوث المناهج وتقنيات التربية. ب- شعبة وسائل وتقنيات التربية. جـ- شعبة التربية الإسلامية واللغة العربية. د-  شعبة العلوم الاجتماعية. هـ- شعبة العلوم الطبيعية والرياضيات. و- شعبة التربية السكانية والبيئية والصحية. ز- شعبة المواد المتخصصة والعلمية ( مركز البحوث والتطوير التربوي 1992 ب ).

ومما تجدر الإشارة إليه، أن المركز يعتمد حالياً على الكادر اليمني بصورة كلية، وفي المجالين البحثي والإداري، فإلى جانب العاملين في المجال الإداري يضم المركز عدداً من الباحثين في مختلف التخصصات العلمية والتربوية والحاصلين على المؤهلات والدرجات العلمية المختلفة، والعديد منهم من ذوي الخبرة السابقة في مجال العمل التربوي.

ويوضح الجدول التالي رقم ( 1 ) القوى الوظيفية العاملة في المركز _ في المجالين البحثي  والإداري.

جدول رقم ( 1 )

توزيع القوى الوظيفية في المركز بحسب الفئة والجهة

 

   الفئة

الجهة

الباحثين المجموع الموظفون الإداريون والعمال المجموع
دكتوراه ماجستير دبلوم بكالوريوس ثابتون متعاقدون
المركز الرئيسي بصنعاء 12 31 9 14 66 52 9 127
فرع عدن 3 9 ــ 30 42 29 ــ 71
الإجمالي 15 40 9 44 108 81 9 198

 

يتبين من الجدول رقم (1 ) أن الباحثين الدين اكملوا تأهيلهم والحاصلين على درجة الدكتوراه يشكلون نسبة قليلة جداً من العدد الكلي، فالغالبية منهم لم يكملوا تأهيلهم العلمي، ويرجع ذلك إلى نقص فرص التأهيل المتاحة، وتكاد تكون عملية التأهيل في المركز في حالة توقف تام منذ أمد طويل. ولا يؤثر ذلك على كفاءة المركز ودرجة فاعليته فحسب، بل أنه يؤثر على تطوير المركز ومستقبله، فعندما يفقد المركز هذه الميزة، فإنه بذلك لا يفقد القدرة على اجتذاب الكفاءات من خارجه، وإنما يفقد أيضا القدرة في الاحتفاظ بكادره الأصلي، فيبدأ الباحثون _ خصوصاً ذوي الكفاءة العلمية المتميزة منهم _ بالتسرب من المركز بغرض البحث عن فرص عمل افضل، وهذا الحاصل بالفعل.

 

2- خطوات وإجراءات معالجة المناهج والكتب الدراسية:

تتابعت خطوات وإجراءات تنفيذ الاتفاقيات الوحدوية باتجاه تولي مركز البحوث والتطوير التربوي لمهامه المتصلة بالمناهج، بدءا من الثاني والعشرين من مايو 1990 م. فمنذ هذا التاريخ أصبحت اتفاقية دمج المركزين سارية، وصدر بعد ذلك القرار الخاص بتعيين مدير المركز ومساعده، ثم صدر قرار رئيس الوزراء بتعيين رؤساء الدوائر ورئيس لفرع المركز بعدن. كما تم إعداد مشروع اللائحة التنظيمية المشار إليه أنفا (مركز البحوث والتطوير التربوي، 1992 أ ).

كما أصدر وزير التربية والتعليم قراره الخاص بتشكيل اللجنة العليا للمناهج برئاسة الأخ نائب الوزير وعضوية كل من وكيل الوزارة لقطاع التوجيه والتقويم، ووكيل الوزارة لقطاع التمويل، ومدير المركز ومساعده،  ورئيس المكتب الفني بالوزارة، ورئيس دائرة المناهج ومدير عام الشؤون المالية الإدارية بالمركز، وأحد المختصين في المناهج، و أسندت إليه مهمة دراسة أوضاع المناهج والكتب الدراسية واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجتها بما يتفق والظروف المحيطة بالمناهج والعملية التعليمية ( المخلافي، 1992 ).

وباشرت اللجنة أعمالها بعقد اجتماعها الأولى بتاريخ 30 / 10 / 1990 م وقامت بتحديد المعالم الأساسية لخطة العمل في مجال المناهج، وراءت أن تتم عملية المعالجة للمناهج والكتب الدراسية في ثلاث مراحل، بحيث تقتصر المرحلة الأولى على ازالة آثار التشطير ومضامينه من محتوى الكتب الدراسية وتعديل بعض الكتب الدراسية المقررة في المحافظات الجنوبية بما ينسجم والمتغيرات الجارية في الساحة، مثل كتب الفلسفة والتربية الوطنية، وأن تشتمل أعمال المرحلة الثانية على دراسة الكتب والمناهج والخطط الدراسية في المحافظات الشمالية و الجنوبية لدمجها وتوحيدها في ضوء القوانين التي ستصدر من السلطة التشريعية، في حين تتركز أعمال المرحلة الثالثة على تطوير المناهج وتحديثها و إخراجها بصـورة تتمشـى مع العصر ومواكبه ( اللجنة العليا للمناهج، 1990 ).

 

أ – الخطة الخاصة بتوحيد الكتب وتطوير المناهج:  

بموجب القرارات والتوصيات التي اتخذتها اللجنة العليا للمناهج، وضعت الدائرة خطة شاملة لمعالجة المناهج والكتب الدراسية، وقدمتها إلى اللجنة العليا للمناهج التي قامت بمناقشتها وإقرارها، وتضمنت الخطة تصوراً متكاملاً للتعامل مع الكتب والمناهج وأساليب معالجتها من خلال تنفيذ سلسلة من الخطوات والإجراءات المتتابعة، وفق برنامج زمني ينفذ على ثلاث مراحل هي:

المرحلة الأولى:  تشذيب وتنقيح الكتب الدراسية ( وتمتد هذه الفترة من أغسطس _ نهاية أكتوبر 1990)  وتهدف إلى حصر الألفاظ والكلمات والمضامين التشطيرية وتحديد مواقعها في الكتب الدراسية وتشذيبها وتنقيحها والتخلص من عناصر وجوانب التشطير الهامة والمباشرة في محتوى الكتب الدراسية في ضوء نتائج المسح والمراجعة الشاملة لمحتوى الكتب الدراسية ( دائرة المناهج والتقنيات التربوية، 1990 ).

المرحلة الثانية:   دمج وتوحيد الكتب الدراسية ( وتمتد من نوفمبر 1990 _ بداية العام الدراسي 91 _ 1992 ) وتهدف أعمال هذه المرحلة على توحيد اكبر عدد من المفردات والكتب الدراسية المقررة في كل من المحافظات الشمالية والجنوبية، وإعدادها للطباعة وتعميم تدريسها  في كافة مدارس الجمهورية خلال العام الدراسي 91 _ 92 م مع مواصلة أعمال التشذيب للكتب الأخرى غير الموحدة وتنقيحها والاستمرار بتدريسها في العام المذكور. ونظرت الخطة إلى أعمال هذه المرحلة كمحاولة أولية وإجراء تمهيدي يهدف إلى توحيد أكبر قدر ممكن من المواد الدراسية القابلة للتوحيد، التي لن يتأثر نسقها العام وبنيتها العلمية وتسلسلها المفاهيمي  من جراء عملية التوحيد وبما لا يخل بعملية التعلم.

وقد صنفت الخطة الكتب الدراسية الداخلة ضمن هذه المرحلة إلى ثلاث فئات:

أ-الفئة الأولى:  وتضم الكتب التي تتطلب التوحيد بصورة عاجلة. وتقرر أن يبدأ العمل في توحيدها فور مباشرة اللجان لأعمالها، تنفيذاً  لقرارات  اللجنة العليا للمناهج وقيادة الوزارة وتشمل الكتب التالية: كتب التاريخ والجغرافيا للصفين الخامس والسادس، وكتاب الجغرافيا للصف الثاني عشر، والتربية الوطنية في الصفوف الرابع والسابع والثامن والتاسع، والتربية الإسلامية لجميع الصفوف ما عدى كتب الصف الثامن والثاني عشر.

ب-  الفئة الثانية: وتضم الكتب التي سوف يتم توحيدها بعد إخضاعها للتحليل والمقارنة من قبل المختصين وتشمل الكتب التالية: كتب التربية الاجتماعية والوطنية والطبيعية للصفوف الثالث والخامس والسادس والمجتمع والاجتماع والاقتصاد والفلسفة والمنطق وعلم النفس في المرحلة الثانوية والجغرافيا من الصف السابع إلى الثاني عشر.

جـ- الفئة الثالثة: وتضم الكتب التي تقرر أن تبقى بوضعها الحالي، وستخضع لعملية التشذيب والتنقيح والتحسين وتشمل: مواد اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم واللغة العربية والتربية الإسلامية للصفين الثامن والثاني عشر. والمواد الاجتماعية لمعاهد المعلمين، والمواد التربوية المتخصصة، والمواد العلمية والفنية.

وتضمنت الخطة إشارة بقرار اللجنة بخصوص اللغة الإنجليزية وإمكانية تبني سلسة الهلال كأساس للتوحيد، إذا أثبتت صلاحيتها بعد مراجعتها وتجريبها في عينة مختارة من المداس.

واشتملت الخطـة علـى بعض الأسس والمعـايير المتصلة بتوجيه أعمال اللجـان المتخصصة في المواد الدراسية المختلفة عند قيامها بمراجعة الكتب وتنقيحها وتوحيدها، وتحديد المسار العام للأعمال التي يتم إنجازها لتفادي الوقوع في أخطاء محتملة فـي ظل غياب القوانين التربوية والافتقار إلى الأسس والمبادئ العامة اللازمة لتوجيه العمل التربوي وتحديد اتجاهاته.

واحتوت الخطة تصوراً بالتقديرات الأولية من المتطلبات المادية والبشرية اللازمة للإنجاز، واقترحت تشكيل عدد من الفرق واللجان التي ستتولى تنفيذ المهام والأعمال المدرجة في الخطة، تعمل تحت أشراف فريق تنفيذي أساسي يتكون من ( 6- 8 ) أخصائيين ومتخصصين إدارة المركز والدائرة. بالإضافة إلى فريق إشراف واستشارة أكاديمية تربوية بمعدل شخصين لكل مادة، وبلغ عدد اللجان المتخصصة في المواد الدراسية حوالي ( 11 ) لجنة يتفاوت حجمها بحسب طبيعة المادة وعدد الكتب فيها، والفروع الخـاصة بها . علـى أن يسـاعـد تلك الفرق فريق فني مساعد مكون من ( 7 – 10 )  يختص بأعمال الرسم والإحصاء  والحاسب، والتصميم والإخراج، وفريق آخر يختص بالتنسيق والسكرتارية والخدمات يتكون من ( 8 – 10) أفراد.

وفيما يتعلق بالمتطلبات والإمكانيات المادية، أشارت الخطة إلى ضرورة توفير اعتمادات مالية كافية لتغطية الأجور الإضافية والمكافئات والنفقات الأخرى، إضافة إلى توفير وسائل للمواصلات وآلات التصوير والطباعة، وحاسب آلي، وتزويد الدائرة بخط تلفوني مباشر وإصلاح التليفون المركزي وغير ذلك من المواد ومستلزمات العمل، وقد أكدت على أن نجاح الدائرة في إنجاز أعمالها يتوقف بصورة أساسية على توفير كافة المتطلبات والإمكانيات المطلوبة.

المرحلة الثالثة: توحيد وتطوير المناهج، وتبدأ أعمالها بمجرد الانتهاء من أعمال المرحلة الثانية، وبموجب التقديرات الأولية فإنها قد تستمر حتى عام 97 – 98 م، وتتميز هذه المرحلة بأهمية خاصة بحكم أن مهمتها الرئيسية تتركز في أعمال التطوير الهادفة إلى وضع أول منهاج تعليمي للجمهورية اليمنية، ولا شك أنه في ضوء النتائج   المترتبة عنها ستتحدد كثير من المسائل ذات الأهمية والعلاقة بواقع التعليم ومستقبله.

ولذلك، فان أعمال هذه المرحلة ستشمل العديد من الجوانب، مستهدفة المنهاج بكافة مكوناته، وتعتمد على شروط عديدة كصدور التشريعات التربوية، وشد وتوفير الطاقات والإمكانيات، والتخطيط والتنظيم والتنفيذ الدقيق للعمليات المرتبطة بها كأجراء البحوث والدراسات وتنفيذ إجراءات وأعمال التجريب والتقويم، ولذلك فإنها تتطلب الإعداد الجيد، واتخاذ كافة التدابير والترتيبات اللازمة ( دائرة المناهج والتقنيات التربوية، 1990 ).

ب_ تنفيذ الخطة :

سوف نحاول فيما يلي تتبع سير عملية تنفيذ الخطة، بتقديم عرض موجز بما أنجزه المركز من المهام المحددة في الخطة خلال المرحلتين الأولى والثانية، بالإضافة إلى تقديم فكرة سريعة عن الأوضاع المحيطة بتنفيذ أعمال المرحلة الثالثة:

  • المرحلة الأولى: بحكم طبيعة المناهج وحساسيتها، فان تنفيذ الأعمال والمهام المتصلة بها تتوقف على توفر بعض الشروط اللازمة، كوضوح الأهداف، والتنظيم الجيد، وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية، الا أن المركز ممثلاً بدائرة المناهج والفرع في عدن تمكن من القيام ببعض المعالجات العاجلة في وقت مبكر، متجاوزاً التعقيدات والملابسات المحيطة بالعمل والمرتبطة بترتيب أوضاع دولة الوحدة، التي لم يمضي على قيامها حينذاك سوى عدة اشهر، وهدفت تلك المعالجات إلى تكييف مضامين ومحتوى الكتب الدراسية مع الوضع الجديد المتمثل بقيام دولة الوحدة، وتخليصها ( بقدر الإمكان ) من المضامين والعبارات ذات الطبيعة التشطيرية ( المخلافي، 1992 أ ) .

وقد أثمرت تلك الجهود، بإصدار المركز دليل لمعلمي المحافظات الشمالية، ودليل آخر لمعلمي المحافظات الجنوبية، وتضمن كل دليل نتائج المسح الشامل للكتب الدراسية المقررة في كل من المحافظات الشمالية والجنوبية، وحددت فيهما مواقع الألفاظ والعبارات و المضامين التشطيرية، بالإضافة إلى التوجيهات المناسبة للمعلمين لأساليب التعامل مع تلك المضامين. كما قام فرع المركز بعدن بإعداد سبعة كتب دراسية جديدة في التربية الإسلامية و التربية الوطنية، والفلسفة، والمنطق، وعلم النفس العام لدور المعلمين وتم إحلالها كبديل للكتب الدراسية السابقة، التي أصبحت غير صالحة ولا تنسجم مع الوضع الجديد ( مركز البحوث والتطوير التربوي، 1992 أ ).

  • المرحلة الثانية: وفيما يتعلق بالمهام التي أنجزها المركز خلال المرحلة الثانية، فقد أشار تقرير دائرة المناهج الذي تضمن خلاصة بأعمالها للعام 1991م إلى أن الدائرة قد أنجزت مهامها وأعمالا عديدة ومتنوعة وكانت المهام والأعمال الداخلة في إطار المرحلة الثانية المتعلقة بتحسين وتوحيد الكتب الدراسية من أهم واكبر المهام التي أنجزتها الدائرة خلال عام 1992 م ( المخلافي، 1992 ب ).

وكما هو محدد في الخطة، فان مهام وأعمال الدائرة المتصلة بتشذيب وتحسين وتوحيد الكتب الدراسية اقتصرت على كتب التعليم العام الأساسي والثانوي، وكتب معاهد المعلمين والمعلمات، ولم تتطرق الخطة إلى كتب التعليم الفني بفروعه أو كتب محو الأمية، أو المعاهد العلمية.

وفي ضوء ذلك، اتخذت الترتيبات الخاصة بتوزيع المهام بين المركز الرئيسي بصنعاء وفرع المركز بعدن فتولت الدائرة بالمركز الرئيسي المهام المتصلة بتوحيد الكتب التي تقرر توحيدها بالإضافة إلى أعمال التشذيب للكتب غير الموحدة الخاصة بالمحافظات الشمالية، في حين أوكلت للفرع مهمة تشذيب الكتب غير الموحدة الخاصة بالمحافظات الجنوبية. وفيما يلي بياناً بالأعمال المنجزة:

1- الكتب التي تم توحيدها:     

ويمكن تصنيف الكتب التي تم توحيدها إلى فئتين، على أساس الأسلوب المتبع في توحيد تلك الكتب وما تضمنته عملية التوحيد من أعمال، وهي:

أ- الكتب التي تم أعدادها وإخراجها من جديد : ويبين الجدول رقم ( 2 ) الكتب التي خضعت لهذه العملية، والصفوف التي تدرس فيها تلك الكتب، وعدد تلك الكتب.

جدول رقم ( 2  )

الكتب التي خضعت لعملية إعداد وإخراج جديد، والصفوف التي تدرس فيها، وعددها.

مسلسل الكتاب أو المادة الدراسية الصفوف الدراسية عدد الكتب
1 التربية الاجتماعية والوطنية 6
2 التاريخ 12,11,10,9,8,7,6,5 7
3 الجغرافيا ,12,11,10,9,8,7,5 7
4 المجتمع والاقتصاد والفلسفيان 12,11,10 5
5 القراءة ( لغة عربية ) 9,8,7,6,5,4,3 7
6 النصوص الأدبية (لغة عربية) 7، 8 2
أجمالي عدد الكتب التي تم إعدادها وإخراجها من جديد      34

ويتضح من الجدول أن عدد الكتب الدراسية الموحدة التي تم إعدادها وإخراجها من جديد بلغ (34  ) كتاباً وجميعها من الكتب المقررة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي من التعليم العام.

ب- كتب تم تشذيبها وعممت على جميع مدارس الجمهورية: وتشمل هذه الفئة الكتب المقررة في بعض المحافظات ولا توجد كتب مناظرة لها في بقية المحافظات، أو أن الكتب التي كانت مقررة قبل الوحدة أصبحت غير صالحة ولا تنسجم مع الظروف الجديدة . فعلى سبيل المثال تم تعميم كتب التربية الإسلامية  المقررة في المحافظات الشمالية بعد  تشذيبها على المحافظات الجنوبية.

ويوضح الجدول التالي رقم (  3 ) الكتب الدراسية التي تم توحيدها عن طريق تعميم الكتب المقررة في بعض المحافظات على جميع المدارس في الجمهورية والصفوف الدراسية التي تدرس فيها، وإعدادها.

جدول رقم ( 3 )

الكتب الدراسية الموحدة التي خضعت لعملية التشذيب وتم تعميمها موزعة حسب الصف

 

مسلسل الكتاب او المادة الدراسية الصفوف الدراسية عدد الكتب
1 التربية الإسلامية بفروعها 11,10,9,8,7,6,5,4,3,2,1 20
2 قصص القراءة ذات الموضوع الواحد 12,11,10,9,8,7,6,5 8
3 النحو(لغة عربية) الرابع 1
4 الجغرافيا السادس 1
5 التاريخ الثامن 1
6 التربية الوطنية التاسع 1
7 علم النفس الثاني عشر
أجمالي عدد الكتب  الدراسية التي تم تعميمها بعد تشذيبها      33

ومن الجدول السابق يتبين أن عدد الكتب الدراسية التي تم توحيدها بطريقة التعميم بعد تشذيبها وتحسينها بلغ ( 33 ) كتاباً، كما يتبين أن تلك الكتب، هي من الكتب المقرر تدريسها في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي من التعليم العام.

2- الكتب التي تم تشذيبها وتحسينها: 

وباستثناء الكتب التي تم توحيدها والمشار إليها سابقاً، فقد خضعت الكتب المتبقية الأخرى لعملية التشذيب والتنقيح والتحسين، وشملت هذه العملية جميع الكتب الدراسية المقررة في مراحل التعليم العام الأساسي والثانوي، ومعاهد المعلمين البالغ عددها ( 207) كتاباً، مضاف إليها كتب التعليم التجاري والفني ومحو الأمية. وبذلك يكون مجموع الكتب التي خضعت لعملية التشذيب والتحسين حوالي ( 235 ) كتاباً، تعرض عدد منها لتعديلات جوهرية هدفت لتحسينها وإخراجها بصورة أفضل.

ونورد فيما يلي خلاصة عامة بالكتب الدراسية التي خضعت لمعالجات مختلفة، تراوحت فيما بين إعادة أعداد و إخراج الكتاب بصورة مختلفة للكتاب في محتواه عن حالته السابقة والتحسين والتشذيب. وتتضمن الخلاصة بيانات لمقارنة عدد الكتب المحددة بالخطة، وعدد الكتب التي أنجزت فعلياً.

جدول رقم (4 )

خلاصة عامة بالكتب التي خضعت لمعالجات مختلفة

م

نوع المعالجة

المحدد بالخطة

المنجز فعلياً

النسبة المئوية للإنجاز
1

2
3
4

 

الكتب الموحدة الجديدة

الكتب الموحدة المشذبة

 

الكتب الموحدة عموماً

 

 

الكتب المشذبة (غير الموحدة)

9

20

34

33

378%

165%

 

29

 

67

 

 

231%

 

207

 

235

 

5,113%

أجمالي عدد الكتب التي خضعت لمعالجات مختلفة  

236

 

 

302

 

 

128%

 

ويوضح الجدول رقم ( 4 ) أن عدد الكتب المنجزة التي خضعت للمعالجة بإشكالها المختلفة تجاوز العدد المقرر في الخطة، بفارق كبير وواضح. و إذا أخذنا بعين الاعتبار الظروف التي أحاطت بالعمل والصعوبات المرافقة له ستختلف دلالات و أبعاد تلك الأرقام والفروق.

ولم تقتصر الأعمال والمهام التي أنجزتها الدائرة على الأعمال والمهام المشار إليها، بل قامت الدائرة بتنفيذ أعمال ومهام أخرى تتصل بالإشراف على عملية طباعة الكتب ومراجعتها محليا وخارجياً. ومراجعة الكتب المطبوعة ومطابقتها بالنسخ الأصلية، وإعداد التقارير الفنية وغيرها من الأعمال الإدارية الأخرى (المخلافي، 1992 ب ).

وفيما يتعلق بالظروف التي أحاطت بتنفيذ مهام المرحلتين الأولى والثانية من الخطة، فقد رافقت العمل جملة من المشكلات والصعوبات التي أعاقت سير العمل وخلقت حالة إرباك أثرت بصورة سلبية على نتائج العمل، ومن ابرز تلك الصعوبات ما يلي:

1- غياب الأسس والمبادئ  العامة وعدم، وضوح الأهداف، كشرط لازم لتوجيه العمل وتوحيد الجهود وتنظيمها، ورأى البعض في قرار تشكيل اللجنة العليا للمناهج، ووضع الخطة الخاصة بمعالجة الكتب وتطوير المناهج محاولة للتغلب على بعض الصعوبات التي قد تنشأ في هذا الجانب.

2- ضعف الجانب التنظيمي والإداري، كنتيجة لغياب اللوائح والنظم التي تنظم العمل و تضبط العلاقات وتحدد الاختصاصات والصلاحيات، وعدم استكمال المركز لبنيته التنظيمية والإدارية المتصلة بتشكيل الهيئات القيادية للمركز ( كمجلس الإدارة، والمجلس العلمي ) واستكمال التعيينات في مختلف المستويات الإدارية.

3- تعثر عملية تشكيل الجان الفنية المتخصصة في المواد الدراسية المختلفة بسبب الصعوبات التي حالت دون استكمال اللجان لقوامها المناسب، ويرجع ذلك إلى نقص الكادر في المركز خصوصاً في تخصصات معينة، بالإضافة إلى تأخير وصول المشاركين من خارج المركز، وعلى وجه الخصوص الزملاء المقترح مشاركتهم من فرع المركز بعدن، سواء المنتقلين للعمل في المركز الرئيسي أو من استدعت الحاجة إلى تواجدهم للمشاركة في المهمة. وبسبب ذلك توقف العمل في بعض اللجان لفترة طويلة ( المخلافي، 1991 ).

4- عدم رصد الاعتمادات المالية اللازمة لتغطية نفقات العمل، فقد نقلت المهام الخاصة بالمناهج إلى المركز ولم يرافقها عملية نقل للاعتمادات المالية المخصصة للمناهج المرصودة ضمن ميزانية التربية والتعليم، وشكل غياب هذا العامل قيداً على حركة المركز والدائرة في معالجة الموقف واتخاذ التدابير والترتيبات اللازمة لتحريك العمل فـي اللجـان ( المخلافي، 1991، مركز البحوث والتطوير التربوي، 1992 ب ).

5- لم يتم توفير الإمكانيات والمستلزمات المطلوبة واللازمة للعمل، كآلات الطباعة وآلات النسخ والتصوير، وأجهزة الحاسوب، ووسائل المواصلات والاتصال، وغير ذلك من الأدوات والمواد المحددة في الخطة، وذلك لأهميتها القصوى و أثرها الكبير في سير العمل، إذا أن تنفيذ المهام المحددة يتوقف بدرجة أساسية على توفير كافة المتطلبات والإمكانيات وظروف العمل المناسبة كشروط أساسية  ولازمة لتنفيذها، ولانتظام العمل في مهمة وطنية بمثل هذا المستوى من الأهمية والفخامة ( المخلافي، 1991 ).

وفي الحقيقة، فان الصعوبات والتعقيدات المرافقة للعمل لم تقتصر على الجوانب المشار إليها، بقدر ما شملت جوانب أخرى،  ألا أننا لم نر ضرورة لذكرها، لأن ما ذكر كان كافياً لتوقف العمل تماماً، ومع ذلك استطاعت الدائرة أن تتغلب على كافة الصعوبات وأنجزت العمل بنسبة تفوق ما حددته الخطة وفي المواعيد المحددة.

ولإنجاز تلك المهام، تم اللجؤ والاعتماد على العلاقات والإمكانيات الشخصية للتغلب على الصعوبات المرافقة للعمل، و أخذت القضية طابعاً شخصياً، وفي تقديرنا فان ما تحقق يعود إلى عدة أسباب، فإلى جانب التشجيع والدعم المعنوي من الأخ وزير التربية للمشاركين والعلاقة الطيبة التي ربطتهم برئاسة الدائرة، فقد لعب الحماس والروح المعنوية المرتفعة للمشاركين دوراً كبيراً في التغلب على الصعوبات، وذلك بفعل تأثير المشاعر الوطنية التي رافقت قيام الوحدة، وشعور المشاركين بأهمية العمل الذي يقومون به، إضافة إلى اعتقاد الجميع أن الصعوبات والظروف التي رافقت العمل خلال تلك الفترة ترتبط بظروف ترتيب  أوضاع دولة الوحدة ونظروا إليها كصعوبات مؤقتة ستزول بمجرد الانتهاء من استكمال الدولة لهياكلها واستقرار الأوضاع الإدارية في أجهزة الدولة المختلفة.

ومع ذلك، فقد ترتب عن الأوضاع والصعوبات المرافقة نتائج وآثار سيئة، انعكست على سير العمل و انتظامه وعلى الأساليب المتبعة، فقد تم الاعتماد على الخبرة الشخصية كأساس في تنفيذ اللجان لمهامها، بدلاً من الاعتماد على منهجية علمية متكاملة تساعد اللجان في تنفيذ أعمالها بطريقة منظمة وسليمة، لتضفي على نتائج أعمالها صبغة موضوعية، ولتتمكن من التقليل من اثر الاجتهادات والآراء الشخصية.

3– المرحلة الثالثة:

حددت الخطة بداية العام الدراسي 91/ 92 م كموعد للبدء بتنفيذ أعمال المرحلة الثالثة, و أشارت إلى أن المهمة الرئيسية للمرحلة الثالثة تتمثل بالقيام بعملية تطوير للمناهج التعليمية بمفهومها الشامل، ولذلك فإنها تكتسب أهمية بالغة، نظراً لانه سينجم عنها وضع أول منهاج تعليمي للجمهورية اليمنية.

وبحكم طبيعة أعمال ومهام المرحلة الثالثة وأهمية النتائج المترتبة عنها، أشارت الخطة إلى ما تتطلبه هذه المرحلة من جهود وإمكانيات ومتطلبات، وجملة من الشروط والعوامل التي تتوقف على توفرها وتحققها البدء بتنفيذ أعمال ومهام المرحلة الثالثة والوصول إلى نتائج مرضية ( دائرة المناهج والتقنيات التربوية، 1990 ).

ومن ضمن تلك الشروط ضرورة استكمال الجوانب التنظيمية من لوائح ونظم وخطط وبرامج و إنجاز العديد من البحوث والدراسات وعقد سلسة من الندوات واللقاءات وغيرها بالإضافة إلى توفير الإمكانيات المادية من أموال وتجهيزات ومواد، والخبرات الإدارية والفنية المتخصصة في المجالات المطلوبة.

ولذلك، فقد كانت الآمال معلقة على المرحلة الثالثة، فقد كان هناك اعتقاد سائد بان الصعوبات المرافقة لأعمال المرحلتين الأولى والثانية سوف يتم التغلب على معظمها خلال فترة الإعداد والتحضير للمرحلة الثالثة وبحلول عام 1992 م تبين أن مجرى الأمور يسير في منحى يختلف تماماً عما كان مأمولاً ومتوقعاً، وبدلاً من أن تتحسن الأوضاع وتسير باتجاه التخلص من السلبيات وإزالة الصعوبات، بدت مظاهر اختلال جديدة واختفت مظاهر أخرى ذات طبيعة إيجابية كانت قائمة، مما أدى إلى انحدار الأوضاع وتدهورها بصورة آسوا مما كانت عليه ومن تلك المظاهر ما يلي:

1- توقفت اللجنة العليا للمناهج عن ممارسة مهامها بعد أن عقدت اجتماعات منذ أن صدر قرار تشكيلها بتاريخ 11/ 2 1991 م.

2- اختفت الاعتمادات المالية المخصصة للمناهج نهائياً ( رغم أن الوعود السابقة كانت تؤكد على أنها ستنتقل حتماً من ميزانية وزارة التربية وستضم إلى ميزانية المركز للعام المالي 1992 م ) تحت مبرر الخصميات التي نفذتها وزارة المالية على وزارة التربية، وهي خصميات نفذت على جميع الوزارات والمؤسسات بواقع 25% من ميزانيتها، ومن ضمنها المركز.

3- لم يحدث أي تقدم يذكر لاستكمال الجوانب التنظيمية والإدارية، فيما عدى صدور القرار الوزاري بتعيين رؤساء الشعب والوحدات بدائرة المناهج، التي تأخرت التعيينات فيها عن بقية الدوائر في حدود عام كامل تقريباً ورغم صدور القرار ألا أن الشعب والوحدات لم تتمكن من ممارسة اختصاصاتها بصورة فعلية  (  مركـز البحـوث والتطـوير التـربـوي ,1992 ب ).

4- ظهرت بعض المؤشرات التي تدل على عدم الالتزام بالخطة، فقد كان من المفترض أن يبدأ المركز بالإعداد والتحضير لعملية تطوير المناهج مع بداية العام الدراسي 91 /1992م ألا انه لم يتم البدء فيها كما كان مقرراً و إنما اندفعت عملية توحيد المواد الدراسية بعشوائية اكثر، وبدون ضوابط لتشمل جميع المواد الدراسية بما فيها المواد التي رأت الخطة تأجيل توحيدها وإدراجها ضمن عملية التطوير.

وفي الوقت الذي واصل فيه المركز تنفيذ المهام المتصلة بالمناهج في ظل ظروف سيئة للغاية، ينقصها أدنى الشروط وابسط المتطلبات اللازمة للعمل، تم إنشاء مشاريع لتطوير المناهج بملايين الدولارات.  وتتوفر لها كافة الشروط  والمتطلبات اللازمة لأداء مهامها   على الوجه الأكمل، وهي تقوم بتنفيذ مهام تقع في صلب مهام المركز بصورة مستقلة ومعزولة عنه.

وكل تلك الدلائل والمؤشرات تؤكد ما ذهب إليه البعض من أن واقع ما يجري يتعارض مع الأهداف المعلن عنها في القرارات التي اتخذتها القيادات السياسية والتربوية بإسناد المهام المتصلة بإعداد المناهج وتطويرها وتجريبها وتقويمها لمركز البحوث والتطوير التربوي.

ولأن هذه الأوضاع لا تخدم المناهج ولا المركز، نود أن نلفت انتباه  القيادات السياسية والتربوية إلى ضرورة إعادة النظر بهذه الأوضاع لاتخاذ القرارات المناسبة المتصلة بالموقف من المناهج ومن المركز أيضا، لأنه إذا كانت الظروف لم تتهياء بعد لإنشاء مركز البحوث، أو أن هناك معارضة لأن تسند إليه ما يتصل بالمناهج من مهام، فمن الأفضل إغلاق المركز أو سحب المناهج منه وإسنادها لأي جهة أخرى بدون الحاجة لأدلة ألا دانه ضد أي جهة، أو المحافظة على المركز شكلاً دون مضمون.

 

جـ – الخصائص الراهنة للمناهج التعليمية:  

بعد أن حاولنا استعراض أوضاع المناهج التعليمية والعمليات الجارية لتوحيد الكتب وتطوير المناهج،  بغرض التعرف على الجوانب المتصلة بهذا المجال الهام، سيكون من المفيد استخلاص بعض النتائج من أجل الخروج باستنتاجات حول اثر الأوضاع والعمليات المتصلة بتوحيد الكتب وتطوير المناهج على نوعية الكتب والمناهج التعليمية، والتعرف على ابرز الخصائص الراهنة للكتب الموحدة والمتوقعة للمناهج المطورة، وتجدر الإشارة إلى أننا قد استندنا في استخلاصنا لتلك النتائج على الحيثيات التالية:

1- أن عمليات التشذيب والتوحيد التي تمت، استهدفت الكتب الدراسية التي كانت مقررة قبل الوحدة في الشطرين، ومن المعروف أن تلك الكتب تم وضعها في ظروف التشطير لخدمة أوضاع وتوجهات سياسية وفكرية كانت قائمة في الشطرين ,تميزت بالتباين والاختلاف فيما بينها. وقد اصبح بحكم المؤكد قبل الوحدة في الشطرين، أن تلك الكتب تعاني الكثير من مظاهر التشوه والاختلال، فهي ضعيفة في محتواها وركيكة في أسلوبها، تفتقر إلى الترابط والتسلسل و الاتساق فيما بين الموضوعات التي تتكون منها والمواد الدراسية التي تنتمي إليها، و أسهمت بتدهور أوضاع التعليم وتدني مستواه في الشطرين، مع العلم أن معظم تلك الكتب قديمة،  وقد مضى عليها اكثر من خمسة عشر عاماً منذ أن  تم وضعها.

ولذلك فقد تم التسليم بعدم صلاحيتها وجدوى الاستمرار بتدريسها في وقت مبكر قبل الوحدة في الشطرين، وكانت تجربة بصورة متزامنة تقريباً في كل شطر على حده، العمليات الأولية الخاصة بإعداد الخطط الهادفة للقيام بعملية تغيير وتطوير شاملة للمناهج التعليمية ولولا المتغيرات التي شهدتها البلاد مع أواخر عام 1989م على اثر التوقيع على دستور الدولة الوحدة في الثلاثين من نوفمبر من قبل قيادتي الشطرين _ حينها _ لوضعت تلك الخطط موضع التنفيذ ( الرازحي، 1991 ).

2- أن الصعوبات والتعقيدات التي رافقت أعمال التشذيب والتوحيد، قد ساعدت في عدم تنظيم أعمال اللجان وعدم انتظام أعمالها بطريقة عشوائية اعتمدت على الخبرة الشخصية ولم تساعد الظروف المرافقة للعمل في وضع منهجية علمية متكاملة توجه اللجان وتساعدها في تنفيذ أعمالها بطريقة منظمة، لتضفي على نتائج أعمالها صبغة موضوعية ولتقلل من اثر الاجتهادات والآراء الشخصية.

كما لم يراع عند توحيد بعض المواد الدراسية، وبعض القضايا الهامة مثل اختلاف عدد الحصص الدراسية في الخطتين في تلك المواد، مما يستدعي اتخاذ قرارات معينة حول الخطة لتحديد عدد الحصص،  كخطوة سابقة لعملية توحيد المحتوى، حتى يأتي المحتوى من حيث الكم ( على الأقل ) متناسباً ومتوازناً مع عدد الحصص المقررة.

3- لم تتوفر الظروف المناسبة لتحقيق مشاركة أوسع في عمليتي التوحيد والتطوير على مستوى الجهات ذات العلاقة ( على الأقل ) وافتقرت العمليتان إلى قنوات اتصال مناسبة فيما بين تلك الجهات لخلق فعالية اكبر وعلاقات تنسيق وتبادل خبرات افضل. ودلت تلك الظروف أن اهتمامنا بالمناهج لا يزال دون المستوى المطلوب.

4- رافق عملية نقل المهام المتصلة بالمناهج التعليمية لمركز البحوث والتطوير التربوي، إنشاء مشاريع خاصة بتطوير المناهج، بصورة مستقلة ومعزولة عن المركز نفسه كجهة اختصاص في وقت لم تتحدد فيه معالم وأسس النظام التعليمي للجمهورية اليمنية وقبل أن يصدر قانون التعليم، واقتصرت تلك المشاريع في تنفيذ أعمالها على إشراك عناصر من خارج جهة الاختصاص، كما استبعدت الجهات ذات العلاقة عن المشاركة، وسارت عمليات التشذيب والتوحيد بصورة مستقلة ومنفصلة تماماً عما يجري من عمليات لتطوير المناهج في تلك المشاريع فلم تجر عملية ربط بين الحالتين بغرض الاستفادة من نتائج أعمال التشذيب والتوحيد لخدمة أعمال التطوير، كما أن بعض تلك المشاريع اقتصر على تطوير مواد معينة في صفوف محددة.

وبالاستناد على الحيثيات السابقة، يمكننا الخروج ببعض الاستنتاجات المتعلقة بالخصائص الراهنة للمناهج التعليمية، التي يمكن الإشارة إلى أبرزها فيما يلي:

1- أن عملية التوحيد للكتب والتطوير للمناهج، لم يستند على معرفة بالواقع وتحليل للمضامين وتحديد للحاجات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع اليمني، كما أنها لا تستجيب إلى ما تستند عليه المتغيرات الاجتماعية و الثقافية والسياسية والاقتصادية من تعديلات، لكي تصبح قادرة على مواجهة الحاجات التعليمية والتحديات لحضارية المجتمع، ولم تتم في ضوء دراسات سابقة للحاجات، أو حتى في ضوء منهجية علمية تبرر وضع أهدافها واختبار موضوعاتها من حيث الكم والكيف كما انها لا تستند على دراسات تجريبية أو تحليلية للمضمون الثقافي أو المعرفي لتحديد الخبرات التعليمية والمعرفية المطلوبة.

2- أن عملية توحيد الكتب وتطوير المناهج لا تتبنى مفهوم المنهاج بمعناه الشامل، المتصل بمكونات النظام المعرفي من حقائق ومفاهيم ومبادئ وتعميمات ونظريات وقوانين، ومهارات واتجاهات وقيم. أو مفهوم المنهاج كنظام بمكوناته من أهداف ومحتوى ووسائل وأساليب تدريس وتقويم باعتباره نظاماً خاصاً أهداف وبنية ومضمون ووظائف، وبين مكوناته علاقات شبكية متبادلة التأثر والتأثير . ( الخوالدة و أبو صالح، 1991 ).

ولذلك فهي تعمل على الفصل و إقامة الحواجز بين كل مكون من مكوناته وبين كل عملية من عملياته، كما أنها لا تنطلق من معرفة  و وعي بأهمية المنهاج ودوره الوظيفي في المجتمع، ومتطلبات التوحيد أو مفهوم التطوير والأسس التي يقوم عليها ويتوقف نجاحه عليها، كالشمول والاستمرار والمشاركة الواسعة، و إنما تقوم على أساس النظر إلى عملية التطوير كعملية جزئية مؤقتة تستهدف جوانب معينة دون غيرها، كعمليات معزولة عن العمليات الأخرى السابقة واللاحقة لها، وانه يمكن تنفيذها بالاعتماد على مجموعة محدودة من الأفراد.

3- أن عملية توحيد الكتب وتطوير المناهج  ليست اكثر من عملية فنية تقنية، يمكن تنفيذها دون الاستناد على فكر محدد أو أسس معينة، و لا تحتاج إلى أهداف واضحة، أو الالتزام بخطوات محددة بترتيب معين، فبالإمكان وضع الكتب والمقررات للمواد قبل وضع الخطة الدراسية وأن توضع أهداف المواد قبل وضع أهداف المرحلة التعليمية أو الأهداف العامة للتعليم. وأن المنهاج ليس اكثر من الكتاب ولا فرق بين الاثنين. وفي الأخير فالمنهاج أو الكتاب ليس أكثر من المعلومات أو المعارف المنظمة في إطار كل مادة دراسية بصورة مستقلة، وتصبح المعلومات كهدف بذاتها، دون الحاجة إلى ربطها بمستوى المتعلم وحياته وبيئته ودون الحاجة لمعرفته بالطرق المتبعة في الحصول على المعرفة.

4- أن عملية توحيد الكتب وتطوير المناهج عندما تمحورت حول الكتاب المدرسي فقد نظرت إلى الكتاب المدرسي كوسيلة للتعليم ومصدرها الوحيد، وأهملت الاهتمام بالوسائل التعليمية الأخرى بالرغم من أهميتها البالغة للعملية التعليمية، ورأت انه في حالة الحاجة للوسائل التعليمية ففي هذه الحالة يمكن للجهات المختصة أن تنجزها بنفسها دون الحاجة لاشتراكها في أعمال التوحيد أو التطوير ومتابعتها لتلك الأعمال خلال مراحله المختلفة، وبالتالي فلا يدخل ضمن أهداف هذه العمليات الأهداف المتصلة بتطوير الوسائل التعليمية والارتفاع بمستواها حتى تصبح جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية والبحث عن افضل السبل و أقصرها لانتاج واستخدام وتوظيف وسائل تعليمية يمكن أن ينطبق على أساليب وطرائق التدريس فإذا كان الهدف من التعليم نجاح المتعلم وقدرته على تجاوز الامتحان بما يحفظه ويردده من المعلومات، فلا فرق في أن يستخدم المعلم طريقة التلقين أو التسميع وليس هناك مانعاً من إشراك المتعلم في المناقشة والحوار طالما أنها ستؤدي الغرض.

5- وفي إطار الأوضاع القائمة والمفاهيم السائدة، فالتقويم ليس جزءاً من المنهاج، وتصبح الامتحانات بالمفهوم الشائع بديلاً عن التقويم ينحصر هدفها في قياس مقدرة التلاميذ على الحفظ واسترجاع المعلومات. وتعقد الامتحانات في نهاية العام، فهي عبارة عن امتحانات ختامية، تكون الأسئلة المقالية هي الغالبة فيها…. والطاغية عليها، وتفتقر في العادة لخصائص وشروط الاختبار الجيد اللازمة لإكسابه درجة مقبولة من الصدق والموضوعية والشمول. وتتركز عادة في الجانب المعرفي، و تؤكد على أدنى مستوى فيه، وتغفل جوانب التعليم الأخرى المتصلة بالاتجاهات، والقيم والمهارات وأساليب التفكير، ولا يتم الاستفادة من نتائج الامتحانات في تصحيح وتحسين العملية التعليمية، واستخدامها في عملية التغذية الراجعة.

تلك هي أهم وابرز الخصائص للكتب والمناهج التعليمية في الوضع الراهن، وهي تصلح لأن تكون مؤشرات للتعرف على سمات وخصائص أوضاعنا التعليمية عامة، ولا اعتقد أن فيها أدنى مبالغة، لأنها ليست انطباعات ولا تعبر عن رأي صاحبها بقدر ما عبرت ولخصت ما ورد في تقارير صادرة عن جهات رسمية وأكدت عليه نتائج البحوث والدراسات ( جهاز التوجيه والتفتيش، 1988م، خليل وحيدر، 1989, خليل والخضر 1989، وزير التربية والتعليم، 1989 ).

 

ثانياً: المشكلات القائمة مي مجال المناهج التعليمية   

بعد أن قدمنا عرضاً سريعاً بهدف التعرف على بعض الجوانب المحيطة بأوضاع المناهج التعليمية والجهود الرامية لتوحيدها وتطويرها، وحتى نتمكن من طرح بعض التوصيات والمقترحات إسهاماً منا في بلورة تصور يساعد القيادات التربوية في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتجاوز الأوضاع القائمة، لابد من تحديد وتشخيص أهم وابرز المشكلات التي تعترض  تطوير المناهج التعليمية، وتحول دون تأسيس تجربة يمنية متميزة قادرة على بناء وتطوير المناهج التعليمية المعبرة عن هويتنا والمجسدة لطموحاتنا وتطلعاتنا. وفيما يلي أهم تلك المشكلات:

1-  غياب الرؤية الواضحة المعالم المحددة الأبعاد، المنبثقة عن هوية المجتمع اليمني، المستوعبة لخصائصه وحاجاته الملبية لطموحاته وتطلعاته. القادرة على حشد الطاقات وتوحيد الجهود، واستنهاض قوانا وقدراتنا، وإخراجنا من حالة التخبط والتجريب بالمحاولة والخطأ. ولعل الإخفاق الذي أصاب العديد من تجاربنا وتجارب غيرنا في هذا المجال يرجع في الأساس إلى مجموعة من العوامل والأسباب من أهمها: أن تلك التجارب لم تستند على رؤية واضحة قادرة على تحديد الغايات، والأهداف التي يقتنع المجتمع بأهميتها وضرورتها، فيؤمن بها ويسعى إلى تحقيقها. وتكمن أهمية مثل هذه الرؤية في حاجة المناهج التعليمية للأهداف واضحة  ومحددة، تتحدد بدلالة خصائص المجتمع وحاجته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ليتم على أساس تلك الأهداف تحديد مكونات المناهج الأخرى من محتوى وطرائق تدريس و أساليب تقويم تحقق درجة عالية من الترابط والتفاعل والانسجام بين تلك المكونات في العملية التعليمية ( الرازحي / 1992 ).

2- قصور مفهوم المنهاج والمفاهيم التربوية عموماً، وعدم وضوحها وتحديدها بصورة دقيقة، فإظطراب مفهوم المنهاج وعدم وضوحه في الأوساط التربوية والتعليمية في بلادنا، يمثل عاملاً من عوامل تشوه المناهج التعليمية،  بشكل خاص، والنظام التعليمي عموماً. فالفصل الإداري والتنظيمي بين مكونات المنهاج أو بين العمليات المتصلة ببناءه  وتطويره والتضارب في مهام واختصاصات الأجهزة الإدارية المختلفة، و إقامة الحواجز وانعدام التنسيق فيما بين تلك الأجهزة، ما هو إلا مظهر من مظاهر قصور المفهوم وعدم وضوحه وتحديده، وهو في الوقت نفسه سبب من أسباب ضعف المنهاج وتفككه وافتقاره إلى الوحدة والتماسك بين أجزائه ومكوناته ( الرازحي / 1992 ).

3- ضعف البحث العلمي والتجريب الميداني، وعجزه عن القيام بدوره في تطوير التعليم وخاصة في مجال المناهج، فما تزال عملية بناء المناهج وتطويرها تجري بصورة معزولة عما يدور في المدرسة وعن المشكلات المرافقة لعملية التدريس فيها، فالعلاقة بين المناهج والمشاركين بإعدادها وتطويرها وبين الميدان من جهة، وبين المنهاج بمكوناته المختلفة والمجتمع من جهة ثانية، تكاد تكون معدومة.

4- قصور الوضع التنظيمي، وعدم الاهتمام باستكمال البنية التنظيمية لكافة عناصرها وشروطها الأساسية، المتمثلة  بالمبادئ   والأسس واللوائح والهياكل والهيئات والخطط والبرامج وغيرها.  وتمثل البنية التنظيمية إطار العام الذي يجمع الجهود ويوحدها ويخلق التكامل والانسجام فيما بينها كشرط أساسي لتحقيق كفاءة الأداء وفاعليته.

وفي الجانب التنظيمي، تبرز العديد من المشكلات والصعوبات، التي تضفي على العمل في المناهج حالة من الإرباك والتعقيد، ومن تلك المشكلات ما يلي:

أ- عدم توفر الأسس التشريعية والقانونية مما أدى إلى التأجيل في معالجة الأوضاع التعليمية المتباينة في كل من المحافظات الشمالية والجنوبية والمتمثلة في:

  • التباين في السلم التعليمي، من حيث عدد مراحله، ومدة كل مرحلة، ونظام التفريع المتبع في المرحلة الثانية.
  • اختلاف الخطتين الدراسيتين في كل من المحافظات الشمالية والجنوبية من حيث المواد الدراسية، وعدد الحصص المقررة في كل مادة، وموعد البدء في تدريس بعض المواد.
  • اختلاف الأساليب المتبعة في تنظيم المحتوى الدراسي لبعض المواد الدراسية، انعكس بصـورة واضحة علـى البنية العلميـة والتسلسـل المفاهيمي لتلك المواد ( المخلافي / 1992 ).
  • تباين التنظيم المدرسي المتبع في مدارس المحافظات الشمالية و مدارس المحافظات الجنوبية.

ب- تأخر صدور اللائحة التنظيمية  لمركز البحوث والتطوير التربوي، واختلال مشروع الهيكل التنظيمي المتضمن فيها، وذلك لأن عملية تقسيم المركز إلى عدد من الدوائر المتساوية في مستواها التنظيمي والإداري لم تستند على أسس ومبادئ تنظيمية ، فالتقسيم الحالي للمركز لا يفرق بين الوظائف الأساسية للمركز التي تكتسب دلالتها من تسمية المركز نفسه والمتمثلة في البحوث التربوية والتطوير التربوي التي تتحدد بتطوير المناهج وبين الوظائف الثانوية المرافقة أو المساعدة للوظائف الأساسية كالتوثيق والمعلومات والشؤون المالية والإدارية.

جـ – تعدد الجهات المختصة بالمناهج، ومحاولة الفصل ببين المهام المتصلة بتشذيب الكتب الدراسية وتوحيدها وبين المهام المتصلة بتطوير المناهج، فأسندت المهام المتصلة بتشذيب الكتب الدراسية وتوحيدها كمهام تمهيدية لتطوير المناهج إلى مركز البحوث والتطوير التربوي كجهة مختصة، في حين أسندت المهام المتصلة بتطوير المناهج إلى مشروعين مستقلين تم تأسيسهم حديثاً، يختص الأول بتطوير مناهج اللغة العربية والعلوم والرياضيات للصفوف الأولى من مرحلة التعليم الأساسي، ويختص الثاني بتطوير مناهج معاهد المعلمين والمعلمات، والكليات المتوسطة لأعداد المعلمين والمعلمات (  الرازحي / 1991 ).

وقد تم أتشاء المشروعين ومباشرة العمل فيهما في الوقت الذي لم يصدر فيه قانون التعليم والذي يتوقف عليه تحديد أسس وملامح نظام التعليم في الجمهورية اليمنية. ومن الطبيعي أن يترتب عن مثل هذا الوضع نتائج و إضرار على المناهج وعلى المركز أيضا.

5- سوء الأوضاع الإدارية واتباع أساليب تقليدية وإجراءات روتينية في العمل الإداري، تضفي عليه حالة من التعقيد والإرباك وانعدام التنسيق والتفاعل بين الأفراد أو التكوينات الإدارية المختلفة . والأوضاع الإدارية الراهنة لا تتفق مع حجم وأهمية المهام، ولا تساعد على إنجازها، الأمر الذي يتطلب الاهتمام بمعالجة الأوضاع الإدارية وتصحيحها والعمل باتجاه الأخذ بالأساليب الإدارية الحديثة وتبسيط إجراءات العمل الإداري.

6- نقص الخبرات الفنية والكفاءات العلمية في مختلف التخصصات، وانعدام إمكانية للنهوض بمستوى التأهيل للكادر وسد حاجة العمل في التخصصات، نتيجة لعدة توفر فرص للتدريب والتأهيل الكافية، كما أن عدم الاهتمام بأوضاع الباحثين وانعدام الرعاية الكاملة لهم من الناحية المادية والمعنوية، وما يرافق ذلك من محاولة هادفة إلى إسقاط بعض المزايا المالية التي تم اكتسابها في الماضي، وافتقار المركز نظام خاص بترقية الباحثين ومنحهم الدرجات العلمية، من العوامل التي تساعد على تسرب الباحثين من المركز وعدم قدرة المركز على اجتذاب الكفاءات المطلوبة في مختلف التخصصات التي يحتاجها المركز.

7- شحة الاعتمادات المالية المخصصة للمركز سواء في مجال البحوث أو في مجال المناهج، ففي الوقت الذي تم فيه تنفيذ قرار نقل الأعمال المتصلة بالمناهج، الذي يدخل عامه الثالث، لم يتم نقل الاعتمادات المالية المخصصة للمناهج إلى ميزانية المركز، ولا يزال مصير تلك الاعتمادات مجهولاً، رغم ضآلة تلك الاعتمادات، التي لا تتجاوز الاعتمادات المالية المقررة للمناهج في الجمهورية العربية اليمنية ( مركز البحوث والتطوير التربوي / 1992 ). بالإضافة إلى عدم الاهتمام بتوفير الإمكانيات المادية اللازمة من هياكل أساسية وتجهيزات كوحدة التصميم والإخراج، وتطوير نظام المعلومات والمكتبة، وغير ذلك من وسائل العمل و أدواته، كوسائل المواصلات وآلات الطباعة وغيرها.

 

ثالثاً: التوصيات والمقترحات:

من الحقائق التي نود التأكيد عليها أن كفاءة المناهج التعليمية ومستواها يتوقف على درجة وعي المجتمع بأهميتها، ويعكس مدى حرصه على مستقبله ومستقبل أبنائه، فالمناهج التعليمية القادرة على تحقيق الأمن الثقافي والاجتماعي، وتأمين أسباب وعوامل النهوض الحضاري للمجتمع لا تبنى بطريقة عشوائية، بالاعتماد على فلسفة غريبة عن المجتمع، أو بواسطة خبراء ومتخصصين من الخارج، كما لا يمكن استعارتها من مجتمعات أخرى، مهما بلغت من الرقي والتقدم. ولكنها نتيجة وثمرة من ثمار اهتمام المجتمع المتواصل بها، ورعايته المستمرة لها، وهو امر لا يمكن تحقيقه على ارض الواقع الا عبر تجربة طويلة ومتميزة في مجال بناء وتطوير المناهج، تتوفر لها كافة الشروط والعوامل المناسبة لنموها وتطويرها.

فبدون العمل على تأسيس تجربة متميزة ومتكاملة في مجال المناهج، فان مشكلة المناهج ستبقى و ستستمر، وسيظل مستوى التعليم يسير باتجاه التدهور، إلى أن يصل التعليم إلى درجة العجز التام عن المساهمة بدوره والوفاء بمسؤولياته تجاه المجتمع.

وحرصاً منا في الإسهام والمشاركة في بلورة تصور لإصلاح التعليم وتصحيح مساره، بما يخدم تأسيس تجربة يمنية متميزة لبناء مناهج تعليمية يمنية قادرة على تحقيق أهداف المجتمع اليمني، نضع المقترحات التالية بين أيدي الجميع على أمل أن تحظى بالاهتمام لإثرائها بالمزيد من الملاحظات والأفكار، وأن تكون محط اهتمام الجهات المختصة، وتتلخص تلك المقترحات بآلاتي:

1- وضع استراتيجية وطنية شاملة لتطوير التعليم، تتحدد فيها الاتجاهات والمفاهيم والمبادئ والوسائل والإجراءات اللازمة لتطوير التعليم في مختلف المجالات، تكون كنتيجة لنشاط واسع ، تنظم إجراءاته وأساليبه وخطواته وفق منهجية علمية تهدف إلى تقويم واقع التعليم وتشخيص أوضاعه وتحديد مشكلاته كأساس لعملية التطوير. لانه من الصعب أن تحقق عملية تطوير المناهج النجاح المطلوب، اذا لم تتم ضمن عملية تطوير شاملة للنظام التعليمي بأكمله، تمثل الاستراتيجية المقترحة إطارها العام، على أن تنبثق عنها مجموعة من الاستراتيجيات الفرعية في مختلف المجالات التربوية، لتمثل كل استراتيجية دليل عمل يتضمن أسس واتجاهات ووسائل التطوير في المجال المحدد في ضوء أهداف ومبادئ استراتيجية تطوير التعليم و أساس نتائج الدراسة والتقويم لواقع كل مجال، ومن تلك الاستراتيجيات المقترحة، استراتيجية تطوير المناهج واستراتيجية و استراتيجية تطوير و أعداد وتدريب المعلمين، و استراتيجية تطوير الإدارة والإشراف التربوي، واستراتيجية تطوير البحث التربوي بحسب أهمية المجال والحاجة إلى تطويره.

2- الاهتمام بالبحث العلمي وتعزيز دوره في تطوير التعليم والرفع من مستواه، والعمل على ربط كافة العمليات المتصلة بالمناهج وبالبحث العلمي والتجريب الميداني، بتوسيع برامج البحوث التربوية، وبخاصة البحوث التطبيقية ذات الصفة العملية الميدانية، والعمل على معالجة أوضاع مركز البحوث والتطوير التربوي ,و إزالة العقبات التي تحول دون قيامه بمهامه، وتوفير المقومات اللازمة لأن يصبح البحث العلمي عنصراً من عناصر التطوير والتجديد التربوي في مختلف المجالات وبوجه خاص في مجال إعداد المناهج التعليمية وتطويرها.

3- إعادة النظر في الأوضاع التنظيمية والإدارية، والاهتمام بتطويرها، بالاستناد إلى الأسس والمبادئ التنظيمية وقواعد العمل الإداري، وبما يتفق مع أبعاد ودلالات المفاهيم التربوية والعمل على أن يستوفي التنظيم الإداري لكافة عناصره وشروطه من أعداد اللوائح والنظم وتشكيل الهيئات، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة تنظيم التعليم وتوحيده، لما لذلك من أهمية وضرورة في عملية تطوير المناهج التعليمية ، ومن تلك الإجراءات ما يلي:

  • الإسراع بأصدرا قانون التعليم وذلك لأهميته البالغة في توفير الأسس ولإعادة تنظيم التعليم، وتوحيد الأهداف والخطط والمراحل الدراسية وغير ذلك من الأمور التي تتوقف عليها عملية تطوير المناهج التعليمية.
  • إعادة النظر في الهيكل التنظيمي لمركز البحوث والتطوير التربوي، على أساس المبادئ المعروفة في التنظيم الإداري بحيث تعكس التراتبية في المستويات الإدارية حجم وأهمية وطبيعة الوظائف والمهام الخاصة بكل مستوى. لانه لا يصح أن يتم تقسيم المركز إلى تكوينات إدارية متساوية في المستوى الإداري، بدون التمييز بين تكوينات وجدت لإنجاز وظائف أساسية، وتكوينات اخرى وظائفها ثانوية، وجدت اصلاً لمساعدة التكوينات ذات الوظائف الأساسية لأن المستوى الإداري للتكوين يحدد الصلاحيات الممنوحة له .

 

ومع ذلك، فان تنظيم عملية بناء المناهج وتطويرها عنصر  بالغ الاهمية والتأثير، وعليه يتوقف نجاح العملية وكفاءة المناهج الناتجةة عنها، الامر الذي يتطلب اعطاء هذا الجانب المزيد من العناية والاهتمام ودراسته دراسة وافية، والبحث عن الاشكال والاساليب القادرة على توظيف الإمكانيات المتحة واستعلالها بما يحقق افضل النتائج. جـ- إعادة النظر في الوضع القائم للمشاريع المختصة بتطوير المناهج، وإجراء

تقييم شامل لأوضاعها والأساليب والإجراءات المتبعة في عملية التطوير والأعمال التي     أنجزتها والنظر في مدى ملاءمتها لظروف واقعنا وإمكانيتنا. واتخاذ قرارات بدمج       وتوحيد تلك المشاريع، بما يؤدي إلى توحيد الجهود و الإمكانيات واستغلالها على اكمل وجه بما يخدم تأسيس تجربة متميزة في مجال بناء المناهج وتطويرها.

4-  إصلاح الأوضاع الإدارية والعمل على تطويرها، ومعالجة الظواهر الإدارية السيئة  المعيقة للعمل، والأخذ بأساليب الإدارة العلمية، وتنشيط وتفعيل العملية الإدارية، وضمان علاقات إنسانية بين الأفراد بمختلف مستوياتهـم وتخصصاتهـم، وتطبيق مبـدأ المحاسبة الإدارية والثواب والعقاب. والعمل على تحـقيـق كـل ما من شانه تحسين العمل الإداري  كالاهتمام بالعنصـر البشـري، والـرفـع المستمر من كفـاءتـه بتـدريـبه، وتطـوير المهارات الإدارية للقيادات والكوادر الإدارية، بالإضافة إلـى دراسـة وتقييـم  الأوضـاع الإدارية بصـورة دوريـة والعمـل علـى تلافي السلبيـات وتعـزيز الإيجابيات في العمل    الإداري.

5- توفير فرص التدريب والتأهيل المستمر للكـادر الوطني المتخصص في مجال المناهج     وفـق خطـة خاصـة بتطـوير الكـادر بما يتفـق و الاحتياجات القائمـة والعمـل علـى اجتذاب الكفاءات المطلوبة والضرورية للعمل فـي مجال بناء المناهج التعليمية وتطـويرها ومواجهة متطلباته، وفق نظام خاص بانتقاء واختيار الكفاءات يقـوم علـى أساس القدرة والكفاءة والخبرة وغير ذلك من المعايير ( الرازحي / 1991 م ). مـع ضـرورة الاهتمام بوضع نظام خاص بترقية الباحثين ومنحهـم الدرجات العلمية والحوافز المادية بمـا يساعد على استقرارهم واستمرارهم فـي العمل، ويخدم عملية التطوير والتجديد المستمر للمناهج في المستقبل.

6- توفي القاعدة الأساسية من الإمكانيات المادية والخدمات المساعدة اللازمة لتسيير العمل وتأمين احتياجاته من الوسائل والأدوات والتجهيزات كتطوير نظام خاص بتدفق المعلومات والبيانات، وذلك باحيأ مشروع الشبكة الوطنية للمعلومات وإزالة العوائق التي حالت دون تنفيذه،  و إنشاء وحدة تصميم و إخراج الكتاب المدرسي وتزويدها بما تحتاجه من الأجهزة والمستلزمات، وتوفير التجهيزات والوسائل والأدوات، وغير ذلك من المتطلبات التي تشكل القاعدة الأساسية للخدمات المساعدة .

بالإضافة على توفير الاعتمادات المالية الكافية لتغطية نفقات العمل، ونقترح أن تخصص نسبة محددة من ميزانية التربية والتعليم لخدمة اغراض البحث التربوي وتطوير المناهج، بحيث تتراوح تلك النسبة ما بين 3-5% من ميزانية التربية والتعليم، بشرط أن يتم توزيعها على المهام والأنشطة المحددة في إطار الخطة السنوية. وأن يرافق ذلك عملية تجديد للأنظمة المالية والمحاسبية وتخليصها من حالة التحجر، و إعادة تبويب الميزانية وتحويلها إلى ميزانية برامجا من تبويبها على أساس البنود والأبواب، والعمل على تقييم عملية صرفها على أساس المهام والأعمال المنجزة من الخطة.

تلك هي في نظرنا، أهم العناصر التي يمكن أن تكون قاعدة أساسية لقيام تجربة يمنية حقيقة في مجال بناء المناهج التعليمية وتطويرها، ومع ذلك فالموضوع يحتاج إلى المزيد من الاهتمام، كما أنه يحتاج إلى جهود أكبر واشمل ومشاركة أوسع لبحث الموضوع ودراسته من جميع الجوانب.

 

المـراجـع:

1-جهاز التوجيه والتفتيش ( 1988 ) التقرير العام. وزارة التربية والتعليم _    صنعاء.

2-خليل، عمر سيد، وحيدر عبد اللطيف حسين. تقويم مناهج العلوم في المرحلة الإعدادية بالجمهورية العربية اليمنية. بحث مقدم لندوة تطوير المواد التعليمية في ديسمبر 1989 _ صنعاء.

3- خليل، عمر سيد، والخضر، محمد احمد. ( 1989 ). تقويم مناهج العلوم في المرحلة الابتدائية بالجمهورية العربية اليمنية، واهم المشكلات التي تواجه تدريس العلوم فيها. دراسة مقدمة لندوة تطوير المواد التعليمية المنعقدة  في ديسمبر 1989 _ صنعاء.

4-الخوالدة، محمد، وابو صالح، محمد ( 1991 )  تطوير مناهج التعليم الجامعي في الوطن العربي، أبحاث اليرموك، ع 2 ( 7 ). منشورات جامعة اليرموك: اربد _ الأردن.

5-دائرة المناهج والتقنيات التربوية. ( 1990 ) خطة عمل تشذيب وتوحيد الكتب الدراسية للعام 91 / 1992 م. مركز البحوث والتطوير التربوي _ صنعاء.

6-الرازحي، عبد الوارث عبده سيف ( 1991 ) المتطلبات الأساسية لتوحيد المناهج التعليمية. ورقة عمل قدمت إلى ندوة واقع التعليم ومشكلاته المنعقدة في الفترة من 18- 20 نوفمبر 1991 بمركز البحوث والدراسات / صنعاء.

7-الرازحي، عبد الوارث عبده سيف ( 1991 ) آلية بناء المناهج التعليمية وتطويرها في الجمهورية اليمنية. ورقة عمل قدمت للندوة الوطنية الأولى لتطوير المناهج المنعقدة في الفترة من 2- 3 مارس 1992 بمركز البحوث والتطوير التربوي / صنعاء.

8- لبيب، رشدي، ومنيا، فايز مراد، وشمس الدين، فيصل هاشم ( 1984 ) المنهج منظومه لمحتوى التعليم. دار الثقافة للطباعة والنشر: القاهرة.

9-اللجنة العليا للمناهج ( 1990 ) محضر اجتماع بخصوص المناهج المدرسية وطباعتها للعام الدراسي 91 / 1992 م.

10- مركز البحوث والتطوير التربوي ( 1992 أ ) تقرير حول إنجازات المركز للفترة من يونيو وحتى ديسمبر 1991 – مركز البحوث والتطوير التربوي / صنعاء.

11- مركز البحوث والتطوير التربوي ( 1992 ب) قرار وزير التربية والتعليم رقم

(12) لسنة 1992 م بشأن التعيينات في دائرة المناهج والتقنيات التربوية – مركز البحوث والتطوير التربوي _ صنعاء.

12- المخلافي، محمد سرحان ( 1992 أ ) تصور  أولي لعملية استكمال  توحيد الكتب الدراسية وتطوير المناهج / صنعاء 13 – المخلافي، محمد سرحان ( 1992 ب ) خلاصة أعمال دائرة المناهج والتقنيات  التربوية لعام 1991 م.

13- وزير التربية والتعليم ( 1989) التقرير العام المقدم إلى اللقاء التشاوري العام. مجلة التربية الجديدة، ع 2, 3، 4 ( 14، 15 ) مركز البحوث التربوية _ عدن.
______
*أ. د. عبد الوارث عبده سيف الرازحي.

 


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة